تكوين
الملخص
تنطلق الدراسة من وجود العالم الافتراضي بوصفه مكونًا أساسيًا في حياة الفرد، وما طرأ عليه من تغيرات عبر هذا العالم الافتراضي، فتوحي عبارة العالم الافتراضي بوجود عالم مختلف يقوم على الافتراض، وهو نتاج الانفجار التواصلي الذي وصلنا إليه في القرن الواحد والعشرين، ويفتح العالم الافتراضي إمكانًا للفرد بصياغة نفسه من جديد، ويُمكنه من التواصل عبر دول العالم بسهولة، مما يعطيه نمطًا آخرَ من الحياة يظهر فيه تأثير العالم الافتراضي في حياته، فقد أصبحت الإعلانات الدعائية والصحافة والإعلام شيئًا فشيئًا تتجه إلى الشكل الإلكتروني وربوع العالم الافتراضي.
وتنتقل الدراسة بعد ذلك لدراسة العالم الافتراضي في المجتمعات العربية، وانطلاق الثورات العربية في الفيسبوك، وقيام مواقع السوشيال ميديًا بدور الإعلام البديل لإعلام السلطة السياسية، فقد أصبحت منصات السوشيال ميديا منبرًا إعلاميًا للأفراد تمكنوا فيه من نشر فضائح النظم الاستبدادية. وظهر إبان انتفاضات العالم العربي المنظمات الإرهابية والعنيفة في الساحة، ولعل أهمها تنظيم داعش الإرهابي، ومع ظهور تنظيم داعش إثر انتفاضات الدول العربية، تبين أن لوسائل التواصل الاجتماعي والدعوة عبر الوسائل الإلكترونية دورٌ كبيرٌ في بناء هذا التنظيم، والتعريف به وتقديم أهدافه وتجنيد الكثيرين، بل أضحى العالم الافتراضي اليوم هو الوجود الفعلي للتنظيم، حيث أضحت له خلافة إلكترونية بعد انهيار الخلافة المكانية.
وانتبهت المؤسسات الدعوية وأشهرها الأزهر ودار الافتاء إلى الدور الرئيس الذي أصبح لوسائل التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي في حياة الفرد، ومن ثم اتجهت اتجاهًا ملحوظًا إلى تكوين خطاب دعوي (يختلف مع الخطاب الداعشي) يحتفظ لنفسه بحق الوسطية والتمثيل النبوي، ويأخذ على عاتقه مهمة دعوة المجتمع إلى الفضيلة والابتعاد عن الإرهاب، وهذا ما عبر عنه الأزهر بإنشاء مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عام 2018، وعبرت عنه دار الإفتاء المصرية بتخصيص قسم للفتوى الإلكترونية تحت اسم الفتاوى الإلكترونية، إصدار مركز متخصص لدراسات العنف والتطرف تحت اسم (مركز سلام لدراسات التطرف) وعني المركز في جزء كبير منه بالتواصل الإلكتروني والرد على الفتاوى المتشددة ودراستها، كما عُني مركز الأزهر بتقديم فتاوى تتمتع باعتماد الأزهر لها على خلاف الفتاوى السلفية التي تتسم بالتشدد وفق زعمه.
تحاول الدراسة تقديم رؤية للخطاب الدعوي من وسائل التواصل الاجتماعي وفي العالم الافتراضي والفضاء الإلكتروني، من طريق تقديم تعريف لعالم الافتراضي ودوره في حياة الفرد، ثم الانتقال إلى دوره في المجتمعات العربية والانتفاضات العربية خاصة، ورصد انتشار الخطاب الداعشي عبر هذه الوسائل وأثره داخل بنية الاجتماع، وتقدمه الملحوظ واستخدامه وتعلمه للتكنولوجيًا واهتمامه الشديد بالعالم الافتراضي. ودور الخطاب الدعوي الذي يقدمه الأزهر عبر هذا الفضاء وكذا ما تقدمه دار الإفتاء المصرية بوصفهما مؤسستين تتمتعان بثقة داخل الشارع العربي، وأثرهما في البناء الاجتماعي ومدى حضورهما الواقعي وقدرتهما على التصدي للخطاب العنيف. وخضوع الخطاب الدعوي المعاصر للدراسة في بنائه، وإمكان قيامه بالدور البنائي والخروج من الدور الإنشائي، ومدى التغيير الذي أحدثه العالم الافتراضي بهذه المؤسسات.
الكلمات المفتاحية: الخطاب الدعوي– داعش- دار الإفتاء- الأزهر
مقدمة
يُمثل العالم الافتراضي اليوم مكونًا أساسيًا في حياة الإنسان، وله تأثيرًا كبيرًا في حياة الفرد، بل يُمكن القول إنه يُسهم بنسبة كبيرة في تكوين الفرد، والعالم الواقعي كذلك، فالعالم الافتراضي اليوم لا ينعزل عن العالم الواقعي، بل يعمل من طريقه وفيه، ومعظم المؤسسات والجهات تسعى في وجودٍ لها على العالم الافتراضي يوازي وجودها في العالم الواقعي. من هنا تأتي الدراسة محاولة البحث في دخول العالم الافتراضي للسياق العربي، واستخدامه من الجماعات الجهادية العنيفة والمسلحة، ومحاولة الجهات الرسمية المعنية بالشأن الديني تقديم خطاب مواجه وبديلًا للخطاب العنيف في منصات العالم الافتراضي. وللعالم الافتراضي تأثيرًا كبيرًا في خطاب الجماعات الجهادية وآلياتها، وكان له أثرًا كبيرًا في نموها وتحولها، مما دفع عديدٌ من الدول الاهتمام بإنتاج خطاب مضاد ومناهض لخطاب هذه الجماعات، خاصة عبر العالم الافتراضي، وتنطلق الدراسة من التساؤل الرئيس بشأن تحولات هذه المؤسسات عبر العالم الافتراضي، وآليات إنتاج خطابها ومدى اختلافها عن آلياتها السابقة.
وتأتي الدراسة في خمسة عناصر أساسية:
- أولا، العالم الافتراضي، وتحاول أن تقدم فيه تعريف العالم الافتراضي وما يعنيه لدى لإنسان اليوم، ووصول الإنسان إلى أنه أضحى بمكانة أحد أعضائه الجسدية، ودوره في تكوين العالم الواقعي.
- ثانيًا، العالم الافتراضي والمجتمعات العربية، وتقدم الدراسة في هذا العنصر دخول العالم الافتراضي في المجتمعات العربية، والدور الذي لعبه في الثورات العربية؛ فقد أصبح الإعلام البديل عن إعلام السلطة المنحاز. واستغلاله بعد ذلك في التوجه الأيديولوجي للمجتمعات، وفرض رؤى محددة على الجمهور، واتخاذه دور الإعلام السلطوي بعد ذلك.
- ويأتي العنصر الثالث تحت عنوان، الجهاد في العالم الافتراضي، وتوضح الدراسة من طريق هذا العنصر استغلال الجماعات الجهادية للعالم الافتراضي ودخول غماره بقوة كبيرة، وكيف أُنشئت وحدات خاصة له في البُنى التنظيمية لهذه الجماعات، وجاء اهتمام هذه الجماعات بالعالم الافتراضي، لنجاحه في أن أصبح جزءًا أساسيًا في حياة الإنسان، وأداة مهمة من الأدوات الخطابية، إن لم تكن الأهم في العصر الراهن.
- والعنصر الرابع يأتي بعنوان، الخطاب الدعوي بين البنائية والإنشائية، ويعمل في بدايته لتوضيح أبعاد الخطاب البنائي وانطلاقه من الواقع وعودته إليه، وينتقل إلى سمات الخطاب الإنشائي وانطلاقه من أسس بعيدة عن الواقع ولا يعود إلى الواقع، وينتهي بتوضيح إنشائية الخطاب الدعوي للمؤسسات الرسمية نموذج الدراسة.
- ويأتي العنصر الخامس تحت عنوان، الخطاب الدعوي في العالم الافتراضي، ويقدم تحليل للخطاب الدعوي للمؤسسات الرسمية عينة الدراسة (مركز الأزهر العالمي للفتوى ودار الإفتاء) عبر العالم الافتراضي، وتوضيح عدم انتقاله من الخطاب الإنشائي، وعدم قدرته على الاستغلال الأمثل للعالم الافتراضي كما فعلت الجماعات الجهادية، خاصة أن مركز سلام لدراسات التطرف لم يقدم بالفعل أي دراسة أو نشاط واقعي غير مؤتمر الانطلاق. وفي النهاية تأتي الخاتمة حاملة نتائج الدراسة وأهم ما جاء فيها، وغياب الأفق البنائي عن الخطاب الدعوي المعاصر.
أولًا، العالم الافتراضي
غالبًا ما تستخدم كلمة الافتراضي بمعنى (غير التام) مثل: افتراض أنني أمسك بصقر، وتفترض كلمة واقع تحقق الإنجاز المادي بطريقة ملموسة([1])، وتعني تبعًا للمثال السابق أنني أمسك بالصقر فعليًا (ماديًا) وليس افتراضيًا، أو بلغة الفلسفة الأرسطية إن صح القول الوجود بالقوة والوجود بالفعل. وتوحي عبارة العالم الافتراضي بوجود عالم مختلف يقوم على الافتراض، وهو نتاج الانفجار التواصلي الذي وصلنا إليه في القرن الواحد والعشرين، فنشأ العالم الافتراضي ليكون مجتمعًا موازيًا للمجتمع الفيزيقي/المتجسد/الواقعي؛ له بيئاته والاجتماعية وتنظيماته التي تحدد شكلها وقيمها وطرق عملها من داخلها بديناميتها الاجتماعية مثل: العلاقات والوحدات الاجتماعية المتجسدة. ويرى بعضهم أن العالم الافتراضي هو العالم غير الموجود الذي يسعى الإنسان في اختراعه (غير الواقعي/الفعلي)، بيد أنني أرى أن العالم الافتراضي بمعناه اليوم (وسائل التواصل الاجتماعي- الانترنت– الألعاب الافتراضية…) أضحى فعالًا بطريقة غير قليلة في الواقع المتجسد، بل إنه أضحى يُهدده ويحاول أن يحل محله، ولكن أقصى ما يمكنه فعله تغيير الواقع المتجسد وليس استبداله.
