لاهوت التجديد بحث فى المصطلح والموضوع

تكوين

التجديد سنة إلهية:

لاجرم أن نعد قضية التجديد الدينى بالمعنى الواسع العام، سنة من السنن الإلهية الظاهرة، ولازمة من لوازم تطور الاجتماع البشري، فما تتابع الأنبياء والرسل من لدن “آدم” وحتى “النبي محمد” عليهما الصلاة والسلام؛ إلا تجديدًا لحقائق الدين الكبرى التي أندرست مع الوقت، أو طمست بطول العهد، كل، أو بعض، معالمها.

فيبعث الله من يجدد هذه الحقيقة الكبري، ويؤكد عليها، ويعيدها كما كانت، بلا ميل، ولا زيغ، ولا إلحاد، كما أرادها الله، على مر الأزمنة، فرسولr الإسلام جاء ليجدد دين إبراهيم، ويحيي دعوته فقال تعالى:)  قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( [الأنعام: 161].وقال أيضًا: )شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) }الشورى: 13[1]{.

فالتنوير، والتجديد، وكسر الجمود، والتقليد، مهمة الأنبياء والمرسلين وسنتهم؛ فمهمتهم إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وبعث للدين من جديد، من خلال تثبيت التوحيد، وإعادته لحقيقته، ومرعاة تغير العصور ومرور الأزمنة بتغير الشرائع السابقة، أوتعديلها. فهنا ثابت اُعيد كما كان، ومتغير راعى بعد الزمان.

قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (آل عمران: 19( حقييقة ثابتة، لا تتغير، ولا تتبدل، وقال: ولكل جعلنا شرعة ومنهاجًا. شريعة متغيرة لكل منكم، تراعى خصوصية كل قوم، وتغير كل زمن، فتُنسخ، أويزاد فيها، أويُفصّل حسبما يقتضى الحال، قال تعالى:{ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم} (الأعراف: 157)

أما الجمود، والتقليد، والركود، ورفض الجديد النافع، والتمسك بالقديم الكاسد، من معالم الكفر ومنهج الكافرين المترفين المتكبرين حفظًا على مكتسباتهم، ومرعاة لمصالحهم. قال تعالى: بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ (22) وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ (23) سورة الزخرف.

هنا يأتى دور المنهج الإلهى ثورة على الواقع، وحراك قوى مزلزل، تذيب حرارته حواجز التقليد، وتنسف عوامل التجميد، والتمجيد للماضى، داعية للعقل والتعقل، والفكر والتفكر، والحوار والإقناع، والمطالبة بالبرهان.

بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ (22) وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ (23۞ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ (24) سورة الزخرف.  

فمنهج الكفر، المنع والمصادرة، والتشغيب وشخصنة القضايا، والتشويه لداعية الحق؛ بالطعن والسب، والحط، والسخرية، منهج البيئة الفاسدة والنفوس الهالكة، منهج يرفضه الأنبياء ويعارضونه بمنهج آخر مغاير تمامًا.

ففى المنع والتشغيب قال تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26)  سورة فصلت. لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ، منع،  وَالْغَوْا فِيهِ، تشغيب وتشويش، أما منهج الأنبياء، فهو:  قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (64)  سورة النمل. حوار ومطالبة بالدليل وأيضًا: قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (28) سورة الشعراء . ( قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ( 118 ) )سورة ال عمران. بيان ودعوة للعقل والاحتكام إليه.

وفى شخصنة القضايا قال تعالى: وقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31(  المسألة عندهم مسألة الرجل، لا ما يقوله الرجل وقد كان r عظيما، لكنه جدال باطل لا معنى له سوى الهروب من الموضوع، وقال تعالى: ﴿ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ﴾ هود : 27] [حضور قوى للشخصية وغياب للقضية.

كَذَٰلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) سورة الذاريات.

طعن، وسب، وهروب من العجز بالخرافات، قال تعالى:)قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم} (الأعراف: 109)) {قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين} (الأعراف : 66 (

أما منهج الأنبياء، فلا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ ، ولا لأبيضَ على أسودَ ، ولا لأسودَ على أبيضَ – : إلَّا بالتَّقوَى ، النَّاسُ من آدمَ ، وآدمُ من ترابٍ[2].

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ َاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ  وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ  وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ  إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ (12) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا  إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) سورة الحجرات.

وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)سورة البقرة.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ  وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ  وَاتَّقُوا اللَّهَ  إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ المائدة: 8] ۞ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)سورة النساء.

أخلاق جديدة، تمثل انقلابًا لمنظمومة القيم، معارضة لكل ما هو سائد ومستقر من نظم اجتماعية، وسياسية، واقتصادية، مشروع مغاير تمامًا، ومصفوفة أخرى، تبديل، وتعديل، انقلاب مكتمل الأركان على تقاليد، وأعراف وتشريعات، وقيم، وأخلاق، وعقائد، تلك المجتمعات.

إنقلاب وثورة تجديد واسعة النطاق من عمل الأنبياء مهمة ألهية موكلة لهم، وسنة من سنن

الحياة، وقانون من قوانينها الأبدية، ولازمة، من لوازم التداول  المطردة في البشر[3].

التجديد دليًلا على ختم النبوة

وقد شاءت حكمة الله – عز وجل –أن تكون رسالة سيدنا محمد r ، خاتم الرسالات، عامة شاملة خالدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28) سورة سبأ). وقال أيضا:  مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40) سورة الأحزاب) . فلا أنبياء بعده، ولا رسالات، ولا كتب ولا وحى ولا تنزيلات، فماذا تفعل البشرية عند تغير العصور والأزمنة، وتطور الأحداث، واختلاف الأمكنة؟ ماذا تفعل ولا نبي بعد النبي؟

هنا أرادت المشيئة الإلهية توحيد المرجعية البشرية لهذا الدين، فكان التجديد فيه بديلا عن تتابع النبوات الذي كان في الأمم السالفة[4].وسمة أساسية من سماته، عاصمًا من الزيغ والذلل، مصححًا للإنحراف والخلل،  فقال r مطمئنًا مبشرًا برشد أمته من بعده؛ وتبؤها مهمة الأنبياء، فى الحديث الصحيح عن أبي هريرة عن رسول الله r قال: “إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها” (رواه أبو داود في سننه[5]، والحاكم في مستدركه[6]، والبيهقي في معرفة السنن والآثار[7]، وفي مناقب الشافعي[8]).

إذن التجديد سنة من السنن الألهية، وضرورة من ضرورات تطور البشرية، ونظرًا لأهميته، وتأكيدًا على ضرورته؛ تولته الأنبياء والرسل، فلما خُتمت النبوات، وانقطعت الرسالات، أوكل الله على لسان نبيه لأمته هذه المهمة، وكأنه إعلان، أو على الأقل طلب إلهى، وتكليف، لبنى آدم بالوصول لحالة الرشد، إعتمادًا على أمرين، أولهما، سر قديم أودعه الله فيهم، سر من أسراره العظيمة.

قال تعالى: ﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ [ سورة الحجر: 29] ، ففى

هذا المخلوق سر نفخه الله فيه ميزه عن سائر المخلوقات، بما فيهم الملائكة، شيئ منه سبحانه جعل ذلك الإنسان متطلع ومتمثل لصفات هذا الأله البديع، لذا أوجب الأله الأنحاء والسجود لهذا الإنسان.

أما ثانى الأمرين فهو آخر المعجزات –الكتاب- فقد كانت معجزات الأنبياء التى يدللون بها للبشرية على صدق نبوتهم، بقرة، وناقة، وعصى، معجزات حسية، فلما أراد الله للبشرية فطامًا ونضجًا، جعل معجزة آخر الأنبياء الكتاب.

فى إشارة واضحة لهذا الإنسان أنه بدأ عصر العقل، وجاء دور العلم والفكر، وأنك قد تُركت أيها الإنسان أنت والكتاب الذى تولينا حفظه، فتولى أنت فهمه، بوحى قديم أودعه الله فيك هو العقل، بعد أن أكتمل وحى السماء، وأذن الله له أن ينقطع عن الأرض بلا عودة إلى يوم يبعثون.

فلن يصحح لك أيها الإنسان، بعد اليوم نبي، ولن يكون لك بعد اليوم إمام، سوى هذا العقل أمام الكتاب المعجز، فى إشارة واضحة إلى مسؤلية الإنسان عبد البديع، عن الإبداع الامتناهى والإصلاح، والتطوير، والتجديد.

