تقديم:
هذه مقالة غير مُكتملة على المستوى الخارجي، أي بما هي في طور التفاعل في الفضاء العام. أو بالأحرى هي مقالة في طور الصيرورة، بين بين؛ لكني ادَّعِّي أنها مقالة مُتسِّقة ومُتسلسلة ومُفضية إلى نتائج على المستوى الدَّاخلي. وعدم اكتمالها في هذا المقام لسببين:
السبب الأول: بما هي مقالة منسجمة مع روح الفعل المعرفي الحقيقي، فهو فعل غير مُكتمل على المستوى الخارجي إطلاقاً، نظراً لحاجته المُلحَّة، وبشكلٍ دائم، إلى النقد، سواء على المستوى الشخصي، أعني بالنسبة لكاتب هذه المقالة، أو على المستوى العام، أعني بالنسبة للمُتلقي لها في الفضاء العام. ثمة اجتهاد ها هنا؛ مُتسَّق، مُتسلسل، ومبني بطريقة مُنتجة على المستوى الدَّاخلي، لبلورة أركان عصر التدوين الثاني، أو وضع أسس واقعية وقابلة للتطبيق، بما يُمكِّن البناء عليها على المستوى الجمعي. لكن ثمة نسق يتبلور على المستوى الخارجي يرفض فكرة الكمال المعرفي، بما هي فكرة عبثية، تُدمِّر أكثر مما تبني. فالأفكار المُكتملة، الأفكار المُطْلَقة، وصاحبة الصوابيات المُطْلَقة، أضرت بالبشرية أكثر مما نفعت، إذ تحوَّلت إلى أدوات قتل وتدمير لكل من لا يُقرّ بها إقراراً إيمانياً. وهذا ما حدث مع كثير من الأفكار التي اتخذت طابعاً أبدياً، مُطلقاً، من تلك التي أنتجها عصر التدوين العربي الأول.
السبب الثاني: انسجاماً مع الرُّوح التي تفترض هذه المقالة تحققها في عصر التدوين الثاني، أو النتيجة المرجوة لعصر التدوين الثاني ككل، أي أن لا نصل إلى المرحلتين الكارثيتين: 1- ختم المعارف. و2- ختن العقول. نظراً للضرر الهائل الذي يمكن أن يحدث مع تغوُّل الخاتميات المعرفية التي يرافقها مع الزَّمن عمليات ختن مؤذية للعقول؛ العقل الفردي بداية، وعقل الأمة في نهاية المطاف. فالصيغ المعرفية التي يمكن أن تبدأ بوضع مقدمات لغاية الوصول إلى نتائج، تتحول إلى عبء معرفي كبير، مع الزمن، إذا ما تحوَّلت نتائجها إلى صيغ مُطلقة ونهائية وغير قابلة للنقاش أو النقد أو المراجعة. وبالتقادم، ينتقل هذا العبء إلى أحمال ثقيلة ومخيفة؛ يصبح الخروج عليها خروجاً على الدِّين والأمة والرُّوح الجامعة… إلى آخر هاتِهِ المصطلحات الكبيرة! إذ تنتظم هذه النتائج كإطار جامع لروح الأمة أو هويتها أو كينونتها. فالصيغ المعرفية التي قرَّت على هيئة نتائج غير قابلة لأي إزاحة معرفية، انتقلت من طور ما هو معرفي إلى طور ما هو أنطولوجي، فالمنطقة التي تتحرَّك فيها منطقة ثابتة على الإطلاق. ولنا في الصيغ التي أنتجها عصر التدوين الأول، واصطلح على نهائيتها مع الزمن، مثال حيّ على هذا المنحى الكارثي، فمع هذه الصيغ خُتمت المعارف، وبإزائها خُتنت العقول، ما أبقانا في أزمان ماضوية غير قادرة على مواكبة حوادث وحادثات هذا العالَم المُعقَّد. وقد تعمَّق هذا المشكل وتحوَّل إلى كارثة وجودية في زمننا الحاضر، فنحن ثابتون بشكلٍ شبه مُطلق، ويمكن، حقيقةً، أن نفنى أو على الأقل نتحوَّل إلى جزء من الفلكلور البشري، فكثير من الحضارات الإنسانية توقفت لأنها غير قادرة على إبداع ما هو جديد، وهذا يمكن أن ينسحب علينا بكل بساطة، فنحن لسنا حالة استثنائية يمكن الرُّكون إليها، والاستمرار في ممارسة هذا الدور الكارثي.
للسببين أعلاه، مقالة (أركان عصر التدوين الثاني) مقالة غير مكتملة على المستوى الخارجي، فهي جزء من سيرورة عصر تدوين ثانٍ، أبرز أولوياته إحكام السيطرة على المعرفة داخلياً، بحيث تكون قوية ومتينة ومتسلسة ومتسقة وقابلة للقياس والتطبيق، ولا تنطوي على فجوات مُخِلَّة على المستوى المعرفي؛ مقابل إبقائها في حالة من المرونة على المستوى الخارجي، بما هي قابلة للنقاش والنقد بشكلٍ دائم.