فأضحى العالم الافتراضي يُمثل عملية ضمنية في تكوين شخصية الأفراد وتوحيد استعداداتهم الذهنية، فلا يسعنا إنكار إسهامه في التربية والتنشئة وتكوين وعي الفرد اليوم، إلى ذلك الحد الذي يمكن أن اتفق مع إلزا جودار (Elsa Godart)* في نظريتها بأن
“لا وجود فواصل بين الافتراضي والواقعي، لا لأن الافتراضي في طريقه إلى أن يحل محل الواقع فقط، وإنما لأنه يعمل لتوسيعه وإغنائه ليصل في النهاية إلى تغييره أيضًا”([2])
ففتح العالم الافتراضي إمكانًا للفرد بصياغة نفسه من جديد، ومكنه من التواصل عبر دول العالم بسهولة، مما أعطاه نمطًا آخرَ من الحياة ظهر فيه تأثير العالم الافتراضي في حياته، وأصبحت الإعلانات الدعائية والصحافة والاعلام شيئًا فشيئًا تتجه إلى الشكل الإلكتروني وربوع العالم الافتراضي.
فالافتراضية وفق قول الباحثة جنيفر جونزاليس ((Jennifer Gonzalez “ليست رفضًا للواقع، بل امتدادًا وإعادة بناءٍ له”([3]) فالعالم الافتراضي ما هو إلا قرية صغيرة تسعى في محاكاة الواقع المحسوس عن طريق ما هو رَقْمي، فهو يوفر ساحات للالتقاء وتبادل الأفكار والمعلومات وإقامة علاقات عاطفية([4]). بيد أن العالم الافتراضي أكثر سهولة وديناميكية وأقل تكلفة فيمكن أن نقول إنه يطوي الزمان والمكان، فوفق قول إلزا جودار “مع السمارت فون مثلًا، نحن… داخل تصور للوجود يمكن أن نطلق عليه ((الهنا والآن))”([5]) فبضغطة زر يمكن لكل شيء أن يكون هنا والآن، يُمكن أن ألقى صديقي وأنا بيني وبينه بحار وحدود كما يُمكن أن أنظم اجتماعًا موسعًا دون أن يكلفني أكثر من فاتورة الإنترنت، وكان لهذا الأمر نتائجَ باهرةً في فترة وباء كورونا.
إقرأ أيضًا: النقد الفلسفي للتكنولوجيا جاك إلول نموذجا: الجزء الأول
وسهولة العالم الافتراضي وقلة تكلفته جعلت له فاعلية كبيرة داخل الحياة الإنسانية فقد مكن الأفراد من التواصل وصناعة عالمهم بطريقة أكثر حرية وديناميكية. فوفق قول الباحثة جوليا زاجا (Julia Czaja) أضحت أجهزة التواصل “جزءًا لا يتجزأ من أجسادنا وكذلك عقولنا ولا يقف الأمر عند حدود الظاهرة الفردية القائمة على الدماغ، بل إنه يبدو حركةً ثقافية، تكونت من طريق ممارساتنا الاجتماعية وأيديولوجياتنا الإعلامية ورواياتنا الثقافية والسوقية التي تصور ما يجب أن يكون عليه العيش في هذا المجتمع اليوم. فتعد اتصالات الهاتف المحمول جزءًا من النظام المنتشر الذي ينتشر ويتطور بطريقة متزايدة في جميع أنحاء مدننا ومنازلنا ومناظرنا الطبيعية”([6]).
ثانيًا، العالم الافتراضي والمجتمعات العربية الإسلامية
يرى مكلوهان (Herbert Marshall McLuhan)* (1911 –1980) أن
“جميع وسائل الإعلام لها دور في توجهنا توجيهًا كبيرًا فهي منتشرة في عواقبها الشخصية والسياسية والاقتصادية والجمالية والنفسية والأخلاقية والاجتماعية، إلى درجة أنها لا تترك أي جزء منا دون أن يُمَسَّ أو يتأثر أو يتغير، فالوسيلة الإعلامية هي أحد أسباب التغيير الكبرى، وأي فهم للتغيير الاجتماعي والثقافي مستحيل دون معرفة الطريقة التي تعمل بها وسائل الإعلام بوصفها بيئات توجه الإنسان وينشأ من طريقها، فجميع الوسائط هي امتداد لبعض الأعضاء البشرية-نفسية أو فيزيائية، فالكاميرا امتداد للنظر، والراديو امتدادا للسمع...”([7])
والواقع يساند رؤية مكلوهان، فكل تغيير يطرأ على التكنولوجيًا يصاحبه إمكان جديد للإنسان تُمكنه من رفهِ العيش وحل أزماته، وطرح تغيرات حياتية جديدة لها أبعادها الاجتماعية والسيكولوجية ومردودها في الواقع المحسوس.
وتعني الدراسة بالواقع العربي/الشرقي الإسلامي وتغيراته خاصة المصاحبة لدخول العالم الافتراضي، فالثورات العربية يُمكن القول إنها جاءت برعاية وسائل التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي، لأن المجتمعات العربية كانت تحكمها نظم استبدادية تتحكم في وسائل الإعلام وتعمل لصياغة الوعي العام وفقًا لرؤيتها، وجاءت وسائل التواصل الاجتماعي تُبيح للفرد الإسهام في صياغة هذا الوعي، فوفق قول الباحث جوهر الجموسي (1963)*:
“هدمت الوسائط الجديدة أسطورة الاحتكار الإعلامي الرسمي، وكسرت قيد المنع والحظر والانتقاء والتلاعب بالأخبار من وكالات الأنباء الرسمية والخاصة التي تحكمها الرسمية أو ((اللوبيات)) (مجموعات الضغط) السياسية والمالية في العالم”([8])
فلولا الدور المهم الذي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي في التعريف بانتفاضة ((سيدي بو زيد)) ونشر صورة محمد البوعزيزي وهو يحترق حد الشواء، وما تلاها من تحركات احتجاجية سرعان ما عَمَّت في أغلب مناطق البلاد التونسية ما كان للثورة التونسية القيام في كافة ربوع الدولة التونسية. فمع وسائل التوصل الاجتماعي أضحى المصور والمدون هو المواطن مما أباح لهم نشر صور الاضطهاد والاستبداد وفضح النظم الاستبدادية، فثمة كثيرٌ من الفيديوهات والمشاهد الدموية والقمعية نُشرت بعيدًا عن الإعلام الرسمي عبر هذه الوسائل، فأوضحت الثورة التونسية (وفق قول جوهر الجموسي) تميز الشباب التونسي
“في استعمال تقنيات الهاتف المحمول وشبكات ((فيسبوك)) و((التويتر)) و((السكايب)) و((اليوتيوب))، وأبهر العالم بتوظيفه للافتراضي الرقمي في الفعل الثوري. ما أبهر حتى مؤسس فيسبوك نفسه مارك زوكربرغ (Mark Zuckerberg) (1984). ففي إجابته عن سؤال للصحافة الأمريكية عن رأيه في دور الفيسبوك في الربيع العربي، شدد زوكربرغ على شعوره بأنه أسهم بطريقة ما في الثورة التونسية، وأنه ما كان يتوقع هذه الوظيفة الثورية كلها للفيسبوك عالميًا، وأنه سعيد بأداء الشباب من تونس في الفيسبوك إبان الثورة”([9]).
ويضع فتوح أبو الدهب هيكل* ثورة الاتصالات وتراجع قدرة الدولة على توجيه الفضاء الإعلامي والاجتماعي ضمن عوامل قيام الثورات العربية فيقول: أدوت ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الحديثة، ولا سيما وسائل التوصل الاجتماعي: فيسبوك وتويتر ويوتيوب وغيرها، دورًا مهمًا في عمليات الحشد والتعبئة والتجييش للشعوب العربية للنزول للشوارع”([10]) فبدأت عمليات الاحتجاج على مواقع التواصل الاجتماعي مع إنشاء جروب 6 إبريل الذي أُنشئ في إضراب عمال غزل المحلة يوم (6إبريل 2008) وشارك فيه 71 ألف شخص، وسبب أزمة سياسية عامة ومع مؤسسة الجروب وفيسبوك([11])، وقد كان أحد المحفزات الأولى لثورة 25 يناير في مصر صفحة على فيسبوك أُنشئت تكريمًا لخالد سعيد؛ الشاب الذي تعرض للضرب المبرح والقتل على أيدي الشرطة، وأصبحت هذه الصفحة نقطة محورية نظم حولها 470.000 “معجب” معارضتهم بينما شاهد أكثر من 500.000 شخص مقطع فيديو على YouTube عن مقتله مما أدى إلى مزيدٍ من الغضب العام([12])، ولوحظ أن مصر كانت من الدول العربية التي شهدت أعلى زيادة في عدد مستخدمي فيسبوك في الربع الأول من عام 2011([13]). ويُبدي محمد الشماع* في كتابه أيام الحرية في ميدان التحرير خيبة أمله في القنوات الفضائية العربية والمصرية في متابعة ما يجري في ميدان التحرير، واستعاض عنها ببعض المشاهد التي وضعها النشطاء على الفيسبوك لتغطية ما يحدث في الميدان في أثناء الثورة المصرية عام ([14])2011، وليس أدل على أهمية دور وسائل التواصل الاجتماعي في تأجيج ثورة يناير أكثر من الفصل الكامل لخدمة الانترنت يوم الجمعة 28 يناير من السلطة السياسية.