وهنا يكون محل البحث، فى مسألة التجديد الذى  بناء على ما سبق-يكون ضرورة، لا ترفًا، ولا عبثًا، فالأمة التى لا تجدد محكوم عليها بالفناء[9].

والإسلام مع التجديد-كما يقول شيخ الأزهر الشخ أحمد الطيب-ظل دينا قادرا على تحقيق مصالح الناس وإغرائهم بالنموذج الأمثل في معاملاتهم وسلوكهم بغضِ النَّظر عن أجناسهم وأديانهم ومعتقداتهم، مشيرا إلى أنه مع الركود والتقليد والتعصُّب بقي الإسلام مجرَّد تاريخٍ يُعرض في متاحف الآثار والحضارات[10].

الحضور المفاهيمي للتجديد في القرآن الكريم:

ورغم أن القرآن الكريم لم يذكر لفظة “التجديد” لا مصدرا ولا فعلا، لكننا إن تأملناه بحثًا عن الموقف الذي يتبناه ويدعوننا إليه، فسنجد فيه:

أ) إنكارا لاذعا على من يتمسكون بفكر الآباء: ويستمدون منه دليلا على الصحة، فيقول لهم في لهجة ساخرة )أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ( ] البقرة: 170[  تتكرر في آيات كثيرة، حتى إننا لنستطيع أن ننحت منها مصطلحا قرآنيا هو (الآبائية) الذي يعني فكر الآباء وعاداتهم وتقاليدهم، فلا يذكر هذا المصطلح إلا في موضع الذم والإنكار.

ب) تحذير شديد للمسلمين من الوقوع في داء الأمم قبلهم: وهو ما أُطلق عليه مصطلح قرآني آخر هو (طول الأمد)، ومعناه: الوقوف على حال واحدة مدة طويلة من الزمن، من دون مراجعة ولا تعديل ولا إضافة ولا تجديد. يجئ ذلك في نص دافئ ملؤه الحنو والإشفاق والتخوف: )أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عليهمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ( ]الحديد: 16[.

ج) دعوة صارخة إلى التغيير: تربط الواقع المعيش بالفكر الذي ينتجه: )إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا

بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ( ] الرعد: 11[  مما يعني أن البحث عن سبل الحل يجب أن يكون خارج هذا الفكر الذي أنتجها.

فالقرآن يدعو إلى “التغيير” الفعال، ويرفض “الآبائية” المطلقة، ويحذر من “طول الأمد” ركودا؛ مما يشي بمنطلقات مفاهيمية تعانق فكرة “التجديد”. وهذا مما دعا البعض لاعتبار أن مفهوم “التغيير” في القرآن الكريم ما هو إلا المقابل الموضوعي لمفهوم “التجديد”[11].

إذن نحن نحتاج إلى ذلك التجديد الإنقلابي (أى الجذرى والعميق) على حد وصف الشيخ

شلتوت[12] رحمه الله، فما هو التجديد؟ ومن المجدد؟ وما موضوع التجديد، أو ماذا سيجدد؟ وكيف سيجدد؟

فما هو التجديد

يلزمنا قبل أن نقول من المجدد، وما موضوع التجديد، وكيفيته، أن نحدد المقصود بالتجديد، وفى سبيل الوصول لذلك سنسلك ثلاثة سبل هى، معني التجديد فى اللغة، ثم المعنى فى القرآن، ثم الحديث النبوي الشريف من خلال الحديث الرئيسي عن التجديد، وذلك كالآتى:  أولًا: معني التجديد فى اللغة

– المقطوع والنقيض فهو نقيض الشيئ ونقيض الخلق والبلى والقديم[13] :

فــ(جَدَّ) الشَّيْءُ يَجِدُّ (جِدَّةً) بِكَسْرِ الْجِيمِ فِيهِمَا صَارَ (جَدِيدًا) وَهُوَ نَقِيضُ الْخَلَقِ.

– نقيض الهزل[14]. وَ(الْجَدِيدَانِ) اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ- لأنها نقيضان ولأنهما لَا يَبْلَيانِ أَبداً[15]

وَجَدَّ الشَّيْءَ قَطَعَهُ وَبَابُهُ رَدَّ.   وَثَوْبٌ جَدِيدٌ.وَهُوَ فِي  مَعْنَى مَجْدُودٍ يُرَادُ بِهِ حِينَ جَدَّهُ الْحَائِكُ أَيْ قَطَعَهُ.

