تكوين
لا تزال الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية -المنحصرة ربما في تطبيق بعض الأحكام والحدود الدينية مثل رجم الزاني، وقطع يد السارق- حاضرة وبقوة في الوعي الإسلامي، وإذ تأتي مشروعية هذه الحدود وتطبقها فعليًا بعض التيارات الدينية والدول الإسلامية، من استنادها إلى نصوص دينية مقدسة وعلى رأسها القرآن، فإن ذلك يستدعي قراءة هذه النصوص قراءةً معرفيةً، ومن هذه القراءة ستتناول الدراسة حدٌّ من الحدود الدينية ألا وهو حدُّ الزنا.
لقد تَنَزَّل القرآن على واقعٍ شديد الفرز طبقيًا، فهناك إماءٌ وحرائرٌ، عبيدٌ وأسيادٌ، وعلى الرغم من أنَّ المساواةَ التامة بين البشر على اختلاف أجناسهم وأعراقهم وأنواعهم، تُعدُّ من المقاصد التأسيسية للقرآن بدلالة قوله: ” إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ”، إلا أنه شُرعت آياتٌ نتج عنها قوانين تخصُّ الإماء والعبيد، وذلك وفقًا لتفاعلهِ مع الواقع، ويبدو أنَّ موقفَ القرآن بخصوص -قضية الزنا- كان ملتبسًا، إذ كيف سيتناولُ مثل هذه القضية في مجتمعٍ كانت الإماءُ فيه مُباحةً للوطءِ؟! حيثُ “كان زنا الإماءُ لا يُعدُّ عيبًا إذا كان بعلم مالكهن وبأمره، أما الزنا الذي يعاقب عليه الجاهليون هو زنا المرأة المُحْصَنَةِ من رجلٍ غريبٍ بغير علمِ زوجها، أما الرجل فلا يلحقهُ أذىً إن زنا بامرأة، بل كان يفتخر باتصاله بالنساء، ويعد ذلك من الرجولة، حتى اشتهر بين عرب الجاهلية رجالٌ فحولٌ من الزناة تباهوا بفعلهم وضُرب بهم المثلُ لكثرة زناهم” ([1]).
ومن ثمَّ تُعدُّ قضية الزنا من قضايا الخطاب القرآني الاجتماعي، وتُعتبرُ من القضايا الحدودية التي أوجبَ القرآن عليها عقابًا تدريجيًا ضمنَ حوارهِ وتفاعلهِ مع الواقع الذي تَنَزَّلَ فيه، فكيف حدد القرآن ذلك العقاب وفقًا لسياسته التدريجية؟، وما أثرُ ذلك في واقع الجزيرة العربية آنذاك؟، وكيف تناولَ المفسرون والفقهاء تلك القضية؟
الجَلد بوصفه عقوبةً قُرآنية في مقابل الرَّجم بوصفهِ عقوبةً سُنِّية:
شَرَّعَ القرآنُ عقابًا اجتماعيًا للزنا، في قوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ..} (سورة النور آية: 2)، وعلى الرغم من خلو القرآن من آيات أخرى تُشيرُ إلى العقاب على فعل الزنا، إلا أنَّ الفقهاء أدرجوا قوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ ۖ فَإِن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} (النساء: 15)، متوهمينَ وللغرابة أنَّ الفاحشةَ المذكورةَ في هذه الآية تعني فقط فاحشةُ الزنا، في حين أنهُ من الجائز أن يكون معنى الفاحشة في الآية ليس متوقفًا علي فعل الزنا، بما يتوافق مع المعنى اللُغوي لمفردة فاحشة، إذ هي (كلُّ فعلٍ تَعْظُمُ كراهيتهُ في النفوس، ويُقَبَّحُ ذكرهُ في الألسنة) وفق ما جاء في اللسان العربي، ووفقًا لهذا المعنى، فالقتلُ يُعدُّ فاحشةً والسرقة تُعدُّ كذلك فاحشة والكذب فاحشة وكذلك الزنا، فالزنا فاحشة ولكن ليست كلُّ فاحشة بالضرورة زنا.
والجديرُ بالذكرِ أنَّ الطبري في تفسيرهِ لقولهِ تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ..} (الأنعام: 151) نفي أن يكون معنى الفاحشة في هذه الآية هي فعلُ الزنا، موضحًا أنَّ الفاحشة معنى عام غيرُ مقتصرٍ فقط على الزنا، وفقًا لقوله: “فالظاهر من التنزيل على النهي عن ظاهر كل فاحشة وباطنها، ولا خبر يقطعُ العُذر بأنه عُنِيَ به بعض دون جميع” ([2]).
