“من أحبّ أن يعرف بُعدَه عن سُبل الوَرِعين فليدخل على أختيّ بشر الحافيّ، ويسمع مسائلهما، ويُبصر طريقتهما” أحمد بن حنبل[1].
أمسى حضور المرأة ومكانتها في التجربة الدينيّة موضوعًا رئيسًا في البحوث والدراسات الغربيّة والعربيّة على حدّ سواء، المرأة المسلمة القديسة لم تعد رابعة العدويّة وحدها، وانعتق البحث الغربيّ من ولعه بأسماء بعينها[2] وراح يفتّش في التراث الإسلاميّ عن أخوات رابعة محاولًا الكشف عن تجارب أخرى في التراث الإسلاميّ في تجلياته المتعددة عبر جغرافيا البلدان والفرق، فالنساء في الهند لهن دور بارز في التجربة الصوفيّة[3]، والعابدات اللاتي أنشأ الشعراء قصائدهم تعلّقًا بهن وبحِكمهن طويت أسرارهن، ولا بدّ من التعرّف على تجاربهن، ففي الأدب كنوز مخفيّة تستحقّ أن يكشف عنها.
تغافلت كثير من الدراسات الصوفيّة العربيّة عن قراءة تجارب نساء البيت النبويّ ولم يشبع شغف الباحثين والباحثات اليوم ما قدّم من بحوث وكتابات عن أمّهات المؤمنين، فعادوا إلى تاريخ الإسلام المبكّر ليقرأوا من جديد “دثّريني يا خديجة[4]” و”خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء” فما دُبّج من كتابات مادحة أو مخاصمة لم يعد يروى عطش المعرفة،
وأخذ البحث الحديث يلتفت إلى كافة تفاصيل العائلة النبويّة، فيبحث عن النسوة الكاتبات والمحبّات للآداب[5] والمشاركات في التدوين والفاعلات في المجتمع، ليدهش القارئ المعاصر بتفاصيل مغايرة لما هو شائع[6].
إذا صمت بعض المؤرخين للتجارب الروحيّة عن رواية أخبار النساء، فإنّ غيرهم أنطق النساء بالحكمة وصوّر تفاصيل رحلاتهن الدينيّة، فظهرت المرأة المعلّمة للوليّ الصوفيّ تختبره وتقوّمه وتأدّبه وترعى ميلاده الجديد، ويعلن الصوفيّ أنّ ميلاده وحياته ومؤلفاته مدينٌ لها، لتصبح المرأة النموذج الذي يقاس عليه، “فمن تصوّف فليتصوّف بهمّة أمّ عليّ[7]” وينصح الصوفيّ غيره “تعلّم الفتوة من زوجتك[8]” ويصبح كلّ ما في الكون أنثى عند الصوفيّ، لأنّه محلّ زرع وحرث وبذر وإنتاج، وينشد الشيخ الصوفيّ شعرًا ليؤكّد هذا المعنى:
إنَّـا إنَــاثٌ لِمـا فِيـنَا يُولِّـدُه فلنحمدِ الله مَا فِي الكونِ من رَجُلِ
إنَّ الرجَـالَ الَّذِين العرفُ عَيَّـنَهُم هُمُ الإنَاثُ وَهُم سُؤلِي وَهُم أمَلي[9]
آمن الصوفيّ أنّ المراتب الروحيّة مفتوحة للمرأة كما للرّجل، فالإنسان ذاتٌ أمام الله، لا فرق بين واحد وآخر، لا بالجنس ولا باللون ولا بالسنّ، الفرق هو في مرتبة قربه من الله[10]. وينقل ابن عربيّ قصّة ذي النون المصريّ مع امرأة التقاها في الطواف متعلّقة بأستار الكعبة تناجي ربّها، وتقول: إلهي وسيّدي ومولاي بحبّـك لي ألا غفرت لي. فتعاظم ذو النون قولها، وبادرها بالقول: يا امرأة، أما يكفيك أن تقولي بحبّي لك. فأجابته بحجج من النصّ الدينيّ، بادئة جوابها بمناداته: “يا ذا النون”. والغريب أنّ ذا النّون استوقفه من جوابها معرفتها باسمه، وعندما سألها كيف عرفته، قالت: “جالت القلوب في ميدان الأسرار فعرفتك[11]“.
لم تكن المرأة إذن غائبة من وجدان الصّوفي وتجربته، بل كانت رفيقته في طريق العشق للمعشوق الأوحد، يعضّد ذلك ما أشرنا إليه آنفًا من أنّ كثيرات من نساء المتصوّفين الكبار كنّ شريكات لأزواجهنّ في الطريق إلى اللّه، كزوجة الحكيم الترمذيّ شريكته في ولايته، وفاطمة زوجة ابن خضرويه، التي شهد لها البسطاميّ بالفتوّة، إذ رُوي عنه أنّه قال: «ما رأيت في عمري إلّا رجلًا وامرأة؛ فالمرأة كانت فاطمة النيسابوريّة ما أخبرتها عن مقام من المقامات إلّا وكان الخبر لها عيانًا. وابن ملول وهو شيخ كبير رأى ذا النّون فسأله: من أجلّ من رأيت؟ فقال: ما رأيت أحدًا أجلّ من امرأة رأيتها بمكّة يقال لها: فاطمة النيسابوريّة، كانت تتكلّم في فهم القرآن في تعجيب منها. وقد سئل ذو النون عنها فقال: هي وليّة من أولياء الله، وهي أستاذي[12]».
بل إنّ النساء كنّ بابًا لشهود المتصوّفة لله، فحيث أنّ الحقّ سبحانه لا يُشاهد مجردًا عن المواد أبدًا[13]حتّى لو شاهد الرائي نورًا فالنور مادة، فشهود الإنسان للحقّ سبحانه في النساء هو أعظم شهود وأكمله، ومن هنا تصبح المرأة الإنسان بابًا مفتوحًا يعبر منه الشاهد إلى الجمال المطلق من خلف حجاب الصور[14].
