تكوين
إن التناول المفهومي لأي سياق يجب أن يرصد السيرورة الزمنية التي ترتبط بطريقة تلقائية بالسياق السوسيوسياسي والديني والاقتصادي الخاص بحقل كل التجارب الزمنية، هذا الارتباط المتشابك ما بين عديد من الأبعاد السوسيوسياسية والدينية والاقتصادية قد يتخذ عدة أشكال تحدد مرتبة البعد الديني وطبيعة توظيفه في المجال الدنيوي، وهنا لا يجب علينا الخلط بين البعد التقييمي لتواجد الجانب الديني مع السيرورة التاريخية، لأن عملية الخلط تعمل لإسقاط رؤية فوقية تنهل من مركزية الماضي الديني، وتُقزم المسار التاريخي المستقبلي، لهذا لايمكن للسياق الديني أن يؤسس لهُوية مفهومية مغايرة عن السياق الذي ينتمي إليه، لأن قدسيته لا ترتبط كما يعتقد بعضهم برفعه عن المنطق الزمني للعالم المدنس أو الاعتزاز بغموض والتباس محتواه المفهومي، بدعوى أن هذا الالتباس يعبر عن صفته القدسية التي تجعله غير قابل للتوافق مع السياقات الزمنية المتغيرة، الدخول في جدلية التكييف أو التماشي ما بين العالمين جدلية لامعنى لها، وهو الأمر الذي يجعلنا ننفتح على المنظور الثقافوي الأصولي المعتمد على الدعامة الدينية في التعاطي مع مفهوم التاريخ الذي يربط دوما حقل التجارب الزمنية على اختلافها السياقي والزمني بالتجربة الدينية الأولى، ويُغلب كفة الديني على الدنيوي فيُقولب الدنيوي ليوافق الديني، أو تحجيم الحاضر ليوافق الماضي. لأن البراديكم الديني في طبيعته القدسية هو براديكم مكتمل وقائم الذات ويترجم التاريخ الإسلامي ترجمةً كليةً، هذه الكلية التي تشمل الكل التاريخي تُفقد المستقبل شحنته الانتظارية، مما لا يسمح بتأمل أفق أبعد مما كان، فماهي أبعاد هذا المنظور؟
إن حقل التجربة الزمنية للراهن العربي الإسلامي تعيش في واقعين، واقع الهُوية الدينية التي تُستحضرُ دائمًا وقد تتخذ شكلا طوباويا مبالغا فيه، وواقع التجربة الحداثية المستلهمة من الغرب، أي واقع صيرورة التعلمن التي يخضع لها المجتمع العربي الإسلامي، هذين الواقعين يدمجوا ويستحضروا بطريقة ازدواجية، هذه العملية التهجينية تلخصها مجموعة من المفاهيم الدينية التي يُقفزُ على سيرورتها التاريخية لصالح تجربة زمنية معينة، رغم أن عملية القفز التاريخي ذاتها تتغدى على عتبات التاريخ لكنها تغدية استرجاعية محركها الراهن وليس الماضي، الأمر الذي يجعلنا أمام توجه معياري تقييمي في مسألة التعاطي مع واقع يختلف عن سياق استحضاره، فنقف على ناصية الراهن بسجال حدي يتأرجح بين ضرورة استحضار ما كان لتأطير ماهو كائن حتى نحقق ماهو مأمول مسبقا. ومن ثم يفقد المسار التاريخي معناه بفقدانه لأفقه المستقبلي المنفتح على باقي الإمكانات، طالما “ينظر إلى التاريخ الإسلامي على أنه قد ولد مكتملا بنحو من الأنحاء، وقد تبددت الطاقات التي كانت كامنة في بداياته في وقت قصير، ولم يبق منها سوى أشكال تكرارية عنها على امتداد الزمن.”[1] اكتمال التاريخ في خضم تاريخ إنساني قيد التشيد، هو محاولة من أجل طرح مقاربة لا تاريخية تخرجنا من التاريخ نفسه، بدعوى اكتماله في بداءاته دون حاجة لتشييد تاريخ يترجم الفاعلية البشرية وفق شروط هذا العالم، فحتى إن كان المقصود يرتكز على الاستلهام أو الاستحضار الدائم للأصل الديني، فإن العودة تعمل بطريقة مزدوجة لسلب سيرورة المفاهيم المؤسسة للهُوية الدينية وكذا تكسير المسار التاريخي. ويمكن القول إن الرؤية التمجيدية للأصل لا ترتبط بتيار محدد (الأصوليين)، بل يمكن القول إنها رؤية تخص (تقريبا) جل التيارات الإسلامية.
في حين أن التجارب التاريخية أحدها يُوجد الآخر، ولا يُمكن أن نرسم انطلاقة تاريخية بمعزل عن السابق، هذا السابق الذي لايتحدد في الأصل، بل في تواتر التجارب الزمنية البعدية، لأن البداءة المكتملة بذاتها لاتحتاج إلا في حالات بعينها إلى اجتهاد يدور في فلك هذه البداءة ولايبتعد عنها، مما يجعلنا أمام رؤية معيارية ذات دلالة إيجابية بطريقة متطرفة.
