تكوين
هل ما تزال فلسفة الجماليات ممكنة في زمن القلق؟ ما هي مهمة الفلسفة وميتافيزيقا النغم؟ الفلسفة تطرح التفكير في مسألة الوجود، وهي رحلة الإجابة عن الدهشة، والنغم يسري عن الإنسان عناء التفكير، ومن المفيد الذكر أن اعتلان الماهية في الموضوعين لا يتحدد على أساس قاعدة صلبة، لذلك لن أدخل في تحليل مفهوم الفلسفة ودلالة النغم، بل إلى فن الابتكار (ars inveniendi) عن المانح ألقًا ومسرة لفلسفة النغم والمانح سموًا ورفعة للسؤال الفلسفي… وبما أن الفرح لا يملك براهينه فالتعبير عنه مرجأ، وهذه حال وضعنا إثر الحديث عن أم كلثوم فيلسوفة الغناء، هذه الحكيمة وربة (déesse) الغناء التي عقلنت الشعور وطوعت النغم لخدمة حكمة السماع.
كلنا نتعثر في الكتابة عن ميتافيزيقا الما لا أعرف ما هو (Le Je ne sais quoi et le Presque rien)[1]، عن هذا اللغز المحير، عن رهبة الجميل (effroi du beau) في صوتها الغائر والمحايث في تاريخ الأمة العربية، وعن سلطنتها التأبيدية للحظة (éternisation de l’instant)، وإعلائها للأبعاد الوجودية الكبرى مثل: الحب والحياة والفراق والأمل والزمن… المُصاغة في إحساس لغة وجدانية رومانسية أسهمت في مدِ أواصر الأُلفة بين أبناء الأمة العربيَة. باختصار كيف يُشرح هذا الصوت الآسر الآتي من بعد ميتافيزيقي غريب؟ وهل باستطاعة كوجيطو حواسنا المحدود الدخول إلى عبقرية متوهجة تتكسر فيها كثيرٌ من ألوان النغمات الشرقية: السيكاه الحجاز البيات الراست…. راحة الأرواح…. على أسطح المحايثة (plans d’immanences)[2]. هذه العبقرية هي نوع من الإشكال الذي يُشير إلى الماهية التي تستعصي على مقولات الفهم وهي وفق قول جوناثان بيت[3] اعتذار عن الاستثناء متعذِر الفهم وتوصيف القول عنها غالبًا ما يكون مغلفًا بضروب من السلب[4].
قد يكون من أفضل الطرق لتدبُر أمر الحديث عن صوت أم كلثوم: الايماءة والتورية والتلميح أو الإلماع إليه (allusion). لا ريب أن الفهم في الحقل التأويلي يقتصر على بيان معنى الواقع الذي ينفذ إلى قلب الحدث، أما مع أم كلثوم فتنقلب الهرمينوطيقا إلى قراءة لإظهار معنى الحياة الذي يبعث فيها الرُوح، أو إلى ضرب من الاستحضار نكشف فيه عن انزياح المعنى لصالح النغم.
“الفهم ليس عملية شكلية تحدث حول ما نقوله عن الأشياء التي تُكَوِّنُ عالمنا، إنما هو فن بكليته، يملك شروطه التأويلية، كما يملك حقيقته الخاصة والمعنى المتجدد الذي يعد به وأفق الانتظار الخاص به”[5].
الكتابة عنها هي نوع من التأويل داخل المد النغمي المنضوي على الرموز المتوارية والخفية والمحملة بحركات من التكرار بالاختلاف[6]. مع أم كلثوم لا يأتي المفهوم جوابًا عن الماهية، بل عن الكيف أو الحال، وعندها يصبح الكوجيطو الديكارتي الأنا المفكرة الموجودة في حضرة النغم. مع أم كلثوم نتحدث عن الجليل وليس فقط عن الجميل، لأن في صوتها نفحة الجليل الذي يُحدث الذعر والخوف، والذي يذهب إلى ما هو أبعد من الجمال وذلك بإرهابه. وهذا يعني أنها تحثنا على الوعي أو التوعية بهذا الوسع الكوني (conscientisation d’une immensité وعلى الاستشعار بومضة هذه الرفعة أو هذا السمو في ضربين من الزمن نطلق عليهما زمن الرهبة (Temps du terrible) وزمن الذهول (Temps du merveilleux)وفق الفيلسوف الألماني كانط.
العلل الميتافيزيقية الفاعلة في غناء أم كلثوم
إن الميتافيزيقا هي فرع من فروع الفلسفة القائمة في صلب السؤال الفلسفي، تدرس جوهر الأشياء وتحلل أسئلة الوجود والصيرورة والكينونة. وهي دراسة طبيعية لعالم ما بعد الطبيعة؛ أي للعالم الخفي الموجود وراء هذا العالم الظاهر الذي قد يكون حاضرًا ضمن هذا الأخير، مع التجربة الكلثومية نتعرف على مهمة أخرى للميتافيزيقا، وذلك من طريق محاولتها للربط بين عالمين كبيرين: العالم الطبيعي المحسوس، والعالم الذي تعجز عن ضبطه آليات الحواس؛ بتعبير آخر نسعى في الربط بين الإنسان وما هو غائب عن وجوده، في أثناء حالة السماع يكون الانسان حاضرًا مع البعد الغائب عن إطاره الأنطولوجي المعلوم لديه، والذي يُكون جزءًا من حقيقة أنطولوجية كبرى، تُمثل حقيقة وجودية ترتبط بالعالم الأول للميتافيزيقا.
