تكوين
لم يكن القرآن الكريم في مواجهة مع الواقع السائد في مجتمع ما قبل الإسلام فحسب، بل كان في مواجهة مع افتراضات العقل العربي وتأكيداته السابقة، وتقييماته، وأحكامه، فدخل القرآن الكريم في خطاب سجالي مع تصورّات العربي قبل الإسلام قبولا ورفضا، ومن تلك التصورات اعتقادُهم أنّ تمنّيَ الشرّ سببٌ كافٍ لوقوعه، فعينُ الحاسدِ قادرة بمجرد النّظر على إلحاق الضرر بالمحسود، وما زال لهذا التصور القادم من الثقافة العربية قبل الإسلام حضور قوي في ثقافتنا اليوم، مُسبّبا الكثير من التوترات الاجتماعية، ومُضلِّلا العقل المسلم عن البحث في الأسباب الحقيقية لمشكلاته، مكتفيا بالتبرير بأنه محسود.
وتحمل كلمة الحسد في خطابنا المعاصر ثلاثَ مدلولات قديمة، فقد عرفتها الثقافة العربية قبل الإسلام:
١- فِعْلٌ قلبي، نوعٌ من المشاعر السلبية تتمثّل في تمني الحاسد الشرّ للمحسود، والحسد بهذا المعنى ليس مقصورًا على البيئة العربية، بل عرفته كل الثقافات والمجتمعات بوصفه نوع من الشعور الإنساني السلبي، وبهذا المدلول جاء تعريف الحسد في لسان العرب بأنّه “تمني زوال نعمةِ المحسود وذهابها إليك، والحسدُ معروفٌ، يُقال: حسده يحسد حسدا، وحسده إذا تمنّى أن تتحولَ إليه نعمة، فيتمنى أن تزول عنه وتكونَ دونه”. ([1])
٢- فِعْل سلوكي تآمري، يُوقِع فيه الحاسدُ الشرَّ بالمحسود، مثل حسدُ هابيل لقابيل حين قرّبا قربانا إلى الله، فتُقبّل من قابيل، ولم يُتقبل من هابيل، فحسده وهدده بالقتل، فذكّره أخوه بأنّ الله يتقبل من المتقين، غير أن مشاعر الحسد سيطرتْ عليه، وتحوّلتْ إلى فعل إجرامي، عندما أقدم على قتل أخيه، فأصبح من الخاسرين.
ومن أبرز نماذج الحسد بمعنى التآمر لإلحاق الضرر بالمحسود حسدُ إخوة يوسف “إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ. اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ. قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غيابة الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ”. [يوسف١٠:٨]
٣- نظْرةٌ من العين تُلحق الأذى الجسدي أو المادي بالمحسود، فكان العربي يتخيّلُ أنّ نظرةَ العينِ لها فِعْلُ الضرر بالآخرين عن بُعدٍ دون تدخلٍ بالفعل، وكأنّ شعاع من العين يخرج فيقتل المحسود أو يُمرضه، أو يُتلف مالَه، ونحو ذلك من أضرار..
فتصوّرُ العرب قبل الإسلام أنّ نظرة الرجل من قبيلة بني أسد كافيةٌ ليصبح الصالحُ فاسدا، والنافع ضارا، “فقالُوا: كانَتِ العَيْنُ في بَنِي أسَدٍ، وكانَ الرَّجُلُ مِنهم يَتَجَوَّعُ ثَلاثَةَ أيّامٍ فَلا يَمُرُّ بِهِ شَيْءٌ، فَيَقُولُ فِيهِ: لَمْ أرَ كاليَوْمِ مِثْلَهُ، إلّا عانَهُ أي عابه”.
وهنا يأتي السؤال: بأيّ مدلولٍ من تلك المدلولات العربية الثلاثة جاء معنى الحسد في القرآن الكريم؟
استعمل القرآن الكريم مشتقات كلمة “حسد” في أربعة مواضع بلفظ صريح، وفي موضع خامس بلفظ غير صريح.
١- ” وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ”. [البقرة:١٠٩] فاستخدمَ القرآنُ كلمةَ “حسدا” في التعبير عن تمنّي أحبار اليهود عودة المسلمين إلى الكفر.