إقرأ أيضًا: الإسلام السياسي القصة وما فيها: من الأفغانى إلى حسن البنا عبر قنطرة رشيد رضا
فقد كان لوسائل التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا في نشأة مجتمع مدني عربي، وتأثيرًا في بناء رؤية الشعوب العربية حيال أزماتهم، فقد سميت الانتفاضات العربية باسم ثورات الفيسبوك، وعبر منطق الوساطة والثقة الغالب على الكفاءة في الدول العربية نمت شعبية وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تنازلت عن النخبوية والوساطة وأصبحت متاحة للجميع، ولعل هذا ما دفع جوهر الجموسي إلى قوله: “بعض الجمعيات في عدة مواقع من العالم، بينها عالمنا العربي، هي في الحقيقة غير موجودة فعليًا إلا افتراضيًا”([15]) فالمساحة التي يوفرها العالم الافتراضي تبدو أكثر عدالة وإتاحة عن الواقعية الملموسة. ولا يُمكن إغفال الدور الرقابي الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي على الحكومات في جميع البلدان، فلم تعد قدرة الدولة على توجيه الإعلام كما في السابق، فأصبح كل فرد بإمكانه مشاركة الاخبار والوقائع مع الجميع، وهو ما يُنبئ عن واقع مختلف وسلطات غير محدودة خاصة في السياق العربي/الإسلامي.
ثالثا، الجهاد في العالم الافتراضي
ما أحدثته وسائل التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي من ثورات وتغيير، وطرحها إمكان الوصول إلى الجميع دون قيود كما المؤسسات الإعلامية التقليدية جعلها ثروة كبيرة في أيدي كل من يطرح فكر ما أو يتبنى قضية ما. وجاء إثر الانتفاضات العربية (كما هو معتاد في حال ضعف الدولة كما يقول الجابري) تفشي لظاهرة الإرهاب، وذلك لفتح الدائرة السياسية التي كانت مغلقة قبل ذلك، وهذا ما دفع هذه الجماعات لإعادة طرح الدولة الإسلامية من جديد هذا من جانب، ومن جانب آخر ضعف أجهزة الدولة في حال هذه الانتفاضات التي عادة ما تحدث هزات قوية في أجهزة الدولة، خاصة إذا كانت هذه الأجهزة ترى عملها خدمة شخص واحد بالدولة أو فئة محددة. وما كان من هذه الجماعات إلا أن تستخدم التكنولوجيا الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، لطرح خطابها وبناء قاعدة شعبية لها، وذلك لانتشار هذه الوسائل وإتاحتها، وعدم مشروعية خطابها من جهة الدولة، فوفق قول الباحث السعودي جبريل العريشي: “تحولت شبكة الانترنت إلى سلاح إعلامي يستخدمه الجهاديون لبث رسائلهم في الحرب التي أعلونها”([16])
فقد بدأت الجماعات الجهادية باستخدام الانترنت لنشر رسائلها الدعائية وبناء جمهور لها منذ عام 1999 بإنشاء شبكة مواقع تحت اسم ((عزف الرصاص))، وأُغلقت عام 2004، وراحت الجماعات تعمل لإنشاء المواقع، والدولة بما لها من سلطة تعمل لغلقها([17]) مما جعلها تلجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي فور توفرها، وتدرك الجماعات الجهادية الدور المحوري للإعلام في صناعة محتواها، وإنتاج شعبية عريضة لها، فمن الناحية التنظيمية “يلاحظ أن التنظيمات الإسلامية المتطرفة التي لجأت إلى العمل المسلح تعتمد أساسًا على ثلاثة هياكل رئيسة: هي الجناح العسكري وتتمثل مهامه في النشاطات القتالية، والجناح الشرعي ويتخصص في إصدار الفتاوى وتبرير العمليات الارهابية والانتحارية، وأخيرًا الجناح الإعلامي“([18])، ويظهر مدى إدراكها للبعد الإعلامي في جعله أحد أركانها التنظيمية الثلاثة (رفيق للتسلح وللدعوة الدينية)، لذا ما كان منها أن توفر جهدًا في استخدام تكنولوجيا العالم الافتراضي في ترويج خطابها وبناء شعبيتها.
وكما يقول محمد شهاب الإدريسي* “خصائص عمل المتطرفين على الانترنت تقنيًا متطورة ومواكبة للعصر، وتعتمد على الصورة وعلى الفيديو. فقد وَلَّى ذلك الزمن الذي كان فيه التكفيري يقرأ لأبي الأعلى المودودي ولشكري مصطفى ثم يصبح إرهابيًا“([19]) فالقيمة الكبرى للصورة والفيديو جعلاهما مقدمة للدعاية على كل الأصعدة والاتجاهات، لذا تنبني الإستراتيجية الدعائية للجماعات المتطرفة على الفيديو والصورة أولًا، مُطعمًا ببعض المقولات بطبيعة الحال([20])، ويعد هذا انتباهًا من الجماعات المتطرفة لآليات الاستجابة المعاصرة وأدوات الدعاية وهو ما يُنبئ عن اهتمامها وتفانيها في نشر أفكارها. لذا كان لها من النجاحات المعروفة على أرض الواقع، فقد نجحت في بناء شعبية لها وتجييش الجموع في العديد من الأحيان.
وبالنظر إلى تنظيم داعش نجد أنه يعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي، لتجنيد أعضاءه الجدد في الجماعات الإرهابية، فقد كان الظهور الأول للجهاز الإعلامي لتنظيم “داعش” بصورة واضحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي عام 2012، وكان أداة جيدة للتعبير عن قوته، فمكنته التكنولوجيًا من الوصول إلى قاعدة عريضة من الناس، وكذلك من إعادة صياغة نفسه وطرح نفسه كما يرغب بطريقة واضحة لفئات متعددة حول العالم، إذ قدم تنظيم “داعش” نفسه بوصفه قوةً قاهرةً من دون أي خوف من طريق مواقعه الإلكترونية وحساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، ويهتم ببناء هذه الصورة وذلك من طريق عرض عمليات قطع الرؤوس في أثناء حدوثها، كما يُقر التنظيم علنًا بمواقفه وأنشطته المختلفة، وذلك من طريق ما يشاركه وينشره في الإنترنت بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي، التي تسلط الضوء على نية التنظيم بترهيب جميع أعدائه وهي استراتيجية تهدف إلى هزيمة الخصوم من دون إطلاق رصاصة واحدة([21]). وطبقًا لدراسة منشورة بـ المركز الديمقراطي العربي ببرلين أعدتها الباحثة: نورا بنداري عبد الحميد فايد تُقر بـ “أن 80% من عمليات التجنيد الآن تتم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، في حين 20% فقط يتم داخل السجون أو المساجد”([22]) وهو ما يعكس إدراك جماعة داعش لأهمية الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي واستغلالها والاشتغال عليها.
فيمثل الإنترنت وتقنيات العالم الافتراضي وسيلة ذات أهمية حاسمة في العمليات اليومية للجماعات الجهادية خصوصا تلك المرتبطة بحركة الجهاد العالمي. فقد زود الإنترنت الحركات الإرهابية المتطرفة بمنصة تعطيها إمكان التجنيد والدعاية، وتمكنهم من التواصل عبر العالم بعدما كانوا مجموعات متفرقة يعز عليها التجمع والالتقاء، وهو ما عزز وسائل النمو الأيديولوجي وتبادل الأفكار، بافتراض أن الوجود الجهادي في الإنترنت يُمثل العقل المادي لحركة الجهاد العالمية..([23]) فبغير الإنترنت تعد الجماعات الجهادية/المتطرفة مجموعة من الخلايا المتفرقة والمعزولة على نطاق واسع من الحياة([24])، وذات محدودية كبيرة في تفاعلاتها داخل الأطر الاجتماعية لعدم مشروعيتها التي تقتضي غياب أي وسائل تعبيرية تُمكنها من عرض أفكارها، بيد أن الانترنت ولا سيما وسائل التواصل الاجتماعي وتقنيات العالم الافتراضي مكنت هذه الجماعات، من عرض أفكارها وخطابها الدعوي والسعي في تجنيد عديدٍ من الشباب في وقت قليل نسبيًا، وأعطتها شبكة تواصلية تعزز ترابطها وتنسيقها، إذ لم تعد تلك الجماعات المتفرقة المفتقدة لأدوات التواصل البسيطة والمرنة فيما بينها.
وأقنع نجاح التنظيمات الجهادية/الإرهابية في استخدام العالم الافتراضي ووسائل التواصل الاجتماعي، في صناعة قاعدة جماهيرية لها ونظام من الاتصال، الدول في تبني العالم الافتراضي والسعي نحو التكنولوجيًا في بناء خطاب مضاد لهم. ومن ثم حثت المؤسسات الدينية الرسمية على تدشين خطاب موازٍ لهذا الخطاب العنيف، يسعى في درء هذه الظاهرة وبناء مجتمع أكثر سلمية، خاصة مع رؤية الدول خطرَ هذه الجماعات على أرض الواقع، حين أعلنت الحرب وأنتجت تنظيم داعش (وهي عبارة اختصار للدولة الإسلامية بالعراق والشام) وتنامي العمليات الإرهابية. ويُعد نجاح هذه الخطابات مرهونًا بالمدى المعرفي لهذه المؤسسات، وقدرتها على التطور وتبني الأدوات التكنولوجية والبحثية المعاصرة كذلك. وهنا يطرح السؤال عن مدى جاهزية وصلاحية وإمكان هذه المؤسسات على صياغة خطاب جديد مختلف عن الخطاب العنيف يسعى في تقويضه؟ وعن المردود الواقعي لهذه الخطابات، وهل تنتج ما صيغت من أهله؟ وهذا ما ستعتني به الدراسة في النقاط القادمة.
