تكوين
نظَّر مفكرو دولة الخلافة الإسلامية بألفاظ معاصرة للدولة الإسلامية المنشودة، ليُقدّموا من ممارسات المسلمين الأوائل بديلا معاصرا يكفيهم مؤونة التطوير والتحديث، ومحاولة منهم لدفع تهمة الجمود أو القصور عن فقه الدولة في الإسلام؛ فأي جمود يُتّهم به! ومن منظورهم “الدقة والسمو والأصالة الفكرية قد وصل إليها الفكر الإسلامي في أبحاثه القانونية، هكذا قبل مجيء روسو وأتباعه بقرون عدة.” ([1]) فربطوا بين نظرية “العقد الاجتماعي” لجون جاك روسّو وبيعتي العقبة اللّتين كانتا بين النبي –صلى الله عليه وسلم- والأنصار قبيل الهجرة، ورأوا أن “العقد الاجتماعي الذي تحدّث عنه روسو، وأمثاله كان مجرد وهم أو خيال، أما العقد الذي حدث مرتين عند العقبة، وقامت على أساسه الدولة الإسلامية، فهو عقد تاريخي وحقيقة يعرفها الجميع.” ([2]) “فالعقد الذي تكلّم عنه روسو كان مجرد افتراض؛ لأنه بناه على حالة تخيلها في عصور ماضية سحيقة، ولا يوجد عليها بُرهان تاريخي، بينما نظرية العقد الإسلامية تستند إلى ماضٍ تاريخيٍّ ثابت: هو تجربة الأمة في خلال العصر الذهبي للإسلام، وهو عصر الخلفاء الراشدين.” ([3])
فحاول منظرو الخلافة أو الدولة الإسلامية أن يُلبسوها ثوب الحداثة ورداء العصرية، فالبيعة مساوية لنظرية العقد الاجتماعي، واختاروا “جون جاك روسو” الذي وصفه أحدهم “بأبي الديمقراطية الحديثة”، ووصف كتابه “العقد الاجتماعي” “بالإنجيل لدى زعماء الثورة الفرنسية التي وُلد منها العالم الغربي الحديث.” ([4]) ليقولوا بأن تجربة المسلمين في عهدي النبوة والخلفاء الأوائل حققت السبق والريادة؛ متجاهلين أن العقلية الغربية لم تتجمد عند هذه النظرية التي تطورت عدة مرات قبل أن تتراجع أهميتها ابتداءً من القرن الثامن عشر إثر نقد الفيلسوف الإنكليزي ديفيد هيوم لها، وتجاوزها إلى نظريات أخرى.
فربْط مُنظّر الدولة الإسلامية بين البيعة والعقد الاجتماعي نوع من المساجلة مع العقلية الغربية أو التماهي معها في غير موضعه؛ لأنهما في الواقع -إذا سلمنا بصحة طرحهم- مختلفان، فلا وجه للمقارنة بين ثابت ومتغيِّر!! فالدولة الحديثة القادمة من الغرب قابلة للتغيير والتطوير والنقد المستمر في مقابل الدولة في فكر منظري الخلافة الإسلامية التي يرونها نموذجا ثابتا أنتجه الوحي منذ قرون مرة في عهد النبوة، وأخرى في عهد الخلفاء الأربعة الأوائل؛ لذا فهم دوما يتحركون وجدانيا وفكريا إلى الخلف عكس المسار الزمني للتطوّر الإنساني!!
هكذا انتهى التطوير في العقل المسلم قبل أن يبدأ.. لم يبرح مكانه بتكبره عن ممارسة دوره الإنساني في التفكير المتجدد بزعم أنه يمتلك في الممارسة التاريخية الأولى للمسلمين ما يفوق نتاج العقلانية الحديثة، فنتجمد ولا نبدع، ونطلى القديم بألوان الحداثة، كي نقول لسنا في حاجة إلى إعمال العقل في تطوير الفكر الاجتماعي أو السياسي فقد انتهينا إلى ما وصلوا إليه بعد قرون، هذا خطاب منظري الدولة الإسلامية؛ لذا لن يتقدموا خطوة إلى الأمام في تطوير رؤيتهم حول الدولة، ولم يستوقفهم أن ثمة فارقا كبيرا بين العقد الاجتماعي في القرن الثامن عشر الميلادي، وبيعتي العقبة في القرن السابع الميلادي من حيث المصدر والدافع والسياقات الزمنية والواقع الاجتماعي، فالعقد الاجتماعي في إحدى مفاهيمه ممارسة من طرفين لا يملك أحدهما سلطة روحية دينية توجهه، ولا تنص على تكاليف إلهية، ولا يجعل المقابل مؤجلا في الحياة الآخرة، فالعقد الاجتماعي يبدأ من أناس يتراضون فيما بينهم كمتعاقدين، فرادى أو مجتمعين، على ميثاق اجتماعي، صريح أو ضمني، علني أو صامت، يتعهدون فيه بالتنازل عن حقوقهم (كلها أو بعضها) لصالح هيئة اجتماعية عامة، ذات إرادة كلية، تملك سيادة تامة على الجميع، يعبر عنها مجموعة الأعراف والقواعد والقوانين التي تضعها أو تسنّها بنفسها، والتي توزع الحقوق والواجبات على أعضائها.