المقاربة غير التاريخية للتاريخ الإسلامي:
مبدئيا نحن هنا إزاء جانبين هما: الديني والتاريخي، هذه الثنائية لايحكمها بالضرورة توجه وحيد، بل قد تجتمع في سياق واحد أو تتشابك أو قد يحكمها نوع من التوتر والصراع الضمني والصريح، كما هو الأمر لدى العقل الإسلامي، فالمقاربة الدينية تجعل كل زوايا النظر تنطلق وتعود إلى “المقال الأساسي للإسلاميين، وهو أن الإسلام هو ما يكون ويحدد خصوصيتنا”[2]، وهي خصوصية تكتسب معيارية إيجابية، تصطفي الكل الإسلامي دون سواه، مما يجعل العقل الإسلامي يمركز السيرورة التاريخية ضمن دائرة مغلقة في ذاتها، لهذا ترنو أغلب الاجتهادات أن تحافظ قدر الامكان على المركز بوصفه نقطة مرجعية ثابتة، طالما أن الجانب الديني كيف ما كان يحكمه منطق الثبات وعدم التغير لأنه ذا طابع مقدس، في حين نجدُ البعد الزمني/التاريخي يحتكم إلى منطق التغير والتبدل والمتوقع وغير المتوقع، لأنه ذو طابع مدنس يعكس مسار الفعل البشري ضمن شروط العالم الدنيوي، بغض النظر عن المقاربة التقيمية لنمط هذا المسار، في حين “كُرست في المفهوم الإسلامي، فكرة أن الخلق دليل على النهاية والآخرية. بناء عليه، يتكون التاريخ من دروة كبرى تنغلق على نفسها وتجمع البداية إلى النهاية، بوصف كل واحد منهما حقيقة للأخرى، ويصير التاريخ المسار الذي عبرته تلك الدائرة في عملية انغلاقها على نفسها فحسب.”[3] فقُلبَ البعد الزمني ليتوافق مع المقدس كونه المرجعية أو البراديكم المرجعي المركزي، هذه المركزية التي اكتسبت قدسية متعالية خلقت ذهنية تُسلم بمعنى ما بتبخيس أو لنقل دونية المجال الدنيوي من أجل فائدة المجال السماوي، كأننا أمام مقاربة مثنوية تقارن بين العالمين في إطار بعد معياري يُضفي الأفضلية أو الإيجابية على أحدهما في مقابل تبخيس الآخر، وهو أمر لا يتماشى ومنطق التعامل مع هذا العالم إذ قد يبدو أن ” الواقع هو ما يفرض المعاني على النصوص، بتفسيره وتأويله إياها على نحو يُوهم بالإذعان لها، في حين أن النص هو المُذعن للتاريخ في واقع الأمر”[4]، لأن صلاحية النص تفرض مرونة معينة تتوافق ومجريات هذا العالم، ومن هنا لا يمكن قراءة النص من طريق عملية قولبته وَفق حتمية الراهن، بل النص نفسه يخضع لمنطق التجارب الزمنية المُؤسسة للهُوية التاريخية، لكن في سياق الذهن الإسلامي يُستحضرُ الإسلام كونه يعبر عن تاريخ مكتمل ومكتف بذاته، فنخرج من منطق التجارب الزمنية الذي نموضع ونُسائل من طريقه التاريخ الإسلامي نفسه.
كأننا أمام مقاربة تعتمد على تأكيد المعيارية الإيجابية التي ألصقت بالبراديكم الإسلامي من طريق رفعه من التاريخ، والتي في الحقيقة لم تكن وليدة تطور داخلي فـ “هذا الفعل ليس نتيجة تطور داخلي ضمن ربقة نظام الإسلامية كما رأينا، بل نتيجة أثر من الخارج والمؤثر هو بنى السلطة.”[5] فنصير أمام توجه سياسي ظرفي رفع إلى مرتبة القدسية غير الدنيوية.
إن عملية تقديس النص الديني جعلته بمعنى ما نصا مفارقا للتجارب الزمنية، فرسم زمنا تراجعيا لا يكسب قيمة للتأويل البشري ما بعد انتهاء تنزيل النص، إلا في حدود التسقيف المركزي فـ “توحيد الماضي والمستقبل على أساس قدوة الأول للثاني هو الفعل المرجو من العبور المعرفي بينهما”[6]، مع أن حركة التدوين نفسها قد جاءت تحت ضغط الزمن لكن هذا المعطى لم يُدرج بما هو عامل يحمل التغيير في البنى الواقعية للمجتمع، بل قدم بوصفه معطى توثيقيًا أمام عملية توارث الأجيال، فكان الهدف هو عملية تسييجية تكون قادرة بشكل ما على حماية قدسية النص وليس مجاراة عامل الزمن، فزمن النص زمن ثابت لا يتغير على خلاف من يحمل النص، مع أن رفع القداسة الزمنية عن النص لا يرادف بالضرورة تبخيسًا أو نقصًا للنص أو حتى تدنيسًا لقدسية النص، بقدر ما يرنو خلق صيرورة زمنية للنص، تجعله قابلا للتأويل الزمني حتى لا يحدث فجوة تفصله عن الواقع أو ترفعه عن التاريخ. فالتجربة الأولى عكس فيها النص أو عملية التنزيل ترجمة للواقع، لكن بعد ذلك صار الواقع هو الغائب الأبرز، لأن النص رُفع عن واقعه السوسيوتاريخي، هذا الأمر عمل لتعطيل فعالية النص وخلق فجوة ما بين واقع حقل التجربة المعاشة وأفق الانتظار، لأن الأولى تظل رهينة بسقف الثانية، فكيف يمكن قراءة ذلك؟
