33 عامًا على اغتياله لإعلان رفضه لمشروع الدولة الدينية: فرج فودة”.. شهادة من حقبة التسعينيات

 تكوين

«يقينًا سوف يكتب بعض من الأجيال القادمة ما هو أجرأ وأكثر استنارة. لكنه سوف يصدر في مناخٍ آخر أكثر حرية وانطلاقًا وتفتحًا. ولعله من حقنا عليهم أن نذكرهم أنهم مدينون لنا بهذا المناخ. وسوف يكتشفون عندما يقلبون أوراقنا ونحن ذكرى أننا دفعنا الثمن…»

فرج فودة، من كتابه «نكون أو لا نكون»

(1)

في سياق المتغيرات الأساسية التي أخذت في التصاعد مع قيام نموذج «الدولة الدينية» في إيران عام 1979، ومخايلة وعود «إمامة الفقيه»، بدأ طموح الجماعات الدينية، وتيارات الإسلام السياسي في الدول السنية التطلعَ إلى تطبيق النموذج ذاته، وإعلام قيام الدولة الإسلامية “السنية” في مقابل “ولاية الفقيه” الإيرانية…

وكان من الآثار اللازمة لهذا النزوع تصاعد نزعات التطرف، وتزايد عمليات الإرهاب التي تتمسح بالدين، وارتفاع درجة العنف العاري الذي يصاحب الدعوة إلى قيام الدولة الدينية، وانفجر عنف الجماعات الإسلامية مدويًّا في مصر مع مطالع التسعينيات، بإعلانها المواجهة الشاملة مع الدولة، ومع من يرونه مخالفًا للفكرة الإسلامية في تصورهم المنحرف، ولمشروع الدولة الدينية والخلافة الإسلامية.

وكانت البداية المُفجعة باغتيال الكاتب والمثقف الليبرالي المصري فرج فودة في الثامن من يونيو عام 1992، وذلك في موازاة الاعتداء على المواطنين الأبرياء، ورموز السلطة المدنية والداعين إلى فصل الدين عن الممارسة السياسية، وتهديد المثقفين المستنيرين بكل وسيلة ممكنة، بل استخدام تسامح الدولة المدنية للانقلاب عليها، ومحاولة استغلال بعض ثغرات القانون المدني لتدمير القيم المدنية للدولة الحديثة.

إقرأ أيضًا: ولي الفقيه وهوس الدولة الدينية

لكن قبل الوصول إلى اللحظة التي جرى فيها اغتيال فرج فودة عام 1992، لا بُد من العودة إلى الوراء سنوات قليلة، وبالتحديد إلى عام 1984 حينما أعلن حزب الوفد ذي الإرث الليبرالي العريق عن تحالفه مع جماعة الإخوان المسلمين بإعلان ما سُمي بحزب “الوفد الجديد”، بعد أن نشط الجناح الظاهر من الجماعة رافعًا شعار “الإسلام هو الحل” للتحالف مع حزب الوفد الليبرالي العتيد الذي قبِل أن يتخلى ببساطة هكذا عن التراث العلماني للحزب الجماهيري التاريخي الذي ارتبط باسمي الزعيمين الوطنيين سعد زغلول ومصطفى النحاس، نظيرَ ثمن بخس، وهو بضعة مقاعد في مجلس النواب!

أعلن فرج فودة رفضه لهذا التحالف رفضًا تامًا، وأعلن انسحابه من الحزب اعتراضًا على هذا التحالف الذي صدقت رؤاه وانتقاداته له بعد ذلك بثلاثين عامًا تقريبًا، وصدقت كل التحليلات التي أعلنها فودة -آنذاك- بشأن طبيعة وممارسة الجماعات الدينية أو الأحزاب ذات المرجعية الدينية بكل صورها، وما سوف يترتب على ذلك من تدمير بنية الدولة في مفهومها الحديث، والنكوص بالمجتمع إلى قرون وقرون من التخلف الحضاري والإنساني على السواء.