وهذا يختلف عن البيعة التي تقوم على تبادل شيء بشيء وأخذ الأيمان على ذلك في صورة عرفها العرب قبل الإسلام شكلا، لكن تطوّر مضمونها في العقبة لتصبح ممارسة دينية بامتياز بين النبي -صلى الله عليه وسلم- بوصفه حامل رسالة الإسلام وعدد من حجاج يثرب إلى مكة، وكان موضوعها ليس تحديد علاقة السلطة بالمجتمع بل موضعها في البيعة الأولى الالتزام بدعوة النبي إياهم إلى الإسلام، وما يترتب عليها من تكاليف دينية واضحة، والمقابل ديني أخروي هو الجنة، وفي البيعة الثانية زاد اشتراط الدفاع عن الإسلام ونبيه، وفي المقابل دوام النصرة من النبي – صلى الله عليه وسلم – والمهاجرين من أهل مكة للمسلمين من أهل المدينة بعد حسم النبي –صلى الله عليه وسلم- لمواجهاته مع مشركي مكة، وتشبيه النبي –صلى الله عليه وسلم- نفسه مع الأنصار في هذا الموقف بعيسى مع الحواريين يؤكد طبيعة العلاقة الدينية لنبي بأتباعه. ([5])
ثم تعود البيعة لتأخذ شكلا ثالثا في الاستخدام الفقهي فهي عهد بالطاعة من الرعية للراعي، وإنفاذ مهمات الراعي على أكمل وجه، وكثيرا ما يُركّز الخطاب الإسلامي السني على كلمة البيعة تأكيدا على أن اختيار الإمام (الخليفة) يبدأ من الناس سواء تمّ بطريقة صحيحة أو غير صحيحة، وليست بتعيينٍ نصّ عليه الله لأسرة بعينها؛ لتتمايز الإمامة السنية عن الإمامة الشيعية التي تتمسك بأن الإمام تمّ النص عليه وتحديده من الله، فالبيعة عند منظري الإمامة السنية عقد بين الخليفة (الإمام) والأمة يصح بالشروط التي ينبغي توافرها في غيرها من العقود؛ ولذا سميت بيعة “وكانوا إذا بايعوا الأمير وعقدوا عهده، جعلوا أيديهم في يده، تأكيدا للعقد؛ فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري، فسمي “بيعة” مصدر الفعل باع.” ([6]) وبهذا العقد تنتقل السلطة كاملة من الأمة للإمام ينيب عنه من يريد، ويفوض من يختار فيما شاء من صلاحيات، له أن ينفرد برأيه فهو من أهل الاجتهاد، أو يستشير دون إلزام له، وأهل مشورته هم بطانته الذين يختارهم، وبمقتضي البيعة يلتزم المبايعون بالطاعة الكاملة للحاكم في كل أمر ما لم يكن معصية، فلا مجال لمخالفته بخلاف العقد الاجتماعي الذي تطوّر عنه الدستور في الدولة الحديثة، فهو يُعطى صلاحيات محدودة للحاكم، ولا يسمح له بتجاوز تلك الصلاحيات ولا التعدي على عمل غيره من السلطات، من ناحية ثانية يختلف مستشارو الإمام في الدولة الإسلامية عن ممثلي الأمة في المجالس البرلمانية -أيًا كان اسمها مجلس شورى أو أمة أو شعب- في الدولة المدنية، فهم يقومون بدور رقابي على قرارات السلطة الحاكمة، ففرق بين أهل شورى هم مستشارون فحسب، وبين أهل شورى هم سلطة مستقلة تمثل الشعب في مراقبة أداء الحاكم والحكومة (السلطة التنفيذية)، وفرق بين بيعة تلزم المحكومين بطاعة الحاكم، وتعاقد اجتماعي يلزم الحاكم بطاعة المحكومين وينظم العلاقة بينه وبين المجتمع، ومن جانب آخر تصطدم البيعة مع المواطنة في الدولة الحديثة، فالبيعة بالخلافة الإسلامية اختيار من المسلم دون غيره، بموجب كون الخلافة الإسلامية منصبا دينيا، فالدولة الإسلامية عند منظري الخلافة الإسلامية هويتها عقائدية تمتد حيث وُجد مسلمون في أي مكانٍ فتجعلهم جزءًا من دولتها دون اعتبار لحدود جغرافية، وهذا تصوّر غير واقعي في عصرنا بخلاف الدولة المدنية الحديثة فهويتها جغرافية نابعة من الأرض التي يعيش عليها الإنسان، فالدولة المعاصرة محددة بنطاق جغرافي، فكل من ينتمى إلى مصر في جغرافيتها له حق اختيار رأس الدولة بصفته مواطنا يتساوى في ذلك الذكور والإناث والمسلمون وغير المسلمين، فمنظرو الدولة