لقد وقع الإحراج التاريخي في السياق العربي الإسلامي، بالأخص بعد عملية التناهج أو الانفتاح على الحداثة الغربية، فقد تبين البون الشاسع ودخلنا في مقارنات تستحضر الماضي في خضم الحاضر، أو تنطلق من أزمة تخص حاضرًا يعكس حقل تجربة زمنية مختلفة، نحو ماضي يرادف الكل التاريخي أو سقف تاريخ الإسلامي، مما يعمل لتكسير المسار التاريخي للهُوية المجتمعية أو يخلق انحباسا تاريخيا، هذا الانكسار التاريخي “هو في نظر أرباب الأصالة تعبير عن استمرار جوهر يخترقنا رغم انقطاعنا، ويكون منا الجماعة التي كان ماضيها هو ماضينا، والتي سيكون مستقبلها هو مستقبلنا”[7]، ما معناه أن ما يحكم حقل تجاربنا الحاضرة هو التجربة الماضوية، الأمر الذي يُترجم أفقًا مستقبليا محددا بطريقة مسبقة عند الجماعة الأولى، فيصير الماضي مستقبلا مأمولا أو أفقا انتظاريا، ومن ثم نفقد القدرة على استشراف مستقبل مغاير يُشييد على الراهن أو حاضر التجربة الزمنية وليس على ماضيها بدعوى مركزية الماضي، فيُحصر الراهن بأفقين متشابكين الماضي والمستقبل، في إطار تغليب كفة الماضي لتصير أفقا مستقبليا مأمولا، “يمكن القول إن الحاضر يؤثر في الماضي أكثر (بكثير) من تأثير الماضي في الحاضر. فالماضي لايحضر تلقائيا، وإنما يستحضره الحاضر لتوظيفه في صراعات المصالح والأفكار، وعلى العكس مما يظن أو يتوهم الأصوليون وغيرهم، الأصولية ليست استمرارا لماض ما في الحاضر، بل هي رد فعل حديث على الحداثة.”[8]
لقد صارت التجربة الزمنية المعاشة بعد مرحلة التنزيل تُقيد وفق حقل التجربة الخاصة بالنص، لأن أفق الانتظار ظل يراهن على تكرار النموذج النصي الأول أو المشي على خطاه، فيصير أفق الانتظار هنا أفقا ماضويا أمام حقل تجربة راهنة، فيجُرها جرًا تعسفيًا لتوافق هذا الأفق، وجدير بالذكر أن عملية الجر تلك تُبنى على توجس أو لنقل استشعار لواقع التغيير الذي يحدث في مستوى الراهن/الحاضر، مما يجعل الحاضر والأفق مرغمان على الاحتماء بالماضي، تجنبا لفقد هُوية دينية يعتقد في إمكان انغلاقها وكذا أحاديتها، مما يربك الصيرورة التاريخية التي تظل حبيسة هذا الهاجس المتجدد على الدوام، لأن المنطق التاريخي يُفرض من أجل تحقيق صيرورة تقدمية توافق حقل التجربة أفق الانتظار المأمول، وأي تفاوت بينهما يُنذر باحتباس تاريخي، إذًا “الالتفاف على الذات والتوجه الحصري نحو الأصل استرجاعا واستنساخا، هو ذلك الذي يكونُ أساس مقاومة ماهو قائم لما هو آت أو ممكن. فعلى هذا الالتفاف تقوم الشرعية المؤسسة على الانتساب (إلى أصل نسبي أو ايديولوجي أو إلى مجرد أصل سلطوي)، وعلى رد الحادث إلى السابق عليه يقوم إلغاء الحدوث والجدة”[9]. إن عملية العودة المستمرة تكسر نمطية الصيرورة التاريخية، بل إنها لا تسمح ببناء مسار تاريخي أيًا كان نمط مساره، فهي تحوله إلى أشطر متباينة تُرتَبُ وفق قربها من التجربة الأولى، فتغيب الجدة التاريخية المأمولة طالما رُودفت الجدة بالانقلاب عن الأصل، رغم أن المقاربة المعيارية لهذا المنظور تنطلق من حيثيات الحاضر الذي يعيش في أزمة، فالأصل هنا مرتبط بحقل الراهن الإسلامي الذي يعيش وفق أزمة حضارية، هذه الأزمة منها ومن طريقها تحدث العودة. ويؤكد عزمي بشارة “لاعودة إذا إلى أصالة بمعنى الأصل، وإنما القضية هي الحفاظ على خصوصية ثقافية عربية منفتحة على العالم”[10].
عملية السلب الخاصة بصيرورة المفاهيم:
إن عملية الإفراغ هنا المقصود منها سلب سيرورة المفهوم من الناحية الزمنية ورفعه عن مساره التاريخي باستخدام عملية العودة إلى نقطة البداية، مما يخلق عوزا وفقرا لا يسهم في سيرورة البنية المفهومية الإسلامية، الأمر أقرب إلى عوز في عملية قراءة أو استدعاء البنية المفهومية للهوية الإسلامية، بسبب تغييب المطلب غير الزمني على المفهوم فنتأرجح في عملية الاستدعاء ما بين حقل التجربة الماضوية وحقل التجربة الراهنة، ونهمل التتبع اليقظ أو القراءة الهامشية المواكبة لموضع المفهوم التاريخي، هذه الخصوصية التي تؤسس وفق كل حقل وتجربة زمنية معينة، لأن هذه العملية هي الكفيلة بإيضاح التحولات والإضافات ومختلف التغييرات التي طرأت على المفهوم، “ومن ثم يكون من الشروط المعرفية لتحرير قول في المفهوم (الحرية، المجتمع المدني، الأيديولوجيا…) أن نعدَّهُ جزءا من السياق التاريخي”[11]، أي أن اتخاذ مسلك يخص رفعه عن السياق الخاص بكل تجربة زمنية هو عمل غير تاريخي، يعمل لتهديم البناء دون إمكان البناء طالما يعمل لتكسير مساره وعزله عن واقعه.
