تقديم:
تحاول هذه الورقة استطلاع العلاقة التي تربط المُترجم بتراثه المعرفي ساعة ينطق بهذا التراث شخص من ثقافة مُغايرة، وقد اخترنا كتاب The great Arab conquests الذي ألفَّه جون باجوت جلوب John Bagot Glubb وصدر في ستينيات القرن العشرين، وقد ترجمه للغة العربية “خيري حماد”[1] وصدر تحت عنوان: (الفتوحات العربية الكبرى)[2]، وقد اعتمدنا في هذه الورقة على الطبعة الأولى –رغم صدور طبعة قديمة منه- التي صدرت عن الدار الأهلية للنشر والتوزيع في الأردن في العام 2019.[3]
ولكي تكون فكرة الاستطلاع أكثر إحكامًا، فإني سأعرّف ابتداءً بمؤلف الكتاب “جون باجوت جلوب”، الذي “وُلدَ بتاريخ 16/ أبريل/ 1897م، ومات بتاريخ 17/ مارس/ 1986م. وقد خدم في أوروبا في الحرب العالمية الأولى ثم تطوع للخدمة في العراق. في عام 1926 استقال من الجيش البريطاني ليصبح مفتشًا إدرايًا للحكومة العراقية؛ ثم ترك هذا المنصب في العام 1930 وتعاقد للعمل كعميد في الفيلق العربي في شرق الأردن”[4]. ثم أصبح قائدًا للجيش العربي الأردني بعد تأسيسه وبقي كذلك حتى تاريخ تعريب الجيش الأردني وإنهاء خدماته بتاريخ 1/ مارس/ 1956م. وقد توافر على خبرة عسكرية ومعرفية وسياسية كبيرة كانت أحد الأسباب التي دفعته إلى تتبع تاريخ الحروب في التاريخ الإسلامي، واهتمامه بالجانب العسكري لهذا التاريخ.
إذ “يعتبر الفريق غلوب واحد من أعظم الشخصيات العسكرية والسياسية في بريطانيا. فبين سنة 1897 التي هي سنة ولادته وسنة 1986 حيث توفي بمنزله في (مي فير) عن عمر ناهز الثامنة والثمانين، استطاع هذا الرجل أن يعيش حياة خصبة ومعطاءة، ولا سيما في الجوانب العسكرية والسياسية والفكرية، ومن المهم أن نذكر ارتباط غلوب باشا الحميم في تاريخ العرب. بكونه شاهدًا وقائدًا للأحداث الكبيرة التي مرت بها الأمة العربية خلال الحرب العالمية الأولى وما تلاها… جاء غلوب باشا عام 1920 إلى العراق مركّزًا عَمله في المنطقة الجنوبية… وقد حصل في نهاية خدمته في العراق على تكريم الملك فيصل وذلك بمنحه وسام الرافدين. بعدها استدعته الحكومة الأردنية لقيادة الفيلق العربي، واستمرت مهمته في الأردن حتى عام 1956، وبعدها عاد إلى بريطانيا لينصرف إلى البحث في تاريخ الأمة العربية”[5]
لذا فقد كان “جون باجوت جلوب” أو “غلوب باشا” مُتمرسًا في الشؤون العسكرية، وقد أتى كتابه The great Arab conquests مُنسجمًا مع الإطار العام الذي يتحرّك فيه معرفيًا، فهو من ضمن الاهتمامات التي شغلته، لا سيما بعد أن تمَّ الاستغناء عن خدماته في قيادة الجيش العربي الأردني، إذ تفرّغ للمعرفة، تحديدًا ما تعلّق منها بالمنطقة العربية. وفي أواخر عُمره عندما ذهب إلى أمريكا لإلقاء بعض المحاضرات كانت جميعها لها علاقة بالعرب على نحو مخصوص كما أشار إلى ذلك في مذكراته: “ولذلك عرضت خلاصة المواضيع كانت الرئيسة منها تتناول الأمور التالية: 1- البدو: دراسة تاريخية وسيكولوجية. 2- العرب في التاريخ: حديث تاريخي من السنة 600 ميلادية وما بعدها. 3- الشرق الأوسط: مفتاح للقوة العالمية. 4- العرب هم معلمونا: ما يدين به العالم المتمدن الآن للمدينة العربية السالفة”[6]
كتاب الفتوحات العربية الكبرى
الاستطلاع البحثي:
في مقدمة ترجمته لكتاب الفتوحات العربية الكبرى: The great Arab conquests من تأليف “جون باجوت جلوب John Bagot Glubb ” كتب خيري حماد:
“ووصل الكتاب إلينا فقرأناه، وكلما أوغلنا في قراءته رأينا العجب العجاب فالكتاب مستمد في وقائعه من كتب التاريخ والسير العربية ليس إلا، كسيرة ابن هشام وتواريخ الطبري والبلاذري والخضري. وكل ما فيه من جدة هو الربط بين الأحداث وصوغ قصتها على أساس الاتساق الزمني. مع بعض الاستنتاجات والآراء الخاصة التي لا تتطلب خبرة “جنرال” عسكري، أو عالم بفنون الحرب وخططها وإنما يمكن أن يصل إليها كل باحث يتوخى فهم الأحداث وتفسيرها”[7]
بإزاء هذه الفقرة التي أشار فيها المُترجم إلى المصادر الأصلية التي استقى منها “جون باجوت جلوب” مادة بحثه؛ وضع –أعني المترجم- ما يزيد على 183 هامشًا للردّ على المؤلف، متهمًا إياه بأنه يحاول تشويه التاريخ العسكري للدولة الإسلامية الناشئة! رغم أن مَراجعه باعتراف المترجم- هي مراجع عربية بامتياز. بما يضع فعل الترجمة –رغم جودة الترجمة أمام نوعين من المُحارجات:
الأولى: مُحارجة معرفية.
الثانية: مُحارجة أخلاقية.
ومباشرة سأفصّل للمُحارجة المعرفية، على أن أعود إلى المُحارجة الأخلاقية لاحقًا، لكي تستقيم غرضية هذه الورقة وتُحقّق معناها لدى القارئ.
فيما يتعلق بالمُحارجة المعرفية، سأبسط لنقطتين رئيسيتين ضغطتا بشكل كبير على المترجم ساعة كان يردّ على آراء “جون باجوت غلوب”.
الأولى: مُتعلقة بزاوية النظر إلى تاريخنا، والضغط الذي تفرضه مادة هذا التاريخ العتيد على رؤيتنا الحديثة للعالَم. أو كيف ننظر إلى تاريخنا بعد قرون طويلة على انقضاء أحداثه؟
الثانية: متعلقة بزاوية النظر إلى الآخر، وآليات التعامل مع طروحاته المعرفية، لا سيما تلك التي تتناول تاريخنا. أو بأيّ عين ننظر إلى الآخر الذي يُعيد النظر في تاريخنا، ساعة نُترجم نظراته الجديدة لذلك التاريخ؟
ولكي أجلِّي النقطة الأولى المُتعلقة بزاوية النظر إلى تاريخنا، سآخذ ثلاثة نماذج من الآراء التي يُوردها “جون باجوت غلوب” في كتابه (الفتوحات العربية الكبرى)، وأضع المادة الأصلية أو المادة الشبيهة لها كما وردت في كتاب (تاريخ الطبري: تاريخ الرسل والملوك) للإمام الطبري، بصفته أحد أكثر المراجع موثوقية في ثقافتنا العربية من جهة، وأحد المراجع التي نهل منها “جلوب” مادة كتابه، حتى بإعتراف المُترجم، كما أشرتُ إلى ذلك سابقًا.