أركان عصر التدوين الثاني:
بمعنى من المعاني ما زلنا نخضع لتداعيات عصر التدوين الأول، وهو عصر إبداعي بلا شكّ، إذ أعادَ تأويل العالَم كمرحلةٍ أولى وإنتاجه كمرحلةٍ ثانية، ما جعل الأمة العربية الإسلامية –كإفراز لذلك التأويل والإنتاج- أنْ تتقدَّم على بقية الأمم، وتتحوَّل إلى مركز رئيسي للحضارة الإنسانية. لكن عقب قرون طويلة من تداول تلك التأويلات والإنتاجات واجترار متونها مرة تلو الأخرى؛ استنفدَ ذلك العصر غرضيته المعرفية، إذ دخل العقل الجمعي في مرحلةِ سُباتٍ طويلة، لذا نحن أحوج ما نكون إلى عصرِ تدوينٍ ثانٍ، أقدِّمُ ها هنا أو اجتهدُ في تقديم أربعة أركان مُتسقة داخلياً، كما ادَّعِّي، وغير مُكتملة خارجياً:
- الرُّكن الأول: الثقة النفسية أو البناء السيكولوجي الواثق؛ مرة على مستوى الذَّات الفردية، بما يُعزِّز قدرة هذه الذَّات على النظر ببصرٍ وبصيرةٍ صحيحة إلى مَنْ أنتجوا المعرفة، سواء ممن سبقوه من أبناء جلدته، أو ممن هم من ثقافات وحضارات أخرى قديمة وحديثة. فالثقة النفسية تُؤمِّن حماية لمالكها من ابتذال ذاته وهو يُريد مقاربة العالَم معرفياً. فهي تجعله في حالة تساوٍ معرفي مع أقرانه، الأحياءمنهم والأموات، دونما أفضلية لأحدٍ على أحد إلا بالإبداع. فاللحظة الأولى التي ينطلق منها المرء في مقاربة العالَم معرفياً، في غاية الأهمية، نظراً لأهميتها البالغة في تشكيل آليات نظره إلى أولئك الذين أنتجوا معرفةً، سواء أكانوا ينتمون إلى ثقافته وسياقها الحضاري، أم إلى ثقافات وحضارات أخرى. إذا حدث خلل في اللحظة الأولى، في لحظة التأسيس الشعوري، فيقيناً سيحدث خلل في كل اللحظات اللاحقة. بمعنى أنَّ المرء إذا نظر إلى نفسه بعينٍ صغيرة أو مكلولة، ترى فيما ينتجه الآخرون أكثر إبداعاً، فقد تهاوت وتهاوى مشروعها المعرفي، من لحظته الأولى. هذه الثقة ليست مرضاً نفسياً أو نزعة عبثية تتلبس المرء الذي يريد أن يشتغل بالمعرفة، بقدر ما هي بناء إنساني، يستند في جذوره على بناء معرفي متين. فالثقة النفسية لا يمكن أن تُبنى في الفراغ[1]، أو من العَدَم، بل لا بُدَّ من إحكام معرفي جامع مانع، لتصبح ذات مشروعية ساعة إشهارها، وليس محض نزوات سيكولوجية فارغة من أي معنى. ويقيناً، أن هذا المنزع التكويني على المستوى الفردي، سيُثمر إثماراً عظيماً في حال إندماجه ضمن سياق جمعي، وعلى مستوى الأمة هذه المرة. فالأمة الواثقة من نفسها لا يمكن أن تُنتج أفراداً مهزوزين أو مزعزعين أو مهزومين أو على درجة من الهوان النفسي، بل تُنتجهم كأفراد أسوياء نفسياً، يتنافسون، على المستوى الإبداعي، بثقةٍ مع غيرهم من المبدعين، من أي حضارة، وفي أي زمان على الإطلاق. فعصر التدوين الثاني، ينبغي له التوافر على مسارين للثقة النفسية: الأول مُتعلق بالأفراد، والثاني متعلق بالأمة كلها، لأن فعل التدوين ليس عملاً فردياً، ولا يمكن له أن يكون كذلك. نعم، إنَّ الأفراد يمكن أن يدونوا على مسؤوليتهم الخاصة، لكن إعادة النظر في تصورنا عن العالَم، لا بُدَّ له من قرار سياسي جرئ، حتَّى تشمل عملية التدوين الجديدة كل شيء على الإطلاق؛ من عالَم ما تحت الذَّرة إلى عالم ما فوق المجرة، أو إعادة النظر في ثلاثية: 1- الإله. 2- الإنسان. 3- العالَم. وتعالقات هذه الثلاثية مع ثلاثية: 1- الأفكار. 2- الأشخاص. 