تكوين
أولًا: محب الدين الخطيب الوجه الآخر لرشيد رضا.
إذا كان “رشيد رضا” هو قائد حركة الانقلاب الفكري على شيخه الإمام “محمد عبده” الذي كان له أثرًا كبيرًا، ليس فقط في تراجع حركة النهضة والإصلاح والتجديد، وإنما في ظهور حركات الإسلام السياسي وجماعاته التي مَثَّلت مسمارًا أخيرًا في نعش تلك الحركة الإصلاحية[1]، فإن محب الدين الخطيب هو المُرشد الحقيقي والمُؤسس لهذه الجماعات التي أنهت أسئلة الإصلاحية والتجديد والرقى والتمدن لصالح البحث عن الهُوية والتكريس لها.
وبعد أن كان الاستعمار نتيجةً وليس سببًا، يُمكن مهادنته ومقاومته في آن واحد بوعي في نظر الإمام “محمد عبده” ورفاقه، انقلبت بهذا الانقلاب الأمور وتبدلت النتائجُ أسبابًا والأسبابُ نتائجًا، ووضعت الآخر –الغرب على الأخص- بكل ما عنده موضع العداء والريبة والشك والخوف، بعد أن كان مصدرًا للمعرفة وعلامةً على التمدن والرقى، يؤخذ منه بلا خوف ويُترك منه بوعي في نظر الإصلاحيين.
انقلاب لصالح الهوية وأسئلتها قاده الشيخ “رشيد رضا” وعمقه ونظمه “محب الدين الخطيب” على ثنائية قطبية حادة (أنا في مقابل الآخر)، كما فعل النازيون والصهاينة في الغرب[2].
فانتقلنا من الهُوية الذهنية الواعية التي تُمثل شكلًا أساسيًّا من أشكال المقاومة بالتمدن والتقدم والرقى والانفتاح غير الخائف أو الذائب في الآخر، إلى واقع التمحور حول الهُوية المصحوبة بالخوف والخائف ينسحب إلى “جيتو” يتخندق ويتشكك ويرتاب من الآخر.
إقرأ المزيد: الإسلام السياسي القصة وما فيها: من الأفغانى إلى حسن البنا عبر قنطرة رشيد رضا
انفصال تام وعدم رؤية للآخر مريحةً تمنحنا حقوقًا ومزايا مُطلقة على حساب ذاك الآخر الذي نَتَعَامَى عن رؤيته، نازيةٌ إسلاميةٌ بهُويةٍ شموليةٍ على حساب الفرد والأمم الأخرى، لا تعرف سوى الغزو وكأنها تَمثيل للاحتلال الغربي الاستعماري.
تحول المسلمون أو العرب -عند دعاة القومية- عن عقيدة الإسلام -وهذا هو الأخطر- التي تقبل التنوع داخل إطار شامل من الوَحْدَة غير العضوية الفضفاضة التي تسمح للجماعات الدينية والإثنية المختلفة بأن تُبدع من طريقه مثل إبداع الأكراد والتتر والتركمان والعرب والمسلمين والمسيحيين واليهود وغيرهم، إلى دوجما مُصمتة ترفض الإبداع والتنوع وتحاربه، وانحسرنا بين تيارين وجهين لعملة واحدة بالأساس والمنطلق مع فروق في درجة العقلنة والقبول للآخر نوعًا ما لصالح الآخر: تيار الجامعة الإسلامية وتيار الجامعة –أو القومية- العربية.
العروبة والعثمانية والهُوية الضائعة
من هنا جاء “محب الدين الخطيب” من قلب الشام من واقع الأزمة والضغط على الهُوية والمعاناة في سبيل التمسك بها، مشكلة لم تكن تعيشها أو تعانيها مصر، فنشأ عروبيًا قوميًا ثم انتهى سلفيا إسلامويًا، ملهمًا لجميع حركات الإسلام السياسي، فهل يوجد بينهما فرق؟
ولد “محب الدين الخطيب” في دمشق عام (1886م) يومئذ كانت العروبة –وفق قوله- عُنوانًا لمدلول نَسَيَهُ العرب منذ ألف سنة وتنكروا للمورد الكريم الذي صنعها الله منه، ليقوم أهلها برسالة الإنسانية العليا فتعود بهم إلى أهداف الحق والخير[3].
كلمات تُبرز وتُصور واقع المعاناة التي كان يعانيها ذاك الجيل نتيجةَ سياسةِ التتريك والاستبداد والجباية التي فرضتها الدولة العثمانية، في ظل حالة الضعف والتراجع الحضاري في كافة الأصعدة فنشأت -نتيجة هذه السياسات- أجيال تجهل اللغة العربية فضلًا عن أن تتقنها فكيف تقرأ القرآن أو تتواصل مع تراثها وتعيشه فتأخذ منه أو ترفض؟! فالتعليم في المدارس باللغة التركية، حتى علم نحو اللغة العربية وصرفها كان يُدرس من كتاب مكتوب باللغة التركية من فم رجل تركي؟![4].
وكانت الشام يومئذ مَوْئلًا للبعثات التبشيرية الفرنسية اليسوعية والبروتستانتية الأمريكية، وكان التنافس بينهما في فتح المدارس والكليات في ظل غياب تامٍ للدولة العثمانية عن ملف التعليم أو إصلاح الواقع، اللهم إلا استثناءات معدودة[5].
ولما وصل “محب الدين الخطيب” للإستانة ليكمل تعليمية فيها عام 1905م في كليتي الآداب والحقوق، هالهُ ما رأهُ من الشباب العربي الذين يجهلون قواعد لغتهم الأصلية وإملاءها فضلًا عن آدابها وثقافتها وكل همهم أن يحذقوا اللغة التركية ويندمجوا في أهلها، ليستطيعوا الحصول على وظيفة تضمن لهم عيش الحياة[6].
فألهمته هذه البيئة فكرة أول جمعية يؤسسها “محب الدين الخطيب“، جمعية “النهضة العربية” لخلق الاعتزاز بالقومية العربية وعظمة الإسلام[7]. الأمر الذي جعل الشرطة تُداهم مسكنه وتراقبه، مما اضطره للاكتفاء بالدراسة في كلية الحقوق فقط، نظرًا لكثرة المطاردات والتنقلات، وانتهى به الحال لعدم إكمال دراسته بالكلية فيما بعد، كل هذا لمجرد جمعية لا قانون لها ولا نظام ولا تفعل شيء سوى التشجع على تعلم اللغة العربية وآدابها[8]!.
فلا هوادة لدى الدولة العثمانية في فرض حالة التتريك الغاشم بمنتهى الاستبداد والاستعلاء العرقي والاستحواذ على الفضاء العام، خلافًا لمصر التي كانت تنعم بحالة من الاستقلال عن الدولة العثمانية تجعلها بمنأى عن هذا العسف مما دفع أبناء الشام للفرار إلى مصر[9].
“محب الدين الخطيب” كان واحدًا من هؤلاء الشوام الفارين بعد مجيئه للقاهرة، تعرف على الشيخ –رشيد رضا– صاحب الأثر الملحوظ فيه من الناحية الفكرية والحركية[10]. رصد الشيخ “عبد المتعال الصعيدي” ذلك الأثر فقال عن محب الدين الخطيب[11]: ليس عنده من العلم إلا أشياء تلقفها من هنا وهناك لا تصل به إلى درجة الفقه في الدين إلى أن بدا له أن يتشبه في مصر بالسيد “رشيد رضا“.
كان الشيخ رشيد ينادي محب الدين الخطيب بقوله: يا ولدى[12]، ومن ثم فالكلام عن محب الدين الخطيب هو امتدادٌ بطريقة أو بأخرى لرشيد رضا وفكرته، فرشيد هو الذي عَرَّفَ “محب الدين الخطيب” طريق التعامل مع الإنجليز سلطة الأمر الواقع بطريقة الساسة وطريق العمل في المنظمات السرية، وهو الذي رشحه إلى عضوية جمعية الشورى العثمانية السرية (التي كان الشيخ رشيد من مؤسسيها)[13] وفوضه لمهمة تجنيد اعضاء لهذه الجماعة[14].
ما يعنى أنه –محب الدين الخطيب– صارت لديه خبرة تنظيمية تُمكنه من أداء هذه المهمة وتجعله محل ثقة الشيخ رشيد، وقد استطاع ببراعته اختراق الجيوش العربية وتجنيد مجموعة من أكابر الضابط لعضوية الجمعية وكذلك القضاة [15]، وأيضًا كان محب عضوًا بحزب اللامركزية بالقاهرة[16]، وأدار فرعها بدمشق، وهي الجمعية التي كان ضمن لجنتها التنفيذية الشيخ “رشيد رضا” ونائب رئيسها ألكسندر عمون بك وهو معتمد تنظيم العربية الفتاة في مصر[17].
ومبعوث جمعية “الجامعة العربية” (التي أسسها رشيد رضا ردًا على دعاية الدول العثمانية للجامعة الاسلامية)[18] إلى عبد العزيز آل سعود وغيره من زعماء الجزيرة عام 1914م[19].
أسهمت هذه الجمعية والتنظيمات والحركات الانفصالية في تفتيت الدولة العثمانية، وبعد تحقق الانهيار نَقل “محب الدين الخطيب” ولاءه إلى الملك عبد العزيز آل سعود وصب كل جُهده في نشر الوهابية ومهاجمة دعوات التقريب بين المذاهب وأنشأ المكتبة والمطبعة السلفية بمصر([20]). وحينما أسس الشيخ رشيد مدرسة (الدعوة والإرشاد) اختار الخطيب ليشاركه في التدريس بها[21].