حَبْلٌ {جَدِيدٌ: مَقطوعٌ[16].

والجِدَّةُ: نَقِيض البِلى؛ يُقَالُ: شيءٌ جَدِيدٌ[17].

جَدَّ الثوبُ والشيءُ يجِدُّ، بِالْكَسْرِ، صَارَ جَدِيدًا، وَهُوَ نَقِيضُ الخَلَقِ…وأَجَدَّ ثَوْباً واسْتَجَدَّه: لَبِسَه جَدِيدًا هُوَ مِنْ ذَلِكَ أَي جَدَّد، وأَصل ذَلِكَ كُلِّهِ الْقَطْعُ.

فأَما مَا جاءَ مِنْهُ فِي غَيْرِ مَا يَقْبَلُ الْقَطْعَ فَعَلَى الْمِثْلِ بِذَلِكَ كَقَوْلِهِمْ: جَدَّد الوضوءَ والعهدَ. وكساءٌ مُجَدَّدٌ: فِيهِ خُطُوطٌ مُخْتَلِفَةٌ. وَيُقَالُ: كَبِرَ فلانٌ ثُمَّ أَصاب فرْحَةً وَسُرُورًا فجدَّ جَدُّه كأَنه صَارَ جَدِيدًا. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ مُلَاءةٌ جديدٌ، بِغَيْرِ هاءٍ، لأَنها بِمَعْنَى مجدودةٍ أَي مَقْطُوعَةٍ. وَثَوْبٌ جَدِيدٌ: جُدَّ حَدِيثًا أَي قُطِعَ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا: أَبْلِ وأَجِدَّ واحْمَدِ الكاسِيَ. وَيُقَالُ: بَلي بيتُ فلانٍ ثُمَّ أَجَدَّ بَيْتًا.

– ما لا عهد لك به[18]: ولذلك وصف الموت بالجديد.

– الأصالة والانتماء والتمسك بالجذور: الجَدْ: أبو الأب وأبو الأم معروف، والجمع أجداد وجُدود، والجَدَّة أُم الأُم وأُم الأَب، وجمعها جَدّات.

– الاجتهاد[19]: قال أبو عبيد: إنما هو الاجتهاد في العمل.

– التعجب[20]: وأما إن كان من جديد في معنى فاعل، فهذا هو الذي يليق بالتعجب.

– العظمة والجلال[21].: والجَدُّ: العَظَمة. وفي التنزيل العزيز: (وَأَنَّهُ تعالي جَدُّ رَبِّنَا). قيل: جَدُّه

عظمته، وفي حديث الدعاء: تبارك اسمك، وتعالي جَدُّك. أي علا جلالك وعظمتك.

– محقق مبالغ فيه[22]: وعذابٌ جدِّ، وجادَّه في الأمر أي حاقَهُ. والمُحاقَّةٌ: المُجادَّة.

– الاستقامة[23]: وجادَّةُ الطريق سميت جادَّة لأنها خُطَّة مستقيمة وجادَّة الطريق مسلكه وما وضح منه.

– الإتقان والإحكام[24]: أجَدَّ فلان أمره بذلك أي أحكَمَه.

وحين نتامل ما سبق يمكننا القول أن التجديد فى اللغة يدور حول معان أربع هى:

1-المقطوع المنفصل عن أصله السابق، ومنه ثوب جديد أى مقطوع، فهناك أصل قطع منه وانفصل عنه مقطوع فصار شيئًا جديدًا. حتى معنى الجد يعنى الأصل الذى ينقطع عنه وينسل منه الحفيد؛ ليصير نفسًا جديدة، تشبه الجد، أو لا تشبهه بالمرة، وهو فى كل الأحوال مستقل مختلف عن جده عن الأصل الذى كان.

2-ويعطى معنى نقيض الشيئ، فالجديد نقيض الخلق والبلى والقديم، ونقيض الهزل، واللَّيْلُ وَالنَّهَارُ نقيضان، وهنا يمكن ان نستشعر معنى يتعلق الجديد بالقديم من خلاله، كالثوب الخلق والجديد، أو لا يتعلق به، بل على الضد منه، كالجد والهزل، والأبيض والأسود، والليل والنهار.

3-ومعنى أوضح وهو ما لا عهد لنا به، فهو شيئ جديد غير معهود لا نعرفه، ومنه وصف الموت بالجديد.