3- الأشياء. وهذا عمل كبير لا يمكن أن يقوم به فرد واحد أو عدَّة أفراد، بل لا بد له من تأسيس عميق في الاجتماع السياسي، يبدأ من إنتاج أفراد أسوياء نفسياً وعلى درجة عالية من القوة المعرفية، وليس إنتاج كائنات مشوهة ومتزعزة وغير واثقة من نفسها، بما يجعلها تشعر بعجزٍ مبدئي عن تقديم إضافة معرفية حقيقية، نظراً لرؤيتها لنفسها أصغر أو أقل شأناً من الآخرين. فتقديم أفكار كبرى ومصيرية لإعادة علاقتنا بثلاثية: 1- الإله. 2- الإنسان. 3- العالَم، وتعالقاتها مع ثلاثية: 1- الأفكار. 2- الأشخاص. 3- الأشياء؛ بما يُفضي إلى تغيير رؤيتنا للحضارة الإنسانية كاملة، لا بُدَّ لها من ذوات واثقة من نفسها ثقة هائلة ابتداءً، وكلما انتشر هذا الحسّ على مستوى الأمة كاملة، كلما كانت نتائج التدوين أفضل وأحسن وأنفع، إذ ينتشر الإبداع بشكل لافت، ويُصبح جزءاً لا يتجزأ من سيرورة الأمة، وليس محض نزوات تمارسه بعض الذوات الشغوفة بالمعرفة[2]
- الرُّكن الثاني: تعزيز البناء المعرفي للإنسان العربي عبر خمسة محاور:
إذاً، الثقة النفسية التي أشرتُ إليها في الرُّكن الأول، ليست بمعزلٍ عن الرُّكن الثاني المُتعلق بالبناء المعرفي للإنسان العربي. بل ثمة تعالق تكويني بينهما، فالثقة النفسية قد تتحوَّل إلى نوعٍ من المرض النفسي الذي قد يُصيب صاحبه، إذا بنى تلك الثقة على الفراغ وفي الفراغ، دون أن يتحصَّل على أقصى حدٍّ معرفي ممكن في المجال الذي يُريد أن يتخصَّص فيه. ولكي يتحوَّل هذا الرُّكن إلى أساس متين في تكوين الإنسان العربي، على تكوينه المعرفي[3] أن يكون شاملاً لمجمل الحضارات الإنسانية، قديمها وحديثها، وعارفاً بأبرز معالم تلك الحضارات على المستوى المعرفي، بما يشمل الإطلَّاع على أمهات الكتب لتلك الحضارات. ولكي يكون هذا التكوين على درجة من الإحكام المُنتج، بما يجعله مترابطاً بشكل عضوي مع مسألة الثقة النفسية، فقد قسمته إلى خمسة محاور على النحو التالي:
- المحور الأول: محور الأديان والحضارات، بما يشمل الأديان الرئيسية في العالَم، قديمه وحديثه، مع ما يستلزم هذا التعرُّف على نصوص حضارية قديمة، لم تأخذ شكلاً دينياً، بقدر ما هي نصوص على درجة عالية من الأهمية المعرفية. فالأديان يمكن أن تشمل: 1- الهندوسية. 2- البوذية. 3- السيخية. 4- اليهودية. 5- المسيحية. 6- الإسلام. 7- الديانات القديمة كالشامانية والطوطمية…إلخ. والنصوص الحضارية القديمة يمكن أن تشمل: 1- ملحمة جلجامش. 2- ملحمة الرامايانا. 3- ملحمة المهابهارتا. 4- الكتاب المقدس الياباني. 5- التي تشينغ: إنجيل الحكمة الطاوية في الصين. 6- كتاب الموتى الفرعوني…إلخ. فعبر هذا المحور ستنحلّ عقدة الفوقية لدى أصحاب الصوابيات المُطلقة، ويكتشف أن الحقيقة الدينية، بما هي سياق معرفي، سارت بطريقة أفقية عبر التاريخ، إلا أن المؤمنين بها في دينٍ بعينه حولوا مسارها من سياق معرفي يسير بطريقة أفقية، إلى نسق هُوياتي مُغلق يرى في غيره أقل منه شأناً، بما يمنحه الحق أن يعتلي عليهم وينظر إليهم بطريقة عمودية من علٍّ، على افتراض أنهم أقل منه شأناً على مستوى الحقيقة المطلقة التي تجلّت تجليها الأخير في نمط التديُّن الذي يؤمن به. لذا تصبح معاينة، عبر قراءة وفهم واستيعاب، التجارب الثقافية للأديان والحضارات المختلفة، على درجة عالية من الأهمية في تكوين صورة أكثر تواضعاً على المستوى الأخلاقي، وأعمق على المستوى المعرفي، وأشمل على المستوى الإنساني.
