صورة إبليس والشّيطان في القرآن

تكوين

إبليس من الملائكة أو من الجنّ؟

اختُلف في إبليس هل هو من الملائكة أو من الجنّ. ولهذا الاختلاف ما يبرّره، فمن آي القرآن ما يثبت الأمرين كليهما. إبليس هو من الملائكة إذا استندنا إلى استثناء القرآن إبليس من الملائكة الّذين سجدوا لآدم: “ثمّ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس لم يكن من السّاجدين” (الأعراف، 11). ولكنّ إبليس هو من الجنّ إذا استندنا إلى إحالة الله تعالى عليه بقوله: “كان من الجنّ” (الكهف، 50). وفي حال التّعارض بين الآيتين كان لزاما تأويل إحداهما لتتلاءم مع الأخرى. فأمّا الّذين عَدّوا إبليس من الجنّ، فقد أوّلوا الاستثناء بصفته منقطعا[1]، واعتبروا أنّ إبليس كان يتعبّد مع الملائكة يومها، وأنّه أُمر بالسّجود لآدم معهم. والّذين عدّوا إبليس من الملائكة أوّل بعضهم كلمة “الجنّ” بما هي تحيل على “أفضل صنف من الملائكة يقال لهم الجنّة“، و أوّل بعضهم الآخر الكلمة بما هي تشير إلى أصل إبليس بصفته حارس الجنان[2].

وإنّنا لا نريد لَيًّا لِعُنق أيٍّ من الآيتين. فغريب أن يكون إبليس بمحض الصّدفة في الجنان يوم أمر الله تعالى الملائكة بالسّجود لآدم. وغريب أن يسمّي الله تعالى إبليس بالجنّ لأنّه حارس للجنان، والحال أنّ للكلمة في سياقات القرآن معنى مختلفا كلّ الاختلاف. ونحن نحلّ الإشكال بأن نعتبر أنّ الآيتين تحيلان على إبليس، ولكن في سياقين “زمنيّين” مختلفين. فإبليس، إذ أُمر بالسّجود لآدم، كان من الملائكة، وكان في العالم الرّوحانيّ/الجنّة حيث خُلق آدم. وعندما رفض إبليس السّجود لآدم أُخرج من الجنّة: “قال فاخرج منها فإنّك رجيم-وإنّ عليك لعنتي إلى يوم الدّين” (ص،77-78)، وهبط إلى العالم الأدنى: “قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبّر فيها فاخرج إنّك من الصّاغرين” (الأعراف، 13). ومن هنا تكون إشارة القرآن إلى أنّ إبليس من الجنّ هي إقرارا “استباقيّا” بهويّته الجديدة بعد الهبوط من العالم الرّوحانيّ، ولا أدلّ على ذلك من أنّ الله تعالى ربط فسق إبليس أي عصيانه بما سيلحقه من إخراج من الجنّة وفقدان لذات الملاك ليغدوَ من الجنّ: “كان من الجنّ ففسق عن أمر ربّه” (الكهف 50).

إقرأ المزيد: محمد عابد الجابري باعتباره مفسرا للقرآن

ويشير القرآن إلى أنّ لإبليس “ذرّية”[3] يمكن أن تفهم بالمعنى المادّيّ أو بالمعنى المجازيّ. فأمّا المعنى المادّي فيقتضي تناسل الجنّ شأن تناسل الإنس، وأمّا المعنى المجازيّ فيعتبر أنّ من يتّبعون إبليس في العصيان هم من ذرّيته.

لماذا رفض إبليس السّجود لآدم؟

رفض إبليس السّجود لآدم احتقارا للمادّة الّتي منها خُلق آدم. إبليس يقولها صراحة: “قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون” (الحجر، 33). بل إنّ إبليس يتعجّب الأمر الإلهيّ ويستنكره: “أأسجد لمن خلقت طينا؟” (الإسراء، 61). ومنطلق هذا الاحتقار مقارنة إبليس نفسه بآدم أو بصفة أدقّ مقارنة إبليس بين المادّة الّتي خلقُ منها هو، وهي النّار، والمادّة الّتي خُلق منها آدم، وهي الطّين، لينتهيَ إلى إقرار قطعيّ مفاده أنّ النّار خير من الطّين. قال: “أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين” (الأعراف، 12).