لهذا فإن التغاضي عن إدراج تاريخية المفهوم الزمنية في عملية استدعاء أو تناول الهُوية المفهومية المُؤسسة للعقل الإسلامي يخلق فجوة تُطيل أمد السجال المُؤسس لسوء الفهم والالتباس الدلالي، وكذلك التلغيم المعياري والشحن الأيديولوجي، وقد يكون هذا الإفقار أو الإفراغ المفهومي يخدم بعض الفاعليات الأيديولوجية والسياسية والدينية إذ “ليس ثمة أيديولوجيا بالمعنى الأنطولوجي أو الذهني، بل هناك فاعليات أيديولوجية تنبث في مؤسسات مقالية وسوسيولوجية ودينية وغيرها.”[12]
فالانفتاح على طبيعة المقاربة الخاصة بالعقل الإسلامي في بناء المفاهيم، يحمل أهمية كبيرة لقياس الجانب المعرفي والأيديولوجي فيها طالما ” أن المفهوم هو أداة تحليلية للظواهر والوقائع، حدودها ورهانها. بيد أن مايبقى في قوة المفهوم هو معياريته التي تتعلق، أيما تعلق بما يجب أن يكون.”[13] فتحصر هنا كفة تغليب الكفة المعيارية للمفهوم، مما يرفعه عما هو كائن لينغمس فيما هو مأمول والمؤطر بسقف ما كان، في حين أن البنية المفهومية المُؤسسة للهوية الإسلامية لايجب أن تُجرد تجريدًا مفارقًا عن السياق التاريخي لحقل التجربة الخاصة بالمجتمعات، فمضمونه ومحتواه يكتسبه انطلاقا من مواكبته لهذه السيرورة، فحتى الرؤية التي تتمركز في الأصل استعادة أو تمجيدا أو استلهاما… هي رؤية تنطلق من تأثيرات الحاضر نحو الماضي وليس العكس، “ولإبراز حداثة الأصولية ينبغي التشديد على أنها ليست نتاجا لتأثير الماضي في الحاضر، بقدر ما هي قيام ذلك الحاضر بإعادة صياغة الماضي، وتنقيته من كل الشوائب، وتقديمه بوصفه حلما ينبغي العودة إليه”[14].
لكن قد يُعترض بالقول “إن لكل ظاهرة من الظواهر جانبين اثنين: تاريخها ومنطقها، إلا أن جانبها المنطقي من جهة مقتضى النظر سابق على جانبها التاريخي، فلا سبيل إلى معرفة تاريخها بغير معرفة المنطق الذي ينبغي أن يستند إليه هذا التاريخ”.[15]معرفة المنطق المؤسس لظاهرة ما، لايمنحها بالضرورة أسبقية تاريخية تُلزم بالعودة إلى منطقها الأولي، بقدر ما يؤسس علاقة تلازمية بين جانبها المنطقي والتاريخي، فكل تجربة زمنية تؤسس منطقها الذي يوافقها. القول بالأسبقية يهدف إلى تقديس المرجع أو البراديكم الديني، ويجعل المُعطى التاريخي يسير وفق حركية هذا البراديكم. فقد يكون مفيدا هنا إثارة أهمية التاريخ المفهومي في رصد البنية المفهومية المُؤسسة للعقل الإسلامي.
إن أي حقل تجربة معينة يوافقه بالضرورة دلالة مفهومية، وتجدر الإشارة هنا إلى أن المؤرخ والفيلسوف الألماني (راينهارت كوزيليك) كان له الفضل، في إثارة أهمية رصد التاريخ المفهومي من طريق كتابيه “تجربة التاريخ” و”موسوعة المفاهيم”. إن مسألة تناول المفاهيم التي يعتمدها (كوزيليك) تخضع لمبدأ يختص برصد مدى قدرة محتوى هذه المفاهيم على رسم خط تاريخي يوضح لوينات التجاذب ما بين حقل التجربة المرتبط بالفعل الإنساني وأفقه الانتظاري، فمن طريق مفهوم التاريخ يتكشف لنا بعدين أساسيين: حقل التجربة وسقفها الانتظاري، لنتمكن من تشييد تاريخ فـ “الحداثيون توجهوا نحو أفق التاريخ، لقد وضعوا أولوية للمستقبل وتغذوا على قناعة أن فكرة التقدم هي استقراء للمستقبل انطلاقا من أفعالهم الخاصة”[16] فالمستقبل التاريخي هو نفسه يحمل قيمة خصوصا في عملية الحركة التاريخية نحو تحقيق أفق الانتظار أو تحقيق المأمول الذي يُنظر له انطلاقا من تفاعل كلًا من الحاضر والماضي، لذلك فالأزمنة الحديثة تتصف بالجدة، لأنها قامت على عملية تزمين التاريخ أو رفع صفته الزمنية من طريق رسم اختلاف تجربتها التاريخية فهي تتسارع نحو تحقيق انتظاراتها المستقبلية دون أن تقدم سقفا يُغلق هذه الانتظارات بهدف نهائي، لأن المعرفة الزمنية كما يشير إلى ذلك الفيلسوف الألماني (هانس بلومنبرغ)، صاحب كتاب “مشروعية الأزمنة الحديثة”، ليست تسلسلا دقيقا للعناصر المُشكلة لفعل ما، بل إنها استحضار الحاضر أو إمكان جعل كل تقسيمات الزمن حاضرا[17]. فيُحينُ الحاضر والمستقبل تحيينًا متجددًا، لأن هذا التحين يتعلق بما لم يوجد بعد بما لا ينتمي لحقل التجربة ويدخل من باب المأمول، مما يرفع من قيمة أفعالنا الخاصة في توجيه دفة المستقبل. إن التصالح مع المطبات أو الأزمات التاريخية لايجب أن يُغلف برفع مركزية الأصل عن المسار التاريخي، لأن هذا المسار لا يتحدد فقط في المسار الإيجابي، بل قد يعترضه كثير من الأزمات، وأن ندرج مفهوم الأزمة بوصفه إمكانًا واقعيًا، بدل الانغماس في طوباوية الاكتمال الماضوي.