ولذا فإنَّ إصرار الفقهاء على جعل آية النساء هذه التي تطرحُ الحبسَ والإيذاءَ بوصفهما عقابًا علي الفاحشة أي عقابًا على الزنا، قد وقعوا في إشكالية كبرى، نتيجةً لتباين العقاب بين الحبس والإيذاء في آية النساء من جهةٍ وبينَ الجلد في آية النور من جهةٍ أخرى، ومن ثمَّ فقد أجمعوا على أنَّ آية النساء الخاصةِ بعقاب الحبس والإيذاء منسوخة، وبافتراضهم هذا الحل “النسخ”، قد وقعوا في مأزق أكبر، وانحصر هذا الاختلاف بالطبع في الناسخ الذى نسخها أهو سورة النور أم حديث عُبادة بن الصامت والذي فحواهُ “أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه الوحي نَكَّسَ رأسهُ، ونَكَّسَ أصحابهُ رؤوسهم، فلما سُرِّيَ عنهُ رفعَ رأسهُ فقال: قد جعل الله لهنّ سبيلًا الثيِّبُ بالثيب، والبكرُ بالبكر. أما الثيبُ فتُجلدُ ثم ترجمُ، وأما البكرُ فتجلد ثم تُنفى” ([3]).
ومع ذلك فقد اختلفوا أيضًا في هذا الحديث، لأنهُ أقرَّ بجلدِ ورجمِ الثيب وجلدِ ونفي البكر، في حين أنَّ هناك رواياتٌ أخري تُشيرُ إلى أنَّ النبي أقرَّ الرجم فقط دون الجلد في حق الثيب وأقرَّ الجلد دون النفي في حق البكر، ويأتي الشافعي محاولاً الخروجَ من تلك الأزمة، وموحدًا تلك الخلافات باستخدامهِ “الناسخ والمنسوخ”.
ففي البداية أقرَّ الشافعي بأنَّ آية النساء قد نُسخت بآية النور “الزانية والزاني فاجلدوا…”، وما لبث أن نسخَ آية النور الخاصةِ بالجلد بحديث عبادة بن الصامت السالف ذكرهُ، وفقًا لما أقرَّ بقوله: “نسخَ اللهُ الحبسَ والأذى في كتابه فقال: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}، فدلت السُنَّة على جلد المائة للزناة الأبكار الأحرار منسوخ عن الثيبين وأن الرجم ثابت على الثيبين الحُرَّين. لأنَّ قولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلًا: البكر بالبكر جلدُ مائة وتغريبُ عام والثيب بالثيب جلدُ مائةٍ والرجم” أول ما نزل، فنسخ به الحبس والأذى عن الزانيين” ([4]).
ولما كان حديثُ عبادة يُوجبُ الجلدَ مع الرجم حدًّا للثيب، فهو بذلك يتناقضُ مع وقائع الرجم المروية عن الرسول (ص)، لأنه رجمَ ولم يجلد، بيد أنَّ الشافعي لكي يخرج من هذا المأزق، استخدم آليتهُ المعهودة “آلية النسخ” فنراهُ بعد أن نسخ آيتيْ النساء بآية النور، ونسخ آية النور بالحديث، نَسخَ بالمثل هذا الحديث بوقائع الرجم الفعلية، وفقَ قوله: “فلما رجم النبي ماعزًا ولم يجلدهُ وأمرَ أُنيسًا أن يغدو على امرأة الأسلمي فإن اعترفت رجمها: دلَّ على نسخ الجلد عن الزانيين الحُرَّين الثيبين وثبت الرجم عليهما لأن كل شيء أبدًا بعد أول فهو آخر” ([5]).
إنَّ ما فعلهُ الشافعي -على وجه الخصوص- من خلال إقراره نسخ آية النور بحديث عُبادة، فإنه بذلك قد نسخ القرآن بالسنة، في حين أنه هو ذاته قد أكد أنَّ السُنَّة لا تَنسخُ القرآنَ أبدًا، إنما هي شارحةٌ ومفسرةٌ لهُ، إلى جانب ذلك، فقد ضَعَّفَ الطبري هذا الحديث بقوله: “السبيلُ التي جعلها الله جلَّ ثناؤهُ للثيبين المحصَنَيْن، الرجمُ بالحجارة، وللبكرين جلدُ مئةٍ ونفيُ سنةٍ لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهُ رَجم ولم يجلد وإجماعُ الحجة التي لا يجوزُ عليها فيما نقلته مجمعةً عليه، الخطأُ والسهوُ والكذبُ وصحةُ الخبرِ عنهُ أنه قضى في البكرين بجلد مئة ونَفْيُ سنة، فكان في الذي صحَّ عنهُ من تركهِ جَلدُ من رُجم من الزناة في عصره، دليلٌ واضحٌ على وهَاءِ الخبرِ الذي رُوي عن الحسن، عن حَطان، عن عُبادة، عن النبي صلي الله عليه وسلم أنهُ قال: السبيلُ للثيبِ المحصن الجلدُ والرجمُ” ([6]).