4-كما يعطى التجديد معنى الإتقان والإحكام، والتحقيق المبالغ فيه، وبذل الجهد ولاجتهاد؛ ليخرج شيئ سليم مستقيم، تكسوه العظمة والجلال، يعجب الناظر والرأى له.

إذن باختصار اللغة تقول لنا لفظة التجديد تبعث فى الذهن معان ثلاث هى: 1-هناك شيئ بلى وقدم وخلق سيتحول ويعود كما كان جديدًا. 2-وهناك اختلاف وانقطاع يصل إلى الضد والنقيض بين الأصل الذى نعرفه وما جد.3-وهناك جديد لا نعرفة مطلقًا ولا عهد لنا به، ولا أصل له ولا شبه بينه وبين ما سبق، جاء ببذل بجهد واستدعاء وطلب يتوسله.

ثانيًا: التجديد في القرآن الكريم.. محاولة الوصول للمصطلح:

سنحاول هنا البحث عن المراد بالتجديد من خلال التماس المعنى فى القرآن الكريم، وحينما نتصفح آيات الذكر الحكيم، سنجده استخدم مادة جدد، كالآتي:

سورة الرعد: 5: ) وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (.

سورة إبراهيم: 19: ) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (.

سورة الإسراء: 49، 98: ) وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا )، ( ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (.

سورة السجدة: 10: ) وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ (.

سورة سبأ: 7 : ) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (.

سورة فاطر: 16، 27 : ) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (.

)أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ(. (27)

سورة ق: 15 : ) أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (.

سنلاحظ مما سبق أن القرآن لم يأت فيه ذكر للفظ جدّد أو لفظ التجديد، وإنما جاءت فيه كلمة جديد.

لكن هناك من استجلى معنى للتجديد من مفاهيم أفكار الآيات السابقة، فعلى سبيل المثال[25]: في قوله تعالي:

) وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا . قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا . أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إليك رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا ( ]سورة الإسراء الآيات 49-51[.

فهؤلاء يقولون إنهم لن يكونوا خلقا جديدا، أو بعبارة أخرى لن يجدد خلقهم بعد أن يبلوا ويصيروا عظاما مفتتة مكسرة – والرفات في اللغة هو ما تكسر وبلى من كل شيء – فيقول الله عز وجل ) قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا ( أي لو كنتم حجارة أو حديدا لأعادكم كما بدأكم ولأماتكم ثم أحياكم.

ونفس الأمر يقال في قوله تعالى: ) أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ( ] ق :15 [. فهذا توبيخ لمنكري البعث، يقال: عييت لأمر إذا لم تعرف وجهه، فالله عز وجل لم يعجز عن خلق الناس أول مرة ، فكيف يعجز عن إحيائهم ثانية ) بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ( أي في حيرة من البعث.

ففيما سبق إشارة إلى مراحل ثلاث: خلق أول وحياة أولى، ثم موت وبلي، ثم بعث وإحياء، وإعادة وتجديد، فإذا الخلق: (خَلْقٍ جَدِيدٍ).

أما قوله تعالى فى سورة إبراهيم: 19: ) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (. وقوله: ) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ( سورة فاطر16. وقوله أيضًا: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ(. (27) فإنها تعطى معانى مغايرة للمعانى السابقة، فإن كانت المعانى هناك، أحياء وتجديد لنفس الخلق، إلا أنه هنا خلق جديد

مختلف عن الخلق الأول، فلا رابطة بينه وبين الخلق الأول، سوى وحدة الجنس، مع الاحتمال أنه قد يكون الخلق الجديد من جنسه، وقد لا يكون من جنسه بل مغاير لا عهد لنا به له، فإن كان من جنسه كالجبال المذكورة فى الآية 27 من سورة فاطر فهى مختلفة أختلافًا يصل إلى حد التناقض فهى جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ.

