في دروب “الفكر المصري” بالقرن الثامن عشر!

تكوين

يجب أن نعترف بأن القرن الثامن عشر في تاريخنا الحديث قرنٌ مظلوم‏ جدًّا، فقد درجنا على أن نقيسه بالنهضة التي بزغت في القرن التاسع عشر‏،‏ وأن نعتبره بالتالي ذُروة الانحطاط، فضلًا على أننا ننظر إلى القرن الثامن عشر بمنظار القرن العشرين‏،‏ فلا نعرف عنه إلا ما يعرفه الأحفاد عن جدهم الذي رحل قبل اختراع الكاميرا‏،‏ فلم تحتفظ له العائلة بصورة شخصية‏!‏

نحن نعرف بعض الشيء عن القرن التاسع عشر ورجاله وزعمائه وأدبائه ومفكريه‏؛ لأنه بداية النهضة الحديثة‏،‏ ولأنه بمثابة الأب للزمن الذي نشأنا فيه‏،‏ لكننا لا نكاد نعرف شيئًا عن القرن الأسبق الذي لم نحسَّ كثيرًا بالحاجة إلى معرفته‏،‏ ولهذا نكتفي بصورة غامضة عنه‏،‏ تشير إليه دون أن تحقِّقَه أو تنطبق عليه‏.

عصر التنوير

ولا جدال في أن القرن الثامن عشر كان عصرًا متواضعًا جدًّا إذا قارنَّاه بالعصور الذهبية التي وصلت إليها الحضارة العربية الإسلامية بين القرنين التاسع والرابع عشر الميلاديين‏،‏ أو إذا قارناه بشقيقه الفالح في أوروبا الغربية‏،‏ وهو (عصر التنوير) الذي ظهر فيه فولتير‏،‏ وجان جاك روسو‏،‏ وديدرو‏،‏ ومونتسكيو‏،‏ واشتعلت فيه الثورة الفرنسية‏.

لكننا، وفي الوقت نفسه، إذا قارناه بالقرون الثلاثة التي سبقته‏،‏ وشهدت سقوط السَّلْطَنَة المملوكية في مصر وسوريا والحجاز‏،‏ ووقوع هذه الأفكار في أيدي العثمانيين‏،‏ فالقرن الثامن عشر ليس أسوأها‏،‏ بل هو أقلّها سوءًا‏،‏ ولا شك أننا سنجد فيه من الظواهر والتطورات ما يدلُّ على أنه كان بشارة بالنهضة الحديثة التي أخذت تتحقَّق عندنا في القرن التاسع عشر‏،‏ وكان مقدمة ضرورية لها‏.

وقد ساد الاعتقاد طويلًا بأن الفكر المصري قد شابه الجمود والتخلف خلال القرن الثامن عشر بالتحديد، إلا أن كتابًا مهما للدكتور عبد الله العزباوي[1] يفند هذه الفكرة، ويناقشها عن طريق دراسة ما يسميه “تيار التجديد” في الفكر المصري، وتتبعه من خلال حركة التأليف في مصر في القرن الثامن عشر في العلوم النقلية، كالعلوم الدينية واللغوية والعلوم العقلية، كالفلسفة والرياضيات والفلك والكيمياء والطب والجغرافيا، ويركز بشكلٍ خاص على علم التاريخ.

وفي هذا السياق لا تفوتنا الإشارة إلى ما أورده المرحوم الدكتور جمال الدين الشيال في كتابه «محاضرات عن الحركات الإصلاحية ومراكز الثقافة في الشرق الإسلامي الحديث» بشأن حقيقة هذا القرن (القرن الثامن عشر) وما شهده من بزوغ نشاطٍ فكري وعلمي وثقافي، أخذت بواكيره تتشكل في مصر والشام على يد شيوخ الأزهر وعلمائه، والمنتسبين إليه، وإلى ما يماثله من مؤسسات دينية كانت مركزًا لهذا الحراك ومنطلقًا له، يقول الدكتور الشيال:

“أما الظاهرة الثالثة فكانت تُمثِّلها نهضة ثقافية علمية، بدأَت تَباشيرُها تظهر في مصر في أواخر القرن الثامن عشر، وكانت هذه النهضة تلقائية، بمعنى أنها نبتَت نباتًا داخليًّا في مصر، ولم تكن متأثرةً بأي مؤثر خارجي شرقي أو غربي، وكان يمثلها مجموعةٌ من رجال الفكر المصريين، لم تَعرِف مصرُ شبيهًا لهم في القرون الثلاثة السابقة؛