علاوةً على ذلك، فإنَّ حديثَ عُبادة هو حديث آحاد، ولعل هذا ما جعل الخوارج ينفون الرجم نفيًا تامًا بحجة أنهُ لا يجوزُ نسخُ القرآن القطعي بخبر الواحد، “لأن الكتاب قاطع في متنه، وخبر الواحد غير قاطع في متنه، والمقطوع راجح على المظنون. مؤكد على أن حكم الزاني في القرآن هو الجلد فحسب، وكذلك إذا كان حكم العبد المملوك هو نصف ما للحر، والرجم لا نصف له، بينما الجلد له نصف وهو ثابت بالقرآن” ([7]).
وإذا جرى الاحتجاج بأنَّ ضَعف حديث عُبادة هذا المُؤسِسُ لحدِّ الرجم لا ينفي وقوع الرجم بوصفهِ ممارسةً اجتماعيةً أقرَّها النبي (ص)، فإن الردَّ على ذلك سيكونُ من خلال استدعاء وتحليل الروايات التي تُوضح ذلك، لبيان هل أقرَّ النبي هذا الحد؟ وعلى أي نحوٍ كان هذا الإقرار؟!
لعلَّ ما اشتُهرَ من الروايات الخاصة بإقامة حدِّ الرجم على من فعل فاحشة الزنا هما واقعتان: الأولى هي واقعةٌ خاصةٌ برجلٍ يُدعى ماعز بن مالك، حين أتى النبي (ص)، فقال لهُ إني أصبتُ فاحشةً فأقم عليَّ الحد، والجديرُ بالذكر أنَّ هذه الواقعة لم يُرد ذكرها في روايةٍ واحدةٍ ثابتة وصحيحة، بل تعددت الروايات بشأنها إلى حدِّ التناقض، فيروي مُسلمٌ في صحيحه هذه الروايات جنبًا إلى جنب رُغم تباينها! فواحدةٌ توضحُ أنَّ ماعزًا أتى الرسولَ يعترفُ بزناه، فيرده النبي مرارًا -بمعنى أنَّ النبي لم يرد إقامة الحد عليه في البداية رُغم إصراره هو “أي ماعز”-، ويُقال أنهُ ردهُ أربع مرات وهو ما يعادلُ الشهادة بالأربع وفقَ ما أقرَّهُ القرآن من شرط إقامة الحد، وتوضح هذه الرواية أنَّ من أقاموا الحدَّ عليه، لم يوثقوه ولم يحفروا له حفرةً، بل رموه فقط بالحجارة حتى مات، حديثُ رقم (1694)، رواهُ مُسلمٌ عن أبي سعيد.
حد رجم الزاني
وروايةٌ أخرى توضحُ أنَّ ماعزًا لم يأت إلى الرسول، بل أُوتيَ به. وتوضحُ هذهِ الروايةُ أيضًا أنَّ ماعزًا شَهِدَ على نفسهِ أربعَ مراتٍ أنهُ زنا. حديث رقم (1692). رواهُ مُسلمٌ عن جابر بن سَمرة.
وأُخرى تُوضح أنَّ هناك من أخبر الرسول أنَّ ماعزًا قد زنا، “عن بن عباس أنَّ النبي (ص) قال لماعز بن مالك “أحقٌّ ما بلغني عنك”، قال وما بلغك عني، قال “بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان”، قال نعم، قال فشهد أربع شهادات، ثم أُمرَ به فرجم” حديث رقم (1693). وفي أخرى تُوضح كيفية الرجم بأنهُ حفروا له حفرةً، على عكس السالفة التي رموه بالحجارة دون الحفرة، حديث رقم (1695).
أمَّا الواقعةُ الأخرى التي يُقالُ أنَّها وقعت بعد رجم ماعز، هي “واقعةُ الغامدية”، والغامديةُ هذه هي امرأة أتت كذلك إلى النبي تعترف بزناها والذي -صلى الله عليه وسلم- ما زال يردها بقوله: “ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه”، رُغم إصرارها أن يُقام عليها الحدُّ لأنها حُبلى من الزنا، فيوردُ مُسلمٌ روايتين عن هذه الواقعةُ، الأولى تُوضحُ أنَّ الرسول رجمها بعد أن وضعت وفطمت طفلها، والثانيةُ تُوضحُ أنه رجمها بعد الوضع دون الفطام. حديث رقم (1695).
ويبقى السؤال إذا كانت واقعة الرجم تحدثُ على مسامع الأشهاد، فلماذا تباينت الروايات إلى درجةِ التناقض؟! وعلى الرُغم من تعدد هذه الروايات وتباينها، إلا أننا لا نجدُ روايةً واحدةً فيهم ذكرت إذا كان ماعزًا أو الغامدية قد أُحصنوا، ليستحقا عقوبةَ الرجم، لأنَّ عقوبة الرجم لا تُطبقُ، إلا على من أُحصن!
