تكوين

رسمت جماعات الإسلام السياسي “صورةً جديدةً لإسلامٍ يُملك نظامًا كاملًا للحياة: الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والمسلمون جميعًا مكلَفون بتطبيقه، وبالطبع فإن «تطبيق الشريعة» هذا بشموليته لا يُمكن لأحدٍ إنجاز تطبيقه إلا بالوصول إلى السلطة، والإقدام على إحقاقه بقوة الدولة، هذا هو المفهوم الذي سَوَّدتْه جماعات الهُوية وأحزابها في العقود الأربعة بين الثلاثينيات والسبعينيات من القرن الماضي، الذي حوَلته إلى شرطٍ لا يُمكن تجاوُزُهُ لاستعادة الشرعية في المجتمع والدولة”[1]

بدأت هذه الصورة يوم أن قَرَنَ هذا التيار بداية من رشيد رضا، وحتى عبد القادر عودة، ومحمد سليم العوا، بين الشريعة والنظام القانوني[2]؛ فغابت السِعة والمعنى الحقيقي للشريعة نتيجة هذا الاقتران.

الفرق بين الشريعة الإسلامية والتشريع الإسلامي (النظام القانوني)

وهنا يجب علينا التفرقة بين الشريعة والنظام القانوني، حتى نتخيل حجم الإشكال الذي صنعه هذا الاقتران بينهما من هذا التيار.

فالشريعة اصطلاحًا هي [3]): الأحكام التي شرعها الله لعبادِه على لسان أي رسول منَ الرُسل، فهي تشمل جميع الشَرائع السماويَة التي نزلت إلى الناس على أيدي أنبيائهم، ومع ذلك فإنْ أُطلقت لفظة الشريعة كان المقصود بها شريعة الإسلام، وسُمِيت هذه الأحكام شريعةً لاستقامتها وعدم انحرافها عنِ الطريق المستقيم، كما أنها شبيهة بمورد الماء في أن كلًا منها سبيل للحياة، فهي تُحيي النُفوس والعقول، كما يُحيي الماءُ الأبدان.

وتشمل الشريعة في أحكامها ثلاثة أشياء:

  • العقائد
  • الأخلاق والعبادات
  • المعاملات

والفرق بين الشريعة والدِّين([4])، أن الشريعة هي الطريقة المأخوذة إلى الشَيء، ومن ثَمَ سُمِي الطريق إلى الماء شريعة ومشرعة، وقيل الشَارع لكثرة الأخذ فيه، والدِين ما يُطاع به المعبود، ولكلِ واحد منا دين، وليس لكلِ واحد منا شريعة، والشريعة في هذا المعنى نظير المِلَّة إلا أنها تُفيد ما يفيده الطريق المأخوذ، وهذا ما لا تفيده المِلَّة، ويُقال: شرع في الدِين شريعةً، كما يُقال: طرق فيه طريقًا، والمِلَّة تُفيد استمرار أهلها عليها.

 التشريع الإسلامي([5]):

أما المُراد بالتشريع فهو عمليَة سنِ القوانين التي تُنظِم حياة الناس ومعاملاتهم في هذه الحياة، وهي بهذا تشمل التشريعات الإلهيَة والتشريعات التي من فعل البشر، فإذا كانت مأخوذة منَ الشَريعة الإسلاميَة أو مُستندة إليها سُمِيت تشريعًا إسلاميًا، ومن هنا يُفهم معنى التشريع الإسلامي بوصفه مأخوذًا منَ الشريعة الإسلاميَة.

الشريعة والإسلام نستطيع القول بأن الشَريعة هي: الإسلام وهي المِلَّة([6]) والدِّين الإسلامي([7]).

فهي شريعة بوصفها ما شرعَه اللهُ من أحكام، وهذه الأحكام تُمثِل طريقة مستقيمة لا اعوجاجَ فيها ولا التواء، وتُحيي النفوس والعقول كما يُحيي الماءُ الأبدان.

وهي الإسلام، لأنها لا تُقبَلُ إلا باستسلام الناس لها والإذعان والتسليم بها.

وهي دِينٌ لخضوع الناس لها والتعبُد لله بها، وهي مِلَّة بسبب إملائها على الناس.

إذًا الشريعة هي الدين وهي الإسلام وهي المِلَّة، فهل أدركت حجم المشكلة، هل أدركت

ما سوف يترتب على هذا الاقتران بين الشريعة والنظام القانوني من تبعات! لكن لا بأس نكمل لمزيدٍ من التوضيح.

الفرق بين الفقه والشريعة

كما يُمكننا القول بأن الفقه يختلف عنِ الشَريعة، فهو أخصُ منها وأحد أقسامها الكُليَة([8])، لأنه يختصُ بالجانب العملي منها، فهو بمنزلة النوع منَ الجنس، فإن أُطلقتِ الشريعة وأُريد بها الفقه فهي من باب إطلاق العامِ وإرادة الخاصِ، أي إطلاق مجازي وليس إطلاقًا حقيقيًا([9]).

ويتَضح الفرق بينهما أكثر إذا قلنا: إن الشريعة هي نصوص الوحي المُوحَى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم سواء أكانت هذه النصوص قُرآنًا أو سُنةً، وهو تعريف صحيح([10])، وأما الفقه فهو ما يفهمه العلماء من نصوص الشريعة وما يستنبطونه من تلك النصوص وما يقرِرونه ويؤصِلونه وما يُقعِدونه منَ القواعد المُستمدَة من دلالات النصوص.

وعليه فلا يصحُّ الخلط وعدم التمييز بين مفهوم الشريعة الإسلاميَة ومفهوم الفقه الإسلامي، لأن الشريعة معصومة وهي في العقيدة الإسلاميَة والأحكام قطعيَة الثبوت والدِلالة خيرٌ كلُها وصوابٌ كلُها تَهدي الإنسانيَة إلى الطريق المستقيم.

أما الفقه فإذا ما أخرجنا منه الأحكام الفقهيَة التي قرَرتها النصوص قطعيَة الثبوت والدِلالة –على قلتها- مثل: وجوب الصَلاة وصوم رمضان ووجوب الوفاء بالعقود، فسيكون من عمل الفقهاء في طريق فَهم الشريعة وتطبيق نصوصها([11]), وفيه يختلف فَهم فقيهٍ عن فَهم فقيه آخر، وفهم كلِ واحد مَهْمَا علا قدرُه يَحتمل الخطأ والصَواب، لأنه غيرُ معصوم. فالفقه في جملته من باب الظنون، لأنَه موقوف على الظني، والموقوف على الظني ظني([12]).

ومن هنا فإن الفقه غير مُقدَس بخلاف الشريعة، فالفقه فَهم ورأى الفقيه، فهو وإن كان مبنيًا على النصِ الشرعي إلا أنه قابلٌ للمناقشة والتصويب والتخطئة المُنصرفة إليه، وليست للنصِ الشَرعيِ، ومن ثَمَ اختلفت آراء الفقهاء، وردَ بعضهم على بعض، وخطَّأ بعضُهم بعضًا، ونشأتِ نتيجة لذلك المذاهب الفقهيَة المختلفة.

المشكلة الكبرى

المشكلة الأكبر هي سيادة هذه المفاهيم بسبب نفوذ هذا التيار المتصاعد في المجتمع كله، الذي قاد عملية تغيير مفاهيمية، يصعب تحديها بين أوساط المتخصصين قبل العامة.

وصل نجاح هذا التيار في تغيير المفاهيم إلى درجة أن شيخ الأزهر “جاد الحق على جاد الحق” اعترف أنه عجز عن مقاومتها واستسلم لها إذ يقول في حوار بالغ الدلالة[13] “ماذا تريدني أن أقول إذا كان قانونيون كبار، وفقهاء دستوريون، يحاولون إقناعي بضرورة تطبيق الشريعة، لأن الدولة الصالحة لا تقوم إلا بالدين؟! وكنت أقول لهم: لكن الشريعة هي الدين، وهي مطبَقةٌ كما لم تُطبَقْ من قبل، ودينُنا لا يملك مذهبًا سياسيًا، وإنما يملك قواعد قيمية وأخلاقية تفيد في الدنيا وفي السياسية، لكنها لا تصنعُ دولةً، ولا نمطًا سياسيًا، وتحت وطأة الحماس لفكرة تطبيق الشريعة هذه انصرفنا في مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر إلى وضع مشروع تفصيلي لتقنين الشريعة وتطبيقها تقدمنا به إلى البرلمان في مطلع الثمانينيات. تصور مصيبتنا. كنا نجادل جماعة البنا وقطب بشأن الدولة الدينية، ونراهم منشقين عن الدين، وهم يروننا فقهاء السلطان، ونحن مضطرون الآن للاستماع بخجل إلى دعوات أبو المجد والبشري والعوا وعمارة لتطبيق الشريعة!”

