كانت الأديان محل اهتمام الصفوة من رجال الدين والعلماء والسّحرة والكهنة والرّسل والفقهاء والرواة وأولي الأمر وصارت اليومَ مجالا للنظر العلمي والتاريخي اجتاحتها الحداثة وما بعد الحداثة فقلبت موازين النظر إلى الدين واحدا ومتعددا، وفي هذا الإطار يتنزل هذا البحثُ في مناهج دراسة الأديان الحديثة، وقد بدأنا تلك المناهج بأم العلوم الحديثة: اللسانيات. وفيما يلي بيان دورها النظري والأدوات المنهجية وأثرها في فهم النصوص المقدسة وفي القسم الثاني مثال تطبيقي عملي مما ترك الراحل نصر حامد أبو زيد من تطبيق عملي للعلوم اللغوية الحديثة على الإسلام وتراثه ومعانيه ووحيه وأحكامه وفقهه.
- في ضرورة الإلمام بعلوم اللّسان لفهم الإنسان والأديان:
تنتمي العلوم الحديثة المتّصلة بدراسة الأديان إلى مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، وليس بإمكاننا ان نتحدث عن علم للأديان بقدر ما يمكننا الحديث عن مقاربات متنوّعة متعدّدة الاختصاصات وبينيّة: مقاربة اجتماعية، انتروبولوجية، نفسية، فلسفية، أدبية، مقاربة تحليل الخطاب الخ. ومن المهمّ هنا أن نتبيّن أن علوم الأديان هي العلوم المطبّقة على الأديان دون أن يكون غاية ذلك لاهوتيّا. أي البحث عن الحقيقة المطلقة والمعنى الواحد الكلي الثابت الإلهي الذي يمثل المعنى النهائي للنصوص المقدسة او لمعنى الوجود. وفي خاتمته لكتابه علم الأديان: محاولة للتأسيس” عبر ميشال مسلان عن أهم تحديات الباحث في هذا المجال فقال: “في كل مراحل التاريخ الديني للإنسانية كما في أي مستوى منهجي أينما كان، فإن الإنسان الذي نلاقيه دائما يبحث عن المقدس، ويعبر عنه بواسطة لغاته المختلفة بحسب مشروطياته النفسية والاجتماعية. فالبنية الأساسية لعلم الأديان تعتمد بالأساس على الإناسة الدينية التي تهدف إلى تجاوز الوصف الساذج في الزمان والمكان لدراسة السلوكات الإنسانية أمام المقدس”[1]. فها هنا مطلب ملح يتمثل في ضرورة الاطلاع على منتجات العلوم الإنسانية الحديثة بكل مكوناتها، تلك العلوم التي غايتها أن يكون سلوك الإنسان غاية لها لا مجرد وصفه أو الاطلاع عليه بل فهم آلياته، ودوافعه ومعانيه.
وعلوم الأديان لا تهدف إلى شنّ حرب على الأديان بل إن غاية هذه المعارف أن تفسّر الشعور الديني الحديث وذلك بالعودة إلى جذوره الأولى وفهم أصل النشأة والبنية والدلالات والمعاني والرمزيّات والأنساق والوظائف. ويحاول هؤلاء الذين يشتغلون بحقول هذه المعارف أن يقدّموا مقاربة موضوعيّة تفسّر تفسيرا علميّا صارما ظاهرة “عودة الديني” في زمن “الحداثة” وعجز هذه الحداثة التي أعلنت موت الاله وبشّرت بسيادة العقل الإنساني عن القضاء على الظواهر الدينيّة وما يرتبط بها من مشاعر وطقوس وتقاليد تبدو متجذّرة عميقة وراسخة في الإنسان المسمّى “حديث”. لقد طرح دريدا [2]مجموعة من الأسئلة تخصّ صعوبة التفكّر في هذه العودة، فاعتبرها مفاجئة موجعة ومدهشة، ذلك أنّها جرحت عقل التنوير وصدمته بصمود ذلك الجانب من الإنسان: الجانب العجيب والغريب وحاجة الإنسان إلى المقدّس، والضمأ الانطولوجي للمطلق والرغبة في الله.
وقد رسخ دوركهايم قاعدة مهمّة في دراسة هذه الظواهر المتحدية لعقلانية “الحداثة” فهو الذي وضّح كيف ان الدين مؤسّسة اجتماعيّة منشؤها المجتمع وحاجته الى النظام وهو الذي اقر بأن كلّ “المظاهر الاجتماعية أشياء” “Les faits sociaux sont des choses”[3] وحينئذ فإنّ كلّ علم موضوعي عليه أن يفسّر تلك الأشياء تفسيرا يبرز نشأتها ومظهرها الثّابت الجوهري أو ما يسميّه دوركهايم بسمات الكونية ل “الكائن الديني”[4]. ولهذا فإن أول المناهج المعاصرة المتصلة اتصالا وثيقا بعلم الأديان هو الفينومينولوجيا [5]التي تهدف إلى ترسيخ النظر في الدين باعتباره ظاهرة والتركيز على كيفيّة فهم البشر لدين ما وكيفية تفسيرهم له. وبما أن الديانات الكتابية تقوم على محورية النصوص المقدسة وبما أن النصوص المقدسة ذات طبيعة لغوية فإن علوم اللسان كانت أول المناهج والأدوات لجعل الأديان قابلة للفهم العلمي الحديث.
