ما وراء الأصول: الجزء الأول…التأسيس والتطور

تكوين

أولاً: الموضوع، والحالة الراهنة للمبحَث

لم يستعمل قدماء المسلمين بطبيعة الحال مثل هذا التعبير “ما وراء الأصول”، غير أننا نحتاج في الفكر العربي المعاصر إلى البحث في المفاهيم، والنظريات، والمناهج المؤسسة للثقافة الإسلامية بطول تاريخها. ومن أهم مناطق البحث في هذا المجال علم أصول الفقه على ما له من أهمية منهجية بين العلوم الإسلامية. ويرتكز علم أصول الفقه –كأي علم- على مفاهيم أساسية، هي التي يبنَى عليها. وأهم تلك المفاهيم مفهوم الأصل.

علم أصول الفقه

من جهة أخرى ليس مفهوم الأصل قاصرًا على علم أصول الفقه؛ فهو كذلك حاضر في علم أصول الدين، وفي “محاولات” القدماء والمحدثين لتأسيس علم لأصول التفسير. وهذا ما يحدو المرء ليستكشف هذا المفهوم، الذي هو من أهم مفاهيم الحضارة الإسلامية، إذا اعتبرنا العلوم الإسلامية نواةَ هذه الحضارة الأساسية، والتي قام عليها فهم المسلمين للنص القرآني، والسنة، وبالتالي تكون لديهم منظور للعالَم قبل وفود التراث اليوناني القديم المترجَم. وربما جازت من حيث المبدأ مقارنة هذا المفهوم –على ما له من مركزية- مع مفاهيم مركزية مقابلة في الحضارة الهللينية والهللينستية كاللوجوس، والغنوص. وربما أمكن القول أن مفهوم الأصل ذو أهمية مقاربة في الدرجة للأهمية التي يتمتع بها اللوجوس، أو الغنوص مع اختلاف المعنى، واختلاف السياق.

وليس البحث في “ما وراء الأصول” جديدًا كل الجدة؛ فالمعنيّ بهذا التعبير استكشاف أصول الأصول. وقد بحث القدماء في أصول الأصول؛ كما نجد في نظرية المقاصد في أقصى تطور لها –قبل العصر الحديث- على يد أبي إسحق الشاطبي (ت 790 هـ)، في صياغته المسهبة لنظرية المقاصد. بحث الشاطبي في ما وراء الشريعة، في الأسس التي بُنيتْ عليها، وهو ما يختلف عن الصياغة التقليدية قبله، والتي اكتفت بتوظيف المقاصد للترجيح في حالة المصالح المرسلة، كما نجد عند الجويني (ت 478 هـ)، والغزالي (ت 505 هـ)، وغيرهما. بل قد تعمّق بحث الشاطبي إلى الحد، الذي تساءل معه ضمنيًا عن أصل الأصول الخمسة (الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال)، وقد استنبط أن أصل الأصول الخمسة هو الدين؛ فهو الذي لأجْله تهون النفس، الأصل الثاني مباشرة بعده، وتهون في سبيل بقاء النفس بقيةُ الأصول الخمسة.

وإلى جوار نظرية المقاصد، بما هي بحث في أصول الأصول، نجد الصياغات المتعددة لنظرية الحق، وإنْ لم يطلَق عليها هذا الاسم. نجد بحث أبي زيدٍ الدبُوسِيّ (ت 430 هـ) في الواجبات، والمحرمات العقلية، والشرعية، وهو تصور مبدئي لنظرية الحق.[1] ولكن التصور الأكثر تحديدًا لنظرية الحق قام به فخر الإسلام البزدوي (ت 482 هـ)،[2] وهي الصياغة التي استمرت بعده، والتي نجدها مثلاً عند العز ابن عبد السلام (ت 660 هـ)،[3] وعبد العزيز البخاري(ت 730 هـ).[4] وتحتل نظرية الحق مستوًى أعمقَ من مستوى نظرية المقاصد؛ فإذا كانت المقاصد هي العلل البعيدة للشريعة، فإنها ولا بد تتعلق بحقوق لله وللآدميين؛ فلا معنى لنسق تشريعي لا يقوم على حفظ الحق. ونظرًا لأن منهجية استنباط المقاصد عند الشاطبي -بما هو صاحب الصياغة الشاملة للمقاصد- اعتمَدت على استقرائها من الأحكام، فقد انقطع عليه الطريق للتوصل إلى أصول أبعد من أصل الدين، يمكن اكتشافها بالبداهة العقلية، كالحقوق الإنسانية الطبيعية.[5] أما هذا الطرح الحالي فيذهب أعمق من كل هذه المستويات إلى بحث مفهوم الأصل ذاته، وفي ذاته.

يعني كل ما سبق أن بحث ما وراء الأصول ليس جديدًا، وليس دخيلاً، وليس زائدًا عن الحاجة. يمكن القول إنه من صميم علوم الأصول عند المسلمين. وإذا كانت علوم الأصول عند المسلمين قد حققتْ هذا التقدم والتعمُّقَ، فإن بحث مفهوم الأصل –كما نرى- ذو أهمية بالغة، وذلك إلى الدرجة التي تجعلنا نتساءل: ولماذا لم يبحثه القدماء، وهم الذين تعمقوا في فهم العقيدة والشريعة إلى هذا الحد؟ والإجابة أنهم بالفعل وضعوا مصطلح الأصل، وبحثوا أصله اللغوي، وكيف يطلَق مجازًا، وكيف يطلَق حقيقةً، كما سنرى، ولكن بحثهم -كما سنرى أيضًا- لم يتجاوزْ هذه الحدود السابقة بشكل مباشر. ومن هنا أهمية موضوع هذه المقالة للوقوف على “مفهوم” للأصل في أصول الفقه.

وتكتسب قضية الطرح الحالي أهميتها كذلك من أهمية علم أصول الفقه نفسه؛ فهو منهجية استنباط الأحكام الشرعية من النصوص والوقائع. نريد القول إن الطرح الحالي ليس أصوليًا بحتًا، وإنما هو بحث فلسفي في هذا العلم، يحاول بلورة ذلك المفهوم، الذي قام عليه العلم، بما له من أهمية منهجية بين العلوم الإسلامية. ويمكن النظر إلى علم أصول الفقه في ضوء فلسفة القانون بالمعنى الدقيق للكلمة، وهو كذلك ما توصل إليه بعض القانونيين المحدثين؛ فقد جاءت الشريعة الإسلامية في سياق تاريخي، استقر فيه البحث القانوني فعلاً على أيدي فقهاء القانون من الفرس، واليونان، والرومان، “ولكن فقهاء الشريعة الإسلامية امتازوا على الرومان –وعلى غير الرومان من الأمم التي تفوقتْ في القانون- بوضع علم أقرب ما يكون لعلم أصول القانون، هو علم أصول الفقه […] وهذا العلم يميز الفقهَ الإسلاميَّ عن أي فقهٍ آخَر”.[6] وهو إشارة إلى أهمية أصول الفقه بما هو أصول قانون.[7]

وقد حاولنا العثور على دراسات سابقة مخصصة لهذا المفهوم، وشاملة بقدر الممكن لمصادر أصول الفقه، لكن البحث في هذه القضية لم يكن من أولويات الفقهاء والأصوليين والفلاسفة لأسباب عدة، ربما كان من أهمها نوعان من الأسباب: أولاً: أنَّ الأصولي لا يتفرع في هذه المسائل النظرية، وإنما يستهدف منهجية استنباط الأحكام بالدرجة الأولى، وبالتالي يستعمل المصطلح في حدود التواضع الاصطلاحي، غير معنيٍّ ببلورة المفهوم فلسفيًا، وثانيًا: أن الفلاسفة المحدثين لم يهتموا غالبًا بالعلوم الإسلامية على هذا المستوى من التنظير والعمق، الذي قد يبدو لهم زائدًا عن الحاجة، كما أن منهم من لم يلتفت إلى العلوم الإسلامية، وربما لم يفهم دورَها الأساسي في تشكيل وعي المسلم بعالمه. وسنجد تعبير “ما وراء تأسيس الأصول” في دراسات المحدثين،[8] لكنه يختلف عما نعنيه في هذا المقام؛ فما وراء تأسيس الأصل يختلف عما وراء الأصل. ما وراء تأسيس الأصل يبحث عن “عملية”، “صيرورة” تاريخية-اجتماعية، تسببت في “التأسيس” للأصل، أما “ما وراء الأصل” فيبحث في الأساس، لا التأسيس، يبحث في النظرية، لا التاريخ.

وقد رأينا أنْ نقسم البحث في مفهوم الأصل إلى ثلاثة مقالات بعنوان عام هو “ما وراء الأصول”، بحيث يتعرض المقال الأول للتأسيس والتطور، والثاني للبنية، والثالث للمقارنة بين مفهومَي الأصل والقانون.

ويستعمل الأصوليون لفظ “الأصل” مجازًا في السياق الاصطلاحي؛ فالأصل “حقيقةٌ في الناميات، مَجازٌ في غيرها”.[9] ما يعني أن “الأصل” على الحقيقة هو جِذر ما ينمو من الأشجار وما شابه، وهو مجازًا ما يقوم عليه الشيءُ، أو ما يتفرع منه الشيءُ، أو ما يتكون من مادّته.[10] وقد استعمل القرآنُ اللفظ بمعناه الحقيقي {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} (إبراهيم- 24) وقد استعمل الأصوليون اللفظ في ارتباط بطبيعة الحال بمعناه اللغوي للدلالة على “الأساس النظري”، الذي تتفرع منه النظرية، والذي تقوم هي عليه. وفي المعاجم الاصطلاحية تُطلَق كلمة الأصل للدلالة على:

1- الأساس: فهو “ما يُبتنى عليه غيره”،[11] أو “ما يُبنى عليه”،[12] أو “ما يُبتنى عليه غيره من حيث إنه يُبتنى عليه غيره”.[13]

2- الجوهر: وذلك في مقابل ما يقوم عليه، وما يقوم عليه الشيء عمومًا هو جوهره، ويطلق هذا في مقابل العرض.[14]

3- الثابت: ما لا يتغير في مقابل المتغير، فهو “ما هو دائم في الأشياء التي تتغير”.[15] وهو “لا تتغير ذاتيته”.[16]

4- المصدر أو العلة: وهذا المصدر قد يكون ماديًا (العلة المادية)[17] أو زمنيًا حين يتعلق بفِعلٍ (العلة الفاعلة)، أو صوريًا حين يتعلق بما يقاس عليه مثل القاعدة الكلية في أصول الفقه[18] (العلة الصورية)، أو غَرَضِيًّا كما يستعمله الشاطبي في المقاصد (العلة الغائية).[19]

5- الحالة الأصلية: كأنْ يقال “الأصل في الماء الطهارة، والأصل في الأشياء الإباحة”.[20]

6- الدليل والمستصحب والقاعدة الكلية والراجح: وذلك في أصول الفقه.[21]

7- المستنَد والمرجِع.[22]

ولا تشمل هذه القائمة كافة استعمالات الأصوليين بطبيعة الحال، ولكنها خلفية استرشادية، نرى فيها بوضوح العلاقة بين المعنى اللغوي، والمعنى الاصطلاحي. فالمعنى اللغوي هو مَنْبَت الشيء، ماديًا كان، أو صوريًا، أو سببيًا، أو غائيًا. قد يكون أصل الشيء، كأصل القانون مثلاً، الغاية التي وضِع لأجلها. وقد يكون أصلُ التشريع النصَّ، الذي تفرع هو منه. وقد يعنَى بالأصل الحالة الأوّلية للشيء، أو ما هو دائم في الشيء المتغيِّر، وكلها استعمالات مجازية. ولما كان التشريع الإسلامي مبنيًّا على عمادين أساسيين: النصوص، والوقائع، بحيث تشمل “الوقائع” في هذا السياق المصالح الضرورية الكلية، والمقاصد، والحقوق، واستصحاب الحال، وهي التي نظَّرَ لها الأصوليون كما سبق ذكره لدى الشاطبي، ومن قبله الباقلاني، والجويني، والغزالي، والبزدوي، وابن عبد السلام، وغيرهم، فقد جاء تعبير “الأصل” ليدل على المعنيين معًا بشكل عام: فالأصل في أصول الفقه تارةً هو “الدليل” بمعنى النص، أي مصدر القانون، وتارة هو المصلحة، أو الحال، وهي نتيجة القانون، تارةً إيجابًا كالمصلحة التي يراعيها الشرع بالأمر والاستحسان، وتارة سلبًا كالحال المستصحبة، التي يُبيحها التشريع، أو يسكت عنها درءًا للإيغال في التفريع.[23] والأصل قد يكون زمانيًا، أي يفهَم في السياق الزماني بمعنى الحالة التي “كان” عليها الشيءُ، وقد يكون لا-زمانيًا، حين نقول “أصول العبادات”، بمعنى أدلتها النصية، أو بمعنى المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نسق نظري ما، كما في حالة المقاصد.