لقد قاد هذا التيار تغيرًا يصل إلى درجة التحريف في عقيدة “أهل السنة والجماعة” اندهش له إلى درجة الإنكار بعض علماء المذهب الشيعي الاثنا عشري الذي يجعل الحكم من أصول الدين، كما ذكر الشيخ “جاد الحق” عن جِلسة «عرمرمية» [14] “حضرها مع “الشيخ محمد مهدي شمس الدين[15] عام (1989) في بيت أحد كبار الأساتذة من أصدقائه بمصر، وقد جمع له فيها ذلك الأُستاذ ستةً من الشيوخ وكبار القانونيين.

وللمفارقة أن الشيخ “شمس الدين” كان يُريد إقناعهم بنظريته في ولاية الأمة على نفسها، وهم يُصرُون (وبعضهم من أُصول يسارية!) أن الولاية للشريعة وليست للأمة. وكان “شمس الدين” يجادلهم بأن الهُوية وهواجسها غير الولاية ومقتضياتها، قال لهم: «أنتم شيوخ كبار وفقهاء دستوريون، وكلكم من أهل السنة، والإمامةُ في كلامكم وفقهكم اجتهادٌ ومصلحةٌ وتدبير، والمرجعية فيها للأمة، ماذا تركتم للخُميني وأهل الإمامة»؟”

خلقت هذه الصورة -بفعل التطور- نسخة أخرى للإسلام مُشوهة[16]، حُرفت فيها حقائق الدين واُفسدت عقيدة التوحيد[17]، بتكفير المجتمعات المسلمة: حكامًا ومحكومين، بزعم غياب الشريعة، ومن ثم فلا اعتداد بهذه المجتمعات ولا حُرمة ولا أمن ولا أمان لها.

فأقل ما يحكمون به على هذه المجتمعات “أنها مجتمعات فاسقة تَغَلَّبَ على أمرها مرتدون أو فاسقون أو كافرون أو منافقون يعمقون الفسوق ويسيرون بالمسلمين نحو الردة الشاملة”[18] فأنظمة الإسلام عندهم انحسرت، وانحسرت إلى حد ما عباداته كما يدعون، ثم انحسرت عقائده تبعًا لذلك، حتى أنك نادرًا ما تجد بين مثقفي العالم الإسلامي إنسانًا صافيَ العقيدة سليمها، فكانت ردة هائلة هذا ما يعتقدونه[19].

ومن ثم فهم أحق الناس بالحكم، لإعادة الشريعة الغائبة[20]، فلا دولة إلا دولتهم، ولا حكم إلا لهم وفق ما يعتقدون[21]، مهما ترتب على ذلك من عنف، واستباحة للدماء، تُهدد أمن المجتمعات واستقرارها وتنشر الفوضى[22].

تحريف واضح انطلق من معطيات ثلاث: الأول، الدولة التي تحولت إلى دين(الدولة المقدسة). الثاني، تحول الشريعة إلى نظام قانوني. الثالث، تبديل العقيدة وما يُبنى عليها من أحكام الإسلام والكفر وما يستتبع كل منهما في كافة المستويات.

في ظل الصراع على الإسلام يُصبح التجديد هزل

هنا تُصبح قضية التجديد نوع من الهزل وفق تعبير “سيد قطب“، فأي تجديد في مجتمعات هي أحوج ما يكون إلى الانعتاق من نير هذه الجماعات، وأي تجديد والدين ذاته أصبح مرهونًا لديهم، مختطف منهم، بعدما سيطروا على الفضاء الفكري العام، وتغلغلوا في سائر القطاعات المجتمعية.

إنه صراع على الإسلام الذي يرونه غائبًا، ويراه غيرهم مُرتهنًا يحاولون فَكَّ رهانه، فعن أي تجديد نتحدث.

هذا ما فهمه “سيد قطب” فكان بهذا منسجمًا مع أفكاره، مُدركًا لحقائق تقريراته، فإذا كان الإسلام غائبًا فالمُهمة هي إعادته لا تجديد فقهه ومسائله، عَبَّرَ عن ذلك بوضوح فقال[23]: “فأما اليوم.. «فماذا» …؟ أين هو المجتمع المسلم الذي قرر أن تكون دينونته لله وحده الذي رفض بالفعل الدينونة لأحد من العبيد والذي قرر أن تكون شريعة الله شريعته والذي رفض بالفعل شرعية أي تشريع لا يجيء من هذا المصدر الشرعي الوحيد؟

لا أحد يملك أن يزعم أن هذا المجتمع المسلم قائم موجود! ومن ثم لا يتجه مسلم يعرف الإسلام ويفقه منهجه وتاريخه، إلى محاولة تنمية الفقه الإسلامي أو «تجديده» أو «تطويره!» في ظل مجتمعات لا تعترف ابتداء بأن هذا الفقه هو شريعتها الوحيدة التي بها تعيش، ولكن المُسلم الجاد يتجه ابتداءً لتحقيق الدينونة لله وحده وتقرير مبدأ أن لا حاكمية إلا لله، وأن لا تشريع ولا تقنين إلا مُستمدًا من شريعته وحدها تحقيقًا لتلك الدينونة…

إنه هزل فارغ لا يليق بجدية هذا الدين أن يشغل ناس أنفسهم بتنمية الفقه الإسلامي أو «تجديده» أو «تطويره» في مجتمع لا يتعامل بهذا الفقه ولا يقيم عليه حياته….

فــلا بُد من هذا الترتيب… لا بُد أن يوجد مجتمع مسلم ناشئ من الدينونة لله وحده، مصمم على تنفيذ شريعته وحدها، ثم بعد ذلك -لا قبله- ينشأ فقه إسلامي مفصل على قَدِّ المجتمع الذي ينشأ، وليس «جاهزًا» مُعدًا من قبل!…

وفي هذا يكون الجهد الجاد المُثمر، اللائق بجدية هذا الدين. وفي هذا يكون الجهاد الذي يفتح البصائر ويُمكن من التفقه في الدين حقًا… وغير هذا لا يكون إلا هزلًا ترفضه طبيعة هذا الدين، وإلا هروبًا من واجب الجهاد الحقيقي تحت التستر بستار «تجديد الفقه الإسلامي» أو «تطويره»!”

هذه أفكار “قطب” التي جسدتها واعتنقتها بعد ذلك كل التنظيمات الجهادية بداءة من تنظيم “الفنية العسكريةوجماعة “الجهاد” و”القاعدة” وانتهاءً بتنظيم “داعشفأبو محمد العدنانيطه صبحي فلاحة” الرجل الثاني في تنظيم داعش أحبُّ الكتب إليه الظلال، وأبو مصعب السوري صاحب كتاب “دعوة المقاومة الإسلامية العالمية” كان مسئولَ الإخوان في منطقة شمال سوريا، و”أبو بكر البغدادي” أول خلفاء تنظيم “داعش” كان عضوًا بجماعة الإخوان[24].

فهدف هذه الجماعات كلها إعادة “الدولة الإسلامية التي تُعيد الإسلام إلى المسلمين، وتكون نواة إعادة الخلافة الإسلامية، والسبيل إلى ذلك هو الجهاد الذي أصبح فرض عين مثله مثل الصلاة والصيام”[25]

فالدول اليوم “تحكم بأحكام الكفر، على الرغم من أن أغلب أهلها مسلمون، لكن الأحكام التي تعلو المسلمين اليوم هي أحكام الكفر، بل هي قوانين وضعها كفار وسيَّروا عليها المسلمين”[26]

فأصبح الجهاد بناءً على ذلك فرضًا لتحقيق الغايات الآتية “إزالة دولة الكفر المُرتدة عن الإسلام، إقامة الدولة الإسلامية، وإعادة الإسلام إلى المسلمين، والانطلاق لإعادة الخلافة الإسلامية من جديد”[27]

والفاحص المُتبصر بأفكار هؤلاء، سوف يجد أساسها السلفية الوهابية بكافة مدارسها وأشكالها مخلوطة بفقه الحركة الذي ابتدعه “سيد قطب“، لذا وجب علينا أن نُلقي الضوء على أفكار هذه المدرسة وتصوراتها حتى نتصور كيف أسهمت ووضعت حجر الأساس لهذه الأفكار، كما أسهم الإخوان و”سيد قطب” ليس فقط في إنهاء نهضة هذه الأمة، وقتل محاولات التجديد، والسير إلى الأمام، بل في تكريس العودة إلى الخلف، وتحريف الدين برمته من ناحية العقيدة والشريعة، وحلمٌ بالدولة المقدسة.