يشوب العلاقة بين الفلسفة والفن كثيرٌ من أنواع التعالق والتناقض والتقاطع مع ما تتيحه هذه العلاقة من اضطراب ديالكتيكي. هذه العلاقة مثل: المسائل الوجودية الغامضة لا نعرف فيها من استدعى من، ولكن ما نعرفه أن الحوار ما يزال مُعلقًا ولم يُستكمل بعد. وما من شكٍ أنه علينا التوقف عند تطلعاتهما ومآلاتهما، في الحالتين ثمة علاقةٌ لا نعرف ثوابتها، فالموسيقى فاعلها يقتحم عبر سردية الخلق والإبداع لما هو غريب ومُلْغِز، والفلسفة تستحوذ على الوجود وتبسط سلطتها التساؤلية إلى أبعد من حدود الإجابة. لذا قد يكون من الصعب تعيين مشترك دلالي ومعرفي قادرًا على استجماع الاختلاف أو التقارب بينهما ويكفي للتنديد على ذلك، النظر في مآل ما نُسميه النِحلة بوصفها محاولة لتخطي ذلك اللبس. تلك النِحلة التي يقول عنها الفيلسوف البلجيكي جوستوس ليبسيوس (Justus Lipsius)[7] ليس ثمة إلا نِحلة واحدة نستطيع أن ننضوي تحت لوائها بأمان: إنها النِحلة الانتقائية (éclectique)، تلك التي تُقرأ بتمعن وتُتخير بحصافة. والسؤال الذي نطرحه هنا: كيف يُمكننا التأسيس لقراءةٍ فلسفيةٍ للفن؟ وهل باستطاعة أجنحة الصوت الكلثومي أن تكون مطيةً الفلسفة للولوج إلى عالم الميتافيزيقا؟
إقرأ أيضًا: بِنيَة التَّساؤل الفلسفي عن الميتافيزيقا
يرى الفيلسوف الألماني بومجارتن (1762-1714) أن الموسيقى هي نوع من التربية المستنيرة التي تدرب النفس على المعرفة الحسية الجميلة. وثمة ضرب من أناقة المعرفة ولطافتها في أفقٍ يُسميه الفن المستنير الذي يهدف إلى بناء هذه الثقافة المُستنيرة الجميلة التي بوسعها أن تقترح معرفة أكثر دقة إزاء موضوعات الفكر الجميل. قسم بومجارتن هذا النوع من الثقافة الجميلة المستنيرة إلى أقسام هي بمنزلة المسائل الأساسية التي تشتغل على الله والعالم والإنسان، وهذا الأمر ينطبق على النهج الكلثومي، فمعها يُمكننا القول إن الإستطيقا أضحت نوعًا من الفلسفة الأولى (philosophie première) أو ميتافيزيقا خاصة بكل فكرٍ جميل. ما دام أن الميتافيزيقا لا تتعين بمضمونٍ ولا تتموضع في أفق، لذلك نرى أن كل منظومات المفاهيم تتلاشى أمام “الصوت الآتي من المدى البعيد”.
وفي هذا الصدد بإمكاننا القول إن رؤية العالم المُسْتَلة من المفاهيم ليست أكثر واقعية ومعقولية مما لتلك الأقاصي المُنبثقة من أنغام الموسيقى وتنهداتها. وهنا نستحضر قول رائد الفينومينولوجية باتوشكا الذي يرى أن اللا مقول هو ذروة اللغة، كما نستحضر قول الفيلسوف الفرنسي جورج غوسدورف الذي يرى أنه مهما زاد قصدُ الحقيقة قل حظُها من بلوغ العبارة. في هذا السياق ما نريد قوله إن أم كلثوم لا تغني إلا المتعذر غناؤه، وهذا ما نستطيع تسميته تطويع الاستحالة إلى فعل إمكان، أو بتعبير آخرَ إمكان حدوث الاستحالة… وهذا الأمر يدفعنا بعد سماعنا لأغنية “حديث الرُوح” إلى طرح سؤال جوهري: لمَ لا يمر طريقُنا إلى اللامتناهي إلا عبر الأديان والفلسفات الميتافيزيقية؟ ولأن الموسيقى هي حلم الحفاظ على فرح المعنى ورُوحيته في معيشه الأول، لذلك نبقى دائما مذعورين من تلاشي انسكاب الرُوح في نوتة، أو في عبارة، ذلك أن الرُوح من فرط حساسيتها تضمحل فور حلولها في قول أو في تنهيدة. وإزاء هذه الحال… هل لـ “حديث الرُوح” أن يُقال أو أن يُغنى ؟
كان محقًا “بودلير” في قوله من أن كل شيء يُخاطب الرُوح سرًا، بلسان موطنه العذب. فأغنية “حديث الرُوح” هذه التحفة الفنية التي كتبها الشاعر والمفكر الهندي محمد إقبال وترجمها إلى العربية الشاعر المصري شعلان بعنوان شكوى وجواب شكوى. تبدأ بحديث الرُوح، والأهمية في هذه الأغنية التي أشاد الفيلسوف طاغور بعظمة أدبها العالمي وأهمية التلاقي فيها للتاريخ والمجتمع والدين والأدب والفن والموسيقى، أن قريحة إقبال الإيمانية انتشت بحديث رُوحي عابق بالمناجاة والشكوى والإيمان بالله.