لقد حفل التاريخ الإسلاميّ بالعديد من العابدات السالكات من كافة الفرق الإسلاميّة، وإن حظيت نساء “أهل السنّة” باهتمام الباحثين دون غيرهن من أهل الفرق الأخرى كالخوارج والشيعة،
رغم إشارات الكتّاب إلى أسماء العديدات من السالكات، ومن ذلك ما نبّهنا إليه الجاحظ في أعماله بذكره لتينك النسوة المشهورات بالعبادة والزهد في الفرق الإسلاميّة، واللاتي جمعهن في قوله: «والناسكات المتزهّدات من النساء المذكورات في الزهد والرياسة من نساء الجماعة وأصحاب الأهواء. فمن نساء الجماعة: أمّ الدرداء، ومعاذة العدويّة ورابعة القيسيّة، ومن نساء الخوارج: الشجاء، وحمادة الصغرية، وغزالة الشيبانيّة قُتلن جميعًا، وصلبت الشجاء وحمادة، وقتل خالد بن عتاب غزالة وكانت امرأة صالح بن مسرح. ومن نساء الغالية: الميلاء، وحميدة، وليلى الناعظيّة[15]».
يلفت نظرنا على سبيل المثال ما تميّزت به العابدة السالكة من الجرأة وإعلان الحقّ، فالعبادة لا تعني عندها الانكفاء على الذات والعزلة عن المجتمع، بل كانت تدلي برأيها وإن عارض السلطة في زمنها، ومن ذلك ما فعلته الشجاء العابدة، والتي عرفت بأنّها من ربّات الورع والزهد والرئاسة، فقد جيء بها إلى زياد. فقال لها: «ما تقولين في أمير المؤمنين معاوية؟ قالت: ماذا أقول في رجل أنت خطيئة من خطاياه. فقال بعض جلسائه: أيّها الأمير أحرقها بالنار، وقال بعضهم: اسمل عينيها، فضحكت، وقالت عليكم لعنة الله، كان جلساء فرعون خيراً من هؤلاء. فقال لها زياد ولم؟ قالت: استشارهم في موسى فقالوا: أرجه وأخاه. وهؤلاء يقولون: اقطع يديها ورجليها واقتلها، فخلى سبيلها[16]».
لعلّ هذه الأخبار وأمثالها حفّزت سامي مكارم لتأليف كتابه عن شهيدات العشق الإلهيّ “عاشقات الله[17]” فرغم تشديده على مكانة رابعة العدويّة في صوغ الدّين برؤية أنثى، واعتباره إيّاها النموذج الأسمى للأنثى المتصوّفة، إلّا أنّه رأى أن أغلب الدّراسات للمرأة الصوفيّة ركّزت على رابعة وتجاهلت التقليد النسويّ الصوفيّ الذي استمر لأجيال، فالكشف عن هذا الكنز المخفي أولى، وإظهار تجارب أولئك النسوة أمر يستحقّ الدّراسة لذا اختار مجموعة من النساء من مختلف الفرق الإسلاميّة لتعبّرن عن التجربة الروحيّة في الإسلام في أطيافها المتعدّدة[18].
كانت المواقف متعددة من هذا التراث الوفير الذي تظهر فيه المرأة فاعلة في المجتمع ومساهمة في بناء علومه ومؤثّرة في نهضته، مما انعكس على نظرات الباحثين ومعالجاتهم لموضوع سير السالكات المؤمنات، بحيث يمكننا بعد تدبّر أعمالهم أن ننظر إلى الموضوع من وجهات عديدة تفيد في استثمار ذلك التراث، ويمكننا تلخيصها في المحاور الآتية: 1-المرأة في التصوف. 2- تاريخ المرأة الصوفيّة (ذكر النسوة المتعبّدات). 3-المرأة موضوعًا للدرس الصوفيّ. 4-المرأة باحثة ومنتجة في الدراسات الصوفيّة[19]. ويتنزّل مقالنا في محور تاريخ المرأة الصوفيّة (ذكر النسوة المتعبّدات) لنتعرّف على حضور النساء في كتب المناقب والتراجم[20] من خلال مخطوطة تعود إلى القرن الثامن الهجريّ لتقيّ الدين الحصنيّ الدمشقيّ كان أوّل من التفت إليها عبد الرحمن بدويّ في كتابه شهيدة العشق الإلهيّ ونقل عنها جملة من أخبار رابعة العدويّة[21]. مما حفّزنا للبحث عنها، ولأهميّة هذه المخطوطة ومساهمتها في الكشف عن صفحات من تاريخ المتصوّفات في الإسلام سنعرض لها في الصفحات الآتية.
في دراسة سابقة[22] ناقشتُ سؤال هل تناقل تاريخنا الصوفيّ أخبار سيّدات العشق كما تناقل أخبار الرجال الأولياء؟ كانت قد أجابت سعاد الحكيم على هذا السؤال في مقدّمتها لكتاب سامي مكارم عاشقات الله، أنّه لم يتناقل كثيرًا أخبار سيدات العشق، وفسّرت ذلك بذاتيّة المرأة التي تنغلق على دائرة ذاتها، تحتبس الأنوار وتصل بشكل صامت إلى غايتها دون ضجيج، وأشارت إلى أنّ نسوة كتاب مكارم خير مثال على ذاتيّة المرأة في تصوّفها وغلقها الباب ما أمكنها[23] لكنّنا من خلال عمل تقيّ الدين الحصنيّ (752/1351م- 829/1426م) سير السالكات المؤمنات الخيّرات وغيره من كتّاب السير والتراجم نعرف أنّ تاريخنا الصوفيّ تناقل أخبار السالكات، داعيًا إلى التقفّي خلفهن، وباعثًا على اللحوق بهن[24].