ثانيًا: مراحل التأسيس والتطور

1- مرحلة التأسيس

في هذه المرحلة، التي انشغل فيها الأصوليون بتأسيس العلم، وحتى استقرار العلم، لم يحظَ لفظ الأصل بتعريف لغوي أو اصطلاحي واضح. وهو أمر طبيعي في المراحل التأسيسية من العلوم. وحين استقر العلم، وتفرّع، بدأ لفظ الأصل كمصطلح في التبلور. وتمتد هذه المرحلة من محمد بن إدريس الشافعي (ت 204 هـ) حتى القاضي النعمان بن محمد (ت 351 هـ)، أي بما يستغرق الفترة من أواخر القرن الثاني الهجري ومطلع الثالث، إلى ما بعد انتصاف القرن الرابع. ونظرًا لأن مصطلح الأصل لم يكن متبلورًا في هذه المرحلة، فإننا سنعتمد على التحليل الدلالي للنصوص لاستنباط المعاني. ومن المختلَف عليه في العصر الحديث كون الشافعي مؤسسًا لهذا العلم. وهو موقف ذو وجاهة؛ إذ نرى رسالة الشافعي وكأنها حصيلة عمل تراكمي، أدَّى إلى تبلور هذا العلم بهذه الدرجة، وبحيث يصعب تصوُّرُ أن العلم نشأ متبلورًا فجأة؛ فهو مما يخالف طبيعة العلم التراكمية.[24]

يقول الشافعي: “ومنهم من قال لم يسن سنةً قط إلا ولها أصل في الكتاب، كما كانت سنته؛ لتبيين عدد الصلاة وعملها على أصل جملة فرض الصلاة”.[25] ويقول: “وكان في نهيه عن الجمع بينهما دليل على أنه إنما حرم الجمع وأن كل واحدة منهما على الانفراد حلال في الأصل وما سواهن من الأمهات والبنات والعمات والخالات محرمات في الأصل“.[26] ويتضح في الاقتباسينِ المعنيانِ اللذان للفظ الأصل لديه: فهو في الاقتباس الأول نص الشريعة “أصل في الكتاب”، وهو في الاقتباس الثاني بمعنى المنشأ، أو الحالة الأصلية للقانون “حلال في الأصل”، أي حلال في أصل الشريعة قبل الاجتهاد فيها. ويرد لفظ “أصل” في الرسالة مفردًا وجمعًا أربعًا وعشرين مرة.[27] وهذا لا يشكِل حضورًا قويًا قياسًا إلى حجم المصنف، مما يدل على عدم تبلور مصطلح الأصل بعدُ في هذه المرحلة، كما يدل على قلة تنوُّعِ استعمال اللفظ، هذا التنوع الذي سنجده في المراحل التالية.

والمصنف التالي البارز تاريخيًا هو “إثبات العلل” للحكيم الترمذي (أبو عبد الله محمد بن علي) المتوفى بين 295-320 هـ. لا يستعمل الحكيم الترمذي لفظة الأصل غالبًا، فإذا جاءت فقد جاءت عفوًا كما في قوله مثلاً: “حتى يصل الماء إلى أصل كل شعرة”؛[28] ربما لكونه صوفيًا لا أصوليًا، لكن “العلل” –استنباطًا- لا بد من أن تكون أصولاً بمعنى الأصل النظري، كما في “علة الإقرار بالتوحيد” مثلاً.[29] فإذا قلنا “أصل الإقرار بالتوحيد” فإننا نعني ضمنًا علته. وغالبًا ما يقدم الحكيم الترمذي تعليلاً ميتافيزيقيًا للأحكام، فمثلاً يرى أن علة الطهارة والوضوء هي إزالة النجس المتوارَث منذ آدم، حين دنَس جوفه بالأكل من الشجرة المحرمة.[30] ورغم أن المصنف مقلّ في استعمال اللفظ، فإنه ككل يوضح –بتأويل غير متعسِّف- معنى الأصل بما هو علة. وهو من معاني الأصل الواردة. وما نستنتجه كذلك أنه نظرًا لعدم تبلور مصطلح الأصل بعد في تلك المرحلة بحسب ما توافر لنا من مصادر، لم يستعمل الترمذي المصطلح الأصولي، كما سنجد في المراحل التالية.

فإذا انتقلنا إلى أبي الحسن عبيد الله بن الحسين الكرخي البغدادي الحنفي المتوفى سنة 340 هـ صاحب “أصول الكرخي”، لوجدنا في مؤلفه المذكور كثافة ملحوظة لاستعمال لفظ “أصل”. يبدأ الكرخي فقرات مصنفه بعبارة “الأصل أنَّ..”، فيقول مثلاً: “الأصل أن النص يحتاج إلى التعليل بحكم غيره لا بحكم نفسه.[31] ويقول: “الأصل أن أمور المسلمين محمولة على السداد والصلاح حتى يظهر غيره”.[32] يقول: “الأصل أن الظاهر يرفع الاستحقاق ولا يوجب الاستحقاق”.[33] ويقول: “الأصل أن المرء يعامَل في حقّ نفسه كما أقر به، ولا يصدق على إبطال حق الغير ولا بإلزام الغير حقًا”.[34] يقول: “الأصل أن الاحتياط في حقوق الله تعالى جائز، وفي حقوق العباد لا يجوز”.[35] وتدل الكثافة النسبية لاستعمال اللفظ على استقرار المفهوم. لكن المفهوم لديه لا يشمل كل معانيه، فهو يعني الأصل في التشريع، أي النص فيه. لكن قوله المقتبس السابق “الأصل أن أمور المسلمين محمولة على السداد والصلاح حتى يظهر غيره”،[36] يدل على البعد الاجتماعي في أصول الحنفية، وهو الذي سيتوسع فيما بعد كما سنتطرق في المراحل القادمة. “الأصل” في جملته السابقة غير منصوص مباشرةً، وإنما استنتجه استقراءً من أحكام الشريعة، مما يعني أن الأصل لدى الحنفية ليس النص فحسب، وإنما ما يستنبط منه كذلك، ويقاس عليه.

والنموذج التالي من الحنفية أيضًا، هو نظام الدين أبو علي أحمد بن محمد بن إسحاق الشاشي (ت 344 هـ)، صاحب “أصول الشاشي”. ويظهر لديه معنى جديد من معاني الأصل، هو المقدمة الكبرى في القياس الفقهي (الأصل- الفرع- العلة- الحُكم).[37] ولكنه يناقش كذلك قضية المجاز في سياق مسألة القياس: “اعلم أن الاستعارة في أحكام الشرع مطردة بطريقين: أحدهما لوجود الاتصال بين العلة والحكم، والثاني لوجود الاتصال بين السبب المحض والحكم، فالأول منهما يوجب صحة الاستعارة من الطرفين، والثاني يوجب صحتها من أحد الطرفين وهو استعارة الأصل للفرع”.[38] وهو يدل على معنى مختلف للأصل، هو الحقيقة اللغوية في مقابل المجاز. كما يظهر معنى الأصل بما هو حكم من أحكام الوضع، حين يقول “ولا يسقط أصل النية لأن الإمساك [في رمضان] لا يصير صوما إلا بالنية”.[39] فالنية “شرطٌ” للصوم. ويقول كذلك: “ثم الأصل في هذا الباب [القضاء] هو الأداء كاملًا كان أو ناقصًا”.[40] والأصل هنا بمعنى العزيمة، أي كذلك حكم من أحكام الوضع.[41]

فإذا انتقلنا إلى أصول الإسماعيلية، وهو المصنف التالي تاريخيًا في مصادرنا، لوجدنا غيابًا ملحوظًا لتنظير الأصل، أو استعمالاته السابقة: بما هو علة، أو مقدمة القياس الكبرى، أو الحقيقة اللغوية. يُبطل القاضي النعمان بن محمد الإسماعيلي (ت 351 هـ) في “اختلاف أصول المذاهب” القياسَ والنظر والاعتبار.[42] ويفنّد حجج القائلين بالقياس.[43] وينكر الاستحسان.[44] وينكر التحسين والتقبيح العقليين في الشرائع.[45] وبهذا ينحصر “الأصل” لديه في الأخبار. وهكذا نجد في إبطال آليات الاجتهاد كالقياس والاستحسان تحديدًا لنطاق المعاني، التي قد يشملها مفهوم الأصل.

2- مرحلة استقرار المصطلح

وهي المرحلة التي استقرت فيها معاني المصطلح السابقة في المذاهب الأربعة. ولهذا فهذه المرحلة على اختصارها تشمل تنوعًا أكبر في المذاهب، كما يتطرق إليها الجدل الكلامي بين المعتزلة والأشاعرة. ويبرز فيها لأول مرة فيما توافر لنا من مصادر تحديد مصطلح الأصل، فقد تبلور المعنى وتحقق له التواضع الاصطلاحي. وهذه المرحلة تمتد من الجصاص الحنفي (ت 370 هـ) وحتى العكبري الحنبلي (ت 428 هـ).