الابن الذي تجاوز أبيه حركةً وتنظيمًا
وإذا كان الشيخ رشيد رضا يُنادى محب الدين الخطيب بقوله: يا ولدى[22]، لكن الحق الواضح الذي لا شك فيه، أن الولد قد فاق والده في صنعة التنظيمات السرية وخدمة تيارات الإسلام السياسي بما لم يُتح لأبيه الشيخ رشيد رضا.
وحتى نصل إلى صورة واضحة عن قدرات محب الدين الخطيب التنظيمية، يمكننا تقسيم عمله بهذه المنظمات إلى مرحلتين: المرحلة الأولى، ما قبل الحرب العالمية. المرحلة الثانية، ما بعدها وذلك كالتالي:
أولًا، ما قبل الحرب العالمية الأولى.
- إنشاء “جمعية النهضة العربية” بتركيا (1906م)([23]).
- “جمعية الشورى السرية” (1907م): تحت إمرة “رشيد رضا” بمصر([24]).
- إنشاء النادي العربي للشباب بالإستانة (1909م): وذلك قبل مغادرته لدمشق عام1909م([25]).
- جمعية العربية الفتاة السرية (1909م)([26]).
- المؤتمر العربي الأول في باريس (1909م)([27]).
- حزب اللامركزية” العثماني بالقاهرة (1912م)([28]).
آخرًا، تنظيمات وأحزاب ما بعد الحرب العالمية الأولى
- أسهم في إنشاء جمعية أنصار السنة المحمدية (1926م): وهي جمعية أسسها “محمد حامد الفقي” (1892: 1959م) عام 1926م واتخذ لها دارًا في عابدين في القاهرة([29]).
- إنشاء جمعية الشبان المسلمين كأول تنظيم سري (1927م): وهي الجمعية التي وصفها “علي الطنطاوي” (1909: 1999م) بأنها: “بداءة الدعوة المنظمة“([30]) وبداءة العمل السري للتنظيمات الإسلامية وفق آخرين([31]).
- تأسيس جماعة “الإخوان المسلمين” (1928م): لتكون تنظيمًا تكميليًّا لجمعية الشُبان المسلمين وبمنزلة وعاء للبسطاء لا النخبة كما نصحه “رفيق العظم“([32]).
- جمعية “شباب محمد” المنشقة عن الإخوان (1940م): وكان لها شأن في العمل الحركي على الأرض ونشأت في رعايته([33]).
- وممن تأثر بالتلمذة على يديه رموز السلفية بأنواعها ومنها مدرسة الإسكندرية السلفية التي يمثلها سياسيا “حزب النور السلفي”([34]).
ربما لأجل ذلك كله قال عنه “محمد رجب البيومي“:
“إن محب أمةٌ في واحد لأن أكثر حركات التحرك الإسلامي في الأمة العربية عرفت منه الظهير المُؤيد والمقترح المصمم”([35]).
وقال عنه زهير الشاويش:
“وبقي حتى وفاته لولب الحركات الإسلامية في مصر”([36]).
لكن لماذا كل هذه التنظيمات رغم وَحَدة غايتها؟ يُجيب عن ذلك محب الدين الخطيب بتصوره لما أسماه “جبهة إسلامية موحدة“[37]، فكانت طريقته أن تعدد الجمعيات والتنظيمات مع وَحَدة الغاية لا يُعد تفرقًا ولا يُحدث ضعفًا([38])، فها هو قد أدخل في أنشطة “جمعية الشورى السرية” ما يشبه أنشطة الإخوان في الكتائب والمخيمات([39]).
ما يستحق الـتأمل والنظر أن محب الدين الخطيب على الرغم من نشره للفكر السلفي في مصر[40] إلا أنه لم يكن سلفيا في الشكل الظاهري أو ما يُطلق عليه الهدي الظاهر، ولم يكن عالم دين من الأصل، فهو صحفي مارس الصحافة والسياسة وتنقل في الحركات السرية والمسلحة، مما أكسبه خبرات متعددة[41].
ربما هذا ما جذب البنا إليه، فجلس بين يدي محب الدين الخطيب وهو يعيش كونه شيخَ دين، لكنه ليس أزهريًا ولا يحمل علومًا شرعية تمكنه من ترسيخ قناعته هذه، فكيف يكون شيخًا؟ كيف يُوفق بين قناعته الشخصية وواقعه؟ وهو رجل –البنا– ينتمى إلى التعليم المدني (أفندي) ومع ذلك يخشى الذوبان في مجتمع القاهرة، فانعزل ليحتمي بالتقاليد الريفية ولم يستطع أن يعيش كالقاهريين وهو في قلب القاهرة ولا كالأفندية وهو بينهم ولا كالشيوخ وهو يخالطهم، ارتباك وقلق بخصوص هُوية الذات، فيقول في مذكراته: “وقد وجدت في نفسي –على إثر ما شاهدت في القاهرة من مظاهر التحلل والبعد عن الأخلاق الإسلامية في كثير من الأماكن التي لا عهد لنا بها في الريف المصري الآمن”[42] لقد كان محب الدين الخطيب ترياق حسن البنا ونموذجه الذي حقق له توازنه النفسي المتكامل.
إقرأ أيضا: جذور العقل السياسي والأخلاقي في الإسلام: قراءة محمد أركون لنظرية القيم القرآنية
ولما كان محب واحدًا ممن أسسوا جمعية الشبان المسلمين وترأس جريدة الفتح الناطقة بلسانها والتي سارت مسيرة مجلة العروة الوثقى والمنار[43] في هذا التوقيت كان البنا مُلتصقًا بمحب الدين الخطيب، ففرح بهذه الجمعية أشد الفرح، لذا كان واحدًا من أعضائها المحبين النشطين حسبما قرر في مذكراته[44]، ومندوبا لمجلة الفتح الناطقة بلسانها والتي يرأس تحريرها محب الدين الخطيب[45].
والقارئ المتأني لعلاقة البنا بمحب الدين الخطيب سوف يدرك بما لا يدع مجالًا للشك أن درجة تأثر البنا بمحب الدين الخطيب وتأثيره في تكوينه الفكري كان أقوى بكثير من أي شخصية أخرى، حتى أنه يمكن القول إنه ما بين عام 1946م وحتى عام 1948م تماهى كلٌّ منهما مع الآخر وأصبح التأثير متبادل بينهما[46]، حتى قال “محب الدين” واصفًا كشفه الثمين المُتمثل في اكتشافه ورعايته للبنا: “كنت ابن صنعة”([47]) يقصد أنه قام بفرزه واقتناصه لتمرسه في اكتشاف وتدريب من هم مثله وقد ورد مثل ذلك بتدعيمه لمسيرة “القرضاوي“([48]).
لقد ملك الرجل –محب الدين الخطيب– براعة اكتشاف الرواد الأوائل لكل حركات الإسلام السياسي([49])، فهو مُلهمهم، صاحب الوحي وعراب تنظيماتهم المتعددة، المُفجر للجماعات والجمعيات السلفية المعاصرة ومُنشئ “المطبعة السلفية” بالقاهرة([50]) ثم المجلة “السلفية” بمصر (1911م)([51])، وفرع المطبعة السلفية بعد ذلك بمكة المكرمة([52]) و”مجلة الفتح” بمصر (1926: 1948م)([53]).
بجانب ذلك تَولي محب الدين الخطيب رئاسة إدارة عدة صحف مصرية وتحريرها ذا دلالة مهمة في هذا السياق، فقد تولى على سبيل المثال: “صحيفة الهداية” (1927م)([54]). وصحيفة “الإخوان المسلمين” (1933: 1936م)([55]) و“الشهاب” (1947م)([56]) و“مجلة الدعوة” لسان حال الإخوان المسلمين (1951م)([57]) ثم “مجلة المسلمون” بمصر وسويسرا (1952م)([58])، فقد أسسها صهر حسن البنا “سعيد رمضان” عام 1952م، وتوقفت ثم صدرت في جنيف في سويسرا عام 1961م.
الأخطر أنه تولى رئاسة تحرير مجلة الأزهر الشريف بمصر (1952: 1958م)([59]) بما يمكن أن يُؤرخ له أنه البداءات الحقيقة المُنظمة لاختراق الإسلام السياسي واحتلاله لكافة المسارات الفكرية المصرية، وربما لأجل هذا انتقد الشيخ عبد المتعال الصعيدي إسناد رئاسة تحرير مجلة الأزهر له فقال[60]: “وهو رجل ليس له ثقافة دينية أصيلة، وما كان لمثله أن يكون رئيس تحرير مجلة الأزهر، لأنه لا بضاعة له إلا التظاهر بالغيرة على الدين، وغيرة مثله على الدين تضر ولا تنفع، ولم يؤذَ الإسلام في عصرنا إلا من غيرة مثله، وكان على الأزهر أن يعرف أنه نشأ بين التجارة في الكتب وغيرها، وأن ليس عنده من العلم إلا أشياء تلقفها من هنا وهناك لا تصل به إلى درجة الفقه في الدين، إلى أن بدا له أن يتشبه في مصر بالسيد “رشيد رضا“.
كان رشيد رضا إذًا هو القنطرة التي عبرت عليها أفكار الأفغاني لحسن البنا، ثم جاء محب الدين الخطيب ليأسر عقل وقلب “حسن البنا” ويملكه، ذلك الشاب قليل الخبرة الطامح إلى الخروج من حالة الاغتراب، فتأثر به وبهذه الروافد بشدة وهذا واضح في جوانب متعددة لعل من أهمها الجانب الحركي والتنظيمي المُتمثل في الآتي:
- العمل السري: تشرب حسن البنا بطريق مباشر أهمية العمل السري من محب الدين الخطيب، فالخطيب نشأ في بيئة مناهضة للأتراك، وكانت قسوة الأتراك مع خصومهم تجعل المواجهة المباشرة صعبة وكلفتها عالية، لهذا لجأ هو وأقرانه إلى العمل المُنظم السري، فاشترك في جمعية الشورى العثمانية مع رشيد رضا، ثم اشترك معه في إنشاء حزب اللامركزية وهو حزب سري النشاط كذلك3 وكان عضوًا في الجمعية السرية (العربية الفتاة) كذلك[61]، وعديد من الجمعيات والمنظمات كما سبق ذكره.