ففي ميدان الدراسات الرياضية والفلَكية، ظهر الشيخ حسن الجبرتي، وفي ميدان الشعر والنثر ظهر رجال كالشيخ محمد الشبراوي، والشيخ حسن العطار -وقد وَلِيَا مشيخة الأزهر- والشيخ إسماعيل الخشاب، وفي التاريخ ظهر الشيخ عبد الرحمن الجبرتي،

وفي ميدان الدراسات اللغوية والدينية ظهر السيد محمد مُرتَضى الزَّبيدي، وكان مِن الممكن أن تسير هذه النهضة في طريقها وتتطوَّرَ تطورًا طبيعيًّا، وأغلب الظن أن هذا التطور كان سيأخذ شكلًا بعثيًّا إحيائيًّا، بمعنى أن هذه النهضة كانت ستعمل على بعث أمجاد الماضي العلمية، ونشر التُّراث القديم.

غير أن النهضة التلقائية أُصِيبت بقطعٍ أو انفصال وقْتيٍّ عند مجيء الحملة الفرنسية إلى مصر؛ فقد أتى مع الحملة عددٌ من العلماء الفرنسيين، وكان هؤلاء العلماء، بل كانت الحملة كلها تَحمل معها إلى مصر مَظاهر نهضة علمية مختلِفة عن مظاهر النهضة المصرية اختلافًا بيِّنًا في كل شيء. وزار نفرٌ من العلماء المصريين المعهدَ الذي أنشأه العلماء الفرنسيون في القاهرة، وزاروا المكتبةَ والمطبعة، وبهَرَهم ما رأَوْا، وبدَأوا يفكرون ويقارنون بين ما في أيديهم من علم وما في أيدي هؤلاء الفرنسيين من علم. وجَلَت الحملة عن مصر وحدَثَت اضطرابات، واستقر الأمر لمحمد علي واليًا على مصر، وأدرك النظام الجديد أنه لا بد من النقل عن الغرب إذا كانت مصرُ تريد نهضة حقيقية تُسايِر بها العالم، وفُتِحَت المدارس الجديدة، وأُرْسِلَت البعثات إلى أوروبا، ووقَفَت حركةُ التأليف مؤقتًا؛ لتبدأ حركة الترجمة، ولتستمرَّ طوال عصر محمد علي”[2].

وما يقال عن القرن الثامن عشر في مصر يمكن إلى حدٍّ كبير أن يقال عنه في سوريا ولبنان وغيرهما من الأقطار العربية التي حكمها العثمانيون‏..

ولا شك أن مصر كانت في وضع أفضل؛‏ لأنها البلد العربي الوحيد الذي ساعدته طبيعته على الاحتفاظ بوحدته‏،‏ فبقيت حدوده كما نعرفها اليوم‏،‏ رغم فقدانه استقلاله السياسي‏،‏ على حين كانت سوريا مقسمة إلى عدة ولايات‏،‏ وكان العراق مثلها‏،‏ ولم يكن العثمانيون يحكمون في ليبيا وتونس والجزائر إلا السواحل‏،‏ أما في الجزيرة العربية فلم يتجاوزْ سلطانهم بعض المدن التي كانوا يحكمونها بواسطة أمراء محليين‏.

ولا شك أن احتفاظ مصر بوحدتها أحلَّها في الإمبراطورية العثمانية محلًّا خاصًّا أكدته ثروتها البشرية من ناحية‏،‏ فقد كان المصريون -رغم تراجُع تعدادهم- يمثِّلون ربع العرب في كل أقطارهم في نهايات القرن الثامن عشر‏،‏ إذ كان عددهم ثلاثة ملايين ونصف المليون من خمسة عشر مليونًا كانوا يسكنون البلاد العربية كلها مشرقها ومغربها. كما ساعدت مصر في المحافظة على كيانها وثروتها الاقتصادية الممثلة في النيل‏،‏ وثروتها الثقافية المتمثلة في الأزهر.