مشكل إبليس الجوهريّ إذن هو الكِبَر. وهذا ما صرّح به القرآن مباشرة: “قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبّر فيها…“(الأعراف، 13). والكبر هو أبو السّيّئات جميعها. يمكن أن نعبّر عن الكبر بشكل آخر، إنّه عبادة الأنا وأهوائها بدل عبادة الله تعالى: “أرأيت من اتّخذ إلهه هواه” (الفرقان، 43).

ليس من الصّدفة أن يبدأ كلام إبليس التّبريريّ ب”أنا”:أنا خير منه“. الأنا هو موضع يجعل الكون كلّه يدور حول ذات وهميّة وفانية. وهميّة لأنّها متحوّلة، فما ترغب فيه اليوم ليس ما سترغب فيه غدا، وما تشعر به في هذه اللّحظة لا تضمن أن تشعر به بعد سنوات، فضلا عن أنّ جسدك يشيخ وخلاياك تتبدّل وأفكارك تتغيّر وانفعالاتك تتنوّع. والأنا ذات فانية، وهذا لا يفتقر إلى استدلال، فالمقابر مليئة بأشخاص كانوا يتصوّرون أنّ الشّمس لن تشرق في غيابهم.

إقرأ المزيد: من قضايا الإعجاز القرآني

وهذه الأنا تنسى أنّها وهميّة وفانية، وتنشد بشتّى الطّرق تحقيق أهوائها. وليس المشكل في أن ينشد الإنسان تحقيق الأهواء، فهذا جزء من مسيرة الحياة، المشكل في أن يتّخذ المرء أهواءه إلها، المشكل في أن يعبد الأهواء بدل أن يعبد الله تعالى. المشكل في أن يجعل نوازع النّفس الأمّارة بالسّوء تطغي على نوازع الرّوح فيه. المشكل في أن ينسى الشّخص أنّ في تحقيق بعض الأهواء ما يؤذي الغير أو ما يؤذيه هو نفسه.

أنا خير منه“، هذه العبارة يضمرها المرء كلّما أراد أن يبرّر لنفسه أنّه دوما على حقّ وأنّ الغير دوما مخطئ. “أنا خير منه” يضمرها المرء عندما يحسد سواه على ما وهبته إيّاه الحياة ناسيا أنّ كلّ ما نحن عليه من أشكال وهيئات يستند إلى حكمة إلهيّة عميقة. “أنا خير منه” يضمرها الشّخص عندما لا يرعوي عن إضرار سواه من أجل تحقيق مصلحته الخاصّة. “أنا خير منه” يضمرها الإنسان عندما يسخر من الغير أو يحتقره.

إبليس والشّيطان والنّفس الأمّارة بالسّوء:

هل إبليس والشّيطان واحد؟

يشير القرآن أحيانا إلى أنّ إبليس هو من أخرج آدم وزوجه من الجنّة، ويشير أحيانا أخرى إلى أنّ الشّيطان هو من أخرجهما منها. إبليس هو الفاعل في قوله تعالى: …”فسجدوا إلاّ إبليس أبى-فقلنا يا آدم إن هذا عدوّ لك ولزوجك فلا يخرجنّكما من الجنّة فتشقى” (طه 116-117). والشّيطان هو الفاعل في قوله عزّ وجلّ: “فأزلّهما الشّيطان عنها فأخرجهما ممّا كانا فيه” (البقرة، 36).

لتوضيح هذا كلّه يجب أن نعود إلى معنى كلمة “الشّيطان” في مختلف سياقات القرآن. وقد وجدنا أنّ هذا اللّفظ يُستعمل بمعنى حرفيّ أحيانا وبمعنى مجازيّ أحيانا أخرى.