ثالثا: كلمة تجديد في الحديث النبوي:

لكى نستطيع أن نحدد معنى التجديد فى الأحاديث النبوية علينا أن نحصى هذه اللفظة فى كافة أو جل الأحاديث النبوية؛ لنعرف هل قصرت الأحاديث وحصرت معنى التجديد فى أحد المعانى اللغوية الثلاث أم تماهت معها كما فعلت الآيات القرآنية، وكان المعنى  حسب المناسبة ومن ثم تبقى المعانى الثلاث قائمة، ولصعوبة حصر الأحاديث، يصعب القول، إلا أن بعض الباحثين أختار عدة أحاديث ليبين أو يستنتج منها معنى التجديد، كالآتى[26]:

الحديث الأول: قال r: “إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله تعالي أن يجدد الإيمان في قلوبكم”[27]. فهنا ثلاثة حالات للإيمان: إيمان قد دخل قلب صاحبه واستقر فيه، ثم هو لا يستمر على حالة واحدة، بل هو ينقص ويخلق مثل الثوب الذي يبلى ويخلق، ثم هو يرجى بالدعاء أن يتجدّد في القلب بأن يعود إلى مثل حالته الأولى أو أفضل.

الحديث الثاني: قال رسول r: “جددوا إيمانكم، قيل: يا رسول الله وكيف نجدد إيماننا؟ قال: أكثروا من قول لا إله إلا الله”[28]. يشار هنا إلى أن تجديده يكون بالإكثار من قول لا إله إلا الله، إذ إن شهادة أن لا إله إلا الله هي علامة الإيمان، وكلما أعاد المرء هذه الشهادة أعاد تأكيد ما دخل في قلبه أول مرة.

الحديث الثالث: عن النبي r أنه قال: “ما من مسلم ولا مسلمة يصاب بمصيبه فيذكرها وإن طال عهدها (وفي رواية قدم عهدها) فيحدث لذلك استرجاع، إلا جدّد الله له عند ذلك فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب بها”[29]. وهذا الحديث عن مسلم أو مسلمة أصيب بمصيبة، ولكنه صبر عليها واسترجع حين وقوعها قائلا (إنا لله وإنا إليه راجعون)، وبعد أن مضى عليها وقت ذكرها، فإذا أحدث عند ذكرها استرجاعا وجدده شكر الله له صنيعه ذلك وجدد له الثواب، وعاد إلى إعطائه مثل ما أعطاه من أجر يوم أصيب بها. ومن ثنايا المعاني التي يشير إليها هذا الحديث نلمح معنى التكرار والإعادة الذي يتضمنه تجديد الثواب كلما أعيد الاسترجاع .

الحديث الرابع: عن رسول الله r قال: “لا تسبوا الدهر، فإن الله عز وجل قال: أنا الدهر، الأيام والليالي لي أجددها وأبليها وآتي بملوك بعد ملوك”[30]. وفي هذا الحديث يرد لفظ تجديد الأيام والليالي، فالأيام والليالي تذهب وتعود، فكلما ذهب يوم فقد بلى، وكلما عاد يوم مثله فقد تجدد.

الخلاصة :

والحقيقة أن الأختيار السابق رغم عدم شموله وإحاطة، إلا أنه يؤكد أحد معانى التجديد،

المناسب لسياق الحديث الذى وضع له، لكنه لا ينفى فى المقابل المعانى الأخرى، ولا حتى يضعفها، ولا يقدم حصرًا ولا قصرًا؛ ومن ثم تبقى الثلاث معانى اللغوية قائمة، خاصة وأن الآيات القرآنية أقرتها وأكدتها، وكانت واضحة فى تناولها، مناسبة فى مواضعها، وهذا يعززها، ويقويها، ويجعلها فاعلة قائمة مطروحة.

فالتجديد إذن يكون لشيئ بلى وخلق، يعود كما كانف جديدًا. أوشيئ مختلف اختلافًا منقطعًا عن الأول انقطاعًا يصل إلى حد الضد والنقيض بين ما نعرفه وما جد. أوشيئ جديد لا نعرفة مطلقًا ولا عهد لنا به.

 

 قائمة المراجع:

[1]– انظر: فقه السيرة النبوية، محمد سعيد رمضان البوطي، ص51- 55، ط:. دار الفكر، دمشق، سورية، ط10، 1991م.

[2] -انظر: شرح الطحاوية | الصفحة أو الرقم : 361 | خلاصة حكم المحدث : صحيح.

[3]-انظر: مدخل إلى سنن الصيرورة الاستخلافية على ضوء نظرية التدافع والتجديد، الطيب برغوث،، ص14، 15، ط: مركز الراية للتنمية الفكرية، سوريا، ط1، 1984م.

[4] انظر: التجديد والآخر، السيد محمد عبد النبي، ص122، ط: الهيئة العامة للكتاب، مصر، ط1، 2022م.