- المحور الثاني: محور العلوم: العلمية والإنسانية. فمعرفة المفاصل الرئيسية في تاريخ العلوم مسألة في غاية الأهمية، لما لذلك من علاقة وطيدة بالتطور الحضاري، فعلى الأغلب تطورت العلوم، سواء أكانت علمية أم إنسانية، في البؤر الحضارية المركزية. لذا من الأهمية بمكان التعرُّف على تلك المفاصل، لتكون الرؤية التي يكونها المرء عن عالمه أعمّ وأشمل. فحضارة مثل الحضارة الغربية الحديثة لا يمكن الإلمام بجوانبها المتعددة والمتنوعة، إنْ لم يتم التعرُّف والإطلَّاع العميق على المتون الكبيرة التي كانت بمثابة الرَّحم الذي وَلَّدَ حضارة كبيرة؛ أو الإطلَّاع على أمهات الكتب التي تَوَلَّدَ عنها الكثير الكثير من النصوص والمتون اللاحقة، ككتاب أصل الأنواع لتشارلز داروين، وكتاب ثروة الأمم لآدم سميث، وكتاب رأس المال لكارل ماركس، وكتاب المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية لإسحاق نيوتن، وكتاب الأورغانون الجديد لفرنسيس بيكون، وكتاب مدخل إلى التحليل النفسي لسيغموند فرويد…إلخ. وهذا ينسحب، بطبيعة الحال، على مختلف البؤر الحضارية الكبرى، ففيها أمهات كتب، ينبغي التعرُّف عليها، لما تشكله من رافد رئيسي للرُّكن الثاني من أركان عصر التدوين الثاني. ففي الأخير، لن يُقدَّر لنا التقدُّم ناحية الأمام والمساهمة مساهمة معرفية كبيرة وفارقة في الحضارة الإنسانية، إلا إذا استوعبنا العلوم الأساسية التي ساهمت في تقدُّم الأمم الأخرى، ثم تجاوزها بعد ذلك، أي بإنتاج ما هو أكثر منها إبداعاً[4]
- المحور الثالث: محور الفلسفة، وذلك برسم خريطة فلسفية تشمل خمسة مسارات: مسار: 1- الفلسفات الشرقية القديمة، بما هي علامة بارزة في تطور الوعي البشري، وانتقاله إلى مساحة أكثر رمزية وتجريداً. ويمكن لبعض الكتب إرشادنا إلى تعميق معرفتنا بهذا المسار المعرفي المركزي، مثل: كتاب (الفكر الشرقي القديم) لجون كولر، وكتاب (الفلسفة في الشرق) لبول ماسون أورسيل، وكتاب (المعتقدات الدينية لدى الشعوب) لجفري بارندر…إلخ[5]. ومسار 2- الفلسفة اليونانية، ويمكن أن اقترح ها هنا المحاورات لأفلاطون والمنطق لأرسطو وكتاب (حياة مشاهير الفلاسفة) لديوجينيس اللائرتي…إلخ. ومسار 3- الفلسفة العربية الإسلامية، ويمكنني أن اقتر ها هنا بعض أسماء الكتب مثل: كتاب (تهافت الفلاسفة) لأبي حامد الغزالي، وكتاب (تهافت التهافت) لابن رشد، وقصة (حي بن يقظان) لابن طفيل، وكتاب (رسائل الكندي الفلسفية)…إلخ. ومسار 4- الفلسفة الغربية الحديثة، ويمكنني أن اقترح ها هنا كتاب (حديث الطريقة) لرينيه ديكارت، وكتاب (رسالة في اللاهوت والسياسة) لباروخ أسبينوزا، وكتاب (تحقيق في الذهن البشري) لديفيد هيوم، وكتاب (علم الجمال وفلسفة الفن) لهيغل، وكتاب (البراغماتية) لوليم جيمس، وكتاب (هكذا تكلم زرادشت) لنيتشه، وكتاب (الدين في حدود مجرد العقل) لإيمانويل كانط…إلخ. ومسار 5- أفكار عصر النهضة العربية، ويمكنني أن اقترح ها هنا كتاب (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) لعبد الرحمن الكواكبي، وكتاب (تحرير المرأة) لقاسم أمين، وكتاب (وحي القلم) لمصطفى صادق الرافعي، وكتاب (في الأدب الجاهلي) لطه حسين، وكتاب (الشخصية المحمدية) لمعروف الرصافي، وكتاب (نقد الفكر الديني) لصادق جلال العظم، وكتاب (مقدمة في التاريخ الآخر: نحو قراءة جديدة للرواية الإسلامية) لسليمان بشير، وكتاب (العالمية الإسلامية الثانية: جدلية الغيب والإنسان والطبيعة) لمحمد أبو القاسم حاج حمد…إلخ. بما يجعلنا نُلمُّ بآخر تطورات الفكر العربي، والإمكان التغييري الذي ينطوي عليه
- المحور الرَّابع: محور الآداب العربية، قديمها وحديثها، بحيث تتشكّل صورة شاملة عن حجم الإبداع الذي اضطلع به الإنسان العربي على مرِّ التاريخ، بما يجعل من مُبدع العصر الحديث يستأنف هذا العمل الإبداعي، ويُتمِّم مسيرة حافلة بالخير والعطاء العقلي. ويمكن أن اقترح ها هنا الأساطير العربية[6] وأشعار مرحلة ما قبل الإسلام، تحديداً أشعار الصعاليك والمعلقات. وكتاب (كليلة ودمنة) لابن المقفع، وكتاب (الحيوان) للجاحظ، وكتاب (الإمتاع والمؤانسة) لأبي حيان التوحيدي، وكتاب (الأغاني) لأبي فرج الأصفهاني… ورواية (زينب) لمحمد حسين هيكل، وكتاب (النبي) لجبران خليل جبران، ورواية (قنديل أم هاشم) ليحيى حقي، ورواية (يحيى) لسميحة خريس، ورواية (الطريق إلى تل المطران) لعلي بدر، ورواية (المتشائل) لإميل حبيبي، وكتاب (سبعون) لميخائيل نعيمة…إلخ[7]