أما النقطة الثانية فسوف أجلِّي سياقها من خلال تفكيك صيغ الكلام ودلالاتها التي ردّ فيها المترجم على المؤلف، إذ سآخذ بعض الأمثلة وأفكّك معانيها، لكي تستقيم الرؤية بشكلٍ أوضح.
القسم الأول: النماذج الثلاثة.
لإبراز آليات تعاملنا مع تاريخنا العتيد، وما يستدعيه ذلك من ضغط على تشكيل رؤيتنا للعالَم الحديث، فإني سأختار ثلاثة نماذج من كتاب (الفتوحات العربية الكبرى)، وأضع المادة الأساسية أو المادة المُشابهة لها، كما وردت في كتاب (تاريخ الطبري: تاريخ الرسل والملوك)، ثم سأضع تعقيب “خيري حماد” على ما أورده “جون باجوت جلوب”. أي سأقسّم الجدول إلى ثلاث خانات: 1- خانة المؤلف جون باجوت جلوب. 2- خانة الطبري. 3- خانة المترجم خيري حماد.
المثال الأول مُتعلق بحادثة القتل التي ارتكبها “خالد بن الوليد” أثناء فتح مكة، رغم نهي النبي محمد عن ذلك، إذ سأعمد إلى سرد المادة كما وردت في كتاب (الفتوحات العربية الكبرى) ثم سأضع ردّ المترجم “خيري حمَّاد” على مادة المؤلف، ثم سأقتبس سرد الحادثة كما ورد في كتاب (تاريخ الطبري)، لنرى إلى أي حد كان المُترجم محقًّا فيما ذهب إليه من اتهام المؤلف بأنه يعمل للإساءة للإسلام والمسلمين فيما يكتب.
المثال الأول:
المادة كما تظهر في كتاب الفتوحات العربية الكبرى لـ جون غلوب | تعقيب المترجم “خيري حماد” على مادة جون جلوب | المادة المُشابهة كما وردت في تاريخ الطبري |
“وهكذا فتحت مكة دون إراقة دماء إلى حد كبير. وقد قتل خالد بن الوليد الحادالمزاج بعض الناس عند باب المدينة الجنوبي وأنبه النبي تأنيبًا حادًا على ما فعله[8]. | يحاول المؤلف هنا أن يعطي صورة مشوهة عن الحقيقة ليظهر أن خالد بن الوليد عصى أمر الرسول بقتله بعض الناس وأن النبي أنبه على عصيانه. أما الحقيقة التي روتها كتب التاريخ العربي فهي أن بعض مقاتلة قريش اعترضت رتل خالد بن الوليد عند أسفل مكة ومنهم نفر من بني بكر والأحابيش وعلى رأسهم عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو. وكانوا قد اتخذوا موقعًا على جبل يدعى الخندمة. ولما اقتربت طلائع خالد رشقوها بوابل من النبال فلم يمهلهم خالد لحظة، وفي كرة واحدة شتت شملهم بعد أن قتل منهم أثني عشر رجلًا وانهزم الباقون وفيهم زعماء الحركة. ولم يقتل رتل خالد إلا رجلان وقد أسف محمد (ولم يؤنب خالدًا كما زعم المؤلف) على ما حدث إذ كان يتمنى لو لم يسفك دم بدخول مكة ولكنها مشيئة الله[9]. | حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عن محمد بن إِسْحَاقَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ص حِينَ افْتَتَحَ مَكَّةَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ دَاعِيًا وَلَمْ يَبْعَثْهُ مُقَاتِلا، وَمَعَهُ قَبَائِلُ مِنَ الْعَرَبِ: سُلَيْمٌ وَمِدْلَجٌ، وَقَبَائِلُ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَلَمَّا نَزَلُوا عَلَى الْغُمَيْصَاءِ- وَهِيَ مَاءٌ مِنْ مِيَاهِ بَنِي جذيمة بن عامر بن عبد مناه ابن كِنَانَةَ- عَلَى جَمَاعَتِهِمْ، وَكَانَتْ بَنُو جُذَيْمَةَ قَدْ أصابوا في الجاهلية عوف بن عبد عَوْفٍ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالْفَاكِهَ بْنَ الْمُغِيرَةِ- وَكَانَا أَقْبَلا تَاجِرَيْنِ مِنَ الْيَمَنِ- حَتَّى إِذَا نَزَلا بِهِمْ قَتَلُوهُمَا، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمَا. فلمَّا كانَ الإسلام وبعث رسول الله ص خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، سَارَ حَتَّى نَزَلَ ذَلِكَ الْمَاءَ، فَلَمَّا رَآهُ الْقَوْمُ أَخَذُوا السِّلاحَ، فَقَالَ لَهُمْ خَالِدٌ: ضَعُوا السِّلاحَ، فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ أَسْلَمُوا.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي جُذَيْمَةَ، قَالَ: لَمَّا أَمَرَنَا خَالِدٌ بِوَضْعِ السِّلاحِ، قَالَ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ جَحْدَمٌ: وَيْلَكُمْ يَا بَنِي جُذَيْمَةَ! إِنَّهُ خَالِدٌ! وَاللَّهِ مَا بَعْدَ وَضْعِ السِّلاحِ إِلا الإِسَارُ، ثُمَّ مَا بَعْدَ الإِسَارِ إِلا ضَرْبُ الأَعْنَاقِ، وَاللَّهِ لا أَضَعُ سِلاحِي أَبَدًا قَالَ: فَأَخَذَهُ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَقَالُوا: يَا جَحْدَمُ، أَتُرِيدُ أَنْ تَسْفِكَ دِمَاءَنَا! إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَسْلَمُوا، وَوُضِعَتِ الْحَرْبُ، وَأَمِنَ النَّاسُ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى نَزَعُوا سِلاحَهُ، وَوَضَعَ الْقَوْمُ السِّلاحَ لِقَوْلِ خَالِدٍ، فَلَمَّا وَضَعُوهُ أَمَرَ بِهِمْ خَالِدٌ عِنْدَ ذَلِكَ فَكُتِّفُوا، ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى السَّيْفِ، فَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ فلما انتهى الخبر الى رسول الله ص رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ[10]! |
يتضّح من المثال السابق أن كلمة “أَنَّبَّ” التي ذكرها “جون باجوت جلوب” أثارت حفيظة المُترجم وجعلته يتهّمه بأنه يحاول “تشويه الحقيقة”، رغم أن مقولة النبي محمد كما أوردها الطبري أشدّ وقعًا على النَفْس من كلمة “تأنيب” الذي ذكرها المؤلف. فصيغة: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ” تشي بخطأ كبير تمّ ارتكابه من قبل خالد بن الوليد إلى حدِّ براءة النبي من صنيعه، في حين أن مفردة: “أَنَّبَّ” تشي بتهوين الفعل المُرتكب أو التقليل من شأنه حتى مع وقوع بعض اللوم، لكن صيغة: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ” صيغة قاطعة وحازمة، وتجعل من خالد بن الوليد مسؤولًا لوحده عمَّا صنع، على عكس صيغة التأنيب التي ذكرها “جون باجوت جلوب”. لذا سيكون السؤال المشروع هنا: لماذا وجَّه المترجم اتهامه للمؤلف بأنه يسعى إلى تشويه الحقيقة، رغم أن الحقيقة في مصدرٍ من المصادر الرئيسية في الثقافة الإسلامية –أعني تاريخ الطبري- أثقل وأشدّ؟ لِمَ قَرَّعَ المُترجم المؤلف، رغم أنَّ ما فعله المترجم محض نقل لمعرفة موجودة مسبقًا –وبطريقة أكثر وضوحًا وقسوةً- في مصادر تاريخنا؟
سانتقل إلى المثال الثاني- وهو مُتعلق بعدد قتلى الفرس في معركة القادسية- مع الإبقاء على السؤال السابق مُعلّقًا دون إجابة ريثما تتضح الرؤية أكثر.