تقيّ الدين الحصنيّ وكتابه سير السالكات
حظيت أعمال تقيّ الدين الحصنيّ الفقهية والجدليّة باهتمام بالغ من المنتسبين إلى المذهب الأشعريّ والشيعة نظرًا لردود الحصنيّ على ابن تيمية في كتابه الشهير دفع شُبه من شبّه وتمرّد ونسب ذلك إلى السيد الجليل الإمام أحمد[25] وظلت أقوال الحصنيّ حاضرة حتّى يومنا هذا لاستمرار الجدل بين الفرق الإسلاميّة. ساهم الحصنيّ في كثير من الفنون الإسلاميّة (الفقه والأصول والعقيدة والتفسير والتصوّف) وعُرف بموسوعيّته، وله في الزهد والتقلّل من الدنيا حكايات لعلّه لا يوجد في “تراجم كبار الأولياء أكثر منها، ولم يتقدّموه إلّا بالسبق في الزمان[26]” وقام في آخر حياته بعمارة رباط باب الصغير (بيت الصوفيّة في حيّ من أحياء دمشق بجوار حيّ الشاغور[27])، وارتحل الحصنيّ عدة رحلات، منها رحلته إلى القدس، سكن فيها مدّة وألّف فيها بعض أعماله. أمّا عن حياته الاجتماعيّة فقد تزوّج أكثر من امرأة وأنجب من زوجاته البنات، ثمّ دخل عزلته وانكبّ على طلب العلم وامتنع عن مكالمة الناس، ورغم ذلك كثر أتباعه، وكانت بناته سببًا في استمرار نسله ونشر مؤلفاته، وقد اجتمعت كلمة المترجمين له على وصفه “بالإمام العلّامة الصوفيّ العارف بالله تعالى المنقطع إليه زاهد دمشق في زمانه الأمّار بالمعروف النّهاء عن المنكر الشديد الغيرة لله والقيام فيه الذي لا تأخذه في الحقّ لومة لائم وأنّه المشار إليه هناك بالولاية والمعرفة بالله[28]“.
سجّل الحصنيّ جانبًا من تجربته الصوفيّة في مؤلفاته عن تفسير القرآن وشرح الأسماء الحسنى، وظهر اهتمامه بالمريدين من خلال أعماله: تنبيه السالك على مظانّ المهالك، وتأديب القوم، وقمع النفوس ورقية المأيوس، وسير السالك في أسنى المسالك، والأسباب المهلكات والإشارات الواضحات في مناقب المؤمنين والمؤمنات وما لهم من الكرامات، وسير السالكات المؤمنات. وكتابه الأخير هو ما نعمل عليه في هذا المقال.
ذكر صلاح الدين المنجد في مقدّمة تحقيقه لكتاب الزيارات أنّ العدويّ جعل كتاب سير السالكات المؤمنات[29] من جملة مصادره[30] التي يؤرخ من خلالها للمراقد والمقامات في دمشق، مما يشير إلى استمرار تداول كتاب الحصنيّ بعد ثلاثة قرون من وفاته، فما المميّز في هذا الكتاب؟ سُبق الحصنيّ بالعديد من كتّاب التراجم الذين أولوا موضوع تعبّد النساء عنايتهم وخصصّوا جزءًا من أعمالهم لذكر أحوال النساء وكراماتهن وأذواقهن في قراءة نصوص الوحي، يأتي في مقدّمة هؤلاء مؤرّخ الصوفيّة أبو عبد الرحمن السلميّ (412/1021م)[31]، وإن كان تأريخه لأعلام الصوفيّة لم يصلنا بعد إلّا أنّ رسالته ذكر النسوة المتعبّدات أحدثت أثرًا كبيرًا في العناية والاهتمام بسير السالكات من بعده، فمن خلالها كانت العناية بقصص هؤلاء والتركيز عليها في كتابات ابن الجوزيّ (597/1200م) ذائعة الصيت صفة الصفوة وتلبيس إبليس، فقد حفظ لنا ابن الجوزيّ في مؤلفاته أخبار نسوة كثيرات، وهي وإن جاءت متفرقة في ثنايا أعماله إلّا أنها تظلّ شاهدًا على تطوّر تلك السِير.
لا يظهر في عمل أبي عبد الرحمن السلميّ سالف الذكر الغاية من تصنيفه والرسالة الموجهة من خلاله والفئات المستفيدة منه، إذ لا تحتوي الرسالة على مقّدمة أو خاتمة للعمل، فتبدأ مجموعة التراجم الاثنتين وثمانين برابعة العدويّة وتنتهي بعائشة المَروزيّة زوجة عبد الواحد السياريّ، وأغلب النساء إمّا زوجة لصوفيّ شهير أو أخت أو ابنة. ربما كان عمل السلميّ تابعًا لخطّته في تأليف طبقات الصوفيّة، ومن هنا لم يشتمل على مجموعة من الآداب والتنبيهات التي ينتظرها قارئ التراجم، ولأنّه في أعماله الأخرى فصّل الحديث حول التعاليم الصوفيّة التي يجب على السالك والسالكة الالتزام بها، لذا جاءت عمليّة التأريخ لسير النسوة المتعبدات تطبيقًا مماثلًا لسير رجال القوم الصوفيّة.
تمثّل الحصنيّ تجربة السلميّ تمثّلا واضحًا في ترتيب مؤلفاته فبعد أن ألف كتابه سير السالك في أسنى المسالك، صحّ منه العزم على إتمام ما بدأه ممتثلًا لتعاليم القرآن “فالله لما خاطب الخلق بالانقياد إلى الطاعات لم يخصّ الذكور” فإن ذكر في كتابه سير السالك “جملة من الرجال ولم يذكر ما يتعلّق بالخيرات” فعليه أن يتمّ رسالته بذكر “جملة يسيرة من سير الصالحات” والغاية المرتجاة “لعل بذكر ذلك يحصل لمن سمعت أحوالهن من المشوّقات” ويكون هذا الذكر باعثًا على اللحوق بهن لمن تسمع ما تُحفن به تينك المتصوفّات من الكرامات.
