مِن تراث القبول والمواجهة في الأفكار

تكوين

مدخل

قبل الحديث، ثم الحُكم، على طبيعة الفكر النَّقدي بالعالم العربيّ، أكان ومازال قبولاً أم مواجهة، أجد مِن المناسب استهلال مداخلتي هذه بشيء مِن التّاريخ، أو التُّراث العربيّ، المتأخر والمتقدم، فوقائعه ملأى بالشّواهد على الحالتين، شواهد القبول إلى حد الرّحمة، والمواجهة إلى حدّ الصَّدمة، وفي الأخير ليس أكثر مِن “صرعى العقائد”، وهذا ما بحثناه في كتاب صدر مؤخراً بالعنوان نفسه “صرعى العقائد.. المقتولون بسبب ديني إسلاميّ قديماً وحديثاً”(دار المدى ومركز المسبار 2024).

الفكر النقدي

كذلك أنَّ الفكر النَّقدي عنوان عريضٌ ومتشعبٌ؛ هل المقصود الخلاف الدينيّ، أم المذهبيّ، أم العقائديّ أو الإيديولوجيّ، أم الخلاف الفقهي، داخل المذهب الواحد، أم الفكر السّياسيّ، أم الأدبي، ولا أظن يهمنا اليوم، في الأجواء التي نعيشها،  أكثر مِن الخلاف في نقد الفكر الدّينيّ، وما يجري بين المذاهب، مِن تراشق ليس بالإنشاء إنما بالدِّماء.

هذا هو جوهر المرحلة التي نحياها، وقد رخصت الأرواح فيها، فما عادت المواجهة بين الفكر القومي والماركسيّ هي الجوهر، مثلما كانت في العقود الماضية، فالخلاف يكاد يكون ضمن الماضي، بل يقف التياران اليوم تحت راية واحدة، مقابل راية القوى الدِّينية، والتي جمعت بالإسلام السّياسيّ، بعد أن قامت دول لها، وتنظمت جماعات، وسُلحت جيوش، شغلت العالم في حراكها السّياسيّ؛ وهذا يتضح مِن الجدل الدَّائر في النَّدوات والفضائيات، وأشده في مواقع التّواصل الاجتماعي.

إذا تحدثنا على القبول والمواجهة في النّقد الفكريّ، فلابد مِن تكريس ثقافة الاختلاف؛ فلا معنى للنقد مِن دون اختلاف، فهل لدينا، مِن النّاحية الدينية، أو الوصايا الإلهية ما يُبيح الاختلاف، أو يشرعنه كسبيل في الحياة؟ نعم، نجد في القرآن الكريم ثلاثة نصوص واضحات جاهرات، لا تقبل التفسير ولا التأويل، في قبول الاختلاف، غير محددة بزمن ومكان، وهي:

  • ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ (المائدة، آية: 48).
  • ﴿وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِي مَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ (يونس، آية: 19).
  • ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ (هود، آية: 118).

ورد في المأثور مِن القول، وتبناه إخوان الصفا وخلان الوفا(القرن العاشر الميلاديّ) في رسائلهم: “اختلاف العلماء رحمة”([1]). جاءت العبارة عنوان كتاب “رحمة الأمة في اختلاف الأئمة” لمحمد بن عبد الرّحمن العُثمانيّ(تـ: 780هـ/ 1378م)([2])؛ وظهرت رسالة لمحمد بن سالم بن أحمد الحفنيّ(تـ: 1181هـ/1767م) بعنوان: “رسالة في قول النَّبيّ اختلاف أمتي رحمة”([3]). كما جاء “اختلاف أمتي رحمة”([4]) حديث نبوي تبناه جلال الدّين عبد الرّحمن بن بكر السِّيوطيّ، عن آخرين سبقوه(تـ: 911هـ/1505م).