المثال الثاني:
المثال كما ورد في كتاب الفتوحات العربية الكبرى لـ “جون باجوت جلوب” | تعقيب المُترجم خيري حماد على ما ذكره المؤلف | المادة المُشابهة كما وردت في تاريخ الطبري |
“ولم يكن الفرس في غضون ذلك مخلدين إلى الراحة والكسل؛ وكانوا –تلبية لأمر يزدجرد وحثه وحيويته- قد حشدوا جيشًا ضخمًا بقيادة رستم القائد المتمرس الذي خبر الحرب في عدة حملات. وقد حمل الفرس لهذه المعركة راية الأسرة الساسانية المالكة للتدليل على أهميتها؛ وألف نحو من ثلاثة وثلاثين فيلًا “الفيلق المدرع الذي تقرر أن يقود الهجوم” وقدر المؤرخون العرب جيش الفرس هذا بما يتردد بين الستين ألفًا والمائة والعشرين ألفًا. وربما لا يقبل المرء هذه الأرقام وإن كان من المحتمل أن يكون جيش رستم أكثر عددًا من جيش سعد”[11] | “محاولة جديدة من المؤلف للتشكيك في التاريخ العربي ومن ثم للتشكيك في أهمية النصر الرائع الذي حققه العرب في معركة القادسية العظيمة”[12] | “حَدَّثَنِي محمد بن عبد الله بن صفوان الثقفي، قال: حدثنا أمية بن خالد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عبد الرحمن، قَالَ: قَالَ أَبُو وَائِلٍ: جَاءَ سَعْدٌ حَتَّى نَزَلَ الْقَادِسِيَّةَ، وَمَعَهُ النَّاسُ، قَالَ: لا أَدْرِي لَعَلَّنَا لا نَزِيدُ عَلَى سَبْعَةِ آلافٍ أَوْ نحو من ذلك، والمشركين ثَلاثُونَ أَلْفًا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَقَالُوا لَنَا: لا يدي لَكُمْ وَلا قوة وَلا سِلاح، ما جاء بكم؟ ارجعوا، قَالَ: قُلْنَا: لا نَرْجِعُ، وَمَا نَحْنُ بِرَاجِعِينَ، فَكَانُوا يَضْحَكُونَ مِنْ نُبْلِنَا، وَيَقُولُونَ:
دوك دوك، وَيُشَبِّهُونَهَا بِالْمَغَازِلِ قَالَ: فَلَمَّا أَبَيْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ نَرْجِعَ، قَالُوا: ابْعَثُوا إِلَيْنَا رَجُلا مِنْكُمْ، عَاقِلا يُبَيِّنُ لَنَا مَا جَاءَ بِكُمْ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: أَنَا، فَعَبَرَ إِلَيْهِمْ، فَقَعَدَ مَعَ رُسْتُمَ عَلَى السَّرِيرِ، فَنَخَرُوا وَصَاحُوا، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَمْ يَزِدْنِي رِفْعَةً، وَلَمْ يُنْقِصْ صَاحِبَكُمْ، قَالَ رُسْتُمَ: صَدَقْتَ، مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قَالَ: انا كنا قوما في شر وَضَلالَةٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ فِينَا نَبِيًّا، فَهَدَانَا اللَّهُ بِهِ وَرَزَقَنَا عَلَى يَدَيْهِ، فَكَانَ مِمَّا رَزَقَنَا حَبَّةٌ زعمت تَنْبُتُ بِهَذَا الْبَلَدِ، فَلَمَّا أَكَلْنَاهَا وَأَطْعَمْنَاهَا أَهْلِينَا قَالُوا: لا صَبْرَ لَنَا عَنْ هَذِهِ، أَنْزِلُونَا هَذِهِ الأَرْضَ حَتَّى نَأْكُلَ مِنْ هَذِهِ الْحَبَّةِ، فَقَالَ رُسْتُمُ: إِذًا نَقْتُلَكُمْ، فَقَالَ: ان قتلتمونا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ، وَإِنْ قَتَلْنَاكُمْ دَخَلْتُمُ النَّارَ، أَوْ أَدَّيْتُمُ الْجِزْيَةَ قَالَ: فَلَمَّا قَالَ: أَدَّيْتُمُ الْجِزْيَةَ، نَخَرُوا وَصَاحُوا، وَقَالُوا: لا صُلْحَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، فَقَالَ: الْمُغِيرَةُ: تَعْبُرُونَ إِلَيْنَا أَوْ نَعْبُرُ إِلَيْكُمْ؟ فَقَالَ رُسْتُمُ: بَلْ نَعْبُرُ إِلَيْكُمْ، فَاسْتَأْخَرَ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى عَبَرَ مِنْهُمْ مَنْ عَبَرَ، فَحَمَلُوا عَلَيْهِمْ فهزموهم”[13]. |
وفي العموم، هناك بعض التضارب في أرقام الطرفين –بعضها الآخر ذكره الطبري- لكن “جون باجوت جلوب” لم يخطيء ساعة ذكر معلومة: “وربما لا يقبل المرء هذه الأرقام وإن كان من المحتمل أن يكون جيش رستم أكثر عددًا من جيش سعد”[14]. فالتشكيك في الإحصائيات لا يعني بأيّ حالٍ من الأحوال التشكيك في أمر النصر، فكل ما فعله “جون باجوت جلوب” هو التشكيك في الإحصائيات المُتضاربة حتى في المصادر العربية، وليس التشكيك في التاريخ العربي! كم أدعَّى المترجم. وهذا ما يؤكّده المؤلف بعد ذلك بعدّة صفحات، إذ عمد إلى التأشير على ما أفضت إليه المعركة من نتائج فارقة:
“وغنم العرب في المعركة كميات ضخمة من النقود والمجوهرات والأسلحة بالإضافة إلى الراية الكبرى للملوك الساسانيين. وكانت معركة القادسية مميتة بالنسبة للحكم الفارسي في العراق، تمامًا كما كانت معركة اليرموك مميتة للحكم البيزنطي في سورية. وتمكن الجفاة من أبناء القبائل العربية الصلاب العود من تحطيم الجيش الفارسي –الذي كان لعشر سنوات خلت يقرع أبواب القسطنطينية- تحطيمًا لن تقوم له قائمة بعده. وأدى مصرع رستم إلى زيادة اليأس والاضطراب”[15]
بين معرفة الحقيقة والمعرفة عنها
فالمؤلف لم يُشكّك في الانتصار الباهر، بل تحدّث بروحٍ حماسية –منسجمة مع روحه العسكرية- عن الانتصار الساحق الذي حقّقه المسلمون يومذاك على الفرس، وقلبوا فيه موازيين القوى مرة واحدة وإلى الأبد.
لكن، لماذا اتهَّم المترجم المؤلف بأنه يُشكّك في التاريخ العربي! رغم أن ما طرحه “جون باجوت جلوب” محض تساؤل أو استنتاج يمكن لأي مُدقّق في الأحداث التاريخية أن يطرحه، لا سيما إذا كانت الأعداد المذكورة أعدادًا ضخمة بطريقة مُلفتة للنظر والتساؤل؟ فالتشكيل في عدد قتلى مذبحة ما، لا يعني بحالٍ من الأحوال إنكار المذبحة، سواء أكان عدد القتلى أربعة أو أربعمائة. كذلك التشكيل في أرقام معركة القادسية –فالأرقام الأصلية في المصادر العربية يضرب بعضها بعضًا- لا يعني بحالٍ من الأحوال التقليل من شأن المعركة والاستهانة بالانتصار الذي تمّ تحقيقه يومذاك. فذلك من باب التجنِّي على المؤلف بشكلٍ مبدئي وحاسم من قبل المترجم.