من أين أتى الرجمُ إذًا؟!، لقد كان الرجمُ معمولاً به في الشريعة اليهودية، كما روى البخاري في صحيحه “أنَّ أناسًا قد أتوا إلى النبي بيهودي ويهودية قد زنيا، وحين سألهم النبي في البداية ماذا تجدون في كتابكم كعقاب على هذه الفاحشة، ادعوا أنَّ عقابها هي تحميم الوجهِ “أي تسويد الوجه”، والتَّجبيهَ “أي رُكوب الحمار بالمقلوب”، فأشار عبد الله بن سلام على النبي أن يأتوا له بالتوراة التي وجدوا فيها أن الرجم هو العقاب على هذه الفاحشة، رُغم محاولة أحدهما إخفاء ذلك، بوضع يده على الآية المعنية بذلك” ([8]).
وانطلاقًا من هذه الروايةُ فربما ظَنَّ المسلمون أنَّ النبي حينما أمر برجم اليهودي واليهودية بناءً على الشريعة اليهودية، قد أقرَّ كذلك الرجم في الشريعة الإسلامية، وقد ذهب بعضُ العلماء بأنه إذا كان الرجم موجودًا في الشريعة اليهودية فلعلَّ الجلدَ الذي ذُكر في القرآن بوصفه عقابًا للزنا ناسخًا لحدِّ الرجم، وذلك لاعتقادهم بأن الشريعة الإسلامية ناسخةً لليهودية، ولعل ما يُحققُ ذلك ما رواهُ الشيبانيُ حينما سَأل عبد الله بن أبي أوفي، “هل رَجَمَ رسول الله (ص)؟، قال: نعم، قلتُ: قبلَ سورة النور أم بعد؟، قال: لا أدري” ([9])، وقد أقرَّ أبو بكر الرازي ذلك بقوله: “آيةُ الحبس منسوخة بالحديث، ويكون الحديث منسوخاً بآية الجلد” ([10]).
وإذا سلمنا جدلاً بأنَّ حدَّ الرجم مُورس في عهد النبي، فهو لم يخرج عن كُونهُ ممارسة اجتماعية تاريخية، وليس حدًا دينيًا مطلقًا، بدليل أنَّ النبي ذاتهُ امتنع عن تدوينه في القرآن، وذلك عندما أتاهُ عمر بن الخطاب يستأذنهُ في كتابة الرجمِ كآيةً تَرِدُ في القرآن، فلم يَأذن له النبي بذلك، وهذا ما أخرجهُ الحاكم عن طريق كثير بن الصَلتْ، قال: “كان زيدٌ بن ثابت وسعيدٌ بن العاص يكتبان المصحف، فمرَّا على هذه الآية فقال زيدٌ: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول (الشيخُ والشيخةُ إذا زنيا فارجموهما البتَّة)، فقال عمر: لمَّا نزلت أتيتُ النبي-صلى الله عليه وسلم- فقلتُ: أأكتبها؟ فكأنه كرهَ ذلك” ([11])، وفي روايةٍ أخرى “أخرج النسائيُّ: “أنَّ مروان بن الحكم قال لزيدٍ بن ثابت: ألا تكتبها في المصحف؟ قال: ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان! ولقد ذكرنا ذلك، فقال عمر: أنا أكفيكم، فقال: يا رسول الله، اكتب لي آية الرجم قال: لا تستطيع. قوله: (اكتب لي) أي: ائذن لي في كتابتها، أو مكني من ذلك” ([12]).
ووفقًا لهاتين الروايتين فالآية لم تُرفع بأمرٍ إلهي، إنما المنعُ عن تدوينها كان بأمرٍ من الرسول ذاته.
وإذا جرى الاحتجاج بأنَّ الرجم كان آية من القرآن نُسخت تلاوتها وبقي حكمها بحسب ما ذهب إليه الفقهاء، فها هو عمر بن الخطاب، الذي يتفانى في التأكيد على قرآنية حدِّ الرجم بقوله: “والذي نفسي بيده، لولا أن يقول الناس زادَ عمر في كتاب الله تعالى لكتبتها “الشيخ والشيخة فارجموهما البتة”، فإنا قد قرأناها” ([13])، يُمنع أُبيٌّ بن كعب استقراء الرسول لهذه الآية وذلك وفقًا لما أقرَّهُ أُبىٌّ بقولهِ متعجبًا من عمر “أليس أتيتني وأنا أستقرئها رسول الله -صلي الله عليه وسلم- فدفعتُ في صدري وقلتُ: تستقرئهُ آية الرجم، وهم يَتَسَافَدُونَ تَسَافُدَ الحُمُرِ؟” ([14]).