نقرأ في “الفصول في الأصول” لأحمد بن علي الرازي الجصاص (ت 370 هـ): “والمجاز هو المعدول به عن حقيقته والمستعمل في غير الموضوع له في أصل اللغة”.[46] وكذلك: “نصصتُ الحديث إلى فلان بمعنى أني أظهرتُ أصلَه ومخرجَه”.[47] وهو يدل على معنى الأصل كحقيقة لغوية في مقابل المجاز. كما نجد هنا للمرة الأولى تعبير “أصل اللغة”، بمعنى حقيقتها دونَ مجازها. وهو تعبير سيتكرر لاحقًا بطول تاريخ أصول الفقه اللاحق كما سنرى. و”أصل اللغة” تعبير مجازي يعني مَنْبتها ومنشأها على حالتها الأولى قبل أن يدخل إليها الاستعمال المجازي. وهو تعبير مشكل؛ فكيف نعرف أصل اللغة دون بحث تاريخي مدقق في أصول اللغة العربية، التي تمتد في الماضي إلى حد لم يصل إليه التوثيق التاريخي؟ (انظر الخاتمة)

ويقول أبو الحسن علي بن عمر البغدادي ابن القصار (ت 397 هـ) المالكي في “مقدمة في أصول الفقه”: “وقد رأيتُ أن أقدم لكم بين يدي المسائل جملةً من الأصول التي وافقتُ عليها من مذهبه [أي مالك بن أنس المتوفى في 179 هـ]”.[48] ويدل هذا على تحدد معنى “الأصول” في “أصول الفقه”؛ فهي مقابل الفروع. يقول في هذا المعنى كذلك: “أعني علمَ أصوله ومسائل الخلاف من فروعه”.[49] وهو كذلك يعني بالأصل النصوص: الكتاب والسنة والإجماع.[50] كما يشمل الأصل لديه ما يقاس على النصوص.[51] وهو يشمل كذلك المنبت والمنشأ: “وأما سنة رسول الله (ص) فأصل ذلك في كتاب الله”.[52] وهو معنى يشمل كل الأصول السماعية: “فهذه أصول السمع، وأصلها كلها في الكتاب”.[53] وهو يعني لديه الحالة الأوّلية: “وذهب القاضي أبو الفرج المالكي إلى أنها على الإباحة في الأصل”.[54] وهو يدل أيضًا على الحال المستصحبة: “فهو على أصل حُكمه في العقل”.[55]

ونجد تبلورًا أكبر للمصطلح عند الباقلاني (أبو بكر محمد بن الطيب) ت 402 هـ، الأشعري الشافعي في “التقريب والإرشاد”. يقول: “فأما أصول الفقه فهي العلوم التي هي أصول العلم”.[56] وهو تعريف لأصول الفقه يوضح كون الأصل “علم العلم“، أو “ما وراء العلم“. وهو في سياقه “ما وراء الفقه” تحديدًا. ويقول في ذلك المعنى: “يجب أن تكون العلوم، التي تُبنَى عليها العلوم بالفقه، هي أصول الفقه، وأن تكون الأدلة، التي يتوصل بالنظر فيها إلى العلم بأحكام أفعال المكلفين، أصولَ العلم بها”.[57] كما يستعمل الأصل كذلك بمعناه في القياس مقابل الفرع.[58] هكذا خطى “الأصل” خطوة كبيرة في تبلور مفهومه ليصير “علم العلم”: العلوم التي تُبنَى عليها العلومُ.

ولكن المصطلح يزداد تحددًا مع ابن فورك (أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك الأصبهاني) ت 406 هـ، الأشعري الشافعي. يحدد ابن فورك معنى “علم أصول الفقه”: “حد أصول الفقه: كل دليل قاطع شرعي دل على حكم شرعي نصًّا”.[59] ويحدد معنى “الأصل”: “حد الأصل: هو ما يبنَى علمُ غيره عليه”.[60] هكذا نرى كيف أرهص المعتزلة بالمفهوم، ثم طوره الأشاعرة في صيغة نظرية واضحة. ولكنّ المعتزلة المعاصرين لابن فورك، وأبرزهم ربما هو القاضي عبد الجبار المعتزلي (ت 415 هـ)، استعملوا “الأصل” دون تحديد بهذا الوضوح. يستعمله القاضي عبد الجبار ليدل على المنشأ، والصورة الأولية: “وقد يكون هذا الوجه شبهةً في نفسه، وقد يصير مقويًّا ومادة لشبه أصحاب النظر إذا رجعوا فيما اعتقدوه في الأصل إلى شبهة”،[61] وذلك في معرض مناقشته لمسألة الآلام. وتنتهي هذه المرحلة بالعُكبَريّ (الحسن بن شهاب) ت 428 هـ، الحنبلي، ومصنفه: “رسالة في أصول الفقه”. وهو يعرف الأصل قائلاً: “الأصل: ما يثبت به حكم غيره”.[62] وهو تعريف عام للأصل بما هو أصل نظري، أيْ أساس في بنية نسقٍ معرفيٍّ.

3- مرحلة تأسيس نظرية المقاصد

الشائع أن نظرية المقاصد ظهرت للمرة الأولى في مصنفات الجويني (ت 478 هـ)،[63] ولكن التتبع التاريخي يكشف عن أن أبا زيدٍ الدبُوسيّ الماتريدي الحنفي (ت 430 هـ) كان الأسبق إليها.[64] وأهمية المقاصد عمومًا في مبحثنا في مفهوم الأصل أن الأصل في تعريف الباقلاني كما رأينا هو “علم العلم”، أو “ما وراء العلم”، وبقدر غير متعسف من التأويل يمكن القول إنه “فلسفة العلم” بشكل عام، ايْ بما هو أعم من معنى “فلسفة العلم” المعهود كمجال فلسفي. ومقاصد الشريعة هي الأهداف القصوى لها. وهو ما يعني بالتبعية أن المقاصد هي أصول للأصول، أو ما وراء أصول الفقه دون استبعاد أصول أخرى للأصول كالحقوق. وهي –مرحلة نظرية المقاصد بشكل عام- أقصى تنظير متوافر لأصول الفقه؛ فهي تفسر لنا الأصول التي لا نزاع فيها كالكتاب والسنة. لقد نظر الأصوليون السابقون للنصوص القطعية باعتبارها الأصول الأولَى للشريعة، التي لا يكمن وراءها أصل، وجاءت نظرية المقاصد لتفسر لنا سبب تنزيل تلك النصوص، أي أغراض الشارع من وضع هذه الشريعة ذاتها. وبالتالي اكتسبَ مفهوم الأصل معنًى جديدًا يمثل نقلة نوعية في دلالته ووظيفته في العلم. وتمتد هذه المرحلة في القرن الخامس بدءًا من الدبوسي، وانتهاءً بأبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي ت 476 هـ. ويظهر فيها تنوعٌ أكبر في المذاهب، وخاصة الظاهري، والإمامي.

والأصل عند الدبوسيّ ليس مجرد النص التشريعي، وإنما غرض الشارع من وضع النص التشريعي، مثل: ما تقوم به النفس: الحياة، ودفع التّلف، واستمرار النسل: استمرار الحياة في وجود العائل، والتربية والتعليم: التمهيد لاستمرار الحياة في عدم وجود العائل، وضمان استمرار النسل بعد وفاة العائل.[65] صحيح أنه –الدبوسي- لم ينص على كون مقاصده أصلَ الأصول صراحةً، ولكن هذا ما يفهَم منه استنباطًا؛ فما معنى المقصد إن لم يكن أصل الأصول نفسها؟ إلى جانب ذلك يستعمل الدبوسي الأصل بجميع المعاني السابقة عليه؛ فهو السماع، وهو التواضع الشرعي واللغوي، وهو الأصل في القياس مقابل الفرع، وهو الحال الأولى، والحال المستصحَبة.[66] وهو ما يوضح المدى التراكمي، الذي بلغه مفهوم الأصل في التبلور، وما أضافته إليه نظرية المقاصد في صورتها البدائية نسبيًا، التي قدمها الدبوسي.

وقد استقر بشكل تام في هذه المرحلة مصطلح الأصل. وتنوعت معانيه غير الاصطلاحية. ونظرًا للتوسع في آليات الاجتهاد عند المعتزلة والحنفية فقد تنوعت الأصول. يقول أبو الحسين البصري (ت 436 هـ): “فأما قولنا أصول فإنه يفيد في اللغة ما يبتني عليه غيره ويتفرع عليه، وأما قولنا أصول الفقه فإنه يفيد على موجب اللغة ما يتفرع عليه الفقه كالتوحيد والعدل وأدلة الفقه. ويفيد في عرف الفقهاء النظر في طرق الفقه على طريق الاجمال وكيفية الاستدلال بها وما يتبع كيفية الاستدلال بها”.[67] وهو يفيد المعنى اللغوي، والاصطلاحي باختصار لا يخل بالدقة. ويتعرض كذلك لمعنى الأصل كحقيقة مقابل المجاز في اللغة: “الحقيقة ما أفيد بها ما وضعت له في أصل الاصطلاح”.[68] ويذكر أكثر من مرة تعبير “أصل اللغة“.[69] ويذكر “الأصل” بمعناه في القياس كأصل مقابل فرع.[70] ويفيد كذلك معنى “الأصل العقلي” مقابل النقلي في قوله مثلاً: “قد بينا أن فسادها [بسبب تعارضها مع النهي] مفارق لفساد هذه الأفعال وإذا اختلف معناهما، لم يجب أن يكون ما دل على أحدهما يدل على الآخر. فإذا أثبت ذلك ونهي الله سبحانه عن أمثال هذه الأفعال، فلا يخلو إما أن يكون الأصل في العقل، يفيد تعلق حكمه به كالبيع، الذي يقتضي انتقال الملك به في العقل، أو يكون العقل يمنع من تعلق الحكم به”.[71] وكذلك في المعنى الأخير: “الأصل في العقل أن لا يجب علينا إيلام أنفسنا”.[72] ولكنّ استعمالاً جديدًا يظهر ربما للمرة الأولى في قوله مثلاً: “فكثير من الناس يحبون أن يخبروا غيرهم بما لا أصل له”.[73] وهو تعبير “ما لا أصل له“، الذي يستدعي عن طريق مقولة التضايف “ما له أصل“. وهي ثنائية (الاستئصال/ التأصيل) على الترتيب ستستمر في تاريخ علم الأصول التالي. وهو كذلك تعبير موجود لأبي الحسين البصري في “شرح العُمَد”، حين يقول: “الاجتهاد في قدر القليل الذي لا يفسد ما ليس له أصل معين يردُّ إليه”.[74]

وسنجد الاستئصال بعبارة مختلفة، لكنه بالمعنى نفسه عند ابن حزم (ت 456 هـ) في “الإحكام في أصول الأحكام”: “وما لم يبينه رسول الله (ص) فليس من الدين أصلاً”.[75] ويذكر تعبير “أصل الكلام”،[76] و”أصل اللغة”.[77] ويستعمل “الأصل” كذلك بمعنى الطبيعة، أو الحالة الأولى: “الأصل إباحة النكاح على كل حال”.[78] ويعرف ابن حزم الأصل بأنه: “هو ما أُدرِكَ بأول العقل وبالحسّ”.[79] وهو تعريف فلسفي أعمّ من المعنى الاصطلاحي، وذلك في مقابل الفرع، الذي هو “كل ما عُرِفَ بمقدمة راجعة إلى ما ذكرناه من قرب، أو بُعد، وقد يكون ذلك الفرع أصلاً لما أُنتِجَ منه أيضًا”.[80] وهذا التعريف للأصل وللفرع، الذي يمكن أن يصير أصلاً لما يُبنَى عليه،  يكشف عن مدى التطور النظري، الذي حققه علم أصول الفقه حتى منتصف القرن الخامس تقريبًا؛ فقد نزعَ الأصوليون في هذه المرحلة إلى ما يمكن تسميته بـ “فلسفة الأصل”، أي المعنَى العام، الأكثر عمومية، للفظ الأصل، ولماذا وكيف يطلَق في صيغة (علم أصول الفقه)، وكيف تتأصَّل الأصول، التي كانت فروعًا لأصول أسبق، وتنتظم في سلسلة من الأصول والفروع.

ويعرف أبو يعلى الفراء (محمد بن الحسين البغدادي الحنبلي) ت 458 هـ الحنبلي “أصول الفقه” في “العدة” بأنها “عبارة عما يبتَنَى عليه من مسائل الفقه”.[81] وهو تعريف اصطلاحي لأصول الفقه، لكنه يردف بقوله: “لأن أصل الشيء ما تعلق به، وعرِف منه، إما باستخراج أو تنبيه”.[82] وبهذا يُطلق الفراء المفهومَ –الأصل- إلى مجال التجريد الفلسفي. وهو كذلك يستعمل تعبير “ما له أصل”، وعكسه “ما لا أصل له”.[83] ويستعمله بمعناه في القياس مقابل الفرع.[84] وفي سياق القياس يحدد معنى الأصل الاصطلاحي؛ فهو “ما ثبت حكمه بنفسه […] وقيل الأصل: ما ثبت به حكم غيره […] وأما الفرع فحدُّهُ: ما ثبت بحكمِ غيره”.[85] وهو تعريف أدقّ إلى حد كبير من كل ما سبق، فالأصل لديه هو ما لا يحتاج إلى أصل أعمق منه معرفيًّا لإثباته، وهو “الأصل” بالألف واللام.