لنضرب مثالًا ثالثًا –على أن نُبقي على السؤال مطروحًا- ونرى إلى أين يمكن أن يُفضي الأمر. وهو –أعني المثال الثالث- متعلق بعزل “أبي موسى الأشعري” من قبل الخليفة “عثمان بن عفان”.
المثال الثالث:
ما ورد في كتاب الفتوحات العربية الكبرى لـ جون باجوت جلوب | تعقيب المُترجم خيري حماد على كلام المؤلف | المادة المُشابهة في تاريخ الطبري |
“لم تكن دوافعه دائمًا خالية من الغرض كل الخلو. فبالإضافة إلى تشيعه لأقاربه، كان يعيش حياة رجل ثري، ويقال بأنه كان يميل إلى قبول الهدايا من عماله في الأمصار”[16].
|
“أعتقد أن هذه الرواية التي جاء بها المؤلف، والتي جعل منها ذريعة لاتهام عثمان رضي الله عنه بالغرض ومخالفة قواعد النزاهة روايات مغرضة، حتى لو وردت في بعض كتب العرب. ولا ريب في أن روايتها من الذين تحيزوا ضد عثمان. وإن كان هذا لا ينفي عنه أنه استعمل أقاربه في إمارة الأمصار”[17] | سنة تسع وعشرين: ذكر مَا كَانَ فِيهَا من الأحداث المشهورة:
ففيها عزل عُثْمَان أبا مُوسَى الأَشْعَرِيّ عن الْبَصْرَةِ، وَكَانَ عامله عَلَيْهَا ست سنين، وولاها عَبْد اللَّهِ بن عَامِر بن كريز، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابن خمس وعشرين سنة، فقدمها وَقَدْ قيل: إن أبا مُوسَى إنما عمل لِعُثْمَانَ عَلَى الْبَصْرَة ثلاث سنين.وذكر عَلِيّ بن مُحَمَّدٍ أن محاربا أخبره، عن عوف الأعرابي، قَالَ: خرج غيلان بن خرشة الضبي إِلَى عُثْمَانَ بن عَفَّانَ، فَقَالَ: أما لكم صغير فتستشبوه فتولوه الْبَصْرَة! حَتَّى متى يلي هَذَا الشيخ الْبَصْرَة! يعني أبا مُوسَى، وَكَانَ وليها بعد موت عمر ست سنين. قَالَ: فعزله عُثْمَان عنها، وبعث عَبْد اللَّهِ بن عَامِر بن كريز بن رَبِيعَة ابن حبيب بن عبد شمس، وأمه دجاجة ابنة أسماء السلمي، وَهُوَ ابن خال عُثْمَان بن عَفَّانَ قَالَ مسلمة: فقدم الْبَصْرَة، وَهُوَ ابن خمس وعشرين سنة، سنة تسع وعشرين[18]. |
وفي هذا المثال أيضًا، وجَّه المترجم اتهامه للمؤلف بأنه يسعى للنيل من شخصية عثمان بن عفان، رغم أن المادة الأصلية في محاباة عثمان بن عفان لأقربائه موجودة في مصادرنا العربية، وقبل أن تُوجد بريطانيا ومخططاتها الاستعمارية بعدة قرون! وللإمعان في اتهَّام المؤلف من قبل المترجم في النيل من شخصية عثمان بن عفان، فقد اعترفَ بأن المعلومة التي ذكرها “باجوت جلوب” موجودة في مصادرنا العربية، لكن من كتبوها كانوا على عدم وفاق مع عثمان! بما يكشف عن الآليات التي نتعامل بها مع تاريخنا وشخصياته، إذ يمنحها المترجم طابعًا قدسيًا يستعصي على النقد.
إذًا، وفقًا للأمثلة الثلاثة السابقة، فقد وجَّه المُترجم “خيري حماد” اتهامات مباشرة للمؤلف “جون باجوت جلوب” بالنيل من التاريخ الإسلامي وتشويه حقائقه والتقليل من شأن شخصياته، ففي:
- المثال الأول أشار المترجم إلى أن المؤلف يُحاول “تشويه الحقيقة” لمجرد أنْ ذَكَرَ أنَّ النبي محمد “أنَّبَّ” خالد بن الوليد، لأنّه قتل البعض أثناء فتح مكّة، مُخالفًا بذلك أوامر النبي –وهو بمثابة مخالفة أوامر القائد العسكري في زمن الحروب- الذي نهى عن ذلك. في حين أنَّ أحد المصادر الرئيسية في الثقافة العربية الإسلامية (تاريخ الطبري: تاريخ الملوك والرسل) قد ذكر أنَّ النبي محمد قد قال ساعة تناهى إلى مسمعه أن خالد بن الوليد قتل البعض أثناء فتح مكَّة: “اللَّهُمَّ إني أبرأُ إليكَ مِمَّا صَنَعَ خالد بن الوليد”. مع مما تحتمله فكرة البراءة من وقع خطير على مرتكب الفعل، أكثر مما تحتمله مفردة “تأنيب”! فاتهَّام المُترجم للمؤلف بتشويه الحقائق، تُكذّبه الوثائق التاريخية، بل تنقل ما هو أشدّ وطأة منه. وقد كان الأَوْلَى –لو تمتَّع المُترجم بشيء من الموضوعية والمصداقية- أن يقبل نقل الآخرين لحقيقتنا كما تنقلها وثائقنا ابتداءً. وهذا عين ما يمكن أن يفعله صاحب عقل نقدي من جهة الموضوعية، وأن يُوجِّه نقوداته –إن كانت لديه نقودات حقيقية- إلى تاريخنا من جهة المصداقية، لا أن يتهّم الآخرين باستقصاد النيل من تاريخنا وشخصياته المؤثرة. فالصعود بالأحداث التاريخية إلى مرتبة فوق تاريخية واعتبار الشخصيات التي اجترحت أحداثه في مرتبة فوق البشر، وإجبار الآخرين على التعامل معه على أنه تاريخ لا زماني وأنهم بشر خالدون ولا يُخطئون، حطٌّ من فعل التثاقف، وانتفاء لفكرة التعدّد والتنوّع المعرفي من جهة، وتثبيت عقلنا الآني في زمان أبدي، لا حظّ فيه للنقد بتاتًا.