حديث الرُوح للأرواح يسري
وتدركه القلوب بلا عناء
هتفت به فطار بلا جناح
وشق أنينه صدر الفضاء
ومعدنه ترابي ولكن
جرت في لفظه لغة السماء
لقد فاضت دموع العشق مني
حديثًا كان عُلْويا ندائي
فحلَّق في ربا الأفلاك
حتى أهاج العالم الأعلى بُكائي
ولعل المميز في هذه القصيدة أيضًا انسكاب النغم السنباطي في صوفية النص ورُوحانيته، والأهم من هذا كله غناء أم كلثوم الذي أثار إعجاب الفنان عبد الوهاب إلى درجة أنه تخيل نفسه وكأنه في الملكوت. ولعل استخدام مقام راحة الأرواح هذا المقام الشجي، مقام التناجي الذي يُمثل الحنين مع بعض الامتناع، ساعد في تجسيد ثلاثية أبعاد الصورة الفنية (شعر ونغم وصوت). وعليه يصدق القول مع الفيلسوف سبينوزا إن قدرة المُخيلة إذا ما قورنت بقوة الأفكار العقلية فإنهما يُكونان معًا ما يُمكن أن نسميه نوعًا من الموسيقى، وأيضًا نستذكر ما قاله أرسطو عن الشعر أنه أسمى من التاريخ، ولأرسطو صدىً عند غادمير بقوله إن: “الشعر يجعل الكُلي مرئيًا على نحو يفوق ما يُمكن أن يفعله السرد الأمين للوقائع والأحداث الفعلية التي نسميها التاريخ” [8] لكن كيف يُمكن للإنسان (وبالتحديد أم كلثوم) أن يكون فيلسوفًا في الغناء؟
الفن الكلثومي؛ إبداع غير واعٍ للميتافيزيقا
من الواضح أن السؤال عن ماهية الفلسفة هو فلسفة. ربما تكون كما اعتبرها نيتشه ابتكارًا للصيغ الوجودية أو لإمكانات العيش، إزاء هذا الوضع تصبح الصيغ الوجودية صيغًا استطيقية. في جميع الأحوال نحن مدعوون لأن نصير ما نحن عليه في الفلسفة أو في الموسيقى. مع أم كلثوم يغدو الفن كما قال الفيلسوف الفرنسي سوريو[9] هو التأسيس أو التدشين للفلسفة (instauration )، وهذا مطلب فلسفي عند كثيرٍ من الفلاسفة.
الفن هو إعادة اختيارية للواقع وفقًا لتقديرات القيم الميتافيزيائية للفنان وهو من يسمح بتقديم المفاهيم الفلسفية بطريقة ملموسة ومفهومة، وهذا ما يُلبي حاجة الوعي الإنساني ودوافعه. وما يميز الفن هو تفعيل تجربتنا المعيشية في مختلف أبعادها التاريخية، وهو ما يجعلنا نتعرف على أنفسنا داخل الأثر الفني، وذلك يعني أن في الفن تتفوق المعرفة الوضعية العلمية. مما لا شك فيه أن كينونة الفيلسوف، كما يقول ياسبرز، هي إرادته بأن يصير ذاته وأن يخلق لنفسه في مساحة التفلسف مكانًا أو إمكانًا أو تعبيرًا. من هنا يمكننا القول إنها بعدٌ من أبعاد الماهوية الإنسانية. وبما أن السؤال في الفلسفة هو ملك للقضايا الكبيرة، فالسؤال في الفن يكتسب أهميته من الكيفية التي استُثمِر بها. والمسألة المهمة تبقى عالقة عندما نترك السؤال ويبقى فقط الاستشعار بالجواب هو الأساس المركون في الوجود. وما دام الإنسان كائن مدين دائمًا بالامتنان أو التقدير لسر الألوهية، فأم كلثوم لم تفعل بغنائها سوى رد الوديعة الإلهية التي ائتُمنت عليها.