([5])  أبو داود: 31 – كتاب الملاحم، باب ما يذكر في قرن المائة، رقم 291.

([6])  المستدرك: كتاب الفتن والملاحم، 4 / 522 ،ط: دار الفكر.

([7]) معرفة السنن، للبيهقي، 1 / 137 ، تحقيق : سيد احمد صقر، ط: المجلس للشئون الإسلامية بالقاهرة .

([8]) مناقب الشافعي ، للبيهقي ، 1 / 53 ، تحقيق : احمد صقر ، ط : دار التراث .

[9] -انظر ما قالفه شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب فى  كلمته بمؤتمر الأزهر العالمي حول “تجديد الفكر والعلوم الإسلامية”، حيث أكد على  أن وضع المسلمين، بدون التجدد الديني، سيؤول إلى التدهور السريع والتغـير إلى الأسوأ في ميادين الحيــاة.

[10] – كلمة شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب فى  كلمته بمؤتمر الأزهر العالمي حول “تجديد الفكر والعلوم الإسلامية”، انظر تقرير موقع العربية فى ذلك تحت عنوان: الطيب: تجديد الخطاب الديني قانون قرآني لتغيير حياة البشر.

ويمكن رؤيته على الرابط التالى

 

[11] انظر: تجديد الدين.. مفهومة ضوابط آثاره، جائزة نايف بن عبد العزيز، الدورة الثالثة، تأليف محمد حسانين حسن حسانين، ص103 ط1، 2007م.

[12] -انظر: ورد هذا التعبير على لسان الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر فى مؤتمر الثقافيين يوم 24 أغسطس عام 1958م!! راجع فى ذلك كلمته أمام المؤتمر: الشيخ شلتوت .. إمام في الاجتهاد والتجديد د. محمد عمارة ص63 : 64 ،ط: دار السلام.

[13] – انظر: مختار الصحاح لزين الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي (المتوفى: 666هـ)، تحقيق:يوسف الشيخ محمد، (ص: 54)ط: المكتبة العصرية – الدار النموذجية، بيروت – صيدا-الطبعة: الخامسة، 1420هـ / 1999م.

[14] – لسان العرب محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (المتوفى: 711هـ) (3/ 112) ط: دار صادر – بيروت- الطبعة: الثالثة – 1414 هـ.

[15] – لسان العرب (3/ 111).

[16] – تاج العروس، محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (المتوفى: 1205هـ) (7/ 475)ط: الناشر: دار الهداية.

[17] – لسان العرب، (3/ 111)

[18]– لسان العرب (3/ 112).

[19] – لسان العرب (3/ 107)

[20] – لسان العرب (3/ 108)

[21] – لسان العرب (3/ 108).

[22] – لسان العرب (3/ 112).

[23] – لسان العرب (3/ 108).

[24] – لسان العرب (3/ 113)

[25] – انظر: مفهوم تجديد الدين ، بسطامى محمد سعيد خير، ص 14: 16 ، ط: مركز التأصيل للدراسات والبحوث، جدة – المملكة العربية السعودية، الطبعة: الأولى، ١٤٣٣ هـ – ٢٠١٢م.

[26] انظر: مفهوم تجديد الدين ، بسطامى محمد سعيد خير، ص 15: 17.

([27])  رواه الطبراني عن ابن عمر بن الخطاب بإسناد حسن و رواه الحاكم عن ابن عمرو بن العاص و رواته ثقات و قال العراقي : حديث حسن من طريقيه ، انظر الجامع الصغير للسيوطي ص 133 ، و فيض القدير للمناوي ج/2 ص  324.

([28])  مسند  الإمام أحمد ج / 2 ، ص 359 .

([29])المصدر السابق،  ج / 1 ، ص 201

([30]) المصدر  السابق ج / 2 ، ص 496

    اقرأ ايضا

    المزيد من المقالات

    مقالك الخاص

    شــارك وأثــر فـي النقــاش

    شــارك رأيــك الخــاص فـي المقــالات وأضــف قيمــة للنقــاش، حيــث يمكنــك المشاركــة والتفاعــل مــع المــواد المطروحـــة وتبـــادل وجهـــات النظـــر مــع الآخريــن.

    error Please select a file first cancel
    description |
    delete
    Asset 1

    error Please select a file first cancel
    description |
    delete