٢- “أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ”. [النساء:٥٤]، فلم يخرج مدلولُ الفعل “يحسدون” عن تمنّيهم زوال النعمة.
٣- “فَسَيَقُولُونَ، بَلْ تَحْسُدُونَنَا، بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا”. [الفتح:١٥] تحكي الآية على لسان الأعراب قولهم: تحسدوننا أي تتمنون ألا يصلنا الخير المنتظر من الغنائم.
٤- قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ. مِن شَرِّ مَا خَلَقَ. وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ. وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي ٱلۡعُقَدِ. وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ”. [الفلق-٥:١] فلم يخرج “الحسد” في آيات سورة الفلق عن معنى المشاعر السلبية التي يحملها الحاسد، وقد تدفعه إلى سلوك عدواني تجاه المحسود، وفي ذلك يقول الإمام فخر الدين الرازي: “مِنَ المَعْلُومِ أنَّ الحاسِدَ هو الَّذِي تَشْتَدُّ مَحَبَّتُهُ لِإزالَةِ نِعْمَةِ الغَيْرِ إلَيْهِ.. ولَوْ تَمَكَّنَ مِن ذَلِكَ بِالحِيَلِ لَفَعَلَ، فَلِذَلِكَ أمَرَ اللَّهُ بِالتَّعَوُّذِ مِنهُ، وقَدْ دَخَلَ في هَذِهِ السُّورَةِ كُلُّ شَرٍّ يُتَوَقّى ويُتَحَرَّزُ مِنهُ دِينًا ودُنْيا، فَلِذَلِكَ لَمّا نَزَلَتْ فَرِحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِنُزُولِها لِكَوْنِها مَعَ ما يَلِيها جامِعَةً في التَّعَوُّذِ لِكُلِّ أمْرٍ، ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِشَرِّ الحاسِدِ إثْمُهُ وسَماجَةُ حالِهِ في وقْتِ حَسَدِهِ وإظْهارِهِ أثَرَهُ”.
٥- “وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ” [القلم: ٥١] جاء الحسدُ في تلك الآية بلفظٍ غيرِ صريح في قوله تعالى: “لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ”، والآية لم تخبرنا بأنّ نظرة عيونهم سبب لإلحاق الضرر بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم وإنما “يكاد من شدة العداوة الواضحة في عيونهم أن لو حدث هذا”.
فيظلّ الحسد في الآية في دائرة المشاعر وتمني الشرِّ، وهذا ما يُؤكّده الإمام فخر الدين الرازي (ت٦٠٦) في النّص الذي نقله عن الإمام الزمخشري صاحب الكشاف (ت ٥٣٨)، فيقول: “إنهم من شدّة تحديقهم ونظرهم إليك شزرا بعيون العداوة والبغضاء، يكادون يزلون قدمك من قولهم: نظر إلىّ نظرا يكاد يصرعني، ويكاد يأكلني، أيْ لَوْ أمْكَنَهُ بِنَظَرِهِ الصَّرْعُ أوِ الأكْلُ لَفَعَلَهُ، قالَ الشّاعِرُ:
يَتَقارَضُونَ إذا التَقَوْا في مَوْطِنٍ نَظَرًا يُزِيلُ مَواطِئَ الأقْدامِ. ([2])
وأنْشَدَ ابْنُ عَبّاسٍ لَمّا مَرَّ بِأقْوامٍ حَدَّدُوا النَّظَرَ إلَيْهِ:
نَظَرُوا إلَيَّ بِأعْيُنٍ مُحَمَّرَةٍ ∗∗∗ نَظَرَ التُّيُوسِ إلى شِفارِ الجازِرِ
وبَيَّنَ اللَّهُ تَعالى أنَّ هَذا النَّظَرَ كانَ يَشْتَدُّ مِنهم في حالِ قِراءَةِ النَّبِيِّ ﷺ لِلْقُرْآنِ وهو قَوْلُهُ: ﴿لَمّا سَمِعُوا الذِّكْرَ﴾
نخلص من ذلك إلى: أنّ مدلولات الحسد في القرآن الكريم لم تخرج عن المدلول اللغوي الأول في كونه مشاعر سلبية تتمثل في تمنّي الحاسد الشرّ للمحسود، واحتمالية إرادة المعنى الثاني بمعنى التآمر بالفعل على المحسود لإلحاق الضرر به.