فإهمال معطى إمكان الأفق المستقبلي والانكباب على العودة إلى الأصل هو توجه غير تاريخي، يسير إلى خطر هُوياتي كما أنه توجه لا يسمح ببناء أو تشييد أي تاريخ، لأنه يخرج عن المنطق التاريخي ذاته بأن يجعله شرائح منعزلة عن بعضها عوض أن تؤسس مسارا تاريخيا. لأننا “نبني التاريخ في راهنيته ومنها نطلق الأحكام على اتجاهين ازاء ما نتركه وراءنا (الماضي)، وما نتوعد أنفسنا باستقباله في إطار ممكنات التحقق وعدم التحقق (المستقبل).”[18] إذًا إن الانفتاح على الأفق التاريخي لا يعني بالضرورة التقليل من أهمية الأصل، بل يعني أننا لسنا مُجبرين على إجراء مقارنة معيارية بهذه الطريقة الحدية المتطرفة الذي يخرجنا من التاريخ بدل تشييده.
المقاربة المثنوية للهُوية المفهومية
تُكون هذه الذهنية القائمة على المقاربة المثنوية التسييج العام المُحدد للهُوية الإسلامية، فهي ترتبط بالاطار الهُوياتي العام لدى المسلم، وبغض النظر عن طبيعة ودرجة تدين المُريد، فإن هذه الثنائية تُستحضرُ استحضارًا مُكثفًا في جل أفعاله الدنيوية سواء بعد الفعل أو قبله، وتُستحضرُ وفق سياقيين: ثقافوي وتشريعي، وغالبًا ما يعيش المريد في حالة تتأرجح ما بين السياقيين، مع تغليب كفة المقاربة الثقافوية لأنها تحمل شحنة تبريرية أكثر منها جذرية عقابية. هذا الأمر يُحيل إلى إشكال ارتبط بفترة ما بعد التدوين، لأن حقل التجربة النبوية كانت النصوص تتواتر وفق راهن التجربة آنذاك، فكان هناك نوعا من الاتساق ما بين النص وحقل التجربة ككل، بل كان النص مُوجها ومُفسرا، بل ومُبررا لتوجه دنيوي معين، فكان التعايش مع النص ينسجم وذهنية المسلم آنذاك، لكن تواتر التجارب التاريخية فيما بعد أفرز خصوصية سياقية توافق كل تجربة، الأمر الذي عمل تدريجيًا لتحجيم النص ووضعه في سياق مفارق عن الواقع بدعوى قدسيته، فنجم عنه انفصام ما بين النص وحقل التجربة الزمنية التي توالت ما بعد التدوين، هذه المساحة لم تعزز قداسة النص كما يُروجُ له، بقدر ماخلقت فجوة تتسع كلما تسارع الزمن، فالانتقال من الوحي إلى النص ثم إلى التأويل، كان انتقالا مُسيجا بطيئا متوجسا أمام مجريات صيرورة تاريخية متسارعة، تنطلق انطلاقًا حريصًا على درء المستجد ليتوافق مع ما كان لهذا فقد “يتطلب النظر العقلي التاريخي في الأديان نزع صفة الإطلاق عن تجلياتها التاريخية ونفي العصمة والكمال عنها، مما يعني انتقادها والانتقاص منها في رأي الدينيين، أي أنسنتها وإقامة الأحكام الأخلاقية والجمالية والموضوعية عليها”[19].
إن هذه الثنائية التي تتخذ شكلا تطرفيا بمعنى ما، تعكس ماقد نسميه التأويل الحدي، أي غياب المنطقة الرمادية القادرة على الانزياح خارج هذه المعيارية القائمة على طرفي نقيض (مثل حرام/حلال)، ومن ثم تغييب فعالية الجانب الدنيوي، لأن هذا العالم المدنس له شروط توافق التعاطى مع العالم، تغييبه واستحضاره بطريقة هامشية أو قولبته أو عولبته وفق الرؤية النصية التي تحظى بتقديس مطلق، بسبب أنه يراد تغيير الواقع الدنيوي حتى يتوافق مع المفارق الديني وهي رؤية تعسفية تقوم على تقزيم المجال الدنيوي حتى يوافق الفساحة الدينية، فعودة إلى مجمل حقول التجارب الإسلامية الماضية والمعاصرة نجد أن حقل التجارب التي يرسمها العقل الإسلامي تُقرأ وفق منظور مفارق عن الواقع والمنطلق من ردة فعل إزاء واقع مغاير، الأمر الذي ينتجُ عنه أيضًا أفق مأمول لا يوافق تطلعات الحاضر، إننا لاندعو بأي طريق من الطرق إلى الانسلاخ عن الهُوية الدينية إذ “لا يخفى على أحد أنه لا هُوية للذات بغير الاستناد إلى تراثها الأصلي…، فالتراث إذًا شرط في وجود الذات وشرط في عطائها”[20].