وفي:
- المثال الثاني أشارَ المُترجم إلى أن المؤلف يُشكّك في التاريخ العربي، رغم أن المؤلف تحدَّث بإعجابٍ شديد –ربما جزء منه يعود إلى أنه قائد عسكري كما أسلفت- عن الانتصار الساحق للمسلمين في معركة القادسية. وكل ما فعله أنه شكّك في عدد المشاركين في المعركة من الطرفين. إذ كان أولى به –أعني المُترجم- أن يُوجّه نقده لمصاردنا التاريخية التي يفتقد جزء كبير منها إلى أي رؤية نقدية، فكل ما يفعله الرواي في كثير من الأحيان هو نقل المعارف التي تصله عن طريق العنعنات دون تمحيص للروايات التي قد تضرب بعضها البعض في كثير من الأحيان. وبشأن معركة القادسية ليس هناك قطع نهائي بعدد من شاركوا بها من الطرفين، فالرواية الواحدة قد تحوي أعدادًا غير ثابتة، مما يجعل القطع مسألة مُحيّرة ومُلبسة، فلماذا نلوم من يُشكّك في الأعداد، إذا كانت المشكلة الأساسية في مصادرنا وليس عندهم؟ من ثمَّ أولى بنا أن نُدقّق رواياتنا ونفحص تاريخنا، قبل أن نُشكّك في مسلكيات الآخرين لمجرد تعاملهم بعقلٍ نقدي مع تراثنا، إلا إذا كنا أصحاب عقل تسليمي قبل التاريخ وأقبل عليه كمنظومة هُويَّاتيَّة شكلّت كينونتنا وصار نقدها ضربًا من العبث الوجودي. وبإزاء هذا التسليم فقدنا قدرتنا على ممارسة النقد، والتعييب على من يمارسونه بشكلٍ حاسم ومبدئي. إذ الفرق فرق في المُنطلق لرؤية التاريخ: الأول تسليمي أقرَّ الصيغة النهائية في النظر لهذا التاريخ وصار الخروج عليها –عبر تفعيل مَلَكَة النقد- محفوفًا بمخاطر جمّة.
وفي:
- المثال الثالث عاب المترجم على المؤلف إشارته إلى محاباة “عثمان بن عفان” لأقاربه، وهي مروية تاريخية روتها كتب التاريخ الإسلامي، وكانت أحد الأسباب المباشرة لقضية من أخطر القضايا التي عصفت بالتاريخ العربي الإسلامي، أعني قضية الفتنة التي سببت شرخًا جسيمًا في بنية المجتمع الإسلامي وما زالت تداعياتها حاضرة حتى الآن. إذ كانت محاباة عثمان بن عفان لأقاربه أحد الأسباب الرئيسية والمباشرة لقضية الفتنة. ومُستغْرَب موقف المترجم من المؤلف لأنه أورد معلومة من تاريخنا، تحتي نقدًا لشخصية من شخصيات هذا التاريخ، وكأنه ينظر –كما أسلفت- إلى الشخصيات التي جسدت ذلك التاريخ كشخصيات فوق بشرية ولا ينبغي –بأي حالٍ من الأحوال- نقد مسلكياتها، حتى لو كانت شخصيات عامة وفي مجالات حسّاسة؛ سياسية أو معرفية أو اجتماعية أو دينية…إلخ.
فمن عجائب المُترجم أنه عاب في الأمثلة المذكورة – وهي غيض من فيض إذ بلغت عدد هوامشه التي هاجم فيها المؤلف بشكلٍ مباشر حوالي 183 هامشًا كما أسلفت- على المؤلف تقصّده تشويه تاريخنا والطعن في مسلماتنا والنيل من شخصياتنا، رغم أن ما ذكره موجود أصلًا في كتبنا، بصورة أكثر صدامية ووضوحًا. فالعديد من مصادرنا التاريخية نقلت –في الغالب- التاريخ كما حدث ون تجميل لأحداثه أو شخصياته، إذ كانت تصف ما يحدث، لكن أحد إشكالاتنا الرئيسية –وهذا ما انعكس على المترجم- أننا انتقلنا من مرحلة الجزئيات التي تتعامل مع الأفكار والأشخاص والأشياء ضمن شرطها الحياتي الذي يُمكن أن تخطئ فيه أو تصيب، إلى مرحلة الكُليَّات إذ نظرنا إلى التاريخ كجزءٍ أساسي من ذاتنا الكُليّة التي لا ينبغي المسّ بها، حتى ولو انطوى ذلك التاريخ بأحداثه وأفكاره وشخوصه على فظائع. إذ رفعناه –ذلك التاريخ- إلى مرحلة من فوق تاريخية، فتنزَّل علينا كمُسلَّماتٍ خالدة تستعصي على النقد الفاني!
وهذا ما انعكس بدوره -أي هذا التعامل الأسطوري مع التاريخ- على تعاملنا مع الآخر الذي يتناول تاريخنا كجزءٍ من سيرورته الوجودية، بصفتها سيرورة مُتعالقة مع تاريخنا بطرق شتّى. فمن جهة تعاملنا مع تاريخنا ظهر لنا –بناء على ما ذكرناه آنفًا- أننا نتعامل مع تاريخنا كمُسلَّمات توارثناها جيلًا إثر جيل، فصارت عصية على النقد والتمحيص. بما جعل التاريخ يأخذ طابعًا ميتافيزيقيًا، يُحكم سيطرته على (مداخل/ مخارج) تعاملنا معه في الوقت الحاضر. فدفاعنا عنه يأخذ طابعًا كُلانيًّا، أي أننا نُدافع عنه بصفته مُكوّنًا رئيسيًا من مكونات هويتنا الجمعية، وأي نقد له هو إطاحة بهذا المكون الهَوَويّ. وتعاملنا مع أحداث التاريخ وشخصياته، لا يخضع لأي اعتبار نقدي، يُنزل الأشخاص والأحداث مكانهم ومكانتهم الحقيقية من حيث الصواب والخطأ، بل يُنزلهم منزلة أقرب إلى القداسة غير القابلة للنقد تحت وطأة العقاب الشديد. بما يُحيل العلاقة بيننا وبين تاريخنا إلى علاقة تسليمية تسلبنا قدرتنا على استخدام عقولنا استخدامًا يُبقينا أصحَّاء على المستوى الحضاري.
ومن جهة تعاملنا مع الآخر ظهر لنا أنَّ الاتهّام جاهز وناجز فيما يتعلق بالآخر، أيًّا كان الذي يتحدث فيه عن تاريخنا، إلا إذا أقرَّ به إقرارًا تسليميًا كما نفعل نحن، فالنقد خارج الأطر التي نتحرّك بها، أو بالأحرى خارج الأطر التي يتحرّك بها المترجم. فالمُترجم خطَّأ المُؤلف في جميع ما أبداه من آراء حول تاريخنا. وتحت عنوان (هامش صغير) – صفحة 7، في طبعته الصادرة عن الأهلية للنشر والتوزيع 2019، مكتوب –صفة الكاتب مجهولة-:
“ولكن المترجم وبحمية عربية إسلامية حازمة تتبعَ الكتابَ كلمةً كلمةً، ولم يترك له شاردةً ولا واردةً، وهذا إنجاز لا يحسنه إلا القلة من المترجمين الذين لا يكتفون بنقل النص بدون تدخل وبدون إشارات تحكم أحكاما قيمية لما يرد في الكتب”[19]
بما يدل على أنَّ المرجع الهويّاتي ضغط على المترجم –وبشكلٍ حاسم- ساعة التصدّي لما كتبه المؤلف. فالحمية العربية الإسلامية حاضرة بقوة أثناء الردّ على “جون باجوت جلوب”، أكثر من حضور العقل النقدي لمطارحته الأفكار والردّ عليها ردًّا عقلانيًا لا ردًّا انفعاليًا. لأنَّ الأمثلة التي سردناها آنفًا بينّت أنَّ كلام المؤلف أهون بكثير من الكلام الذي ورد في تاريخ الطبري. إذ يبدو أن العقل العربي الإسلامي القديم كان أكثر رحابة وسعةً من عقلنا الحالي، إلى درجة أننا أوقعنا أنفسنا في تناقضات صارخة، إذ كان الأَوْلَى أن ننقد تاريخنا وألا نتعامل معه كمادةٍ عصية على التفتّت والفناء، وبالمعيَّة نتقبل أي نقد له، بدل أن نُلقي باللوم على الآخرين ساعة يكتبوا عن تاريخنا، ونتهمهم بالنيل من تاريخنا واستهداف شخوصه. فالآخر مُتهَّم بشكل مبدئي، بما يُبقي على العلاقة الصدامية معه في طور الجاهزية الفاعلية. وهذا من شأنه أن يضرّ بالأفق الواصل بين الشرق والغرب، كما أشرتُ إلى ذلك في مقام آخر.[20]
القسم الثاني – المحارجة الأخلاقية
أشرتُ في القسم الأول من هذه الورقة إلى أن مُترجم كتاب (الفتوحات العربية الكبرى) “خيري حماد” قد وضع أكثر من 183 هامشًا للردّ على المؤلف “جون باجوت جلوب” وتبيان أنه كان مُتآمرًا على التاريخ الإسلامي، لكن مقارنة بسيطة مع أحد المراجع الرئيسية في الثقافة العربية الإسلامية، أعني تاريخ الطبري: تاريخ الرسل والملوك، بينّت تهافت آراء المترجم، وافتقادها إلى: 1- المضوعية من جهة. و2- المصداقية من جهة ثانية.