تعقب المقدّمة تنبيهات سريعة للمريدات المخاطبات من خلال هذا العمل، تحضّ على إخلاص التوجّه لله وتطهير النيّة من شوائب النفس الدنيّة[32]، وتسعف الحصنيّ ذاكرته في استظهار جملة من أحاديث النبيّ وأقوال أئمة التصوّف والزهّاد، ولشرف مقام المصطفى وعناية الحصنيّ بذكر شمائله وأحواله[33] يخصّص الفصل الأول من الكتاب لذكر شيء “من عيش سيّد الأوّلين والآخرين صلّى الله عليه وسلّم لأنّه المشرّع[34]“، ثمّ يستهل ذكر السالكات بالحديث عن سير نساء بيت النبوّة وبعض الصحابيّات (فاطمة، وخديجة، وعائشة، وحفصة، وأمّ سلمة، وأمّ حبيبة، وزينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، وصفية بنت حييّ بن أخطب، وأم شريك غَزِيَّة بنت جابر، وفاطمة بنت أسد. وأمّ أيمن، وأم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، والحولاء بنت تُوَيْت، وأمّ عمارة، وأمّ سليم، وأمّ حرام). ثمّ يبدأ ذكر العابدات بمليكة بنت المنكدر من المدينة المنوّرة، وفاطمة بنت المنكدر، وعائشة المكّية، وابنة أبي الحسن، وخنساء العابدة من اليمن، وجوهرة، وزوجة أبي شعيب، وأخوات البشر، وامرأة أبي الفرج، وميمونة أخت إبراهيم الخوّاص، وأمّ حسّان الكوفيّة، وأمّ الحسن وعليّ، وأخت فضيل بن عبد الوهّاب، ومعاذة، وحفصة بنت سيرين، ورابعة العدويّة، وعجردة، وحبيبة أم الأسود العدويّة، ومريم البصريّة، وعفيرة العابدة، وحبيبة بنت أبي كلّاب، وأمّ الحريش، وحسنة، ومطيعة، وزجلة ومسكينة، وامرأة رباح القيسيّ، وابنة أمّ حسّان، ومملوكة لإبراهيم النخعيّ، وشعوانة، وريحانة، ومُنية، وماجدة، وراهبة من عابدات الموصل، وأمّ الدرداء من الشام، وأمّ البنين أخت عمر بن عبد العزيز، وعبدة أخت سليمان الدارانيّ، ورابعة بنت إسماعيل وهي غير رابعة العدويّة البصريّة، وأمّ هارون، والبيضاء من عابدات الشام، وآمنة الرمليّة، وعزيزة وزوجها الروذباريّ، وتحيّة من مصر.
أغلب العابدات تعرف بنسبتها إلى بلد أو مصر من الأمصار، إن لم تكن ابنة أو زوجة أو أمّ أو أمَة، فالعابدات من مكّة والموصل والبصرة والشام واليمن والقدس، والعابدات الخفيّات اللاتي تطوفن بالكعبة وتنطقن بالحكمة وتعلّمن الرجال كثيرات في سير السالكات. يسرد الحصنيّ قصصهن ويعلّق عليها “هكذا كنّ وأنتنّ ويحكنّ يا نساء زماننا” ولا يترك فرصة بعد سرد القصص لنقد صوفيّة عصره إلّا ونجده يوجّه نقدًا عنيفًا لأولئك الأدعياء الذين انتشروا بكثرة ولبّسوا على الناس دينهم ودنياهم[35]، ولا يعني احتفاءه بالسالكات أنّه يقدّم المرويات دون تنبيهه على شيء اعتبره خطأ، ففي خبر عابدة من أهل الشام نقل عنها أنّها أرادات أن تشارك في الجهاد والغزو في سبيل الله على قدر استطاعتها، فكان أن “دفعت رقعة وخرقة مشدودة وانصرفت باكية فنُظر في الرقعة فإذا فيها مكتوب إنّك دعوتنا إلى الجهاد ورغّبتنا في الثواب ولا قدرة لي على ذلك فقطعت أحسن ما فيّ وهما ظفيرتاي وأنفدتهما إليك لتجعلهما قيد فرسك لعلّ الله عزّ وجلّ يرى شعري قيد فرسك في سبيله فيغفر لي” لم يكن هذا وحده ما قدّمته المرأة العابدة، بل إنّ زوجها وولدها استشهدا الواحد بعد الآخر، وقد حفظت عن ابنها مناجاته التي رواها الحصنيّ “اللهم احشرني في حواصل الطيور” وقد استجاب الله دعاءه، ورغم ذلك رأى الحصنيّ أن المرأة كانت مخطئة في تقرّبها بشعرها إلى الله، وإن كان قصدها حسنًا إلّا أنّه ينبغي لمن أراد أن يفعل شيئًا على وجه التقرّب إلى الله أن يفعل ذلك مقتديًا بمن يرجع إليه في الدين والعلم، ومتبعًا للشرع الحنيف[36].
يبدو موضوع الحبّ الإلهيّ وثيق الصلة بتجربة السالكات الصوفيّات، لذا لم يغفل عنه الحصنيّ، ولعلّ تخصيصه فصلًا كاملًا في خاتمة كتابه لتأصيل مسألة المحبّة يؤكّد لنا ذلك، ويدعم فكرتنا حول ما يتعلّق بصوغ النساء لنظرية في الحبّ الإلهيّ، فأغلب الكتب التي خصّصت لذلك في تراثنا الإسلاميّ ما برحت تهتم بأخبار النساء، وبصورة خاصة الكتب المفردة للمحبّة الإلهيّة فكما وظّف أبو الحسن الديلميّ (371هـ) تجاربه الروحيّة والاجتماعيّة، ومعارفه الأدبيّة والكلاميّة والفلسفيّة، وثقافته الدينيّة، في تحليل ظاهرة الحبّ في مؤلفه عطف الألف المألوف على اللام المعطوف فعل كذلك الحصنيّ، من حیث تناوله لأسباب المحبّة ودواعیها، وأحوالها وشواهدها، وأطوارها المختلفة، ومستویاتها الإلهیّة والإنسانیّة، وآثارها الفردیّة والاجتماعيّة، ومواقف علماء المسلمين منها على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم، مع تفتّح ملحوظ علی الثقافات الأخری التي ألمّ بها معاصروه في ذلك القرن[37].
وكما استند ابن الرانيّ الواعظ في تأصيله لمنازل المحبّة على أخبار السالكات الصوفيّات فعل ذلك الحصنيّ ففي المنزلة السادسة والستّين، من منازل المحبّة وهي منزلة الأقران، وقد عرّفها بقوله: “هو ألا يجمع في قلبه حبّين كما لا يعبد في دينه ربّين” ودليل ذلك قوله سبحانه: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ﴾ [الزمر:29] وهو هذا الذي تنازعه نفسه وهواه وشيطانه فهو بين ﴿شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ﴾ وهو هذا المؤمن أخلص لله قلبه وسرّه ولبّه، فهو فرد لفرد.