الإسلامية “الخلافة” ليس عندهم مفهوم المواطنة، وإن قبله بعضهم في خطابه المعلن بدافع من الواقع المعاصر للدول العربية، فتبدو تلك الدول عند بعض منظري الخطاب الإسلامي ولايات إسلامية منفصلة تنتظر عودة الخلافة الجامعة، وتبدو عند البعض الآخر بمنزلة عدة دول إسلامية كل منها خلافة في ذاتها، متخليا عن فكرة استعادة الخلافة لتعذرها؛ فالمسلمون عاجزون عن إعادتها بسبب تغير النظام العالمي، ويبقى غير المسلم في كلا التصورين في منطقة ضبابية هل هو ذمي في دولة الإسلام فتكون أحكامه كما هي في كتب الفقه، أم مواطن له حقوق المواطنة كاملة فيأخذون بأفكار الدولة المدنية الحديثة!
ما هي دولة الخلافة الاسلامية؟
ويظهر التلفيق في وصف الدكتور محمد عمارة الخلافة الإسلامية بأنها “نظام من نُظم الحكم.. ونظم الحكم –ككل النظم- هي مؤسسات وآليات تُقيمها الأمة لتحقيق المقاصد والغايات والمصالح التي تتغيَّاها، والتي تحدّد معالمها المرجعية الفكرية أو الفلسفية أو الدينية التي تُؤمن بها هذه الأمّة. أي أن الخلافة مؤسسة مدنية بشرية أبدعتها الأمة … الخلافة الإسلامية –التي قامت كامتداد متطور لدولة النبوة- فإنها باعتبارها -دولة النبوة- قد تأسَّست بالتعاقُد الدُّستوريِّ والعقد الاجتماعيّ الحقيقيّ الذي تمَّ في “بيعة العقبة” (1ق هـ/621م) وتوزَّعت فيها السُّلطات بين المؤسسات الدستورية الثلاث: مؤسسة الأمراء.. المؤسسة الدستورية الثانية هي مؤسسة النقباء الاثني عشر.. المؤسسة الدستورية الثالثة، وهي “مجلس الشورى” مجلس السبعين الذي كان يجتمع بمسجد النبوّة بمكان محدّد، وفي أوقات محدَّدة؛ لتعرض عليه شئون الدولة والمجتمع، والتقارير الواردة من أقاليم دولة الخلافة.” ([7])
فمفردات مثل: نظم الحكم، ومؤسسات، وآليات، ومدنية، ودستورية، ومؤسسية، وتعاقد دستوري، وعقد اجتماعي، ومجلس شورى لم يكن لها ولا لدلالاتها وجود في تلك الفترة التاريخية تماما، وإنما وُجدت تلك الألفاظ وتشكلت معانيها في العصر الحديث حيث استلهمت من تجربة الدولة المعاصرة في نسختها الغربية، كذلك توصيف الخلافة الإسلامية بأنها “الدولة التي قامت في العام الثالث عشر لتحقيق سيادة الشريعة الإسلامية في حياة الأمة”([8]) ،تعبير غير دقيق لأن مصطلح الشريعة لم يكن له وجود، فالشريعة بمفهوم الأحكام الشرعية العملية الثابتة بالنص الشرعي مفهوم جاء متأخرا عن تلك الحقبة بما يزيد عن مائة وخمسين عاما، كما أننا في الوقت الذي نسلّم فيه بأن النبي –صلى الله عليه وسلم- قاد تحولا جوهريا من القبيلة إلى مجتمع المدينة كخطوة نحو بناء مجتمع جديد إلا أنّ تجربته لا تمثل تجربة دولة بالمعنى الذي يروج له الخطاب الإسلامي؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- لقي ربه بعد تمام الوحي بينما تجربة المسلمين مع الدولة في حالة تشكّل وتكوين بوصفها جزءًا من الممارسة الإنسانية للنبي –صلى الله عليه وسلم- التي أرسى الوحي مبادئها العامة، ثم أوكل للبشر استكمال التفاصيل من تجارب الممالك المعاصرة لهم والسابقة عليهم، فلفظ دولة النبوة الذي استخدمه الدكتور عمارة له دلالة ملتبسة، ويحتمل قدرا من الدينية والتقديس ننفيها دوما عن شؤون الدولة، فالنبي لم يكن مكلفا بإقامة مملكة بلغة ذاك العصر ولا استحداث دولة بل بتبليغ دعوة، وإنذار من يتخلى عنها، فلم تكن مهمته إنجاز دولة بل تبليغ مبادئها العامة، فلو بنى الرسول -صلى الله عليه وسلم- دولة لكانت شكلا ثابتا مقدّسا في حياة المسلمين، وهذا ما لا يستقيم مع حركة التطور الإنساني، فكانت الحكمة الإلهية صارفة لرسول – صلى الله عليه وسلم – عن ذاك..