رابعًا، الخطاب الدعوي بين البنائية والإنشائية
لم تنتبه المؤسسات الدعوية إلى عدم جدوى خطابها الدعوي للجهاديين وممارسي العنف لأنهم في الأخير يرون هذه المؤسسات منحرفة دينيًا، ويكفرونها في أغلب الأحيان، ولا تحاول تبني إستراتيجية جديدة تكون ملائمة لمستوى الحدث، وتخرج من دراسات منهجية وواقعية، تحمل ممكنات جديدة للمجتمع تسعى به إلى فتح أفق جديدة يقبل التنوع والاختلاف، ويعمل في فضاء قبول الآخر بوصفه أول خطوات نبذ العنف. بيد أنها تصر على تقديم خطاب إنشائي بعيد عن البناء يحمل مَيزة التقديس والطريق الوحيد القويم والصحيح، الذي لا حياد عنه، إذ يُمثل الحياد عنه حيادًا عن الدين. ومن بنية هذا الخطاب الإنشائي تخرج تسميتهم للجماعات الجهادية بالمتطرفين، وهو مسمى ذا طابع إثني مانوي يحمل في طياته ادعاء امتلاك التيار الحق، ويمثل هنا الطريق الوسطي القويم، وامتلاك الحقيقة الذي يُعد الانحراف عنها تطرفًا، دون الانتباه إلى أن الآخر أيضًا يرى أنه يملك الحقيقة والطريق القويم. وهي تسمية تسعى في النفور أكثر من التفهم والالتقاء، وتتنافى مع الدعوة السمحة الذي يُعلن التيار الرسمي الديني تبنيها.
- الخطاب البنائي؛ (انطلاق من الواقع وإلى الواقع)
يخرج مطلب التجديد من الحاضر الذي لم يُعد بإمكانه التعايش مع الخطاب الديني المعاصر، ولم يعد هذا الخطاب قادرًا على تقديم النمط المرضي للذات مع تقادم أدوات الحاضر وآلياته، خاصة أن الخطاب الديني يهتم بهيمنته من طريق إعطاء المشروعية لشيء جديد أو دخيل أو رفضها، ويعمل لقلب الأساس الديني ((أصل الأشياء الإباحة إلا ما حُرم)) لتصبح كل الأشياء محرمة منتظرة فتواه بأنها حلال، أي ((أصل الأشياء التحريم إلا ما أُبيح))، ومن طريق هذه الهيمنة يُصبح هو المسؤول عن الأطر الاجتماعية لدخوله في أدق تفاصيل حياتهم اليومية. ومن ثم فإن تراجع المجتمعات الإسلامية تجاه الحضارة المهيمنة، ينتج في جزء كبير منه عن عدم استجابة الخطاب الديني والمؤسسات الدينية الرسمية لمتطلبات الحاضر، وإدراك أبعادها وأبعاد الإنسان المعاصر، وعليه يخرج مطلب التجديد من حاجة الحاضر لتلبية رغباته وإنتاج خطاب يضعه في الحسبان.ويخرج الخطاب البنائي من مطلب التجديد، إذ يعمل لإعادة بناء خطابه وترتيب أدواته بطريقة تضمن تلبية احتياجات المجتمع، وإعادة بنائه بصورة تتفادى الأخطار والمشكلات المتعلقة به، وأول مقومات هذا الخطاب الانتباه إلى طبيعة المجتمع وحاجة، والاعتراف بالدور التكاملي للمعرفة، ليهتم العاملين بالمناهج بإنتاج المناهج التي تحتاجها المؤسسة الدينية والالتزام بإطارها المنهجي دون التدخل في وظيفة المؤسسة الدينية، في الحين نفسه تعمل المؤسسة الدينية من طريق هذه المناهج بطريقة أكثر تواضعًا، وتعترف بعدم قبضها على جميع القوانين التاريخية والأنماط المعرفية. فالمؤسسات الدينية تتمتع بامتياز كبير واحترام كبير يجعل لها سيطرة غير قليلة على المجتمع، وفي الوقت عينه يجعلها ترفض مشاركة أي خطابٍ آخرَ لها في تكوين الواقع الإسلامي المعاصر، وربما تكون محقة في مخاوفها، ولكنها أيضًا ترفض الاطلاع على المناهج المعاصرة، وتكتفي بذكر أنها مناهج ذات إنتاج غربي، دون العمل لتطبيقها وتطويرها بطريقة تُلائم طبيعة خطابها، خاصة أن هذه المناهج تفتح الباب الإضافة والتنقيح أمام الجميع.إقرأ أيضًا: الطرق الصوفية الحديثة دراسة سوسيو-أنثروبولوجية للطريقة الكركرية في تونسوالخطاب البنائي يُعد بمنزلة خطاب يعترف بالطبيعة التكاملية للكون والخروج من الرغبة في السيطرة، إذ يقوم كل عنصر بدوره في هذا الخطاب في جميع المناحي والزوايًا دون أن يسعى في السيادة والسيطرة؛ ومن ثم فإن غياب هذا الخطاب لا يقع على عاتق المؤسسات الدينية وحدها، بل يشترك فيه كل عناصر المجتمع والنخبوية منها بالأخص. وغياب الخطاب البنائي الذي يخرج منه المطالبة المستمرة بالتجديد في السياق العربي، والوقوف عند التجديد والمعاصرة منذ ما يقرب من قرنٍ من الزمن، لا يقع على العاملين بالشأن الديني والمؤسسة الدينية فحسب، وإنما يعنى تقصير معظم الجهات المعنية بصناعة الوعي: من المفكرين والأدباء والباحثين… واتخاذهم الدور النضالي الإرشادي الذي يفرض على المجتمعات نماذج غريبة قد لا تساعده في حل أزماته ومشكلاته، ولا تنتج خطابًا بنائيًا يخرج من بنية المجتمع ويعود إليها، ويعمل من طريقها.
- الخطاب الإنشائي والأسس الميتافيزيقية
وفق المعطيات التاريخية وما تقدمه لنا المعارف الإنسانية فلم يُكتب النجاح لخطاب دون أن يراعي حاجة المجتمع المعني بمخاطبته ولغته واستيعابه، ويتضح هذا في الخطاب القرآني الموجه من الله إلى الإنسان، إذ خاطب أهل شبه الجزيرة العربية بأعرافهم وتقاليديهم، بل أمر النبي محمد (ص) باتخاذ العرف قائلًا عز وجل: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (الأعراف 199)([25])، فالقرآن لم يأتِ يتحدث بلغة مفارقة ولا يراعي حاجة المجتمع في شبه الجزيرة العربية عام 610 م، وإلا أضحى خطابًا إنشائيًا غير ذي فاعلية في الواقع المعاش، فإنه جاء من الواقع ومخاطبًا لهذا الواقع. وإذا كان لخطابٍ ما يعمل لتغيير مقومات الواقع الإسلامي، فإن عليه أن ينطلق من هذا الواقع ولا غيره، وإلا فإن الخطاب يُعد محض إنشاءٍ يُكرر نفسه دون دراية، ويلوم المجتمع لعدم الامتثال إليه، غير مراعٍ أن المجتمع يمتثل عادة لما يُلبي احتياجاته ويراعيها، خاصة في ظل التردي الذي تعانيه المجتمعات الإسلامية.أ- حراسة العقيدة
ينطلق الخطاب الدعوي المعاصر من الزعم بحراسة العقيدة، ودعوة المجتمع بالعودة إلى العقيدة، ويرى أن العودة لعقيدة السلف حل لجميع الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي هذا الخصوص يتفق شقي الخطاب الدعوي (العنيف والوسطي) على مهمة حراسة الدين، فأصبحت كل جماعة تدعي أنها حاملة التفسير الصحيح للدين. ومن ثم تكون هي الحاملة للكاريزما النبوية، ولها وحدها السلطة على الآخرين، وما تراه هو الدين([26])، وما على الآخرين فإن يسمعوا ويطيعوا محصورين في دور التلقي السلبي عاجزين عن التفكير، مما يعكس شكلًا من اشكال الكهنوت في علم التدين المعاصر([27]). كما أنهما يتفقا أيضًا في أن العودة إلى الماضي وعقيدة السلف هي الحل لجميع الأزمات التي تعانيها المجتمعات المسلمة.في دراسة له عن السنة والجماعة يُصرح الإمام الأكبر شيخ الأزهر “أحمد الطيب” بأن بحثه في تعريف أهل السنة والجماعة يُمثل بحثًا عن شخصية الأمة وهويتها، وبحثًا في تشخيص المرض الذي أضعف الأمة وأنهكها.([28]) وإحياءً هذا المذهب يُمثل طوقَ النجاة للأمة([29]) ويشير الإمام إلى الصراع على الانتماء الى أهل السنة والجماعة والحديث باسمها([30]). ثم ينتقل الإمام إلى تعريف أهل السنة والجماعة من طريق منهج الأزهر منذ المرحلة الابتدائية حتى الماجستير والدكتوراة، ويصر على أنهم أتباع أبي الحسن الأشعري وأبي ناصر الماتريدي، ويسوق كثيرًا من الشواهد التاريخية وآراءَ الرموز التي يَعتد بها العقل الإسلامي،([31]) غافلًا عن أنه وفقًا لما يعلنه الأزهر من انتمائه إلى المذهب الأشعري فلا بُد أن يكون أهل الحق (أهل السنة والجماعة) هم الأشاعرة، والاعتصام بالأشاعرة، والاحتماء بالأزهر اعتصام بحبل الله تعالى.([32])ويعلن أبو قتادة الفلسطيني* أنهم أتباع أهل السنة والجماعة، والفرقة المنتصرة أيضًا! فلتعريفه للعقيدة يقول: “نعتقد ما كان عليه سلفنا الصالح من القرون الأولى جملةً وتفصيلا”.