- العمل مع البسطاء: تعلم حسن البنا من محب الدين الخطيب تحديدًا فائدة كبرى من العمل وسط البسطاء، فعندما أسرف الخطيب في تجنيد الأطباء والضباط نبهه رفيق العظم أن يُعيد على المنضمين للجمعية أهم شروطها وهو قتل الخائن الذي يُفشي سرها، ثم نصحه أن يُكثر من الفدائيين من الطبقة الدنيا (البسطاء والحرفيين) فهم أهل الثقة والإيمان[62].
- التجنيد: تعلم البنا من كل هؤلاء أن الدعوة العامة نشاط مقبول، لكن التغيير يكون مع التجنيد، فقد خبر الأفغاني ورشيد رضا ومحب الدين الخطيب عندما كان في جمعية العربية الفتاة وكان رقمه الكودي(28) و مسئوله المباشر عبد الغني العريسي رقمه الكودي(21) وشروط هذه الجمعية السرية الكتمان والإيمان بالقومية العربية، مطيعًا لقرارات الأكثرية دون قيد ولا شرط، وهي جمعية لم تكن متاحة للجميع، فلم يكن قبول عضو جديد بالأمر السهل واليسير، بل يختار أولًا، من عضوٍ سابقٍ ويُقدم عنه تقريرًا، فإذا ما تم دراسته بكيفية وافية، قُبِلَ بوصفه عضوًا مُنتسبًا، ثم يُعهد إلى شخصين من أعضاء الجمعية اللذان قَدَّامانه (أي الشخص الذي رشحه للجمعية) وأحد الأعضاء يُختاره المؤسسون بالجمعية، ويقوما بدراسة كافة أحواله وملابساته ونزعاته في مبادئه الوطنية، ثم صلاب أخلاقه، ومتى تم هذا كله دُعي إلى تأدية القسم أمامهما فقط، ولا يحق له أن يعرف من أعضاء الجمعية غيرهما[63].
- الاتصال بالإنجليز: اتصل رشيد رضا ومن بعده محب الدين الخطيب بالإنجليز عبر عمله مترجمًا للقنصل الإنجليزي في اليمن بالحديدة، ثم اتصل بهم للدفاع عن عزيز علي المصري القائد العسكري في الجيش العثماني وأحد أعضاء الاتحاد والترقي الذي حاصر السلطان عبد الحميد وأحد أبطال معارك ليبيا، لكن بسبب انحيازه إلى العرب واتصاله بحزب اللامركزية والعربية الفتاة، قرر الاتحاديون محاكمته عسكريًّا، ووصل الحكم إلى الإعدام هنا اتصل الخطيب بالقنوات الإنجليزية لرفع الحكم عن عزيز المصري.
فثمة وثيقة وجدها الباحث محمد عبد الرحمن برج في أوراق محب الدين الخطيب التي حصل عليها من ابنائه، تُثبت أن هناك اتصالات مع أجهزة المخابرات الإنجليزية، وهي وثيقة صادرة من الجمعية السرية العربية التي كان أسسها رشيد رضا لجمع كلمة الأمراء العرب في الجزيرة[64].
ثانيًا: البناء الفكري لحسن البنا وجماعته
يُقصد بالبناء الفكري لحسن البنا: مجموعة الأفكار والتصورات النظرية الحاكمة التي آمن بها وانعكست على جماعته، فسعت في تنفذيها من طريق آليات ووسائل متعددة تُسمى بمنهج التغيير، وهو الذي ينقل هذه التصورات والأفكار النظرية بخصوص ثلاث قضايا رئيسة تُعد بمنزلة أهدافًا كبري: النهضة، الهُوية، الإطار السياسي الحاكم، لواقع عملي تطبيقي[65].
وتلك الأهداف الكبرى –النهضة والهوية والإطار السياسي– لم تكن بدعة حسن البنا التي ابتدعها، بل كانت في الحقيقة هي مجموعة القضايا والأهداف الكبري التي مَثَّلت محور اهتمام الفكر والعقل العربي والإسلامي، الذي شهد انتكاسة وتراجعًا حضاريًا في العصر الحديث أمام تحدي الحضارة والواقع الغربي المُعاكس، كما سبق بيانه مما جعل الجميع يسأل لماذا؟ وكيف؟ لماذا تراجعنا وتقدم غيرنا؟ وكيف ننهض من كبوتنا؟[66]
وسواء اختلفت أو التقت الجوابات الفكرية في جوانب دون أخرى، لكنه وحده جواب “حسن البنا” وجماعته الذي وقف ضد الجميع، من طريق منهجٍ للتغيير يفرضه بالقوة المُبررة باسم الدين. تلك هي الأيديولوجية الفكرية التي آمن بها “حسن البنا” ودفع بها إلى جماعته في مرحلتين مختلفتين في التنظير عَبَّرَ عنهما بقوله: “فأول واجباتنا نحن الإخوان أن نبين للناس حدود هذا الإسلام واضحة كاملة بَيِّنَةً لا زيادة فيها ولا نقص بها ولا لبس معها، وذلك هو الجزء النظري من فكرتنا، وأن نطالبهم بتحقيقها وتحملهم على إنفاذها ونأخذهم إلى العمل بها، وذلك هو الجزء العملي من هذه الفكرة”[67].
وقد جاءت المرحلة الثانية (1938م) -مرحلة التنفيذ أو المرحلة العملية- محددة أكثر ومُبينة لطريقة تنفيذ عمومية تلك الأفكار كالآتي:
-
أولًا، معالم البناء الفكري في المرحلة الأولى للبنا وجماعته (1928م :1938م).
تبدو هذه المرحلة منسجمة تمامًا مع مسيرة التوجهات والاهتمامات الفكرية الأولى لحسن البنا بلا انقطاعات -ظاهريًا- فلا علاقة له أو لجماعته في هذه المرحلة بقضايا التحرر أو الاستقلال الوطني أو الدستور أو النظام القائم أو القضايا المتعلقة بالسياسة أو النهضة الفكرية بعامة، وإنما اقتصرت الأهداف على الدعوة للأخلاق الفاضلة والتمسك بأصول الدين في وجه التغريب[68]، فتقبلتها الجماهير برؤيتها دعوةً دينيةً خالصةً وحركةً إسلاميةً تدعوا إلى التربية والتهذيب الخُلُقِي وفقط، ولم تستشعر القوى السياسية حينها بأي خطر من تواجدها.
حتى أن “محمد محمود باشا” الرجل صاحب اليد الحديدية الباطشة وأكثر من حاول انتهاك الدستور والخروج عليه، لم يرى فيها أي تهديد له أو للبلاد، بل على العكس من ذلك يمد يد العون إلى البنا، ويحثهُ علي إقامة مزيدٍ من فروع وشُعب الجماعة في الصعيد الذي بدا نشاط الجماعة وتواجدها فيه ضعيفًا إلى درجة أنه سُمح لهم أن يقيموا ندواتهم ولقاءتهم في مضيفة أسرته بأبي تيج[69]، وهو تصرف حرفي مطابق لتقرير كتبه أحد رجال الشرطة عن نشاط الجماعة في الإسماعلية، يُوصى بالعمل لنشر فروعٍ لهذه الجمعية في مختلف أنحاء البلاد سعيًا في تحقيق الاستقرار، نظرًا لقدرتها على هداية المنحرفين وتحويلهم إلى مواطنين صالحين[70].
فقد نصَّ القانون الأول للجماعة والذي وافقت عليه الجمعية العمومية التي انعقدت في سبتمبر عام 1930م[71]، على أنَّ: “هذه الجمعية لا تتعرض إلى الشئون السياسية أيا كانت ولا للخلافات الدينية ولا صلة لها بفريق معين فهي للإسلام والمسلمين في كل مكان وزمان”، وأُكِّدَ ذلك مرة أخرى من طريق اللائحة الداخلية للجمعية، رغم تعديل بعض قوانينها سابقة الذكر[72].
وأكدهُ الشيخ طنطاوي جوهري –رئيس تحرير جريدة الإخوان المسلمين في أول ظهور لها- فقد قال إن الجماعة[73]: تعمل لنشر فضائل الدعوة المُحمدية ومقاصدها والآداب المنقولة عنها والأحاديث الدالة على الأخلاق الفاضلة من الصدق والعفاف وحُسن المعاشرة…”
ونَصَّت عقيدة الجماعة التي وضعها حسن البنا ووُضعت على غلاف مجلة الإخوان المسلمين بوصفها منهجًا للجماعة في ذلك الوقت على الآتي[74]:
- اعتقد أن الأمر كُله لله، وأن سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتم رسله للناس كافة، وأن الجزاء حق وأن القرآن كتاب الله وأن الإسلام قانون شامل لنظام الدنيا والآخرة. وأتعهد بأن أرتب على نفسي جزءًا من القرآن الكريم، وأن أتمسك بالسنة المُطهرة، وأن أدرس السيرة النبوية وتاريخ الصحابة الكرام.
- اعتقد أن الاستقامة والفضيلة والعلم من أركان الإسلام وأتعهد أن أكون مستقيمًا، أؤدي العبادات وابتعد عن المنكرات، فاضلًا أتحلى بالأخلاق الحسنة، وأتخلى عن الأخلاق السيئة، وأتحرى العبادات الإسلامية ما استطعت، وأوثر المحبة والود على التحاكم والتقاضي، فلا ألجأ إلى القضاء إلا مُضطرًا، وأعتزُّ بشعائر الإسلام ولغته وأعمل لبث العلوم والمعارف النافعة في طبقات الأمة.