وإذا كانت البيعة في صورتها التي وصلت إلينا من منظور المفكر الإسلامي دينا مجردًا ثابتًا فلِمَ يقعُ إخضاعها لمقارنة بنظريات بشرية في نظم الحكم تتغير وتتبدل؟! وإذا كانت ضمن أفعال النبوة الزمنية التاريخية الداخلة في اجتهاده البشري، فلماذا تُجعل قالبا ينبغي أن تُقاس عليه اليوم ممارسات السياسة المتغيِّرة!
إن وصف بيعة العقبة بالتعاقد الدستوري والعقد الاجتماعي لا يخلو من تكلّف وتحميل للحوادث التاريخية بدلالات تتنافي مع طبيعتها، لأن البيعة لم تكن ميثاقًا اجتماعيًّا ينظم علاقة السلطة بالمجتمع، فهناك فرق كبير بين التعاقد الدستوري والبيعة، فالدستور مجموعة القواعد القانونية المنظّمة لممارسة السلطة ومصادرها والعلاقة بين القائمين عليها، والأشخاص المعنوية والطبيعية المحكومين بتلك السلطة، والقواعد الضامنة للحقوق والحريات العامة في المجتمع.
كما أن جعلهم البيعة دستورا يحوّل ممارسات النبي (وجهاده لتبليغ دعوة الله) إلى جهاد من النبوة لإقامة دولة (مملكة بلغة تلك الفترة) وهذا الخلط له خطورته؛ لأنه يؤسس لأصولية الدولة وجعلها غاية دينية، الفكرة التي تنطلق منها الجماعات الدينية في تأسيس الدولة الإسلامية بداية ببيعة أمير أو مرشد أو خليفة تجاهد تحت رايته لاستعادة الخلافة الفريضة الإسلامية الغائبة من منظورهم.
من جانب آخر يظهر التلفيق في استخدام المفكر الإسلامي مصطلح “مجلس الشورى” في غير موضعه، فدلالته المعاصرة هي مجلس نيابي يُمثّل السلطة التشريعية في الدولة الحديثة، ويُمارس دور الرقابة على سلطتها التنفيذية، بخلاف الشورى في الممارسة التاريخية الأولى للمسلمين التي لم تأخذ شكلا بعينه، ولم تكن مُلزمة، بل مُعلِمة برأي من يختارهم القائم على الأمر أهلا لشورته، وهي مبدأ عربي وإسلامي أما كونها مبدأً عربيا؛ فلأن قبائل العرب مارست فعل المشورة وتبادل الرأي قبل الإسلام، وتحدث القرآن الكريم والأخبار النبوية عن نوادي كفار مكة ومشاوراتهم في كيفية مواجهة النبي -صلى الله عليه وسلم- والقضاء على دعوته للإسلام، وكونها مبدأً إسلاميا؛ لأن الوحي حثّنا على ممارسته دون أن يضع له إطارا أو آلية؛ لذا تعددت أشكاله في الممارسة النبوية.