والتفلسف ليس ادعاءً للحكمة أو علمًا نظريًا بعيدًا عنا، بل هو فن معيشي وجودي (art de vivre) محايث ومتأصل فينا (immanent)، لا يُشعر ويتمتع به إلا من أراد أن يطعم سقف تناهيه بمسحة ميتافيزيائية تمده بفضيلة الإصغاء في أثناء عملية التفكير أو عند الإصغاء إلى فن أم كلثوم”. وما النغم سوى إخراج الحدس المعرفي من عِقال الحرف والعُقد الفيلولوجية والتاريخية التي احتجبت حضورية المعنى المسكوب فيه. يُمكن أن نختصره بالشيء الذي لا نستطيع سبر غوره (insondable)، أو بما لا يُمكن التعبير عنه (ineffable) وهذا يعني أنه ممارسة غير واعية للميتافيزيقا وفقًا للصيغة اللايبنزية (لايبنتز) وطريقة أخرى للتفكير، وصوت أم كلثوم هو الخيط الهادئ لهذه الحبكة الفنية. بإمكاننا القول إن فن أم كلثوم يكمن في جوهره، في الفن، وباستطاعته أن يؤسس للحقيقة ويكشف عن الواقع من طريق العرض الحسي، أو من طريق وضع الأقوال الشعرية بتواؤم مع فعل الغناء، على غرار ما قاله “لاكيس” مُحدثًا محاوره في حضرة سقراط بأن ما يُغنيه الإنسان هو رهن للتناغم بين الأقوال أو العلم (logois) والأفعال (erga)، وهذا ما صورته أو فعلته أم كلثوم في غنائها..
وعلى الرغم من أن صوتها من أكثر المواضيع إثارةً للتساؤل في خبرتنا، ومع ذلك يبقى مميزًا ومتفردًا، إذ يكشف عن مساحة المقدس لأنه يُترجم حقيقة مشاعر هذا العالم في غمرة إنتاج للحقيقة. هو الذات والأصل، وهذا يعني أننا نقدمه إلى محكمة الفن لبحث قدراته، فنراه يحاكم نفسه. هو ليس فعلَ اختيارٍ، لأنه آسر ومخدِر ومولد لمشكلات ميتافيزيقية، نظرًا لما يتضمن من قوى ازدواجية. قد يُخال إلينا أن الموسيقى هي حمالة معنى (porteuse de sens)، أو مرموزة تعبر بالإيماء والتورية، أو توتيغورية (tautégorique) تعبر عن شيءٍ آخر مختلف عنها.
في جميع الأحوال التطريب الموسيقي عند أم كلثوم هو معد للمتعذر بيانه، لأنه يرفعنا إلى فوق ما هو كائن. ويُمكن أن نقول عن عظمة إبداعها أنه سر مثل سر الحب والحياة والفلسفة، ويسعفنا في هذا المقام قول الفيلسوف جانكلفيتش عن الموسيقى:
“نستطيع أن نعيش من دون فلسفة ومن دون موسيقى ومن دون فرح ومن دون حب ولكن ليس بطريقةٍ جيدةٍ[10].
يقيني الثابت أن هذا الوضع يُطبق على فن أم كلثوم، من دون صوتها نستطيع العيش، ولكن ليس بطريقة جيدةٍ. هذا الجيد الذي رأهُ أفلاطون النُضفة الحية في الوجود، أو الطريق إلى الله، وما الغناء المدرك بآذان الجسد سوى الغلاف الخارجي لنغمةٍ سماوية (أغسطينوس)”. هذه اللغة الرمزية التي تعتمد على نقل الأخيلة من عقلٍ إلى آخر(الفارابي) ليست موضوعًا للتواصل والتأويل، بل هي الشكل الوحيد المتبقي للإنسان من أجل فضح آلام البشر (أدورنو)، أو وسيلة للتحرر من سيطرة الإرادة (شوبنهاور)، أو فعل مقاومة (acte de résistance)، وهذا بعد من أبعاد الماهوية الإنسانية، لأن ثمة تقارب بين العمل الفني وفعل المقاومة، مع أن فعل المقاومة ليس عملًا فنيًا، ولكنه فعل مقاومة ضد ما يؤدي إلى العدمية، وهنا يجدر بنا الإشارة إلى ما قاله الرسام بول كلي (c’est le peuple qui manque)، وهذه الفكرة تنطبق على فن أم كلثوم، إذ نشعر أنه قادر على خلق أو صنع شعب المستقبل (le peuple en devenir). ألم يكتب المؤلف الموسيقي فرانز ليست (Liszt) للصوت والبيانو: “قدرة الموسيقى” [11]“Die Macht der Musik” أوَليس هذا تكريمًا توليه الموسيقى لقدرتها؟
أم كلثوم وفلسفة التجاوز المطرد