- أعتقد أن المسلم مُطالب بالعمل والكسب، وأن في ماله الذي يكسبه حقًّا مفروضًا للسائل والمحروم، وأتعهد بأن أعمل لكسب عيشي وأقتصد لمستقبلي وأؤدي زكاة مالي وأخص جزءًا من إيرادي لأعمال البر والخير، وأشجع على كل مشروع اقتصادي نافع وأقدم منتجات بلادي وبنى ديني ووطني ولا أتعامل بالربا في شأن من شئوني ولا أتورط في الكماليات فوق طاقتي.
- أعتقد أن المسلم مسئول عن أسرته، وأن من واجبه أن يُحافظ على صحتها وعقائدها وأخلاقه، وأتعهد بأن أعمل لذلك جُهدي، وأن أبث تعاليم الإسلام في أفراد أسرتي، ولا أُدخل أبنائي أية مدرسة لا تتحفظ عقائدهم وأخلاقهم، وأقاطع كل الصحف والنشرات والكتب والهيئات والفرق والأندية التي تنائي الإسلام.
- أعتقد أن من واجب المسلم إحياء مجد الإسلام بإنهاض شعوبه وإعادة تشريعه، وأن راية الإسلام يجب أن تسود البشر، وأن من مهمة كل مسلم تربية العالم على قواعد الإسلام، وأتعهد بان أجاهد في سبيل أداء هذه الرسالة ما حييت، وأضحى في سبيلها بكل ما أملك.
- أعتقد أن المسلمين جميعًا أمة واحدة تربطها العقيدة الإسلامية، وأن الإسلام يأمر أبناءه بالإحسان إلى الناس جميعًا، وأتعهد بأن أبذل جُهدي في توثيق رابطة الإخاء بين جميع المسلمين وإزالة الجفاء والاختلاف بين طوائفهم وفرقهم.
- أعتقد أن السر في تأخير المسلمين ابتعادهم عن دينهم، وأن أساس الإصلاح العودة إلى التعاليم الإسلام وأحكامه، وأن ذلك ممكن لو عمل المسلمون، وأن فكرة الإخوان المسلمين تُحقق هذه الغاية، وأتعهد بالثبات على مبادئها والإخلاص لكل من عَمِلَ لها، وأن أظل جُنديًّا في خدمتها أو أموت في سبيلها.
كلمات فضفاضة عامة يمكن أن يجتمع حولها عامة المسلمين بلا ريبة، باستثناء بعض الإشارات حتى جاء عام 1938م فانقلبت الأمور رأسًا على عقب أو هكذا بدت.
آخرًا: معالم البناء الفكري في المرحلة الثانية للبنا وجماعته (عام 1938م)
ففي شهر مايو لعام 1938م ومن طريق مقالة كتبها “حسن البنا” في العدد الأول من مجلة النذير، بدأ بالتحامهِ واقتحامُ جماعته للعمل السياسي، مخالفًا لما أعلنه وما اعتمدته الجمعية العمومية لجماعته من قبل بشأن عدم التعرض للشئون السياسية أيا كانت أو الخلافات الدينية[75].
بدا واضحًا أن هناك مرحلة جديدة، فاسم المجلة التي حَوَتْ تلك المقالة هو في ذاته مُوحي بالانتقال من مرحلة الدعوة إلى الأخلاق بالحكمة والموعظة الحسنة، إلى مرحلة أخرى تحمل مجلة النذير عنوانه شكلًا –باسم النذير- ومعنىً فقد ظهر لأول مرة في خطاب البنا بصورة واضحة شعار الإسلام دين ودولة، ولأول مرة أيضًا يتعرض للحكم والجهاد واستخدام مفردات المصحف والسيف والدخول في الشأن السياسي.
ويؤكد البنا أيضًا في المقالة ذاتها أن تلك المرحلة التي لم تتلبس فيها دعوته أو تتعرض للسياسة قد مضت وانقضت، وأنها عهد ولى وأنه قد بدأ عهدٌ جديدٌ، عهدٌ يشتبك فيه مع السياسة والسياسيين والزعماء والحكومات حتى لو أدى هذا الاشتباك إلى مواجهتهم ولو بالحرب متى اقتضى الأمر ذلك! وهذا يوضح أن اقتران المصحف بالسيف في كلماته لم يكن شيئًا من قبيل الصدفة، بل شيءٌ مقصود بلا شك فقد قال [76]: “أيها الإخوان تجهزوا“.
منذ عشر سنين بدأت دعوة الإخوان المسلمين خالصة لوجه الله، مُقتفيةً أثر الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم سيد الزعماء وأهدى الأئمة وأكرم خلق الله على الله متخذة القرآن منهاجها تتلوه وتتدبره وتقرؤه وتتفحصه وتنادي به وتعمل له وتنزل على حكمه وتوجه إليه أنظار الغافلين عنه من المسلمين وغير المسلمين. كذلك كانت وستظل دعوةً “إسلامية محمدية قرآنية” لا تعرف لونًا غير الإسلام ولا تصطبغ بصبغة غير صبغة الله العزيز الحكيم ولا تنتسب إلى قيادة غير قيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تعلم منهاجًا غير كتاب الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. والإسلام عبادة وقيادة ودين ودولة ورُوحانية وعمل وصلاة وجهاد وطاعة وحكم ومصحف وسيف لا ينفك واحد من هذين عن الآخر “وإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”.
وكانت مصر يوم أن نبتت هذه الدعوة المجددة لا تملك من أمر نفسها قليلًا ولا كثيرًا، يحكمها الغاصبون ويستبد بأمورها المستعمرون وأبناؤها يجاهدون في سبيل استرداد حريتها والمطالبة باستقلالها، ولم يخلُ الجو من منازعات حزبية وحزازات سياسية تُذكيها مآرب شخصية، ولم يشأ الإخوان المسلمون أن يزجوا بأنفسهم في هذه الميادين، فيزيدوا خلاف المختلفين ويمكنوا للغاصبين ويلوثوا دعوتهم وهي في مهدها بلون غير لونها ويظهروها للناس في صورة غير صورتها.
فتقلبت الحكومات وتغيرت الدولات وهم يجاهدون مع المجاهدين ويعملون مع العاملين منصرفين إلى ميدان مثمر منتج هو ميدان تربية الأمة وتنبيه الشعب وتغيير العرف العام وتزكية النفوس وتطهير الأرواح وإذاعة مبادئ الحق والجهاد والعمل والفضيلة بين الناس. واعتقد أنهم نجحوا في ذلك إلى مدى يحمدون الله عليه ويسألونه مزيدًا منه، فقد أصبح للإخوان المسلمين دارًا في كل مكان ودعوةً على كل لسان وأكثر من ثلاثمائة شعبة تعمل للفكرة وتقود إلى الخير وتهدي إلى سواء السبيل، وأصبح كذلك في مصر شعورًا إسلاميًّا قويًّا دفَّاق، يركن القوي إليه ويعتزُّ الضعيف به، ويأمل الجميع في ثمراته ونتائجه والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وشكرُ الله لهذا الشعب الذكي على حسن استعداده لتقبل الحق وجميل مبادرته إلى طريق الخير.
هذه مرحلة من مراحل الإخوان التي اجتزناها بسلام وفق الخطة الموضوعة لها وطبق التصميم الذي رسمه توفيق الله، والآن أيها الإخوان وقد حان وقت العمل وآن أوان الجد ولم يعد هناك مجال للإبطاء فإن الخطط توضح والمناهج تُطبق وكلها لا يؤدي إلى غاية ولا يُنتج ثمرة، والزعماء حائرون والقادة مذبذبون متأرجحون. ما خطوتكم الثانية؟
أقول لكم فاسمعوا:
سوف ننتقل من خير دعوة العامة إلى خير دعوة الخاصة، ومن دعوة الكلام وحده إلى دعوة الكلام المصحوب بالنضال والأعمال، وسوف نتوجه بدعوتنا إلى المسئولين من قادة البلد وزعمائه ووزرائه وحكامه وشيوخه ونوابه وأحزابه، وسوف ندعوهم إلى مناهجنا ونضع بين أيديهم برنامجنا، وسوف نطالبهم بأن يسيروا بهذا البلد المسلم، بل زعيم الأقطار الإسلامية في طريق الإسلام في جرأة لا تردد معها وفي وضوح لا لبس فيه ومن غير مواربة أو مداورة، فإن الوقت لا يتسع إلى المداورات فإن أجابوا الدعوة وسلكوا السبيل إلى الغاية آزرناهم وإن لجئوا إلى المواربة والروغان وتستروا بالأعذار الواهية والحجج المردودة فنحن حرب على كل زعيم أو رئيس حزب أو هيئة لا تعمل لنصرة الإسلام ولا تسير في الطريق لاستعادة حكم الإسلام ومجده، سوف نُعلنها خصومة لا سِلْمَ فيها ولا هوادة معها، حتى يفتح الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين.
إلى الآن أيها الإخوان لم تخاصموا حزبًا ولا هيئة كما أنكم لم تنضموا إليهم كذلك ولقد تَقَوَّلَ الناس عليكم، فمن قائل إنكم وفديون نحاسيون، ومن قائل إنكم سعديون ماهريون، ومن قائل إنكم أحرار دستوريون، ومن قائل إنكم بالحزب الوطني متصلون، ومن قائل إنكم إلى مصر الفتاة تنتسبون، ومن قائل إنكم إلى غير ذلك من الأحزاب منتمون، -والله يعلم والعارفون بكم أنكم من كل ذلك بريؤون، فما اتبعتم غير رسوله زعيمًا وما ارتضيتم غير كتابه منهاجًا وما اتخذتم سوى الإسلام غاية، فدعوا كلام الناس جانبًا وخذوا في الجد والزمن كفيل بكشف الحقائق وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم.