ويجب التأكيد هنا على أن مقاربة الدين مقاربة علمية ليس غايته إطلاق أحكام معيارية بالحكم على دين أو ظاهرة ما بالصحة والخطأ بل غايته فهم كيفية فهم الشعوب المختلفة لأديانها وكيفية اشتقاق هويتها الثقافية والتاريخية والسياسية والوجودية من خلال تصوراتها وممارساتها الدينية. ولذلك نجد أنفسنا في هذا الحقل المعرفي أمام اختصاصات متداخلة ومتقاربة ومتباينة في آن: تاريخ الأديان/ الأديان المقارنة/ علم الاجتماع الديني / فلسفة الأديان بل لعل الحقل يتّسع إلى دراسات الميثولوجيا والدراسات الثقافية وصولا إلى البلاغة بالمفهوم الحديث وتحليل الخطاب بمفهومه الواسع وكل هذه العلوم ما كانت لتأسس لولا اكتشافات علوم اللغة.
إن استخدام المنظور اللّساني لتحليل التّراث الديني يصحبه بلا شكّ قطيعة معرفيّة ابستيمولوجيّة مع تصوّرات المعرفة القديمة للغة، وللإنسان، وللعلم وللعالم. وهي قطيعة الفكر الحداثي القائم على 4 قيم: العقلانيّة، النسبيّة، التّجريب، الوضعانيّة. حيث يمسي الفكر البشري خاضعا بدوره لهذه الشّروط موضوعا من موضوعات المعرفة مهما كان محتوى هذا الفكر متّصلا بالمقدّس والمحرّم.
فكلّ نصّ لغوي بهذا المنظور الحديث يعبّر عن تفاعل الفكر بالثقافة لا يمكن فهمه وفكّه خارج فهم وفهم السّياق الحضاري الذي فيه توجّه الخطاب في شكل شفوي أو مكتوب أو غير ذلك. لذلك فإنّ العقلانية الحداثية تحوّر نظرة الباحث في النصوص التراثية بشكل ينتج فهما نسبيا لكلّ ما تمّ إنتاجه في التراث من فهوم وعلوم تعتبر بالنظرة الحديثة مجرّد اجتهادات بشرية حتى لو كانت فقهية. ذلك أنّها لا تعبّر عن الحقيقة المطلقة الإلهيّة، بل فقط عن اجتهاد البشر في فهم الرّسالة التي وصلت إليهم مكتوبة بعد مراحل من انتقالها من زمن الوحي إلى زمن الحفظ ثم التدوين.
إن تحليل النصوص الدينية بمناهج العلم الحديث غايتها بعث روح علمية جديدة في الفكر الديني نفسه وإبراز الجانب الاجتهادي والنّسبي في علوم الدين القديمة واثبات كون كل نص قابل لما لانهاية له من الفهم بحسب السّياق الذي يقرأ فيه والمناهج المتجدّدة التي يقرأ بها ولذلك فإنّ رهان المناهج اللّسانية والانتروبولوجية وتطبيقها في إعادة قراءة النّصوص القديمة هي تنسيب كل أحكام الثقافة الإسلامية المطلقة لتحرير الإنسان من عبودية الأفكار المطلقة التي تقيده وتجعله في وضع جامد لا يحرّك ساكنا أمام واقع لا تهدأ حركته قط.
إن الاهتمام بالمنهج اللساني بالذات مهم وأساسيّ لان اللسانيات أم العلوم الحديثة في الإنسانيات ولأنها العامل المباشر الذي طور البحوث الابستيمولوجية والتاريخيّة والاجتماعيّة والنفسيّة فكل هذه الحقول استثمرت مفهوم البنية التي يعتبر فاردينوند دي سوسير(1857-1913) رائدا وأبا مؤسّسا له. ومن هنا كان الاهتمام بالمنهج اللّساني اهتماما ببقيّة العلوم الإنسانيّة لا اقتصارا على منهج أحادي، إذ مشغل محلل الخطاب التراثي إدراك جانب من فهمه بحسب العصر الذي نحن فيه، وإن ذلك لا يمكن أن يكون بمنهج أحادي بل بمناهج متداخلة ومتعدّدة وإن المقاربة اللّسانية في تعريفنا تتيح مدخلا مناسبا لفهم هذا التعدّد والتّداخل من وجهة نظر بنيويّة وظاهراتيّة.