كما نجدُ الإمام السيوطي الذي يندهشُ ويتعجبُ من إصرار العلماء على جعل الرجم ممن بقي حكمهُ في الإسلام، بقوله: “إذا كان هدفُ النسخ هو التيسير على الناس ورفعُ المشقة عنهم، فكيف يبقى هذا الحكم وهو أثقل الأحكام وأشدها، وأغلظ الحدود، وفيه الإشارة إلى ندب الستر!” ([15]).
“الجَلدُ والرجمُ” بوصفهما عقوبتان اجتماعيتان إجرائيتان “مجتمعُ المدينةِ نموذجاً”
شُرِّعَتِ الآياتُ الخاصة بحدِّ الزنا في مجتمع المدينة، بعد أن هاجر النبي-صلي الله عليه وسلم- وأتباعه من المسلمين إليه، وذلك وفقًا لما أقرَّهُ بعض العلماء بأن “كل آية توجب الحد وتعتبر من الفواحش فهي آية مدنية” ([16])، ولعله كان من أهم أسباب تشريع مثل هذا الحدِّ، “أنَّ النبي (ص) قد أدرك على الفور محطَ اهتمام المسلمين -سواءٌ اليثاربةُ أو المهاجرين- من الرجال والنساء إذ كانت العلاقة بينهم على درجة عالية من التوقد والتوهج، -أي كانوا تواقين للوطء محبين له- إلى جانب ذلك واجهَ الرسول معضلة اجتماعية من أعقد المشاكل الاجتماعية التي صادفته في مجتمع يثرب وهي (مشكلة المغيبات)، وهنَّ الزوجاتُ اللاتي يشتركُ أزواجهن في الغزوات والسرايا، فكان على الرسول أن يضمن للمحاربين والغازين تغطية مسكنه وسلامة إنائه حتى يرجع، وإلا أحجمَ الرجالُ على الانخراط في الغزوات والسرايا خوفًا على بيوتهم، ووقوع نسائهم في الفاحشة” ([17])، ومن ثمَّ كان من الضروري تشريعُ حدًا ترهيبيًا يمنعُ الناس في ذلك الوقت عن الوقوع في الزنا.
علاوةً على ذلك كان نتيجة تعدد الطوائف في مجتمع المدينة بين مؤمنين قد آمنوا بالله ورسوله قبل الهجرة، ومشركين لم يدخل الإيمان إلى قلوبهم، ويهود قد استمسكوا بما توارثوه من دينهم، والمنافقين الذين ادعوا الإيمان ولكنهم أخفوا المكيدة والحقد للرسول وتابعيه، أن نشأت علاقة بينهم كانت مليئة بالنزاعات والحروب المُسجلة في كتب التاريخ والسير، وكان النصر حليف المؤمنين في كثير من تلك الحروب والغزوات، وقد أدرك الكفار والمشركين ومعهم اليهود، أنَّ تفوق المسلمين وتحقيق الكثير من الانتصارات ليس راجعًا إلى عوامل اقتصادية، لأن وسائل العرب كُلها كانت في أيدي الكفار، وكذلك لم يكن السبب راجعًا إلى كثرتهم في العدد لأن المشركين كانوا أضعاف المسلمين في العدد والعُدَّة، وإنما يُعزى ذلك الانتصار إلى تفوقهم المعنوي، وأنَّ هذا التفوق كان نابعًا من الإيمان بقائدهم “الرسول” (ص)، وما يَحُثُّهُم على طهارة النفوس، والأخلاق والقيم الفردية والجماعية.
ولذلك لم يجد المشركون أمامهم سوى إحداث الفتن داخل نظام المسلمين، بخاصةً نظامهم الأخلاقي، فأخذوا يدفعون “أصحاب الرايات” وهنَّ نسوة كنَّ معروفات بالزنا من أهل الشرك، يَعرضنَ أنفسهنَّ إلى المسلمين، الذين ما لبثوا أن استأذنوا النبي (ص) في نكاحهن، “إذ كُنَّ يومئذٍ أخصبُ أهلُ المدينة، أي يتمتعن برغدٍ ورفاهية في العيش، فرغب في كسبهنَّ أناسٌ من فقراء المسلمين المهاجرين، فقالوا: لو أنَّا تزوجنا منهن، فعشنا معهن إلى أن يغنينا الله تعالى عنهن، فأنزل الله تحريمهن على المؤمنين في قوله تعالى: { الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } (سورة النور آية :3)”([18])، بمعنى “أن الزاني من المؤمنين لا يتزوج إلا زانية أو مشركة، لأنهن كذلك، والزانية من أولئك البغايا لا ينكحها إلا زان من المؤمنين أو المشركين أو مشرك مثلها، لأنهن كن مشركات” ([19]).