- المحور الخامس: محور الآداب العالمية، بما هي، أي الآداب، انعكاس لسيرورة مجتمعاتها. لذا يُصبح التعرُّف عليها مسألة هامة لإرساء أركان عصر التدوين الثاني، وجعلها أكثر عمقاً وثباتاً. فوجود الإنسان العربي الآني، ليس وجوداً معزولاً عن بقية العالَم. فمن واجبه أن يتعرف على طبيعة الشعوب التي تُشاركه العيش على هذا الكوكب، وليس من طريقة أفضل من قراءة آداب الشعوب للتعرُّف عليها وتفهُّم ما هي عليه من أحوالٍ مختلفة ومتعددة، وإلى أي حدٍّ يمكن قراءة هذه الآداب في المرة الأولى بما يُشكله فعل القراءة من حلقة تواصل بين الشعوب المختلفة؛ وتفهُّم سياقاتها، أعني هذه الآداب، في المرة الثانية، بما يشكله الفهم من مرحلة ضرورية لاستيعاب فكرة الاختلاف بين الأمم والشعوب والتحقُّق فيها، دونما حلول بها؛ وتجاوزها في المرة الثالثة بما يشكله فعل التجاوز من إعلاء للإبداع واحتفاء به، بصفته قدرة فريدة على تجاوز ما (أُبْدِعَ) إلى ما هو (أَبْدَعَ) منه. من اليابان يمكن أن نقرأ رباعية (بحر الخصب: 1- ثلج الربيع. 2- معبد الفجر. 3- الجياد الهربة. 4- سقوط الملاك) لـ “يوكيو ميشيما”، ومن الصين يمكن أن نقرأ (الذرة الرفيعة الحمراء) لـ “مون يان”، ومن كوريا الجنوبية (النباتية) لـ “هان كانغ”، ومن أندونيسيا (الجَمَال جرح) لـ “إيكا كورنياوان”، ومن فرنسا (البحث عن الزمن المفقود) لـ “مارسيل بروست”، ومن أمريكا (حين فقدنا الرضا) لـ “جون شتاينبك”، ومن نيجيريا (كثبان النمل في السافانا) لـ “تشنوا اتشيبي”، ومن أفغانستان (ألف شمس مشرقة) لـ “خالد حسيني”، ومن باكستان (ثمة ما أقول لكم) لـ حنيف قريشي، ومن تركيا (الطريق الوحيد) لـ “عزيز نيسين”، ومن روسيا (الأخوة كارامازوف) لـ “فيدور دوستوفسكي”، ومن إيران (أن تقرأ لوليتا في طهران)…إلخ.
- الركن الثالث: الانتقال باللغة العربية ثلاث نقلات كبيرة:
- توطين اللغة العربية الفصحى في المجتمعات العربية، بعد الانتقال بها من مرحلة التدوال الثقافوي إلى مرحلة التنشئة التربوية، بما يشمل المجتمع كاملاً. فما جعل الفصحى متداولة بين طبقة تستخدمها في إنتاج خطاب ثقافوي، هو أن اللغة العربية الفصحى ليست لغتنا الأم، بقدر ما هي لغة ثانية بعد لهجاتنا العامية. أي أن اللغة الفصحى لغة مغتربة أو تعيش منفاها الاختياري في العالَم العربي، حتى بين الأوساط الثقافية التي تنتج من خلالها خطاباً ثقافوياً على هيئة قصص وروايات وأشعار، يتم تداوله بين فئة قليلة ومحددة، فمعدلات النشر والتوزيع في العالَم العربي في اسوأ حالاتها. في العالَم العربي يصبح الحديث بالفصحى عملاً مستغرباً ومستهجناً ومرفوضاً في الغالب، حتَّى بين المثقفين أنفسهم، إذ يتم إلباس صاحبه لباساً بروتوكولياً، مدرسياً، للتندُّر عليه، وتبيان انفصامه وانفصاله عن الواقع المعيش. حقيقةً، إنَّ اللهجات العامية غاية في الأهمية، ومن واجبنا تجاه تراثنا الثقافي أن نحافظ عليها، وندعم تواجدها في مجتمعاتنا، تعزيزاً لفكرة الاختلاف التي تُثري المجال العام، لكن علينا أولاً توطين اللغة العربية الفصحى، حتى تتحرَّر من تبعات اغترابها واغتراب أبنائها عنها. فلكي نستطيع تهيئة الأجواء لعصر تدوين جديد، على اللغة الفصحى أن تُصبح لغتنا الأم بشكلٍ منهجي ومُنْتِج.
- الانتقال من اعتبار اللغة الفصحى لغةً للقراءة والكتابة، إلى أداة للتفكير بالوجود وموجوداته بشكل مبدئي وحاسم. فاللغة ليست وسيطاً صلباً بين عقول الناس فحسب، بل هي وسيط بين الذات والعالَم. لذا عليها أن تتحوَّل إلى أداة للتفكير بالوجود أساساً، شريطة أن لا تتحوَّل إلى وسيط مُقدَّس بينهما، بل أن يعبر المرء من خلالها إلى العالَم، أو بالأحرى أن ينتقل من اللغة، عبر اللغة، إلى العالَم، بما هو الميدان الأكبر، نهاية المطاف، لمسرحة الوجود بكافة تجلياته.