ستقولون هذا الاختلاف، وفق المأثور، الذي تبناه فقهاء، ومنهم من اعتبروه حديثاً نبوياً، وآخرون اعتبروه منسوباً أم موضوعاً، يخص اختلاف الفقهاء، وفق هذا الاختلاف ينتقد بعضهم بعضاً، فما شأن ذلك، بما نقصده في النَّقد الفكريّ؟! هذا صحيح، لكن الاعتراف بوجود اختلاف، بغض النّظر عما يختلفون به، هو بحد ذاته باباً لقبول الاختلاف، بما هو أبعد مِن ذلك، وعلى هذا اختلف النّاس بما هو أبعد مِن اختلاف الفقه، الذي ألف فيه محمّد بن جرير الطّبريّ(تـ: 310هـ/922هـ) كتابه “اختلاف الفقهاء”([5])، وثارت ضده- بسببه- المواجهة العنيفة، فاضطر إلى ملازمة داره ببغداد، ولما مات دفن تحت جنح الظَّلام ليلاً، لإتهامه بالتشيع والإلحاد مِن قِبل الحنابلة([6])، ثم جاءت بعده كتب عديدة، وتحت عنوان الاختلاف، في أكثر مِن مجال.

مِن المفروض أن يكون القبول بالاختلاف، في الرأي، بريئاً مِن التعصب أو التزمت؛ ذلك إذا أُخذ بقول الفقيه سُفيان الثّوريّ(تـ: 161هـ/777م) على محمل الجد: “إنما العِلم عندنا الرّخصة مِن ثقةٍ، فأما التّشدد فيُحسنه كلُّ أحد”([7]).  نعرف أنَّ العِلم المقصود بقول الثّوريّ هو الفقه، أو علوم الدّين، لكن ما المانع مِن توسيع مقاصد هذه العبارة، إلى الفكر عامة، ما زالت هناك قاعدة في معاملة اختلاف الآراء.

مِن تُراث القبول

نجد في تاريخ الشّعر العربيّ بيتاً، لو حضر شاعره ندوتنا هذه، لكان عنوانها، قيل قبل الإسلام بنحو ثلاثة قرون، فهو بهذا مِن مخلفات “الجاهليّة”، المصطلح الذي فُرض لغرض دينيّ، ثم شاع على ما كان قبل الإسلام كافة:

نحن بما عندنا وأنتَ بما

عندك راضٍ والرَّأي مختلفُ ([8])

بغض النَّظر عن المناسبة، التي قيل فيها، يُخبر عن القبول في الرَّأي المختلف مبكراً، في تاريخ الثَّقافة العربيَّة، قاله أحد ملوك الحِيرة بالعِراق، عمرو بن امرئ القيس اللَّخميّ، عاش في القرن الرّابع الميلادي، وهناك مَن يُحدد وفاته بالتقريب(380ميلاديّة)([9])، وقيل لغيره.

نجد في التّراث، وفي عزّ التّعصب في العقيدة لدّينيَّة أو المذهبيّة، على قبول الآخر، وتحقيق مقولة “اختلاف الرَّأي لا يُفسد للود قضية”، منه ما يرويه شيخ البيان العربيّ عمرو بن بحر الجاحظ(تـ: 255هـ)، وهو يتحدث عن أحوال الخُطباء والشُّعراء. في كتابه “البيان والتَّبيين”، أنه “لم يرَ النَّاس أَعجب حالاً مِن الكُميت والطّرماح([10])، وكان الكُميت عدنانياً عصبياً، وكان الطِّرماح قحطانياً عصبياً، وكان الكُميت شيعيَّاً مِن الغالية، وكان الطِّرماح خارجيَّاً مِن الصّفريَّة، وكان الكُميت يتعصب لأهل الكوفة، وكان الطِّرماح يتعصب لأهل الشَّام، وبينهما، مع ذلك مِن الخاصة والمُخالطة، ما لم يكن بين نفسين قطُ. ثم لم يجر بينهما صرمٌ، ولا جفوةٌ، ولا إعراضٌ، ولا شيء مما تدعو هذه الخصال إليه”([11]).

كما ذَكر الجاحظ، في السُّلوك نفسه، اختلاف وقبول، غير المذكورين، ومنهم، مَن غلبة سعة عقله على ضيق رأيه، فنبذ التّعصب وقِبل بالخلاف، وهو “الحال بين خالد بن صفوان، وشبيب بن شيبة([12])، الحال التي تدعو إلى المفارقة بعد المنافسة والمحاسدة، للذي اجتمع فيهما من إتفاق الصِّناعة والقرابة والمجاورة، فكان يقال: لولا أنهما أحكم تميم لتباينا تباين الأسد والنِّمر”([13]).