في البداءة السلفي الرسول؟!

إذا كانت العبرة دائمًا بالمقاصد والمعاني وليست بالألفاظ والمباني، فإن الحقائق والوقائع والدلائل، تقول إن السلفي يتصرف ويتعامل بوصفه رسولًا له رسالة.

فمُهمة الرسل الأولى والأساسية الدعوة إلى توحيد الخالق، وإفراده سبحانه بالعبادة، وكلما حادت المجتمعات عن هذا الطريق، فاتخذت وعبدت من دون الله آلهة شتى، جاءت الرسل لإرشاد الناس إليه سبحانه من جديد، ومن هنا يبدأ الصراع والخلاف بين الرسل وأقوامهم، صراعٌ من أجل العقيدة وعلى العقيدة، صراعٌ بين الكفر والإيمان والحق والباطل والظلمات والنور والثنائيات المتضادة التي لا تقبل التلاقي ولا أنصاف الحلول.

ولو بحثت أو سمعت أو سألت عن مُهمة السلفي وماذا يريد؟ سوف تجد أن قضية التوحيد أو العقيدة، هي القضية المركزية المحورية وأساس دعوته، فهو جاء، ليُصحح للناس عقيدتهم التي فسدت وحادت وانحرفت فعقيدة الناس ليست سليمة!

الناس ضلوا طريق التوحيد، والدين الصحيح بلا شك، وهذا يعني ضمنيًا -في مُجمله- تبني التكفير العام المُطلق للمجتمعات، لكنه يهرب من طريق التفرقة بين التكفير المطلق وتكفير المعين من هذه التهمة لماذا؟ لماذا جوهر هذه الدعوة ومكنونها التكفير؟ لأنهم يعتقدون أنهم وحدهم أصحاب التوحيد الخالص؟ إذًا ما عداهم -على أقل تقدير- ليس عل التوحيد الخالص، فهم فقط الذين يمثلون الإسلام! ودعوتهم باختصار هي الإسلام.

اختطاف الإسلام

ما الدليل على ذلك؟ ومن أين جاء هذا الفهم؟ هنا يُلزمنا العودة إلى مدونات هذا التيار منذ نشأته الأولى، على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية وحتى المدونات المعاصرة.

فبداءة من التعريف بالشيخ “محمد بن عبد الوهاب” يُرسخ هذا التيار لحقيقة يلحُّ عليها إلحاحًا شديدًا ويكررها كأنها حقيقة لا تقبل الرد أو الاعتراض عليها، فهي حقيقة واحدة، أن الشيخ جاء “للإطاحة بمظاهر الشِرْك والوثنية التي ملأت الجزيرة العربية، فأعادها –بدعوته- من دنس الجاهلية -إلى الإسلام- مرة أخرى”[28]

فالشيخ “تصدى لدعوة أهل نجد إلى التوحيد الذي هو أساس الإسلام والإيمان، ونهاهم عن عبادة الأشجار والأحجار والقبور والطواغيت والأوثان وعن الإيمان بالسحرة والمنجمين والكهان، فأبطل الله بدعوته كل بدعة وضلالة يدعو إليها كل شيطان، وأقام الله به علم الجهاد، وادحض به شبه المعارضين من أهل الشرك والعناد، ودان بالإسلام أكثر أهل تلك البلاد، الحاضر منهم والباد”[29]

فالناس عادوا مرة أخرى إلى الجاهلية الأولى، لعبادة الأشجار والأحجار والأوثان والطواغيت، والشيخ جاء بالتوحيد، وألف كتاب التوحيد، ودعا الناس إليه وجاهد في سبيل ذلك، كما سبق.

فهل من جاء بالتوحيد ومعه كتاب التوحيد، يدعو مشركين كفار إلى الإيمان بالله وعدم الإشراك به والكفر، وجهاد الناس وقتالهم على ذلك، يكون داعية أو شيخًا من مشايخ الإسلام فحسب، أم رسولًا نبيًّا؟!

ليس من المستغرب إذًا أن يُصرح الشيخ بنفسه، أنه لا يوجد أحد قبله عرف أو أهتدى إلى التوحيد وإلى معنى لا إله إلا الله قبل وحييه الذي يسميه –الخير الذي جاءه– فأول ما جاءه هذا الخير -الوحي- عرف معنى التوحيد وقام يدعو الناس إليه، وأي أحد يدعي -بمعنى يختلف معه- أنه عرف التوحيد وأنه مسلم، فهو كذاب مفترى لماذا؟ هل لأن الأمر أمر وحي أو خير كما يصفه الشيخ، إذ يقول[30]:

وأنا أخبركم عن نفسي، والله الذي لا إله إلا هو، لقد طلبت العلم واعتقدَ من عرفني أن لي معرفة، وأنا ذلك الوقت لا أعرف معنى “لا إله إلا الله”، ولا أعرف دين الإسلام قبل هذا الخير الذي مَنَّ الله به، وكذلك مشايخي، ما منهم رجل عرف ذلك. فمن زعم من علماء العارض أنه عرف معنى “لا إله إلا الله”، أو عرف معنى الإسلام قبل هذا الوقت، أو زعم عن مشايخه أن أحدًا عرف ذلك، فقد كذب وافترى، ولبَّس على الناس، ومدح نفسه بما ليس فيه. وشاهد هذا أن عبد الله بن عيسى ما نعرف في علماء نجد ولا علماء العارض ولا غيره أجل منه، وهذا كلامه واصل إليكم إن شاء الله، فاتقوا الله عباد الله، ولا تكبروا على ربكم ولا نبيكم.”

وقال أيضًا[31]:فالله الله! عباد الله! لا تغتروا بمن لا يعرف شهادة أن لا إله إلا الله، وتلطخ بالشرك وهو لا يشعر. فقد مضى أكثر حياتي ولم أعرف من أنواعه ما أعرفه اليوم؛ فلله الحمد على ما علمنا من دينه. ولا يهولنكم اليوم أن هذا الأمر غريب، فإن نبيكم صلى الله عليه وسلم قال: ” بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ”، واعتبروا بدعاء أبينا إبراهيم، عليه السلام، بقوله في دعائه: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ}.

يقرر الشيخ بعد ذلك بوضوح أن كل من بلغته دعوته ولم يؤمن فهو كافر مستحق للقتال فيقول[32]:

وأما من بلغته دعوتنا إلى توحيد الله، والعمل بفرائض الله، وأبى أن يدخل في ذلك، وأقام على الشرك بالله، وترك فرائض الإسلام، فهذا نكفره، ونقاتله، ونشن عليه الغارة.

وقد أنكر عليه هذا التوجه علماء عصره، وعلى رأسهم أخوه الشيخ القاضي، “سليمان بن عبد الوهاب” وألف كتابَ “الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية” وأيضًا “ابن عابدين[33] صاحب الحاشية المعروف[34]، و“محمد بن عبد الرحمن بن عفالق[35] الحنبلي، و“عبد الله بن عيسى قاضي الدرعية[36].

فلما اعترض عليه علماء عصره وأفاضلهم ورؤوس من الناس من الحنابلة وغيرهم، بدأ بهم فرماهم بالكفر الصريح حتى مشايخه كما ذكر، وقاتلهم وقاتل أقوامهم، وأرسل لهم رسائل-مرة أخرى كأنها رسائل الرسول للملوك- إما أن يتبعوه ويؤمنوا بدعوته أو يقاتلهم، فقال بكفر أحمد بن عبد الكريم، وسليمان بن سحيم الحنبلي، وابن فيروز[37]، وصالح بن عبد الله، وغيرهم.

ففي رسالته لابن سحيم قال[38]: وقبل الجواب، نذكر لك أنك أنت وأباك مصرحون بالكفر والشرك والنفاق، ولكن صائر لكم عند جماعة في معكال قصاصيب وأشباههم يعتقدون أنكم علماء، ونداريكم، ودنا أن الله يهديكم ويهديهم. وأنت إلى الآن أنت وأبوك لا تفهمون شهادة أن لا إله إلا الله؛ أنا أشهد بهذا، شهادة يسألني الله عنها يوم القيامة: إنك لا تعرفها إلى الآن ولا أبوك. ونكشف لك هذا كشفًا بينًا لعلك تتوب إلى الله، وتدخل في دين الإسلام إن هداك الله، وإلا تبين لكل من يؤمن بالله واليوم الآخر حالُكما، والصلاة وراءكما وقبول شهادتكما وخطكما ووجوب عداوتكما، كما قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُونَ مَنْ حَادَ اللَهَ وَرَسُولَهُ} آية 22سورة المجادلة.