إقرأ أيضاً: الأصولية الدّينية وعولمة العنف

وإذا انتقلنا بالترتيب التاريخي إلى الإمامية، يقول الطوسي (أبو جعفر محمد بن الحسن) ت 460 هـ في “عدة الأصول”: “أصول الفقه هي أدلة الفقه”.[86] وهو معنى الأصل كدليل بشكل عام، وهو تعريف اصطلاحي. وهو يستعمل الأصل كحقيقة لغوية: “وكذلك لفظ (الصلاة) في الأصل الدعاء”.[87] ويستعمل تعبير “ما له أصل” في قوله: “وليس لأحد أن يقول إن إدخال التفصيل في الجملة إنما يكون فيما له أصل”.[88]

ويقول الباجي الأندلسي (أبو الوليد سليمان بن خلف) ت 474 هـ المالكي في “إحكام الفصول في أحكام الأصول”: “أصول الفقه ما انبنتْ عليه معرفة الأحكام الشرعية”.[89] ويقول معرفًا الأصل في سياق القياس: “الأصل عند الفقهاء ما قيسَ عليه الفرع بعلة مستنبَطة منه”.[90] ويقول في “الإشارة”: “الأصل: الكتاب والسنة وإجماع الأمّة”.[91] ويقول في ” الحدود في الأصول”: “أصول الفقه ما انبنت عليه معرفة الأحكام الشرعية”.[92] ومع ذلك يعمم معنى الأصل ليشمل كذلك المستنبَط بالبحث اللساني والاجتهاد.[93] وكل هذا يوضح مدى استقرار المصطلح. وهو الاستقرار نفسه، الذي سنجده عند الشافعية في هذه المرحلة، كما نجد عند الشيرازي (أبو إسحاق إبراهيم بن علي) ت 476 هـ، الأشعري الشافعي في “اللمع في أصول الفقه”؛ فالأصل هو الحال المستصحَبة.[94] وهو الكتاب والسنة.[95] وهو الأصل اللغوي كحقيقة مقابل المجاز.[96] كما يظهر مفهوم “معقول الأصل“؛ فالأصل الكتاب والسنة والإجماع، وما سوى ذلك معقول أصل.[97] وهو مقدمة القياس الفقهي الكبرى.[98] كما يظهر تعبير “ما لا أصل له“.[99] وهذا يُبيِّن أن نظرية المقاصد لم يكن لها بعدُ تأصيل عند الأشاعرة في هذه المرحلة من الإرهاص بها، ولكن عددًا من المفاهيم قد تبلور لديهم بدرجة أكبر في القرن الخامس كمعقول الأصل.

وكما نرى؛ ففي هذه المرحلة تأسست نظرية المقاصد في صيغة بدائية قياسًا إلى التنظير التالي في المرحلة القادمة. ولم يكن لها دور فعّال مباشر في توسيع معنى “الأصل” ليشمل أصل التشريع ذاته. ولكننا نجد مع ذلك تبلور المفاهيم، والمصطلحات بدرجة واضحة من مختلف الاتجاهات الفقهية؛ من المذاهب الأربعة، وغيرها.

4- مرحلة توظيف نظرية المقاصد

وهي تضم أصوليًا واحدًا هو أبو المعالي الجويني. وفيها تم تفعيل نظرية المقاصد، وإن كان على نطاق ضيق للترجيح بين المعقولات المتعارضة، أو المصالح المرسلة، أي في حال الإرسال فحسب، وذلك بخلاف ما سنجده في المراحل التالية. لقد تبلورت أخيرًا نظرية المقاصد في شكلها المعهود اليوم، وكما توسع فيها سطحًا وعمقًا الشاطبيُّ فيما بعد في الربع الأخير من القرن الثامن. ويتبين ذلك حين نطالع “البرهان” لأبي المعالي الجويني (ت 478 هـ)، والذي يفرّع المقاصد إلى:[100]

  1. رتبة الضروريات: ما يُعقل معناه وهو أصل ويؤول المعنى المعقول منه إلى أمر ضروري.
  2. رتبة الحاجيات: ما يتعلق بالحاجة العامة ولا ينتهي إلى حد الضرورة.
  3. رتبة التحسينيات: ما لا يتعلق بضرورة حاقة ولا حاجة عامة ولكنه يلوح فيه غرض في جلب مكرمة أو نفي نقيض لها.
  4. رتبة بين الحاجيات والتحسينات: ما لا يستند إلى حاجة وضرورة وتحصيل المقصود فيه مندوب إليه تصريحًا ابتداءً.
  5. ما لا يُعرف مقصده ولا يقبل التعليل: ما لا يلوح فيه للمستنبط معنى أصلاً ولا مقتضَى من ضرورة أو حاجة أو استحثاث على مكرمة.

وهو يوضح أمرين: أولاً: مدى أصالة قضية تعليل الأحكام الشرعية في هذه المرحلة، وثانيًا: أن ذلك التأصيل ارتبطَ بالمصالح الإنسانية المبتغاة من وضع الشريعة بشكل أساسي. ولو قارنّا هذه النقطة الأخيرة عند الجويني بقضية التعليل –الأساسية أيضًا- لدى الحكيم الترمذي في المرحلة الأولى، لوضح الفارق جليًّا. لقد علل الترمذي الشريعة بعلل ميتافيزيقية غالبًا، بينما سار أصول الفقه من بعده في مسار مختلف، يحاول الربط بين التشريع وبين المصلحة الإنسانية في بعد اجتماعي واضح، أو على الأقل أكثر وضوحًا. وهو ما ينعكس بطبيعة الحال على مفهوم “الأصل”؛ فالأصل في التشريع مراعاة العبادات من جهة، التي قد لا يُعْقَل معناها؛ لأنها حقوق لله، ومراعاة المصالح الإنسانية. وقد جرى هذا التحول الجوهري في مفهوم المقصد بدايةً من الدبوسي كما بينّا، لكن أثره لم يستمر في المرحلة السابقة، وإنما تضخَّمَ في المرحلة الحالية. وقد لا يربط الأصولي صراحةً بين المقصد وبين الأصل، ولا يصوغ تركيب “الأصل بما هو مقصد”، ولكن وجود نظرية للمقاصد عند الأصولي في حد ذاته لا معنى له ما لم يكن المقصد أصلاً من الأصول. وفي مرحلة تالية سنجد هذه الصيغة “الأصول الخمسة” عند الشاطبي بوضوح أكبر وبشكل مباشر.

ولكنّ تحولاً أعمق وقع في مفهوم الأصل؛ فقد حاول الأشاعرة تأصيل أصول الفقه نفسها في علم الكلام. يقول الجويني في “البرهان”: “فإن قيل فما أصول الفقه قلنا هي أدلته وأدلة الفقه هي الأدلة السمعية وأقسامها نص الكتاب، ونص السنة المتواترة والإجماع […] ومن هذه الجهة تستمد أصول الفقه من الكلام”.[101] وسنجد هذا التأصيل الكلامي كذلك عند الغزالي فيما بعد بقوله في “المستصفَى”: ” الكلام هو العلم الأساسي في الرتبة؛ إذ منه النزول إلى هذه الجزئيات”.[102] وهو مما يرسم خطًّا ممتدًا. وفي الواقع فهذا التأصيل لأصول الفقه في أصول الدين منطقي؛ فقد تم تنظير نظرية القيمة (التحسين والتقبيح) في أصول الدين بدرجة أعمق بمراحل مقارنة بما نجده في أصول الفقه. وأصول الفقه بما هو علم منهجي عدْليّ، وفلسفة للقانون، لا بد من أن يقوم على نظرية في القيمة.

ونجد كافة المعاني التي تعرضنا لها سابقًا لمفهوم الأصل لدى الجويني؛ فهو الأصل العقلي، والمبدأ النظري.[103] وهو كذلك بالمعني المنطقي كمقدمة في القياس.[104] ومن تحولات مفهوم الأصل كذلك: الأصل التاريخي في نقد السند؛ أي أصالة الكتاب والسنة من حيث النقل التاريخي لهما، واستحالة تواطؤ مجموعةٍ من الناس على الكذب.[105] وتظهر تعبيرات “أصل اللغة”،[106] و”أصل الديانات”،[107] و”أصل الشرائع”،[108] في كل من “التلخيص”، و”الكافية في الجدل” للجويني. ولكن أهم التحولات المُجْراة على المفهوم هي التي طرأت عليه مع إدماج نظرية المقاصد في النسق التشريعي.

5- مرحلة تأسيس نظرية الحَقّ

وهي تعتمد بالأساس على فخر الإسلام البزدوي الحنفي (أبو الحسن علي بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم، فخر الإسلام)، ت 482 هـ، الأصولي الحنفي. وأهميتها أنها توصلت بالتأصيل إلى مفهوم الحق، بل نظرية شبه متكاملة فيه. فصار الأصل حقًا، والحق أصلاً، بعد أن كان في المرحلة السابقة مقصدًا.

إن أهم تحولات مفهوم الأصل عند البزدوي هي ما طرأت عليه مع صياغة نظرية الحق؛ فبرغم أن الدبوسي كان أسبق بأكثر من نصف قرن إلى هذه النظرية، إلا أن صيغة الدبوسي –وكما حدث بالنسبة لنظرية المقاصد الدبوسية- لم تكن على هذا المستوى من الوضوح، الذي كان عليه عمل البزدوي، فصارت نظرية البزدوي في الحق هي الصيغة التقليدية المستمرة فيما بعد.[109] لقد أحدثَ مفهوم حق الآدمي تغيرًا جوهريًا آخرَ في مفهوم الأصل؛ فالحق نفسه أصل للقانون؛ فلا قانون بلا معرفة الحقوق؛ لأن معرفة الواجبات، المفروض، والممنوع، يعتمد أساسًا على معرفة الحقوق، حتى لو كانت تلك الحقوق موضوعة من قبَل الشارع، وليستْ طبيعيةً، وحتى لو كانت تلك الحقوق لله. إذا كان الأصل في التشريع ككل هو حفظ الحقوق: حقوق الله، وحقوق الآدمي، فإن مقاصد الشريعة مبنية بالتالي على هذه الحقوق؛ فالمنطقي أنْ تقصد الشريعةُ حفظَ هذه الحقوق.[110]

يظهر الأصل بمعنى النص، ومعقوله، أي الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس لدى البزدوي في “أصول البزدوي” (كنز الوصول إلى معرفة الأصول).[111] كما يظهر لديه تعبير “أصل الوضع“،[112] بمعنى يختلف عن “أصل التواضع” في اللغات؛ فأصل الوضع تعبير قانوني-شرعي، هو وضع الشريعة، وهو فعل إلهي، وهو الذي سيستعمله الشاطبي فيما بعد في “وضع الشريعة ابتداءً، وضعها للأفهام، .. إلخ”، أما “أصل اللغات”، أو “أصل التواضع” فهو فعل بشري يتم باشتراك الناس في التسمية أو الاستعمال اللغوي.[113]