المدن العربية في العصر العثماني

وفي هذا يقول الباحث الفرنسي أندريه ريمون في كتابه «المدن العربية الكبرى في العصر العثماني» مقارنًا بين العواصم العربية المختلفة:

“كانت القاهرة هي ثانية أكبر مدن الإمبراطورية‏،‏ لا تسبقها إلا إستامبول التي اقترب عدد سكانها من خمسمائة ألف نسمة‏. وقد احتلت القاهرة مكانًا فريدًا تمامًا بين الحواضر العربية‏. إن مساحة القاهرة سبعمائة وثلاثون هكتارًا، منها ستمائة وستون هكتارًا للمباني‏،‏ وعدد سكانها‏ (مائتان وثلاثة وستون ألف نسمة وفقًا لكتاب وصف مصر‏)‏ جعلاها تقف على مسافة بعيدة في مقدمة مجموع المدن العربية الأخرى الوارثة لحواضر رائعة‏. وكانت مساحة كل منها تقارب ثلاثمائة هكتار‏،‏ وعدد سكانها حوالي مائة ألف نسمة‏. وتجيء مدينة حلب في مقدمة هذه المجموعة‏،‏ إذ إن مساحتها بلغت ثلاثمائة وسبعة وتسعين هكتارًا‏ (منها ثلاثمائة وسبعة وستون هكتارًا للمباني‏)،‏ وعدد سكانها مائة وعشرون ألف نسمة‏. وكانت دمشق وبغداد مركزين متماثلين تمامًا‏؛‏ إذ كان عدد سكان كلٍّ من المدينتين حوالي تسعين ألف نسمة”[3].

فإذا قارنَّا بين تعداد سكان القاهرة في أواخر القرن الثامن عشر وتعدادهم في أوائل القرن السادس عشر‏،‏ وهو مائة وخمسون ألف نسمة، حسب اقتراح أندريه ريمون‏،‏ فلا شك أن القرن الثامن عشر كان عودةً للنمو والازدهار‏،‏ وهذا ما يؤكده الباحث من خلال الوثائق والدراسات الميدانية.

فالمقريزي، مثلًا، يُحصي أسواق القاهرة في النصف الأول من القرن الخامس عشر فيجدها سبعًا وثمانين سوقًا‏،‏ ويحصي عدد القيساريات‏،‏ أي الخانات والفنادق والوكالات‏،‏ فيجدها سبعًا وخمسين قيسارية‏. وقد تمكَّن أندريه ريمون من إحصاء عدد الأسواق والقيساريات في قاهرة القرن الثامن عشر، فوجدها مائة وخمسة وأربعين سوقًا‏،‏ وثلاثمائة وستين قيسارية‏.

ومن هذه المقارنة يتَّضح لنا أن التقدم كان باهرًا‏،‏ كما يقول الباحث‏،‏ خاصة بالنسبة للقيساريات‏،‏ وهي أساس التجارة الضخمة التي تُعتبر مؤشرًا مهمًّا للنشاط الاقتصادي في المدينة‏. فإذا قرنَّا هذه الأرقام بما كان في مدينة حلب‏،‏ وهي أكبر مدينة في بلاد الشام آنذاك‏،‏ وجدنا أن أسواق حلب كانت ثمانية وخمسين سوقًا‏،‏ وأن قيسارياتها كانت مائتين وتسعًا وعشرين قيسارية‏.

إعادة تشكيل الخطاب الديني في عالم المسلمين: الفكرة الداخلية والواقع الناشئ عنها

لقد كانت منتجات المغرب وأواسط افريقيا واليمن تتجمع في مصر‏،‏ فضلًا عما يَرِدُ إليها من أوروبا‏،‏ ومن القاهرة يتمُّ توزيع هذه المنتجات أو يُعاد تصديرها‏. وقد تخصصت القاهرة في تجارة التوابل‏،‏ والمنسوجات‏،‏ والبن الذي كانت القاهرة أهم مركز لتوزيعه في العالم‏،‏ إذ كان يمرُّ عبرها في القرن الثامن عشر مائة ألف قنطار واردة من اليمن‏،‏ لكي توزَّع في أنحاء الامبراطورية العثمانية أو لكي تُصَدَّرَ إلى أوروبا‏. وكان اليمن هو البلد الوحيد المنتِج للبن في العالم آنذاك‏. وكان مجموع صادراته منه مائتي ألف قنطار‏. ومعني هذا أن القاهرة كانت تستقبل وحدها نصف ما يُنتجه اليمن منه‏.

فإذا كانت هذه هي أوضاع مصر الاقتصادية في القرن الثامن عشر، فبوسعنا أن نفهم ما شهدته من تطورات اجتماعية وثقافية وسياسية مهَّدت للنهضة التي شهدتها البلاد في القرنين الأخيرين‏.