- الانتقال باللغة من كونها معماراً كبيراً للطقوس الدينية إلى معمارٍ موجود في العالَم؛ صُغرياته وكُبرياته. أي أن تكون اللغة مقولة أنطولوجية، وليس مجرد مقولة ثيولوجية. ثمة مليار ونيف من المتدينين ينطقون باللغة العربية الفصحى، ليل نهار، لأداء طقوس وشعائر تدينهم، لكن في الوقت نفسه اللغة الفاعلة في الأذهان والأعيان عاجزة، إلى حدٍ كبير، عن كتابة كتالوج لقارورة ماء صغيرة، دونما استعانة بلغةٍ ثانية، تحديداً اللغة الانجليزية. لذا من الأولويات القصوى لإرساء أركان عصر التدوين الثاني، هو أن تسكن اللغة في العالَم وتصبح جزءاً من سيرورة حركة الإنسان في الوجود، فالعالَم بالأساس مرجع أصيل ومركزي في اكتشاف نواميس الكون، حتى قبل أن تتواجد اللغات برمَّتها. ينبغي أن تكون اللغة قادرة على الحديث، بطريقة واضحة وسلسة، عن أي حديث شيء في الوجود، مع عدم تخليد هذا الحديث بتلك الصيغة من اللغة، بل الإبقاء عليها في طور التطوُّر الدائم.
- الرُّكن الرابع: التدوين الشامل؛ مما تحت الذَّرَّة إلى ما فوق المجرة؛ أو من صُغريات العالَم إلى كُبرياته. وهذا لن يحدث إلا إذا تمَّ التأسيس لفعل التدوين عبر: 1- بناء سيكولوجي قوي ومتين، يرافقه: 2- تأسيس معرفي: أ- حاسم منذ اللحظة الأولى لولادة الإنسان العربي. ب- شامل لمختلف العلوم والمعارف ومن جميع الحضارات الإنسانية. 3- تجذير اللغة العربية الفصحى في المجتمعات العربية، وتعميق تواجدها. فالقلم إذ يجري ليَخُطَّ معالم هذا الوجود عليه أن يجري على كل شيء، لكي لا يبقى أيّ شيء خارج التدوين. لا يكفي أن نكتب الكتب الفكرية والفلسفية والروايات والقصص والأشعار والخُطب، بما يبقي تأثيرها في دائرة بعينها من دوائر الوجود الإنساني الواعي، بل علينا أن نُمكِّن اللغة، وهذا لن يحدث إذا لم نُمكِّن عقولنا أولاً، من التعبير عن كل شيء في مدار وعينا: أي فكرة، أي شيء، أي شخص. أي فكرة عن أي شيء، صغر هذا الشيء أم كبر، بسيط أم مُعقَّد… بحيث تتحوَّل إلى ناقل أمين لوعينا ساعة نُعبِّر بها عن كل شيء. فهذا الانتقال سيمكننا من العبور من الحالة الثقافوية إلى الحالة الوجودية للغة؛ على اعتبار أن الحالة الثقافوية خاصة بفئة بعينها، في حين أن الحالة الوجودية عامة لكل الناس، وبمستويات مختلفة من الخطاب، دون تجريم لأي نوعٍ من أنواع الخطاب التي يجترحها العقل الفاعل في الوجود، عبر اللغة، بما يستوعب مختلف العقول بتجلياتها المختلفة والمتعددة.
إذاً، هذه أركان أربعة: 1- ركن الثقة النفسية أو البناء السيكولوجي الواثق. و2- ركن البناء المعرفي الماكن والمتين. و3- ركن اللغة العربية. و4- ركن التدوين الشامل، من عالم ما تحت الذَّرَّة إلى عالَم ما فوق المجرة؛ اجتهد في تقديمها كإطارٍ جامع لعصر التدوين الثاني، مع التذكير بما أشرتُ إليه آنفاً بالإبقاء عليها في طور عدم الاكتمال، للإبقاء على إمكان التطوير قائماً، ليس كحدث عرضي فحسب، بل كجزء أساسي من سيرورة عصر التدوين الثاني أيضاً.