وقد نقلَ السمعاني (أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار) ت 489 هـ، الشافعي نظرية الحق عند الدبوسيّ تقريبًا كما هي.[114] أما السرخسي (أبو بكر أحمد بن أبي سهل) ت 490 هـ، الحنفي فقد نقل نظرية الحق بصيغة البزدوي: الأقسام الأربعة العامة للحقوق، وتقسيم حقوق الله إلى ثمانية أنواع.[115] ونجد عند السمعاني معاني الأصل التقليدية: “فالأَولى أن يقال إن الأصلَ كلُّ ما يثبت دليلًا في ايجاد حكمٍ من أحكام الدين”.[116] وهو يعرض لاختلاف الأصوليين –بعد تبلور تاريخٍ طويل من علم أصول الفقه- في عدد الأصول، ويذكر سبعة أصول عند أبي العباس بن القاص (ت 335 هـ): الحسّ، والعقل، والكتاب، والسنة، والإجماع، والعبرة، واللغة، ويفندها جميعًا مستبقيًا الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس.[117] وهو يستعمل تعبير “ما لا أصل له”، بما هو “استئصال” أو نزع الأصل، أو إنكار الأصل في رأيٍ ما: “وغالب العقود في المعاملات ليس لها أصل في الكتاب ولا في السنة”.[118] أما السرخسي، بالإضافة إلى المعاني التقليدية لمصطلح الأصل، فإنه يقدم كذلك معنى الأصل التاريخي كما سبقه إليه الجويني: “لأنهم [الصحابة] الأصول في نقل الدين”.[119]

أما أبو حامد الغزالي الأشعري الشافعي (ت 505 هـ) فقد نقل عن الجويني نظرية المقاصد، ووظفها التوظيف نفسه في المساحة المحدودة للترجيح في حالة المصالح المرسلة في “المستصفى”.[120] وكذلك في “المنخول” يحدد الغزالي دور المقاصد في تقييم المصالح المرسلة كما في المستصفى.[121] وهو حدٌّ من عمومية مفهوم الأصل ليشمل المقصد؛ أي أن المقاصد الشرعية ليست أصولاً للشريعة لدى الغزالي، لكن العلاقة بين المقصد والأصل بدهية، حتى وإن كانت محدودة في توظيفه للمقاصد. ويظهر ربما للمرة الأولى تعبير “أصل الوجود”؛ أي الله تعالى.[122] وهو ما يمكن تسميته “الأصل الميتافيزيقي“، أو “الأنطولوجي“، الذي سيتطور في المرحلة المتأخرة من تاريخ العلم (انظر فيما يلي المرحلة السابعة بهذا القسْم). وهو تعبير سيتكرر فيما بعد عند الأصوليين التالين، ويوضّح إلى أي مدًى تعمق الأصوليون في تنظير مفهوم الأصل إلى درجة عالية من التجريد. ويظهر كذلك معنى الأصل المنطقي كمقدمة في القياس.[123] ويُستعمَل كذلك بمعنى “العزيمة”؛ أي كحكم من أحكام الوضع.[124]

وتتنوع معاني الأصل لدى ابن عقيل (أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد البغدادي الحنبلي) ت 513 هـ، الحنبلي في “الواضح في أصول الفقه”: “[أصول الفقه] هي ما تبنَى عليه الأحكام الفقهية من أدلة”.[125] فهو الدليل. وتظهر صيغة “البراءة الأصلية”: “الأصل براءة ذمة هذا القاتل من الزائد على الدية”.[126] ويظهر “التأصيل والاستئصال“: ما له أصل، وما لا أصل له، على الترتيب.[127] ويظهر الأصل اللغوي بمعنى الحقيقة مقابل المجاز.[128] وكذلك الحال لدى ابن برهان (أحمد بن علي) ت 518 هـ، الشافعي في “الوصول إلى الأصول”؛ فالأصل –في أصول الفقه- هو ما يستمَدّ منه الفقهُ.[129] وهو عمومًا بمعنى المَنبت، ومادة الشيء.[130] ويظهر لديه الأصل المنطقي في القياس.[131] ونجد عند المازري (أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر بن محمد التميمي) ت 536 هـ، المالكي في “إيضاح المحصول من برهان الأصول” تعبير “أصول الديانات” بمعنى أصول العقيدة، أي أصول الدين بحسب السياق.[132] وكذلك نجد “الاستئصال”: ما لا أصل له، في: “وإنْ لم يجد عبارةً أصلاً فذلك لا يُحَدُّ ولا يُفسَّرُ”.[133] فقد يأتي تعبير الأصولي ليفيد الاستئصال مباشرًا نحو قولنا مثلاً: “هذا لا أصل له في الكتاب”، وقد يأتي بالمفعول المطلق للفعل المحذوف نحو قول المازري سابق الذكر، ولكن المعنى واحد.

وفي “ميزان الأصول” للسمرقندي (علاء الدين شمس النظر أبو بكر محمد بن أحمد) ت 552 هـ، الماتريدي الحنفي نجد تأصيل علم أصول الفقه في علم الكلام، كما سبقه إليه الغزالي: “إن علم أصول الفقه والأحكام فرع لعلم أصول الكلام”.[134] كما يرِدُ معنى الأصل اللغوي مقابل المجاز: “الحقيقة بوضعٍ أصليٍّ، والمجاز بوضعٍ طارئ”.[135] ويفيد التعريف السابق كذلك دلالة الأصلِ على الدوام، والفرعِ على الزوال. وفي المقابل نجد التعريفات اللغوية للأصل عند الأسمندي (محمد بن عبد الحميد) ت بين 552 و563 هـ، الحنفي في “بذل النظر”: “وأما الأصل ففي اللغة عبارة عما يبتنَى عليه غيره، ويتفرع عليه سواه، كأساس الجدار، وساق الشجر، ونحو ذلك”.[136] كما نجد المعاني السابقة: الأصل بمعنى النص،[137] وبمعنى الأصل المنطقي في القياس.[138] ونجد “التأصيل” في قوله مثلاً: “والصلاة في الأصل موضوعة للاتباع”.[139]

وعند ابن رشد (أبو الوليد محمد، الحفيد) ت 595 هـ في “الضروري في أصول الفقه” نجد صيغة “البراءة الأصلية”: “دليل العقل أنه على البراءة الأصلية”.[140] وهو يعد النفي الأصلي من الأصول: “وهي [أصول استنباط الأحكام] أربعة: الكتاب، والسنة، وإجماع الأمّة، ودليل العقل على النفي الأصلي”.[141] وتظهر صيغة الاستئصال: “فأما المجمَل فليس ببيان إجماع، ولا يثبت به حكمٌ أصلاً”.[142]

ونصل إلى فخر الدين الرازي (محمد بن عمر بن الحسين) ت 606 هـ، الأشعري الشافعي. وقد أبطل الرازي في “المحصول” تعليل أحكام الله بشكل جذري،[143] وهذا ما دعا الشاطبي فيما بعد إلى نقده.[144] وهذا الموقف الجذري في قضية التعليل يحدّ بطبيعة الحال من تنوع معاني الأصل، ويحد من التأصيل أصلاً. وتظهر لديه صيغة “أصل اللغة”.[145] ويعرف أصول الفقه: “أصول الفقه عبارة عن مجموع طرق الفقه”، وهو تعريف منهجي –أي باعتبار أصول الفقه منهجية معينة- بالأساس.[146] كما يظهر لديه الأصل اللغوي.[147] وسنجد كذلك الأصل اللغوي عند ابن قدامة المقدسي الحنبلي (موفق الدين عبد الله بن أحمد) ت 620 هـ، في “روضة الناظر وجنة المناظر”: “أصل الوضع”،[148] ويعني في السياق الوضع اللغوي، كما يعرف المجاز مثلاً بأنه “اللفظ المستعمل في غير موضعه الأصلي”،[149] فالأصل هنا هو الحقيقة اللغوية مقابل المجاز. كما يعرف ابن قدامة أصول الفقه بمعنى أدلته.[150] وهو التعريف نفسه، الذي نجده عند سيف الدين الآمدي (أبو الحسن علي بن محمد) ت 631 هـ، الشافعي؛ فأصول الفقه “هي أدلة الفقه”.[151] ويستعمل الآمدي كذلك الأصل بمعنى الحالة الأولَى “الأصل عند تعدد الأسماء تعدد المسميات”.[152] كما يستعمله بمعناه المنطقي في القياس.[153]

وعند الأخسيكتي (حسام الدين محمد بن محمد) ت 644 هـ، الحنفي في “المنتخب”: “الأصل ما انبنى عليه غيرُه”.[154] والأصل عنده بمعنى النص: “الكتاب والسنة أصل […] وكذلك الإجماع أصل”.[155] ويستعمل كذلك ما دعوناه فيما سبق بالأصل اللغوي، والأصل المنطقي.[156] وعند ابن الحاجب (جمال الدين أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر المقري النحوي الأصولي الفقيه المالكي) ت 646 هـ، المالكي في “منتهى الوصول والأمل” فالأصول هي الأدلة الكلية، وهو تحديد أكبر من تحديد الآمدي.[157] كما يستعمل تعبير التأصيل: ما له أصل.[158]

ويعاود تعبير “أصل البراءة” ظهورَه مع العز بن عبد السلام (عز الدين بن عبد العزيز)، ت 660 هـ، الشافعي في “القواعد الكبرى” في قول مثلاً: “أصل براءة المدَّعَى عليه”.[159] ويستعمل ابن عبد السلام الأصل للدلالة كذلك على الوضع التشريعي الأوّليّ، مثل “أصل الصلاة”، وعلى الاستجابة لهذا الوضع: “أصل النية”.[160] وهو يستعمل صيغة الاستئصال في قوله مثلاً: “وقد ذكر الغزالي في البداءة أشياء لا أصل لها”.[161] ويستعمله كذلك بمعنى الخطاب القرآني: “وقد يتعارض أصلٌ وظاهر”.[162] ويمثل ابن عبد السلام كذلك معنى الأصل بما هو حق؛ فهو يعتبر أن جميع الحقوق تتضمن نصيبًا للمكلَّف، ونصيبًا للشارع.[163] أما البيضاوي (ناصر الدين) ت 685 هـ، الشافعي في “منهاج الوصول” فيستعمله بمعنى معرفة الدليل: “أصول الفقه معرفة دلائل الفقه”.[164] وكذلك بمعنى المشتق منه: “شرط المشتَقّ صدق أصله”.[165] وكذلك يستعمل الخبازي (جلال الدين أبو محمد عمر بن محمد بن عمر) ت 691 هـ، الحنفي في “المغني في أصول الفقه” الأصلَ بمعنى الوضع الأوّلي للشريعة في تعبيره مثلاً “الأصل في هذا النوع أنه لما جُعل الوقتُ ظرفًا، لم يستقمْ أن يُجعل كل الوقت سببًا”.[166] كما يستعمل صيغة التأصيل في قوله مثلاً: “والأصل في ذلك أن النفي متى عُرف بدليله يعارض المُثبَت”.[167]

أما نجم الدين الطوفي الحنبلي، المتوفى في 716 ه، في “رسالة في رعاية المصلحة” فقد مثَّل نقلة نوعية في هذه المرحلة من تطور مفهوم الأصل. يرى الطوفي أن الشريعة تستهدف مصالح الناس الدنيوية والأخروية معًا بشكل أساسي. ولذلك يرجح المصلحة حتى لو تعارضت مع النصوص: “ورعاية المصلحة من أصول الشرع”.[168] وفي الواقع فإن الطوفي يرادف بين المصلحة والحق.[169] كما أن الطوفي من أهم مصادر نظرية المقاصد في مرحلة ما قبل أبي إسحاق الشاطبي، لكنها ترد لديه في صيغتها الموروثة منذ الجويني.[170] وأهمية كل ذلك في سياقنا الحالي هي أن أصول الشريعة نفسها تقوم عند الطوفي على المصالح الجمعية والحقوق الفردية، مما يعكس تطورًا نوعيًا في مفهوم الأصل. ويمكن بالاستنباط القول إن الأصل عند الطوفي ليس النص، وليس الإجماع، بل غايات النص، وغايات الإجماع، أي المقاصد الشرعية والحقوق الآدمية. لكن الطوفي مع ذلك لم يحصر الأصل كليةً في هذا المعنى، فالمصلحة عنده “من” أصول الشرع، ولم يقل صراحةً إنها الأصل بالألف واللام، أو أصل الأصول. ونجد لديه كذلك “البراءة الأصلية”.[171]

فإذا انتقلنا إلى مصادر الإمامية التالية عند الحليّ (أبو منصور جمال الدين الحسن بن يوسف) (ت 726 هـ) في “مبادئ الوصول إلى علم الأصول” لوجدنا الاستعمالات التقليدية للفظ الأصل: “أصل المواضعة”،[172] ويعني هنا المواضعة اللغوية، و”النقل على خلاف الأصل”،[173] و”المجاز على خلاف الأصل”،[174] وأركانه [أي القياس] أربعة: الأصل […]، والفرع […]، والعلة […]، والحُكْم”.[175] مما يعني أنه استعمل الأصل بمعنيين: الأصل اللغوي، والأصل المنطقي.