فاللّسانيات بالنّسبة إلينا ليست مستقلّة عن الأنثروبولوجيا ولا عن التّاريخ وعلوم الاجتماع ذلك أنّ كلّ هذه العلوم تتداخل لتفسير جانب من جوانب الخطاب وخاصّة عنصر الإطار أو السّياق كما سنبيّن ذلك. إن ميزة فاردينوند دي سوسير أنّه كشف بوضوح تامّ كيف أن اللّغة منظومة من الرّموز وبالعلم الذي أرساه تمكّن فاردينوند دي سوسير من أن يقطع مع تصوّرات قديمة ليرسي مبادئ اللّسانيات العامّة على أسس الحداثة العلميّة. تلك الأسس نفسها قامت على تطوير النظر إلى الإنسان وفكره من خلال منهج بنائي يتقصىّ العلاقات ويبحث في الظواهر ويلاحظ ويصف ويستنتج وحصيلة تلك العمليّات يصنّف ويقرّ دلالات.
- في مقومات المنهج اللّساني:
- تعريف اللغة
إن أسس المقاربة اللّسانية في تحليل نصّ من التّراث الديني تجد مرجعيّاتها في نظريات الخطاب ونظريات اللغة. ويجدر قبل كلّ شيء التّذكير بتعريف اللّغة في اللّسانيات لان هذا التعريف يمثّل أساسا يقطع مع التمثل التقليدي للغة.
يقول دي سوسير:
” اللغة شيء معين مضبوط الحدود ضمن مجموع ظواهر الكلام المتنافرة، يمكن أن نحدّد مكانها في ذلك القسم المعين من الذروة حيث تقترن صورة سمعيّة ما بتصوّر ذهني ما. وهي الجانب الاجتماعي من الكلام الخارج عن نطاق الفرد، لأن الفرد الواحد غير قادر على أن يخلقها أو على أن يحورها وهي لا توجد إلا بمقتضى نوع من التعاقد يتم بين أعضاء المجموعة البشرية الواحدة” [6]إن اللّغة في المناهج الحديثة مؤسّسة اجتماعية وملكة بشرية لا يمكن أن تدرس خارج منجزات العلوم الاجتماعية التي أحدثت منذ دوركهايم قطيعة عميقة في تمثّل الإنسان لنفسه ولعقله ولسانه وللعالم. فالمنهج اللّساني هو ذلك المنهج المتطوّر في القرن 19 إثر اكتشاف مفهوم “البنية” وإثر مقارنة اللّغات بعضها ببعض واكتشاف أنّها إنتاج بشري جماعي لا تتطوّر من تلقاء ذاتها بل تتطوّر بالاستعمال وبتطوير الفكر البشريّ.
إن قيمة اكتشاف مفهوم البنية الذي سيطوّر العلوم الإنسانيّة تكمن في أن “المقولة الأساسية في المنظور البنيوي ليست مقولة الكينونة بل مقولة العلاقة، والأطروحة المركزيّة للبنيويّة هي توكيد أسبقيّة العلاقة على الكينونة، وأولويّة الكلّ على الأجزاء. فالعنصر لا معنى له ولا قوام إلا بعقدة العلاقات المكوّنة له. ولا سبيل إلى تعريف الوحدات إلاّ بعلاقاتها، فهي أشكال لا جواهر”[7]
إن اللغة بهذا المعنى نظام من الدلائل تعبّر عما للإنسان من أفكار والمعاني ليست جواهر مستقلة بذاتها وإنما هي تتحدد بعقدة العلاقات التي تربط عناصر اللغة ببعضها فلا أسبقية للفكرة على البنية ولا أسبقية للمعنى على اللغة كما كان يعتقد السابقون. وقد حرص سوسير على التمييز بين هذه المؤسسة البشرية ومؤسسات أخرى كالقوانين مثلا. إنه يجدر التنبيه إلى أن اللّسانيات علما ميّزت نفسها منذ دي سوسير عن الانتروبولوجيا وعن علم الاجتماع وعلم النّفس بموضوعها ومنهجها ولكنّها في مجال تحليل النّصوص الحضاريّة تمسي أداة من أدوات التّحليل تتضافر مع بقية الأدوات لتمكن المحلل من ادراك فهم معاصر للنصوص التراثية القديمة. [8]
فاللّساني غايته أولا جمع وتأريخ مظاهر الكلام البشري القديم والحديث في كلّ العصوروثانيا البحث عن القوى العاملة في جميع اللّغات وثالثا استخلاص القوانين العامّة ورابعا: تحديد موضوعها وتعريف ماهيّتها وخامسا: تبديد الأوهام والخيالات المتعلّقة بالكلام البشري.
إن اللسانيّات المعاصرة ازدهرت وتبوّأت منزلة مهمّة في كلّ البحوث الإنسانية لذلك فقد أصبحت البحوث الإنسانية تعتمد على اللسانيات لتدرك مرتبة الموضوعية فهي كما يقرّ المسديّ “أمست جسرا أمام بقيّة العلوم الإنسانيّة من تاريخ وأدب وعلم اجتماع يعبره جميعها لاكتساب القدر الأدنى من العلمانيّة في البحث” [9] بل إن اللسانيات حسب المسدي اقتحمت كل مظاهر التفكير الإنساني حتى أصبحت بذلك مفتاح كل حداثة. وإن ما يهم دارس النصوص التراثية عموما والدينية خصوصا هو ما يتعلق في اللسانيات بالقضايا الإنسانية كقضية أصل اللغة وعلاقة الكلام بالفكر وعلاقة اللغة بالثقافة وتفاعلها مع الحضارات البشرية. وهي القضايا التي كان يدرسها الفلاسفة قبل علماء اللغة وهكذا فان في اللسانيات أمران يهمان محلل النصوص التراثية هما:
-أولا: اللغة مؤسسة بشرية والأفكار ليست جواهر ولا دلالة سابقة للفظ.