في هذا العام (1984) أصدر فرج فودة كتابين مَثَّلا عصب مواجهته الفكرية لمشروع الدولة الدينية:

  • الأول كتاب «قبل السقوط» يُعلن فيه بلا مواربة ولا مداهنة أنه لا سياسة في الدين، وأن التراث لا يعرف ما يُسمى بالنظام الإسلامي، وأن “الشريعة” مفهوم عام وغامض وغير محدد ولا يصلح لمواجهة مشكلات العصر، وأن ما تجرنا إليه الجماعات الإسلامية وتسميه “أسلمة المجتمع” و”تطبيق الشريعة الإسلامية” هو “السقوط” بعينه.
  • أما الثاني، فكتابه «الحقيقة الغائبة» وسأعود إليه لاحقًا.

وقضى الرجل بعد هذا الكتاب نحو سبع سنوات من عمره القصير يدافع عن فكرته بحماس ويعمقها بقراءة التاريخ الإسلامي وممارسات الجماعات الإسلامية، ويصدر كتبه: «حوار حول العلمانية»، و«الإرهاب»، و«النذير»، و«الملعوب»، و«زواج المتعة»... وامتلك شجاعة هائلة في مواجهتهم، والسخرية منهم… فقتلوه.

(2)

أفكار فرج فودة

هنا ولأستميح قارئي العزيز عذرًا، لأستطرد في حديثٍ قد يبدو ذاتيًّا لكنه فيما أظن يتصل اتصالًا وثيقًا بموضوع المقال ذلك أن واقعة اغتيال فرج فودة عام 1992 كانت من العمق وسعة التأثير في أجيال وأجيال، أنتمي إلى واحدٍ منها، إذ كنت في الخامسة عشرة من عمري حينما اغتيل فرج فودة

بعد سنواتٍ طويلة من اغتياله، قرأت عشرات المقالات والمواد التي كانت تُستهل بتلك العبارة (كنت في الخامسة عشرة أو كنت في السادسة عشرة أو الرابعة عشرة… أو حوالي هذه السن تقريبًا) وهذا يعني -إن جاز الاستنتاج- أن أبناء جيل أواخر السبعينيات ومطالع الثمانينيات هم الأكثر تأثرًا بما جرى لـفرج فودة...

فكيف كان ذلك؟ وما مداره؟

أظن أن شهادة كاتب هذه السطور ستكون ذات دلالة في الإطار العام لموضوع فرج فودة، وحضوره وعمق تأثيره بعد 33 عامًا من اغتياله:

ظللتُ سنوات وأنا تحت تأثير دعاية “التشويه” التي مورست في حق الرجل لسنوات طويلة! كنت صغيرًا أسمع إمام المسجد الذي أصلي فيه وهو ينعت الرجل بأقبح الصفات. كل صفة قبيحة أو مرذولة كانت تُلصق به! بدءًا من قبح الخِلقة وحتى وصمه بالمرتد “الذي نذر حياته لمحاربة الإسلام“! هكذا بكل بساطة ودون أن يختلج جفن أحدهم!

الغريب أن كل ما كان يصلني عنه سماعًا… لا شيء مقروءًا أو مكتوبًا! لم أكن أعلم ماذا يقول الرجل أو يكتب حتى يلعنونه هكذا، ويصمونه بالكفر والارتداد والخروج عن الإسلام، ويتهمونه بالعلمانية! نعم كانت “العلمانية” تهمة ووصمة كونها من وجهة نظرهم تعني الإلحاد والخروج من الملة ومعاداة الدين، بل هي الخطر كل الخطر على أمن المتدينين وسلامتهم، ولذا فمكافحتها فرض عين! ولا بُد من كسح هؤلاء العلمانيين من على وجه الأرض!

حصارٌ منيع ضد كتبه ومقالاته التي لم أكن أعرف من أين آتي بها، ورغم ذلك فلم ينجحوا في إخفاء تفاصيل المناظرة الشهيرة التي جرت بين فرج فودة (ومعه الدكتور محمد أحمد خلف الله من ناحية)، وبين الشيخ محمد الغزالي ومحمد عمارة والهضيبي من ناحيةٍ أخرى… وإن نجحوا بامتياز في قلب نتيجتها واستغلال حالة الهياج الحماسي والفوران العاطفي بطاقة التدين والدفاع عن الدين للوصول إلى الجريمة الكاملة بعد ستة أشهر فقط من المناظرة! وقد واتتهم الفرصة على طبق من ذهب!