وكأنّ القرآن الكريم يُؤكّد أن المدلول الثالث “وهو قدرة نظرة عين الحاسد على إلحاق الضرر عن بُعد” الأكثر تداولا في البيئة العربية حينها لا وجود له إلا في متخيّل صاحبه، وفي نفس من يعتقد فيه، وهذا ما لم يُهمله القرآن الكريم على المستوى النفسي، فدعا الخائفين والمتوهمين إلى الاعتصام بكلمات الله وترديدها حتي تهدأَ نفوسهم، ويتبدلَ خوفُهم وقلقُهم أمنا وسكينة، فآيات الرُّقية ليستْ موجهةً إلى عين الحاسد، ولا إلى الأثر الجسدي الذي أوقعتْه العينُ بجسد المحسود كما يُتصوّر، وإنما هي موجهة إلى تلك النفس المعتقدة في قدرة النظرة على إمراضها وإيذائها، فتفسيرُ أي ضررٍ بأنّه ناتجٌ عن الحسد، هو في الحقيقة ناشئٌ عن ربط اعتباطي بين الضرر الواقع وعين فلان الذي يعتقد المحسود مسبقا بقدرتها على إيقاع الضرر، إنه الاستعداد النفسي الذي يجعل صاحبه في حالة من الضعف والتوهم والشكّ والتوتر والخوف ممن حوله.. كيف يتصور العقل المسلم أن تلك الحالة النفسية التي يُؤكد العلم أنّها ناتجة عن محض تصورات داخلية لا وجود لها في الواقع الخارجي حقيقة دينية!!
إذا لم تكن آيات القرآن الكريم قد تبنّت هذا التصوّر العربي عن العين الحاسدة، فكيف تحولت هذه التصورات إلى مسلّمات مقدّسة في العقل الجمعي المسلم؟ فتُؤكّد كثير من الخطابات الدينية المعاصرة على “أنّ العينَ تُسبب الأمراض العضوية التي لا تستجيب إلى علاج الأطباء، كأمراض المفاصل، والخمول، والأرق، والحبوب والتقرحات التي تظهر على الجلد، والنفور من الأهل والبيت والمجتمع والدراسة، وبعض الأمراض العصبية والنفسية، ومن الملاحظ أن الشحوب في الوجه بسبب انحباس الدم عن عروق الوجه، والشعور بالضيق، والتأوه، والتنهد، والنسيان، والثقل في مؤخرة الرأس، والثقل على الأكتاف، والوخز في الأطراف يغلب على مرضى العين، وكذلك الحرارة في البدن، والبرودة في الأطراف”.
يعود تغلغل هذا التصوّر في ثقافتنا الإسلامية إلى التفسير بالأثرِ ففي مقابل التفسير العقلاني المعتزلي الذي قدّمه الإمام الزمخشري الذي حصر الحسد في المعنى الأول والثاني واستحالة المعنى الثالث عقلا، وُجدتْ تفسيرات عديدة تُفسّر الحسد في القرآن بأنّه “الإصابَة بِالعَيْنِ الحاسدة”، وجعلها الإمام الرازي الأشعري من الأمور المحتملة الحدوث عقلا، بأنْ تُصيبَ نفوسٌ قادرةٌ على التأثير نفسا قابلة للتأثّر، ويُقوّى هذا الاحتمال عنده الدَّلائِلُ السَّمْعِيَّةُ الناطِقَةٌ بِذَلِكَ، فيُرْوى أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ قالَ: “العَيْنُ حَقٌّ”([3])، وقالَ: العَيْنُ تُدْخِلُ الرَّجُلَ القَبْرَ والجَمَلَ القِدْرَ”([4]) وقال ابن حجر: “الإصابة بالعين شيء ثابت موجود”.([5]) واختيرتُ العين؛ لأنها أهم الوسائل وأكثرها استعمالا في الحسد.