وقال في “أحمد بن عبد الكريم[39]:

ثم بعد ذلك طِحْتَ على ابن غنام وغيره، وتبرأت من ملة إبراهيم، وأشهدتهم على نفسك باتباع المشركين.

وقال في ابن فيروز وصالح بن عبد الله[40]: بل العبارة صريحة واضحة في تكفير مثل ابن فيروز وصالح بن عبد الله وأمثالهما، كُفرًا ظاهرًا ينقل عن الملة فضلًا عن غيرهما.

ثم انطلق قطار التكفير لا يقف عند محطة بعينها فصار التكفير بالجملة، فأهل مكة والمدينة والإحساء وسدير واليمن والشام والعراق كل هؤلاء وغيرهم كُفار، يُمكن الإغارة عليهم وقتالهم[41]: وأما من بلغته دعوتنا إلى توحيد الله والعمل بفرائض الله، وأبى أن يدخل في ذلك، وأقام على الشرك بالله، وترك فرائض الإسلام، فهذا نكفره ونقاتله ونشن عليه الغارة. وكل من قاتلناه فقد بلغته دعوتنا، بل الذي نتحققه ونعتقده أن أهل اليمن وتهامة والحرمين والشام والعراق قد بلغتهم دعوتنا، وتحققوا أنا نأمر بإخلاص الدين والعبادة لله، وننكر ما عليه أكثر الناس من الإشراك بالله.

إذًا هم رسل الإسلام ودعاته في هذا الزمان، فهم ليسوا دعاة يمكنك أن تختلف معهم فحسب ودعوتهم ليست مذهبًا يمكنك أن تختلف معه أيضًا، فدعوتهم هي والإسلام شيء واحد، فإما الإيمان بها فتنجوا وإما الكفر فتهلك، وهذا ما يجعلهم رُسلًا لا يمكنك أن تختلف معهم.

السلفية الجديدة

حتى بعدما مضى الزمان وتطورت دعوتهم، لم تترك لنا السلفية المعاصرة فرصة، لنشرح أو نستنج ما يُجلي أفكار الشيخ “محمد بن الوهاب” ويوضحها من مدونته القديمة، فلقد كانوا أمناء عليها، فتكفلوا بشرح مقاصدها والتصريح بمبادئها، فدعوتهم هي الإسلام، والإسلام يعنى دعوتهم، وهم المسلمون أصحاب الدعوة ورسلها، فمن يختلف مع الإسلام ومن يعاند رسله إلا الكفر والكافرين!

فالدكتور “عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف” أستاذ العقدية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، يتحدث فيه عن جهود علماء الدعوة في نشر العقيدة الصحيحة، بعد شرح تصورهم عن حال المجتمعات قبل دعوة الشيخ “محمد بن عبد الوهاب” فيقول إن الشيخ جاء إلى مجتمع لا يعرف الإسلام بعوامه وعلمائه “فالشيخ كان يواجه مجتمعًا ذَهَلَ أهله عن توحيد العبادة، فجهلوه وأهملوه ولم يرفعوا بذلك رأسًا، بل كان علماء بلده لا يعرفون معنى لا إله إلا الله فضلًا عن عوامهم، وأما عامة البادية فقد تلبسوا بنواقض كثيرة [42]

هذا عن حال الجزيرة، فما هو حال بقية الدول الإسلامية هل تختلف؟ أبدًا لا تختلف فهم كفار أيضًا يحاربون دعوة الإسلام، لذا يقول [43]: لما هاجمت جيوش إبراهيم[44]، نجدًا  عام 1233هـ وقصدوا استئصال الدعوة السلفية وأنصارها، وظاهرهم طوائف من البادية والحاضرة، عندئذ ألَّفَ الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب رسالته القيمة “الدلائل في حكم موالاة أهل الإشراك”  لقد صنف الشيخ سليمان هذه الرسالة في وقت زاغت فيه قلوب أصابها الخوف والهلع من جيوش إبراهيم باشا، فانساقت إلى مظاهرة المشركين، فقرر الشيخ –بالأدلة الكثيرة –أن من ظَاهَرَ الكُفار وتولاهم فهو منهم، كما قد وقع من أولئك الخونة”

وسبب تصنيف رسالة “الدلائل” للشيخ سليمان، مهاجمة العساكر التركية نَجْد في وقته، وأراد وفق ما يقول الدكتور في بحثه اجتثاث الدين من أصله، وساعدهم جماعة من أهل نجد من البادية والحاضرة، وأحبوا ظهورهم ويقرر أن هذا من باب موافقة الكفار على كفرهم وإظهار مودتهم ومعاونتهم على المسلمين وتحسين أفعالهم وإظهار الطاعة والانقياد لهم على كفرهم[45].

فإبراهيم باشا الذي جاء بعساكره إلى الجزيرة العربية بطلب وأمر من دولة الخلافة العثمانية، مختلف مع جنود الدعوة السلفية سياسيًا، ويحاربهم ويحاربونه على ذلك، لكن شيوخها حولوه خلاف عقائدي، وصار إبراهيم وجنوده ومن والاهم كفار يحاربون الإسلام، وهذا هو الخطر الذي جاءت به وأسسته هذه الدعوة.

فالحق فيهم وحدهم وخلافهم مع الناس خلاف عقائدي بشأن كلمة التوحيد ومعنى لا إله إلا الله الذي لم يعرفه أحد قبل الشيخ محمد بن عبد الوهاب صاحب الدعوة! فمن أخذ من ممن؟ “سيد قطب” وإخوانه، من الشيخ “محمد بن الوهاب” وإخوانه أم السابق من اللاحق؟!

فهل تجاوز الزمن هذا الخطاب ولم يعد من المصلحة نَبْشُهُ؟ وهل تطور الخطاب السلفي وتخلى عن النظرة الحدية؟

انظر إليهم يجيبونك بمنتهى الوضوح أن السلفية في المضمون[46]: “هي منهج الإسلام في ذروته الشامخة وقمته الحضارية… فالسلفية إذًا ليست من تأسيس بشر-لاحظ ليست من تأسيس البشر- إنما هي الإسلام نفسه بالفهم السليم علمًا وعملًا، وهي تَمَسُّكٌ بما كان عليه النبي وأصحابه لا تخرج عما كانوا عليه”

فالسلفية “هي الإسلام المحض الذي لم يشب، وهي الإسلام كيوم نزل، ولذلك هم يريدون إرجاع الناس إلى ما كان عليه الإسلام في الصدر الأول، إذ هو مكمن العزِّ والتمكين”[47]

السلفية قبل “سيد قطب” أسست للتكفير السياسي

ليس الأمر اختطافًا للدين، بل تحريفًا وتغييرًا بتسيس عقيدته، فتكون السياسة أساس الكفر والإيمان، ويتحول الساسة دعاة على أبواب جهنم!

فـ “أهل البدع المعاصرة المنتسبين إلى الإسلام الداعين إلى الكفر والنفاق من أصحاب المذاهب الإلحادية كالعلمانيين وأصحاب القوانين الوضعية والديمقراطيين والاشتراكيين والوطنيين القوميين الذين يريدون هدم الرابطة الدينية للمجتمع وإقامة الرابطة الوطنية بدلًا منها، ومن ينادى بلزوم اتباع الغرب وتقليده، وكذا سائر الأحزاب القائمة على خلاف مبدأ دين الله، أو مبادئ دين الله سبحانه… لاشك أن كل هؤلاء ينطبق عليهم هذا الوصف من النبي صلى الله -دعاة على أبواب جهنم- وما أكثرهم في زماننا وقد قوى سلطانهم وتملكوا بلادًا وأقطارًا نشروا فيها النفاق الأكبر، وأحيانًا الكفر البَواح بلا مُدارة، فضلًا عن صفات النفاق والفسوق والعصيان التي ملأت المجتمعات بسببهم وتفرق الناس في صراعات جاهلية في متابعتهم، أهلكت القلوب والأبدان والعباد والبلاد”[48]

الكفر والتكفير بالدستور والدولة المدنية

ومرة أخرى تُغير العقيدة وتُحرف، فتُرمى المجتمعات بالشرك العام الجماعي، تمامًا كما فعل “سيد قطب” من بعدهم، لقد تتطابقوا على التكفير  والتنظير له فتراهم يقولون[49]: “فهذه قضية عظيمة الأهمية، ومظاهر الشرك فيها منتشرة جدًا، وهى قضية التشريع والأمر والنهي والسيادة، وينصون في الدساتير المدنية على أن السلطة التشريعية من حقوق الشعب، وأن الشعب مصدرُ كل السلطات: التشريعية والقضائية والتنفيذية، ونحن نعوذ بالله من ذلك فالله عز وجل قال أم لهم شركاء فسماهم الله شركاء وهذا كما قدمنا مرتبط بالاعتقاد، فمن اعتقد أن ما يقوله فلان حق سواء أكان في التشريع أم في التحليل أم في التحريم، فهذا من الشرك في الربوبية، حتى لو لم يتحاكم إليه، وحتى إذا لم يُطعه في هذا”[50].