كما قال قائلهم:
أحببته فردًا لأنّ الهوى توحيده أحسن من شركه[38]
وحّكي أنّ رابعة رأت رياح القيسيّ وهو يقبّل ابنه، فقالت له: أتحبّه؟ قال: نعم. قالت: ما كنتُ أظنّ أن يجتمع حُبّان في قلب.
إنّ عمل الحصنيّ في تأريخ حياة السالكات ينبّهنا إلى ضرورة العناية بمؤلفات المحبّة التي جمعت أخبار النساء، والعمل على دراستها واستخلاص أخبارهم وأفكارهم المنثورة في تلك المؤلفات، لنقف على ما عالجوه من موضوعات كان لها دورها في صوغ الحياة الروحيّة في التراث الإسلاميّ، ولأنّ هذه المسألة لم تنل حظّها من العناية في الدرس العربيّ على حدّ بحثنا فسوف أشير هنا إلى أهمّ المؤلفات التي تساعد في تصوّر مساهمة النساء، وهي على قسمين، قسم اعتبر مؤلّفوها المحبّة والعشق ظاهرة إنسانيّة لا تعدو حدود الأحوال البشريّة المشهودة، وقسم ثانٍ من الكتب هو ما ألّفه أهل التصوّف الذين يعتبرون محبّة الجمال المخلوق مرحلة أوّلية في سلوك المريد يجب أن يرتقي منها إلى محبّة خالق الجمال. وضرب ريتر مثلًا لكتب القسم الأول بما كتبه الجاحظ (250هـ) رسالة العشق والنساء، وأبو بكر محمّد بن داود الظاهريّ (297هـ) الزهرة، وأبو بكر الخرائطيّ (327هـ) اعتلال القلوب، وابن حزم (456هـ) طوق الحمامة، والسرّاج القارئ (500هـ) مصارع العشّاق، وابن الجوزيّ (597هـ) ذمّ الهوى، وأحمد بن سليمان الكسائيّ (635هـ) روضة العاشق ونزهة الوامق، وأبو الثناء الحلبيّ (725هـ) منازل الأحباب ومنازه الألباب، وابن قيّم الجوزيّة (751هـ) روضة المحبّين، والحافظ مغلطاي (762هـ) الواضح المبين في ذكر من استشهد من المحبّين، وابن أبي حجلة (776هـ) ديوان الصبابة، وإبراهيم بن عمر البقاعيّ (885هـ) أسواق الأشواق، وداود الأنطاكيّ (1008ه) تزيين الأسواق بترتيب أشواق العشّاق. ويمكننا أن نضيف إلى قائمة ريتر كتاب عبد الرحمن بن نصر الشيزريّ (ت 584هـ) روضة القلوب ونزهة المحبّ والمحبوب الذي يندرج ضمن القسم الأوّل من مؤلفات المحبّة والعشق. وكذلك ما لا يُعرف مؤلفه ككتاب أنس العاشق ونزهة الشائق ورياض المحبّ الوامق.
أمّا القسم الثاني فتصدّرت قائمته ما كتبه أبو الحسن عليّ بن محمّد الديلميّ (371هـ) عطف الألف المألوف على اللام المعطوف[39]، والفخر الفارسيّ أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم بن طاهر الفيروزاباديّ (642هـ) جمحة النها عن لمحة المها، ونسل الأسرار وسرّ الأسكار، وأبو زيد عبد الرحمن الأنصاريّ القيروانيّ المعروف بابن الدبّاغ (696هـ) مشارق أنوار القلوب ومفاتيح أسرار الغيوب. ويمكننا أن نضيف إلى هذه القائمة ما كتبه ابن الران (421هـ) منازل المحبّة وهو الكتاب الذي نعمل على تحقيقه هنا، وأبو المعالي عزيزي بن عبد الملك شيذله (494هـ) لوامع أنوار القلوب في جوامع أسرار المحبّ والمحبوب، وأبو ثابت عبد الملك الديلميّ (593هـ) المحبّة والخلّة، ومرعي بن يوسف الحنبليّ (1033هـ) مُنية المحبّين وبُغية العاشقين.
خاتمة
حاول المقال أن يؤكّد على إعادة النظر فيما استقر عليه البحث حول تاريخ سيدات التصوّف، فلم تكن المرأة الصوفيّة منغلقة على دائرة ذاتها، تحتبس الأنوار وتصل بشكل صامت إلى غايتها، بل كانت محاورة ومساجلة للرجال ومقوّمة لتجاربهم، ولم يتوقف الرجال الصوفيّة يومًا عن رواية أخبار السالكات
سواء في ذلك إيراد تلك الأخبار في ثنايا تصانيفهم كما أشرنا إلى ذلك، أو تخصيص مؤلّفات كاملة للعناية بتجاربهن، بداية من القرن الرابع الهجريّ حتى القرون المتعاقبة إلى يومنا هذا، وإن كان نموذجنا في هذا المقال لمؤلف من القرن التاسع الهجريّ، ولعل ما كتبه اليحمديّ[40] في القرن الحادي عشر للهجرة يؤكد ذلك، على أنّ التدوين في هذا الموضوع لم يكن باللسان العربيّ فحسب بل استمر التدوين في أخبار النساء باللغات الشرقيّة (الأورديّة والفارسية والتركيّة) [41].
المصادر والمراجع:
سامي مكارم، عاشقات الله، دار صادر، بيروت 1994.
عمر رضا كحالة، أعلام النساء، مؤسسة الرسالة، بيروت 1984.
ابن عربيّ، الفتوحات المكّيّة، دار صادر، بيروت 1966.
ابن عربي، الوصايا، مطبعة كرم، دمشق، 1958.
أبو عبد الرحمن السلميّ، حقائق التفسير، نسخة فاتح، رقم 262.
أبو عبد الرحمن السلميّ، ذكر النسوة المتعبّدات، تحقيق الطناحيّ، مكتبة الخانجيّ، القاهرة 1993.
أمل محمود فايد، روحي امرأة: الأنوثة في الإسلام، مجلة المستقبل العربيّ، مج22, ع243، مركز دراسات الوحدة العربيّة بيروت 1999.