وهكذا صحونا ذات صيف من عام 1992 (8 يونيو 1992) على خبر اغتيال فودة رميًا بالرصاص، اغتاله اثنان من أعضاء الجماعة الإسلامية أمام مكتبه في مصر الجديدة. لماذا؟

شاهد: أسباب اغتيال فرج فودة

لماذا؟ ماذا فعل فرج فودة؟ ماذا قال؟ وماذا كتب أساسًا ليستحق القتل أو يقوم أحد برميه بالرصاص في وضح النهار؟ وهل مطروح من الأساس أن يُقتل شخص ما أي شخص لرأي يبديه أو قول يقوله فحسب؟ لماذا؟ لماذا؟

(3)

استراتيجية الصحوة الاسلامية

كانت (لماذا؟) هذه هي مفتاح التغيير الذي جرى في حياتي كلها، طوق النجاة لي -وربما لغيري- في تلك الحقبة السوداء المريرة من تاريخ مصر المعاصر؛ كانت التسعينيات بأكملها الحقبة التي جنَت فيها مصر الثمار المرة القاتلة لما جرى في السبعينيات والثمانينيات، إذ كانت الأجواء المصرية هي الأخرى منذ بداية السبعينيات قد تلبَّدت بغيوم التطرف والإرهاب، وقد افتتحت الثمانينيات باغتيال الرئيس السادات نفسه.

ورغم ذلك فلم تمضِ سنوات قليلة جدًا عقب اغتيال الرئيس السادات، إلا وقد ظهر أن هناك تواطؤًا معلنًا بين السلطة وجماعات الإسلام السياسي، ظهرت ملامحه في إعلان الوفد الجديد (1984)، وكانت تلك اللحظة هي الإعلان شبه الرسمي على ترك المجال العام بأكمله للتيارات الدينية، وجماعات الإسلام السياسي، تعيث فيه فسادًا كيفما شاءت.

نجحت في التغلغل التام لكل مسام المجتمع؛ وطبقاته القريبة والبعيدة، في الصعيد والأرياف والأطراف وفي قلب المدن والعشوائيات والهضبة الوسطى والعليا وكل كليلة! أحكمت هيمنتها على ملايين الملايين؛ نجحت في فرض سياسة التديين على كل أشكال الحياة والممارسة السلوكية على الأرض، لم يتركوا صغيرة ولا كبيرة إلا أفسدوها!

كان الإطار الجامع لهذا التغلغل ولهذه الحركة الشاملة ما كان يطلق عليه الإسلاميون “الصحوة“، وهي مفردة من ثلاث مفردات تلخص فيما يرى صاحب هذه السطور الاستراتيجية التنفيذية للجماعات الإسلامية في مصر منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي وحتى نهاية التسعينيات من القرن ذاته… هذه الكلمات الثلاث هي:

  • التديين
  • الصحوة
  • الأسلمة

كانت تلك الثلاثة هي رؤوس الحربة في تنفيذ الاستراتيجية الإسلاموية، إذ هيمنوا بكامل طاقتهم على الطبقات المتراكبة والكثيفة للمصريين، انتشر الخمار والطقوس الشكلية الإسلامية؛ الأفراح الإسلامية، الزي الإسلامي، العلم الإسلامي، المنهج الإسلامي… حينما تدقق الأمر وتتملى المسألة لن تجد منهجا ولا يحزنون… محض تلفيق وتركيب وتزييف وتقليد… رفعوا شعار “الإسلام هو الحل“. جميل، أي حل؟ وبم؟ وكيف؟

إذا كانوا قد اخترعوا “الكنتاكي“… بسيطة سنقلدهم ونصنع “كبداكي“! هم يخترعون ويكتشفون ويسخرهم لنا الله لنأخذ ما يكتشفونه وما يخترعونه على الجاهز! هذا كلام شيخ جليل من شيوخهم!

هكذا كانت العقلية الإسلاموية الضحلة المريضة!

وكان زمن “السلام شوبنج سنتر للمحجبات” يكفي هذا العنوان للدلالة على الاستغراق في عملية تركيب وتزييف كاملة الأركان[1].

هذه الممارسات “الصحوية” رسمت صورًا للمرأة ولغير المسلمين، ذاعت وانتشرت انتشارًا رأسيًا في السلم الاجتماعي، أي إنها لا ترتبط بالطبقات الدنيا أو الريفية -وإن كانت تنتشر بينهم- ولكنها صارت عابرة للطبقة تغير مصطلحاتها وتبقى المفاهيم واحدة وراسخة.

(4)

ولا بُد هنا من كلمة عن مفهوم “الصحوة” التي اكتسحت عقد التسعينيات، ووسمته بسمتها العنيف الذي كان فرج فودة ضحية من ضحاياه.. يُحدد المؤرخ الدكتور شريف يونس ملامح هذه الصحوة وآليات اشتغالها، فيما يلي:

مثل كل “صحوة” أو “إحياء”، كان الناتج في الواقع أمرًا جديدًا، والاقتباس من الماضي انتقائيًّا. من بين التراث الهائل للحضارة الإسلامية (بما في ذلك اعتمادها على مواريث العصور الأقدم، من نظم الحكم للأفكار للآداب) انتقت “الصحوة” “الشريعة”، وانتقت من داخل تراث الشريعة ما يوافقها (ومن هذه الناحية كانت تعمل في إطار المجال الذي أقامه الشيخ محمد عبده).

لكن الصحوة طوَّرت مبدأ “تطهير” تراث الحضارة الإسلامية، ليصل إلى نبذ معظم تراثها. لم يقتصر الأمر على نبذ التراث الأدبي ومحاربته (ألف ليلة وليلة، مثلًا)، وتراث الفلسفة الإسلامية والتصوف الإسلامي (الذي نُبِذ بأكمله بوصفه دخيلًا)، فضلًا عن الكراهية المعلنة للمسيحيين وللمذاهب الإسلامية الأخرى، بل امتد البتر حتى إلى من آثروهم من الفقهاء، حتى من المدرسة الحنبلية، فأصدروا لكتبهم طبعات “منقحة” خالية مما رأوهُ “إسرائيليات”، وحتى الإنجازات الفكرية الكبرى مثل مقدمة ابن خلدون، أهملوها ولم يتعلموا منها شيئًا.

على هذا النحو جرى اختراع “تراث” عن طريق الاجتزاء و”التصحيح”. لكن ما انتُقي كان هو نفسه قديمًا، فاحتاج إلى إعادة تفسير ليتلاءم واقع الحال، تمامًا مثلما أعاد قطب تفسير السيرة النبوية والمراحل المدنية والمكية في الدعوة، ليضع نظرية “الخطة الإلهية الأصلية“، التي يجب أن تطبقها “العُصَب” المؤمنة المختلفة، أي “فقه الحركة”. لا تقتصر حداثة “الصحوة” في أدواتها وحدها: من الميكروفون وشريط الكاسيت إلى صفحة الإنترنت، بل هي تدخل في صميم “الدعوة” نفسها.

إقرأ أيضًا: الإسلام السياسي القصة وما فيها: من الأفغانى إلى حسن البنا عبر قنطرة رشيد رضا

لعل أهم وأشمل طابع حداثي للصحوة المتأثرة بقطب يتمثل في الانتقال من نظام التفسير الموروث من الحضارة الإسلامية (القائم على الرواية وتسلسلها والتأمل اللغوي) إلى إعادة صياغة كل شيء في إطار حديث، مختلف تماما، هو “التنظير” بالمعنى الموجود في العلوم الإنسانية. فـ”الفطرة” أصبحت مرادفًا لمفهوم “الطبيعة البشرية”، و”سُنَّة اللـه” أصبحت تقابل “قوانين الطبيعة”، و”الدعوة” أصبحت تعني التجنيد في هذا التنظيم أو ذاك على نمط الأحزاب الشيوعية.

يضاف إلى هذا كله محاولات “أسلمة” المعارف، التي كانت نوعًا من “حواشي” فقهية وتأملية على هامش العلوم الحديثة، بالإضافة إلى تقنين الشريعة على الطريقة الغربية، وصولًا إلى الادعاءات المختلفة بشأن إقامة علم اجتماع إسلامي، أو علم اقتصاد…  أو الكلام عن “فلسفة” و”إبستمولوجيا” إسلامية، على نمط أطروحات عبد الوهاب المسيري، مبنية على جهود الاستشراق الجديد المسمى “نقد الاستشراق”[2].