عدم جواز التحاكم للقضاء

وتطبيقًا وتأسيسًا على ذلك قالوا بعدم جواز الوقوف أمام المحاكم والتحاكم إليها، ويرون المخرج من ذلك “تحكيم أهل العلم الشرعي في مسائل الخصومات التي تقع بين المسلمين الذين يعيشون في ظل القوانين الوضعية”[51].

وبناء على ذلك فلا غضاضة عندهم البتة من وصف قضاة مصر وغيرهم بالكفر، كل ما في الأمر أنهم يقولون ذلك بطريقة حلزونية دائرية فيقولون مثلًا[52]، إن القضاة الذين يحكمون في غير الأحوال الشخصية، وبعض المسائل التي لا تخالف الشريعة، هؤلاء القضاة كُفار كُفرًا نوعيًا، فمجموع القضاة ونوعهم بالإجمال كفار، دون تعيين أشخاصه بالاسم، لأن كفر العين، بمعنى كفر فلان الفلاني بالذات هذا يلزمه ثبوت شروط وانتفاء موانع.

وبناءً عليه فهم لا يرون أي مانع من أن يأتي إليه أي أحد بعد التقاضي أمام القضاء المصري ليصلح ويعدل حكم المحكمة وفقًا لما يراه هو شرع الله، ولعلنا نذكر كيف انتشرت المحاكم العُرفية في سيناء عقب أحداث 25 يناير بقيادة السلفيين لأنهم لا يؤمنون أساسًا بالتحاكم إلى المحاكم المصرية وأمام القضاء.

بل يذهبون إلى أبعد من مسألة عمل القضاة، فيُفتى بعدم جواز العمل في المحاكم المصرية، حتى لو كانت الوظيفة هي حفظ القضايا من الناحية الأرشيفية فحسب فما سوى الأحوال الشخصية في القانون مخالف للشريعة ومن ثم لا يجوز الإعانة أو العمل فيه[53].

الخلافة عقيدة والحكام ليسوا ولاة أمر شرعيين.

وبناء على ذلك “فالحكام لا تنعقد لهم الولاية وليسوا ولاية أمور شرعيين فهم يُقسمون على الدساتير والقوانين الوضعية”[54]. فهذه عقيدة، تَفرض على المسلمين إعادة الخلافة[55].

علمائهم هم الحكام

وحتى تعود الخلافة يكون الحل هو جعل علماء دعوتهم هم ولاة الأمر الشرعيين[56].

موقفهم من حمل السلاح

إذا كانت هذه هي أفكارهم، فلماذا لا يحملون السلاح؟ وهل يُمكن أن يفعلوا ذلك يومًا ما؟

لنذهب إلى الدكتور ياسر برهامي زعيم السلفية العلمية بالأسكندرية نستجلي منه هذا الأمر ونستوضحه، من طريق سؤال نصه[57]:

ورد في فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية في كيفية معاملة أهل بلدة “ماردين” وهل هي دار حرب أم دار سلم -كما في نسخة بحث الجهاد لفضيلتكم-: “وَأَمَا كَوْنُهَا دَارَ حَرْبٍ أَوْ سِلْمٍ فَهِيَ مُرَكَبَةٌ: فِيهَا الْمَعْنَيَاِن لَيْسَتْ “بِمَنْزِلَةِ دَارِ السِلْمِ الَتِي تَجْرِي عَلَيْهَا أَحْكَامُ الإِسْلامِ، لِكَوْنِ جُنْدِهَا مُسْلِمِينَ، وَلا بِمَنْزِلَةِ دَارِ الْحَرْبِ الَتِي أَهْلُهَا كُفَارٌ، بَلْ هِيَ قِسْمٌ ثَالِثٌ يُعَامَلُ الْمُسْلِمُ فِيهَا بِمَا يَسْتَحِقُهُ وَيُقَاتَلُ الْخَارِجُ عَنْ شَرِيعَةِ الإِسْلامِ بِمَا يَسْتَحِقُهُ”.

وكنت قرأت كلامًا لكثيرٍ مِن العلماء، منهم: الشيخ “جاد الحق“، والشيخ “عطية صقر” في الرد على كتاب الفريضة الغائبة للمهندس “محمد عبد السلام فرج” أن كلمة (ويُقاتل) هي تصحيف والأصل في ذلك (ويُعامل). فما هو الفارق بين اللفظتين؟ وما تأثيرها في الفتوى؟

الجواب: أما بعد، فلفظة “يُعامَل” أعم مِن “يُقاتـَل”، وقد تكون المصلحة في بعض الأحيان في مسالمة أو في كفٍ وصبر أو في هدنة مع العدو أو في قتال، فالاختيار يكون حسب القدرة ومراعاة الظروف المختلفة.

والإجابة لا تحتاج إلى تعليق، فحمل السلاح في المبدأ غير مرفوض لديهم، فقط الأمر مرتبط بالمصلحة، والخلاف بين التيار السلفي وكل من يستخدم السلاح أو يُكفر القضاة، هو خلاف في التوقيت وتوافر القدرة والشروط[58]، فالخلاف بين هذا التيار والجماعات سواء أكانت جهادية أو غير جهادية هو خلاف تنوع مقبول، خلاف في الوسائل وفق ما يرى الشيخ ياسر برهامي في كتابه “فقه الخلاف” الموضوع أساسًا للجواب على موقف التيار السلفي من جميع ما تُسمى جماعات الإسلام السياسي[59].

النظرة السلفية إلى الأحزاب الأخرى

لكن حدث تطور جديد للسلفية بعدما يُسمى بثورات الربيع العربي فقد بدأوا يقتحمون المجال السياسي، ففي مصر انتقلت الدعوة السلفية بالإسكندرية من قولهم بأن الديمقراطية ليست فقط حرام، بل كُفر[60]، إلى المسارعة في تكوين الأحزاب وخوض الانتخابات ليحصل حزب النور السلفي [61] على 107 مقعدًا من مقاعد البرلمان ويحتل ثالث أكبر كتلة برلمانية وبنسبة 21.5%، في الانتخابات البرلمانية 2011م- 2012م.

فما هي نظرتهم إلى رفقاء العمل السياسي للأحزاب السياسية؟ وهل يمكن أن يقبلوا التحالف؟ وهل إذا أقيمت الانتخابات ووصل إلى الحكم رجلٌ لا يحكم بالشريعة هل سنرضى بحكمه أم نخرج عليه؟

نترك الجواب للشيخ “ياسر برهاميرئيس الدعوة السلفية، حينما سأله أحد أفراد جماعته كالآتي[62]:  نريد من فضيلتكم تفصيلًا ومراجعةً وردًا على كلام الدكتور “عماد عبد الغفور” فقد تحدث عن إمكان التحالف مع الليبراليين، وكذلك “الكُتلة”! بل وتحدث عن إمكان التحالف مع “ساويرس“، ووصفه بالسيد “نجيب ساويرس“! فهل يجوز أن أقول على الكافر كلمة السيد؟ فما بالكم إن كان حربيًا (أتمنى من القارئ الكريم أن يُدقق في الألفاظ والأوصاف جيدًا ليرى أنها هي الافكار والألفاظ ذاتها لداعش تمامًا ولا تختلف عن أفكار أو ألفاظ أي جماعة من الجماعات الإرهابية المسلحة)؟ الجواب أما بعد فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِدٌ، فَإِنَهُ إِنْ يَكُ سَيِدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَكُمْ عَزَ وَجَلَ)، فلا يجوز أن يُقال للكافر ومَن أظهر نفاقه: سيدًا.