فنحن على قول أهل السنة والجماعة في مسمىّ الإيمان، وسط بين المرجئة والخوارج.”([33]) ويرى شيخ الأزهر أن أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة –وهذا أمر طبيعي لانتمائه إلى المذهب الاشعري– ولكنه يُغفل أن كل فرقة تزعم أنها أهل السنة والجماعة، فحاكم المطيري* يرى أن من ينكر الجهاد المسلح هم خارج دائرة السنة والجماعة([34])، ويعتقد أبو قتادة أنهم أهل الوسطية وأهل السنة والجماعة، والقحطاني…([35]) كل فرقة تزعم أنها الفرقة الناجية، وتقدم خطابها بوصفه خطابًا إلهيًا، وتعتقد أنها وحدها مالكة الحقيقة. إلا أن الفارق يتمثل في لهجة الخطاب، فالخطاب الأزهري يتسم باللين واللطف، ولا يعرف لغة العنف أو لهجة الزجر، فهو خطاب دعوي يمكننا أن ننعته بالمشروع، ولكن خطاب الجماعات الجهادية رغم زعمه الوسطية، فإنه يرفض تمامًا أي مذهب آخر، ويخرج من الطور الدعوي إلى طور استباحة الدم والقتل.
والواقع أن الصراع على الوسطية وأهل السنة والجماعة ما هو غير صراع على امتلاك حق القيادة والتقويم، إذ يكون لممثل أهل السنة والجماعة حق قيادة المجتمع، بوصفه يملك الراية النبوية الإرشادية، وعلى معرفة بصحيح الدين وما يجب وما لا يجب. وتنطلق الجماعات الجهادية من أنها على معرفة بصحيح الدين، وما يجب وما لا يجب، وعليها أن تُلزم المجتمعات به ولو بالقوة. ومن المؤسف أن الحال لا يتغير كثيرًا حيال المؤسسات الدينية الرسمية غير أنها ترفض ممارسة العنف، ولكن بالنظر إلى أنها تعمل لتكوين المجتمع وأفراده، فإنها بهذا تعمل لتفريخ الإرهاب، وتجهيز الأفراد للانقياد للجماعات الإرهابية.
ب_ الطريق القويم
في الخطاب الديني عادة ما نكون إزاء خطاب القوامة والاستقامة مقابل خطاب الهَوَىَ والرأي، خطاب الفرقة الناجية والأخرى الهالكة، بيد أن الخطاب الديني الرسمي يعلن وسطيته وحلمه وعدم عنفه ولينه، وعدم التكفير واقتصار الهداية عليه. إلا أن تسمية الجماعات الجهادية بالمتطرفة تسمية تحمل مضمون امتلاكه حقيقة الدين، وهي السمة الرئيسة لجماعات التكفير التي لا تقبل الاختلاف، وترى في ذاتها الحقيقة الدينية الأكمل. فالتطرف يعني تطرفًا عن اعتدال ما، وهو ما يطرح التساؤل عن هذا الاعتدال ومالكه، وعن أي طريق أو نظامٍ يكون التطرف وبالنسبة لمن؟ وفي هذا الأمر كل فرقة تَدعي أنها المعتدلة ومالكة حقيقة الإسلام والفرق الأخرى هي المتطرفة، وهذا ما يقدمه الخطاب الديني الرسمي والخطاب العنيف، فتسمية التيارات الجهادية بالمتطرفة، يحمل مضامين النبذ والرفض والانخلاع وهي مولدات العنف عادة، أو باللغة الأرسطية هي العنف بالقوة.ويحمل وسم البعض بالتطرف في طياته التصفية الفكرية وهي مقدمة للتصفية الجسدية في صورتها المتطورة. ولعل هذه التسمية التي تقدمها المؤسسات الرسمية للجماعات الجهادية تأتي من خوف هذه التيارات على العقيدة، مع الضغط الواقعي المعاصر الذي يزعم اتسامه بالتسامح واللين، ويأخذ على الغير عدم اتسامه بالتسامح الذي يزعمه، خاصة المجتمعات الإسلامية والدول النامية، لتنفي هذه الأفعال عن طبيعة الدين الإسلامي، خاصة أن الصور الأوروبية تقدمه على أنه دين عنيف، وهذا ما يضعها في موقف دفاعي، يجعلها تنكر هذه الأفعال دينيًا. ولكن مثل هذا الانحصار في رد الفعل ذا الطابع الانشائي لا يعرف حلولًا في المستوى الواقعي، بل يعد هو المنبت لهذه التيارات، لأنه لا يزرع طبيعة الاختلاف والتنوع في طرق التربية بقدر ما يطالبهم بالامتثال لأوامر رجال الدين الرسمية والخطاب الديني الرسمي، ليُكَوِّن بذلك مجموعات خاضعة للانجراف والتشكل.
- الخطاب المعاصر وقدرته على التجديد
جاءت مطالبة الدولة المصرية بتجديد للخطاب الديني مما أفرزه الخطاب الديني من عنف وإرهاب عاشته الدولة وعانته، وانفقت من دمائها لردع عمليات العنف والإرهاب، فلم يخرج أفراد هذه الجماعات إلا من تحت هذا الخطاب، أو على الأقل هذا الخطاب مسؤول عن تقصيره في إدارة الشأن المعنوي والروحي في الدولة الذي يجعل الأفراد يلجؤون إلى تنظيمات دينية أخري ويتبنون رؤيتها ويسعون في تطبيقها. ومن المؤسف أن هذه المؤسسات لم تدرك حجم المهمة ودورها في المجتمع المصري والإسلامي، ووقفت عند التغير الشكلي فقط، فما يزال الخطاب يعمل بآليات المنبر والعمل الإرشادي، وقيادة الجموع بكاريزما يستمدها من حفظه للقرآن أو صعوده للمنبر، ولم يجتهد في تقديم ما يُمكن أن يعبر عن المجتمع وحاجته إلى التجديد. فالتجديد المشهود من المؤسسات الدينية الرسمية، وقف عند شيطنة خطاب الجماعات المتطرفة، ومُنظريها ومؤسسيها وخطاباتهم التأسيسية، دون الانتباه إلى أن وجودها بالأساس يعبر عن عدم إدراك هذه المؤسسات لدورها وحاجة المجتمع لنمطٍ آخرَ من الخطاب الديني، يبذل مجهودًا أكبرَ في فهم الواقع والمناهج الإنسانية المعاصرة وحاجة الإنسان المعاصر، وعدم الاستقالة الفكرية وتقديم حلول قديمة والوقوف عند الاختيار بينها.ووفق المعطيات وانطلاق الخطاب الدعوي من الأسس الميتافيزيقية المفارقة للواقع المُطالب بالتجديد، يُمكن القول إن الخطاب الدعوي الرسمي المعني بإنتاج خطاب مواجه للخطاب العنيف يقف عند الحدود الإنشائية، وإنكار انتماء مثل هذه الأفعال للإسلام، ويقف في موقف دفاعي عن الإسلام واتهام هذه الجماعات، دون الاهتمام الفعلي بدراسة فعلية لأليات المواجهة، وتجديد الخطاب الديني كما طالبت الدولة المصرية من هذه المؤسسات بوصفها المؤسسات المختصة والمعنية. وللأسف الشديد وقفت هذه المؤسسات في التجديد عند استخدام المصطلحات الجديدة دون دراسة أبعادها المفاهيمية وأدوارها، وإدراك أن الخطاب البنائي يخرج من بيئة المجتمع وحاجته وليس من المدونة الفقهية التي تمتعت بقدسية توازي وتساوي قدسية النص الإلهي. فظل خطابها يخرج من منطق حراسة الدين والاحتماء بالموروث القديم، والتمترس خلف التراث، دون الانتباه لطبيعته التي لا يُمكن أن تتغير، فالتراث لا يكون غير تراث وليس بإمكانه أن يكون غير ذلك، مما يجعل خطابها خطابًا استهلاكيًا لا يحمل أي ثمرات واقعية.
خامسًا، الخطاب الدعوي في العالم الافتراضي
يرى الأكاديمي والصحفي المصري محمد يونس* (1962) أن الخطاب الإسلامي عبر الإنترنت يُمثل: “عالمًا مشابهًا لما يحدث في الواقع المعيش، فهو صورة مكتوبة ومدونة ومصاغة لجملة التوجهات الإسلامية الموجودة في الواقع الفعلي العربي والإسلامي”([36]). وهي رؤية يوثقها الاستقراء الواقعي، فالمجتمعات العربية سارت بالنزوع الاستهلاكي إلى استخدام التواصل الاجتماعي ليكون وسيلةً لتنفيذ ما تعتاد عليه، خصوصًا الخطاب الديني، فأرغمه تفشي وسائل التواصل الاجتماعي على استخدامها وتبنيها، ولكنها لم تُمثل إليه غير منبرًا جديدًا أقل تكلفة وأسرع انتشارًا، فالتغيير في الخطاب الدعوي عبر العالم الافتراضي كان في وسائل انتشاره وتقديمه وليس في بنيته ومفرداته، وإن كان ثمة تغيرات طفيفة في طريقة التفكير والبناء، ولكنها نادرة إلى حد الاختفاء. فيمكن القول إن مُجمل التحولات التي طرأت على الخطاب الدعوي عبر العالم الافتراضي شكلانية أكثر منها جوهرية، فاتخذت المنصة الالكترونية مكانة المنبر وهو الحامل لصفتي الإرشاد والعصمة النبويتين، ويقتصر خطابه على مجموعة من الإرشادات من مرشد قابض على الخبرة الإنسانية والمعرفة الدينية والعلمية.
- مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية
يتسم خطاب مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بالتقليدية في أدواته ومناهجه، فاستخدامه للصورة والفيديو ليس بقدر الجماعات الجهادية/المتطرفة التي تتخذ الصورة لغةً لخطابها. وعن المواد التي يُقدمها عن الأسئلة الشائعة فلا يوجد ما يُمكن أن يوصف بالاحترافية والابداع، فمن الموضوعات التي تقدمها المنصة التابعة لهم في موقع يوتيوب: حكم اختلاء المسجون بزوجته والمسجونة بزوجها -غير القادر على الأضحية ماذا يفعل؟ هل يجوز شرعًا عدم زيارة الزوجة لأم الزوج؟ هل يجوز العمل بجمعيات خيرية بأوروبا؟ حكم سب غير المسلمين ماذا لو أصبحت طائر الترمجان؟([37])
ويأتي تحت عنوان قضايا معاصرة مجموعة أنشطة ولقاءات مثل (بث مباشر الملتقى الفقهي الثالث لـ مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بعنوان: “الفتوى ودورها في مواجهة الإلحاد” –اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة- الثقافة الأسرية وأثرها في الفرد والمجتمع… عنوان الصالون الثقافي والفكري الرابع لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية) وبعض أقوال من يرون فيهم الريادة مثل: (أ.د/ عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية وقوله في كلمته بالملتقى الفقهي الأول، لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية: التنمية المستدامة تُعد هدفًا من أهداف الشريعة الإسلامية ومقصدًا من مقاصدها، وإن من أهم غايات الدين تحقيق مصالح العباد وسعادة الناس ورفاهيتهم وحمايتهم وحماية ممتلكاتهم) ويقدم الدليل الشرعي للتعامل مع فيروس كورونا، وهو على الرغم من أنه معاصر إلى أنه لا يقع ضمن دائرة عمل المركز لأنه يقع في دائرة الدراسات والوصايا الطبية، وكذا أيضًا الإرشادات الإسلامية للتعامل مع متحور أوميكرون، حكم زراعة كُلية الخنزير في جسم الإنسان الذي أحلته عند الضرورة فقط، دون الانتباه إلى أن اللجوء إلى مثل هذه الجراحات هو فقط عند الضرورة، ولكن كان هذا من باب توضيح أنها في ذاتها محرمة ولكن إباحتها من باب الضرورة([38]).
إقرأ أيضًا: القراءة المعاصرة للنص الديني
وتحت عنوان الدعم النفسي تأتي عدة قضايا منها حل المشكلات الأسرية ويكتفي بعبارات قصيرة وفقيرة للغاية مثل: “حل المشكلات الأسرية يكون داخل الأسرة، من طريق التفاهم، واستيعاب كل طرف للآخر، والسعي الجاد نحو حل يُرضي الطرفين، ويدعم سعادة الأسرة واستقرارها”([39]) وكذا أيضًا الحديث عن بناء أسرة سعيدة يكتفي بعبارات بسيطة للغاية غير مؤهلة لمواجهة الأزمات الواقعية الفعلية فيقول: “بناء أسرة سعيدة يتطلب من الزَّوجين تفاهمًا، وحوارًا هادئًا، واحترامًا مُتبادلًا، وشُورى حين اتخاذ قرارات مُشتركة، قال سيدنا رسول الله ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ». [مُتفق عليه]”([40])
- دار الإفتاء المصرية
لا تخرج دار الإفتاء عن الخطاب الدعوي العام في تقليديته ولا تقدم ما يُمكن أن يجعل لها دورًا فاعلًا في المجتمع، أو تغييرًا فعليًا في بنية خطابها عبر العالم الافتراضي، ولكنها تهتم بالأمور الشكلانية فقط، دون مراعاة حاجات الواقع التي تُكون الأفراد ورغباتهم. ويظهر اهتمام دار الإفتاء بالشكلانية وتقليدية خطابها في رد مسجل فيديو للدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية في الموقع الرسمي لدرا الإفتاء، يرد فيه عن سؤال (أقترض من أختي مالًا لشراء سيارة وأرده بزيادة، وذلك بموجب اتفاق يرتضيه الطرفين)، وأجاب المفتي بأن هذا الأمر غير مباح، ولكنه طرح نمطًا للتحايل على الموقف، بأن تشتري أخته السيارة وتبيعه إياها بالتقسيط وتضع هذه الزيادة![41]. ولم يُقدم رد المفتي غير تغيير شكلاني لا يُغير من الأمر شيء، إذ تكون النتيجة أن هذا المال سوف يُرد بزيادة كذلك، وهو ما يُعبر عن الاهتمام الشكلي للأمور، وآليات التحايل التي لا تدرك الأبعاد الواقعية وتُنبئ عن الانعزال وعدم الجاهزية لبناء خطاب مسؤول قادر على احتواء أزمات الشارع العربي.
مركز سلام لدراسة التطرف
انطلق مركز سلام لدراسة التطرف التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، عبر مؤتمر أقامته دار الإفتاء المصرية بفندق الماسة في القاهرة عام 2022، وذلك بمشاركة كبار رجال الدولة وعدد من الوزراء والعلماء والمفتين، إضافةً إلى مشاركة وفود من أكثر من 42 دولة يمثِّلون كبار القيادات الدينية والوزراء والشخصيات العامة وممثِّلي دُور الإفتاء على مستوى العالم، وجاء المؤتمر تحت عنوان (التطرف الديني: المنطلقات الفكرية.. واستراتيجيات المواجهة)، ووفق ما قُدِّمَ في المؤتمر التدشيني فإن المركز معني بدراسة الخطاب المتطرف وطرح خطاب الوسطية والاعتدال، وبدى من طريق الاهتمام بالعروض والفيديوهات أن المركز في صميم عمله العالم الافتراضي، وقيل هذا بصراحة ووضوح في جِلسات المؤتمر.
وفي الكلمة التي ألقاها الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أشار إلى الأحداث المتلاحقة التي يمر بها العالم كله من ظروف ومتغيرات عصيبة، نتيجة التغيرات المتوالية التي لا تخفى على أحد، إذ لم تتوقف موجات التطرف ولا هجمات الإرهاب العاتية، لذلك كله كان واجبًا على أهل العلم والرأي والفكر، وأيضًا على مؤسسات صناعة الرأي وتكوين الوعي، وبخاصة المؤسسات الأممية والدينية ومراكز الأبحاث، أن يكونوا جميعًا في أعلى درجات اليقظة والحيطة والاستعداد لمواجهة تلك التيارات الفكرية الإرهابية بجميع الوسائل العلمية والفكرية. ومن هذا المنطلق كانت فكرة تأسيس مركز سلام لدراسات التطرُّف، وكانت فكرة هذا المؤتمر العالمي المهم.
وأضاف شوقي علام مفتي الجمهورية أن مركز سلام لدراسات التطرف والإرهاب، هو مركز عالمي علمي وطني متخصص في دراسات التطرف ومواجهة الإرهاب، وهو منبثق عن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وهي المظلة الوحيدة والجامعة لكل دُور وهيئات الفتوى في العالم، وقد جاء تأسيس مركز سلام لدراسات التطرف ليكون ثمرة لجهود متوالية وخبرات طويلة وعمل دؤوب لدار الإفتاء المصرية وللأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في مجال مكافحة التطرف والإرهاب في المستوى المحلي والعالمي، وذلك باستخدام كل الطرق العلمية الحديثة، والاستفادة من جميع وسائل التقنيات المعاصرة، وفي مقدمتها الشبكة العنكبوتية ووسائل السوشيال ميديًا المختلفة، بمشاركة مجموعة من أمهر المتخصصين في المجال الفكري والشرعي والتقني والإعلامي، وبخاصة المتعلق بمكافحة التطرف الإرهاب[42].
ومن طريق ما قاله الدكتور شوقي علام في مؤتمر تدشين المركز، فإن للمركز دورٌ كبيرٌ وربما يكون الرئيسُ في الشبكة العنكبوتية، وهذا ما أُعلن، بيد أنه من خلال تصفح موقع المركز لا يوجد غير أربع خانات: من نحن والرؤية وأهداف المركز ورسالة المركز، لا شيء غير ذلك. وحملت الأربعة عناصر أشياءً متداخلة فيما بينها، ليأتي العنصر الأول، يُعرف المركز بأنه تابع لدار الإفتاء المصرية، ومعني بدراسة التطرف ومناهج مكافحته، وأنه ينطلق من فلسفة الدولة المصرية، ودار الإفتاء للمواجهة الشاملة لخطاب التطرف والإرهاب. وطبقًا لما يقدم موقع المركز فإن الرؤية، تنطلق من فلسفة الدولة المصرية لمواجهة التطرف، ويحمل المركز رسالة “إنتاج خطاب بديل نابع من وسيطة الدين الإسلامي واعتدال شريعته في مواجهة الفكر التكفيري وانحرافاته المختلفة”([43]). وأهداف المركز فإن الموقع يُعلن أن المركز يهدف “إلى أن يكون منصة أكاديمية وبحثية رائدة إسلاميًا وعربيًا في مجال مكافحة التطرف، وأن يصبح مرجعًا أكاديميًا واستشاريًا لدى عديدٍ من المؤسسات الفاعلة في مجال مكافحة التطرف في العالم الإسلامي وخارجه، وأن يكون مرجعية فكرية ودينية لعديدٍ من الباحثين والخبراء المختصين بدراسة التطرف”([44]). ويُعلن الموقع أن رسالة المركز تنطلق من فلسفة الدولة المصرية، ويُعيد ذكر ما ذكره في التعريف.
ومن طريق موقع المركز وما يُعلنه تبدو أهدافه نبيلة وربما حالمة، ولا يقدم موقع المركز شيء يوحي بأن لديه أي شيء من هذه الدراسات، أو حتى احتمالية لترجمة هذه الأهداف إلى الترجمة الواقعية، فلم توجد دراسة واحدة على موقع المركز، أو مقال يُقدم فكرة أو أي شيء غير التعريف بالمركز. ويُوحي اسم المركز بسياسات النبذ وتبرئة الذات والإسلام، لأنه يصف الخطاب المواجه له بالمتطرف ويصف نفسه بالاعتدال، وهي ثنائية موجودة طوال التاريخ الإسلامي، ويعجز العقل الدعوي المعاصر عن تجاوزها على الرغم من إثبات فشل هذه السياسيات لعقودٍ عدة، مما يجعل الإصرار عليها غير مفهوم، ولا يوجد ما يبرره غير التكاسل وعدم الاطلاع والأهلية للتطور. يتحدث العقل المعاصر عن الإصلاح والاحتواء أكثر مما يتحدث عن العقاب والنبذ، ومن ثم فإن هذه السياسات غير مؤهلة لاقتلاع خطاب التطرف من المجتمعات الإسلامية، ولا تسعى في ذلك، فهي تكتفي بإنكار الإسلام لهذه الأفعال، غير منتبه أن الجماعات الجهادية والمسلحة تُعلن نفسها أنها ممثلة للوسطية والإسلام، وأن المؤسسات الدينية الرسمية مُمثلة للعلمانية الكافرة وفق ما يصفونها. ولا تنتج سياسات الرفض والنبذ المتبادلين غير مزيدٍ من العنف والإرهاب.