تُذكر قصة طريفة، لها شأن في قبول الاختلاف في العقائد، والتَّعايش تحت سقف واحد، وردت في ترجمة الحر بن قيس الفزاريّ(صدر الإسلام) قيل: “كان للحر ابن شيعي، وابنة حرورية(خارجيَّة)، وامرأة معتزلية، وأخت مرجئة، فقال لهم الحر: أنا وأنتم كما قال اللَّه تعالى: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَدًا(سورة الجن: 11)”([14]).

حدث في قبول النَّقد، ما لم يكن بالحسبان، في العصر الحديث، قصة ليست شائعة، لولا أنَّ صحيفة ألتقطتها، ومؤلف وثقها، تخص القبول بمناقشة أفكار تشارلس داروين(تـ: 1882)، التي كشف عنها العام (1859)، عندما صرح بنظريته في أصل الأحياء، وصدر كتاب بعنوان “أصل الأنواع”، أدخل التَّنويريّ اللبنانيّ شبلي شميَّل(تـ: 1917)، وكان معجباً ويعتقد بداروين ونظريته، فصدر “فلسفة النّشوء والإرتقاء”” بالعربيَّة. كان الكتاب بالأساس، حسب ديباجة المؤلف شميّل، مجموعة «مقالات في مذهب دارون في أصل الأنواع، وتحولها، طُبعت باللغة العربية أولاً سنة 1884 تحت اسم: شرح بخنر على مذهب دارون»([15])، ثم طبعته “المقتطف” 1910، تحت عنوان “فلسفة النشوء والارتقاء”.

بعد الانقلاب الاتحادي باستانبول(1908)، عاصمة الدولة العثمانيَّة، تغير الوضع، وصار الميل إلى الفكر الحديث أو الأوروبي، وبعد صدور كتاب شميّل عن نظرية داروين(1910)، خاطبت السلطات العثمانية المرجعية الدّينية بالنّجف، تطلب الموافقة على إدخال الكتاب المذكور إلى العراق، فعقد مراجع الدّين النجفيون اجتماعاً وأفتوا بجواز إدخال الكتاب إلى العراق، مع شرط السَّماح لهم بالرَّد عليه([16]). غير أنه مِن المعروف أن حججهم ستكون دينية بحتة، بينما داروين تحدث بالعلم والبحث الميداني والمختبري، فليس لهم مضاهاته أو رد نظريته، لكنه تصرف لنا أخذه بنظر الاعتبار، بدل الفتاوى بحرق الكتاب مثلاً.

كان أول مَن ردَّ عليه الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء (تـ: 1954)، في كتابه “الدّين والإسلام” أو “الدَّعوة الإسلاميَّة”(1911)([17])، ثم الشّيخ محمد رضا الأصبهاني (تـ: 1943)، في كتابه “نقد فلسفة داروين”(1912)([18]). ثم، بعد سنوات ردَّ عليه الشّيخ محمد جواد البلاغي (تـ: 1933)، في كتابه “الرِّحلة المدرسية والمدرسة السَّيارة”(1928)([19])، ومثلما تقدم بطبيعة ثقافة أصحاب الرّدود كانت الحِجّج الوارد في الكتب المذكورة دينية بحتة.

قد يسأل سائل لماذا السلطات العثمانيَّة ناشدت المرجعيَّة الشِّيعيّة بالعراق؛ في أخد الإذن بإدخال كتاب يخص نظرية داروين، ولم تُناشد المؤسسة السُّنيَّة ببغداد؟ الجواب، لأنَّ الأخيرة كانت رسميَّ، يرأسها مفتي بغداد، وهو ضمن موظفي الدّولة التابغين لمشيخة شيخ  الإسلام بإستانبول، كون العراق كان تحت الحكم العثمانيّ، فلا تحتاج الدولة إلى الاستئذان منه، أما المؤسسة الشّيعيَّة فمستقلة عن الدولة، وتخص الطائفة الشيعيَّة.