– وأما مسألة التحالف مع المناهج المخالفة للشرع، فلا يجوز إلا مع ما فيه تعظيم لحُرمات الله، وهو في الحقيقة إجابة للحق، ليس تحالفًا كالتحالفات المعروفة في التناصر على الحق والباطل، فإنها لا تجوز قطعًا.

وكذا التحالفات التي تهدف إلى “تقسيم الكعكة” -كما يقولون- أي يظل الليبرالي على ليبراليته يدعو إليها ويسعى في إقامتها! والديمقراطي على ديمقراطيته يدعو إليها ويسعى في إقامتها على مفهومها الغربي المُتضمن لإثبات حق التشريع لغير الله، وإطلاق الحريات بلا ضابط من الشرع، في حين يبقى الإسلاميون على ما هم عليه!

فهذا تحالف ليس على الإجابة للحق ونصرة المظلوم، ونحو ذلك مما كان عليه “حلف الفضول“، فقياس أحدهما على الآخر قياسًا فاسدًا وباطلًا.

هذه هي نظرة هذا التيار إلى الأحزاب وتوصيفه لها بالخطأ وعدم الفهم السليم أنها تنازع الله جل جلاله الحق في التحليل والتحريم، وبالطبع هذا كلام فاسد عارٍ من الصحة تمامًا.

السؤال الثاني لبرهامي[63]: هل إذا أقيمت الانتخابات ووصل إلى الحكم رجل لا يحكم بالشريعة هل سنرضى بحكمه أم نخرج عليه؟ أرجو إجابةً مفصلة.

الجواب[64]: أما بعد، فلا نرضى بحكم مَن لا يحكم بالشرع أبدًا، أما مسألة الخروج فمبنية على مراعاة القدرة والعجز، والمصلحة والمفسدة -لاحظ أنه لم يُنكر الخروج، فقط ربط الخروج بالقدرة والعجز- أما ثبوت ولاية الأمر شرعًا فمبناها على إقامة الدين وسياسة الدنيا بالدين، فمن لا يقيم في المسلمين الإسلام والإيمان والإحسان، ويسوس دنياهم بدينهم لم يكن وليًا شرعيًا، حتى لو قلنا لا نخرج عليه أما مسألة التكفير للمُعين بعد ثبوت ارتكابه الكفر الأكبر، فمبناها على استيفاء الشروط وانتفاء الموانع…

ومن طريق هذه الإجابات يتضح أن جُلَّ خلاف هذا التيار مع داعش أو مع من يغتال القضاة، أو يحاربون الجيش والشرطة والشعب، هو خلاف بشأن المصلحة من عدمها بشأن الشروط والقدرة، وليس خلافًا على شرعية هذا العمل.

لماذا دخل السلفيون المُعترك السياسي إذًا؟

إذا كانت هذه هي رؤيتهم للدولة المدنية والديمقراطية والدستور والسياسة والنظام العام للدولة، فلماذا اقتحم السلفيون الآن المجال السياسي؟ لماذا انتقلت الدعوة السلفية في مصر مثلًا، من قولهم إن الديمقراطية ليست حرامًا، بل كُفرًا، إلى المُسارعة في تكوين الأحزاب وخوض الانتخابات، إذا كانت حتى تحية الوقوف لها حرام فلماذا دخول الانتخابات؟[65] الإجابة لدى الشيخ “ياسر برهامي” إذ يقول[66]: “سيقول القائلون: ماذا سوف تصنعون في واقع غير إسلامي -لاحظ الوصف- هناك مطالب بالدولة المدنية والمواطنة والديمقراطية ووضع المرأة والتعاملات الدولية خاصة مع إسرائيل والتحديات الداخلية طبعًا كل هذه القضايا لها بفضل الله عندنا تصور محدد، لكن في الجملة نقول: القضية أننا نعرف الفرق جيدًا بين الواقع المُمكن وبين المطلوب المشروع…

فإننا نبحث عن الممكن من التغيير، وأما التدرج فهو مبنيٌ على قضية القدرة والعجز، وليس على أننا نختار من شرع الله، فلا يُمكن أن نرى لأنفسنا خيارًا مع شرع الله… ونعلم أن الواقع غير إسلامي سواء في مقاصده أو في آلياته سواء في تأصيله النظري أو تطبيقه العملي لكننا نقول: أن المأمول المرجو المطلوب شرعًا سوف يظل ثابتًا وأدلته لا تحتمل تنازلًا.

وعقيدتنا كذلك لا يمكن أن نتنازل عنها، فمسألة إقامة الدين في الأرض كلها ومشروعية الجهاد لتحرير البشر من الطواغيت وإقامة الحدود وغيرها لا يمكن أن تغيب عن حس مُسلم، لكن هل نقدر على هذا الآن أم لا؟ وما الذي نقدر عليه منها وما الذي نعجز عنه؟”[67]

الحقيقة أن هذا التيار دائمًا ما يُفرق بين ما هو تكتيكي مرحلي وفق ما يقضيه الظرف والوقت وبينما هو استراتيجي دائم ثابت لا يتغير فارق بين الأمر الواقع الذي يتعايش معه كونه واقعًا دون أن يرتضيه مع السعي الحثيث في تغييره، وبين الأمر الشرعي الذي يعتقده وهو الحق دون سواه.

السؤال الآن: ما الفرق إذًا بين السلفيين والإخوان، بين “ياسر برهامي” و”سيد قطب“؟!

الكلام في ذلك طويل لكننا لا نريد أن نُنكأ الجراح، ففي الإشارة غنًا عن طول العبارة، والخلاصة أنه حينما تكون هذه الدعوة، هي دعوة التوحيد، والتحذير من الشرك[68]، فهل يمكن لأحد أن يختلف مع التوحيد؟

من هنا نفهم لماذا تجعل هذه الدعوة أقل أحكامها على من يختلف معها “مُبتدع ضالٌ”، إنها رأفة منهم أن يجعلوه على الإسلام -ولو ظاهرًا- لكنه مُبتدع ضالٌ، فهم دعوة التوحيد، دعوة الحق الذي لا يقبل الخلاف، وما عداها دعوة الشرك والباطل الذي يجب أن يُنكر ويُحارب، فكما يقولون[69]: “المبتدع معاندٌ للشرع مخالفٌ له”

الفقه عين الشرك

نعود إلى مقصودنا فنقول، هنا تتغير المفاهيم كلها حتى الفقه الذي هو فهم يتحول لعين الشرك، حينما لا يؤيد ما يعتقدونه لماذا؟ لأنهم الإسلام، لأنهم دعوة التوحيد، وكل ما يخالف التوحيد هو شِرْك حتمًا، ففي النسخة الأولى لهذه الحركة يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب[70]: {اتَخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَهِ} سورة التوبة آية31، فقد فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم والأئمة بعده، بهذا الذي تسمونه: الفقه، وهو الذي سماه الله: شركًا، واتخاذهم أربابًا، لا أعلم بين المفسرين في ذلك اختلافًا.

فانظر إلى قوله: لا أعلم بين المفسرين في ذلك اختلافًا. إنه قطع من وحي الخيال، ففي الحقيقة لم يقل مفسر واحد أن الفقه والفهم شرك، لكنه التلبس بأنه الإسلام، ورسول التوحيد، وما سواه شرك، هذا الذي حمله على هذا الإطلاق غير الحقيقي بالمرة.

وحينما تطورت الفكرة، رفضت الحركة الفقه -الفهم- مرة أخرى بدعوى وَحْدَة الأمة، فقررت بجمع الأمة على قول واحد -على خلاف الفقه- تحت دعوى الاحتكام للدليل والكتاب والسنة.

والكتاب والسنة، كلاهما أعطى فُسحة في الأمر واحتمالًا للخلاف، لكنهم لا يعترفون بذلك فيختارون أو يقولون برأي ولو كان مُخالف للأئمة المذاهب الفقهية المعتدُّ بها، ثم يرون خلافه اتباعًا للهوى وابتداعًا في الدين فيقولون[71]: “إن السلفيين لا يرضون بالفُرقة والاختلاف في الأمة الإسلامية، لأنها عائق يعوقها عن العمل الجماعي. ويمنع التآلف بين أفرادها، والفُرقة وإن كانت واقعة قدرًا فنحن مأمورون بالعمل لإزالتها وتفاديها شرعًا، فلا يبقى منها إلا ما تفرضه الأهواء وبدع المخالفين” إنها أكبر عملية اختطاف ليس لمصطلح التجديد، ولا الفرقة الناجية [72]، ولا أهل السنة والجماعة[73]، وكل ذلك حاصل، إنما اختطاف للدين ذاته، وغلق تام للمجال الديني، اللهم إلا وفقًا لمعاييرهم، فكيف يُبحث بعد ذلك عن التجديد، هل هذا معقول؟!