كلمة الشّيطان “على الحقيقة”:

  • الشّيطان” في صيغة المفرد يحيل على إبليس بصفته أوّل من عصا أوامر الله تعالى وبصفته مكرّسا وجوده من أجل إغواء البشر. إبليس هو إذن الشّيطان الأصل، وتتفرّع عنه ذرّية ويساعده جنود من جنسه. ولهؤلاء نفس وظيفة إبليس في إغواء النّاس.
  • الشّيطان القرين“: تكرّر ذكر كلمة “القرين” في القرآن. يقول تعالى: “ومن يعش عن ذكر الرّحمان نقيّض له شيطانا فهو له قرين” (الزّخرف، 36). وهذه الآية صريحة في أنّ القرين هو شيطان فعليّ يسلّطه الله تعالى على بعض النّاس، فيلازمهم. وهذه القراءة تنفي ما هو شائع لدى الفقهاء من أنّ لكلّ إنسان قرينا وُكّل به. فلو كان الأمر كذلك لما خصّصت الآية وجود القرين بمن لا يذكر الله تعالى. بل إنّ التّخصيص يتكرّر في قوله عزّ وجلّ: “والّذين ينفقون أموالهم رئاء النّاس ولا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر ومن يكن الشّيطان له قرينا فساء قرينا” (النّساء، 38).
  • إنّ القرين الشّيطانيّ يلازم بعض النّاس ممّن ضلّوا ضلالا كبيرا. ويبدو أنّه كلّما ابتعد الإنسان عن ذكر الله تعالى وانغمس في أهوائه وغوايته، ظهر هذا القرين الّذي يشجّع المرء على ضلاله[4]. ويرافق هذا القرين الإنسانَ الضّالّ يوم القيامة[5]، فيتبرّأ الإنسان من القرين بمثل ما يتبرّأ الشّيطان القرين من الإنسان[6].
  • الشّياطين” في صيغة الجمع: تحيل غالبا على كائنات فعليّة لها شكل مخصوص بدلالة اعتماد صورتها في التّشبيه الحسّيّ: “طلعها كأنّه رؤوس الشّياطين” (الصّافّات، 65). والشّياطين هي كائنات من الجنّ القاسطين تحيا في العالم الأدنى، ولا يمكنها أن تبلغ العالم الرّوحانيّ. أمّا الاتّصال بالعالم المادّي فمتاح لها، ويمكنها في هذا العالم إيذاء البشر بإصابتهم بالمسّ: “…لا يقومون إلاّ كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ…” (البقرة، 275). وهي تُعلّم البشر الّذين يتّصلون بها السّحر: “…ولكنّ الشّياطين كفروا يعلّمون النّاس السّحر…” (البقرة، 102). وعلى الإنسان السّعي إلى حفظ نفسه من هذه الكائنات الشّيطانيّة المضرّة بالاستعاذة باللّه تعالى: “وقل ربّ أعوذ بك من همزات الشّياطين-وأعوذ بك ربّ أن يحضرون” (المؤمنون، 97-98). والقرآن يثبت أنّ الله هو الحافظ: “وحفظا من كلّ شيطان مارد” (الصّافّات، 7)، “حفظناها من كلّ شيطان رجيم” (الحجر، 17). وواضح هنا من استعمال المركّب الإضافيّ: “كلّ شيطان”، أنّ الشّياطين المقصودة هنا هي المجموعة كلّها لا إبليس وحده.

إقرأ المزيد: القراءةُ المعاصرةُ للقرآن الكريم: الخطوات التأسيسيةُ لمنهجِ إبراهيم بن نبي نموذجًا

كلمة “الشّيطان” على المجاز:

يفيد “الشّيطان” في القرآن معنيين مجازيّين:

  • الأوّل متّصل باستعمال للكلمة في صيغة الجمع. فالشّياطين بالجمع تحيل على أشخاص بشريّين اتّصفوا بالشّرور والآثام حتّى تلبّستهم، فغدوا شبيهين بكائنات الجنّ الشّيطانيّة. ويعمد القرآن إلى هذه الاستعارة في حديثه عن سادة المنافقين وكبرائهم: “…وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم…” (البقرة، 14). ونجد في موضع آخر إشارة صريحة إلى شياطين الإنس. “وكذلك جعلنا لكلّ نبيّ عدوّا شياطين الإنس والجنّ يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا…” (الأنعام، 112).
  • والمعنى المجازيّ الثّاني للشّيطان يحيل على مصدر الشّرور والآثام جميعها، وهذا الاستعمال شائع جدّا في القرآن، نكتفي بذكر قوله تعالى: “يتّبعون خطوات الشّيطان[7]. فالمقصود هنا أنّ هؤلاء يتّبعون المعاصي، و”كلّ معصية فهي من خطوات الشّيطان[8]. وإنّنا نقرأ كلمة “الشّيطان” في القرآن بصفتها استعارة عن النّفس الأمّارة بالسّوء، فهي مصدر الشّرور والآثام، وهي الّتي تدعو بإلحاح إلى ارتكاب المعاصي واتّباع الأهواء.