الخاتمة
ما تُفضي إليه الدراسة وتؤكده أن الجماعات الجهادية أكثر جدية في أدوات عملها وألياتها، وبناء خطابها، وتهتم بتجديد أدواتها على الدوام وتطلع على أحدث الوسائل التكنولوجية، وكذا أيضًا الدراسات ويتضح هذا في الترجمة الواقعية التي أحدثها خطابها؛ ففي فترة من الفترات اقنعت داعش عديدًا من الدول بقوتها المفرطة التي تجتاح العالم، وكان لها وجودًا فعليًا داخل أذهان الكثيرين. في حين يأتي الخطاب الدعوي التابع للمؤسسات الرسمية نموذجَ الدراسة (مركز الأزهر العالمي للفتوى، ودار الإفتاء) بطريقة إنشائية إعلامية، لا يهدف إلى تغيير فعلى أو وجود فعلي، بقدر ما يهدف إلى تنفيذ ما يُطلب منه، ويبدوا أنه فعل ذلك لا أكثر. لهذا لا يتسم خطابه بالجدية، ولا نجد له أي ترجمة واقعة، ولا يعمل لتطوير أدواته، ربما لعد إيمانه بالمسألة، كما هو عند الجهاديين، أو عدم اهتمامه وتقديره للأمر، أو لعجزه عن فعل هذا. ولكن المُحصلة أن هذا الخطاب عاجز عن أن يكون ذا صدىً دعويٍ فعليٍ في أرض الواقع، وذلك لعدم تداركه للواقع وتحركاته، وفي عديدٍ من الأحيان تعاليه على فئات المجتمع التي ترفضه رفضًا مستترًا.
وعن التحولات التي فرضها العالم الافتراضي، فإن الجماعات الجهادية كان لها السبق في استخدام تكنولوجيا العالم الافتراضي، والعالم اليوم مترقب لخطر استخدام داعش لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وكان لها التفوق في استخدامها كذلك، ونجحت في نيل أهدافها من وراء استخدامها لتكنولوجيا العالم الافتراضي. ونجاح الجماعات الجهادية في تكنولوجيا العالم الافتراضي وهزيمتها العسكرية في الواقع دفعتها لمحاولة إقامة الخلافة الإليكترونية بدلًا من الخلافة المكانية. وجاء الخطاب الدعوي لمركز الأزهر العالمي للفتوى ودار الإفتاء، بوصفهما نموذج الدراسة، تقليدي لا يعمل لتطوير آلياته وأدواته، بل سعى في استهلاك هذه التكنولوجيا بطريقة تخدم أيديولوجياته السابقة، ويقدم من طريقها خطابًا إنشائيًا واعظًا غير ذي فائدة واقعية أو طرحٍ واقعي. والواقع أننا يمكن أن نقول إن هذه المؤسسات فشلت بالفعل في خوض مجال التكنولوجيا والعالم الافتراضي، والأسباب ترجع لهياكل داخلية لهذه المؤسسات، عليها ان تراجعها هي، ولكن هذا ما ظهر من طريق المواقع الإلكترونية التابعة لهذه المؤسسات.
قائمة المراجع والهوامش:
أولا: المراجع العربية
- الإدريسي، محمد شهاب، خطاب التطرف والإرهاب في الفضاء الرقمي، مجلة الدراسات الفلسفية العدد 4 إبريل 2018.
- هيكل، توح أبو دهب، تأثير الثورات العربية في النظام الإقليمي العربي 2011-2019، ط 1، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2021.
- جوهر الجموسي، الافتراضي والثورة (مكانة الإنترنت في نشأة مجتمع مدني عربي)، ط 1، المركز الثقافي العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2016.
- حسن السوداني، محمد المنصور، شبكات التواصل الاجتماعي وتأثيرها على جمهور المتلقين، ط 1، مركز الكتاب الأكاديمي، عمان، 2016.
- حسين، قوادرة، دور الاستخبارات الإلكترونية في مكافحة الإرهاب السيبراني، مجلة الأبحاث القانونية والسياسية، ع 1، مجلد 3، 2021، الجزائر.
- شحادة، مروان أحمد، وأبو جامع، منى عيد. (2022 .(توظيف الإعلام الرقمي في دعاية تنظيم “الدولة الإسلامية”. المجلة العربية للآداب والدراسات الانسانية، ع21، 191 – 230.
- فرح، عبد الإله، العالم الافتراضي ونظرية الممارسة، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، الرباط، 28 أكتوبر 2019.
- العريشي، جبريل حسن. (2008 .(الإرهاب الرقمي. مجلة الدبلوماسي، ع 39 ،52 – 53.
- عظيمي، أحمد. “استعمال شبكة الإنترنت من طرف المجموعات الإرهابية: تنظيم القاعدة نموذجا”، محاضرة، غير منشورة، د.ت، ص 3. نقلا عن شحادة، مروان أحمد، وأبو جامع، منى عيد. (2022 .(توظيف الإعلام الرقمي في دعاية تنظيم “الدولة الإسلامية”. المجلة العربية للآداب والدراسات الانسانية، ع21 .
- عمرو بن محمود أبو عمر (أبي قتادة الفلسطيني)، معالم الطائفة المنصورة، منبر التوحيد والجهاد.. http://www.ilmway.com/site/maqdis/index.html
- غولدر (إلزا)، أنا أوسيلفي إذن أنا موجود (تحولات الأنا في العصر الافتراضي)، ترجمة سعيد بنكراد، ط 1، المركز الثقافي للكتاب، الدار البيضاء، 2019.
- فايد، نورا بنداري عبد الحميد، دور وسائل التواصل الاجتماعي في تجنيد أعضاء التنظيمات الإرهابية دراسة حالة “داعش”، المركز الديمقراطي العربي ببرلين، 19 يوليو 2016.
- الفكر الإسلامي الجهادي المعاصر، إعداد محمد مختار/ مراجعة أحمد عبد ربه، دار المرايًا للإنتاج الثقافي، القاهرة، 2016.
- كلاع (شريفة)، ظاهرة تجنید الشباب في الجماعات الإرهابیة من خلال استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، مجلة مدارات السياسية، ع 6 سبتمبر 2018.
- ليفي (بيير)، عالمنا الافتراضي ما هو وما علاقته بالواقع، ترجمة رياض الكحال، ط 1، هيئة البحرين للثقافة والأثار، المنامة، 2018.
- محمد الشماع، أيام الحرية في ميدان التحرير ثمانية عشر يوما غيرت وجه مصر، ط 2، شمس للنشر والتوزيع، القاهرة، 2011.
- المطيري، حاكم، أهل السنة والجماعة.. إشكالية الشعار وجدلية المضمون – 1، تاريخ الإضافة 4-10-2010. http://www.ilmway.com/site/maqdis/MS_5335.html
- يونس، محمد، تجديد الخطاب الإسلامي من المنبر إلى شبكة الإنترنت، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2017.
ثانيًا: المراجع الأجنبية
- Chebib (Nadine Kassem) & Sohail (Rabia Minatullah), The Reasons Social Media Contributed to the 2011 Egyptian Revolution, International Journal of Business Research and Management, vol.2, Issue 3 (2011).
- John R. Hall, Lisa Tamiris Becker, Blake Stimson (2006): Visual Worlds. (International Library of Sociology).
- Julia Czaja; «The Cyborg Habitus: Presence, Posthumanism and Mobile Technology»; THE IìTERìATIOìAL SOCIETY FOR PRESEìCERESEARCH AììUAL COìFEREìCE. EDIìBURGH, 26å28 OCTOBER 2011.
- McLuhan (Marshall), the medium is the massage an inventory of effects, 1967, N.Y.: Bantam Book.
ثالثا: الروابط
- http://taiar.freeservers.com/Dtaefamontasera.htm
- https://democraticac.de/?p=34268#_ftn2
- https://www.fastcompany.com/1727466/exactly-what-role-did-social-media-play-egyptian-revolution
- https://www.youtube.com/c/fatwacenter/playlists
- انقر هنا للمزيد
- أنقر هنا للمزيد
- أنقر هنا للمزيد
- أنقر هنا للمزيد
- http://www.salamcenteronline.org/#3rdPage، تاريخ الدخول 2 يوليو عام 2024.
- http://www.salamcenteronline.org/#3rdPage، تاريخ الدخول 2 يوليو عام 2024.
[1] – ليفي (بيير)، عالمنا الافتراضي ما هو وما علاقته بالواقع، ترجمة رياض الكحال، ط 1، هيئة البحرين للثقافة والأثار، المنامة، 2018، صـ15.
* – فيلسوفة فرنسية ومحللة نفسية، ولدت 24 أغسطس 1978في تولون، هي باحثة دائمة في المختبر متعدد التخصصات لدراسة السياسة حنا أرندت باريس-إيست (LIPHA-PE) ومديرة، ومنذ عام 2016 كانت خبيرة فيه. ولها كتاب عن التحليل النفسي من طريق العالم الافتراضي كان له أثرًا كبيرًا في الأوساط العلمية.
[2] – غولدر (إلزا)، أنا أوسيلفي إذن أنا موجود (تحولات الأنا في العصر الافتراضي)، ترجمة سعيد بنكراد، ط 1، المركز الثقافي للكتاب، الدار البيضاء، 2019، صـ 32.
[3] – John R. Hall, Lisa Tamiris Becker, Blake Stimson (2006): Visual Worlds. (International Library of Sociology), P. 126.
[4] – راجع، عبد الإله فرح، العالم الافتراضي ونظرية الممارسة، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، الرباط، 28 أكتوبر 2019، صـ 7.