المراجع:

[1]– دراسة للدكتور رضوان السيد بعنوان “الأزهر الحاضر والتحديات المستقبلية” من الكتاب رقم 88 لمركز المسبار بدبي بعنوان “الأزهر مرجعية التقليد السني في أزمنة التغيير” ص 17: 18.

[2] – هبه رؤوف عزت” الخيال السياسي للإسلاميين”، ط: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، 2015م،  ص 89.

([3]) انظرْ: د. نصر فريد واصل “المدخل الوسيط لدراسة الشريعة الإسلاميَّة والفقه والتشريع” ط: المكتبة التوفيقيَّة ، ص: 15. وأيضًا: محمد مصطفى شلبي “المدخل لدراسة الفقه الإسلامي”: ، ص27.

([4]) أبي هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكريِّ (المُتوفَّى: نحو 395هـ)، “معجم الفروق اللُّغويَّة”؛ ك 300، المحقِّق: الشيخ بيت الله بيات، ومؤسَّسة النشر الإسلامي، الناشر: مؤسَّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بـ «قُم»، الطَّبعة: الأولى، 1412هن ص299،ـ.

([5]) انظرْ: نصر فريد واصل، “المدخل الوسيط لدراسة الشريعة الإسلاميَّة والفقه والتشريع” ص: 16.

([6]) فالمِلِّةُ: “اسْم لجُملة الشَّرِيعَة”؛ انظرْ: أبى هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكريِّ، (المُتوفَّى: نحو 395هـ)، حقَّقه وعلَّق عليه: محمد إبراهيم سليم “الفروق اللُّغويَّة”؛ ، الناشر: دار العلم والثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة ـ مصر. ص: 220.

([7]) خصَّصنا الدِّين بصفة الإسلامي؛ لأن الدِّين ما يذهب إليه الإنسان، ويعتقد أنه يُقرِّبه إلى الله، وإن لم يكن فيه شرائع، مثل دين أهل الشِّرك، وإن كان يمكن أن يُطلق الدِّين ويُراد به الطاعة العامَّة التي يجازى عليه بالثواب، ومنه قوله تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام}.

راجع في ذلك: “الفروق اللُّغويَّة”، ص220.

([8]) فالشريعة تتناول أمورًا ثلاثة: العقائد، والأخلاق، والمعاملات، راجع في ذلك على سبيل المثال: نصر فريد واصل “المدخل الوسيط لدراسة الشريعة الإسلاميَّة والفقه والتشريع”، ص15 : 16.

([9]) انظرْ: نصر فريد واصل “المدخل الوسيط لدراسة الشريعة الإسلاميَّة والفقه والتشريع” ، ص: 21.

([10]) انظر: مصطفى الزرقا، “الفقه الإسلامي ومدارسه” ط دار القلمـ دمشق، والدار الشاميَّة، بيروت، الطَّبعة الأولى سنة 1995من ص: 16 : 17.

([11]) انظر: صفي الدين محمد بن عبد الرحيم الأرموي الهندي (715 هـ) “نهاية الوصول في دراية الأصول” تحقيق صالح بن سليمان اليوسف وسعيد بن سالم، ط: المكتبة التجارية بمكة المكرمة الطبعة: الأولى، 1416 هـ – 1996من ج1،ص18،

([12]) انظر: “الإبهاج في شرح المنهاج” (شرح على منهاج الوصول إلى علم الأصول للقاضي البيضاوي المتوفى سنة 685 هـ) لشيخ الإسلام علي بن عبد الكافي السبكي (المتوفى: 756 هـ) وولده تاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي (المتوفى: 771 هـ)شرح التقي السبكي قطعة يسيرة من أول المنهاج، ثم أعرض عنه فأكمله ابنه التاج، بداية من قول البيضاوي: «الرابعة: وجوب الشيء مطلقًا يوجب وجوب ما لا يتم إلا به وكان مقدورًا»، تحقيق: أحمد جمال الدين الزمزمي، ونور الدين عبد الجبار صغيري، ط: دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث، الطبعة: الأولى، 1424 هـ – 2004 م، ج2، ص101.

[13] -الحوار كان بينه وبين الدكتور رضوان السيد، انظر : دراسة للدكتور رضوان السيد بعنوان “الأزهر الحاضر والتحديات المستقبلية” من الكتاب رقم 88 لمركز المسبار بدبي بعنوان “الأزهر مرجعية التقليد السني في أزمنة التغيير” ص 22: 23.

[14] – انظر: “الأزهر الحاضر والتحديات المستقبلية” من الكتاب رقم 88 لمركز المسبار بدبي بعنوان “الأزهر مرجعية التقليد السني في أزمنة التغيير” ص 23.

[15] – محمد مهدي شمس الدين (1936م-2001م) أحد أعلام الفكر الإسلامي الشيعي، لبناني، وكان رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. وكان مهتمًا بقضايا التجديد والتقريب بين الشيعة والسنة.

[16] -انظر: الشيخ علي جمعة “حكاية الإرهاب” ، ص10.

[17] -انظر: الشيخ علي جمعة “حكاية الإرهاب” ص7.

[18] – سعيد حوى “جند الله ثقافة وأخلاقا” ،  ط: مكتبة وهبة، ص 14.

[19] – سعيد حوى “جند الله ثقافة وأخلاقا” ط: مكتبة وهبة، ص 13.

[20] -انظر: “حكاية الإرهاب” للشيخ على جمعة، ص7.

[21] -انظر: الشيخ علي جمعة “حكاية الإرهاب” ص6.

[22] -انظر: الشيخ علي جمعة “حكاية الإرهاب” ص9: 10.

[23] – انظر بتصرف: في ظلال القرآن (3/ 1735: 1736).

[24]-انظر: “التأسلم السياسي” صادر عن دار الإفتاء المصرية ص 124: 125.

[25] – انظر: محمد عبد السلام فرج قائد تنظيم الجهاد الإسلامي “الفريضة الغائبة” ، ص 30 : 31 ،نقلا عن د. محمد عمارة “الفريضة الغائبة عرض وحوار وتقييم” ، ط:دار ثابت، ص 15 .

[26]-“الفريضة الغائبة”- ص 7: 8 نقلا عن “الفريضة الغائبة عرض وحوار وتقييم” ص 10.

[27] – نقلا عن “الفريضة الغائبة عرض وحوار وتقييم” ص 27.

[28] -انظر: د. علاء بكر، بمراجعه ياسر برهامي “ملامح رئيسية للمنهج السلفي” ط1:مكتبة فياض، المنصورة-عزبة عقل، لسنة 2011من هامش ص 17: 18.

[29] -انظر: الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ “فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد”ط1: دار العقيدة، بالأسكندرية والقاهرة، لسنة 2006م، ص7.

[30] – انظر: الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي (المتوفى: 1206هـ)”الرسائل الشخصية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء السادس) ، المحقق: صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، محمد بن صالح العيلقي، الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود، الرياض، المملكة العربية السعودية، ص 186 : 187.

[31] -الرسائل الشخصية، ج6، ص 193.

[32] – انظر: مجموعة الرسائل والمسائل النجدية مطبعة المنار – مصر، الطبعة: الأولى، 1344 هـ – 1349 هـ، (5/ 574).

[33] – ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي (المتوفى: 1252هـ)

[34] -وقد قال فيهم: كما وقع في زماننا في أتباع عبد الوهاب الذين خرجوا من نجد وتغلبوا على الحرمين وكانوا ينتحلون مذهب الحنابلة، لكنهم اعتقدوا أنهم هم المسلمون وأن من خالف اعتقادهم مشركين، واستباحوا بذلك قتل أهل السنة وقتل علمائهم حتى كسر الله تعالى شوكتهم وخرب بلادهم وظفر بهم عساكر المسلمين عام ثلاث وثلاثين ومائتين وألف. انظر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) ط: دار الفكر-بيروت، الطبعة: الثانية، 1412هـ – 1992م،(4/ 262ص).