كان ذلك موقفكم أيها الإخوان سلبيًا هكذا فيما مضى، أما اليوم وأما في هذه الخُطوة الجديدة، فلن يكون كذلك سوف تخاصمون هؤلاء جميعًا في الحكم وخارجه خصومة شديدة لديدة، إن لم يستجيبوا لكم ويتخذوا تعاليم الإسلام منهاجًا يسيرون عليه ويعملون له وسيكون هؤلاء جميعًا منضمين لكم في وحدة قوية وكتلة متراصة متساندة، إن أجابوا داعي الله وعملوا له، وحينئذ يجتمعون ولا يتفرقون ويتحدثون ولا ينتقدون، فهو موقف إيجابي واضح لا يعرف التردد ولا يتوسط بين الحب والبغض، فإما ولاء وإما عداء ولسنا في ذلك نخالف خطتنا أو ننحرف عن طريقتنا أو نغير مسلكنا بالتدخل في السياسة” كما يقول الذين لا يعلمون ولكنا بذلك ننتقل خطوة أخرى في طريقتنا الإسلامية وخُطتنا المحمدية ومنهاجنا القرآني، ولا ذنب لنا أن تكون السياسة جزءًا من الدين وأن يشمل الإسلام الحاكمين والمحكومين، فليس في تعاليمه أعط ما لقيصر إلى قيصر، وما لله إلى الله، ولكن في تعاليمه قيصر وما لقيصر لله الواحد القهار.
أيها الإخوان أعلن لكم هذه الخطوة على صفحات جريدتكم هذه لأول عدد منها، وأدعوكم إلى الجهاد العملي بعد الدعوة القولية والجهاد بثمن وفيه تضحيات وسيكون من نتائج جهادكم هذا في سبيل الله والإسلام أن يتعرض الموظفون منكم للاضطهاد وما فوق الاضطهاد، وأن يتعرض الأحرار منكم للمعاكسة وأكثر من المعاكسة، وأن يُدعى المترفون المترفهون منكم إلى السجون وما هو أشق من السجون، ولتُبلون في أموالكم وأنفسكم، فمن كان معنا في هذه الخُطوة فليتجهز وليستعد لها ومن قعدت به ظروفه أو صعبت عليه تكاليف الجهاد سواء أكان شعبة من شعب الإخوان أم فردًا من أعضاء الجماعة، فليبتعد عن الصف قليلًا وليدع كتيبة الله تسير ثم فليلقنا بعد ذلك في ميدان النصر إن شاء الله، ولينصرن الله من ينصره، ولا أقول لكم إلا كما قال إبراهيم من قبل “فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم”.
وإن لنا في جلالة الملك المسلم أيده الله أملًا محققًا وفي الشعب المصري الذي صقلته الحوادث ونبهته التجارب ومعه الشعوب الإسلامية المتآخية بعقيدة الإسلام نظرًا صادقًا وتأييد الله ومعونته قبل ذلك وبعده فإلى الأمام دائما. أ-ه.
انتهت كلمات البنا التي عبرت بوضوح تام عن تغير في الهيكل الفكري لصاحب الجماعة وإمامها وللجماعة من بعده، ثم تأتى فاعليات المؤتمر الخامس للجماعة والذي انعقد عام 1939م وفيه وضح البنا غاية الإخوان ووسائلهم وخطوات منهاجهم وموقفهم من الهيئات المختلفة.
تشير الدلائل إلى أن حسن البنا استقى هذه الأيديولوجية من مدرسة المنار [77]، فقد كان البنا وثيق الصلة بالشيخ رشيد[78]، منذ أن كان البنا طالبًا بدار العلوم وظلت هذه العلاقة مستمرة بعد قيام دعوة الإخوان المسلمين، وكان يستشير الشيخ رشيد رضا في كثير من الأمور، وبعد وفاة الشيخ رشيد طلبت أسرته من البنا أن يقوم بأعباء المنار ويتولى مسئولية تحريرها، وهو ما حدث بالفعل فصدر الجزء الخامس من المجلد الخامس والثلاثين برئاسة البنا في غرة جمادى الآخرة 1358ه/ 18يوليو 1939 م في ثمانين صفحة بالشكل نفسه الذي صدر في عهد الشيخ رشيد رضا حتى توقفت عن الصدور في سبتمبر عام 1940م[79].
كانت الجماعة إذًا امتدادًا طبيعيًّا لفكر رشيد رضا ومدرسة المنار[80]، التي كانت تهدف إلى إقامة الحُجة على أن الإسلام دين ودولة[81]، ثم أكمل البنا مسيرته التنظيمية والفكرية مع عراب التنظيمات الإسلاموية ومفجرها “محب الدين الخطيب” لتكون أيديولوجيته كالآتي[82]:
- شمولية الإسلام للدين والدنيا وشتى مناحي الحياة ومظاهرها بلا فصل بينهما، وهو ما أشار إليه البنا بقوله [83]:الإسلام عبادة وقيادة ودين ودولة وروحانية وعمل وصلاة وجهاد وطاعة وحكم ومصحف وسيف لا ينفكُّ واحدًا من هذين عن الآخر.
- العودة بالإسلام إلى مراحله الأولى وفهمه من منابعه بعدما التبس على الناس الدين الصحيح وما نُسب إليه ظلمًا وجهلًا[84]، وقد خطب البنا قائلًا[85]، يجبُ أن نستقي النظم الإسلامية من مَعين السهولة الأولى، وأن نفهم الإسلام كما يفهمه الصحابة والتابعون من السلف الصالح، وأن نقف عند الحدود الربانية النبوية، حتى لا نُقيد أنفسنا بغير ما قَيدنا به الله“
- الجامعة الإسلامية، “فكل أرض ارتفعت فيها راية الإسلام، هي وطن لكل مسلم يحتفظ به ويعمل له ويجاهد في سبيله. والإسلام كما هو عقيدة وعبادة، هو وطن وجنسية، ويُعدُّ المسلمين جميعًا أمة واحدة ويُعدُّ الوطن الإسلامي وطنًا واحدًا“.
- السعي في عودة الخلافة الإسلامية والجهاد في سبيل ذلك، فـ [86]. “الإخوان يعتقدون أن الخلافة رمزُ الوحدة الإسلامية، ومظهر الارتباط بين أمم الإسلام، وأنها شعيرة إسلامية يجب على المسلمين التفكر في أمرها والاهتمام بشأنها، والخليفة مناط كثير من الأحكام في دين الله، ولهذا قَدَّمَ الصحابة رضوان الله عليهم النظر في شأنها على النظر في تجهيز النبي ودفنه، حتى فرغوا إلى تلك المهمة واطمأنوا إلى إنجازها.والأحاديث التي وردت في وجوب نصب الإمامة وبيان أحكامها وتفصيل ما يتعلق بها، لا تدع مجالًا للشك في أن من واجب المسلمين أن يهتموا بالتفكير في أمر خلافتهم… والإخوان المسلمون لهذا يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس مناهجهم“.
- الحكومة الإسلامية، يقول البنا [87]: “الإسلام الذي يؤمن به الإخوان المسلمون يجعل الحكومة ركنًا من أركانه، ويعتمد علي التنفيذ كما يعتمد علي الإرشاد، وقديمًا قال الخليفة الثالث رضي الله عنه: (إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)، وقد جَعل النبي صلي الله عليه وسلم الحكم عروة من عُرى الإسلام، والحكم معدود في كتبنا الفقهية من العقائد والأصول، لا من الفقهيات والفروع، فالإسلام حكم وتنفيذ كما هو تشريع وتعليم كما هو قانون وقضاء لا ينفك واحد منها عن الآخر، والمُصلح الإسلامي، إن رضي لنفسه أن يكون فقيهًا مرشدًا يقرر الأحكام ويرتل التعاليم ويسرد الفروع والأصول وترك أهل التنفيذ يشرعون للأمة ما لم يأذن به الله ويحملونها بقوة التنفيذ علي مخالفة أوامره، فإن النتيجة الطبيعية أن صوت هذا المُصلح سوف يكون صرخة في وادٍ ونفخةً في رمادٍ كما يقولون“.
ويؤسس البنا لفكرة ضرورة السعي في استخلاص الدولة من بين أيد من يحكمها لإقامة هذه الحكومة، لكن بعد فترة من الإعداد لذلك فيقول بوضوح[88]:
“فالحكم من مِنهاجهم -يقصد مِنهاج جماعته- وسوف يعملون لاستخلاصه من أيدي كل حكومة لا تنفذ أوامر الله. وعلى هذا فالإخوان المسلمون أعقل وأحزم من أن يتقدموا إلى مهمة الحكم، ونفوس الأمة على هذا الحال، فلا بد من فترة تنتشر فيها مبادئ الإخوان وتسود، ويتعلم فيها الشعب كيف يُؤْثِرُ المصلحة العامة على المصلحة الخاصة”.
كانت هذه النظرية التي وضعها وصاغها البنا كاملة ثم جاءت آليات التنفيذ للبناء الفكري للجماعة وتوحيده من طريق رسالة المنهج، ثم رسالة التعاليم التي أطلقها البنا في يوليو عام 1938م التي حددت آليات تنفيذ هذه الأيديولوجية عبر ثلاث مراحل هي[89]: مرحلة التعريف، التي تُعنى بنشر الفكرة العامة للجماعة بين الناس باستخدام آليات متعددة. ثم مرحلة التكوين، وهي تُعنى باستخلاص العناصر الصالحة للجهاد وضم بعضهم إلى الآخر. لتأتى أخيرًا مرحلة التنفيذ، وهي مرحلة الجهاد الذي لا هوادة فيه.