ومن أهم أعلام القرن الثامن ابن تيمية، ت 728 هـ. ولم يضع ابن تيمية فيما نعلم مصنفًا خاصًّا بأصول الفقه.[176] ومع ذلك يمكن اشتقاق معنى الأصل من استعمالاته في “مجموع الفتاوَى”. الأصول عند ابن تيمية هي الكتاب، والسنة، والإجماع.[177] وهو يستعمل الأصل بمعنى “الأساس” بشكل عام غير اصطلاحي: “وهي مبنيَّة على أصلينِ”.[178] كما يستعمل تعبيرات جديدة، مثل “الأصول العقلية أو السياسية”.[179] وهو كذلك استعمال عام كالسابق. ويقول كذلك: “وهذا [بعثة الرسول (ص) للجن والإنس] أصلٌ متَّفَقٌ عليه بين الصحابة والتابعين”.[180]

وعند آل تيمية في “المسودة في أصول الفقه”، والتي وُضعت بين القرنين السابع والثامن الهجريين، نجد الاستعمالات نفسَها للأصل: “الأصل في الأمر الوجوب”.[181] و “حد الأمر […] خطاب أصلي يستدعَى به الأعلى من الأدنى”.[182] و”الأصل أن المخاطَب لا يدخل تحت خطابه إلا بدليل”.[183] ونقرأ كذلك: “الأصل في النهي التحريم”.[184] ونجد كذلك: “الأصل عدم المعرفة لما لم يذكَر”.[185] وتوضح المقتبَساتُ السابقة الاستعمالاتِ غير الاصطلاحية للفظ الأصل؛ فهو المنشأ والمنبَت، وهو صلة بين الأعلى والأدنى، وهو الوضع الأصلي للشريعة قبل الاجتهاد فيها.

وتستمر هذه الاستعمالات للفظ الأصل عند عبد العزيز البخاري (عبد العزيز بن أحمد بن محمد، علاء الدين) ت 730 هـ، الحنفي في “كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي”؛ فهو وارد بالمعنى المنطقي كمقدمة في القياس: “نحتاج قبل ذلك إلى قيام الدلالة على كون الأصل شاهدًا على الحال”.[186] والأصل كذلك بمعنى العبادة: “والأصل في فروع الإيمان هي الصلاة”.[187] وهو كذلك ينقل عن البزدوي الصيغة التقليدية لنظرية الحق.[188] وعند ابن جزي (أبو القاسم محمد بن أحمد الكلبي الغرناطي المالكي) ت 741 هـ، المالكي في “تقريب الوصول إلى علم الأصول” فالأصل في اللغة له معنيان “أحدهما: ما منه الشيء، والآخر ما يبنَى عليه الشيءُ حسيًّا أو معنًى. وله في الاصطلاح معنيان: أحدهما الراجح، والآخر الدليل”.[189] وهو تعريف مسهِب يبين الأبعاد التي يتحرك فيها مفهوم الأصل؛ فهو منشَأ الشيءِ، وأساسه في الواقع المادي، أو على نحوٍ مجرد خارج الأبعاد المكانية والزمانية، مما يستدعي تعريف ابن حزم سابق الذكر. وعند ابن القيم (أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب) ت 751 هـ، الحنبلي فالأصول هي: النصوص، وفتاوى الصحابة، وردّ اختلاف الصحابة إلى الكتاب والسنة، والقياس للضرورة.[190] وهو معنى الأصل كدليل تشريعي. ويستعمل ابن القيم الأصل مقابل الفرع.[191] ويستعمله بالمعنى المنطقي في القياس.[192] كما يظهر مفهوم “البراءة الأصلية”.[193]

ويستمر استعمال الأصل مجازًا بمعنى المنشأ، ولكن ذلك ينسحب –كما رأينا مع ابن جزي- كذلك على المجردات في تعبير “أصل المسألة” مثلاً عند الحافظ العلائي (صلاح الدين أبو سعيد خليل بن سيف الدين كيكلدي بن عبد الله الدمشقي الشافعي) ت 761 هـ، الشافعي في “تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد”.[194] ويدل هذا على تجريد المفهوم، وتبلوره بدرجة أكبر، وهو الخط الصاعد لمنحنى تطور المفهوم، الذي سيستمر دون انقطاع، كما سنرى في المراحل التالية. ويظهر تعبير “استصحاب العدم الأصلي” عند السبكي (تاج الدين عبد الوهاب بن علي) ت 771 هـ، الشافعي في “جمع الجوامع”.[195] فالأصل قد يكون العدم، وهو دليل أوضح على اتجاه التطور نحو التجريد. والأصل عند السبكي قد يمنع القياس، كما في أصول العبادات.[196] ومع ذلك فهو أيضًا بالمعنى المنطقي كمقدمة في القياس.[197] والأصل عند التلمساني (أبو عبد الله محمد بن أحمد الحسيني) ت 771 هـ، المالكي في “مفتاح الوصول” إما بنفسه، وإما لازم عن أصل.[198] وقد يكون نقليًا أو عقليًا.[199] ويتردد مفهوم “البراءة الأصلية”، و”أصل البراءة”.[200] ويدل ما سبق على وضوح التنظير مع التراكم العلمي. الأصل قد يقوم بنفسه غير لازم عن غيره، وقد يلزم عن أصل أسبق، في سلسلة الأصول والفروع سابقة الذكر عند ابن حزم. وعند الأسنوي (أبو محمد عبد الرحيم بن الحسن) ت 772 هـ، الشافعي في “التمهيد” تستمر استعمالات الأصل المنطقي،[201] واللغوي،[202] ويستمر مفهوم “البراءة الأصلية”.[203]

في هذه المرحلة نلاحظ ثلاث ظواهر هامة: أولاً ارتباط مفهوم الحق بمفهوم المقصد، الذي هو أصل الشريعة، مما يؤدي إلى القول بأن الأصل هو الحق، سواء أكان حق الله أو حق الآدمي. وثانيًا: تطور مفهوم الأصل في اتجاه التجريد، وميل بعض الأصوليين كما رأينا إلى تعريف الأصل تعريفًا فلسفيًا. وثالثًا: ما يمكن تسميته “بالأصل الاجتماعي”؛ أي تحوُّل الظواهر الاجتماعية كالمصلحة لأصل من أصول التشريع، وبخاصة عند نجم الدين الطوفي. وهو ما يعني أن مفهوم الأصل قد تطور في اتجاهين: التجريد، والتعيين.

في الجزء التالي من هذه الثلاثية “ما وراء الأصول” نستكمل تحولات مفهوم الأصل، كما نتعرض لبنيته، التي تكتمل بها الصورة الأساسية لهذا المفهوم المركزي في العلوم الإسلامية، والحضارة العربية كليهما.

 

قائمة المصادر والمراجع:

[1]  -أبو زيد عبيد الله بن عمر بن عيسى الدبوسي الحنفي: تقويم الأدلة في أصول الفقه، قدم له وحققه الشيخ: خليل محيي الدين الميس (دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، 2001م) ص 449-458.

[2] – أبو الحسن علي بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم البزدوي: أصول البزدوي (كنز الوصول إلى معرفة الأصول)، هامش كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي لعبد العزيز بن أحمد بن محمد البخاري (دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، د.ت، دون رقم الطبعة)، نظرية الحق التقليدية: 4/134.

[3]  -عز الدين بن عبد العزيز بن عبد السلام: القواعد الكبرى الموسوم بقواعد الأحكام في إصلاح الأنام، تحقيق نزيه كمال حماد، وعثمان جمعة ضميرية (دار القلم، دمشق، دون بيانات أخرى): 1/238.

[4]  -عبد العزيز بن أحمد بن محمد البخاري: متن كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي (دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، د.ت، دون رقم الطبعة): 4/134-159.

[5] -منهج الشاطبي في تحصيل المقاصد: 1. مجرد الأمر والنهي الابتدائي الصريح. 2. اعتبار علل الأمر والنهي. 3. معرفة أن للشارع مقاصدَ أصليةً ومقاصدَ تابعةً. -أبو إسحاق الشاطبي: الموافقات في أصول الشريعة، مج1، القسم الثالث: المقاصد (دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1991م)، ص 298-301.

[6] – عبد الرزاق أحمد السنهوري وأحمد حشمت: أصول القانون، أو المدخل لدراسة القانون، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، ط1، 1950، ص 11.

[7] – سنتعرض في مقالة قادمة لدراسة مقارنة بين أصول الفقه وفلسفة القانون.

[8] – “ما وراء تأسيس الأصول” عنوان معروف للراحل الدكتور علي مبروك.

[9] – صارم الدين إبراهيم بن الهادي الوزير: الفصول اللؤلؤية في أصول فقه العترة الزكية، وأعلام الأمة المحمدية، تحقيق: محمد يحيى سالم عزان (مركز التراث والبحوث اليمني، جمهورية اليمن الديمقراطية، ط1، 2002م): 1/ 84.

[10] -بدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي الشافعي: البحر المحيط في أصول الفقه، قام بتحريره: عبد القادر عبد الله العاني، وراجعه: عمر سليمان الأشقر (وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، الكويت، ط2، 1413هـ/1992م): 1/ 15.

[11] -على بن محمد الشريف الجرجاني: التعريفات (مكتبة لبنان، بيروت، 1985) ص 27.

[12]– محمد أبو زهرة: أصول الفقه (دار الفكر العربي، القاهرة، مصر، 1427هـ/2006م، دون رقم الطبعة)، ص 10.

[13] -محمد على التهانوي: موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، ج1 (مكتبة لبنان، بيروت، ط1، 1996) ص 213.

[14] -جميل صليبا: المعجم الفلسفي، ج1 (دار الكتاب اللبناني، بيروت، لبنان، 1982) ص 424.

[15] -أندريه لالاند: موسوعة لالاند الفلسفية، مج3، تعريب: خليل أحمد خليل، تعهده وأشرف عليه حصرًا: أحمد عويدات (منشورات عويدات، بيروت – باريس، ط2، 2001) ص 5، 13.

[16] -أبو يوسف يعقوب بن إسحق الكندي: “الحدود والرسوم”، في: المصطلح الفلسفي عند العرب، عبد الأمير الأعسم (دراسة وتحقيق)، (الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ط2، 1989) ص 191.

[17] -محمد على التهانوي: سبق ذكره، ص 213.

[18] -السابق، الموضع نفسه.

[19] -أبو إسحق الشاطبي، الموافقات، مج 1، سبق ذكره، ص 7: “وأصول العبادات – راجعة إلى حفظ الدين…“. ووصفه للكليات الخمس بالأصول الخمسة، ص 149، ص 157.

[20] -محمد على التهانوي، سبق ذكره، ص 213.

[21] -السابق، الموضع نفسه.

[22] – محمد صنقور علي حيدر: المعجم الأصولي، مطبعة عترت، قم، إيران، ط1، 1421 هـ، ص 203.