على أي حال، قُبل كتاب “فلسفة النشوء والارتقاء”، ليحتفظ به في مكتبات مدينة النَّجف، وقُبلت معارضته أو نقضه، مِن الوجهة الدِّينيَّة، ومن تلك الردود ظل الجدل مستعراً داخل العراق عن داروين ونظريته، وانتشرت النظرية نفسها. بمعنى لم تكن آنذاك مواجهات حادة، إنما بحدود القلم والكاغد.

غير أنه مِن طريف ما اطلعتُ عليه في كتاب شبلي شميل «فلسفة النُّشوء والارتقاء»، المحفوظ بالنجف في مكتبة آل كاشف الغطاء، الطبعة الأولى (مصر: مطبعة المقتطف 1910)، كُتب على غلافها عبارة مختومة تقول: «طالع هذا الكتاب بكلِّ تمعن، ولا تطالعه إلا بعد أن تطلق نفسك مِن أَسر الأغراض، لئلا تغمّ عليك وأنت واقف، تطل على العالم مِن شرفةِ عقلك، تتلمس الحقيقة مِن وراء ستارها»([20]).

وفي المقابل كُتب تحت هذه العبارة بخط اليد، على نسخة المكتبة نفسها، ولعلَّها بخط الشَّيخ محمد حسين كاشف الغطاء نفسه: «إن تعرفَ أن كاتبه إنما يريد أن يختلس منك دينك، ويهدم يقينك، ويغالطك في وجدانك، فاحذر منه أشد الحذر وانج، وما أظنك بناجٍ»([21]). وعبارة أُخرى تقول: «هذا الكتاب بيد الجاهل كالسُّم القاتل، أما العالم فيسخرج مناقصه ويُجنب مهالكه»([22]).

لكن هذا القبول من قبل المؤسسة الدينية النّجفيّة، في مناقشة نظرية لا تقرها القوى الدينية كافة، سنرى لها موقف حاد ضد الدّعوة إلى فتح مدرسة رسمية خاصة بتعليم البنات بمدينة النّجف، تحت عذر أنها بلدة دينيّة لها تقاليدها، وهي حاصنة ضريح علي بن أبي طالب، وجوب المحافظة على قدسيتها، مثلما سنرى في الفقرة القادمة مِن هذا المقال.

ما تقدم كان عينات، أو لندرتها، نسميها شذرات، عن قبول الرأي الآخر، ومثلما تقدم، قد يقولها قائل: هذا في الفقه والعقائد، ونحن اليوم أمام آراء ونظريات، في السياسة والثقافة والاقتصاد والإدارة. أقول: هذا مِن ذاك، فما عندنا اليوم عبارة عن تشابك الأزمنة، وتداخل العقائد، وتمازج الفقه بالرأي، لأننا كنا وما زلنا وما سنكون عليه، محكومين بالماضي، وبالفكر الدّيني، حتّى أمست أدمغتنا مُتاحفَ، بينما الآخرون فصلوا بين أدمغتهم والمُتاحف، هم يزورونها للدراسة والعبرة والمتعة لا أكثر، بينما نحن نحملها في داخل رؤوسنا، ننام ونصحى على هدير اختلافاتها، وصليل سيوف معاركها.