ويمكنُ إجمال ما سبق من البناء الفكري للبنا وجماعته من طريق الآتي:
مُخطط لمراحل التكوين الفكري ومنهج التغيير لدى حسن البنا وجماعته
|
|
ثانيًا، معالم ودعائم البناء الفكري لحسن البنا وجماعته
|
||||||||||||
|
|
|
|
|||||||||
ثالثًا: مراحل تنفيذ هذه الأيدلوجية
|
||||||||||||||
|
|
|||||||||||||
|
|
|
||||||||||||
الخاتمة:
يمكننا إذًا مما سبق أن نستنج الآتي:
- تأتي ملامح حسن البنا الشاب في القاهرة متسقًة مع نشأته الأولى وعيشه في المحمودية التي جاء إليها والده مرتحلًا من قرية شمشيرة مغتربًا بلا عائلة ولا لقب يُعطيه ميزة متوازنة، في وقت كان لأبناء القرية أفضلية اجتماعية على الغرباء.
وعلى الرغم من أصوله المُنحدرة من قرية شمشيرة فلا يوجد أحد من أهلها يزعم أنه قريب ولو من بعيد إلى حسن البنا! وحينما يُذكر “البنا” في مرة أنه زار أقارب أمه في سنديون نرى تجاهلًا مريرًا لاستقباله في شمشيرة التي من المفترض بها أعمامه وأخواله وعماته وخالاته[90]. هذا كله يضع عُنوانًا عريضًا وكبيرًا وفاعلًا في التكوين النفسي للبنا، ألا وهو الاغتراب وأزمة الهُوية[91] كلمة السر الأولى في التكوين أو الاتجاه الفكري لحسن البنا في تطابق مع حالة الاغتراب والبحث عن هُوية لدى أستاذيه، حتى فكرة الصمت والعزلة التي طبقها حسن البنا على نفسه في وقت مبكر، هي في الحقيقة إخبار عن تلك الأزمة ونبأ مبكر عن وجود صفات واضحة الشخصية أصولية[92].
- يري بعض الباحثين، أن المرحلة الثانية، لجماعة الإخوان تُعد انقلابًا فكريًا هائلًا طرأ على مسيرة الجماعة مما جعلهم يطرحون سؤلًا جوهريًا: هل كان هذا الانقلاب أو تلك الأفكار مخطط لها مُسبقًا في ذهن “حسن البنا” منذ اللحظات الأولى لتأسيس الجماعة أم هو تحول طارئ؟ ولماذا؟ [93] .
والحق أن القارئ المتأني لمسيرة حسن البنا ورحلته يُدرك إدراكًا غير مشكوكٍ فيه، أن المرحلة جاءت مُتسقة مع ما عايشه حسن البنا وما عرفه من أفكار رشيد رضا ومدرسة الأفغاني الحركية ومحب الدين الخطيب، ومن ثم فاعتقد -مع من اعتقدوا بذلك- أن هذه الأفكار لم تكن انقلابًا، بل كانت خُطة تعلمها حسن البنا واتقنها من طريق رحلته مع الأستاذين رشيد رضا ومحب الدين الخطيب.
وحسن البنا بنفسه أقر بوضوح هذه المرحلة في ذهنه، وأنها لم تكن انقلابًا بل شيئًا اتقنه وقدرة على المراوغة الحركية تعلمها بفضل الأستاذين، وإن لم يذكر ذلك لكن قراءة الواقع والوقائع تؤكده، فثقافة الإنسان الحاكمة لأفكاره هي[94]: ما يبقى في ذهنه بعدما تنسى كل شيء. وسواء أقر البنا الإحالة إلى أستاذيه أو تناسى عن قصد أو عن عمد، فالبحث المتجرد يقود بقوة نحو هذه الحقائق.
- ظل الإخوان على مدار حركتهم لا يهتمون كثيرًا بالتأصيل، ربما لشيءٍ في نفسه أو ربما تَشَبُّهًا بطريقة شيخه “محب الدين الخطيب” الصحافية أو ربما لأن بدعة التأصيل في المجال الدعوى الحركي لم تكن ظهرت بعد، فهي نتاج ظهور الحركة السلفية وانتشارها فيما بعد.
فنجد البنا سواء في المذكرات أو الرسائل يُلقى أفكارًا دون أي إشارة أو إحالة أو تأصيل فقهى لها، كما هو مشهور عن بقية هذه الجماعات فيما بعد حتى إذا ما قرأت ما كتبه فإنك لا تكاد ترى قولًا منقولًا لعالم أو كتاب مُشار إليه، بل غالب أمر البنا أنه كان يلجأ للنصوص ينطقها على ضوء ما قرره وما استقر بداخله.
- وبذلك نجح هو وأتباعه فيما بعد من أن يُحولوا الدين لأيديولوجيا ينطلقون بها لخدمة أهدافهم ومعتقداتهم بناء على رغباتهم وقوالبهم النظرية، فهم يمارسون سلطة داخلهم بالإحالة على السلف في الظاهر وبطريقة مجملة تُحقق لهم ما يعتقدون، حتى يُمكن القول بأنهم أعادوا قراءة الدين على ضوء ما لديهم من أفكار وتصورات وهذه هي القراءة المأزومة نفسيًا.
فالبنا الذي ومن بعده من منظري الجماعة-سيد قطب نموذجًا- لم يكونوا في مستوى علماء الدين القادرين على التحصيل والتأصيل، إذ أين هي الإحالات، ومن ثم لم يكن في وسعهم -في الأغلب- سوى اللجوء إلى النصوص لاستنطاقها واستخراج ما يؤمنون به.
- يتشابه طرح حسن البنا وجماعته وحالة الإسلامين الحركيين -فيما بعد- مع الطروحات الفكرية الشمولية التي عاصرها: النازيين والماركسيين، ومن تبنى حروب العصابات وكي يكون طرحهم هذا طرحًا إسلامويًّا، لا بد أن يذهبوا للتراث ليؤصلونه بطريق أو بآخر.
وهكذا خرج مارد الإسلام السياسي من قُمقمه فارضًا، رؤاه وأفكاره، متغلغلًا عبر تنظيماته وجماعاته وشبكته الحلزونية المعقدة في جميع أركان المجتمعات العربية والإسلامية وأنحائها بدرجة تحتاج في فصلها إلى جهاد كبير وطويل وشاق.
قائمة الهوامش والمصادر والمراجع:
[1] -انظر: “العرب والحداثة” عبد الإله بلقزيز 91: 92ط: مركز دراسات الوحدة العربية.
[2] -انظر في هذا المعنى مقال “أسئلة الهوية” لـ “عبد الوهاب المسيري” بتاريخ: 2-8-2007م على موقع الجزيرة.
[3] -“محب الدين الخطيب ودوره في الحركة العربية” د. محمد عبد الرحمن برج ص8: 9 ط: الهيئة المصرية العامة للكتاب لعام 1990م.
[4] -“محب الدين الخطيب ودوره في الحركة العربية” ص8.
[5] -“محب الدين الخطيب ودوره في الحركة العربية” ص 9.
[6] -“محب الدين الخطيب ودوره في الحركة العربية” ص19.
[7] -“محب الدين الخطيب ودوره في الحركة العربية” ص21.
[8] -“محب الدين الخطيب ودوره في الحركة العربية” ص25: 27.
[9] -“محب الدين الخطيب ودوره في الحركة العربية” ص19: 22.
[10] -“محب الدين الخطيب ودوره في الحركة العربية”ص34.
[11] -انظر “الحرية الدينية في الإسلام” للشيخ عبد المتعال الصعيدي تقديم د. عصمت نصار ص15 ط: الكتاب اللبناني -بيروت ودار الكتاب المصري القاهرة.
[12] -“محب الدين الخطيب ودوره في الحركة العربية”ص34.
[13] -انظر: مقدمة رشيد رضا لكتاب “مجموعة آثار رفيق بك العظم” ص14 د ط1: بمطبعة المنار عام 1344هجرية=1925م.
[14] -“محب الدين الخطيب ودوره في الحركة العربية” ص37.
[15] -“محب الدين الخطيب ودوره في الحركة العربية” ص36 41 42.
[16]-“محب الدين الخطيب ودوره في الحركة العربية” ص70.
[17]-“محب الدين الخطيب ودوره في الحركة العربية” ص74.
[18]-“محب الدين الخطيب ودوره في الحركة العربية” ص95.
[19]-“محب الدين الخطيب ودوره في الحركة العربية” ص105.
(([20]”ثورة المدينة المنورة.. وقعة الحرة” شريف راشد الصدفي ص88- 89.ط: إصدارات دار إي- كتب لندن انجلترا 2017م ص88- 89.
[21]-“محب الدين الخطيب ودوره في الحركة العربية” ص79.
[22] -“محب الدين الخطيب ودوره في الحركة العربية” د. محمد عبد الرحمن برجص34.
([23]) أنشئت عام 1906م بإستانبول ومن ضمن أعضائها أعز أصدقائه “صالح القاسمي”. واستخدمت فيها فكرة التعريب ضد التتريك بالاهتمام باللغة العربية لتجميع الشباب من المقاهي، ثم بالفرز والتجنيب من بينهم يتحولوا لجلسات خاصة يديرها “محب الدين” والأمير “عارف الشهابي”، بمصاحبة أنشطة رحلات ومعسكرات ترفيهية وتوعوية لهم كما كل التنظيمات الإسلاموية –فيما بعد- ثم نقل لأسباب أمنية المركز العام من إستانبول إلى دمشق في 1907م (انظر: من سير الخالدين بأقلامهم ص104- 106. وانظر: محب الدين الخطيب… ودوره في الحركة العربية ص27).
([24]) ومن أعضائها: “شبلي شميل” و”رفيق العظم”. كما أنشأ فرع اليمن للجمعية بوصفه فرعًا من “جمعية الاتحاد والترقي” 1908م، وحرص “رفيق العظم” على السرية الشديدة في الاتصال بالخطيب، بل وصل أمر السرية إلى مراسلاته بما هو مضمونه: “أن عقاب من يخون الجمعية الموت والشعبة هي التي تكلف بإجراء العقاب على الخائن وإنشاء فرع لكل شعبة من الفدائيين (الأنارشت) تكلف بهذه الأعمال، كما يُشير “العظم” على رفيقه أن يكثر من إدخال الفدائيين من الطبقات الدنيا لاعتيادهم الصدق فهم أهل للثقة أكثر من الطبقة العليا (انظر: محب الدين الخطيب.. ودوره في الحركة العربية ص36 و43- 44 و50- 52).
([26]) تأسست ببيروت ثم بباريس 1909م وكان “محب” يمثل الجمعية بمصر (انظر: من سير الخالدين بأقلامهم ص145. وانظر: محب الدين الخطيب.. ودوره في الحركة العربية ص76).
([27]) كان هو واسطة العقد بين كيانات سرية مثل “الجمعية العربية الفتاة” و”حزب اللامركزية” وتولى نشر أعمال المؤتمر بكتاب في 1913م (انظر: من سير الخالدين بأقلامهم ص145).
([28]) ابتدأ في دمشق وانتقل إلى القاهرة 1912م برئاسة “رفيق العظم”. وكان “محب” سكرتيرا ثانيًا في لجنته الإدارية، وانتشر الحزب بالشام والبلاد العثمانية، ورغم علانية الحزب، كانت تحركاته سرية وكان يدير فرع دمشق بنفسه (انظر: من سير الخالدين بأقلامهم ص145. وانظر: محمد عزة دروزة: حول الحركة العربية الحديثة المكتبة العصرية بيروت لبنان 1949م ص37).
([29]) يرى “حسام تمام” أن حامد الفقي أبرز من نشروا تراث ابن تيمية بتعاونه مع محب الدين في مكتبته السلفية. ويقر “أسامة شحادة” بتتلمذ الفقي على “رشيد رضا” و”محب الدين” ذاكرًا عمل الفقي معهما بالمكتبة السلفية وأنه استفاد منهما كثيرًا بأمثلة وبراهين (انظر: قضايا الإصلاح والنهضة عند محب الدين الخطيب ص300؛ حسام تمام: محمد رشاد غانم.. مكتبة سلفية في محل أنتيكات موقع مرصد الظاهرة الإسلامية عن أرشيف ملتقى أهل الحديث رابط:
https://al-maktaba.org/book/31617/5832 (.
([30])-انظر: الذكريات علي الطنطاويج1 ص260ط: دار المنارة الجديدة جدة السعودية 1985م.
([31]) تولى الإرشاد لجمعية الشبان المسلمين وتوضيح أهدافها إلى جانب متابعة جريدة “الفتح” لنشاط الجمعية كناطق باسمها. فقد دعا “أحمد تيمور باشا” المخلصين إلى مقاومة التغريب والإلحاد، وذلك عبر إنشاء جمعية ومجلة فكانت “الفتح” وأما الجمعية فكانت “الشبان المسلمين” حيث انتخب 12 طالبا جامعيًا منهم “عبد السلام هارون” و”محمود شاكر” و”عبد المنعم خلاف” (انظر: قضايا الإصلاح والنهضة عند محب الدين الخطيب ص295. وانظر: من سير الخالدين بأقلامهم ص168- 169).
([32]) وقد ذكر “محب” نفسه أن “جمعية الشبان المسلمين” التي أنشأها عام 1927م كانت نواة لتنظيم كبير ما يزال مستمرًا إلى الآن، وكان له تأثيره الكبير في مجرى الأحداث في كثير من البلدان في العالم وهو تنظيم الإخوان المسلمون. وعندما أسس الإخوان المسلمون جريدة باسم حزبهم اختاروه ليتولى رئاسة تحريرها منذ صدور عددها الأول 15 يونيه 1933م إلى نهاية سنتها الثالثة. وقد صرح “محب” في إحدى مقالاته بأنه من المنتسبين إلى حزب الإخوان. ولا مانع في ذلك من توجيه بعض الانتقادات إلى بعض مواقف الحزب من مثل التقريب بين المذاهب الإسلامية (انظر: محب الدين الخطيب.. ودوره في الحركة العربية ص44. وانظر: قضايا الإصلاح والنهضة عند محب الدين الخطيب ص296).
([33]) وهي جمعية انشقت عن الإخوان المسلمين بانشقاق بدأ عام 1939م بقيادة “أحمد رفعت” واكتمل عام 1940م على إثر خلاف مع الجماعة يتثمل في ثلاث محاور: مالية الجماعة، وأسلوب عملها، وتحالفاتها السياسية. وانضمت مجلة النذير الناطقة باسم الإخوان إلى المنشقين بحكم أن ترخيصها باسم “محمود أبو زيد” أحد المنشقين (انظر: قضايا الإصلاح والنهضة عند محب الدين الخطيب ص299. وانظر: جمال باروت فيصل دراج: الأحزاب والحركات والجماعات الإسلامية المركز العربي للدراسات الاستراتيجية دمشق سوريا 1999م ص71).
([34]) والمتابع لسلسة “أحبوا هذا الرجل” المتلفزة والمنشورة على موقع “أنا سلفي” لأحد أهم رواد تلك المدرسة “محمد إسماعيل المقدم”؛ ليدرك حجم تقدير مدرسة الإسكندرية السلفية لجهود “محب الدين”. ومن قرائن ذلك استئناس سلفية الإسكندرية بتسمية مجلتهم الأم باسم “الفتح”. كما جزم “أسامة شحادة” بدوره كجندي مجهول وراء إعداد وتأهيل الأب العلمي لسلفية الإسكندرية “محمد إسماعيل المقدم” (انظر: محمد بن إسماعيل المقدم: سلسلة “أحبوا هذا الرجل” محب الدين الخطيب بموقع “أنا سلفي” رابط: https://www.youtube.com/watch?v=8Bbi5objeyM . وانظر: أحمد سالم: اختلاف الإسلاميين مركز نماء للبحوث والدراسات بيروت لبنان 2013م ص68. وانظر: رموز الإصلاح السلفي المعاصر ص437).
([35]) النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين ج2 ص314.
([36]) رموز الإصلاح السلفي المعاصر ص437.
([37])”جبهة إسلامية موحدة” محب الدين الخطيب مجلة الفتح عدد844 جمادى الآخرة 1366هـ ص749.
([38]) محب الدين الخطيب.. ودوره في الحركة العربية ص52.
([39]) من سير الخالدين بأقلامهم ص132.
[40] -“من اعلام الدعوة والحركة الاسلامية” عبد الله العقيل ص 743 ط7: دار البشير لسنة 2008م.
[41] – شارك في الاعداد لمعركة ميسون العسكرية وقام بتدريب الاهالي على السلاح انظر: محمد عبد الرحمن برج محب الدين الخطيب ودوره في الحركة العربية ص
[42] -المرجع السابق ص 50.
[43] -:”تاريخ الصحافة الإسلامية” ص23: 25.
[44] – انظر “مذكرات الدعوة والداعية” ص 104: 105
[45] -“الإخوان المسلمون” ريتشارد ميتشيل ج1 ص 50 ظ: مكتبة مدبولي.
[46]-انظر: “أيدلوجية جماعة الإخوان المسلمين” ص 329ط: مكتبة مدبولي.
([47])-حسن البنا الداعية والمجدد الشهيد أنور الجندي ص338- 339ط: دار القلم دمشق سوريا 2000م.
([48])في وداع الأعلام يوسف القرضاوي ص125ط: الدار الشامية إستانبول تركيا دون تاريخ.
([49]) مصطفي الفقي: ذكرياتي معهم الدار المصرية اللبنانية مصر ط2 2018م ص208.
([50]) تعد المطبعة السلفية من أهم وأكبر دور النشر في البلاد العربية وقد أسسها سنة 1909م. (من سير الخالدين بأقلامهم ص141- [50] وانظر: قضايا الإصلاح والنهضة عند محب الدين الخطيب مرجع سابق ص114).
([51]) بالاشتراك مع صهره “عبد الفتاح قتلان” والسيد “رشيد رضا” 1911م ومنها أسس المكتبة السلفية (محب الدين الخطيب.. ودوره في الحركة العربية ص65).
([52]) محب الدين الخطيب: المطبعة السلفية في مكة المكرمة مجلة الفتح عدد149 ذو الحجة 1347هـ ص7.
([53]) أهم الصحف التي أصدرها وأشرف عليها وبها اشتهر والتصق اسمه بها واستمرت لمدة 25 سنة. قال عنها في تقدمته لعددها الأول: أنها أنشئت لمماشاة الحركة الإسلامية وتسجيل أطوارها (انظر: مهند أحمد مبيضين: تطور الفكر الوحدوي عند محب الدين الخطيب مجلة العلوم الإنسانية ص276 جامعة البحرين عدد25 صيف 2015م).
([54]) الناطقة باسم جمعية “الهداية الإسلامية” التي أنشأها صديقه “محمد الخضر حسين” 1927م (انظر: “تاريخ علماء دمشق في القرن الرابع عشر الهجري” محمد مطيع الحافظ ونزار أباظة ص270 ط: دار الفكر المعاصر دمشق سوريا 2016م).
([55]) أول صحيفة يصدرها الإخوان تولى الخطيب رئاسة القسم الإسلامي لمدة تزيد عن ثلاث سنوات حولها فيها لجريدة يومية وقد ذكر “حسن البنا” بمذكراته أن الجريدة حصلت على دعم مادي ومعنوي من السيد “محب الدين” (انظر: “مذكرات الدعوة والداعية ص179 ط: مركز الإعلام العربي مصر 2011م).
([56]) أصدرها “حسن البنا” عام 1947م وكانت علمية شهرية صدر منها خمسة أعداد فقط (انظر: الإعلام مرجع سابق ص121).
([57]) لسان حال الإخوان المسلمون فكانت أول مجلة إسلامية أسبوعية تطبع بالطباعة الحديثة (انظر: “وسائل الإعلام المطبوعة في دعوة الإخوان المسلمين” محمد فتحي شعير ص312ط: جامعة محمد بن سعود السعودية 1983م. وانظر: “أحداث صنعت التاريخ” محمود عبد الحليم ج2 ط: دار الدعوة مصر 1994م).
([58]) انظر: رغداء محمد أديب زيدان: قضايا الإصلاح والنهضة عند محب الدين الخطيب رسالة ماجستير بكلية الإمام الأوزاعي للدراسات الإسلامية بيروت لبنان 2006م ص61).
([59]) أسندت إليه رئاسة تحرير مجلة الأزهر نظرًا لصداقته بالشيخ الخضر حسين (انظر: من سير الخالدين بأقلامهم ص162. وانظر: الصحافة الإسلامية في مصر بين عبد الناصر والسادات محمد منصور هيبة ص76 ط: دار الوفاء المنصورة مصر 1990م).
[60] -انظر “الحرية الدينية في الإسلام” للشيخ عبد المتعال الصعيدي تقديم د. عصمت نصار ص15 ط: الكتاب اللبناني -بيروت ودار الكتاب المصري القاهرة.
[61] – “محب الدين الخطيب ودور في الحركة العربية” محمد عبد الرحمن برج ص 34 ص 47
[62] – المرجع السابق ص 44
[63] – “محب الدين الخطيب ودور في الحركة العربية” مرجع سابق ص 76.
[64] – انظر: -“محب الدين الخطيب ودوره في الحركة العربية”ص37 57 104: 111. ويمكن الرجوع كذلك لـ “العرب والسياسة البريطانية في الحرب العالمية الأولى” مكي شبيكة دار الثقافة بيروت 1970 م.
-[65] “الفكر السياسي للإمام حسن البنا” ص 183.
[66] انظر: المرجع السابق ص 183.
[67] – انظر: “مجموعة رسائل حسن البنا” ص 93 :94 ط1: دار الدعوة لسنة 2002م.
[68]-“الإخوان المسلمون والتنظيم السري”, ص 27.
[69]-“الإخوان المسلمون كبري الحركات الإسلامية الحديثة” اسحق موسي الحسيني ص 23: 24 ط1: دار بيروت للطباعة والنشر ببيروت عام 1952م.
[70] -“الإخوان المسلمون وجذور التطرف الديني والإرهاب في مصر” السيد يوسف ص151 ط: الهيئة المصرية العامة للكتاب لسنة 2015م
[71] -انظر: قانون جمعية الإخوان المسلمين بالإسماعيلية الأول 1349ه- 930م ط: مطبعة التضامن الأخوي. ويمكن رؤيته على الرابط التالي: انقر هنا لزيارة الرابط
[72] -لائحة جمعية الإخوان المسلمين الداخلية العامة المعدلة 1351ه-1932م، ط: مطبعة عبد الرحمن ش محمد على نمرة 141.
[73] -انظر: “تطور الحركة الوطنية في مصر 1937م -1948م ” عبد العظيم محمد رمضان ص 229 ط: بيروت.
[74]-ولم تطبع هذه البنود على غلاف مجلة الإخوان المسلمين سوى في السنة الثانية من صدورها وتحديدًا بعد العدد رقم 40 من الثانية انظر على سبيل المثال: “مجلة الاخوان المسلمين” “العدد 41 من السنة الثانية الخميس الموافق 2 مارس 1935م. ويمكن ريته على الرابط التالي: انقر هنا لزيارة الرابط
[75] -لائحة جمعية الإخوان المسلمين الداخلية العامة المعدلة 1351ه-1932م، ط: مطبعة عبد الرحمن ش محمد على نمرة 141.
[76] -المقالة صدرت في افتتاحية العدد الأول من المجلة وهي مجلة سياسية أسبوعية صدر أول عدد لها يوم الاثنين 29 ربيع أول 1357هجرية الموافق لشهر مايو عام 1938م انظر: “مذكرات الدعوة والداعية” ص 176 وما بعدها.
[77] -“الإخوان المسلمون والتنظيم السري” ص 27 وانظر أيضًأ: “تطور مصر1924م – 1950م”مارسيل كولومب ن ترجمة زهير الشايب ص 298 ط: مكتبة مدبولي.
[78] -“دراسات في تاريخ مصر المعاصر” عبد العظيم رمضان ص261 ن ط: المكتب العربي للبحث والنشر بالقاهرة.
[79] -انظر في ذلك موقع إخوان ويكبيديا تحت عنوان “مجلة المنار”.
[80]-“تطور الفكر السياسي في مصر الحديثة والمعاصرة” أحمد عبد الرحيم مصطفي ص 83 ط: معهد البحوث والدراسات العربية لسنة 1973م.
[81] -“الفكر الثوري في مصر قبل ثورة 23 يوليو” عبد العظيم رمضان ص 49: 50 ط: دار المأمون للطباعة والنشر.
[82] -“الإخوان المسلمون والتنظيم السري” ص28: 30.
[83] – مذكرات الدعوة والداعية ص177.
[84] – مذكرات الدعوة والداعية ص 63.
[85] – الإخوان المسلمون والتنظيم السري” ص 28.
[86]-مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا” ص 194 ط1: دار الدعوة لسنة 2002م
[87] -مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا” ص 186.
[88] -المرجع السابق ص 187.
[89]-“المرجع السابق” ص 378.
[90] – المرجع السابق ص 99.
[91] – يري ريتشارد هرير دكمجيان أن الجماعات الأصولية تظهر نتيجة لتفاعل ثلاثة عوامل أساسية هي: أزمة اجتماعية حادة وقيادة كاريزمية وشخصية أصولية.
وتتمثل سمات الأزمة الاجتماعية في الاتي:
1-أزمة هُوية: وهو ما تعرض العالم الإسلامي لهذه الأزمة إبان سقوط الخلافة العثمانية فوجد نفسه بين قوميات وعرقيات متعددة تركية فارسية عربية كُرديه. ولعل هذا يفسر لنا سر التأثير الذي حظيت به القومية العربية، فقد أحدثت توازنًا للشخصية العربية من طريق بعث أو حل أزمة الهُوية المضطربة القلقة التي كانت تبحث عن حل غير أن هزيمة 1967م أعادت إلى العالم العربي الاضطراب من جديد، الشيء الذي سمح بانفجار الأصولية من جديد في السبعينات.
2-أزمة مشروعية الحكم: وتظهر في حالة الفشل في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
3-اختلال ميزان العدالة الاجتماعية. 4-أزمة الثقافية والتحديث: وتظهر عند العجز عن بلورة أيديولوجيا تواجه الأيدولوجيات المتطرفة أو تملأ الفراغ وتسد هوة هذا الصراع الموجود.
تلك سمات البيئة المأزومة التي إن صادفت شخصية تحمل مواصفات الأصولي الذي يشعر بالنقص والدونية؛ انتمى إلى هذه الجماعات لينقلب شعوره بالنقص والدونية لشعور حاد بالاستعلاء العدواني في أحيان كثيرة.
وهذا كله يظهر في حالة حسن البنا.
انظر: ” “الأصولية في العالم العربي” ريتشارد هرير دكمجيان ترجمة عبد الوارث سعيد المنصورة ص 24 :58 ط: دار الوفاء للطباعة والنشر الطبعة الأولى 1989م
[92]-قدم إر يكسون ولاسويل وإنكلز ودور كايم وأدورنو وهوفر وريسمان ملامح للشخصية الأصولية وصفاتها مثل: 1- العزلة: فالأصولي فرد يميل إلى العزلة التي هي نتيجة مباشرة لبيئة الأزمة التي يحاول الانفصال عنها والاستعاضة عنها بجماعة العقيدة التي تمنحه هُوية جديدة. 2-الشعور بالدونية: وهو نتيجة للعجز عن إيجاد بيئة اجتماعية ملائمة وحين الانتماء إلى جماعة العقيدة، يتوارى هذا الشعور بالدونية ليستعيض عنه بشعور مضاد وهو الشعور بالاستعلاء. 3- العدوانية الفكرية وهو يأتي نتيجة الحرمان المجتمعي. 4-الفاشية: ومن هنا يأتي اهتمامهم بالقوة وسعيهم في السيطرة السياسية والاقتصادية. 5-الارتيابية والإسقاط: فهو يميل لرؤية قوى شريرة تعمل في بيئة معادية، فيظهر عليه ارتياب عميق في الناس والمؤسسات وينسب إليهم –في عملية اسقاط مريح- نوايا حاقدة وعليه يميل إلى تصنيف الناس وفقًا لقوالب جامدة. 6- القسوة التي تؤدى إلى الجرأة: فانطلقًا لما عايشوه من ضيق وعجز والآلام جراء الصعوبات، فهم يرفضون الطريق السهل أو التفسير السهل لأغلب نشاطاتهم الدينية والاجتماعية والسياسية وهذا ينعكس عليهم بالتصلب والتشدد في طريقة الحياة.
وكلما قويت هذه الصفات كلمات قويت نزعت التطرف والميل للانضمام والعكس ولعل هذا يفسر حالة المنتمي للجماعات وحالة الشخص المتعاطف. انظر: “الأصولية في العالم العربي” ص 58: 63.
[93] -انظر: “قراء جديدة في الجذور التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين” د-مختار أحمد نور ص114 :115 133: 135ط:1الهيئة المصرية العامة للكتاب لسنة 2019م. وانظر أيضًا: “الإخوان المسلمون والتنظيم السري” ص 31 :34.
[94] – انظر: “تكوين العقل العربي” لمحمد عابد الجابري ص38 ط: مركز دراسات الوحدة العربية.