-ثانيا: السعي لإدراك الموضوعية العلمية في شرح الظاهرة اللغوية بما هي انتاج بشري.
وقد أدى هذان الأمران إلى الخروج من فلسفة اللغة إلى البحث العلمي الحديث. ونتج عنه الخروج من الماورائيات إلى البرهان والنزعة العقلية التجريبية وشروط العلم المعاصر.
- مفهوم النصّ
أشار فرديناند دي سوسير إلى أهمية دراسة النصوص المكتوبة لمعرفة اللغات القديمة والمندثرة. ولكنّ غاية المحلل لنص من نصوص التراث تختلف عن غاية الالسني فإذا كان الالسني يبحث في النصوص المكتوبة عن آثار اللغات السابقة أو المندثرة فإن محلل النصّ التراثي يبحث عن آثار الإنسان وأصول ثقافته وفكره وهويته اللغوية والدينية والثقافية.
فلذلك نشارك سوسير الاهتمام بالنصوص المكتوبة وأهميتها في التحليل لكن الغرض من ذلك يختلف فهدف التحليل هو معرفة وفهم كيفيّة نشأة الأفكار والمعتقدات والتصوّرات وفهمها ومقارنتها وتجديد معانيها بما يلائم العصر الذي نحن فيه. لقد درس بعض الباحثين [10]مفهوم النصّ من خلال تنظير فرديناند ديسوسير واللّسانيين الأوائل واستنتجوا أنّه لم يكن مصطلحا قائم الذّات بالنّسبة إليهم فأقروا ما يلي:
أوّلا: النص عند سوسير:
لم يستعمل سوسير كلمة texte باعتبارها مصطلحا فوردت في سياقات عابرة ولم تكن كلمة “نصّ” في جميع السياقات التي ذكرها فيها غرضا في ذاتها بل كانت عارضا لدلالة أخرى. فدلالة “النصّ” من قبيل الاسم العامّ الذي يطلق في اللغة الفرنسية على صور تجسم الظاهرة اللغوية. ولم يستعمل سوسير كلمة “نص” بل استعمل في كل سياق ما يدل على الجنس الادبي مثل légende و conte وغيرهما. واعتبر الشاوش انه يمكن حصر مفهوم النص في ما سمّاه parole لكنه لم ينص عليه.
ثانيا- النصّ عند هيلمسالف:
النصّ المجال الذي يتحقق فيه اللغة وتحدث وهو المعبر الضروري لبلوغ النظام والمجال الذي يتحقّق فيه النّظام الصوتمي والنظام الدلالي والنظام النحوي والنصّ سلسلة أو متتالية chaine ومكوّنات النصّ أيضا سلاسل ومتتاليات. ويقوم النص على عمليات متتالية من التّقطيع والتقسيم. و” طريقة التحليل الممكنة الوحيدة الوقوف على النظام الذي يقوم عليه النص تقوم على اعتبار النص صنفا قابلا للتحليل على مكونات وتعتبر تلك المكونات بدورها أصنافا قابلة للتحليل إلى مكونات. وهكذا حتى استفراغ جميع إمكانيات التحليل” ويستنتج الشاوش من دراسته لكتاب هيلمسلف أن النصّ يشترط الترابط والتناسق. ويشير إلى ان هتين الخصيصتين سيكونان عنوانا لكتاب هاليداي وحسن[11].
إن هذين الخصيصتين تهمان دارسي النص الديني خاصة “القرآن” لان الآيات تنتظم فيه انتظاما خاصا درسه بعض الباحثين المعاصرين غير ان التناسق والانسجام القرآنيين كانا موضوع علوم القرآن القديمة. ويمكن العودة إلى السيوطي أو غيره لتبين بحث العلماء القدامى عن التماسك والانسجام النصيين بحسب علوم عصرهم وأدواته.