مِن تراث المواجهة

إذا كنا قادرين على عدّ واحصاء مواقع القبول، ومواقف الاعتراف بالرأي الآخر، مِن دون قمع وإقصاء لقلتها، فيصعب علينا جمع مواقع ومواقف المواجهة، في تاريخنا بل وحاضرنا، والاضطهاد بسبب اختلاف الرّأي، وما أسفر عن مقاتل لا تُعد ولا تُحصى بسبب الأفكار، ففي العقائد أول ما يواجهنا “الفرقة النّاجيّة”، وكلّ فِرقة في الأُصول اعتبرت نفسها هي النّاجية، وسواها الهالكة في النار، وذلك عندما يجري الحديث عن افتراق الأمة([23])، ويقصد النّجاة مِن عذاب النّار، صحيح ظاهر العنوان يقصد “الحياة الآخرة”، لكن جوهره يعني الحياة الدّنيا، لذا ظهر تشريع حدّ الرّدة([24])، وترسيخه، مع أن القرآن لا يجيزه؛ ولتكريس المواجهة في الأفكار، ظهر علم “النّاسخ والمنسوخ”، ووفق ذلك نسخت (124 آية”([25])، مِن آيات القبول بالآخر، بآية واحدة هي آية السّيف(الخامسة مِن سورة التَّوبة)، دون النّظر لأسباب نزولها، والظرف الذي نزلت فيه، ودون الأخذ بالاعتبار أنّ المواجهة بالسيوف ليست دائمة، لها أسبابها وظروفها، فلو كانت دائمة خالدة لفنيت البشريَّة، وما عاش النّاس متجاورين، إنما الدائم والخالد، ولا يتقيد بزمان ومكان، هو السَلام، والقبول بالآخر، مع اختلاف الأفكار والعقائد، وهذا ما جاء واضحاً في ما ذكرنا مِن الآيات آنفاً.

يُلغي أحد أبرز الفقهاء، في زمانه، وهو ابن عساكر(تـ: 571هـ/1175م) بمقولة صادمة، قالها دفاعاً عن الإمام أبو الحسن الأشعري(تـ: 324هـ/936م)، وضد معترضين عليه داخل أهل السّنة والجماعة، لا مِن خارجهم، عندما قال: “إِنَّ لُحُوم الْعلمَاء- رَحْمَة اللَّه عَلَيْهِم- مَسْمُومَة”([26]).

نحمل القول على حُسن النّية، أنه ورد في كتاب دفاعي عن الأشعريّ، وجاء في فصل عن “الغيبة”، لما تعرض له  إمام الأشعريَّة، أبو الحسن إسماعيل، مِن قِبل خصومه، معتزلة وحنابلة وغيرهم، لكن للعبارة وقعاً آخر، أنَّ هؤلاء العلماء كافة لا قبلون الرأي الذي يعارضهم، أو يختلف معهم، وخصوصاً بما يتعلق في صُلب العقيدة. حتّى إنَّ لأهمية كتاب ابن عساكر، الحاوي لهذه العبارة، صار اقتناؤه ومطالعته الفاصل في الانتماء لأهل السّنة والجماعة؛ فقال فيه أحد أبرز الأشاعرة، في زمانه، تاج الدّين السُّبكي(تـ: 771هـ/1369م)، بعد حين، في ترجمته للإمام الأشعريّ: “كلُّ سنيّ لا يكون عنده كتاب التَّبيين لابن عساكر، فليس مِن أمر نفسه على بصيرة”([27])، ومعلوم عكس البصيرة الضلال. ناهيك عن رفض قبول الجدل في كتب المختلفين، فصنفت كتب في اعتبار الجدل والكلام، بل والاطلاع محرماً.

كانت قضية أبي الوفاء علي بن عقيل الحنبليّ(تـ: 513هـ/ 1119م)، وراء تصنيف كتب في تحريم القبول بنقاش آراء المختلفين([28])، يوم كُبس وهو يُطالع كتب المعتزلة والصّوفيّة، فافتي بقتله، وفرّ مِن مصيره، حتّى عاد وأعلن توبته(465هـ/1072م)، وهذا من نص توبته، ومن مصدر حنبلي، أي مِن مذهبه: “إني ابرأ إلى الله تعالى من مذاهب المبتدعة، والاعتزال وغيره، ومن صحبة أربابه، وتعظيم أصحابه، والتَّرحم على أسلافهم، والتكثر بأخلافهم، وما كنت علقته ووجد خطى به من مذاهبهم وضلالاتهم؛ فأنا تائب إلى الله تعالى من كتابته، وأنه لا تحل كتابته، ولا قراءته، ولا اعتقاده…”([29]).