فالأفق الذي يتحرّك فيه المُترجم مع المؤلف وخلفيته الثقافية، بصفته ممثلًا للآخر ومُنيبًا عنه لحظة التواصل الترجمي، أفق:
- ضيق ومحكوم بشكل مسبق إلى مقولات هُويَّاتيّة جاهزة وناجزة، بصرف النظر عمّا يحكيه أو يكتبه، إلا إذا توافق الذي يحكيه أو يكتبه بشكلٍ كامل مع مُنطلق المُترجم ومآلاته المعرفية، وهذا عين الاستحالة من جهة، وقضاء على فكرة التعدّد والتنوّع من جهة ثانية.
- غير سليم من ناحية أخلاقية. وهذا ما سنُفصِّله في هذا القسم من هذه الورقة البحثية، إذ سنأخذ خمسة أمثلة من ردوده على “جون باجوت جلوب” ونُفكّك صيغ الكلام التي ردّ فيها عليه، والأمثلة الخمسة نختارها نظرًا لحجم الكتاب الكبير، فمن كل 100 صفحة سنختار مثالًا بحيث نُغطّي معظم أجزاء الكتاب، لكي لا نظلمه وننقصه حقه. وسأعمد إلى سرد الأمثلة كاملة تباعًا ثم التعقيب عليها لاحقًا.
المثال الأول:
في هامش الصفحة 22 من الترجمة العربية كتب المُترجم “خيري حماد” الآتي:
“يكاد جلوب يفضح نفسه في مقدمته. ويفضح نياته الاستعمارية والدور الذي كان يؤديه في المنطقة العربية. فهو يعتبر أن من سوء حظ بريطانيا طبعًا أن أيًا من رجالها لن يحتل في المنطقة المركز الذي احتله هو. وهو لا يود أن يجزم بأن أي قائد بريطاني لن يُحارب في المستقبل على أراضيها، لأن أحلام الإمبروطورية ما زالت تراوده وتمنيه هو أو من هم على شاكلته بالعودة إلى المنطقة وقيادة الجيوش العربية فيها. ولكننا نود أن نجزم لجلوب ونؤكد له أنه لن يعود لا هو ولا غيره من أعمدة الاستعمار البريطاني إلى أرضنا العربية التي طهرها وسيطر عليها شعبنا العربي من مخلفاته وعملائه. ونود أن نشترك معه في قوله بأن ما أتيح له لن يتاح لغيره أبدًا لأن هذه هي إرادة الشعب العربي”[21]
المثال الثاني:
“يظهر المؤلف في هذه اللهجة حقده الأسود الدفين على الإسلام والمسلمين، فهو يتهم المسلمين بأعمال الاغتيال دون أن يشير إلى ما قام به أعداؤهم من أعمال الاغتيال والغدر بالمسلمين وبينها محاولات عدة لاغتيال النبي نفسه. وهذه الحوادث كثيرة منها: غدر أبي براء بالبعثة التي طلب النبي إيفادها إلى نجد لتعليم النجديين شئون الدين. ومنها غدر عامر بن الطفيل برجلين مسلمين من بني سليم وفد بني النضير برجلين مسلمين ومحاولتهم اغتيال الرسول وغير ذلك من الحوادث التي لا حد لها ولا حصر. وإذا ما أخذ المرء كل هذه المحاولات والأعمال الإجرامية بعين الاعتبار تبين له في ابتعاد المؤلف عن الموضوعية من تحيز ضد المسلمين كما وجد المبرر لثار المسلمين من الغادرين”[22]
المقارنات التبريرية
المثال الثالث:
“ما أتفه هذا التعليل الذي يتعمد التشويه. إن اختيار حذيفة لهذا المنصب دليل على أن الإسلام لم يعد يفرق بين عربي وآخر. ولم يكن اختياره عاملًا في عمان إلا ناجمًا عن صدق إسلامه ومكانته في قومه، وقدرته على إدارة المنطقة إدارة ناجحة”[23]
المثال الرابع:
“تعليل سخيف لا استطيع قبوله. وإذا كان المؤلف يعترف بأن العرب، وهم أصحاب عياض الذي يعتد برأيهم كانوا يعرفون أن غنمًا اسم صنم، فإنني لا أرى أن عياضًا كان يهمه ألا يعرف النصارى أن اليهود أن أباه كان من عبدة الأوثان. وأعتقد أن إسقاطه لكلمة عبج كان بدافع التقوى الأصلية لا التظاهر الزائف”[24]
المثال الخامس:
“تشبيه في منتهى السخف، وليس له أي داع إلا الرغبة الكارثية السائدة عند كثيرين باتهام الناس بالشيوعية. ولو كانت هنالك شيوعية قبل معاوية بن أبي سفيان لما تورع المؤلف عن اتهامه بالشيوعية. ولا أدري من أين جاء المؤلف بقصة سوء إداراة عقبة، فليس في تواريخ العرب ما يدل على ذلك، بل هناك ما يدل على العكس. فقد روى الواقدي ما نصه: “وكان ابن نافع رجلًا صالحًا مستجاب الدعوة، فدعا ربه فأذهب ذلك كله. حتى إن السباع لتحمل أولادها هاربة بها”. ولا يمكن للرجل الصالح أن يتهم بسوء الإدارة ولعل التفسير الصحيح لعزل عقبة هو أن مسلمة بن مخلد، أمير مصر الجديد أراد أن يعين مولاه أبا المهاجر في منصب كبير، فلم يجد إلا إماراة أفريقيا التابعة له فعزل عقبة عنها وولى أبا المهاجر. ولعل خير ما يؤيد هذا الاستنتاج عودة عقبة إلى الشام وعتابه لمعاوية من معاملة أبي المهاجر. واعتذر معاوية ووعده بإعادته إلى منصبه، وهو وعد لم يتحقق لأن معاوية توفي بعده قليل”[25]
أشيرُ ابتداءً إلى أنني علَّمتُ صيغ الكلام التي أريد التركيز عليها باللون الأحمر، وهي على التوالي:
- “يكاد جلوب يفضح نفسه في مقدمته”
- “يظهر المؤلف في هذه اللهجة حقده الأسود الدفين على الإسلام والمسلمين”
- “ما أتفه هذا التعليل الذي يتعمد التشويه”
- “تعليل سخيف لا استطيع قبوله”
- “تشبيه في منتهى السخف”