من عصر التدوين الأول إلى عصر التدوين الثاني:
في عصر التدوين الأول تمت ممارسة ثقافوية، أعيد عبرها، بناء تصوراتنا عن ذاتنا الثقافية الأقدم، لا سيما تصوراتنا عن مرحلة: ما قبل الإسلام أو ما عُرف بالعصر الجاهلي. فقد “اصبحت عملية إعادة بناء الماضي العربي، وبالضبط العصر الجاهلي، ضرورة ملحة، بل قضية مصير. كيف لا والماضي لا يهاجم من أجل ذاته بل من أجل الحاضر والمستقبل. لقد أدرك الخلفاء العباسيون هذه الحقيقة وعملوا على ضوئها وبوحي منها: إنه البناء الثقافي الشامل الذي أصبح يطرح نفسه كضرورة تاريخية”[8] ولم يكن هذا العمل الهائل عملاً فردياً، بل عملاً سياسياً، اضطلعت به الدولة ككل، ما حوله إلى قوة كبيرة ستسط سيطرتها على أذهاننا حتى زماننا الحاضر. فعملية “إعادة بناء الماضي العربي –الجاهلي منه والإسلامي- من صنع الأفراد وحدهم، بل كانت أساساً من المهام التي قامت بها الدولة، لقد كانت عملية سياسية في جوهرها: لم تكن مجالس المناظرات والمسامرات سواء في قصور الخلفاء والأمراء أو في الدور الخاصة والمساجد، مجالس من أجل الترفيه والامتاع والمؤانسة، إنها وإن كانت كذلك في الظاهر، فلقد كانت في واقع الأمر إعادة متواصلة ومتكررة لـ كتابة التاريخ، وبكيفية خاصة تاريخ العصر الجاهلي وصدر الإسلام. إنه التاريخ القومي الذي كانت تلتقط عناصره من ذاكرة الآباء وخيال الأبناء. ونحن لا نرى بدعة في ذلك فالشعوب تبني، عادة، تاريخها القومي تحت ضغط الحاجة ومتطلبات الظروف”[9]
علم أسباب النزول بين آليات التدوين وأدوات الصراع السياسي
إذاً كانت مهمة عصر التدوين الأول إعادة بناء تصورات أبناء تلك المرحلة عن العصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام، عبر عملية معرفية كبيرة ومعقدة وذات مستويات رسمية، أي على مستوى الدولة. وقد تمَّ إنجاز هذا التصوُّر بما أراده العقل العالِم في تلك المرحلة عن تلك المرحلتين، وليس كما هو على الأغلب، على ما يقول محمد عابد الجابري[10] وفي العموم، قد تكون هذه مسألة إشكالية، لكن ما يهمنا هنا هو اضطلاع العقل العالِم بتفويض من السُّلطة المركزية في إنجاز عصر التدوين عن تلك المرحلة، ثم تتابع هذا التدوين عن جُملة هائلة من العلوم والمعارف، وصولاً إلى مقدمة ابن خلدون، بما هي آخر نَفَسٍ معرفي كبير[11] في الحضارة العربية الإسلامية. التراكمات المعرفية التي استمرت حوالي الثمانية قرون، اعتبرها بمثابة عصر التدوين الأول، أي أنه عصر تجاوز الفكرة التي تناولها محمد عابد الجابري في كتابه (تكوين العقل العربي)، فهو عصر أشبه بالمنظومة المعرفية الشاملة التي قُدِّم في متونها رؤية لثلاثية: 1- الإله. 2- الإنسان. 3- العالَم. وتعالقات هذه الثلاثية مع ثلاثية: 1- الأفكار. 2- الأشخاص. 3- الأشياء. ما جعلها منظومة تعبر الذَّات العربية الإسلامية إلى الذَّات الإنسانية، وتُحول المنطقة العربية، لا سيما أيام الحضارة العباسية في بغداد، إلى مركز رئيسي من مراكز الحضارة الإنسانية عبر التاريخ كله. لكن بتقديري أنَّ الرؤية التي اجترحها عصر التدوين الأول لثلاثية: 1- الإله. 2- الإنسان. 3- العالَم؛ قد استنفدت أغراضها بشكلٍ كامل، وصار لزاماً إعادة النَّظر فيها بقرار رسمي وبشكلٍ جماعي، بما يجعل ثلاثية: 1- الأفكار. 2- الأشخاص. 3- الأشياء، تتغير بشكلٍ جوهري وحاسم. وهذا لن يحدث، بتقديري، إلا إذا شُرع بعصر تدوين ثانٍ شامل لكل شيء، ابتداءً من النواظم الأصلية التي يقوم عليها معمار كل شيء في الوجود، أعني نواظم: 1- الإله. 2- الإنسان. 3- العالَم. وتقديم رؤية جديدة، تعيد النظر في الجوهر العميق لهذه النواظم، وليس في أعراضها السطحية، لأن أي تحرُّك لأي: 1- فكرة. 2- شخص. 3- شيء، لا بُدَّ أن يبدأ بحركة من المُحرِّك الرئيسي، على أن يكون التعديل الجوهري على هذه المُحركات الرئيسية، متيناً، قوياً، مُحكماً على مستوى البناء الدَّاخلي، ومتحركاً، غير كامل على مستوى البناء الخارجي، لكي لا نقع في أخطاء عصر التدوين الأول الذي اصطلح في نهاية المطاف، نتيجة لتغوُّل المنظومة الفقهية تحديداً وسيطرتها على بقية المنظومات المعرفية الأخرى، على تعريفات أخيرة ومُطلقة، وغير قابلة للزحزحة لنواظم: 1- الإله. 2- الإنسان. 3- العالَم؛ ما حدَّ من قدرتنا على النظر، من زوايا مختلفة ومتعددة، لثلاثية: 1- الأفكار. 2- الأشخاص. 3- الأشياء. بمعنى أنَّ الإكراهات والاستلابات التي انطوى عليها عصر التدوين الأول، لناحية اعتبار تعريفات بعينها، للنواظم السابقة، دون غيرها، وتحت وطأة العقاب الشديد لأي رأي مُخالفِ، ساهمت في تحجيم دورنا الحضاري، الذي لا يمكن له أن يستمر على المستوى الإبداعي، دون حركة دائمة لهذه النواظم، بما هي حاوية لكل شيء في الوجود بين طياتها أو ضمن وحداتها الصغيرة، على المستوى الخارجي، بما يراعي شرط التطوُّر المعرفي الذي يصل إليه المرء طالما هو على قيد الحياة[12]
ما حدث بتقديري، أن شرطنا المعرفي تم تجييره لحساب الخُلاصات المعرفية التي أنتجها عصر التدوين الأول، والتي تحوَّلت إلى حالة من الخلاص الأنطولوجي، بما أفقدها بريقها المعرفي الأول، وأفقدنا بالتالي قدرتنا على الإبداع، نظراً لحجم التهديدات الحافة بأي عملية إبداعية. لهذا صار واجباً، باعتقادي، الشُّروع بعصر تدوين ثانٍ، شريطة انطلاقه انطلاقة رسمية على المستوى السياسي، وبشكلٍ جماعي أيضاً. فحالة الاستئناف المعرفي التي شرع بها ثلة من المفكرين والبحَّاثة والأدباء العرب، ابتداء من القرن التاسع عشر، وصولاً إلى لحظتنا الرَّاهنة، يمكن المراكمة عليها، لكن بـ: 1- قرار سياسي جريء وحاسم[13]، يدعم إعادة تشكيل رؤيتنا عن الوجود كاملاً؛ ما يفضي إلى: 2- تدوين شامل وبشكل جماعي.