لقد كانت القاهرة تضم في ذلك الوقت من الجاليات العربية والأجنبية حوالي ستين ألف شخص يمثلون ربع سكانها‏،‏ منهم حوالي خمسة وعشرين ألفًا من المغاربة والسوريين‏،‏ وحوالي عشرة آلاف تركي‏،‏ وخمسة آلاف يوناني‏،‏ وألفين من الأرمن‏،‏ بالإضافة إلى حوالي عشرة آلاف ينتمون للطبقة الحاكمة من الأتراك والمماليك‏. ولا حاجة بنا لأن نشير إلى أن هؤلاء كانوا ديانات ومذاهب شتّى‏،‏ كما كانوا جنسيات وأعراقًا مختلفة‏.

والوثائق تدلنا من ناحية أخرى على أن القاهرة كان فيها خلال القرن الثامن عشر أربعة آلاف من العلماء والقضاة وأساتذة الأزهر والموظفين العاملين في المدارس والمحاكم والجوامع‏. ومعنى هذا أن كل ألف من أبناء القاهرة -في ذلك الوقت- كان يخدمهم خمسة عشر من رجال الدين والعلم والقضاء الذين خُصِّصَتْ لهم الرواتب والأجور‏،‏ وأُوقِفَتْ لرعايتهم الأوقاف‏.

وبوسعنا أن نتصور المكان الذي كان يحتله العالِم المثقف في مجتمع القاهرة آنذاك‏،‏ حين نعرف على سبيل المثال أن محمد بك أبو الذهب حاكم مصر في العقد التاسع من القرن الثامن عشر اشترى من الشيخ محمد مرتضى الزبيدي[4] قاموسه «تاج العروس» بمائة ألف درهم‏. وقد أهدى أبو الذهب هذا القاموس بعد ذلك إلى مكتبة الجامع الذي أنشأه‏.

ومن المعروف أن «تاج العروس» هو أول معجم عربي حديث‏،‏ فقد انتهى الشيخ مرتضي الزبيدي من إعداده حوالي سنة ‏1768،‏ أي قبل ظهور «محيط المحيط» للُّغوي اللبناني “بطرس البستاني” بأكثر من مائة عام‏. لكن يبدو أن قيام الزبيدي بهذا العمل الرائد كان وجهًا من وجوه نشاطٍ واسع في فقه اللغة عرفته القاهرة خلال القرن الثامن عشر. وقد وجد الذين فحصوا مكتبة الأزهر‏،‏ أن كل ثماني نسخ من المعاجم العربية المعتمدة بينها ست نسخ ترجع إلى القرن الثامن عشر، الذي شهد أيضًا نشاطًا ملحوظًا في دراسة النحو والبلاغة والنصوص الأدبية.

الشيخ حسن العطار

وفي هذه الفترة برز اسم الشيخ حسن العطار بين ألمع نجوم هذه الفترة من علماء الأزهر والمشتغلين بالعلم “التقليدي”، من نحو ولغة وتفسير وحديث وفقه.. إلخ. فإذا عرفنا أن مرتضى الزبيدي يمني‏،‏ وأن حسن العطار من أصول مغربية‏،‏ وأن عبد الرحمن الجبرتي (ابن الشيخ حسن الجبرتي الكبير) من أصول حبشية‏،‏ كان لنا أن نقول بغير ادعاء ولا فخر إن مصر لم تكن أبدًا مكتفية بذاتها مُتَقَوْقِعَةً على نفسها، أبدًا.

إن مصر في القرن الثامن عشر كانت في قلب العالم‏،‏ والقاهرة كانت أكبر مدينة عربية بلا منازع‏،‏ وكانت تضم آلافًا مؤلَّفة من المغاربة والسوريين‏،‏ والأتراك والأوروبيين‏، رغم كل ما عانته مصر ومرَّت به من مِحَنٍ وأزمات. وكان أزهرها الشريف بؤرةً لنشاط ثقافي وأدبي لا يستطيع أحد أن يُنكره مهما كان.