ما يلفت حقًا في هكذا صيغ هو ميلها إلى استخدام صيغ شعبوية تنتصر للجانب السيكولوجي لكاتبها؛ أكثر من استخدامها لصيغ معرفية تنتصر للجانبه العقلاني. إذ تُستشعر درجة الاستفزاز التي وصل إليها، فدفعته إلى التخلّي عن رصانته وانتقاله إلى ردود فعل غاضبة؛ فقد تقدَّمت بنيته السيكولوجية على بنيته المعرفية لحظة الردّ على المؤلف. فهو يستخدم عبارات لا تليق بمن يشتغل في الحقل التثقافي بين الشعوب، لا سيما في منزلة كبيرة من منازلها، ففعل الترجمة من أرقى حلقات الوصل بين الشعوب، لكن أن تأخذ بُعدًا انتقاميًا عبر صيغ غاضبة وتفتقد لأي حسّ تواصلي، فذلك إهانة لهذه المنزلة وتسخيف لمسلكياتها. فالردّ على إدعّاءات الطَّرف المقابل -إنْ وجدت- بالحجّة والبرهان شيء، ويندرج تحت باب البنية المعرفية، أما الردّ عليه بلغة غاضبة وانفعالية، وتفتقد لأبسط قواعد الاشتباك المعرفي، فهذا شيء آخر، ويندرج تحت باب البنية السيكولوجية الغاضبة. حيث يتغلَّب طبعه النفسي على تطبّعه المعرفي، أي أنه يستدعي إرثًا من الحقد والكراهية في تعامله مع الآخر المعرفي. فهو إذ ينطق بهكذا صيغ: “ما أتفه” “تشبيه في غاية السخف”، فإنه لا يختلف عن أي شخص آخر، لا حظَّ له من العلم أو المعرفة من جهة، ولديه –من جهة أخرى- تصورات مسبقة عن الطرف الآخر تمَّ (إدخالها – إخراجها) (إلى – من) مُخيلته كمقولاتٍ كُلانيّة، قاطعة، نهائية لا ترى فيه إلا أنه العدو بشكلٍ مُطلق. أي أن العقل العالِم لم يستطع أن يُغلّب تطبّعه المعرفي الحادث على طبيعته السيكولوجية المتوارثة. فالصيغ الشعبوية التي تُقلّل من شأن الآخر إرضاء لنزوات سيكولوجية، هي علامة ضعف وإفلاس ليس إلا، ولا علاقة لها بمُحاججة الخصم والدخول معه في نقاش معرفي حقيقي، نظرًا لافتقادها لأصول الاشتباك الإيجابي مع المُخْتَلِف معرفيًا. وحتى لو كان الآخر مُخطئًا –وليس مُخْتلِفا- أو جانبه الصواب في نقد ما نعتبره حقائق، فالأصح الردّ عليه بالحجة والبرهان، إلا إذا اندرج الأمر تحت باب تفريغ الشحنات السلبية وتصفية الحسابات، ساعتها يمكن تفهّم –مع عدم تقبل هذا التفهّم- هذه النزوات البدائية، بما هي نزوات دفاعية من مقامنا الهُويَّاتي أكثر منها حُججًا تسند موقفنا المعرفي.
وعليه، فقد افتقدت العديد من هوامش المترجم “خيري حماد” إلى اللباقة والحصافة في ردِّها على متون المؤلف “جون باجوت جلوب”، مما جعلها تخسر معركتها على المستوى المعرفي، فما معنى أن يسرد شخص ما تاريخك ويُؤشّر على مَواطن الخلل والوهن –كما يُؤشّر على مَواطن القوة والعَظَمَة- فيه، وأقصى ما تستطيعه كردٍّ عليه أن تقول له: ما أتفه هذا الكلام، استنطاقًا لنزواتٍ غير عقلانية بالمرة!
هذا النوع من الردود السيكولوجية تُخسر المرء معركته معرفيًا، نظرًا لافتقادها لأبسط قواعد الاشتباك الأخلاقي. وهذا ما حدث في ردود المُترجم “خيري حماد” على “جون باجوت جلوب”، كما بينَّا في هذه الورقة البحثية، فردوده أدخلته في نوعٍ من المحارجة المزدوجة: 1- معرفية. 2- أخلاقية. وبهذا يكون المترجم قد خسر معركته على المستوى الأخلاقي كما خسر معركته على المستوى المعرفي، كما فصلنا لذلك في الجزء الأول من هذه الدراسة، ساعة هاجم المؤلف لأنه ذكر بعض ما يُخالف الاعتقاد السائد في المخيلة العامة، رغم الصدمة التي تشكلها كتب التاريخ –مثال تاريخ الطبري- لهذه المخيلة، بمعارف أشد وطأة وصراحة مما ذكره “جون باجوت جلوب”.
خاتمة:
استطلعنا في هذه الورقة إشكالًا من إشكالات فعل الترجمة، تمثلت في حجم الضغط الهائل الذي تُشكله مادة التاريخ القديم على رؤانا الحديثة، وقد أخذنا كتاب The great Arab conquests من تأليف John Bagot Glubb، الذي تُرجم إلى اللغة العربية تحت عنوان: (الفتوحات العربية الكبرى) بإنجازٍ من “خيري حماد”، كمثالٍ على هذا الإشكال، الذي عايناه من خلال مسارين:
تمثَّل الأول في مقارنة المادة التي أوردها المؤلف “جون باجوت جلوب” مع المادة الأصلية المُشابهة لها كما وردت في (تاريخ الطبري: تاريخ الرسل والملوك) لـ أبو جعفر ابن جرير الطبري، يتوسطهما تعقيب المترجم “خيري حماد” على المادة التي أوردها المؤلف. وقد تبيَّن لنا مدى تهافت آراء المُترجم –بما يفقد فعل الترجمة معناه التثقافي- فآراؤه حول المؤلف والثقافة التي ينتمي إليها، كانت آراء جاهزة وناجزة بشكلٍ مبدئي وحاسم، لذا اتخذ موقفًا رفضيًا لغالبية ما أورده المؤلف منذ اللحظة الأولى.
وتمثَّل الثاني في إيراد نماذج من صيغ الكلام التي كان يرد بها المترجم على المؤلف، مثل صيغ: “ما أتفه هذا الكلام”، “تشبيه في غاية السخف”، ما أفقده معركته على المستوى الأخلاقي، كما أفقده معركته على المستوى المعرفي، كما أوضحنا آنفًا. فقد وضع نفسه في موقف مُحرج ساعة دافع دفاعًا يفتقد لأي مشروعية أو مصداقية، ما جعله يفقد توزانه المعرفي ويخسر من ثمّ معركته. فالخُلاصة التي شكلّها المُترجم حول المؤلف –حتى وإن كان تاريخه كله مُتعالقًا مع المنطقة العربية وإشكلاتها السياسية والثقافية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية- والثقافة التي ينتمي إليها خُلاصة سلبية تنفي عن فعل الترجمة مهمته الأساسية المفترض تحقّقها، ألا وهي مزيد تواصل بين ثقافات وحضارات متعددة ومختلفة. فالهجوم الذي خاضه المترجم على المؤلف يُبقي فعل تلقي الترجمة في منطقةٍ مُتوترة، وغير إيجابية؛ نظرًا لحجم التَركة السلبية التي تركها المترجم لمن يقرأ ردوده. فنحن لم نُعاين ترجمة تُحاور الآخر وتردّ عليه بالحجة والبرهان، بل ترجمة تُحاول إفحام الخصم والتعييب عليه، وتبيان ليس تهافت حجته فحسب، بل وتسخيفها والتعريض بها بلغةٍ شعبوية لا معنى لها على المستوى العالِم أو بإزاء العقل العالِم بصفته عقلًا يُحاور لا يُجادل؛ عقلًا يسعى لتضيق نطاق الاختلاف بين الشعوب لا توسيع الخلافات بينها؛ عقلًا يسعى للتشارك لا للاستئثار؛ عقلًا يسعى إلى التصالح لا إلى التحارب؛ عقلًا يسعى إلى تأكيد التعددية لا إلى إكراه الناس على الأحادية؛ عقلًا يُناضل للنسيان في المرحلة الأولى، والغفران في المرة الثانية؛ عقلًا يُحرِّر الذاكرة المُثقلة بالآلام والحروب والدماء، عبر فعل الإرادة الحُرّة –والترجمة جزء من عمل الإرادة الحُرة- التي تسعى إلى خير الإنسانية جمعاء في تجلياتها الحاضرة.