ذكرنا قبول مؤسسة النَّجف الشّيعيّة، بدخول كتاب “فلسفة النّشوء والاتقاء” الخاص بنظرية داروين(1910)، بشرط مناقشته أو الرّد عليه، وتم لهم ذلك، وحسبنها من تراث وقيم القبول بالنقد، لكن بعد نحو عشرين عاماً، تعصبت هذه المؤسسة ضد تعليم البنات، ورفضت دعوة المتنورين ومطالبتهم الحكومة العراقية(1929) لفتح مدرسة بنات بالنّجف، والعذر الحفاظ على قُدسية المدينة، وعدم خدش تقاليدها بالدعوة إلى تعليم البنات، وبالتالي خروج المرأة وتحريرها. فلما استجابت الدّولة العراقيّة، ممثلة بشخص الملك فيصل الأول(تـ: 1933)، وقررت فتح مدرسة لتعليم البنات، ثارت ثائرة رجال الدّين، فأقاموا الدّنيا ولم يقعدوها، ضد القرار، والسلاح هو تهييج النّاس بدافع ديني انفسهمّ، فأجلت الحكومة التنفيذ، ويومها تصدى ضدهم شعراء المدينة المتنورون، وهم مِن أُسر دينية معروفة أبناء وأحفاد مراجع في المذهب الشّيعيّ، فنُشرت القصائد النّاقدة لهذا التّزمت.

قال محمَّد مهدي الجواهريّ(تـ: 1997):

علموها، فقد كفاكم شناراً

وكفاها أن تحسب العلمَ عارا

وكفانا مِن التقهقر.. أنا

لم نعالج جتَّى الأُمور الصَّغارا ([30]).

كذلك للجواهريّ قصيدة “الرجعيون 1929) جاء فيها([31]):

غداً يمنع الفتيان أن يتعلموا

كما اليوم ظلماً تُمنع الفتياتُ

جاء فيها نقد حاد لرجال الدين الكبار، وحرصهم على الترف في بيوتهم، لكنهم كانوا يتظاهرون بالزّهد، عندما قال:

بيوتٌ على أبوابها البؤس طافحٌ

وفي داخلهنَّ الأنس الشّواتُ

كما ألقى الشّاعر النّجفي صالح الجعفريّ(تـ: 1979)، وهو مِن أسرة آل كاشف الغطاء الدينية المعروفة، أكثر مِن قصيدة، ومما قال ناقداً التزمت والتعصب:

حناناً يا أماثُلنا.. حناناً

حناناً أيها المتزمتونا

تبعناكم على خطأٍ سنيناً

فأسفرت الحقيقةُ فاتبعونا”([32]).

لا أظن المقال يسع لذكر أكثر مِن ذلك، مِن كتب المواجهة وعدم القبول بالنّقد، أو الاحتلاف، على مستويات: العقائد والفلسفات والآراء بشكل عام، فإذا اطلقنا العنان لذكرها ما انتهينا بكتاب أو أكثر، مِن الوقائع والمواقف، ومثلما تقدم كنا جمعنا مِن تلك الوقائع في كتاب “صرعى العقائد”، أي ما أدرى الخلاف وعدم القبول إلى القتل.

 

القبول والمواجهة اليوم

أقول: مِن الصّعب، إذا لم يكن المستحيل، أن يقبل معتنقٌ عقيدة دينيَّة أو مذهبيّة برأي آخر؛ تجده في عداوة مع الآخر، إما أن يكسبه لعقيدته، وإما يرفضه رفضاً كاملاً، والرفض يعني القتل، في الغالب مِن الأحوال، وهذا ما أشار إليه محمَّد بن جرير الطَّبريّ في تفسيره: “العَدَاوةُ عَلَى الدِّينِ، العَدَاوةُ الَّتِي لَا زَوالَ لها، إِلَّا بِانتِقالِ أَحدِ المُتَعادِيَينِ، إِلى مِلَّةٍ الْآخَرِ مِنهُمَا”([33]). هذا هو منطق المواجهة بين أهل العقائد، وما طبع منها في أذهان الأجيال، فتسرب عدم القبول من العقيدة الدّينيّة إلى العقائد الدّنيويّة، وحتى ما يخص الثّقافة والأدب، وبالتالي نشب التعصب للفكرة مِن التّربية الأولى.