آنا ماري شيمل، المرأة في التصوّف، مجلة فكر وفن، ع 20، يونيو 1972.
برهان الدين البقاعيّ، تهديم الأركان من ليس في الإمكان أبدع مما كان، دار الكتب العلميّة، بيروت 2019.
تقيّ الدّين الحصنيّ، سير السالكات المؤمنات الخيّرات، نسخة خطّية بالمكتبة الرفاعيّة، ونسخة باريس رقم (2042).
تقيّ الدّين الحصنيّ، قمع النفوس ورقية المأيوس، نسخة مكتبة تشستربيتي رقم (4582).
الجاحظ، كتاب الحيوان، دار الفكر، القاهرة، 1957.
جلال الدين الروميّ، المثنوي، ترجمة وشرح ودراسة محمّد عبد السلام كفافيّ، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1966.
حالو شمس الإسلام. 2021. رسالة الشعر عند السيدة عائشة رضي الله عنها وأثرها في الأدب الإسلاميّ. مجلة جامعة الشارقة للعلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة 18 (1A):251.
حُسن عبّود، تنفّس الجسد لدى نساء الذكر في حاضرة بيروت، أعمال ندوة الدين والجسد، كلية الآداب والعلوم الإنسانيّة بالقيروان،2011.
حسن محمود عبد اللطيف الشافعيّ، أبو الحسن الديلميّ وكتابه عطف الألف المألوف على اللام المعطوف، مجلة مجمع اللغة العربيّة بالقاهرة، ج 77، عام 1995.
خالد محمّد عبده، سامي مكارم والدرس الصوفيّ العربيّ، مجلة الأبحاث مج 64، الجامعة الأميركيّة، بيروت 2016.
خالد محمّد عبده، سعاد الحكيم وروحانيّة الإسلام، مجلة الفيصل، ع 491-492، سبتمبر 2017.
رشيد قطّان، المرأة المغربيّة في أدب المناقب، التشوّف إلى رجال التصوّف نموذجًا، مجلة أمل، مج 5، ع 13،14، 1998.
روث رودد، النساء في التراجم الإسلامية، ترجمة عبد الله العسكر، جداول للنشر، بيروت 2013.
سبطُ ابن الجوزيّ في مرآة الزمان في تأريخ الأعيان: الحقبة 345-447هـ ، بغداد: الدار الوطنيّة، 1990.
السخاويّ، الضوء اللامع.
سكينة الشهابيّ، النسوة اللواتي ترجمهن الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق ومنهجيّته في عرض أخبارهن، مجلة التراث العربيّ، مج 2، ع 8، اتحاد الكتّاب العرب، دمشق 1982.
سلوى صالح بالحاج العايب دثّريني يا خديجة، دار الطليعة، بيروت 2011.
السهلجيّ، النور من كلمات أبي طيفور، ضمن كتاب عبد الرحمن بدوي، شطحات الصوفيّة، الكويت، وكالة المطبوعات 1976.
عبد الرحمن بدويّ، شهيدة العشق الإلهيّ، مكتبة النهضة المصريّة، القاهرة، 1962.
عرين قدسي، ملاحظات حول دور المرأة ومكانتها في التصوّف الإسلاميّ المبّكر. مجلة الكرمل، كلّية الآداب جامعة حيفا، العددان 32،33 [2011-2012.
عليّ القاسميّ نظرية المحبّة عند العرب: قراءة في كتاب عطف الألف المألوف على اللام المعطوف، مجلة العرب، مج50، ع9،10، دار اليمامة للبحث والنشر والتوزيع، 2015.
القاضي محمود العدويّ، كتاب الزيارات (بدمشق)، مطبوعات المجمع العلميّ، دمشق 1965.
محمّد ذهنيّ التركيّ، معجم مشاهير النساء (ت 1329هـ)، ترجمة وتقديم محمّد حرب، دار البشير للثقافة والعلوم، القاهرة 2020.
محمّد عبد العزيز الدبّاغ، من تراثنا العلميّ في عهد العلويّين كتاب كشف الأسى بمحاسن الصالحات من النسا، مجلّة دعوة الحقّ، وزارة الاوقاف والشؤون الإسلاميّة، المملكة المغربيّة، عدد 268، سنة 1987.
مريم سعيد العلي، أخبار خديجة بنت خويلد في المصادر الإسلاميّة: أبنية السرد والذاكرة والتاريخ، المعهد الألمانيّ للدراسات الشرقيّة 141، نصوص ودراسات بيروتيّة 2020.
نزهة براضة، الطريق إلى الله بين رابعة وابن عربيّ، مجلة أمل، مج22، ع42، 2014.
هدى لطفي، العنصر الأنثويّ في فلسفة التصوّف عند ابن عربيّ، مجلة ألف، ع 5، الجامعة الامريكية بالقاهرة، 1985.
[1]: أبو عبد الرحمن السلميّ، ذكر النسوة المتعبّدات، تحقيق الطناحيّ، (القاهرة: مكتبة الخانجيّ، 1993)، 88.
[2]: تخبرنا عرين قدسي في دراستها: ملاحظات حول دور المرأة ومكانتها في التصوّف الإسلاميّ المبّكر. مجلة الكرمل، كلّية الآداب جامعة حيفا، العددان 32،33 [2011-2012]، أنّ النتيجة الأبرز لنشر كتاب أبي عبد الرحمن السلميّ ذكر النسوة المتعبّدات، هي الانعتاق من “الولع البحثيّ” بشخصية رابعة العدويّة، لقد سبق رابعة تاريخ رحب من الممارسات الروحيّة والصوفيّة كان محورها طائفة من النسوة لم يبرحن يرسمن للأنثى أثرًا لا يمكن تجاهله في نشأة التصوّف الإسلاميّ وفي تطوّره اللاحق، ويحسن أن نشير هنا إلى أنّه ربّما انعتق الدرس الغربيّ من هذا الولع برابعة إلّا أنّ مراجعتنا للبحوث المنجزة عن رابعة العدويّة بعد مرور سبعة وعشرين عامًا على نشر كتاب السلميّ في القاهرة تجعل رابعة هي سيدة التصوّف الوحيدة! التي يعرفها كثير من الباحثين العرب، فقد نشر حتّى اليوم عن رابعة أكثر من 15 كتابًا عنها، و25 بحثًا كان آخرهم عن التجربة الروحيّة الثوريّة للمرأة، وقد صمتت أغلب البحوث عن غيرها من النسوة المتصوّفات.