- تطور مفهوم النصّ إلى الخطاب
تطوّر مفهوم تحليل النصّ في خمسينيّات القرن العشرين مع هاريس وربطه بين اللّغة والسّلوك والثّقافة. وقد أشار الشّاوش إلى أن مفهوم النصّ لم يكن له اعتبار كبير عند النّحاة الأوائل بل كان يعني عندهم الجانب المقابل للنّظام. لقد طوّر هاريس الرّبط بين السّلوك والثّقافة ليشير إلى مفهوم “الخطاب”. إن دراسة اللّغة بوصفها نظاما وربط اللّغة بالثّقافة وتطوير علوم الإنسان جعل الباحثين يكتشفون المزيد عن علاقة اللّغة بالفكر وبالسّلوك من خلال الرّبط بين أقوال الإنسان وسياقها الثّقافي ودلالاتها. وضمن هذا المنظور جاءت أعمال البنيويين الكبار الذين طوروا فهم المنتج الثقافي والتراثي الإنساني بما في ذلك الفكر الديني ونصوصه المؤسّسة. فأمسى الباحث مزوّدا بجملة من المناهج الحديثة التي تنظر إلى الفكر الديني بوصفه منتجا انتروبولوجيّا واجتماعيّا داخل سياق معلوم لا خارجه. فإنّ هذا الفكر لم يعد يمكن النّظر إليه خارج مفاهيم البنيوية أي بوصفه حاملا لمضمون داخل بنية ثقافيّة ما. ونحيل هنا على ما كتبه كلود ليفي ستروس خاصّة وقد أثّر أيّما تأثير في تطوير النّظر إلى الإنسان وعلومه. أما المفهوم الأهمّ الذي باكتشافه صار من غير الممكن العودة إلى ما قبله فهو مفهوم السّياق وهذا المفهوم جوهري في الدّراسات الحضاريّة لأنّ السّياق ليس فقط سياقا نصيّا أو نحويّا بل هو أيضا سياق الخطاب بمعناه الواسع.
– لقد فسّر فان ديك[12] كيف استخدم في توسيع تحليله لمفهوم السّياق والخطاب مفاهيم استعارها من المنطق والفلسفة والذّكاء الصّناعي بما يثبت أن هذه المفاهيم اللّغوية الخطابيّة قد أنتجها فيما أنتجها شروط البحث العلمي الحديث أي الوضعانيّة والبنيويّة والبحث عن قوانين وقواعد الظاهرة بوصفها ظاهرة قبل كلّ شيء. إن الخلفية الابستيمولوجية الكامنة وراء استخدام المنطق والذكاء الصناعي تتمثل في الايمان بقدر انتاج خطاب علمي موضوعه الانسان. ولذلك فإن استخدام المنهج اللساني الحديث في تحليل تراث قديم يمكن ويتيح إقامة قطيعة ابستيمولوجية بكل ما للكلمة من عمق فلسفي. لقد شرح كيفيّة دراسته اللسانيّة للخطاب وميّز تلك الدراسة من البحوث اللسانية المختلفة وغاياتها معتبرا أنّ ما يطلق عليه نص يمكن تسميته بالخطاب ويشترط ارتباطه بالفعل التواصلي ضرورة ولذلك فانه في مقدمته لكتابه النص والسّياق نبه إلى أنّ غرضه دراسة العلاقات المتسقة بين النصّ والفعل التداولي. أي ان كل خطاب لا يدرس في الحقيقة خارج علاقات التواصل والتداول. وهي المسلّمة التي تمثّل ركيزة من ركائز المنهج اللّساني في قراءة النص الديني قراءة حداثيّة.
ويؤكد فان ديك أنّ علم اللّسانيات نظرية تفسر الدلالة والمرجع وتفسر كذلك الدلالة المعجمية والشروط الدلالية العامة مما يتحدد به معرفة العالم وان إثبات هذا للسانيات يمكّن الباحث من أن يكون قادرا على فحص أهم معاني التحليل السيمانطيقي للخطاب أي ما يسميّه باتّساق الخطاب. ففهم كلّ خطاب فهما علميّا حداثيا يتطلب بكل تأكيد التسليم بما يتوصل إليه اللّسانيّون في مساعيهم لوصف الظاهرة اللغوية بكل ما يتّصل بها من عناصر وما تمثله من علاقات وما يرتبط بها من معاني. فالدلالة الدينيّة بهذا المنظور أمست عنصرا من موضوع علم دراسة الخطاب دراسة لسانيّة علميّة. لقد أشار فان ديك إلى أن الخطاب تم دراسته في مجالات أخرى خارج علم اللسانيات:
– فكثير من الأعمال المهمّة حول الخطاب تم إنتاجها ضمن علم الانتروبولوجيا والاجتماع والخطابة والآداب. ولقد اعتبر ان من أهم مكاسب الانتروبولوجيا اهتمامها بنظرية السرد في دراسة الأسطورة. وان دراسة الثقافة المادية للشعوب البدائية أغنت الاثنوغرافيا. وقد أشار فان ديك أيضا إلى مساهمة علم الاجتماع في تطوير النظرة إلى دراسات الخطاب وتحليل طرائق التّخاطب اليوميّة إذ انشغل علماء الاجتماع بدراسة تأثير القهر الأسري في الخطاب وتأثير أفعال الكلام في البنى الاجتماعيّة. فغرض التحليل المنظم للخطاب يندرج ضمن السعي إلى الإمساك ببنى الظاهرة التواصلية لفهم أبعادها المتعددة فهما علميا مستجيبا للشروط المنهجية للعلوم الحديثة. فمصطلح الخطاب جامع له دلالات متعدّدة يتعلّق بعلوم اللّسان وعلم النّفس والنّقد الأدبيّ والفلسفة والتّاريخ، والخطاب أنواع: سياسي إشهاري، اجتماعي ، علمي ، ديني، تعليمي، الخ..وللخطاب لغة دلالات متعدّدة: خاطبه أي كالمه وحادثه والخطبُ الشأن والأمر والخطبة الكلام المنثور المسجّع ونحوه وهو أيضا مراجعة الكلام.