ولم يكتف المنافقين والمشركين بإحداث الفتن في صفوف المسلمين، بدفع أصحاب الرايات إليهم، بل عملوا على هزِّ ثِقتهم في قائدهم “النبي”، ويتضحُ ذلك ربما في “حادثة الإفك” المشهورة والتي فحواها أنَّ عائشة (رضي الله عنها) قد ذهبت مع النبي في إحدى غزواته وفي أثناء العودة خرجت إلى الركب لتلتمس عَقدًا لها قد ضاع، فتركها الركبُ بعد أن حملوا هَودَجَهَا معتقدين أنها بداخله، فظلت في المكان الذي كانت القافلة معسكرة فيه مُؤملة عودتهم للبحث عنها، فإذا هي جالسةً أتاها “صفوانٌ بن المُعطلِ السُّلَمِي” وقد تَخلفَ عن العسكر لبعض حاجته، فلم يبت مع الناس، فرأى سوادها فأقبل حتى وقف عليها، وقد كان يراها قبل أن يُضرب الحجاب، فلما رآها قال: “ما خَلفكِ يرحمكِ اللهُ؟”، فما كلمته ثم قرب البعير فقال: “اركبي” وتأخر عنها، فركبت وأخذ برأس البعير فانطلق سريعًا يطلبُ الناس، فاتهمهما أهلُ الإفك بالوقوع في الزنا.
فأنزلَ الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} (سورة النور آية: 4)، إلى أن شَرع براءتها في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ..} (النور:11)، بعد أن شك النبي ذاته في زوجته وفق ما رُوي عن عائشة نفسها أنها قالت: “دعا رسول الله صلي الله عليه وسلم عليًّ بن أبي طالب، وأُسامة بن زيد، يستشيرهما في فراقها، فأشار عليه أسامة ببراءتها، وأما عليٌّ فقال: لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير، وأشار علي النبي أن يسأل جاريته” ([20]). ومن ثمَّ فلعلَّ تشريع حدِّ الزنا كان مرتبطًا بالأساس بحادثة إفك عائشة، بل نرى “أبو الأعلى المودودي” في تفسيره لسورة النور يذهبُ إلى أبعد من ذلك ويوضح أنَّ سورة النور بأكملها نزلت في شأن عائشة.
إلى جانب ذلك فلم يكُ واقعُ المدينة وحدهُ سببًا لتشريع مثل هذا الحد، بل كان الحدُّ ذاتهُ يُطَوَّعُ وفقًا لملابسات هذا الواقع، ويتجلى ذلك من خلال تباين الروايات المرتبطة بهذا الشأن، فهناك -على سبيل المثال- من أتى الرسول (ص) يعترفُ أنه زنا، ويطلبُ منه أن يقيم عليه الحدُّ، “عن أبي هريرة قال: أتى رجلٌ رسول الله وهو في المسجد فناداهُ، فقال يا رسول الله إني زنيت، فأعرضَ عنهُ حتى ردد عليه أربع مراتٍ، فلما شَهد على نفسهِ أربع شهاداتٍ، دعاهُ النبي فقال: أبكَ جنونٌ؟ قال: لا، قال: فهل أحصنت؟ قال: نعم، فقال النبي (ص): اذهبوا به فارجموه” ([21]).
وهناك رواياتٌ أخرى تُوضحُ الموقف نفسهُ “وهو من أتى الرسول ليعترف بزناه” ولكنها تختلف، بل وتتناقض في العقاب، “عن مالك بن أنس قال: كنت عند النبي (ص) فجاءهُ رجلٌ فقال: يا رسول الله إني أصبتُ حدًّا فأقمهُ عليَّ، قال: ولم يسأله عنه قال: فحضرت الصلاة فصلى مع النبي (ص)، فلما قضى النبي الصلاة قام إليه الرجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حدًّا فأقم في كتاب الله قال: أليس قد صليت معنا؟، قال: نعم قال: فإن الله قد غفر لك ذنبك، أو قال: حدُّك” ([22]).
وتظلُّ هذه الروايات تتأرجحُ بين إقامة الحدِّ والتشديدِ فيه تارةً، وعدمُ إقامتهِ والعفو أو سَترُ مرتكبهِ تاراتٍ، فهناك من أتى الرسول (ص) ليخبرهُ أنَّ رجلاً قد زنى، فيقولُ له الرسول لو سترتهُ بردائك لكان خيرًا لك، “فعن سعيدٍ بن المُسِيِّبِ أنه قال: بلغني أن رسول الله (ص) قال لرجلٍ مِن أسلم يُقالُ لهُ هُزال: يا هُزال لو سترتهُ بردائك كان خيرًا لك” ([23]).