[3]: قارن أنّا ماري شيمل في كتابها روحي أنثى حيث سلّطت الضوء على نماذج عديدة من النساء العابدات، والتي أظهرت من خلالها مكانة المرأة ودورها في التصوّف الإسلاميّ، فكانت روح الأنثى حاضرة أمًّا ومربّية ومرشدة وزوجة ومتفوقة على الأولياء الكبار. راجع أمل محمود فايد، روحي امرأة: الأنوثة في الإسلام، مجلة المستقبل العربيّ، مج22, ع243، مركز دراسات الوحدة العربيّة بيروت 1999.
[4]: نذكر هنا على سبيل المثال دراسة مريم سعيد العلي، أخبار خديجة بنت خويلد في المصادر الإسلاميّة: أبنية السرد والذاكرة والتاريخ، المعهد الألمانيّ للدراسات الشرقيّة 141، نصوص ودراسات بيروتيّة 2020.
[5]: نذكر هنا على سبيل المثال دراسة حالو شمس الإسلام. 2021. رسالة الشعر عند السيدة عائشة رضي الله عنها وأثرها في الأدب الإسلاميّ. مجلة جامعة الشارقة للعلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة 18 (1A):251.
[6]: قارن على سبيل المثال دراسة سلوى صالح بالحاج العايب دثّريني يا خديجة، دار الطليعة بيروت 2011.
[7]: أبو عبد الرحمن السلميّ، ذكر النسوة المتعبّدات، تحقيق الطناحيّ، 76. وقد أورد ابن الجوزيّ خبر أمّ عليّ في كتابه تلبيس إيليـس351.
[8]: قارن السهلجيّ، النور من كلمات أبي طيفور، ضمن كتاب عبد الرحمن بدوي، شطحات الصوفيّة، الكويت، وكالة المطبوعات 1976، 143.
[9]: قارن ابن عربيّ، الفتوحات المكّيّة، دار صادر، 4/445، والوصايا، مطبعة كرم، دمشق، 1958، ص 4.
[10]: إنّ عالم الروح تتساوى الخطوط فيه بين المرأة والرجل ويشتركان في جميع مراتب الولاية حتّى “القطبيّة” كما يقول ابن عربيّ: “فكلّ ما يصحّ أن يناله الرجل من المقامات والمراتب والصفات يكون لمن شاء اللّه من النساء” الفتوحات 3/98.
[11] : الفتوحات المكّيّة 2/ 349.
[12]: ابن الجوزيّ، صفة الصفوة، 4/123-124.
[13] : ابن عربيّ فصوص الحِكم 1/217.
[14] : يحسن بنا الإشارة هنا إلى رؤية مولانا جلال الدين الروميّ للمرأة، فهي في تقديره روحٌ قبل أن تكون جسدًا، هي نور من نور الله، ولعلّها جزء من ذلك الكنز المخفي الذي خلق العالم مرآة تجلّى الله فيها. إذ تتميز في نظره عن سائر الكائنات بما لها من «حضور خفيّ» وهي في الجملة سرّ من أسرار الله لا يراه ويهتدي به إلّا رجل عارف! ربّما كانت المرأة نورا من نور الله ربّما كانت خلّاقة وليست مخلوقة! ربما هي ليست مجرد ذلك الشكل الأنثوي الناعم الذي تراه. جلال الدين الروميّ، المثنوي، ترجمة وشرح ودراسة محمّد عبد السلام كفافيّ، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت 1966، 1/ 226، 303، 304.
[15] : الجاحظ، كتاب الحيوان، القاهرة، دار الفكر، 5/ـ589،590
[16] : عمر رضا كحالة، أعلام النساء، مؤسسة الرسالة، بيروت، 2/285.
[17] : سامي مكارم، عاشقات الله، دار صادر، بيروت 1994.
[18] : خالد محمّد عبده، سامي مكارم والدرس الصوفيّ العربيّ، مجلة الأبحاث مج 64، الجامعة الأميركيّة، بيروت 2016.
[19] : يمكننا أن نشير إلى بعض الدراسات التي تمثّل هذه المحاور، ومنها: دراسة آنا ماري شيمل، المرأة في التصوّف، مجلة فكر وفن، ع 20، يونيو 1972 وهدى لطفي، العنصر الأنثويّ في فلسفة التصوّف عند ابن عربيّ، مجلة ألف، ع 5، الجامعة الامريكية بالقاهرة، 1985، ونزهة براضة، الطريق إلى الله بين رابعة وابن عربيّ، مجلة أمل، مج22، ع42، 2014، ورشيد قطّان، المرأة المغربيّة في أدب المناقب، التشوّف إلى رجال التصوّف نموذجًا، مجلة أمل، مج 5، ع 13،14، 1998، وحُسن عبّود، تنفّس الجسد لدى نساء الذكر في حاضرة بيروت، أعمال ندوة الدين والجسد، كلية الآداب والعلوم الإنسانيّة بالقيروان،2011، سكينة الشهابيّ، النسوة اللواتي ترجمهن الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق ومنهجيّته في عرض أخبارهن، مجلة التراث العربيّ، مج 2، ع 8 ، اتحاد الكتّاب العرب، دمشق 1982، وخالد محمّد عبده، سعاد الحكيم وروحانيّة الإسلام، مجلة الفيصل، ع 491-492، سبتمبر 2017.