فالخطاب ظاهرة معرفيّة اجتماعيّة مركّبة والمعرفة تمسّ ماله علاقة بالإنسان والوعي والإدراك. وحسب معجم مصطلحات مانغونو[13] الخطاب “تحليل استعمال اللغة” Brownetyle1983,1 و”دراسة الاستعمال الفعلي للغة من قبل ناطقين حقيقيين في أوضاع حقيقية” VanDijk,1985,IV,chap2.إن ما هو ثابت أن تحليل الخطاب علم يقف في مفترق طرق العلوم الإنسانية إذ يشتغل على تحليل الخطاب محللون نفسيون وعلماء اجتماع ولسانيون وعلى محلل النص التراثي الاستفادة من كل هذه العلوم المتراكمة. إن المدرسة الانقلوسكسونية تميل إلى توظيف العلوم الانتروبولوجية فيما تميل المدرسة الفرنسية إلى التحليل اللساني والتحليل النفسي، واما دارس النص التراثي بمناهج حديثة فعليه ان يتقن توظيف هذه الأدوات جميعها في انتاج معاني النص الذي يتخذه موضوعا للتحليل والقراءة.
-إن أهم مفاهيم الخطاب المتكرّرة في كتب اللّسانيين والمحلّلين للخطاب تتعلّق بوظيفة اللغة بوصفها أداة اتّصال. فتحليل خطاب ما هو تحليل لمضمون ذلك الاتصال والكشف عن أسسه المعرفية والخلفية والأطر النظرية للخطاب التي ساهمت في تشكيله وطبيعة القصد الذي لأجله تمّ توجيه الخطاب. إن تحليل الخطاب بمنظور لساني مهما كان توع هذا الخطاب يستوجب ادراك العلاقات الكامنة داخل وخارج الخطاب في التفاعلات القائمة بين أطراف الخطاب والمجتمع الذي ينتجه ويستقبله، وطبيعة العلاقة مع السلطة وهو المبحث الذي طوره فلاسفة وعلماء كفوكو في مجمل اعماله حول الخطاب ونقد البنى الميكروفيزيائية للسلطة أو فان ديك الذي تمكن من جعل المدخل اللساني ينتج تحليلا عرفانيا إدراكيا اجتماعيا تعمق نظر المحلل للخطاب سواء كان هذا الخطاب منتميا للحقل السياسي أو الاجتماعي أو الديني. لقد ارتبط تحليل الخطاب إذن بعد أن تأسس علما قائم الذات بأمرين:
أولا بتحليل بنى النص النحوية واكتشاف الترابط والعلاقات بين الجمل وبنية النص
ثانيا بما سماه فان ديك البنى الكبرى وهي التي تجعل الخطاب متسقا ومتماسكا وهي سره وكنهه وقد تطور هذا البحث خارج اللسانيات لكن بتأثير منها ونعني بذلك انه تطور خاصة على يد كلود ليفي ستروس وفرويد ويونغ.
إن تحليل الخطاب اليوم مهما كانت الغاية لا يمكن أن يتغاضى عن هذه الاكتشافات الهامة التي تطورت بفضل تظافر جهود باحثين وتداخل مجالات معرفية عديدة أدت إلى بناء تصور جديد للخطاب لا علاقة له يتصور الانسان القديم للغته وكلامه وفكره ونفسه ومجتمعه. حيث لا حقيقة قبلية ولا تصوّر جاهز ليتمّ إسقاطه على النّصوص والخطابات ولكن كل معنى هو نسبي وقابل لتفكيكه وإعادة البناء. فغاية المحلّل عندئذ ألا يتغاضى عن السّلطة والايديولوجيا والهيمنة الكامنة وراء كل بنية خطابية ومهما كان القناع الذي تتّخذه مقدّسا فإنّها تحت مطرقة التحليل الحديث تتهاوى لتكشف عن خلفيّاتها وأصول سلطتها المتخفيّة.
وخلاصة القول أولا: أن فان دايك يعد لحظة مفصلية في تطور مباحث النصّ وتمكن مقاربته من استحداث منهج علمي في تحليل النصوص بما فيها النصوص التراثية والدينية. وهو هنا في هذا المؤلف بالذات يولي أهمية كما في عنوان الكتاب الى السياق وهو عنصر من عناصر التخاطب يكون الاهتمام به في تحليل النصوص الدينية دافعا على تنزيل المعاني من الإطلاق إلى حيثياتها النحوية والمقامية والتاريخية. ثانيا: ينبه فوكو في كتابه نظام الخطاب الى استراتيجيات الهيمنة المختفية وراء كل خطاب بما في ذلك الخطاب الديني ويحلل آليات احتكار وتوجيه والصراع على الخطاب ويمكن ان نوظف تلك الرؤية التفكيكية للتعمق في تحليل توظيف سلطة خطاب الموروث خاصة الموروث الديني في الصراعات المعاصرة. وهو الأمر الذي أتقن تحليله نصر حامد أبو زيد مثلا. انظر كتابه الذي طبق فيه هذه التفكيكية في نقد الخطاب الديني على سبيل المثال[14].