المراجع:
- جون باجوت جلوب، الفتوحات العربية الكبرى، تعريب وتعليق خيري حماد، مراجعة معتز أبو قاسم، الأهلية للنشر والتوزيع، عمَّان، الأردن، طبعة الأهلية الأولى 2019.
- غلوب باشا، مذكرات غلوب باشا: حياتي في المشرق العربي، ترجمة جورج حتّر وفؤاد فياض، الأهلية للنشر والتوزيع، عمَّان، الأردن، ط1، 2005.
- أبو جعفر ابن جرير الطبري، تاريخ الطبري: تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، مصر، ط2، 1967.
- موقع Britannica على الرابط التالي حيث المادة الخاصة بالسير جون باجوت جلوب: https://www.britannica.com/biography/John-Bagot-Glubb
- الترجمة وحفظ ذاكرة الوطن صورة الإمارات في الثقافات والآداب والتراث الفكري العالمي، كتاب جماعي ضمن أعمال مؤتمر الأرشيف والمكتبة الوطنية الدولي الثاني للترجمة، الأرشيف والمكتبة الوطنية، أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة، ط1، 2022.
- المادة عن الأستاذ “خيري حماد” استقيتها من دراسة للدكتور “أحمد حسن حماد” على الرابط التالي: https://repository.najah.edu/server/api/core/bitstreams/5f0d3526-9866-48c0-9b20-940c699a89dc/content
[1] بحسب المادة التي كتبها الأستاذ الدكتور “أحمد حسن حامد” فقد ولد خيري حماد في مدينة نابلس في فلسطين سنة 1913م. درس في مدرسة الصلاحية في نابلس إذ أنهى فيها المرحلتين الابتدائية والثانوية ثم التحق سنة 1931 بالكلية العربية في القدس… فدرس فيها عامين متواصلين إلى أن تخرج فيها حائزا على شهادة الاجتياز للتعليم العالي. ثم التحق سنة 1933 بكلية الآداب في الجامعة الأميريكة في بيروت وبقي يدرس فيها حتى حصل على الإجازة في الآداب سنة 1936م… ثم سافر إلى العراق فدرس التاريخ في مدارس بغداد والسليمانية والبصرة مدة خمس سنوات”. وأكثر ما ترجم خيري حماد في حقل التاريخ، وم نمترجماته: الثائرون لـ بريان كرويير. ثورة العراق لـ كارنا كوس. ثورة النظام في مصر: من المشروعات الخاصة إلى الاشتراكية لـ أوبريان باتريك. السياسة بين الأمم لـ أريندت سنه. الفردية قديما وحديثا لـ جون ديوي…إلخ. يمكن مراجعة الرابط التالي لمزيد من المعلومات عن خيري حماد. https://repository.najah.edu/server/api/core/bitstreams/5f0d3526-9866-48c0-9b20-940c699a89dc/content
[2] قام المترجم بترجمة كلمة conquests إلى فتوحات وهي كلمة مُنسجمة مع السياق الثقافي الإسلامي أكثر من انسجامها مع معناها الحقيقي، فهي تأتي بمعنى الغزو. لكن المترجم آثر استخدام كلمة “فتوحات” كما هو متعارف على الحملات العسكرية الإسلامية تجاه الشعوب الأخرى.
[3] جون باجوت جلوب، الفتوحات العربية الكبرى، تعريب وتعليق خيري حماد، الأهلية للنشر والتوزيع، عمَّان، الأردن، ط1، 2019.
[4] نقلًا عن موقع: https://www.britannica.com/biography/John-Bagot-Glubb
[5] غلوب باشا، مذكرات غلوب باشا: حياتي في المشرق العربي، ترجمة جورج حتّر وفؤاد فيّاض، الأهلية للنشر والتوزيع، عمَّان، الأردن، ط1، 2005. من مقدمة المترجمين. وكما سنرى لاحقًا لن يُوافق المترجم على هكذا كلام بالمرة!
[6] المرجع السابق، ص ص 310 – 311.
[7] جون باجوت جلوب، الفتوحات العربية الكبرى، مرجع سابق، ص 10.
[8] جون باجوت جلوب، الفتوحات العربية الكبرى، مرجع سابق، ص 158.
[9] المرجع السابق، هامش رقم 1 صفحة 158.
[10] تاريخ الطبري: تاريخ الرسل والملوك، الجزء الثالث، ص 67، سنة ثمان من الهجرة، مسير خالد بن الوليد إلى بني جذيمة بن مالك، المكتبة الشاملة، النسخة الإلكترونية. يمكن مراجعة الرابط التالي: https://shamela.ws/book/9783/1341#p1
[11] جون باجوت جلوب، الفتوحات العربية الكبرى، مرجع سابق، ص 315.
[12] المرجع السابق، هامش رقم 1 الصفحة 315.
[13] تاريخ الطبري: تاريخ الرسل والملوك، الجزء الثالث، ص 496، سنة أربع عشرة، ذكر ابتداء أمر القادسية، المكتبة الشاملة، النسخة الإلكترونية. يمكن مراجعة الرابط التالي: https://shamela.ws/book/9783/1768#p1
[14] جون باجوت جلوب، الفتوحات العربية الكبرى، مرجع سابق، ص 315.
[15] المرجع السابق، ص 330.
[16] المرجع السابق، ص 493.
[17] المرجع السابق، الهامش رقم 1، الصفحة 493.
[18] تاريخ الطبري: تاريخ الرسل والملوك، المجلد الرابع، ص 264، سنة تسع وعشرون، المكتبة الشاملة، النسخة الإلكرتونية، يمكن مراجعة الرابط التالي: https://shamela.ws/book/9783/2153#p1
[19] جون باجوت جلوب، الفتوحات العربية الكبرى، مرجع سابق، ص 7.
[20] اشرتُ إلى ذلك في مقالتي: (أخطاء الترجمة: تقدّم العقل العالِم ناحية الخلف.. عن كتاب تأريخ يوحنا النيقي) المنشورة ضمن الكتاب الجماعي (ترجمان: مؤتمر الأرشيف والمكتبة الوطنية الدولي الثاني للترجمة – الترجمة وحفظ ذاكرة الوطن صورة الإمارات في الثقافات والآداب والتراث الفكري العالمي)، الأرشيف والمكتبة الوطنية، أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة، ط1، 2022، ص ص 337 – 345.
[21] جون باجوت جلوب، الفتوحات العربية الكبرى، مرجع سابق، هامش رقم 1، ص 22
[22] المرجع السابق، الهامش رقم 1، ص 128.
[23] المرجع السابق، الهامش رقم 1، ص 201.
[24] المرجع السابق، الهامش رقم 2، ص 346.
[25] المرجع السابق، الهامش رقم 1، ص ص 594 – 595.