[23] -انظر في معنى “الدليل” في أصول الفقه: الوجيز في أصول الفقه، دار الفكر المعاصر، بيروت، دار الفكر، دمشق، إعادة الطبعة الأولى 1999، ص 21.

[24] -انظر: وائل حلاق: تاريخ النظريات الفقهية في الإسلام – مقدمة في أصول الفقه السني، ترجمة أحمد موصللي، مراجعة فهد بن عبد الرحمن الحمودي، دار المدار الإسلامي، ط1، 2007، ص 53-56. انظر كذلك:

Schacht, Joseph, The Origins of Muhammadan Jurisprudence, Oxford Clarendon Press, 6th edition, 1979, p. 1.

[25] – محمد بن إدريس الشافعي: الرسالة، تحقيق وشرح أحمد محمد شاكر، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، دون بيانات أخرى، ص 92.

[26] – السابق، ص 202-203.

[27] – السابق، ص 21، 92 (مرتين)، 203-203، 146، 221، 229، 284، 348 (مرتين)، 355 (3 مرات)، 372 (مرتين)، 382، 384، 463، 479 (مرتين)، 484، 530، 598 (مرتين).

[28] – أبو عبد الله محمد بن علي الحكيم الترمذي: إثبات العلل، تحقيق ودراسة: خالد زهري، تقديم: برند مانويل فايشر (منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ط1، 1998م) ص 89.

[29] – السابق، ص 79.

[30] السابق، ص 86.

[31] أبو الحسن عبيد الله بن دلال بن دلهم الكرخي: أصول الكرخي، مع ذكر أمثلتها ونظائرها وشواهدها من الإمام نجم الدين أبي حفص عمر بن أحمد النسفي، في أصول البزدوي وأصول الكرخي (مير كُتب خانه، آرام باغ، كراجي، باكستان، دون بيانات أخرى) ص 374.

[32] -السابق، ص 368.

[33] السابق، ص 367.

[34] السابق، ص 369.

[35] السابق، ص 370.

[36] -السابق، ص 368.

[37] -نظام الدين أبو علي أحمد بن محمد بن إسحاق الشاشي: أصول الشاشي، وبهامشه عمدة الحواشي شرح أصول الشاشي للمولى محمد فيض الحسن الكنكوهي، ضبطه وصححه عبد الله محمد الخليلي (منشورات علي بيضون لنشر كتب السنة والجماعة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1424هـ/2003م) ص41، 42.

[38] السابق، ص 41.

[39] السابق، ص 87.

[40] – السابق، ص 98.

[41] -انظر لمزيد من التفاصيل حول مصطلح الحكم في المراجع المعاصرة: عبد الكريم زيدان: الوجيز في أصول الفقه، مؤسسة قرطبة، ط6، 1976، ص 23-25.

[42] -القاضي النعمان بن محمد: اختلاف أصول المذاهب، تحقيق: مصطفى غالب (دار الأندلس، بيروت، لبنان، ط3، 1983م) ص 140-155.

[43] -السابق، ص 155-184.

[44] -السابق، ص 185-192.

[45] -السابق، ص 189-191، كذلك: “ولكن الحسن ما أخبرنا الله به… والقبيح ما استقبحه ونهي الله عباده عنه” السابق، ص 189.

[46] – أحمد بن علي الرازي الجصاص: الفصول في الأصول، دراسة وتحقيق: عجيل جاسم النشمي (منشورات وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، الكويت، ط2، 1414هـ/1994م): 1/ 46.

[47] -السابق: 1/ 60.

[48]-أبو الحسن علي بن عمر البغدادي المعروف بابن القصار المالكي: مقدمة في أصول الفقه، تحقيق وتعليق: مصطفى مخدوم (دار المعلمة للنشر والتوزيع، الرياض، ط1، 1420هـ/1999م)، ص 133.

[49] -السابق، نفسه.

[50] -السابق، ص 142.

[51] -السابق، ص 178.

[52] -السابق، ص 181.

[53] -السابق، ص 187.

[54] -السابق، ص 310.

[55] -السابق، ص 316.

[56] -أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني: التقريب والإرشاد، قدم له وحققه وعلق عليه: عبد الحميد بن علي أبو زنيد (مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، ط2، 1418هـ/1998م): 1/ 172.

[57] السابق: 1/ 173.

[58] -السابق: 1/ 224-225.

[59]-أبو بكر محمد بن الحسن الأصبهاني ابن فورَك: الحدود في الأصول (الحدود والمواضعات)، قراه وقدم له وعلق عليه: محمد السليماني (دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، ط1، 1999م)، ص 139.

[60] -السابق، ص 146.

[61] -أبو الحسن عبد الجبار الأسدآبادي المعتزلي: المجموع في المحيط بالتكليف، عني بتصحيحه ونشره: الأب جين يوسف هوبن اليسوعي (المطبعة الكاثوليكية، بيروت، لبنان، د.ت): 3/ 14.

[62] -الحسن بن شهاب العكبري: رسالة في أصول الفقه، متن شرح رسالة في أصول الفقه للحسن بن شهاب العكبري، تقديم وشرح: سعد بن ناصر بن عبد العزيز الشثري، اعتنى به: عبد الناصر بن عبد القادر البشبيشي (كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، ط1، 1428هـ/2007م) ص 69.

[63] -مثلاً: محمد الطاهر بن عاشور: مقاصد الشريعة الإسلامية، تحقيق ودراسة: محمد الطاهر الميساوي (دار النفائس، الأردن، ط2، 1421هـ/2001م)، ص 168-174 (حيث يذكر في المقاصد الجويني والعز بن عبد السلام والقرافي والشاطبي ويغفل الدبوسي والغزالي).

[64] -أبو زيد عبيد الله بن عمر بن عيسى الدبوسي الحنفي: تقويم الأدلة في أصول الفقه، سبق ذكره، ص 449-458. انظر لمزيد من التقصّي: حمّادي العبيدي: الشاطبي ومقاصد الشريعة، دار قتيبة، ط1، 1992، ص 131-137. (يغفل كذلك الدبوسي).

[65] السابق، ص 449.

[66] -السابق، ص 22، 301، 302.

[67] -أبو الحسين محمد بن علي بن الطيب البصري: المعتمد في أصول الفقه، تحقيق: خليل الميس (دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1403هـ، دون رقم الطبعة) 1/ 5.

[68] -السابق: 1/ 11.

[69] السابق: 1/ 76، 336.

[70] -السابق: 1/ 114، 401، 402، 2/ 245، 260.

[71] -السابق: 1/ 176-177.

[72] -السابق: 2/ 108.

[73] -السابق: 2/ 87.

[74] – أبو الحسين محمد بن علي بن الطيب البصري: شرح العُمَد، تحقيق ودراسة عبد الحميد بن علي أبو زنيد، دار المطبعة السلفية، القاهرة، ط1، 1410 هـ: 2/ 229.

[75] -أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم: الإحكام في أصول الأحكام، تقديم إحسان عباس (منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، لبنان، د.ت، دون رقم طبعة): 1/ 10. كذلك: 1/ 47. وكذلك: أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم: ملخص إبطال القياس والرأي والاستحسان والتقليد والتعليل، تحقيق: سعيد الأفغاني (دار الفكر، بيروت، ط2 “منقحة”، 1389هـ/1969م) ص 22.

[76] -السابق: 1/ 29.

[77] -السابق: 1/ 47، 49.

[78] -السابق: 2/ 46.

[79] -السابق: 1/ 41.

[80] – السابق، نفسه.

[81] -أبو يعلى محمد بن الحسين الفراء البغدادي الحنبلي: العدة في أصول الفقه، حققه، وعلق عليه، وخرج نصه: أحمد بن علي سير المباركي (دون ناشر، ط2، 1410هـ/1990): 1/ 70.

[82] -السابق، نفسه.

[83] مثلاً: السابق: 1/ 135.

[84] -السابق: 1/ 174.

[85] -السابق: 1/ 175.

[86] -أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي: عدة الأصول، تحقيق: محمد رضا الأنصاري (المطبعة ستاره، قم، إيران، ط1، 1417هـ): 1/ 7.

[87] – السابق: 1/ 39.

[88] – السابق: 1/ 71.

[89] -أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي الأندلسي: إحكام الفصول في أحكام الأصول، حققه وقدم له ووضع فهارسه: عبد المجيد تركي (دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، ط2، 1415هـ/1995م): 1/ 175.

[90] – السابق: 1/ 178.

[91] -أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي الأندلسي: الإشارة في معرفة الأصول والوجازة في معنى الدليل، تحقيق: محمد علي فركوس (دار البشائر الإسلامية، بيروت، لبنان، دون بيانات أخرى) ص 155، 288.

[92] -أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي الأندلسي: الحدود في الأصول، تحقيق: نزيه حماد (مؤسسة الزعبي للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، ط1، 1392هـ/1973م) ص 36.

[93] – السابق، ص 37.

[94] -أبو إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي: اللمع في أصول الفقه، حققه، وقدم له، وعلق عليه: محيي الدين ديب ستو، ويوسف علي بديوي (دار الكلم الطيب، دار ابن كثير، دمشق، ط1، 1416هـ/1995م): 1/ 6.

[95] – السابق، نفسه.

[96] – السابق: 1/ 8، 31، 96.

[97] – السابق: 1/ 102-103.

[98] السابق: 1/ 47، 57.

[99] السابق: 1/ 75-76.

[100] -أبو المعالي الجويني: البرهان في أصول الفقه، حققه، وقدمه، ووضع فهارسه: عبد العظيم الديب (طبعة قطر المحققة على نفقة صاحب السمو الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، ط1، 1399هـ): 2/923-927.

[101] -أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني: البرهان في أصول الفقه، دراسة وتحقيق: صلاح بن محمد بن عويضة، دار الكتب العلمية بيروت – لبنان، الطبعة الأولى 1418 هـ- 1997 م: 1/ 8.

[102] -أبو حامد الغزالي: المستصفى في علم الأصول، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، 2000م، ص 7.

[103] – أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني: البرهان في أصول الفقه، دراسة وتحقيق: صلاح بن محمد بن عويضة، سبق ذكره: 1/ 16.

[104] – السابق: 1/ 26.

[105] -السابق: 1/ 35.

[106] -أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني: التلخيص في أصول الفقه، تحقيق: عبد الله جولم النبالي، وبشير أحمد العمري (دار البشائر الإسلامية، بيروت، 1417هـ/1996م، دون رقم الطبعة) 1/134.

[107] – السابق: 1/ 148.

[108] – السابق: 1/ 159. كذلك: أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني: الكافية في الجدل، تحقيق فوقية حسين محمود (مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، القاهرة، ط1، 1399هـ/1979م) ص 2.

[109] – أبو الحسن علي بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم البزدوي: أصول البزدوي (كنز الوصول إلى معرفة الأصول)، هامش كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي لعبد العزيز بن أحمد بن محمد البخاري، سبق ذكره ، نظرية الحق التقليدية: 4/134.

[110] -انظر في توازن الحقوق الإلهية والإنسانية في الشريعة الإسلامية من وجهة نظر معاصرة: عبد السلام التونجي، الإسلامية في القرآن الكريم، دار الكتب الوطنية، بنغازي، ط2، 1997: 2/ 7-29. انظر كذلك في العلاقة بين الحقوق والمقاصد: محمد الزحيلي: “مقاصد الشريعة أساس حقوق الإنسان”، مجلة كتاب الأمّة، عدد 87، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، الدوحة، 2002، ص 76-126.

[111] -أبو الحسن علي بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم البزدوي: أصول البزدوي، في: أصول البزدوي وأصول الكرخي، سبق ذكره، ص 5.