على المستوى السياسي لم يكن القرن الثامن عشر خلوًا من أي حركات احتجاجية أو إعلان الرفض للمظالم والسياسات العنيفة التي مارسها حكامها آنذاك من البكوات المماليك،

لقد خرجت مصر في الربع الأخير من القرن الثامن عشر الميلادي من تجربة لم يقدر لها النجاح، فقد انتهت محاولة علي بك الكبير للنهوض بمصر، والاستقلال عن الدولة العثمانية، بهزيمته بسبب خيانة أقرب معاونيه، محمد بك أبو الدهب. وإذا كان العثمانيون قد استعادوا سيطرتهم على البلاد بعد هزيمتهم لعلي بك الكبير، فإن نفوذ بكوات المماليك خرج عن السيطرة فأصبح محمد بك أبو الدهب، ومن بعده مراد بك وإبراهيم بك هم الحكام الفعليين للبلاد. وتزايدت في تلك الفترة المظالم يومًا بعد يوم، ولم يعد في قدرة المصريين احتمالها. ويصف الدكتور لويس عوض في «تاريخ الفكر المصري الحديث» تلك الحقبة، فيقول:

“وتاريخُ مصر في هذه الحقبة يتلخص في سلسلةٍ من الاحتجاجات على المظالم، تتراوح بين الاضطرابات والمظاهرات وبين أعمال الشغب الحقيقية، ومع كل ذلك مناوشات لا تنتهي بين الأمراء المصريين كما يسميهم الجبرتي، وهم “المماليك المتمصرون”، وبين المماليك الجدد تحت الحكم الثنائي، حكم مراد بك ـ إبراهيم بك. وقد استمر هذا الوضع حتى مجيء الحملة الفرنسية.

وكان واضحًا أن الأزهر كان طوال هذه الفترة هو ملاذُ المظلومين، ونقطة تجمع أكثر حركات الاحتجاج على الظلم. كما كان واضحًا أيضًا أن بعض كبار العلماء من المصريين كانوا يقومون بدورٍ واضح في الحياة العامة، فيؤخذ رأيهم بصفةٍ استشارية، وقد يلجأ إليهم الباشا العثماني والمماليك للتوسط فيما بينهم من الخلافات الداخلية أو لتهدئة خواطر الشعب المظلوم، كما كان أبناء الشعب يلجأون إليهم للتوسط بينهم وبين الحكومة؛ لرفع الظلامات، بل ولقيادتهم في حركات الاحتجاج”[5].

المصادر والمراجع:

[1]– هو كتاب «الفكر المصري في القرن الثامن عشر بين الجمود والتجديد»، سلسلة التاريخ الجانب الآخر (إعادة قراءة للتاريخ المصري)، الكتاب رقم (8)، دار الشروق، القاهرة، الطبعة الأولى، 2006.

[2]– جمال الدين الشيال: محاضرات عن الحركات الإصلاحية ومراكز الثقافة في الشرق الإسلامي الحديث، مؤسسة هنداوي، 2019، ص …….

[3]– أندريه ريمون: المدن العربية الكبرى في العصر العثماني،

[4]– يرى الدكتور أحمد زكريا الشلق أن كتابات مرتضى الزبيدي (1732-1790)، الذي كان عالمًا باللغة والحديث والأنساب، تكشف عن وعي نقدي واضح، وتُبرز أصول النظرة العلمية التي نمت بعد ذلك في القرن التاسع عشر، وعبَّرت عنها الرموز الثقافية فيه من أمثال حسن العطار، ورفاعة الطهطاوي، لقد كان “الزبيدي” شخصية فريدة في عصره وأبرز كُتاب ذاك العصر، وإن لم يتوفر أحد لدراسته دراسة علمية تجدر به. وقد تنوعت مجالات كتاباته، وكثُر طلابه، وكثُرت رحلاته واتصالاته، ودرس بالهند والحجاز على ما هو معروف، وقد صور الجبرتي لحظة وصوله إلى مصر عام 1754 باعتبارها من اللحظات العظيمة في الحياة الفكرية في القرن الثامن عشر. راجع: أحمد زكريا الشلق: «من النهضة إلى الاستنارة ـ في تاريخ الفكر المصري الحديث»، دار الكرمة للنشر، القاهرة، 2022، ص 19-20.

[5]– لويس عوض: تاريخ الفكر المصري الحديث، المجلد الأول، مرجع سابق، ص 72.

    اقرأ ايضا

    المزيد من المقالات

    مقالك الخاص

    شــارك وأثــر فـي النقــاش

    شــارك رأيــك الخــاص فـي المقــالات وأضــف قيمــة للنقــاش، حيــث يمكنــك المشاركــة والتفاعــل مــع المــواد المطروحـــة وتبـــادل وجهـــات النظـــر مــع الآخريــن.

    error Please select a file first cancel
    description |
    delete
    Asset 1

    error Please select a file first cancel
    description |
    delete