 ولنا على استعارة كلمة “الشّيطان” للدّلالة على النّفس الأمّارة بالسّوء حجج:

  1.  – ليس من الصّدفة أن نجد الله تعالى يسند إلى النّفس وإلى الشّيطان الفعل ذاته، وهو فعل الوسوسة. إنّ الشّيطان وسوس لآدم: “فوسوس لهما الشّيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما...” (الأعراف، 20)، “فوسوس إليه الشّيطان قال يا آدم هل أدلّك على شجرة الخلد وملك لا يبلى” (طه، 120). والنّفس هي أيضا توسوس للإنسان: “ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه…” (ق، 16). ولا يسند فعل الوسوسة في القرآن إلاّ للنّفس أو للشّيطان.
  2. يقول إبراهيم لأبيه: “يا أبت لا تعبد الشّيطان…” (مريم، 44)، ولا نعرف عن والد إبراهيم أنّه يعبد كائنا اسمه الشّيطان، وإنّما الشّيطان هنا إحالة مجازيّة على عبادة أب إبراهيم هوى نفسه باتّباعه دين آبائه.
  3. واعتبارنا الشّيطان محيلا على النّفس الأمّارة بالسّوء متّسق مع آيات قرآنيّة كثيرة. فالشّيطان يعد النّاس الفقر إذا أنفقوا أموالهم: “الشّيطان يعدكم الفقر…” (البقرة، 268)، وشحُّ النّفس هو الّذي يمنع الإنفاق: “…ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون…” (الحشر، 9). وكيد إخوة يوسف لأخيهم نُسب تارة إلى الشّيطان وطورا إلى النّفس. في الآية الخامسة من السّورة نجد قوله تعالى: “لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إنّ الشّيطان للإنسان عدوّ مبين“، وفي الآية 18 من السّورة نفسها نجد قوله عزّ وجلّ: “بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا“. وفي سورة طه نجد أنّ نفس السّامريّ قد زيّنت له الضّلال بمثل ما يزيّن الشّيطان الضّلال للإنسان[9].

وعموما يمكن أن نقرّ أنّ للإنسان عدوّا واحدا هو الشّيطان: “إنّ الشّيطان لكم عدوّ فاتّخذوه عدوّا…” (فاطر، 6). ولهذا العدوّ الشّيطانيّ وجهان:

  • الوجه الأوّل هو وجه الشّيطان الفعليّ أي وجه إبليس الّذي رفض تنفيذ أمر الله بالسّجود لآدم: …”فسجدوا إلاّ إبليس أبى-فقلنا يا آدم إن هذا عدوّ لك ولزوجك” (طه 116-117). وإذ أُطرد إبليس بسبب ذلك من الجنّة، فقد حمّل الإنسان مسؤوليّة هذا “السّقوط وترسّخت عداوة إبليس للإنسان أكثر فأكثر، وكرّس وجوده من أجل إغواء البشر وإبعادهم عن الصّراط المستقيم: “قال فبما أغويتني لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم” (الأعراف، 16). “قال ربّ بما أغويتني لأزيّننّ لهم في الأرض ولأغوينّهم أجمعين-إلاّ عبادك منهم المخلصين” (الحجر 40-41).
  • أمّا الوجه الثّاني للشّيطان، فهو الوجه المجازيّ ونعني النّفس الأمّارة بالسّوء.