تتحول الفكرة، وإن كانت ليست دينية إلا أنها صارت مقدسة، فمن المعروف تتحول العقائد إلى سرمديات خارج الزَّمن، شأنها شأن الفكرة الدّينيّة، لا يجوز خلافها أو القبول بنقدها، وخصوصاً يبرز هذا في العقائد الدّينيّة السياسيَّة، وهي في الواجهة اليوم، لذا مِن السُّهولة يستحيل حوار الخلاف إلى حوار الدَّم، حتَّى إذا كان النص الديني، أو العقائدي بشكل عام، يحتمل قبول النّقد فتفسيره أو شرحه أو تأويله يُلغي هذا الاحتمال.

لهذا نحن بين فسطاطين، الرأي والعقل البشريّ، وفسطاط الرأي الدينيّ الإلهيّ، قد لا تكون مواجهة كلية، إنما القبول في جزئية لا تؤثر في قدسية العقيدة، بحدود العبادات والشّعائر، يمكن تفهم ذلك، لكن عندما يكون الأمر خلافاً على النّهج السّياسي والاجتماعي، وإدارة الدَّولة، أو ما يخص المعاملات، فلا مناص مِن المواجهة في النَّقد، مع أنَّ فقهاء قد اعترفوا بـأنَّ “الأحكام تتغير بتغير الأزمان”، وهذا مبدأ لدى أحد المذاهب المشهورة، “لا يُنكر تغير الأحكام بتغير الأزمان”([34])، أو المبدأ القائل: “ما جاز لعذرٍ بطل بزواله”([35]).

على أي حال، قد يستطيع دعاة القبول بالنَّقد في الفِكر العربيّ، وبالتالي هؤلاء هم طالبو التّقدم، الأخذ بقول أحد أبرز دعاة التّنوير، عندما أطبقت عليه المواجهة، حتّى أفرد “إفراد البعير المعبد”، وكان الزّمن زمن المواجهة الحادة، في النصف الثاني من القرن التّاسع عشر وبداية القرن العشرين، مع محدودية وسائل المواجهة آنذاك، وهو المفكر شبلي شميّل(تـ: 1917)، وما بلغه مِن جهد في إشاعة الأفكار الجديدة في علم الأحياء، يوم قدم أفكار تشالس داروين إلى الثقافة العربيّة، وكانت الثقافة الدينية مهيمنة بلا منازع. له نصيحة، قالها مِن تجربة: “كن شديد التّسامح مَن يخالفك في رأيك؛ فإن لم يكن رأيه كل الصّواب، فلا تكن أنت كلّ الخطأ بتشبثك، وأقل ما في إطلاق حرية الفِكر والقول تربية الطَّبع على الشّجاعة والصّدق؛ وبئس النّاس إذا قسروا على الجبن والكذب”([36]).

يرى الكثيرون، تحت هيمنة خطاب المواجهة على الفضائيات، ومواقع التّواصل الاجتماعيّ، كأن القبول لا وجود له، وأنَّ أهل التّنوير صاروا في خبر كان، توقف دورهم وانتهىت جهودهم، فالانتصار واضح لمَن كثر أتباعه، فاغلقوا السبل عليه، ما أسهل إطلاق فتوى القتل وتنفيذها، لكن لنفترض أنها الأغلبية الغالبة فعلاً، هل معنى هذا يتم الانسحاب مِن السّاحة، والخضوع والاستلام، كون النقد في الفكر العربي صار مواجهة بحتة، ولا خطاب يقف أمام هذا المد الهائل؟

هنا، نُكمل مع شبلي شميّل، وقالها أيضاً مِن خبرة وتجربة، وأن لم يعش ليشهد إلى أي مدى وصل التّنوير، ثم تراجع أمام الصّحوة الدِّينيَّة التي عمت الأرض، في الثمانينيات والتسعينيات، مِن القرن الماضي، وما زالت قائمة، وإن كان بأقل قوة. قال: “الإصابة ليست دائماً في جانب الاجتماع؛ فالكثرة ليست حِجَّة قاطعة، أو هي وحدها بُرهان القوة، الوحشية والحقيقة ما كانت أدنى مِن الواقع”([37]).