فالمتأملُ في هذه الروايات، -إن صحَّت عن الرسول (ص)-، يرى كيف كان الواقعُ الاجتماعي يُطَوِّعُ الحدَّ وفقًا له، فهو المتحكم في تطبيق الحدِّ أو عدم تطبيقهِ هذا من جهةٍ، ومن جهةٍ أخرى، يرى أنَّ النبي (ص) لم يكن توَّاقًا إلى إقامة الحدود، ولكن الواقع أحيانًا كان يُجبرهُ على ذلك.
وتبعًا لذلك فإذا كان تشريعُ حدًّا للزنا قد ارتبط بملابساتٍ وظروفٍ اجتماعيةٍ محددةٍ، أدَّت إلى ضرورة تشريع مثل هذا الحد، فإنَّ ذلك يعني أنهُ ليس حدًّا مطلقًا وثابتًا، بل مرحليًا ظرفيًا توقف تشريعهُ بطبيعة الحال على مجتمع المدينة آنذاك.
العقابُ الاجتماعي في مقابل العقاب الأُخروي:
ولئن كانَ القرآنُ أقرَّ بعقاب اجتماعي للزنا تَمَثَّلَ في الجَلدِ، فإنهُ في مقابلِ ذلك قد وضع شروطًا لهذا العقاب حالت دون تطبيقه، إذ فرض القرآن شهادة أربعة شهداء لإقامة الحد، بدلالة قولهِ تعالى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (سورة النور آية: 4).
وقد نزلت هذهِ الآيةُ في البداية عامةً مخاطبةً جميع الناس، الأمرُ الذي أدَّى إلى إثارة حفيظة بعض المسلمين، فذُكرَ أنَّ “سعدًا بن عبادة”، وهو سيدُ الأنصار، قد تَعَجَّبَ من الآية إلى درجة الشكِّ فيها، وفقًا لقوله للنبي أهكذا أُنزلت يا رسول الله؟!، وكان فحوى تعجبهِ يتمحورُ في كيف يرى زوجته وهي متلبسة بفعل الزنا، وينتظر إلى أن يأتي بأربعة شهداء؟!، خاصةً وأنهُ على حدِّ وصفِ قومه “شديدُ الغيرة فكان ما تزوجَ امرأة قطُّ إلا بكرًا، وإذا طلَّقَ امرأةً لم يجرؤ رجلٌ من قومه على أن يتزوجها، من شدة غيرته، فكاد أن يرفض العمل بفحوى هذه الآية، بقوله: “والله إني لا آتي بهم “أي الشهداء الأربع”، إلِّا أن جاءَ هلالٌ بن أمية يشتكي للنبي كيف رأى زوجتهُ ورجلٌ عندها، فقال سعدٌ بن عبادة الآن يَضربُ رسول الله – صلي الله عليه وسلم – هلالٌ بن أمية، ويُبطلُ شهادتهُ في المسلمين، فاشتدَّ ذلك على النبي، فما لبثَ أن نزلَ قولهُ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ۙ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ( سورة النور آية: 6 )” ([24])، ولذا فتكونُ هذهِ الآيةُ تخصيصًا لعمومِ الآيةِ السالفةِ، إذ اختصت بالأزواج فقط، ومع ذلك أيضًا فكلُّ زوجٍ من الزوجين يشهدُ أربع شهادات، وهذا ما فعله النبي مع هلالٌ بن أمية.
وتروي لنا كُتب السيرة والتفسير كيف عاقب عمر بن الخطاب ثلاثةً من الرجال قد شهدوا على حادثة زنا، لأن الشاهد الرابع لم يشهد بمثل ما شهدوا به، فروى أنَّ “أبا بكرة، ونافع بن الحارث بن كِلدة الثَقفي، وشِبل بن معبد بن عبيد بن الحارث، وزياد بن عُبيد، قد رأوا المُغيرة بن شُعبة قد وقع على امرأة يقالُ لها أمُّ جميل، فذهبوا إلى عمر ليخبراهُ، فشهد كلٌّ من أبى بكرة ومعهُ نافعٌ بن الحارث، وشبلٌ بن الثَقفي، أن المُغيرةَ قد زنا بتلك المرأة، أما زيد بن عُبيد فقد ادعى أنهُ لم يرَ وجه المرأة ولم يعرفها، هذا الذي من شأنه أن يتوافق مع قول المُغيرة بن شُعبة المُتهم بفعل الفاحشة بأن المرأة كانت زوجته، فأمر عمر بجلد الثلاثة الذى شهدوا، وبرأَ المغيرةَ من هذه التُهمة” ([25]).