(5)

لم يتصدَ أحد لهذا العبث سوى المثقفين، وبالتحديد المثقفون المستنيرون أصحاب الفكر النقدي والعقلانية التحليلية… تصدى بشجاعة منقطعة النظير كلٌّ من: فرج فودة وفؤاد زكريا ونصر أبو زيد وخليل عبد الكريم وغالي شكري وآخرون غيرهم، وقد دفعوا الثمن غاليًا:

  • اغتيل فرج فودة عام 1992.
  • وحاولوا اغتيال نجيب محفوظ 1994 وكادوا أن ينجحوا لولا أن حفظه الله بعد شبه عاهة في يده اليمنى.
  • وفي 1995 فرقوا بين نصر أبو زيد وزوجه بحكم محكمة تحت ستار “الحسبة”! بدعوى الردة ومخالفة ما هو معلوم من الدين بالضرورة!

ومد الحبل على استقامته كيفما شئت!

وهكذا كان جوهر الأمر هو “سلطة التكفير” التي منحها المشايخ إلى أنفسهم، ثم سلموها بدورهم لأي مسلم يرى في هذا الشأن أو ذاك مُنكرًا يجب تقويمه باليد، هذا على الرغم من أن الإسلام هو الدين الذي لا يعرف الكهنوت، وليس فيه لله وكلاء ما يربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السماء، وليس فيه تراتبية لسلطة دينية.

كان اغتيال فرج فودة مُفزعًا ومُخيفًا ومُرهبًا حقًا… وكان السؤال: لماذا؟

الحقيقة الغائبة

من هنا بدأت رحلة البحث عن إجابة… بدأت بقراءة كل ما وقع تحت يدي له أو عنه… قرأت كتابه (الحقيقة الغائبة) الذي استعرض فيه أخطاء الحكم أو ما أطلق عليه “خطايا الحكم” التي وقع فيها الخلفاء الراشدون والأمويون والعباسيون، مشيرًا إلى أنها حقائق غيَّبها الإسلاميون متعمدين، لتسليط الضوء على الجانب المشرق فقط من الخلافة بمراحلها الثلاث…

عقب انتهائي منها، فهمت لماذا كان هذا الكتاب -بالتحديد- أحد أهم الأسباب في الهجوم عليه واتهامه بالكفر والردة… لقد نزع القداسة الزائفة عن أحداث التاريخ الذي أرادوا له أن يكون “مُقدسًا”، نزع الغطاء الوهمي الزائف عن قداسة ما يسمونه الخلافة بفضح ممارسات الخلفاء في التاريخ، ماذا فعلوا؟ وكيف حكموا؟ وكم أسالوا من دماء؟! أهذه هي الخلافة التي تريدون؟

بعد مقتل فرج فودة بـ 24 عامًا، سوف تُعلن داعش عن نفسها من الموصل في العراق وتُطبق على الهواء مباشرة ممارسات الخلفاء القدامى من الأمويين والعباسيين في التنكيل بخصومهم مهما كانوا، حتى لو كانوا من آل البيت! ورأينا بأم أعيننا مشاهد الذبح وتقطيع الرؤوس وإحراق الأحياء وغمرهم في المياه وكل ما لذ وطاب من جنون ووحشية وإرهاب…

كل هذا كشفه فرج فودة وسجله في كتابه (الحقيقة الغائبة) على صغر حجمه وقلة عدد صفحاته… هذه هي قيمة فرج فودة وخطورته في الآن ذاته…

(وللحديث بقية)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع:

[1] – اقرأ تحليلًا وافيا لهذا الشعار؛ مضمونه، تركيبه، دلالاته.. فيما كتبه المرحوم سيد البحراوي في واحد من مقالاته المركزة عظيمة القيمة في كتابه (الحداثة التابعة)، دار ميريت، القاهرة، 1997.

[2] – شريف يونس؛ البحث عن خلاص: أزمة الدولة والإسلام والحداثة في مصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة،

اقرأ ايضا

المزيد من المقالات

مقالك الخاص

شــارك وأثــر فـي النقــاش

شــارك رأيــك الخــاص فـي المقــالات وأضــف قيمــة للنقــاش، حيــث يمكنــك المشاركــة والتفاعــل مــع المــواد المطروحـــة وتبـــادل وجهـــات النظـــر مــع الآخريــن.

error Please select a file first cancel
description |
delete
Asset 1

error Please select a file first cancel
description |
delete