وسنقتصر على تحليل مثال من كتاب مفهوم النصّ في الجزء التطبيقي من بحثنا هذا. فلنحتفظ إذن بأهم مفاهيم علم اللسان كما بينا في رحلتنا الموجزة هذه لنتمعن عبر هذه المرآة في ما أنجزه أبو زيد من تحديث لفهم النصّ المقدس، هذه المفاهيم هي: اجتماعية المؤسسة اللغوية، وبشريتها، وقيامها على الوظائف التواصلية الخطابية، وتطورها عبر السياق والمتكلم ودور المقام في تحديد معاني الخطاب / النصّ. هذه المفاهيم الأساسية التي تقطع مع التصور التراثي للعلاقة القائمة بين اللفظ والمعنى تلك العلاقة التي يشبهها القدامى بعلاقة الجسد بالروح، كأن الجسد زائل والروح باقية، أو اللفظ عرض والمعنى جوهر، سيتم القطع معها بشكل كلي في العلم اللغوي الحديث الذي أسس علاقات جديدة تقوم على الاعتباطية من جهة بين اللفظ والمعنى والاصطلاح المتبادل في سياق اجتماعي من جهة ثانية بينهما بما يعني أن اللغة مهما تكن مصادرها إنما هي بشرية وثقافية وهو الأمر الذي سيعرّف به أبو زيد الوحي وسيجر عليه ذلك الويلات، وسوء الفهم والتهم في حين أنه لم يفعل سوى تطبيق العلوم المعاصرة له على نصّ لغوي أسوة بآبائه المفسرين القدامى الذين كانوا بدورهم يطبقون علوم عصرهم على القرآن الكريم.
المراجع :
أركون محمد، تاريخيّة الفكر العربيّ الإسلاميّ، ترجمة: هاشم صالح، المركز الثقافيّ العربيّ، بيروت
برجر بيتر، القرص المقدّس: عناصر نظريّة سوسيولوجيّة في الدين، تعريب: عبد المجيد الشرفيّ ومجموعة من الأساتذة، مركز النشر الجامعيّ، تونس، 2003
بن سلامة فتحي، تخييل الأصول: الإسلام وكتابة الحداثة، ترجمة: شكري المبخوت، دار الجنوب للنشر، تونس، 1995
توين فان ديك، الخطاب والسّلطة، تعريب، غيداء العلي، وعماد عبد اللطيف، المركز القومي للترجمة، القاهرة، ط1، 2014.
الجابري محمد عابد، التّراث ومشكلة المنهج، ضمن المنهجيّة في الأدب والعلوم الإنسانية، دار توبقال للنشر، 1986
الجابري محمد عابد، نحن والتّراث، المركز الثقافي العربين 1986.
الجمل بسّام، أسباب النزول، المؤسسة العربية للتحديث الفكري، بيروت، 2007.
جميل صليبا، المعجم الفلسفي بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية، دار الكتاب اللبناني، 1982، بيروت، ج2، ص35-36.
حرب علي، نقد النصّ، المركز الثقافيّ العربيّ، الدار البيضاء-بيروت، ط 4، 2005
الخولي أمين، مناهج التجديد في النحو والبلاغة والتفسير والأدب، دار المعرفة، القاهرة، 1961.
دومينيك مانغونو، المصطلحات المفاتيح لتحليل الخطاب، ترجمة محمد يحياتن، منشورات الاختلاف، الدار العربية للعلوم ناشرون، ط1، 2008.
دي سوسير فرديناند، دروس في الألسنيّة العامّة، تعريب صالح القرمادي، محمد الشاوش، محمد عجينة، الدار العربية للكتاب.
ديكارت، مقال عن المنهج، ترجمة محمود محمد الخضيري، القاهرة، 1985.
شارودو، باتريك ومنغنو، دومينيك، معجم تحليل الخطاب، ترجمة: عبد القادر المهيري وحمّادي صمّود، دار سيناترا والمركز الوطنيّ للترجمة، تونس، 2008.
الشاوش محمد، أصول تحليل الخطاب في النظرية النّحوية العربية، تأسيس نحو النص، جامعة منوبة- المؤسّسة العربية للتوزيع، 2001.
الشرفي عبد المجيد، الإسلام بين الرسالة والتاريخ، دار الطليعة، بيروت، 2001.
الشرفي عبد المجيد، الإسلام والحداثة، الدار التونسية للنشر، 1996.
الشّرفي عبد المجيد، في قراءة النصّ الديني، جماعي، الدار التونسية للنشر، مقال حول الإتقان في علوم القرآن.
العروي عبد الله العرب والفكر التاريخي، دار الحقيقة، بيروت، 1974.
غارودي روجي، البنيويّة أو فلسفة موت الإنسان، ترجمة جورج طرابيشي، دار الطليعة بيروت، 1979، ص13.