[112] – السابق، ص 14.

[113] -انظر لمزيد من التفصيل في مفهوم “الوضع” اللغوي، والشرعي، والعرفي: علي جمعة محمد، المصطلح الأصولي ومشكلة المفاهيم، المعهد العلمي للفكر الإسلامي، القاهرة، ط1، 1996، ص 27-41.

[114] -أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني الشافعي: قواطع الأدلة في أصول الفقه، تحقيق: عبد الله بن حافظ بن أحمد الحِكَمي (مكتبة التوبة، الرياض، ط1، 1419هـ/1998م) حقوق الله على البشر: 3/437-محرمات العقول ومباحاتها: 5/258-262-مبحث الأهلية: 5/178-180.

[115] – أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي: أصول السرخسي، حقق أصوله: أبو الوفا الأفغاني (دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، 1414هـ/1993م)، 2/289-300، 332.

[116] – أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار السمعاني الشافعي: قواطع الأدلة في أصول الفقه، سبق ذكره: 1/ 13.

[117] -السابق: 1/ 13-15. كذلك: 1/ 31.

[118] -السابق: 1/ 33.

[119] -أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي: أصول السرخسي، سبق ذكره: 1/ 369.

[120] -أبو حامد الغزالي: المستصفى في علم الأصول، سبق ذكره، ص 173-175، (الضرورات-الحاجات-ما لا يرجع إلى ضرورة ولا حاجة ولكن يقع موقع التحسين والتزيين).

[121]-أبو حامد الغزالي المنخول من تعليقات الأصول، حققه، وخرج نصه، وعلق عليه: محمد حسن هيتو (دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، دون بيانات أخرى)، ص363.

[122] -أبو حامد الغزالي: المستصفى في علم الأصول، سبق ذكره،  ص 11.

[123] -السابق، ص 31.

[124] السابق، ص 216.

[125] أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي الحنبلي: الواضح في أصول الفقه (مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، ط1، 1999م): 1/ 7.

[126] -السابق: 1/ 44.

[127] -السابق: 1/ 60-61.

[128] -السابق: 1/ 127-128.

[129] -أحمد بن علي بن برهان البغدادي: الوصول إلى الأصول، تحقيق: عبد الحميد علي أبو زنيد (مكتبة المعارف، الرياض، المملكة العربية السعودية، 1404هـ/1984م): 1/ 48.

[130] – السابق: 1/ 53-54.

[131] – السابق: 2/ 225، 274.

[132] -أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر بن محمد التميمي المازري: إيضاح المحصول من برهان الأصول، دراسة وتحقيق: عمار الطالبي (دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، دون بيانات أخرى) ص 66.

[133] – السابق، ص 93.

[134] -علاء الدين شمس النظر أبو بكر محمد بن أحمد السمرقندي: ميزان الأصول في نتائج العقول في أصول الفقه، دراسة وتحقيق: عبد الملك عبد الرحمن أسعد السعدي (رسالة دكتوراه غير منشورة، رقم الرسالة 912، مكتبة جامعة أم القرى، مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية، 1404هـ/1984م) ص 1.

[135] -السابق، ص 547.

[136] -محمد بن عبد الحميد الأسمندي: بذل النظر في الأصول، حققه وعلق عليه وينشره لأول مرة: محمد زكي عبد البر (مكتبة دار التراث، ط1، 1412هـ/1992م) ص 8.

[137] – السابق، ص 11.

[138] – السابق، ص 628.

[139] – السابق، ص 22.

[140] -أبو الوليد محمد بن رشد الحفيد: الضروري في أصول الفقه أو مختصر المستصفى، تحقيق: جمال الدين علوي، تصدير: محمد علال سيناصر (دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، ط1، 1994م) ص 44.

[141] – السابق، ص 63.

[142] – السابق، ص 104.

[143]-“حكم الله-تعالى-على قول أهل السنّة مجرّد خطابِه الذي هو كلامه القديم، والقديم يمتنع تعليله: فضلاً عن أن يعلَّل بعلة محدثة” فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين الرازي: المحصول في علم أصول الفقه، دراسة وتحقيق: طه جابر فياض العلواني (مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، دون بيانات أخرى)، 5/127.

[144]-“والمعتمَد هو أنا استقرينا من الشريعة أنها إنما وُضعت لمصالح العباد استقراءً لا ينازع فيه الرازي ولا غيره” أبو إسحاق الشاطبي: الموافقات في أصول الشريعة، مج1، كتاب المقاصد، سبق ذكره ، ص 4.

[145] -السابق: 1/ 78، 285.

[146] -السابق: 1/ 82.

[147] -السابق: 1/ 286.

[148] -موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي الحنبلي: روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، (مكتبة الإسكندرية، دون بيانات أخرى)، ص 4.

[149] – السابق، ص 34-35.

[150] -السابق، ص 4.

[151] – سيف الدين أبو الحسن علي بن محمد الآمدي: الإحكام في أصول الأحكام، علق عليه: الشيخ عبد الرزاق عفيفي (دار الصميعي، الرياض، ط1، 1424هـ/2003م): 1/ 21.

[152] – السابق: 1/ 41.

[153] – السابق: 1/ 229، 3/ 230.

[154] -حسام الدين محمد بن محمد الأخسيكتي الحنفي: متن المُذهب في أصول المَذهب على المنتخب لولي الدين محمد صالح الفرفور، قدم له: مصطفى سعيد الخن (مكتبة دار الفرفور، دون بيانات أخرى): 1/ 26.

[155] -السابق، نفسه.

[156] -السابق: 1/ 95، 97.

[157] – جمال الدين أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر المقري النحوي الأصولي الفقيه المالكي المعروف بابن الحاجب: منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل (مطبعة دار السعادة بجوار محافظة مصر، مصر، ط1، 1326هـ) ص 3.

[158] -السابق، ص 22.

[159] -عز الدين بن عبد العزيز بن عبد السلام: القواعد الكبرى الموسوم بقواعد الأحكام في إصلاح الأنام، دراسة وتحقيق: محمود بن التلاميد الشنقيطي، دار المعارف بيروت، لبنان: 1/130.

[160] -السابق: 1/230، 232.

[161] -السابق: 1/246.

[162] -السابق: 2/48، وكذلك: 2/52.

[163] -“ما من حق للعباد يسقط بإسقاطهم أو لا يسقط بإسقاطهم إلا وفيه حق لله” عز الدين بن عبد العزيز بن عبد السلام: القواعد الكبرى الموسوم بقواعد الأحكام في إصلاح الأنام، تحقيق نزيه كمال حماد، وعثمان جمعة ضميرية، سبق ذكره: 1/238.

[164] -ناصر الدين البيضاوي: منهاج الوصول في معرفة علم الأصول (المكتبة والمطبعة المحمودية، القاهرة، دون بيانات أخرى) ص 2.

[165] -السابق، ص 15.

[166] -جلال الدين أبو محمد عمر بن محمد بن عمر الخبازي: المغني في أصول الفقه، تحقيق: محمد مظهر بقا (مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، المملكة العربية السعودية، ط1، 1403هـ) ص

[167] -السابق، ص 232.

[168] -سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم بن سعد بن الصفي المعروف بابن العباس الحنبلي ونجم الدين الطوفي: رسالة في رعاية المصلحة، تحقيق وتقديم: أحمد عبد الرحيم السايح (الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، ط1، 1413هـ/1993م) ص 23ـ 45.

[169] -السابق، ص 47.

[170] -السابق، ص 44-45.

[171] -السابق، ص 15.

[172] -أبو منصور جمال الدين الحسن بن يوسف الحليّ: مبادئ الوصول إلى علم الأصول، إخراج وتعليق وتحقيق: عبد الحسين محمد علي البقال (دار الأضواء، بيروت، لبنان، ط2، 1406هـ/1986م) ص 71.

[173] -السابق، ص 72.

[174] -السابق، ص 73.

[175] -السابق، ص 214.

[176] -صالح بن عبد العزيز آل منصور: أصول الفقه وابن تيمية، دون ناشر، ط2، 1985، ص 190.

[177] -أحمد بن عبد الحليم بن تيمية: مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، جمع وترتيب: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، ومحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المملكة العربية السعودية، ط1، 2004: 19/ 5.

[178] -السابق، نفسه.

[179] -السابق: 19/6.

[180] -السابق: 19/9.

[181] -آل تيمية: مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن الخضر، شهاب الدين أبو المحاسن عبد الحليم بن عبد السلام، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم: المسوّدة في أصول الفقه، جمعها وبيضها: شهاب الدين أبو العباس الفقيه الحنبلي أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الغني الحراني الدمشقي المتوفي سنة 745هـ، حقق أصوله، وفصله، وضبط مشكله، وعلق حواشيه: محمد محيي الدين عبد الحميد (مطبعة المدني، القاهرة، دون بيانات أخرى) ص 5.

[182] -السابق، ص 10.

[183] -السابق، ص 32.

[184] -السابق، ص 81.

[185] السابق، ص 109.

[186] عبد العزيز بن أحمد بن محمد البخاري: متن كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي سبق ذكره: 3/436.

[187] -السابق: 4/136.

[188] -السابق: 4/134-159.

[189] -أبو القاسم محمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي المالكي المعروف بابن جزي: تقريب الوصول إلى علم الأصول، دراسة وتحقيق: محمد علي فركوس (دار التراث الإسلامي للنشر والتوزيع، الجزائر، ط1، 1410هـ/1990م) ص 43.

[190] – أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب المعروف بابن قيم الجوزية: إعلام الموقّعين عن رب العالَمين، قرأه وقدم له وعلق عليه وخرج أحاديثه وآثاره: أبو عبيدة مشهور بن الحسن آل سلمان (دار ابن الجوزي، المملكة العربية السعودية، ط1، 1423هـ): 2/50-59.

[191] -السابق: 2/208.

[192] -السابق: 2/256.

[193] -السابق: 3/100.

[194] – صلاح الدين أبو سعيد خليل بن سيف الدين كيكلدي بن عبد الله العلائي الدمشقي الشافعي: تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد، دراسة وتحقيق: إبراهيم محمد سلقيني (دار الفكر، دمشق، ط1، 1982م) ص 406.

[195] -تاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي: جمع الجوامع في أصول الفقه، علق عليه ووضع حواشيه: عبد المنعم خليل إبراهيم (منشورات محمد علي بيضون لنشر كتب السنة والجماعة، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط2، 1424هـ/2003) ص 108.

[196] – السابق، ص 80.

[197] – السابق، ص 81.

[198] – أبو عبد الله محمد بن أحمد الحسيني التلمساني: مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول ويليه كتاب مثارات الغلط في الأدلة، دراسة وتحقيق: محمد علي فركوس (المكتبة المكية، مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، ط1، 1419هـ/1998م) ص 297.

[199] -السابق، ص 298.

[200] -السابق، ص 645-646.

[201] – أبو محمد عبد الرحيم بن الحسن الأسنوي: التمهيد في تخريج الفروع على الأصول، تحقيق: محمد حسن هيتو (مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، 1400هـ، دون رقم الطبعة) 1/45.

[202] – السابق: 1/204.

[203] -السابق: 1/99.

    اقرأ ايضا

    المزيد من المقالات

    مقالك الخاص

    شــارك وأثــر فـي النقــاش

    شــارك رأيــك الخــاص فـي المقــالات وأضــف قيمــة للنقــاش، حيــث يمكنــك المشاركــة والتفاعــل مــع المــواد المطروحـــة وتبـــادل وجهـــات النظـــر مــع الآخريــن.

    error Please select a file first cancel
    description |
    delete
    Asset 1

    error Please select a file first cancel
    description |
    delete