أخيرا من الآثام العلمية لمثل هذا النوع من الخطاب الإسلامي لغته الفضفاضة المفتقدة للدقة العلمية والاصطلاحية، فتشعرك أنها كتبت بأمنية المتعالي بماضيه على حاضره، فيكتب بلغة خطابية مستخدما المصطلحات الحديثة في توصيف ممارسات نبوية لم تستعمل مثل هذه المصطلحات؛ ليكسب المصطلح المعاصر دلالة دينية من السياق المستخدَم فيه، ويصبغ الممارسة التاريخية بالصبغة الحداثية، ويجعل من التاريخ ناطقا بالإسلام، والحقيقة أن التاريخ يحكى فعل المسلمين في زمن بعينه، وهو لا ينطق بل المؤرخون والموجّهون للشواهد هم من ينطقون، فلا يُقدّم إلا توصيفا دقيقا واقعيا لحقبة تاريخية من حياة المسلمين، مكتفيا بطلائها بمصطلحات حداثية؛ لتبدو وكأنها ممارسات مساوية لها، وكأن المسلمين الأوائل أقاموا النموذج المعاصر للدولة، ويُجرد التاريخي الإنساني؛ ليختلط بالديني المقدس الثابت الصالح لكل زمان ومكان، وأستبعد افتراض أنه استخدم لغة فنية أدبية اعتمدت على الاستعارات والمجازات ليقرب المعاني، ويُجمّل الأفكار، فهذا لا يتناسب مع الطرح العلمي الذي يحتاج إلى لغة معيارية علمية، فوصف القديم بلفظ الحديث تلفيق وإن زعم أصحابه المجازية أو التوفيق.
المراجع:
([1]) الدكتور ضياء الدين الريس، النظريات السياسية الإسلامية، ص213 مكتبة دار التراث، الطبعة السابعة، ١٩٧٩م.
([2]) السابق، ص٣٢
([3]) السابق، ص٢١٤
([5]) في حديث عبادة بن الصامت “بايِعوني على أن لا تُشرِكوا باللهِ شيئًا، ولا تَسرِقوا، ولا تَزنوا، ولا تقتُلوا أولادَكم، ولا تَأتوا ببُهتانٍ تفتَرونه بين أيدِيكم وأرجُلِكم، ولا تَعصوا في معروفٍ، فمَن وَفَّى منكم فأجرُه على اللهِ، ومَن أصاب من ذلك شيئًا فعُوقِبَ في الدنيا فهو كَفَّارةٌ له، ومَن أصاب من ذلك شيئًا ثم سَتَرَه اللهُ فهو إلى اللهِ، إن شاء عَفا عنه وإن شاء عاقَبَه. فبايَعْناه على ذلك.” (صحيح البخاري. ٣٨٩٢)، وفي رواية كعب بن مالك عن بيعة العقبة الثانية قال النبي –صلى الله عليه وسلم-“أُبايِعُكُمْ على أنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُمْ وأَبْنَاءَكُمْ قال فَأَخَذَ البَرَاءُ بنُ مَعْرُورٍ بِيَدِهِ ثمَّ قال نَعَمْ والَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لِنَمْنَعَنَّكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أَزْرَنَا فَبايِعْنَا يا رسولَ اللهِ فَنَحْنُ واللهِ أَهْلُ الحُرُوبِ وأَهْلُ الحَلْقَةِ ورِثْنَاهَا كَابِرًا عن كَابِرٍ قال فَاعْتَرَضَ القَوْلَ – والْبَرَاءُ يُكَلِّمُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَبُو الهَيْثَمِ بنُ التَّيِّهَانِ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ فقال يا رسولَ اللهِ إِنَّ بَيْنَنَا وبَيْنَ الرِّجَالِ حِبالًا وإِنَّا قَاطِعُوهَا – وهِيَ العُهُودُ – فهل عَسَيْتَ إِنْ نَحْنُ فَعَلْنَا ذَلِكَ وأَظْهَرَكَ اللهُ عزَّ وجلَّ أنْ تَرْجِعَ وتَدَعَنَا؟ قال فَتَبَسَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال بَلِ الدَّمَ الدَّمَ والْهَدْمَ الهَدْمَ أَنْتُمْ مِنِّي وأَنَا مِنْكُمْ أُحارِبُ مَنْ حارَبْتُمْ وأُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ وَقَالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَخْرِجُوا إِلَيَّ مِنْكُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا يَكُونُونَ على قَوْمِهِمْ..” (الهيثمي، مجمع الزوائد، ج٦، ص٤٥)
([6]) أبو زيد عبد الرحمن بن محمد (ابن خلدون) المقدمة، ص ١٧٤، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثانية، ١٤٠٨هـ-١٩٨٨م.
([7]) الدكتور محمد عمارة، بحث الخلافة الإسلامية، كتاب مؤتمر الأزهر حول الإرهاب ص27،26. طبعة مشيخة الأزهر ٢٠١٤م..