[5] – غولدر (إلزا)، أنا أوسيلفي إذن أنا موجود (تحولات الأنا في العصر الافتراضي)، صـ 47.
[6]– Julia Czaja; «The Cyborg Habitus: Presence, Posthumanism and Mobile Technology»; THE IìTERìATIOìAL SOCIETY FOR PRESEìCERESEARCH AììUAL COìFEREìCE. EDIìBURGH, 26å28 OCTOBER 2011.P.6
* – مارشال ماكلوهان: أستاذ وفيلسوف وكاتب كندي أحدثت نظرياته في وسائل الاتصال الجماهيري جدلاً كبيرًا، فهو يرى أن أجهزة الاتصال الإلكترونية ـ خاصة التلفاز ـ تُسيطر على حياة الشعوب وتؤثر في أفكارها ومؤسساتها.
[7] – McLuhan (Marshall), the medium is the massage an inventory of effects, 1967, N.Y.: Bantam Book, p26.
* – ولد في تونس عام 1963، ونال الدكتوراه في علم الاجتماع. عمل أستاذًا محاضرًا في المعهد العالي لفنون الملتيميديا في جامعة منوبة التونسية. وهو رئيس الجمعية التونسية لقانون الإنترنت، وعضو في المجلس العلمي لمخبر البحث في “الثقافات والتكنولوجيًا والمقاربات الفلسفية” في جامعة تونس، أصدر عدة كتب منها: الثقافة الافتراضية (2006)، المجتمع الافتراضي (2007)، مدخل إلى قانون الإنترنت والملتيميديا (2010)
[8] – جوهر الجموسي، الافتراضي والثورة (مكانة الإنترنت في نشأة مجتمع مدني عربي)، ط 1، المركز الثقافي العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2016، صـ39.
[9] – جوهر الجموسي، الافتراضي والثورة، صـ 41-42.
* – باحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية حائز درجة الدكتوراة في العلوم السياسية. مهتم بقضايا أمن الخليج، والتطرف والإرهاب، والشؤون العربية والإقليمية. صدر له عدة كتب، منها: التدخل الدولي لمكافحة الإرهاب وانعكاساته على السيادة الوطنية (2014)؛ المجتمع المدني في دول مجلس التعاون الخليجي (مع مجموعة مؤلفين) (2005)؛ إضافة إلى دراسات ومقالات نُشرت في عدد من الدوريات والمواقع الإلكترونية المتخصصة.
[10]– فتوح أبو دهب هيكل، تأثير الثورات العربية في النظام الإقليمي العربي 2011-2019، ط 1، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2021، صـ 60.
[11] – راجع، حسن السوداني، محمد المنصور، شبكات التواصل الاجتماعي وتأثيرها في جمهور المتلقين، ط 1، مركز الكتاب الأكاديمي، عمان، 2016، صـ 130.
[12] – https://www.fastcompany.com/1727466/exactly-what-role-did-social-media-play-egyptian-revolution
[13] – Chebib (Nadine Kassem) & Sohail (Rabia Minatullah), The Reasons Social Media Contributed to the 2011 Egyptian Revolution, International Journal of Business Research and Management, vol.2, Issue 3 (2011), p.140.
* – كاتب وصحفي وكاتب سيناريو مصري عمل في بداية حياته المهنية صحفيًا بجريدة القاهرة، ثم كتب لعديدٍ من الصحف والمجلات المصرية، ويعمل حاليًا بجريدة أخبار اليوم، كما يكتب بموقع مبتدأ الإخباري.
[14] – محمد الشماع، أيام الحرية في ميدان التحرير ثمانية عشر يوما غيرت وجه مصر، ط 2، شمس للنشر والتوزيع، القاهرة، 2011، صـ 13.
[15] – جوهر الجموسي، الافتراضي والثورة، صـ 104.
[16] – العريشي، جبريل حسن. (2008 .(الإرهاب الرقمي. مجلة الدبلوماسي، ع 39 ،52 – 53 .مسترجع من
386193/Record/com.mandumah.search://http
[17] – راجع، شحادة، مروان أحمد، وأبو جامع، منى عيد. (2022 .(توظيف الإعلام الرقمي في دعاية تنظيم “الدولة الإسلامية”. المجلة العربية للآداب والدراسات الانسانية، ع21 ، 191 – 230 . صـ 203.
مسترجع من http//:search.mandumah.com/Record/120
[18] عظيمي، أحمد. “استعمال شبكة الإنترنت من طرف المجموعات الإرهابية: تنظيم القاعدة نموذجا”، محاضرة، غير منشورة، د.ت، ص 3. نقلا عن شحادة، مروان أحمد، وأبو جامع، منى عيد. (2022 .(توظيف الإعلام الرقمي في دعاية تنظيم “الدولة الإسلامية”. المجلة العربية للآداب والدراسات الانسانية، ع21 ، 191 – 230 . صـ 203.
مسترجع من http//:search.mandumah.com/Record/120
* – المدير التنفيذي لمعهد الدراسات المستقبلية محمد شهاب الإدريسي.
[19] – محمد شهاب الإدريسي، خطاب التطرف والإرهاب في الفضاء الرقمي، مجلة الدراسات الفلسفية العدد 4 إبريل 2018، صـ 218.
[20] – راجع، المرجع السابق، صـ 219.
[21] – شريفة كلاع، ظاهرة تجنید الشباب في الجماعات الإرهابية من خلال استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، مجلة مدارات السياسية، ع 6 سبتمبر 2018، صـ 90-91.
[22] – نورا بنداري عبد الحميد فايد، دور وسائل التواصل الاجتماعي في تجنيد أعضاء التنظيمات الإرهابية دراسة حالة “داعش”، المركز الديمقراطي العربي ببرلين، 19 يوليو 2016. https://democraticac.de/?p=34268#_ftn2
[23] – قوادرة حسين، دور الاستخبارات الإلكترونية في مكافحة الإرهاب السيبراني، مجلة الأبحاث القانونية والسياسية، ع 1، مجلد 3، 2021، الجزائر، صـ 109.
[24] – قوادرة حسين، دور الاستخبارات الإلكترونية في مكافحة الإرهاب السيبراني، مجلة الأبحاث القانونية والسياسية، ع 1، مجلد 3، 2021، الجزائر، صـ 110.
[25] – راجع في هذا أيضا، ما كتبه سامي الرياحي تحت عنوان “العرف والشريعة، مؤمنون للنشر والتوزيع، بيروت،
[26] – راجع، أحمد زايد ، صوت الإمام، صـ 99. وراجع، أيضا، محمد عمارة، العلمانية بين الغرب والإسلام، ط1، دار الدعوة للنشر والتوزيع، الكويت 1996، صـ 26.
[27] – راجع، المرجع السابق، صـ 171. وراجع أيضا، علي مبروك، أفكار مؤثمة، مصر العربية للنشر والتوزيع، القاهرة، 2015، صـ 131.
[28] – راجع أحمد الطيب، أهل السنة والجماعة، الحكماء للنشر، أبو ظبي 2019، صـ 10.
[29] – راجع، المرجع السابق، صـ 15.
[30] – راجع ، المرجع السابق، صـ 12.
[31] – راجع، المرجع السابق، صـ 16- 59.
[32] – راجع، المرجع السابق، صـ 57.
* – عمر محمود عثمان أو كما يكني نفسه: أبو عمر، أو: أبو قتادة الفلسطيني. هو إسلامي أردني من أصل فلسطيني، متهم بالإرهاب من بلدان عدة حول العالم، كما ضم اسمه ضمن القرار الدولي رقم الصادر من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة الذي صدر في عام 1999م، والذي يختص بالأفراد والمؤسسات التي ترتبط بحركة القاعدة أو حركة طالبان.
[33] – عمرو بن محمود أبو عمر ( أبي قتادة الفلسطيني) ، معالم الطائفة المنصورة، منبر التوحيد والجهاد، صـ 3- 4. http://www.ilmway.com/site/maqdis/index.html
http://taiar.freeservers.com/Dtaefamontasera.htm
* – حاكم عبيسان الحميدي المطيري ولد في الكويت بتاريخ 7 نوفمبر 1964، أستاذ التفسير والحديث في كلية الشريعة بجامعة الكويت فقيه محدث وكاتب ومفكر إسلامي وناشط سياسي له عديدٌ من الكتب والبحوث والمقالات الشرعية التي تهتم بالشأن السياسي، وسبق له أن شغل منصب أمين عام الحركة السلفية في الكويت وحزب الأمة الذي شارك في تأسيسه.
[34] – راجع، حاكم المطيري، أهل السنة والجماعة .. إشكالية الشعار وجدلية المضمون – 1، تاريخ الإضافة 4-10-2010. http://www.ilmway.com/site/maqdis/MS_5335.html
[35] – راجع، الفكر الإسلامي الجهادي المعاصر، إعداد محمد مختار/ مراجعة أحمد عبد ربه، دار المرايا للإنتاج الثقافي، القاهرة، 2016، صـ 55.
* – أكاديمي وصحفي مصري، عضو الديسك المركزي في صحيفة الأهرام (أغسطس 2019) حاصل على بكالوريوس الإعلام جامعة القاهرة عام 1984، وماجستير من الجامعة نفسها عام 1994، والدكتوراه عام 2000 من جامعة القاهرة أيضا.
[36] – محمد يونس، تجديد الخطاب الإسلامي من المنبر إلى شبكة الإنترنت، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2017، صـ 172.
[37] https://www.youtube.com/c/fatwacenter/playlists
[38] azhar.eg/fatwacenter/خدمات-و-انشطة/أنشطة-المركز/قضايًا-معاصرة/PgrID/12903/PageID/2
[43] – http://www.salamcenteronline.org/#3rdPage ، تاريخ الدخول 2 يونيو عام 2025.
[44] – http://www.salamcenteronline.org/#3rdPage ، تاريخ الدخول 2 يونيو عام 2025.