أم كلثوم هي شخصية جدلية أو ما يسمونها ظاهرة إشكالية ورمزًا ما يزال يُربكنا الحديث عنها. لذا فالشرح عنها نستله من منطقة الخيال الخلاق (imagination créatrice) لأننا إذا تناولنا التحديد من منطقة العقل فنقع ضمن المعرفة الوضعية الناقصة والمحددة. من المعروف أن العلاقة بين الفلسفة والفن هي علاقة وعد بالارتقاء، نحن نعلم أن فعل التفكير الفلسفي اهتم بكل المواضيع، أليست استهلالية أحد مؤلفات ديمقريطس “سأتكلم عن كل شيء”؟ ولم تكتفِ الفلسفة بألفاظ اللغة، وإنما أسست معجمًا خاصًا بها، وهذا الأمر يتطابق مع تعريف دولوز للفلسفة بأنها فن إبداع للمفاهيم. ولكن ما الذي أثار هذا العطش المعرفي نحو الما وراء وحفز فعل التفكير على الشبع والامتلاء؟
كل ما أمكن للفلسفة أن تجزم فيه، سواء في حقلها الميتافيزيائي أو الأنثروبولوجي أو الثقافي أو في تحليلها لأقدم تمظهرات التفكير، هو أن الكائن الإنساني لم يكتفِ بأن يعيش في هذا الوجود ببساطة، وإنما سعى أيضًا في فهمه. ونحن نؤيد ذلك بأن الوجود البشري لا ينتظم من دون رؤية ميتافيزيائية. والإنسان لا يستطيع السكن في الوجود دون الاستفهام عن معناه والتفكير في مدلوله والبحث عن الجوهر الذي يثوي خلف الأعراض. التفكير الفلسفي هو من أكثر أنماط الفكر اعتناءً بهذا البحث، فالحدود والدلالات ليس لها معنىً حديًا مُتفقًا عليه بين المنشغلين بالفلسفة، ما أريد قوله إن بين الرُوحية الفلسفية والرُوحية الوجودية، يتغذى الإحساس من الشعور الكلي المتناغم مع كلية الطبيعة. من هنا نسأل :هل السكن للفن قائم في الفلسفة أم العكس؟
إقرأ أيضًا: في علاقة الدين والفنّ: من خلال إغاثة اللّهفان في مصائد الشّيطان لابن قيم الجوزية
كون العلم الفلسفي تعاطي مع الأفهوم، فهو محض مثالي بادعاء كانط، إذ إن معارفنا تتجاوز دائمًا إلى موضوع، لذلك علينا استنطاق بعض المفاهيم مثل: الحرية والفرح والأمل والميتافيزيقا والموت والوجود… هذه المواضيع هي التي نتناولها في أغاني أم كلثوم، وهذه المفاهيم هي أماكن غير محروسة وغير محصنة، لأنها تترك دائمًا منافذ مفتوحةً للتأويل. من المعلوم أن الفن يُفكر بصمت، لكن الفلسفة استطاعت أن تجسد هذا الصمت وتكتبه. يستحضرنا في هذا الصدد قول سوريو من أن كل فلسفةٍ عظيمةٍ تملك إشراقًا جماليًا، حتى لو لم تَتَناول بطريقةٍ مباشرةٍ فكرتي الفن والجمال، وحتى لو لم تضع منهجًا للبحث عن الجمال.
المُدُيات الفلسفية في صوت أم كلثوم
مع أن الحياة متغيبة أو غائبة وفق تعبير الشاعر الفرنسي رامبو (1891-1854)، من المؤكد أنه بغياب المد النغمي تصبح أكثر غيابًا. الإنسان هو كائن مدفوع نحو المستقبل في ماهيته، وعلى هذا الأساس يتغير مفهوم الماضي بوصفه لم يعد ماضيًا، بل هو شيء ما يأتينا من المستقبل. نحن لا نفهم الماضي بأنه لم يعد كائنًا، بل هو الذي يَرِد علينا من جهة المستقبل. فالماضي هو فعل إمكان مستقبلي للِقاء بأنفسنا على نحو مختلف. والفلسفة هي إحدى إمكانات المستقبل وفق قول هايدغر. وإذا كانت الفلسفة ليست جوابًا جاهزًا على أي شيء أي إنها إمكان تفكير حر، فالحديث عن أم كلثوم هو هذا الإمكان العام لوجودها الواجب والضروري، وصوتها يبقى في عداد الحدث الذي لا نملك مفهومًا محددًا عنه. لا أريد التحدث عن حالة الورع التي تعتريني عند سماع صوتها، ما أود التحدث عنه هو هذا الوعي المغنى والمغتبط (conscience chantée et enchantée) الذي لا يتمثل فقط في الحاجة إلى الاستكانة أو الاستقرار النفسي، وإنما في إسقاط رغباتنا وحبنا وذكرياتنا على هذه الشخصية أو على هذه المسألة المشكلة والتي لا نهتدي إلى فهم سرها.
إذا سألنا عن فن أم كلثوم نراه يتمثل في الوثبة أو الاندفاعة الحية (élan vital) التي تتجلى في ألوان من التعددية المضاعفة المنصهرة في مفهوم الوحدة والفرادة. (multiplicité ds l’unité et dans l’unicité) هذه التعددية مُولدة لأزمة، وهذه الأزمة تُشركنا في ورطتها، والمتورط في فن أم كلثوم يدخل في عملية التفاعل والفعل والانفعال.