إن هذه الثنائية القطبية التي تصطفى الهُوية الإسلامية وفق “هم ونحن”، تُسيجُ بطريقة ضمنية في الثنائيات المفهومية المؤسسة لهذه الهُوية، وهو تأسيس يفتقر إلى رؤية نقدية تفكيكية من الداخل.
فعودة مثلا إلى السياق الغربي ما قبل الحداثي أو لنقل إلى السياق المُهيئ للحداثة الخاصة بالإصلاح الديني في أثناء القرن الخامس عشر داخل الغرب، نجد أنها توجهت ناحية أحقية الفرد في قراءة وفهم وتأويل النص الديني وأن النص قابل للفهم المباشر، مما نزع الوصاية الاجتهادية على بابوات الكنائس، وحرر النص من سلطة أحادية، أما في السياق الإسلامي فغالبا ما يحتكر الاجتهاد فئة معينة يُشترط فيها مجموعة من المؤهلات التي تصون وتسييج بالمجمل عملية الاجتهاد وفق النص أو خارجه، هذه الوصاية تفقد من هم خارج هذه الدائرة أحقية التعامل مع النص الديني، في حين أن الفرد له الحق في ممارسة اجتهاد بين ذاتي للنص بعيدا عن ما يصدر عن الجماعة، لأن عملية المصادرة التي تتولاها الجماعة تجرده أيضا من مسئوليته الذاتية تجاه الاجتهاد، في حين يجب أن “يكون لكل شخص يتوجه إليه النص الديني الحق المبدئي في تفسير ذلك النص وتأويله والتعامل معه”[21]، لايعني الأمر الخروج عن الجماعة ولا التنصل من الهُوية الكلية لهذه الجماعة، بقدر مايعني توافق وجود حرية مع مسئولية فردية.
إذ في غياب هذه المساحة الفردية، كيف سيُسأل الفرد عن أفعاله؟ وهو فاقد لأهم شرط لهذه المساءلة التي يجب أن تقوم على الحرية لا القسر واتباع منطق الجماعة لأن “الأديان ذات توجه جماعاتي عموما، فهي نشأت في زمن كانت الجماعة هي الوحدة الاجتماعية الأساسية أو الأهم.”[22] يُستشهدُ هنا بالسياق الغربي لأن جُل الدول العربية الإسلامية تعيش في وقع حيثيات العلمنة الغربية الممتدة من الإطار العام المكون للدولة إلى مفهوم الفرد، حقيقة أن الواقع لا يترجم تساوٍ بين السياقيين، إلا أن الأفق الانتظاري المحدد للسياق العربي الإسلامي، انطلاقا من الواقع وليس المأمول الديني، هو بلوغ أرضية تتجاوز هذه الأزمة الحضارية التي تخص الحاضر.
المقاربة غير التاريخية تترجم الانهزام الحضاري:
إن ما نعيشه اليوم من تخلف وانهزام حضاري قد لا يكون مرده إلى الجانب الديني تحديدًا، وكما دأبت بعض التيارات على التنبيه إليه بقدر ما قد يكون تخلف في مستوى طبيعة التناول التي غالبا ما تغرق في المقاربات الحدية والثنائيات الضيقة، والتي تفتقد في الغالب المساحة الرمادية التي تضع بعض الأمور وفق التأطير الديني الجاهز، لأن هذه المقاربة تحاول أن تبحث عن أجوبة حتمية تعكس نوعا من التطرف الذي يُلغي الآخر، مما يجعل من الآخر ينحو المنحى نفسه، فنرسم أبعادًا طائفية وتحزبية مانوية إزاء مُعطى ديني يحتمل أكثر مما يُروجُ له. إن الجدالات الحدية لن تجد لها مرفأ، لهذا وجب تثمين الفعل الدنيوي ورفعه إلى مرتبة القداسة، “لأن التوجه التاريخي لايحاول العودة إلى الأصل، وإنما يولي اهتمامه للعملية التاريخية بما فيها عملية تطور المفهوم تاريخيا. وفي عملية تطور المفهوم يرجح وزن العملية التاريخية على وزن الأصل المفترض. فالبداءة والأصل هي البداءة كما تحددها العملية التاريخية ذاتها”[23].
صحيح أن بعض التيارات تعمل لشيطنة مفاهيم مثل الحداثة والعلمانية والتقدم وقيادة المستقبل، اعتمادا على القول بتراجع القيم الأخلاقية الإنسانية في الغرب، إذ عملية الشيطنة تلك قد قادتها أسماء وازنة مثل (طه عبد الرحمن ووائل الحلاق) الذي يشير إلى أن “تنبني نظرية التقدم، الدوغمائية والمفتقدة للارتباط بالواقع، على افتراض أن للزمن بنية غائية متجانسة، وأن هذه البنية حتمية، وأن أطوار التاريخ الباكرة كانت إذًا تمهيدا للإطوار اللاحقة التي تعدُّ بدورها وببساطة طريقة الوصول إلى قمة الارتقاء الإنساني المرجوة: ألا وهي الحداثة الغربية”[24]. صحيح أن مفهوم التقدم تحول في الفكر الغربي إلى عقيدة أيديولوجية وأن تضمين التاريخ بغائية نهائية لايستقيم مبدئيا، لأن إمكان رسم غائية تنبؤية بمآلات مستقبلية لمسار التاريخ تنفلت بالأساس من المخطط الإنساني، إلا أن المفهوم يفرض واقعا لا مناص منه لإثبات الذات، لأن شيطنة المفهوم لا تعمل سوى للاستغراق في مقاربة لا زمنية تفتقد لأهم شرط تاريخي وهو المسار التقدمي، بغض النظر عن نمط وأفق هذا الخط التاريخي الذي قد يدخل في باب غير المتوقع أو الطارئ الذي يكسر الحس التفاؤلي لهذا المسار، ومن ثم فإن مساءلة المفهوم انطلاقا من تراجع القيم الأخلاقية الإنسانية هي رؤية رغم ما تحمله من وجهاة وصحة، إلا أنها تظل مقاربة تعكس بدورها حسا طوباويا بمعنى ما، لأنها تحصر بالضرورة مفهوم التقدم في البعد الإيجابي (هذا البعد الذي يخضع بدوره لعدة جوانب معيارية)، وإهمال باقي الممكنات التي قد يقود إليها المسار التاريخي البشري، كما أن حصر مفهوم التقدم في جانبه الأخلاقي ينم عن مراوغة مستعطف يبرر تخلفه عن الركب الحضاري.