المراجع:
[1] أشرتُ إلى هذه النقطة في مقالة: (منظومة الإنسان المتفلسف) بأجزائها الأربعة، ويمكن الرجوع إليها على الروابط التالية تباعاً، على موقع تكوين:
الجزء الأول: (الطفل بما هو أقل من فيلسوف)، على الرابط التالي:
الجزء الثاني: (الإنسان المتفلسف)، على الرابط التالي:
الجزء الثالث: (الفيلسوف)، على الرابط التالي:
الجزء الرابع (الحكيم بما هو أكثر من فيلسوف)، على الرابط التالي:
[2] يمكن مراجعة مقالة: (المثقفون العرب: من اليُتم إلى الحصار)، على الرَّابط التالي:
[3] بالنسبة للرُّكن الثاني من أركان عصر التدوين الثاني، يمكن الاستئناس بمقالة (ذاتنا العميقة: إسهام في التكوين المعرفي للإنسان العربي الحديث)، معاذ بني عامر، موقع تكوين الفكر العربي، وهي مقالة من خمسة أجزاء، يمكن العودة إليها على الروابط التالية:
الجزء الأول على الرَّابط التالي:
الجزء الثاني على الرَّابط التالي:
الجزء الثالث على الرَّابط التالي:
الجزء الرَّابع على الرَّابط التالي:
الجزء الخامس على الرَّابط التالي:
[4] أعود وأكرِّر أن المرء أو الأمة التي لا تؤمن بهذا المنزع الكبير ناحية إبداع ما هو أكثر إبداعاً مما هو موجود، لن تستطيع أن تُقدِّم شيئاً، بل ستبقى في طور الانفعال بالوجود وموجوداته.
[5] أشير هنا إلى أنني اقترح بعض أسماء الكتب، كمفاتيح ليس إلا. على أن تكون أي إضافة منسجمة مع فكرة عدم اكتمال المقالة ابتداءً، أو جزء داعم لها بما هي مقالة في طور الحركة الدائمة على المستوى الخارجي.
[6] للمزيد حول هذه النقطة يمكن الرجوع إلى كتاب (ينابيع اللغة الأولى: مقدمة إلى الأدب العربي منذ أقدم عصوره حتى حقبة الحيرة التأسيسية) لـ “سعيد الغانمي). كذلك يمكن الرجوع إلى كتاب (المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) لـ “جواد علي”. وهما كتابان على درجة عالية من الأهمية، إذ لا يلقيان الضوء على جزء هائل من تاريخنا المعرفي فحسب، بل يُعيدان له الاعتبار أيضاً، بصفته نقطة انطلاق لكل ما بعده.
[7] أشرتُ إلى جملة من المراجع من ثقافتنا العربية، قديمها وحديثها، إضافة إلى جملة من المراجع من ثقافات مختلفة، في مقالتي: (ذاتنا العميقة: إسهام في التكوين المعرفي للإنسان العربي الحديث). وقد أشرتُ في هامش سابق إلى روايط أجزاء هذه المقالة الخماسية.
[8] تكوين العقل العربي، محمد عابد الجابري، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان، ط10، 2009، ص 60.
[9] المرجع السابق، ص 60.
[10] المرجع السابق، ص 60.
[11] يمكن العودة إلى مقالة (ابن خلدون: من الولادة البيولوجية لابن خلدون إلى الموت الأنطولوجي للحضارة العربية)، معاذ بني عامر، موقع تكوين على الرَّابط التالي:
[12] ينطبق هذا أيضاً على الأمة كاملة.
[13] أشرتُ إلى أهمية القرار السياسي ومصيريته وحسمه، في مقالة (من تنوير الظاهرة الدينية إلى إنارة العقل)، موقع تكوين، على الرَّابط التالي: