منهجية طه حسين في كتابه “الفتنة الكبرى” الجزء الثاني

تكوين

لم يكن لطه حسين أن يؤلف كتابًا مثل “الفتنة الكبرى” دون أن يكون متسلحًا من البداية بفلسفة تمكنه من الولوج إلى تلك الفترة المفصلية والإشكالية من التاريخ الإسلامي. هذه الفلسفة قد ظهرت في أعمال عديدة كتبها قبل “الفتنة الكبرى“، وهي متمحورة حول الموقف من العلاقة بين الإيمان والعقل، أو الدين والعلم أو الفلسفة؛ إذ يأخذ طه حسين العلم والفلسفة بمعنى واحد، بوصفهما التفكير العقلاني المنطقي، وهو هنا يساوي بينهما مثل عادة الفلاسفة في العصرين اليوناني والإسلامي، إذ نظروا إليها على أنها البحث النظري العقلي المستند على البرهان، وهو معنى العلم بمفهومه الحديث. ومن ثم سوف نعرض في هذا الجزء من الدراسة لموقف طه حسين من قضية الإيمان والعقل، أو الدين والعلم/ الفلسفة، والذي شكَّل لديه الأساس الذي درس عليه أحداث الفتنة الكبرى.

الفصل الحاسم بين الإيمان والعقل

وهذا هو ما نجده واضحًا في أعمال طه حسين منذ وقت مبكر، وقبل أن يكتب “الفتنة الكبرى“، وكان محل دراسة هامة لعمر مقداد الجمني[1]، والذي رأى أنها دليل على حضور نظرية ازدواجية الحقيقة لدى طه حسين، وهي النظرية التي انتشرت في أوروبا اللاتينية في العصور الوسطى وعصر النهضة، وكان منشأها هو ابن رشد، وتنص على اعتراف المفكر بالإيمان والعقل معًا حتى ولو كانا في تعارض. لكن لا تظهر هذه النظرية لدى طه حسين، وأختلف مع الجمني في محاولته إثبات وجود نظرية ازدواجية الحقيقة عند طه حسين، إذ كان طه حسين مضطرًا إلى الإعلان عن فصله بين الإيمان والعقل مع الاعتراف بهما معًا، على إثر أزمة كتاب “في الشعر الجاهلي”، فقد كان مدفوعًا في التحقيقات إلى القول إن ما يقوم به هو بحث علمي موضوعي ليس له شأن بالإيمان، وأن المسلم عليه أن يقبل كل ما يقوله القرآن تسليمًا. وقد يدل هذا القول على تمييز مضمر بين العالِم الباحث الذي لا يهمه سوى البحث الموضوعي متجردًا من العواطف، و”المسلم” الذي عليه التسليم والإيمان وحسب.

يظهر تمييز طه حسين بين الإيمان والعقل، أو الدين والبحث العلمي، في التأكيد على أن العلم متغير والدين ثابت، والعلم “قابل للتغيير والشك والإنكار”، في حين لا يقبل الدين هذه الأشياء بل هو مجال اليقين والتسليم، إذ “يرى الدين لنفسه الثبات، ويرى العلم لنفسه التغير”.

وقد توسط طه حسين بين الشك المطلق واليقين المطلق، فهما في نظره لا يفيدان العلم بل هما ضد العلم:

“قوم يشكون فيغلون في الشك، وقوم يوقنون فيسرفون في اليقين، وأولئك وهؤلاء معرضون للخطأ الشديد، ومخاصمون للعلم الصحيح”[2]

ذلك لأن الشك المطلق إنكار للعلم، أي لقدرة الإنسان على أن يصل إلى شيء يقيني حتى بالعلم، واليقين المطلق مضر بالعلم، لأن العلم لا يعرفه وهو في تغير مستمر. فبعد أن فصل طه حسين بين الإيمان والعقل، الدين والعلم، يفصل بعد ذلك بين الشك واليقين داخل العلم نفسه. الملاحظ أن طه حسين قد كتب هذا الكلام من مقال “شك ويقين” سنة 1923 في باريس، أي قبل نشر كتابه “في الشعر الجاهلي“، ومن ثم يمكننا أن نأخذه بوصفه من الموجهات المنهجية التي سار عليها في الكتاب، إذ ربما كان منشغلًا في تأليفه أثناء كتابته للمقال المذكور.

ولا أوافق الأستاذ الجمني في نظريته القائلة بتبني طه حسين لنظرية ازدواجية الحقيقة، إذ لم أجدها في نصوص طه حسين التي يستشهد هو بها دليلًا على هذه النظرية، بل هي على العكس تشهد بعدم تبنيه لها. تعني نظرية ازدواجية الحقيقة وجود حقيقتين، حقيقة الإيمان وحقيقة العقل، حقيقة الدين وحقيقة الفلسفة، والاثنان متعارضان ومتناقضان، ومع تعارضهما وتناقضهما يتمسك بهما الفيلسوف معًا، إذ يتمسك بحقيقة الإيمان لأنها أتته من التراث ومن الوحي والنصوص المقدسة، ويتمسك بحقيقة العقل لأنها برهانية منطقية. لكن طه حسين لم يعلن أبدًا أنه يتمسك بحقيقتين متناقضتين، بل أعلن دائمًا أنه يتمسك بحقيقة واحدة هي تلك التي يكتشفها العلم بالعقل، أما الإيمان عنده فليس مجالًا لحقائق، بل هو مجال العواطف والمشاعر. والإنسان حسب طه حسين مكون من هذين الشقين: العقل من جهة والمشاعر والعواطف من جهة أخرى، ومن ثم فلا سبيل إلى أن يلتقي العلم والدين[3].

بطلان وجود نظرية ازدواجية الحقيقة عند طه حسين

إن من شروط وجود نظرية ازدواجية الحقيقة لدى مفكر ما، أن يعترف في العلن بأن الإيمان والعقل، الدين والعلم، يمثلان نظامين مختلفين من الحقيقة، وأن الدين يقدم حقائق شبيهة بالحقائق العلمية، بحيث يعلن المفكر تبنيه لهذين النظامين المعرفيين حتى في حال تناقضهما؛ كما لو كانا برهانين مخالفين. لكن لا وجود لنظرية ازدواجية الحقيقة بهذا المعنى عند طه حسين، فالدين عنده هدف للإيمان والتسليم والإيقان، ومجاله المشاعر والعواطف، لا العقل. كما أن الذي يتبنى نظرية ازدواجية الحقيقة يكون هدفه إخفاء مذهبه الحقيقي وهو التمسك بالعقل حتى ولو كان في تناقض مع الإيمان، لكنه يُظهِر تمسكه بالإيمان حتى ولو عارض العقل، تخفيًا وتقية وهروبًا من الاضطهاد؛ لكن لم يكن هذا هو حال طه حسين، فلم يهرب من الاضطهاد بتنازل عن آرائه أو بتخفيه وراء التظاهر بشيء لا يعتقد فيه. إذ وقع عليه الاضطهاد بالفعل وواجهه ولم يزده إلا تحديًا؛ بل دفعه هذا الاضطهاد إلى السخرية من أعدائه والكتابة عنهم بشيء من الهزل كما نرى في مقاله عن ديكارت.

ونلاحظ في لغة طه حسين التي يصف فيها الفرق بين الدين والعلم، أنها لغة حاسمة، قاطعة، تقريرية، تعمل على تثبيت الفرق بينهما وتزيد الهوة بينهما اتساعًا، وليس هذا بأسلوب مفكر يريد التوليف أو الجمع بينهما على طريقة نظرية ازدواجية الحقيقة، وليست هذه هي طريقة مفكر يريد قبول الدين والإيمان حفاظًا على عواطف ومشاعر العامة أو خوفًا من اضطهاد رجال الدين، وقد حدث هذا الاضطهاد بالفعل. يقول طه حسين:

“الخصومة بين العلم والدين… قديمة يرجع عهدها إلى أول الحياة العقلية الفلسفية. والحق أيضًا أن هذه الخصومة بين العلم والدين ستظل قوية متصلة ما قام العلم وما قام الدين، لأن الخلاف بينهما كما سترى أساسي جوهري لا سبيل إلى إزالته ولا إلى تخفيفه”[4]

وليس هذا كلام مفكر يتبنى نظرية ازدواجية الحقيقة ويتظاهر بقبول الدين ليحافظ على العلم، بل هو قول مفكر صادق وأمين مع قراءه ومع نفسه.

وكما كان الفكر الفلسفي يميز دومًا بين العامة والخاصة، ويجعل الفلسفة نصيب الخاصة وحدهم، نظرًا لعدم قدرة العامة على التفكير العقلاني المنطقي وسيطرة الأهواء عليها، كذلك نجد طه حسين يحمل نفس النظرة السلبية إلى العامة، لكنه يسميهم “السواد“، أي الأغلبية السائدة (وربما كان يعني من طرف خفي “السواد” بمعنى اللون الأسود). يقول طه حسين:

“… الخلاف بين العلم والدين لا يستمد قوته وعنفه من الفرق بين جوهري العلم والدين وحسب، وإنما يستمد قوته وعنفه من مصدر آخر، هو أن الدين حظ الكثرة، والعلم حظ القلة، فسواد الناس مؤمن ديَّان، مهما يختلف العصر والطور والمكان، والعلماء أو المتفلسفون قلة دائمًا. فليس غريبًا أن تظهر الخصومة قوية عنيفة بين هذه القلة الشاذة التي نسميها العلماء أو الفلاسفة، والتي تفكر على نحو خاص لم يألفه الناس…”[5]

هذه هي ثنائية العامة والخاصة التي انتشرت في الفكر الإسلامي وتظهر واضحة للغاية عند طه حسين، فالعامة أو الكثرة أو السواد بتعبيره كارهة للفلسفة وللعلم ولكل ما يفكر تفكيرًا مختلفًا عنها لم تألفه، وهذا ما يجعلها كارهة للمفكرين لتميزهم واختلافهم:

“وأنت تعلم أن السواد أشد ما يكون كرهًا للتفوق، وأعظم ما يكون بغضًا للامتياز؛ فهو يريد دائمًا أن يكون الناس سواسية في كل شيء، سواسية في القول والعمل، سواسية في الأكل والشرب والنوم والمشي، وغيرها من مظاهر الحياة”[6].

هذه هي نزعة التنميط التي تسود لدى العامة والتي تكره كل مختلف وتحاربه لمجرد أنه مختلف. ونرى هنا كيف أن طه حسين وبحسه السوسيولوجي العالي يوضح جذور عداء العامة أو السواد للفلسفة. قد يذكرنا كلامه هذا بتيمة احتقار العامة لدى نيتشه أو جوستاف لوبون، لكن تواجهنا مع طه حسين بالذات إشكالية أعمق، وهي أن نقده لنزعة الثبات والتنميط لدى العامة يذكرنا بما قاله أستاذه دوركايم في نظريته في “الوعي الجمعي“، وفي نظريته في “التساند الآلي” mechanical solidarity الذي يعتمد على وحدة المشاعر والتوجهات والآراء لدى الناس في المجتمعات التقليدية السابقة على العصر الحديث. ومعنى هذا أن طه حسين قد وضع يده على السبب في عداء الناس للفلسفة ولفكره هو شخصيًا في عصره، وهو استمرار النمط العقلي للمجتمع التقليدي المعتمد على التساند الآلي الذي سبق وأن وصفه دوركايم في كتابه “تقسيم العمل الاجتماعي[7]. سوف تكون مشكلة طه حسين مع هذا الوعي الجمعي المعادي للفلسفة ولكل فكر حر، لكنه الوعي الجمعي الذي سبق وأن شكَّلته مؤسسات وتيارات معينة خدمة لمصالحها، أو كما قال أبو حامد الغزاليطلب الرياسة باستتباع العوام[8].

ويتضح عدم وجود نظرية ازدواجية الحقيقة عند طه حسين، إذ قارنا نصوصه بنصوص ابن رشد الذي يتبنى أحد أوجه هذه النظرية، عندما قال إن “الحق لا يضاد الحق“، وإن “الحكمة صاحبة الشريعة والأخت الرضيعة“؛ وإذا ما قارناه أيضًا بمواقف زكي نجيب محمود الأخيرة، المهادنة والتي وصل بها إلى حلول وسطى مع التيارت الإسلامية بعد أن رجع عن مذهبه في الوضعية المنطقية الذي اتضح في كتابه “خرافة الميتافيزيقا” (1953). يقول طه حسين:”يرى الدين لنفسه الثبات، ويرى العلم لنفسه التغير[9]؛ ومن ثم يجب أن نترك للدين ثباته، ونتعامل مع العلم وفق تغيراته. لا نرى لدى طه حسين ذلك الحديث الشهير عن التمسك بالتراث والحداثة معًا، وبالأصالة والمعاصرة معًا، وبالهوية التراثية والعصر الحديث معًا، وهو الحديث التوفيقي الذي يشترك فيه الكثير من أصحاب المشاريع الفكرية التنويرية مع التيارات الدينية. ولعلنا نتذكر جيدًا البرنامج التليفزيوني “العلم والإيمان” للدكتور مصطفى محمود، الذي ساهم في تشكيل عقلية أجيال عديدة من المصريين من أوائل السبعينات وحتى أواخر التسعينيات.

إن الذي يتبنى نظرية ازدواجية الحقيقة يقبل قضيتين متعارضتين، إذ يقبل القضية العقلية اعتمادًا على صدقها بالبرهان المنطقي، ويقبل القضية الإيمانية حتى في حالة تعارضها مع العقل. فقد اعتاد الكثير من الفلاسفة الذين تبنوا نظرية قدم العالم وخاصة في الغرب اللاتيني في العصور الوسطى وعصر النهضة أن يقبلوا نظرية الخلق من العدم، واعترفوا بالنظريتين معًا رغم تناقضهما، واحدة على أساس الإيمان والأخرى على أساس العقل والبرهان؛ وقد ظهرت هذه الصيغة من نظرية ازدواجية الحقيقة لدى الرشدية اللاتينية على وجه الخصوص، وإن كانت قد انتشرت خارجها لدى فلاسفة آخرين وفي عصور تالية. والحقيقة أنهم كانوا مضطرين إلى تبني هذه النظرية تحت ضغط خطر اضطهادهم من المجتمع ومن السلطات الدينية، ورغبة منهم في الحفاظ على التفكير العقلاني البرهاني، فيظهرون بمظهر قبول قضايا تتمتع بسلطة تراثية ومدعمة بسلطة المؤسسة الدينية وهم يعرفون أنها غير صحيحة عقلًا. وكان هذا هو توجه الرشدية اللاتينية، التي كانت تحت ضغط دائم من الكنيسة ورقابتها المستمرة على الفلاسفة وامتلاكها لسلطة محاكمة المفكرين وتكفيرهم وحرمانهم.

لا يتبنى الفيلسوف نظرية ازدواجية الحقيقة إلا تقيةً وتحت التهديد واتقاء للإيذاء الذي يمكن أن يتعرض له بسبب تعارض أفكاره مع الأفكار السائدة في المجتمع أو التي تعلن عنها السلطة الدينية. لكن لم يكن طه حسين من ذلك النوع من المفكرين، إذ كشف عن آرائه صراحة ولم يتبع التقية أبدًا، وكان هذا سببًا لكل ما تعرض له من اضطهاد ومحاكمات. وعندما نطلع على مواقفه من مسألة الإيمان والعقل، نراه يفصل بينهما فصلًا حاسمًا، يدل على عدم تبنيه لفكرة تكاملهما أو لإمكان الجمع بينهما، وهو الموقف المعتاد من كل الذين تبنوا نظرية الحقيقة المزدوجة. فالذي يتبنى هذه النظرية لا يمكنه أن يفصل بين الإيمان والعقل بهذه الطريقة الحاسمة، بل يعمل على العكس إلى التقريب بينهما كي يسهل الجمع بينهما. ولذلك نرى طه حسين يقول:

“العلم والدين ليسا متفقين، ولا سبيل إلى أن يتفقا، إلا أن ينزل أحدهما لصاحبه عن شخصيته كلها”[10].

قد يتبنى المفكر هذا الرأي سرًا ولا يذيعه بين الناس، خشية الاضطهاد، لكن لم يكن هذا هو حال طه حسين، إذ كان رأيه هو الإفصاح للعامة عنه، إذ قال:

“وإن النصيحة أن يقال الحق للناس، وهو أن الدين في ناحية والعلم في ناحية، وليس إلى التقائهما سبيل”[11].

وقد كان طه حسين حاسمًا للغاية في رفضه لأي محاولة للتوفيق بين العلم والدين، وليس هذا بموقف من يتبنى نظرية الحقيقة المزدوجة، إذ يقول:

“ومن زعم غير هذا وحاول التوفيق بين العلم والدين فهو إما مخادع أو مخدوع. وإنه لا سبيل إلى اجتماعهما إلا يوم أن ينزل أحدهما عن وجوده”[12].

نرى من هذا النص كيف كان طه حسين حاسمًا في رفض كل محاولات التوفيق، وفي وصفه لكل من يحاول ذلك بأنه إما مخادع أو مخدوع، لكنه لم يكن يُقَدِّر الأسباب التي جعلت الفلاسفة منذ زمن بعيد يُقْدِمون على هذه الحاولات مع علمهم أنها مستحيلة، وهو هروبهم من الاضطهاد والتشهير وأحيانًا من الاغتيال.

وأما النصان البارزان اللذان تم استخدامهما كثيرًا لإثبات تبني طه حسين لنظرية الحقيقة المزدوجة (في رأي الجمني) أو لإثبات تناقضه مع نفسه (في رأي محمد أسعد النادري)[13]، أو لإدانته (في رأي أنور الجندي)، فليس في رأيي دليلًا على أي من هذه التوصيفات، بل أعتقد أنهما موجهان لجمهوره من القراء، كي يخفف من حدة توجهاته العقلانية الراديكالية. يقول طه حسين في النص الأول:

“تمنيت لو أتيح للإنسان أن يكون مؤمنًا وعالمًا دون أن يغلو في التعصب للدين أو العلم، تمنيت للإنسان لو استطاع أن يجمع بين هاتين القوتين اللتين ليس له عنهما غنى ولا منصرف”[14]

هذا التمني هو مجرد تمني، أي لن يتحقق، وما يدل على عدم تحققه استخدام طه حسين لكلمة “لو”: “لو أتيح…”، و”لو استطاع…”. إن طه حسين في هذه العبارة ينفي إمكان الجمع بين هذه المتناقضات. وهذا ما يتضح من باقي الفقرة، إذ يقول:

“ولكن أيستطيع الإنسان حقًا أن يجمع في نفسه بين هاتين القوتين، وأن يطمئن إلى كلتيهما اطمئنانًا بريئًا من التناقض والاضطراب، يطمئن إلى الدين دون أن ينكر العقل ويطمئن إلى العقل دون أن يجحد الدين؟”[15].

وعلاوة على أن هذا النص لا يمكن اتخاذه دليلًا على تبني طه حسين لنظرية الحقيقة المزدوجة، فإنه فوق ذلك يَرِد في سياق مناقشته لقضية الإيمان والإلحاد، لا في سياق البحث العلمي في التراث، وأنه بدأ كلامه الذي وردت في سياقه هذه العبارات بلوم الملحد الذي “يعتقد أن العقل كل شيء، وأن آثار العقل وحدها خليقة بالإجلال والإكبار، وأن نجاة الإنسان في عبادة العلم والإذعان له…[16]. وبذلك يتضح لنا أن الموقف الذي ينقده طه حسين هو الإلحاد الذي ينسب نفسه إلى العلم، ويتعصب له ويعتبره الحقيقة الأعلى، وليس العلم نفسه أو البحث العلمي. وأما النص الثاني فهو قول طه حسين في تحقيقات النيابة العامة إنه: “كمسلم لا يرتاب في وجود إبراهيم وإسماعيل وما يتصل بهما مما جاء في القرآن، ولكنه كعالم مضطر إلى أن يذعن لمناهج البحث…[17]. هذا هو قول طه حسين في تحقيقات النيابة، ومن ثم لا يمكن أن نأخذه على أنه دليل على تبنيه لنظرية الحقيقة المزدوجة.

منهج الشك في كتاب “الفتنة الكبرى”

قيل الكثير عن استخدام طه حسين لمنهج الشك الديكارتي في كتابه “في الشعر الجاهلي“. والحقيقة أن ديكارت لم يستخدم منهجه في الدراسات التاريخية، بل في المسائل الفلسفية وفي الموضوعات المعرفية والميتافيزيقية، والذي استخدم منهج الشك في الدراسة التاريخية النقدية للنصوص الكتابية هو سبينوزا، في كتابه “رسالة في اللاهوت والسياسة“، مما يجعل تطبيق طه حسين لمنهج الشك في دراسة التاريخ سبينوزيًا وليس ديكارتيًا.

ويتمثل منهج الشك في كتابه “الفتنة الكبرى” في الكثير من المعالجات التي راجعت الرؤى التقليدية للتاريخ الإسلامي، وأهم معلم من معالم هذا المنهج هو عدم تصديق أي رواية تاريخية ما لم تكن مدعمة بأدلة، والتخلي عن الرؤية الدينية التقليدية لأحداث الفتنة، ومعالجة التاريخ الإسلامي على أنه تاريخ بشري لا تاريخ ديني ونزع القداسة عنه وعن شخصياته ومعاملتهم كبشر ليسوا معصومين ولا فوق مستوى النقد. ولكن يتجلى منهج الشك على نحو واضح للغاية في إنكار طه حسين للدور المنسوب إلى عبد الله بن سبأ، وإنكار تحميله المسئولية عن الفتنة، وقول طه حسين إنه تكئة علق عليها الكثير من المسلمين والمؤرخين مشكلة الصراع الذي دار بين صحابة كبار في أحداث الفتنة، مما ينفي عنهم أي شيء يتعلق بها.

وقد درس طه حسين شخصية عبد الله بن سبأ من منطلق عدم إجماع المصادر عليه وعلى دوره المفترض والمزعوم في إثارة الفتنة. لقد مرت الفتنة بمراحل كثيرة متراكمة على بعضها البعض، بدأت بعصر عثمان نتيجة لبعض سياساته، ومرت بمقتله، ثم بالخلاف حول بيعة علي بن أبي طالب، ثم بحرب الجمل بين علي بن أبي طالب من جهة والسيدة عائشة وطلحة والزبير من جهة أخرى، ثم الحرب بين علي ومعاوية، ثم علي والخوارج. هذه المراحل المتعاقبة للفتنة يسردها ويحللها طه حسين بحيث يتضاءل فيها أي دور لشخص واحد فقط كان وراء كل هذه الأحداث. إن طه حسين الذي درس التاريخ الإسلامي دراسة علمية وتبنى مفهوم القوانين العامة الكلية الحاكمة لحركة التاريخ ولسلوك الفاعلين فيه، لا يمكن أبدًا أن يُرجِع حدثًا تاريخيًا ضخمًا مثل الفتنة الكبرى إلى تفكير وتدبير وتخطيط وتنفيذ شخص واحد شرير ومُغرِض مثل عبد الله بن سبأ. والملفت للنظر أن أغلب الذين هاجموا طه حسين من التقليديين والمحافظين والمتشددين قد تركوا الكتاب كله بجزأيه ولم يدخلوا في نقاش علمي موضوعي في أطروحاته الأساسية وتمسكوا بعبد الله بن سبأ والرواية التقليدية حول تحميله مسئولية الفتنة. وذلك نظرًا لأن موضوع الفتنة حساس للغاية، فإذا لم يكن هناك شخص يتم تحميله المسئولية عن الفتنة وإعفاء كل الأطراف الأخرى المتحاربة والمتقاتلة، لسببت الحقيقة إحراجًا وقلقًا بالغًا للضمير الإسلامي وللذاكرة الجمعية الإسلامية التي يراد لها دائمًا أن تكون مصدر الهوية، تمامًا كما يراد من تاريخ صدر الإسلام أن يكون مصدر فخر دائم للمسلمين بوصفه “العصر الذهبي“.

وقد نعتقد أن شخصية عبد الله بن سبأ هي نقطة الخلاف الأساسية بين التقليديين والحداثيين في دراستهم لأحداث الفتنة، وهذا صحيح جزئيًا وحسب، ذلك لأننا نرى بعض الباحثين الحداثيين لا يزالون يتمسكون بوجود حقيقي لهذا الشخص وإن كانوا لا يحملونه كل المسئولية عن أحداث الفتنة. لكن يرجع السبب في استماتة التقليديين والمحافظين في التمسك بهذه الشخصية إلى أن الكثير من المسلمين ينظرون إلى التاريخ الإسلامي على أنه تاريخ مقدس وليس تاريخًا بشريًا عاديًا، ويمتدون بالتقديس إلى ما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ليشمل عصر الخلفاء الراشدين الذين هم صحابة النبي وأقرب المقربين إليه، ومن ثم يشعرون بالحرج الشديد والجرح العميق إذا ما شكك أحد في هذه الصورة المقدسة التي تم إضفائها على عصر ما بعد النبوة، في حين أنه تاريخ بشري عادي. هذا بالإضافة إلى أن التاريخ الإسلامي كان دائمًا ما يُستخدم في الوعظ الديني، باعتبار أن الصحابة هم الامتداد الفعلي للنبي ومن ثم يتم تقديس سيرهم وأخذها أمثلة أخلاقية وموجهات للسوك والاعتبار، وشخصية عبد الله بن سبأ تحافظ على هذه الصورة كما هي وعلى كل الوظائف الوعظية لتاريخ المسلمين بعد النبي. لكن لم يكن المسلمون وخاصة من هذا الجيل الأول الذي شهد النبي وجاهد معه ونشر الإسلام في أوله أن يكونوا بمثل تلك السذاجة والغفلة التي تجعلهم يقعون فريسة لمكر ودهاء وتآمر شخص مثل عبد الله بن سبأ، “يهودي من اليمن” كما قيل عنه في بعض المصادر. الخلاصة أن طه حسين كان يدرك أن الوعظ الديني شيء والبحث العلمي شيء آخر، وأنه لا يجب أن نخلط بينهما، وكان من أهداف طه حسين الفصل بينهما، عبر الكثير من أعماله في التاريخ الإسلامي، وبالأخص في “الفتنة الكبرى”.

أسلوب الكتابة

والمدهش في أمر طه حسين أنه كان على معرفة وثيقة بالأسلوب المستور في الكتابة لدى الفلاسفة esoteric writing، والذي كان ليو شتراوس قد تناوله بالتفصيل في كتابه “الاضطهاد وفن الكتابة[18]. والأدهش من ذلك أن طه حسين قد سخر من هذا الأسلوب، مما يعني أنه لم يستخدمه، ويظهر هذا في مقال بعنوان “ديكارت” يقول فيه مازحًا أن ديكارت قد استخدمه لإخفاء مذهبه المستور إذ كان مسلمًا صوفيًا!! ورغم أن ديكارت كان مشتهرًا بالوضوح والصراحة وكان أبعد الفلاسفة في انطباع الكثيرين عن الكتابة المستورة، إلا أن طه حسين ينسب له أسلوبًا مستورًا في الكتابة، لا على الحقيقة بل مزاحًا، كي يضع خصومه في إحراج: إما أن يقبلوا بفلسفة ديكارت العقلانية، وإما أن يرضوا بشطحات الصوفية.

في هذا المقال الذي نشره طه حسين بعد صدور كتابه “في الشعر الجاهلي” بأشهر قليلة (1926) كتب يقول:

“فديكارت كأرستطاليس يذهب في الفلسفة مذهبين مختلفين، أحدهما يعلنه إلى الناس، فإنهم يستطيعون أن يفهموه وأن يسيغوه، والآخر يحتفظ به لنفسه، وللأصفياء من تلاميذه، ولا يذيعه في الجمهور لأنه أعسر وأدسم من أن تحتمله عقولهم”[19].

صحيح أن طه حسين ينقلب إلى الهزل بعد ذلك ويأخذ في التعريف بمذهب ديكارت السري ويصفه على أنه

“كان مسلمًا ديَّانًا متصوفًا مغرقًا في التصوف، شطَّاحًا مسرفًا في الشطح. انتهى به هذا كله إلى شيء لا أستطيع أن أسميه إلا ’إظهار الكرامات‘”[20]

إلا أنه كان على الأقل على وعي بأن الفلاسفة يخفون آراءهم الحقيقية ويقدمون للجمهور مذهبًا يستطيع الجمهور تقبله. ولا يجب أن نأخذ حديث طه حسين عن مذهب ديكارت السري على محمل الجد، لأنه يقصد الهزل ويعرف جيدًا أن قارئه يعرف أنه يهزل، وذلك ردًا على الشيوخ الذين هاجموا كتابه “في الشعر الجاهلي” ولاحظوا ذكره لديكارت، فأخذوا يذمون ديكارت ويحتقرونه دون أن يعرفوا عنه شيئًا. وبذلك فحين يكتب طه حسين عن مذهب ديكارت السري وأنه كان مسلمًا متصوفًا شاطحًا في تصوفه وأظهر كرامات، فذلك كي يمهد في نهاية مقاله إلى الخيارين اللذين يضعهما أمام القارئ وأمام السلطات التعليمية في عصره: صاحب المعالي وزير المعارف، ووكيلها وسكرتيرها العام، وأعضاء مكتبها الفني، وناظر دار العلوم وأساتذتها وطلابها،

“إما أن يكلفوا أحد العلماء بإلقاء محاضرات في تاريخ الفلسفة للأساتذة وللشيوخ منهم بنوع خاص… وإما أن يأخذوا هذا الفصل الذي أكتبه ملخصًا فينشروه ويأخذوا الأساتذة والطلاب بقراءته وفهمه. فليس ينبغي أن يكون في مدارسنا العالية أستاذ أو طالب يجهل اسم ديكارت أو فلسفته أو أثره في هذا العصر الحديث”[21].

وبعبارات أخرى: إما أن يُعَلِّموا فلسفة ديكارت العقلانية والنقدية، وإما أن يتمسكوا بخرافات وأساطير تقترب من الهذيان. إنه يضعه أمام خيارين متناقضين للغاية. وما حديثه عن وجود أسلوب مستور لدى ديكارت إلا طريقة يثبت بها أن ديكارت لا يمكنه أن يستخدم هذا الأسلوب كي يخفي إسلامه وتصوفه وشطحاته الصوفية.

لكنني لا أنفي عن طه حسين أي توظيف للأسلوب المستور، إذ قد اتبع بالفعل أسلوبًا غير مباشر في بعض فقراته، قوامه طرح أسئلة هي في حقيقتها ليست أسئلة، بل هي نتائج تحليلاته يضعها في صورة أسئلة، قبل أن يقدم للقارئ التحليلات نفسها، وذلك كي يثير ذهن القارئ من البداية ويجعله يألف نوعية التحليلات المختلفة التي سوف يجدها عبر الكتاب. والمثال على ذلك تلك الفقرة المبكرة في الجزء الأول “عثمان“، والتي تتكون كلها من أسئلة، يريد بها طه حسين تمرير رأيه في المسألة كلها:

“فهل كانت هذه السيرة التي سارها النبي، واجتهد صاحباه في أن يسيراها ما استطاعا إلى ذلك سبيلًا، ملائمة لما فطر الناس عليه من الأثرة والطمع والحرص على المنافع العاجلة؟ وهل كانت هذه السيرة قادرة على أن تبقى حتى تغير من طباع الناس فترقى بهم إلى المثل العليا التي دعا إليها النبي وصاحباه؟”[22].

ولا يجيب طه حسين، لكن الإجابة التي لم يصرح بها هي بالنفي، وهي التي يقدمها في تحليلاته لأحداث الفتنة الكبرى. ومن تحليلاته نفهم، بالاستعانة بنظرية ماكس فيبر في الكاريزما، أن الزعامات الأولى في صدر الإسلام كانت كاريزمية ومن ثم استثنائية، لا يمكن أن تتكرر، ولا يمكن تأسيس نظام سياسي واجتماعي مستقر واعتيادي عليها، فالاستثنائي لا يؤسس للاعتيادي ولا يمكن أن يشكل له معيارًا، واستثنائية الصدر الأول هي السبب في سرعة زواله وضعف تأثيره في “فِطَر الناس” المكونة من الأثرة والطمع والحرص على المنافع العاجلة”. إن هذه الفِطَر هي التي حكمت الأحداث وكانت هي الموجهة لتاريخ المسلمين. هذه الفطر هي “الطبيعة البشرية“، فالبشر وأفعالهم وتاريخهم كله مشروط وموجهة بهذه الطبيعة البشرية. هكذا يكشف طه حسين عن الطابع البشري للتاريخ الإسلامي ويزيل عنه الطابع الأسطوري الغيبي. كما نلاحظ أن طه حسين يقيم مواجهة وإن كانت خفية أو ضمنية، بين القيم والمبادئ العليا التي دعا إليها النبي وصاحباه من جهة، وهم شخصيات كارزمية استثنائية، والفطرة البشرية الطبيعية والعادية التي تمثلت في باقي أشخاص تلك الفترة، وكيف أن الطبيعة البشرية العادية كانت لها الغلبة على مبادئ وقيم القيادات الكارزمية الاستثنائية.

وقد يندهش أصحاب الفكر المحافظ من قولنا إن غرض طه حسين في “الفتنة الكبرى” وفي غيره من أعماله التي تسمى “الإسلاميات“، هو رفع القداسة عن تاريخ المسلمين ونزع الأسطرة وعزل الجوانب الغيبية ومعالجة هذا التاريخ على أنه بشري صرف، وذلك لاعتياد هؤلاء على تقديس التاريخ الإسلامي واتخاذهم عصر الخلفاء الأربعة أو ما يسمى بصدر الإسلام مثالًا على العصر الذهبي للمسلمين، لكن الحقيقة أن طه حسين لم يكن أول من عالج تاريخ المسلمين بوصفه تاريخًا بشريًا محضًا ولم يكن هو أول من رفع عنه القداسة والغيبيات، فقد سبقه إلى ذلك ابن خلدون، والمطلع على مقدمته يلاحظ ذلك بوضوح. إن طه حسين الذي أعد رسالته للدكتوراه في جامعة السوربون تحت إشراف دوركايم في “الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون“، سوف يستفيد من منهجية ابن خلدون لاشك وسوف تكون في خلفية تفكيره عندما يتناول أحداث صدر الإسلام؛ ومن المرجح أنه استفاد من نظرية ابن خلدون في العصبية القبلية ودورها المحوري والحاسم في تاريخ الإسلام؛ إذ كان ابن خلدون واضحًا في إرجاع نجاح الدعوة الإسلامية إلى العنصر القبلي، إذ نرى فصلًا في المقدمة عنوانه: “في أن الدعوة الدينية من غير عصبية لا تتم“؛ كما كان ابن خلدون واضحًا في إرجاع اضطراب شأن المسلمين في صدر الإسلام إلى النزاع القبلي أيضًا، وإلى ما أسميه استعصاء العرب على الاندراج في دولة، وهو ما نجد ابن خلدون يؤكد عليه عندما يقول:

“.. العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك. والسّبب في ذلك أنّهم أكثر بداوة من سائر الأمم وأبعد مجالا في القفر وأغنى عن حاجات التّلول وحبوبها، لاعتيادهم الشّظف وخشونة العيش، فاستغنوا عن غيرهم فصعب انقياد بعضهم لبعض، لإيلافهم ذلك وللتّوحّش”[23].

إن طه حسين عندما يقرأ هذه العبارة وينظر من خلالها إلى تاريخ الفتنة سيجد أنها منطبقة على هذا التاريخ تمامًا. وعندما يقرأ طه حسين في مقدمة ابن خلدون أن “الغاية التي تجري إليها العصبية هي المُلْك“، فلن يظهر وصول معاوية إلى السلطة في نظره على أنه غريب، ولن يظهر تحول الدولة إلى مُلك عضوض على يد بني أمية على أنه مستهجن، بل على أنه هو الحتمية التاريخية والمسار الطبيعي للعصبية القبلية حسب ابن خلدون. إن من يريد لوم طه حسين على نزع القداسة عن تاريخ الإسلام، يلوم معه ابن خلدون أيضًا، فقد سبقه إلى ذلك.

 

المراجع:

[1]) الجمني، عمر مقداد. (2002). محنتان: طه حسين وابن رشد. حوليات الجامعة التونسية، ع 46 ، 389 – 414.

[2]) طه حسين، “شك ويقين”، من بعيد، ص 46.

[3]) الجمني، محنتان، ص 396.

[4]) طه حسين، ” بين العلم والدين”، في، من بعيد، ص 202.

[5]) المرجع السابق، ص 207.

[6]) المرجع السابق، ص 208.

[7]) Emile Durkheim. The Division of Labor in Society. Translated by George Simpson. (New York: Free Press, [1893]1993), pp. 70 ff.

[8]) أبو حامد الغزالي، ميزان العمل، تحقيق سليمان دنيا، الطبعة الأولى، دار المعارف، القاهرة، 1964، ص 406.

[9]) المرجع السابق.

[10]) ورد النص في: خيري شلبي، محاكمة طه حسين، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1972، ص 68.

[11]) الجمني، ص 398، نقلًا عن مصطفى صادق الرافعي، تحت راية القرآن، ص 349.

[12]) المرجع السابق، الصفحة نفسها، نقلًا عن أنور الجندي، محاكمة فكر طه حسين، دار الاعتصام، القاهرة، 1984، ص 240.

[13]) محمد أسعد النادري، “طه حسين: عبقرية الشخصيات المتناقضة”، الفكر العربي، ع 89، س 18، صيف 1997، ص 14 – 28؛ نقلًا عن، الجمني، سبق ذكره، ص 401.

[14]) طه حسين، من بعيد، ص 16.

[15]) المرجع السابق، الصفحة نفسها.

[16]) المرجع السابق، الصفحة نفسها.

[17]) ذكره محمد جمال باروت، “طه حسين والمؤسسة الأزهرية”، في، طه حسين: العقلانية، الديمقراطية، الحداثة، الجزء الأول، من الكتاب الدوري، قضايا وشهادات، تحرير عبد الرحمن منيف وآخرون، مؤسسة عيبال للدراسات والنشر، قبرص، نيقوسيا، ص 375، نقلًا عن قرار النيابة ضد طه حسين، تحقيق وتعليق خيري شلبي، الهلال، العدد 7، السنة 78، تموز (يويو) 1970، ص 177.

[18]) Leo Strauss. Persecution and the Art of Writing. (Chicago & London: The University of Chicago Press, 1952).

[19]) طه حسين، “ديكارت”، في، من بعيد، ص 287.

[20]) المرجع السابق، ص 288.

[21]) المرجع السابق، ص 304.

[22]) طه حسين، الفتنة الكبرى، 1) عثمان، ص 21.

[23]) ابن خلدون، المقدمة، تحقيق عبد الله محمد الدرويش، دار يعرب، دمشق، 2004، المجلد الأول، ، ص 290.

إقتباسات

اقرأ ايضا

المزيد من المقالات

مقالك الخاص

شــارك وأثــر فـي النقــاش

شــارك رأيــك الخــاص فـي المقــالات وأضــف قيمــة للنقــاش، حيــث يمكنــك المشاركــة والتفاعــل مــع المــواد المطروحـــة وتبـــادل وجهـــات النظـــر مــع الآخريــن.

error Please select a file first cancel
description |
delete
Asset 1

error Please select a file first cancel
description |
delete