إننا إزاء تقييم معياري أخلاقي لمآلات الحداثة، لأنه يُخلط بدرجة كبيرة ما بين التوجه المعياري الأيديولوجي للأفق الانتظاري الحداثي وواقع أن هذا الأفق كان يدخل في باب المأمول من طريق الحداثة، عدم تحقق هذا المأمول الأخلاقي لا يعني بالضرورة استبعاد مفهوم التقدم، أو التشكيك في جدوى الفعالية البشرية التي يعكسها التاريخ الإنساني، لهذا فإن الدعوة إلى نهج مسار تاريخي تقدمي لا تعني بالضرورة التنصل من الهُوية الدينية أو التراجع القيمي، بقدر ماتعني خلق إمكانات مستقبلية أبعد من التسييجات الماضوية، فالقول مثلا وفق (طه عبد الرحمن)، إن التراث الإسلامي العربي هو “جملة المضامين والوسائل الخطابية والسلوكية التي تحدد الوجود الإنتاجي للمسلم العربي في أخذه بمجموعة مخصوصة من القيم القومية والإنسانية، حية كانت أو ميتة”[25]، مما يمنحنا مسلكا دائما لإتمام عملية الرجوع الانعكاسي من أجل الاستزادة، هو قول يربط أفقنا بقيود لا زمنية مسيجة بتاريخية الأصل…
لذا علينا أن نشدد على أنه “لم يعد بإمكاننا أن نواصل النظر إلى منتوج هذه الثقافة وفي قلبه فكر التنوير، بوصفه خارجًا نشأ وتطور بمحاذاة ثقافتنا، بل هو يعدُّ اليوم رافدا مهمًا من روافد ذاتنا التاريخية المتحولة، وهو خلاصة لإشكال المتثاقفة حصلت بيننا وبين الآخرين، ويتواصل حصولها بصور وأشكال عديدة في حاضرنا”[26]، فالهُوية ذات البعد الأحادي تظل منكمشة داخل ذاتها، وقد نسلم بصعوبة تواجد هذا النمط الصافي من الانفتاح والتلاقح على مر التاريخ. “إذا لم تكن هُوية الناس أحادية البعد، فإنهم لا يفزعون من الانفتاح على التطور والتغيير والتفاعل مع الحضارات الأخرى، لأنهم واثقون من غنى ثقافتهم وقوتها، وتأصيلها في هويتهم. فمثل هذا التفاعل، إذا لم يجر من زاوية الشعور بالدونية، ولم يكن مجرد تقليد، يغني هذه الثقافة ويطورها ولا يمس بالانتماء إليها”[27].
ما يمكن تأكيده أن من سيملك المستقبل هو التقدم العلمي بغض النظر عن الرؤية المعيارية السلبية التي قد تلتصق بهذا التوجه، لأن السبيل الوحيد لإثبات الوجود هو العلم والمعرفة، أي الاجتهاد المعرفي في صيغته الدنيوية، فالدين لن يمنحك اصطفاءا وجوديا ما لم تمنح إلى وجودك معنى وتحصل على اصطفاء علمي، فمن يملك القدرة على الانفتاح على آفاق مستقبلية، هو من يخلق أبعادا تقدمية جديدة في العالم تخلق قوالبها المستقبلية بطريقة متسارعة ومتلاحقة.
المراجع المعتمدة:
– حسام الدين درويش، منمنمات فكرية وحوارية في الفلسفة والحياة (اليومية) والقضية الفلسطينية، مؤسسة ميلسون، الطبعة الأولى، 2024.
– حسام الدين درويش، نموذج الأصولية (الدينية): مقاربة مفاهيمية وبنائية ونقدية، تكوين، يونيو 12، 2024، www.taqueen.com.
– عزمي بشارة، المجتمع المدني دراسة نقدية، مع الإشارة إلى المجتمع المدني العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الثانية، بيروت أكتوبر 2000.
– عزيز العظمة، العلمانية من منظور مختلف، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت يناير 1992.
– نزهة بو عزة، التجربة التاريخية الحداثية عند راينهارت كوزيليك، مؤمنون بلاحدود، 2021م.
-طه عبد الرحمن، حوارات من أجل المستقبل، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، الطبعة الأولى بيروت 2011.
-عزمي بشارة، تأملات في مسألة الهُوية، مجلة تبين، العدد 41، المجلد 11/11، صيف 2022.