[20] : كانت روث رودد قد أشارت في كتابها النساء في التراجم الإسلامية إلى ضعف حضور النساء في كتب المناقب والتراجم التي دوّنت عبر تاريخ الإسلام، فكتاب أبي نعيم الأصفهانيّ حلية الأولياء، الذي يعدّ كنزًا ثمينًا للتعرّف على سير الأولياء احتوى على ثمانية وعشرين ترجمة نسائيّة (أي نحو أربعة في المائة)، ولكنّها جميعًا تعود إلى عصر الرسول، وعلى الرغم من إيراد صاحب كتاب الرسالة القشيرية في عمله الهام عن التصوّف ترجمة لثلاثة وثمانين رجلًا، لم تتضمّن رسالته ترجمة لأيّ امرأة صوفيّة، رغم ذكره لبعض المعلومات التي تعرّفنا برجال صوفيّة تلقّوا تعاليمهم وسلكوا طريق القوم على يد امرأة صوفيّة، أو التقوا بنسوة متعبّدات وعرضوا تجاربهم عليهن، أو تزوّجوا من نساء متصوّفات! راجع: روث رودد، النساء في التراجم الإسلامية، ترجمة عبد الله العسكر، جداول للنشر، بيروت 2013، 193-196.
[21] : عبد الرحمن بدويّ، شهيدة العشق الإلهيّ، مكتبة النهضة المصريّة، القاهرة، 1962، 174-178.
[22] : راجع، سامي مكارم والدرس الصوفيّ العربيّ، مرجع سابق.
[23] : راجع سامي مكارم، عاشقات الله، ص 15.
[24] : راجع تقيّ الدّين الحصنيّ، سير السالكات المؤمنات الخيّرات، نسخة خطّية بالمكتبة الرفاعيّة، الورقة الثانية والثالثة وفيها يذكر الحصنيّ سبب تصنيفه للكتاب وخطّته.
[25] : طبع الكتاب مرارًا في البلاد العربيّة وحظيت نشرة الكوثريّ بانتشار واسع في مصر وتركيا وإيران، والطبعة التي رجعنا إليها هي نشرة المكتبة الأزهرية، القاهرة 2010، على أنّ الكتاب قد حظي باهتمام واسع في التراث الإسلاميّ وبصورة خاصة في عصر الدولة المملوكيّة، واحتفى به برهان الدين البقاعيّ (ت 885/1480م) ونقل عنه في كتابه تهديم الأركان من ليس في الإمكان أبدع مما كان، دار الكتب العلميّة، بيروت 2019، 232-233.
[26] : راجع ابن قاضي شهبة، طبقات الشافعيّة، 4/98.
[27] : عُرف هذا الرباط فيما بعد باسمه (الزاوية الحصنيّة) ولا تزال هذه الزاوية موجودة، ولا يزال مرقد الحصنيّ يزار ويُحتفى به من قبل آل الحصنيّ، راجع عن الرباط منتخبات التواريخ لدمشق 2/818، وخطط الشام 6/136.
[28] : قارن السخاويّ، الضوء اللامع، 11/83-84.
[29] : نحيل هنا على نسخة باريس رقم (2042) وعند النقل ننصّ في المتن على رقم اللوحة هكذا [1/أ- 1/ب].
[30] : راجع القاضي محمود العدويّ (ت 1032ه)، كتاب الزيارات (بدمشق)، مطبوعات المجمع العلميّ، دمشق 1965، ص 7.
[31] : قارن التفات السلميّ إلى تفسيرات رابعة العدويّة لآيات من القرآن، اختارها ضمن ما اختاره من المرويات الواردة على لسان أهل الحقائق، من ذلك: “وقالت رابعة رحمة الله عليها: أوحي آية في كتاب الله عندي ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ [فاطر:6] قالت: كأنّه يخاطبنا فيقول: أحبّكم فاتخذوني حبيبًا. راجع: حقائق التفسير، نسخة فاتح، رقم 262، ورقة [201/أ].
[32] : سير السالكات، نسخة باريس رقم 2042، 2/ب-4/أ.
[33] : قارن مؤلف الحصنيّ، قمع النفوس ورقية المأيوس، فقد خصّصه للحديث عن معجزات النبيّ ونبوءاته وشمائله، ونحيل هنا على نسخة مكتبة تشستربيتي رقم (4582) وعدد أوراقها 62، وتُظهر حواشي النسخة مقابلتها على عدة نسخ ومعرفة المحشّي بمؤلفات الحصنيّ الأخرى.
[34] : سير السالكات، 4/ب-6/ب.
[35] : قارن سير السالكات، باريس 2042، الورقات 38-40.
[36] : قارن سير السالكات، ورقة 38/ب.
[37]– قارن حسن محمود عبد اللطيف الشافعيّ، أبو الحسن الديلميّ وكتابه عطف الألف المألوف على اللام المعطوف، مجلة مجمع اللغة العربيّة بالقاهرة، ج 77، عام 1995، ص ص 104 – 153. وقارن عليّ القاسميّ نظرية المحبّة عند العرب: قراءة في كتاب عطف الألف المألوف على اللام المعطوف، مجلة العرب، مج50، ع9،10، دار اليمامة للبحث والنشر والتوزيع، 2015، ص ص577 – 596..
[38] : نسب هذه الأبيات إلى ابن الران، سبطُ ابن الجوزيّ في مرآة الزمان في تأريخ الأعيان: الحقبة 345-447هـ (بغداد: الدار الوطنيّة، 1990) 347، وروى جملة من أشعاره وضبط اسم ابن الران في النصّ هكذا: (أحمد بن عبد الله بن أحمد أبو الحسن ويُعرف بابن الترابيّ، أصله من الجزيرة) ص 346.
[39]: يذكر ريتر أنّه حاول تحقيق عطف الألف المألوف بمعاونة الدكتور إحسان عبّاس على النسخة الوحيدة في مكتبة توبينغن في ألمانيا وفيها من السقم والغلط شيء عظيم. راجع مقدّمة مشارق أنوار القلوب، ص هـ.
[40]: راجع من تراثنا العلميّ في عهد العلويّين كتاب كشف الأسى بمحاسن الصالحات من النسا، مجلّة دعوة الحقّ، وزارة الاوقاف والشؤون الإسلاميّة، المملكة المغربيّة، عدد 268، سنة 1987، ص ص 198 – 213
[41]: قارن على سبيل المثال معجم مشاهير النساء لمحمّد ذهنيّ التركيّ (ت 1329هـ)، ترجمة وتقديم محمّد حرب، دار البشير للثقافة والعلوم، القاهرة 2020.