وبعيدًا عن ملابسات هذه القصة، والجدلُ بشأنِ صحتها أو عدم صحتها، وبعيدًا كذلك عن إذا كان المُغيرةُ بن شُعبة قد قام بالفاحشة، التي تُوجب إقامة الحدِّ عليه، ولكن عمر قام بتبرئته لأنه من صحابة النبي (ص). فإنَّ الذي يَعْنِينَا من هذه القصة هو أنَّ إقامة الحد يتوجب شهادات أربع، وفقَ ما نصَّ عليه القرآن: {لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَٰئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (النور: 13).
وإذ يبدو هكذا أنَّ القرآن لم يَكتفِ بوضعِ شروط لازمةٍ لإقامة الحد، فإنه قد شرّع عقابًا آخر لهُ ولكنه عقابًا أُخرويًا –إذا جاز التعبير-، مما يترتب عليه أن يكون العقابُ بيد الله وحده، فنهى عن الزنا لأنه فاحشة في قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} (سورة الإسراء آية:32)، ورادف بينهُ وبين الشرك بالله وقتل النفس فيكون عقابه آثمًا في قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (سورة الفرقان آية: 68)، وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ…} (سورة الممتحنة آية:12).
ومن ثمَّ ألا يكفي النهي عن فعل الزنى واقترانهِ بالشرك بالله وقتل النفس عاقبة تضاهي عاقبة الجلد والرجم، بل وأشدُّ منها؟!
قائمة المراجع:
([1]) جواد علي، المُفَصَّلُ في تاريخ العرب قبل الإسلام، جامعة بغداد، الطبعة الثانية، 1993، ج5، ص560، وانظر أيضًا فاضل الأنصاري، العبودية (الرقُّ والمرأة بين الإسلام الرسولي والإسلام التاريخي)، الأهالي للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 2001، ص 245.
([2]) الطبري، جامعُ البيان عن تأويل آي القرآن، مكتبة بن تيمية، تحقيق: محمود محمد شاكر، القاهرة، ج12، ص218.
([3]) الطبري، سبق ذكرهُ، ج8، ص76.
([4]) الشافعي، الرسالة، دار التأصيل، تحقيق: أحمد محمد شاكر، القاهرة، الطبعة الأولى، 2008م ص 129-132.
([6]) الطبري، سبق ذكره، ج8، ص80، 81.
([7]) فخر الدين الرازي، التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، دار الحديث، تحقيق: سيد عمران، القاهرة، 2012م، ج12، ص133.
([8]) انظر، البخاري، صحيحه، مكتبة الثقافة الدينية، تحقيق: أحمد محمد شاكر، القاهرة، ص785.
([9]) البخاري، صحيحه، حديث رقم (6812).
([10]) فخر الدين الرازي، التفسير الكبير، أو مفاتيح الغيب، دار الحديث، ت: سيد عمران، القاهرة، 2012م، ج5، ص224.
([11]) السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، دار الكتاب العربي، ت: فواز أحمد زمرلي، 1999م، ج1، ص666.
([12]) السيوطي، الإتقان، ج1، ص667.
([13]) مالك، المُوطأ، سبق ذكرهُ، ص568.
([14]) السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج1، ص667.
([15]) السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج1، ص666.
([16]) الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ص132، وانظر أيضًا، السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، دار الحديث، تحقيق: أحمد بن علي، القاهرة، 2006، ج1، ص49، ص136، 137.
([17]) خليل عبد الكريم، مجتمع يثرب، سينا للنشر القاهرة، دون سنة نشر، ص9.
([18]) انظر، الواحدي النيسابوري، أسباب النزول، دار الحديث، تحقيق: أيمن صالح شعبان، القاهرة، 2003م، ص242.
([19]) الطبري، جامع البيان، سبق ذكره، ج19، ص96.
([20]) انظر الطبري، جامع البيان، سبق ذكره، ج19، ص122.
([21]) صحيح البخاري، حديث رقم (6815)، وكذلك عن يعقوب بن زيد بن طلحة، عن أبيه، عن عبد الله بن أبي مليكة أنه أخبره، أن امرأة جاءت إلى الرسول (ص) فأخبرته أنها زنت وهي حامل، فقال لها رسول الله: اذهبي حتى تضعي، فلما وضعت جاءته، فقال لها رسول الله: اذهبي حتى تُرضعيه، فلما أرضعته جاءته، فقال: اذهبي فاستودعيه، قال فاستودعته، ثم جاءت فأمر بها، فرجمت” انظر، مالك، الموطأ، دار الحديث، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، القاهرة، ص 566.
([22]) صحيح البخاري، حديث رقم (6823).
([23]) مالك، الموطأ، سبق ذكره، ص 566.
([24]) الواحدي النيسابوري، أسباب النزول، سبق ذكره، ص243.
([25]) انظر، ابن العربي، أحكام القرآن، دار الحديث، تحقيق: محمد إبراهيم الحفناوي، إسماعيل محمد الشنديدي، القاهرة، 2011م، ج3، ص373.