[35] – محمد بن عبد الرحمن بن حسين بن محمد بن عفالق الأحسائي: من فقهاء الحنابلة(1164 هـ = 000 – 1750 م)). انظر: خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس، الزركلي الدمشقي (المتوفى: 1396هـ) ، الأعلام للزركلي ، ط: دار العلم للملايين، الطبعة: الخامسة عشر – أيار / مايو 2002م، (6/ 197)

[36] – الرسائل الشخصية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء السادس) (ص: 186)

[37] -ابن فيروز(1142 – 1216 هـ = 1729 – 1801 م)محمد بن عبد الله بن محمد بن فيروز التميمي الأحسائي: فقيه حنبلي، من أهل الأحساء. ولد فيها، وكف بصره في الثالثة من عمره. وكثر تلاميذه ومريدوه. وانتقد دعوة الشيخ محمد بن الوهاب، فلما عظم أمرها رحل إلى البصرة، فتوفي فيها. له أراجيز وتصانيف ليست على قدر علمه. الأعلام للزركلي (6/ 242)

[38] – الرسائل الشخصية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء السادس) (ص: 226).

[39] – الرسائل الشخصية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء السادس) (ص: 217)

[40] – الرسائل الشخصية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء السادس) (ص: 216)

[41] – مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (5/ 574)

[42] -بحث بعنوان “جهود علماء المملكة العربية السعودية في نشر العقيدة الصحيحة” ونشر أيضا تحت عنوان “جهود علماء الدعوة السلفية بنجد تجاه النوازل العقدية” للدكتور عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف استاذ العقدية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، البحث موجود بهذا العنوان على شبكة الأنترنت، موقع طريق الإسلام.

[43] – “جهود علماء الدعوة السلفية بنجد تجاه النوازل العقدية”.

[44] -يقصد “إبراهيم باشا بن محمد علي باشا (1789 – 10 نوفمبر 1848)، الابن الأكبر لوالي مصر محمد علي باشا”

[45]-وانظر في ذلك التكفير الصريح في رسالة “الدلائل في حكم موالاة أهل الإشراك “لسليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (المتوفى: 1233هـ)، تقديم ومراجعة: الوليد بن عبد الرحمن الفريان،  ط: مكتبة دار الهداية، الرياض. وعنوان الرسالة بذاته كاف بدون إطلاع على مادتها.، (ص: 12).

[46] -انظر: د. علاء بكر، بمراجعه ياسر برهامي “ملامح رئيسية للمنهج السلفي” ، 20،ط1:مكتبة فياض، المنصورة-عزبة عقل، لسنة 2011من، هامش ص 18، 19.

[47] -انظر: أبو يحيى سامح بن محمد بن أحمد “السلفية نسب حميد وليس بمذهب جديد” ، ط: دار السلف الصالح، خلف الجامع الأزهر، ش البيطار. لسنة 2011م، ص 13.

[48] – د. ياسر برهامي “فقه الخلاف بين المسلمين” ط1 : الدار العالمية للنشر والتوزيع-مصر- الإسكندرية. لسنة 2011م، ، ص 77.

[49]-انظر: د. ياسر برهامي “منة الرحمن في نصيحة الإخوان شرح اعتقاد أهل السنة”، ، ط1:دار المجد للنشر والتوزيع-مصر -الإسكندرية لسنة 211م، ص 79.

[50]-انظر: د. ياسر برهامي “منة الرحمن في نصيحة الإخوان شرح اعتقاد أهل السنة”، ، ط1:دار المجد للنشر والتوزيع-مصر -الإسكندرية لسنة 211م، ص 79.

[51]-انظر: د. ياسر برهامي” منة الرحمن في نصيحة الإخوان شرح اعتقاد أهل السنة”، ط1:دار المجد للنشر والتوزيع-مصر -الإسكندرية لسنة 211م ص 79.

[52] -وردت هذه الفتاوى على موقع أنا السلفي، بتواريخ قديمة تعود لما قبل 2013م، وقد جرت على الموقع تعديلات كثيرة وحذفت منه مواد وعبارات واختصرت فتاوى تثير عليهم الإشكالات.

https://www.anasalafy.com/play.php?catsmktba=49017

[53]https://www.anasalafy.com/play.php?catsmktba=27452

[54] -“فقه الخلاف بين المسلمين” د. ياسر برهامي، ص 77: 82.

[55]-انظر: د. ياسر برهامي، منة الرحمن في نصيحة الإخوان شرح اعتقاد أهل السنة، ص 38.

[56] – د. ياسر برهامي “فقه الخلاف بين المسلمين” ، ص 77: 82.

[57]https://alsalaf.forumarabia.com/t635-topic

[58] -موقف السلفيين من الحكام وولاة الأمور.. الحقائق والأكاذيب/ علاء الدين عبد الهادي، موقع أنا السلفي.

[59] -انظر: د. ياسر برهامي “فقه الخلاف” ص 5، 18 ، 19.

[60]-انظر: سيد بن سعد الدين الغباشي “القول السديد في بيان ان دخول مجلس الشعب مناف للتوحيد”، وقول محمد عبد المقصود من كونها كفر بإجماع المسلمين ص 49، دون طبعه أو تاريخ نشر، انظر السلفية والعمل السياسي ،ص 47.

[61]– انظر “إخوان مصر بين الصعود والهبوط 2011م: 217م” ص 111 رسالة دكتوراه.

[62] -انظر: موقع “صوت السلف “الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي، ويمكن رؤيته على الرابط التالي:

https://www.salafvoice.com/article.aspx?a=5921

[63] – https://www.salafvoice.com/article.aspx?a=5686

[64] – https://www.salafvoice.com/article.aspx?a=5686

[65] – حيث يرى الدكتور “ياسر برهامي” أن الوقوف للسلام الجمهوري أو تحية العلم حرام وغير جائزة ولعلنا نذكر أزمة عدم وقوف السلفيين في برلمان الإخوان السابق للسلام الجمهوري إذ هم مقتنعون أن الوقوف حرام فأحد أفراد هذا التيار يسأل الدكتور ياسر برهامي قائلا :

في لقاء تليفزيوني لأخينا “نادر بكار”، قال: “إن الوقوف لتحية العلم من مسائل الخلاف السائغ، ولو كنت موجودًا لوقفتُ”. فما مدي صحة هذا الكلام؟ وهل يجوز فعلاً لمن تواجد أن يقف لتحية العلم أو يعذر في ذلك؟

الجواب: قد أصبحتْ هذه المسألة مع وجود قانون يقضي بالسجن 6 أشهر لمن لا يقف للسلام الجمهوري مسألة يكون الحاضر فيها مكرهًا معذورًا. .

اجابة تعكس قدرة هؤلاء على التكيف مع الضغوط فرغم أن الوقوف حرام إلا أن قدرتهم على تخريج الفتاوى مذهلة فقد جعل الواقف مكرها.

http://www.anasalafy.com/play.php?catsmktba=45035

[66]-انظر: د. ياسر برهامي “السلفية والعمل السياسي” ،ط: دار المجد، ص 46 : 48 وما بعدها.

[67]-انظر: د. ياسر برهامي “السلفية والعمل السياسي” ،ط: دار المجد، ، ص 46 : 48 وما بعدها.

[68] -انظر: د. علاء بكر، بمراجعه ياسر برهامي “ملامح رئيسية للمنهج السلفى”،ط1:مكتبة فياض، المنصورة-عزبة عقل، لسنة 2011م هامش ص 291.

[69] -انظر: د. علاء بكر، بمراجعه ياسر برهامي “ملامح رئيسية للمنهج السلفي” د. علاء بكر، بمراجعه ياسر برهامي، هامش ص354،ط1:مكتبة فياض، المنصورة-عزبة عقل، لسنة 2011م.

[70] – الرسائل الشخصية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء السادس) (ص: 277)

[71] -انظر: د. علاء بكر “ملامح رئيسية للمنهج السلفي” ،ط1:مكتبة فياض، المنصورة-عزبة عقل، لسنة 2011م، هامش ص312 .

[72]-انظر: د. علاء بكر، ملامح رئيسة للمنهج السلفي، ص 41 : 47،-وانظر أيضًا: السلفية نسب حميد،ص27.

[73]– انظر: د. علاء بكر، ملامح رئيسية للمنهج السلفي، ص30، 92.وانظر أيضًا: السلفية نسب حميد، ص49.

    اقرأ ايضا

    المزيد من المقالات

    مقالك الخاص

    شــارك وأثــر فـي النقــاش

    شــارك رأيــك الخــاص فـي المقــالات وأضــف قيمــة للنقــاش، حيــث يمكنــك المشاركــة والتفاعــل مــع المــواد المطروحـــة وتبـــادل وجهـــات النظـــر مــع الآخريــن.

    error Please select a file first cancel
    description |
    delete
    Asset 1

    error Please select a file first cancel
    description |
    delete