فنحن أمام صوتين في التراث في التعامل مع أحاديث العين القادرة على التأثير عن بُعد أحدهما يتفق مع العلم والعقل والتجربة الواقعية وهو صوت المعتزلة الذين لا يُنكرون أخبار الآحاد جملة واحدة، ولا يقبلونها جملة واحدة، فلا يكتفون بصحة السند سببا لقبول الحديث، بل يخضعون المرويات الحديثية للعقل، وهو موقف علمي له ما يُشابهها في المدرسة الإخبارية التي حكمت على بعض الأحاديث بضعْف المتن رغم قوة السند، وهو ما عُرف عند بعض المعاصرين بالنقد العلمي والعقلي والتاريخي لرواية الآحاد.
فحديثُ “العين حق”، وإن صحّ سندا، لا يصح متنا عند المعتزلة، بقولهم: “تَأْثِيرُ الجِسْمِ في الجِسْمِ لا يُعْقَلُ إلّا بِواسِطَةِ المماسَّةِ، وهَهُنا لا مُماسَّةَ، فامْتَنَعَ حُصُولُ التَّأْثِيرِ”، فرأوا أنه يُمتنع عقلا وتجربة عملية أنْ يُؤثّر جسمُ إنسان في جسم إنسان آخر بمجرد الأمنية والنّظر دون أن يقترب منه بفعل أو تدبير. فالأقرب إلى العقل والواقع واللغة قول الإمام الزمخشري: “إِذا حَسَدَ أي إذا ظهر حسده وعمل بمقتضاه: من بغى الغوائل للمحسود؛ لأنه إذا لم يظهر أثر ما أضمره، فلا ضرر يعود منه على مَنْ حسده، بل هو الضارّ لنفسه لاغتمامه بسرور غيره. وعن عمر بن عبد العزيز: لم أر ظالما أشبه بالمظلوم من حاسد. ويجوز أن يُراد بشرّ الحاسد: إثمِه وسماجة حاله في وقت حسده، وإظهاره أثره”.
ورغم ذلك أُختطف المعنى القرآني، واُقتطع من سياقه، وأُلصق بالمدلول الثالث بمعنى العين الناظرة التي تُلحق الضرر بمجرد النظر عن بُعد، فحَمَّل العقلُ المسلمُ الكلمة بالحمولة دلالية الأبعد لغة، وعقلا، وتجربة واقعية، وحصرها فيها..
إيمانُ العرب بالحسد والتشاؤم منه والخوف من تبعاته، وتفسير الإخفاقات والمشكلات بالحسد تفسيرٌ يُنافي التفكير العلمي، ويضرُّ بالعقل، ويُفسد العلاقات الاجتماعية، فالقرآنُ سلّم بأنّ الحسد له وجود في حدود كونه مشاعر تدفع صاحبها لتمني زوال نعمة غيره، وتمني الشر له، وكلُّ البشر عُرضةٌ للإصابة بهذه المشاعر السلبية، وأنّ الحسدَ لا يضرُّ إلا عندما يتحول من عاطفة إلى سلوك وتدبير شرير لإلحاق الأذى بالمحسود، فهذا حسد تعدى المشاعر إلى سلوك ومؤامرة.. وعلى قدر إحكام المؤامرة يكون الأذى.. أمّا تمنى الشر ليس كاف لوقوع الشرّ، وإنْ تصوّرَ العرب قبل الإسلام أنّ هذا ممكنا.. فنزلت آيات القرآن تقول للخائفين من الحساد عليكم بآيات الفلق والناس واستعينوا باسم الله لتطمئنوا.. لو كان الحاسد في مقدوره أن يقتل أو يُمرض في الواقع لكانت الدول أعدت جيوشا من الحاسدين ووفّرت الأسلحة..
المراجع:
([1]) ابن منظور، لسان العرب، ج٤، ص١١٦.
([2]) إزلال مواطئ الأقدام: كناية عن الإهلاك، لأن من زلت قدمه سقط على الأرض وربما هلك. أي: ينظر بعضهم بعضا نظر الحسود المغتاظ، فتسبب عن ذلك زلل الأقدام عن مواطئها، وإيقاع الازلال على مواضع الأقدام: مجاز عقلي، لأنه محله، وفيه مبالغة في زلل القدم.
([3]) أخرجه البخاري، كتاب الطب، باب العين حق، ج٥، ص٢١٦٧، حديث رقم ٥٤٠٨.
([4]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج٩، ص٢٢٦.
([5]) فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج٢، ص٣٢٥.