-عزيز العظمة، أزمنة التاريخ، مباحث في كتابة التاريخ الإسلامي، ترجمة علي رضا خليل روق، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مراجعة محمود محمد الحرثاني، الطبعة الأولى ، بيروت 2020، ص294-295.
-عزيز العظمة، التراث بين السلطان والتاريخ، منشورات عيون، المطبعة دار قرطبة للطباعة والنشر، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1987.
-كمال عبد اللطيف، نحو إعادة بناء قيم التنوير في عالم متغير، سرديات التنوير والإسلام، المفهوم وإمكانات التأسيس، تحرير ياسين اليحياوي ومهند خورشيد، المعهد العالي لدراسات الإسلامية، جامعة، مونستر 2023.
-وائل حلاق، الدولة المستحيلة، الإسلام والسياسة ومأزق الحداثة الأخلاقي، ترجمة عمرو عثمان، مراجعة ثائر ديب، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الطبعة الأولى، بيروت تشرين الأول/ اكتوبر2014.
-يوسف عدي، نقد المفاهيم في المشروع الفكري العربي: عزمي بشارة نموذجا، ، المركز العربي للأبحاث ودراسة السايسيات، سلسلة دراسات، 20يونيو 2019.
– Hans Blumenberg, Lebenszeit und Weltzeit, Suhrkamp Taschenbuch Wissenschaft, Auflage 2013.
-Myriam Revault d’Allonnes, « L’autorité des modernes », les siences de l’education, pour l’etre nouvelle, vol 42, n03, 2009.
[1] عزيز العظمة، أزمنة التاريخ، مباحث في كتابة التاريخ الإسلامي، ترجمة علي رضا خليل روق، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مراجعة محمود محمد الحرثاني، الطبعة الأولى ، بيروت 2020، ص294-295.
[2] عزيز العظمة، التراث بين السلطان والتاريخ، منشورات عيون، المطبعة دار قرطبة للطباعة والنشر، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1987، ص53.
[3] عزيز العظمة، أزمنة التاريخ، مرجع سابق، ص118.
[4] عزيز العظمة، العلمانية من منظور مختلف، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت يناير 1992، ص41.
[5] عزيز العظمة، التراث بين السلطان والتاريخ، مرجع سابق، ص57.
[6] المرجع نفسه، ص151.
[7] عزيز العظمة، التراث بين السلطان والتاريخ، مرجع سابق، ص151.
[8] حسام الدين درويش، نموذج الأصولية (الدينية): مقاربة مفاهيمية وبنائية ونقدية، تكوين، يونيو 12، 2024، www.taqueen.com
[9] عزيز العظمة، التراث بين السلطان والتاريخ، مرجع سابق، ص170.
[10] عزمي بشارة، تأملات في مسألة الهوية، مجلة تبين، العدد 41، المجلد 11/11، صيف 2022، ص44.
[11] يوسف عدي، نقد المفاهيم في المشروع الفكري العربي: عزمي بشارة نموذجا، ، المركز العربي للأبحاث ودراسة السايسيات، سلسلة دراسات، 20يونيو 2019، ص5.
[12] عزيز العظمة، التراث بين السلطان والتاريخ، مرجع سابق، ص98.
[13] يوسف عدي، نقد المفاهيم في المشروع الفكري العربي: عزمي بشارة نموذجا، مرجع سابق، ص6.
[14] حسام الدين درويش، نموذج الأصولية (الدينية): مقاربة مفاهيمية وبنائية ونقدية، مرجع سابق.
[15] طه عبد الرحمان، حوارات من أجل المستقبل، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، الطبعة الأولى بيروت 2011، ص26.
[16] Myriam Revault d’Allonnes, « L’autorité des modernes », les siences de l’education, pour l’etre nouvelle, vol 42, n03, 2009, p.17.
[17] Hans Blumenberg, lebenszeit und weltzeit,suhrkamp taschenbuch wissenschaft, Auflage 2013, p.287.
[18] نزهة بو عزة، التجربة التاريخية الحداثية عند راينهارت كوزيليك، مؤمنون بلاحدود، 2021م، ص10.
[19] عزيز العظمة، العلمانية من منظور مختلف، مرجع سابق، ص228.
[20] طه عبد الرحمن، حوارات من أجل المستقبل، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، الطبعة الأولى بيروت 2011، ص31.
[21] حسام الدين درويش، منمنمات فكرية وحوارية في الفلسفة والحياة (اليومية) والقضية الفلسطينية، مؤسسة ميلسون، الطبعة الأولى، 2024، ص281.
[22] المرجع نفسه، ص282.
[23] عزمي بشارة، المجتمع المدني دراسة نقدية، مع الإشارة إلى المجتمع المدني العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الثانية، بيروت أكتوبر 2000، ص258.
[24] وائل حلاق، الدولة المستحيلة، الإسلام والسياسة ومأزق الحداثة الأخلاقي، ترجمة عمرو عثمان، مراجعة ثائر ديب، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الطبعة الأولى، بيروت تشرين الأول/ اكتوبر2014، ص53.
[25] طه عبد الرحمن، حوارات من أجل المستقبل، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، الطبعة الأولى بيروت 2011، ص19.
[26] كمال عبد اللطيف، نحو إعادة بناء قيم التنوير في عالم متغير، سرديات التنوير والإسلام، المفهوم وامكانات التأسيس، تحرير ياسين اليحياوي ومهند خورشيد، ، المعهد العالي لدراسات الإسلامية، جامعة مونستر 2023، ص68.
[27] عزمي بشارة، تأملات في مسالة الهوية، مرجع سابق، ص44.