فضل صلاح، بلاغة الخطاب وعلم النصّ، الكويت، 1992.
المسدي عبد السلام، التفكير اللّساني في الحضارة العربية، الدار العربية للكتاب، 1986.
ميشلان مسلان، علم الأديان مساهمة في التأسيس، ترجمة عز الدين عناية، كلمة- المركز الثقافي العربي، بيروت- أبو ضبي، ط1، 2009، ص 312.
Émile Durkheim ,Les formes élémentaires de la vie religieuse. Le système totémique en Australie. Les Presses universitaires de France, Paris, 1968, cinquième édition, 647 pages. Collection : Bibliothèque de philosophie contemporaine.
Jacques Derrida, Foi et Savoir, seuil, 1996, p14.
[1] ميشلان مسلان، علم الأديان مساهمة في التأسيس، ترجمة عز الدين عناية، كلمة- المركز الثقافي العربي، بيروت- أبو ضبي، ط1، 2009، ص 312.
[2] Jacques Derrida, Foi et Savoir, seuil, 1996, p14.
[3]Émile Durkheim ,Les formes élémentaires de la vie religieuse. Le système totémique en Australie. Les Presses universitaires de France, Paris, 1968, cinquième édition, 647 pages. Collection : Bibliothèque de philosophie contemporaine.
[4] « La religion est une chose éminemment sociale. Les représentations religieuses sont des représentations collectives qui expriment des réalités collectives; les rites sont des manières d’agir qui ne prennent naissance qu’au sein des groupes assemblés et qui sont destinés à susciter, à entretenir ou à refaire certains états mentaux de ces groupes. Mais alors, si les catégories sont d’origine religieuse, elles doivent participer de la nature commune à tous les faits religieux : elles doivent être, elles aussi, des choses sociales, des produits de la pensée collective. Tout au moins – car, dans l’état actuel de nos connaissances en ces matières, on doit se garder de toute thèse radicale et exclusive – il est légitime de supposer qu’elles sont riches en éléments sociaux. » ibid., p21.
[5] “الفينومينولوجيا هي علم الظواهر وهي الدراسة الوصفية لمجموع الظواهر كما هي عليه في الزمان والمكان، وهي مختلفة عن دراسة أسباب هذه الظواهر وقوانينها المجردة الثابتة أو عن البحث في الحقائق المتعالية المقابلة لها، أو عن النقد المعياري لمشروعيتها” جميل صليبا، المعجم الفلسفي بالألفاظ العربية والفرنسية والإنكليزية واللاتينية، دار الكتاب اللبناني، 1982، بيروت، ج2، ص35-36.
[6] فرديناند دي سوسير، دروس في الألسنيّة العامّة، تعريب صالح القرمادي، محمد الشاوش، محمد عجينة، الدار العربية للكتاب.
[7] البنيويّة أو فلسفة موت الإنسان، روجي غارودي، ترجمة جورج طرابيشي،دار الطليعة بيروت، 1979، ص13.
[8] للتوسع انظر: فرديناند دي سوسير، دروس في الألسنيّة العامّة، تعريب صالح القرمادي، محمد الشاوش، محمد عجينة، الدار العربية للكتاب.
[9] التفكير اللّساني في الحضارة العربية، المسدي، الدار العربية للكتاب، 1986.
[10] المرجع لهذه التعريفات: محمد الشاوش، أصول تحليل الخطاب في النظرية النّحوية العربية، تأسيس نحو النص، ج1، جامعة منوبة- المؤسّسة العربية للتوزيع،
[11] يطور اللساني هاليداي وزوجته الهندية مفاهيم التناسق والانسجام الذين نجد آثارهما في عشرات المقالات والبحوث اليوم حول التناسق والانسجام في القرآن، غير أن عدم استيعاب فكرة كون اللغة مؤسسة اجتماعية بشرية تحول دون تطبيق المفاهيم الحديثة على النص تطبيقا يؤدي إلى فهم حديث يحدث قطيعة مع التراث. فجل هذه المقالات والبحوث قاصرة عن إحداث تلك القطيعة التي نجدها مثلا في كتابات نصر حامد أبو زيد.
[12] توين فان ديك، الخطاب والسّلطة، تعريب، غيداء العلي، وعماد عبد اللطيف، المركز القومي للترجمة، القاهرة، ط1، 2014.
[13] دومينيك مانغونو، المصطلحات المفاتيح لتحليل الخطاب، ترجمة محمد يحياتن، منشورات الاختلاف، الدار العربية للعلوم ناشرون، ط1، 2008.
[14] نعني كتابه: نقد الخطاب الديني على سبيل التحديد، طبعة سينا للنشر 1994، ويمكن أيضا النظر في كتابه في دوائر الخوف حيث اهتم بخطاب المرأة، وهو في هذا الكتاب يقدم منظورا تفكيكيا عميقا للخطاب متسلحا بمفاهيم النقد الثقافي التي ستتطور مع أحد الذين واصلوا عمله من بعده المرحوم علي مبروك.