كلنا نعلم أن الوعي الجمالي يُمثل أهم المباحث الفكرية، والسؤال الفلسفي عن الوعي الجمالي هو من أهم الأسئلة التي طرحتها الأنساق الفلسفية الكبرى. فهو يهتم بتحليل المفاهيم والتصورات الجمالية ودراسة المسائل التي يُثيرها تأمل موضوعات التجربة الجمالية. من الواضح أن العلاقة الجمالية التي تربطنا بصوت أم كلثوم هي علاقة تطال مختلف المستويات الحسية والنفسية والذهنية والفردية والاجتماعية والإنسانية. بتعبير آخر مع أم كلثوم نحظى بعمارة فلسفية كبيرة (منغمة بالشعر والإيقاع). أستطيع أن أسميها كُلية معمارية (totalité architectonique) متناسقة.
إقرأ أيضًا: حرية الفنان وتحرّر الجمهور العربي عند شربل داغر
إذا كان الفن هو هذا النشاط التأملي الذي يُفصح عنه الجمال، فأن نتأمل أو نأمل فهذه حاجة أنثروبولوجية. وفي هذه الحالة الإصغاء إلى صوت أم كلثوم يُشعرنا أن الزمن يُصبح ارتداديًا، ننتقل فيه من فكرة إلى مشهد ومن ابتسامة إلى ذكرى، ونبحث في تفعيلات صوتها عن كبرياء الحب وصرخة الأه التي تمنحنا القوة والصلابة والطمأنينة وعزة النفس. كما نبحث عن سر الحبكة الفنية وعظمتها المسكوبة في صوتها المترجم لقوى الحركات التصورية الوجودية مثل: الإرادة والسر واللحظة والزمن والحب والحرية والنوستالجيا والذكرى، ومعها نوثق تجليات الجمال ربما لنهدئ من روع الخائفين والمتألمين والبائسين.
تأخذنا مديات صوت أم كلثوم نحو الترحل في خرائط وخُطوط إفلات بعيدة عن المسارات التقليدية. هذه الخطوط المتفلتة من كل أشكال الهيمنة على الفضاءات وعلى اعتقال شكل الحياة، إذ تتحول الجذامير المترحِلة إلى آليات رغبة، أي إلى تنضيدات للإحساسات والإدراكات وإلى تقلصات لطيات جديدة. ورهان هذه الصيرورات ألا تكفَ عن اختراع فضاءات صقيلة. وما يميز فن أم كلثوم أنه ليس فن محاكاة بقدر ما هو فن المفهوم أو التصور (art de la conception). فالحديث عن صوت أم كلثوم هو حديث عن شيء آخر، عن كثرة في التعريف، لكن يا للأسف تعريفاتنا محدودة، والكلام عنها لا ينتهي. وإذا اتفقنا على أن الكلمات تعني الأشياء، فهذا لا يكفي لتعيينها، بل لمنحها هُويةً ومعنىً ودلالة. عند أم كلثوم الصوت هو فعل وميثاق أو فعل إنجازي (acte et pacte ou acte performatif ).
إذًا اللغة لا تكفي أبدًا لتعيين أو تحديد حقيقة الشيء في الحديث عن أم كلثوم، من هنا علينا أن نتسلح بقوة الاستدعاء أو الدعاء (pouvoir d’invocation)، هي صائغة للمفارقات (orfèvre des paradoxes) ومن تدبيرات فنها الحبكة القائمة عن كيفية إيصال الأفكار وتجسيدها بالأحاسيس. من هنا نرى أنه بالإمكان وضع فن أم كلثوم في استراحة فن النقد العيادي ( art de la critique clinique) وفقًا لتعبير استليته من دولوز، لأقول إن فنها يُمكن أن يشغل منطقة علاج الأفكار والمشاعر أو ربما تخدير المشاعر والأفكار.
من ضمن تقسيمات الخطاب التي ذكرها أرسطو الإيتوس المتعلق بأخلاق الخطيب أو المتكلم، والباتوس الذي يهتم بحالة المستمع أو الجمهور، واللوغوس الذي يُشير إلى القول نفسه في قدرته على الإثبات والإقناع، أم كلثوم كونها فنانةً قد حظيت في صوتها وحضورها بالباتوس الفلسفي الذي يُجيد تحريك المشاعر ويهتم بحالة المُصْغِي، وما الإصغاء سوى مهارة وفن تحويل المَغْنَى إلى مَعْنَىً ما في العقل، وندخل هنا في رباعية: الإحساس والتحليل والتقويم والاستجابة، وهذا الأمر يبني الثقة الجيدة بيننا وبينها.
بالموسيقى نخرج من عِقال الفينومين، أحيانًا نخاطر بسلامنا، لأنها مُربكة ومن يُصغي إلى الموسيقى يحتمي مما هو أحادي الجانب (unilatéral) وفق قول نيتشه. وإذا كانت المدركات الحسية تنقسم إلى انطباعات وأفكار، فالانطباعات الذهنية هي الإحساسات المباشرة، أما الأفكار فهي الصور الذهنية التي تُحفظ في الذهن أو الذكريات التي تُخلفها الانطباعات، والفرق بين الانطباع والفكرة هو الفرق بين الشيء حين أدركه مباشرة وبين الشيء عندما أستعيده بذاكرتي، فالذات مع أم كلثوم تسعى في خلق شيء ما في عملية المعرفة، ولا يقتصر دورها فقط على التلقي السلبي. والقوة الخفية الكامنة في صوت أم كلثوم هي ضرب من الميتافيزيقيا، وهذا ما يُتصور في أغنية شمس الأصيل الموسومة بصبغة ميلانخولية (mélancolique)، مما لا شك فيه أن الميلنخوليا السوداوية هي من أهم معايير الجمالية، وقد أشار شيلنغ إلى هذا الإحساس بالوجود الأصيل، كما نعلم أنها تحولت إلى موضوعٍ أدبي ابتداءً من القرن الخامس عشر، وقد شبهها جيرار دو نيرفال بشمسه السوداء، ووصفها شارل بودلير بسمائه المنخفضة الثقيلة. فهي تغدو بصوت أم كلثوم نوعًا من المؤاساة، ويغدو الانسياب الإيقاعي للوجدان الموسيقي انسكابًا لآنات الوجود في الذات، في انفساحات الكينونة. وعندها تنصهر الذات في الحس الوجودي الوجداني، في الانعكاس المرآوي الذي يؤانس حسرتها وآهاتها وقلقها.
شمس الأصيل ذهبت
خوص النخيل يا نيل
تحفة ومتصورة
في صفحتك يا جميل
والناي على الشط غنى
والقدود بتميل على هبوب الهوا
لما يُمر عليل يا نيل
هذا القلق الذي أصاب الفلاسفة والعظماء الذين حاربوه بالتحفيز على الإبداع، هو أيضًا مسوغًا وضروريًا يبعث البهجة في النفس على نحوٍ مربك وغامضٍ… رغم كونه وفق الفيلسوف ياسبرز، حزنًا لا شخصيًا إلا أنه يتمتع ببعد إبداعي. والفنان القادر على التعبير عن وجع السعادة فهو الذي يُخاطب الأُذن بمتعةٍ إستطيقيةٍ مُنْسَلَّةٍ في بعدٍ ماورائي غائرٍ فينا، هذا ما يقوله شوبنهاور، ونتحقق من وجوده بالسماع… وما دام كل انفعالٍ يتضاءل في الكثافة، فهذا يُعبر عن حركة الإرادة أو الرغبة الدائمة الساعية في الإشباع، لهذا يتباعد باستمرار عن منطقة القرار من أجل احتدام جُهد الرغبة، أو يرتد إلى القرار من أجل الإشباع. واللحن البطيء (Adagio)… أو الغناء المُرسل (Adlibitum) فهو إشباع مُعلق يعمل على إفراغ النفس من الحسرة والألم، وهذا ما نستشفه في أثناء السماع إلى شمس الأصيل. مع أغنية شمس الأصيل، نتحد بالمطلق والصفاء والمحبة والانتشاء والتحقق، ونعاين الانتشاءات المنصهرة في صورة عاطفية مرتبطة بالأرض والنهر والوطن. وقد وضع شاعر الأغنية بيرم التونسي النيل ليكون رمزًا باعثًا على دفق الحياة وانبعاث الذات في فضاء عطف الحنين في لوحة فنية تحكي طقوس النوستالجيا. هذه النوستالجيا الشرقية الأصيلة التي تُظهر لنا أن الحنين هو حاجة رُوحية أساسية والتي نفتقد إليها في هذا العصر.
مع “شمس الأصيل” يتوارى الوجود في ملاءات الكينونة، وتملأ الآذان ضحكة الكروان، ويعبق الكون بموسيقى الألوهة، فنسحر بنداء هذا الكلي الذي يعزف نغم الوجود، وينعي من لا يفقه سر لغة الألوهة.
أنا وحبيبي يا نيل غايبين عن الوجدان
يطلع علينا القمر ويغيب كأنه ما كان
بايتين حوالينا نسمع ضحكة الكروان
وسنذكر تحفة أخرى من تحف أم كلثوم هي رباعيات الخيام التي تُعد أيضًا من روائع كلاسيكيات الموسيقى العربية التي حملت رُوح الشرق بكل سحره وجاذبيته وإنسانيته في لحن شرقي أصيل هو غاية في الرقة والعذوبة والطرب.
سَمِعتُ صوتًا هاتفًا في السَحر
نادى من الغيبِ غُفاةَ البَشَر
هُبوا املأوا كأسَ المُنى قبل
أن تملأَ كأسَ العُمرِ كَفُ القَدَر
لا تُشغل البال بماضي الزمان
ولا بآتِ العيشِ قبلَ الأوان
واغنم من الحاضرِ لَذَّاتهِ
فليسَ في طَبعِ الليالي الأمان
غَدٌ بظهرِ الغيب، واليومُ لي
وكم يَخيبُ الظن في المُقبِلِ
ولستُ بالغافلِ حتى أرى
جمالَ دُنيايَ ولا أجتلي
يقول دولوز إن الفيلسوف ليس من يؤلف، ولكن من يسكب موسيقاه في عمله المكتوب، وهذا ما نشهده عند الشاعر أحمد رامي في ترجمته لرباعيات الخيام هذه الفلسفة الشعرية التي هي نتاج تأثير الفلسفة اليونانية والجبرية لمؤلفها الأصلي الشاعر الفارسي عمر الخيام… إذ يُدمجُ فيها بين العقل والتصوف والقضايا الفلسفية والوجودية، وذلك من طريق طرح الأسئلة بشأن سر الحياة والموت والإرادة وعلاقة الإنسان بالكون والإله. وقد لعبت فلسفة القوافي بتبدلات نغماتها دور ضابط إيقاع للحالات النفسية التي نقلته أم كلثوم إلى أعماق القلب والعقل… هذه القوافي الداعيةً إلى عدم القلق واستغلال الأمان الحاضر الغائب (لا تشغل البال بماضي الزمان)… والتي تجسدت فيها ثنائية الحضور والغياب في البَوْحِ الذي أضحى نشيدَ الذات ونشدانها الأعمق في الارتقاء إلى مراتب الحلم، فاستقرت الحال وفي داخلها تفجرًا ينضحُ بمشاعر القلق والهدوء والتخبط والسهر والحب والشوق. ليس ثمة قطيعة بين الماضي والحاضر، بل ثمة تاريخًا حيًا وعيشًا متجددًا وعالمًا يأتينا مُفعمًا برمزيته المترنحة بين آفاق الماضي وآفاق الحاضر. هذا الماضي المُتجدد فينا دومًا بتنشيطنا للمعاني القادرة على غرس القابليات الوجدانية التي يزخر بها الوعي.
في الختام نقول نحن في حاجة إلى عظمة أم كلثوم دفاعًا عن فلسفة الفن، مع أن إشباع رغبتنا بسحر غنائها هو أمر مؤجل إلى ما لا نهاية، وهذا ما نطلق عليه: أبدية الرغبة. وتبقى الموسيقى استلطافًا واستعطافًا للكمال الرُوحي، وهنا لا بُد أن ننوه بقول الفيلسوف أغوسطينوس: “صعدت الموسيقى إلى أذني، وتوغلت الحقيقة في قلبي، وتفاقمت مشاعري من الولاء”. وإذا كانت الأسئلة في الفلسفة مُعلقة دائمًا، يبقى السؤال عن أم كلثوم هو جواب لفلسفة الاحتفاء بدهشة الطرب والنغم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
[1] Vladimir Jankélévitch, Le Je-ne-sais -quoi et le Presque -rien, vol: II, 1981, p.13.
[2] يعتبر سطح المحايثة عند الفيلسوف الفرنسي دولوز مساحة حية تحدث فيها كل أنواع الظواهر والتفاعلات، .وهو السطح الذي يسمح للمفاهيم والأشياء أن تتغير وتتطور من دون تدخل أي قوة خارجية، بمعنى آخر يمكن اعتباره على أنه مركز الصير والتحول في فلسفة جيل دولوز.
[3] جوناثان بيت (Jonathan Bate) مؤرخ وروائي بريطاني له العديد من المؤلفات من بينها، عبقرية شكسبير ورُوح العصر .
بنيلوبي مري، العبقرية، ت. محمد عبد الواحد محمد، سلسلة عالم المعرفة ، 1996، ص.161. [4]
للاستيضاح عن مفهوم المسار السلبي (la voie négative) راجع كتاب: مارلين يونس ، فلاديمير جانكلفيتش، محاكمة أخلاقية في هدي جمالي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2020، ص. 24-19
[5] أم الزين بنشيخة المسكيني، تحرير المحسوس، لمسات في الجمالية المعاصرة، منشورات ضفاف، ط، 1، 2014، ص. 173.
على مفهوم التكرار عند دولوز كمبدأ لفهم كيفية إنتاج الاختلاف، وكيفية خلق شيء جديد من خلال عملية التكرار . من الأفضل التعرف [6]
والتكرار هو الذي يصنع الاختلاف وإبداع المفاهيم.
هو فيلسوف وعالم لغة كتب العديد من الأعمال الخاصة لإحياء الرواقية القديمة بانسجام مع الرُوح المسيحية. من (1606-1547) [7]
مؤلفاته: ملخص الأثار الرومانية، الثبات.
[8] غادمير، تجلي الجميل ، ترجمة سعيد توفيق القاهرة (المجلس الأعلى للثقافة) 1997، ص. 262
[9] إتيان سوريو (1979-1892) فيلسوف فرنسي اشتهر بتأصيله لعلم الجمال، من أهم مؤلفاته: التجريد العاطفي، التأسيس الفلسفي، تراسل الفنون.
[10]“On peut vivre sans philosophie, sans musique, sans joie et sans amour, mais pas si bien”. Voir Jankélévitch,
La philosophie première, Quadrige, PUF, 1986. p. 268.
[11] Sur des paroles de la duchesse Hélène d’Orléans (1840). Voir: Jankélévitch, La musique et l’ineffable, Seuil, 1983, p.7.