وسواء ارتدى الشّيطان وجه إبليس وذرّيته أو وجه النّفس الأمّارة بالسّوء، فهو في الحالتين ينشد أمرا وحيدا يثبته قوله تعالى: “…وعدهم وما يعدهم الشّيطان إلاّ غرورا” (الإسراء، 64). إنّ هذه الآية تعتمد الحصر، وإذا كان جذر “غ،ر،ر” يفيد معنى الخداع، فهمنا أنّ كلّ ما يوسوس به الشّيطان غايته خداع الإنسان. وإذ أسلفنا أنّ إبليس رفض أن يسجد للإنسان بسبب الكبر جاز لنا أن نبحث في علاقة الخداع بالكبر.

أنّ الكبر متّصل بعبادة “الأنا”، والشّيطان يخادع الإنسان في علاقته بال”أنا” في مستويين:

  1. مستوى الظّاهر: في هذا المستوى يسلّم الإنسان قياده إلى النّفس الأمّارة بالسّوء متوهّما أنّها “أمّارة بالخير“. وتكون وظيفة الشّيطان الخداعيّة هنا تزيين القبيح، وتسويق الشّرّ في صورة الخير: “…كذلك زُيّن للكافرين ما كانوا يعملون” (الأنعام، 122)، “أفمن زُيّن له سوء عمله فرآه حسنا…” (فاطر، 8). وهاتان الآيتان تؤكّدان فكرة عميقة وهي أن لا أحد يفعل الشّرّ متصوّرا أنّه شرّ. وإنّما يفعل النّاس ما يتصوّرونه خيرا، أو لنقل إنّ كلّ شخص يجد مبرّرات لما يقوم به من أعمال، ووسوسة الشّيطان هي أساس هذه المبرّرات جميعها، ومن منّا لم يسمع شخصا يبرّر عملا سلبيّا مّا بأنّ “الشّيطان حضر“.
  2. مستوى الباطن: في هذا المستوى يصدّ الشّيطانُ الإنسان عن ذكر الله[10]. ويوهم المرءَ بأنّ “أناه” هي موجود فعليّ، والحال أنّ “الأنا” صورة عرضيّة عابرة. وحينها ينخدع المرء، ويتوهّم أنّه الفاعل الأوحد في الكون. وينسى أنّه ما تشاؤون إلاّ أن يشاء الله.

إنّ مخادعة الشّيطان للإنسان هي أن ينسيَه أنّ كلّ شيء هو من عند الله، وأنّه من المفروض أن يكون شكر الله تعالى شكرا غير انتقائيّ أو شكرا لا مشروطا. والشّيطان في صورة النّفس الأمّارة بالسّوء يبذل جهده لصرف المرء عن هذا الشّكر: “قال فبما أغويتني لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم-ثمّ لآتينّهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين” (الأعراف، 16).

 

المراجع:

[1]  الاستثناء المنقطع هو ما كان فيه المستثنى ليس من جنس المستثنى منه.

[2]  تفسير الطّبري للآية 50 من سورة الكهف.

[3]  “…أفتتّخذونه وذرّيته أولياء من دوني…” الكهف، 50.

[4]  ” وقيّضنا لهم قرناء فزيّنوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم…” (فصّلت، 25)

[5]  “وقال قرينه هذا ما لديّ عتيد” (ق، 23)

[6]  انظر سورة (ق، 27)

[7]  وردت الصّورة في القرآن أكثر من مرّة: البقرة، 186-البقرة، 208- الأنعام، 142- النّور، 21.

[8]  تفسير ابن كثير للآية 21 من سورة النّور.

[9]  ” وكذلك سوّلت لي نفسي” (طه، 96) وتعني عند جلّ المفسّرين “زيّنت”.

[10]  “إنّما يريد الشّيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدّكم عن ذكر الله وعن الصّلاة فهل أنتم منتهون” (المائدة، 91)

    اقرأ ايضا

    المزيد من المقالات

    مقالك الخاص

    شــارك وأثــر فـي النقــاش

    شــارك رأيــك الخــاص فـي المقــالات وأضــف قيمــة للنقــاش، حيــث يمكنــك المشاركــة والتفاعــل مــع المــواد المطروحـــة وتبـــادل وجهـــات النظـــر مــع الآخريــن.

    error Please select a file first cancel
    description |
    delete
    Asset 1

    error Please select a file first cancel
    description |
    delete