وافق هذا القول، بمعنى مِن المعاني، أحد رجال الدّين، الذين أشاعوا القبول بالنّقد في الفكر العربيّ، وواجه عدم القبول لكتابه “أين الخطأ”(1978)، لأنه طرح التّجديد الديي مِن وجهة مغايرة للسائد، حتّى اعتبره زميله مفتي جبل لبنان الشّيخ محمد علي الجوزو “سقطة شنيعة وعثرة”([38])، ألا وهو الشَّيخ اللبناني عبد الله العلايلي(1996)، الذي كان له صداقة مع أحد أعلام التّنوير، صاحب سِفر “النّزعات الماديَّة في الفلسفة الإسلاميَّة” العلامة حسين مروة(اغتيل: 1987)، وكانا مختلفين لكنهما متفقين، قال العلايليّ العام (1954): “واتخذتُ شعاراً لدرسي كلُّه، هذه الكلمة: ليس محافظةً التّقليد مع الخطأ، وليس خروجاً التّصحيح الذي يُحقق المعرفة، فلا تمنعني غرابة رأي- أظنه أنه صحيح- مِن ابدائه، لأنَّ الشُّهرة لم تعد أبداً عنوان الحقيقة؛ وأيضاً لا يحول بيني وبين رأي أنه قليل الانصار؛ لأنَّ الحقَّ لم يعد ينال بالتَّصويت الغبي، فالانتخاب مِن عمل الطَّبيعة، وهي لا تُغالط نفسها، كما لا تعمد إلى التَّزوير”([39]).

يردف الشيخ العلايلي قائلاً في التعصب: “الصّراع الفكري يفقد روعته في عصبية الرأي، والنّزعات الشّخصيّة”([40]). هذا بعينه، ما نبه إليه الفقيه سفيان الثّوريّ، قبل قرون طويلة، وإن كان بحدود الفقه، مثلما تقدم، ونعيده، فقيل بالإعادة إفادة: “إنما العِلم عندنا الرّخصة مِن ثقةٍ، فأما التّشدد فيُحسنه كلُّ أحد”([41]).

 

قائمة المراجع:

([1]) اخوان الصفا، رسائل إخوان الصّفا وخلان الوفاء، الرسالة الأولى في الآراء والديانات 4 ص 64(الهند- بومباي: مطبعة نُخبة الأخيار 1306هـ/ 1888م).

([2]) (بيروت: دار الكتب العلمية 1987).

([3]) مخطوط في خزانة تطوان- المغرب، رقم: 87532.

([4]) السّيوطي، جامع الأحاديث 1 ص 124 رقم الحديث: 706(جمع وتبويب عباس أحمد صقر وأحمد عبد الجواد، بيروت: دار الفكر للطباعة والنشر والتّوزيع 21 مجلداً).

([5]) بيروت: دار الكتب العلمية 1999.

([6])مسكويه، أبو علي أحمد بن محمَّد(تـ: 421هـ)، تجارب الأُمم 5 ص 142(تحقيق: أبو القاسم إمامي، طهران: دار سروش للطباعة والنَّشر 1998).

([7]) ابن عبد البرِّ، يوسف بن عبد الله(ت 463هـ)، مختصر جامع بيان العِلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله، ص 205(اختصره: أحمد بن عمر المحمصاني، تحقيق: حسن مروة ومحمود الأرناؤوط، بيروت: الخير 1992).

([8]) علي جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 3 ص 172(بيروت: دار الملايين 1978). البغداديّ، خزانة الأدب، تحقيق: عبد السَّلام محمَّد هارون(10 ص 295(القاهرة: مكتبة الخانجي 1997).

([9]) علي جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 3 ص 172(بيروت: دار الملايين 1978). البغداديّ، خزانة الأدب، تحقيق: عبد السَّلام محمَّد هارون(10 ص 295(القاهرة: مكتبة الخانجي 1997).

([10]) أبو المستهل الكُميت بن يزيد الأسديّ(تـ: 126هـ/ 744م)، الطّرماح بن حكيم(تـ: نحو 125هـ/ 743م).

([11]) البيان والتبيين 1 ص 46 (تحقيق: عبد السَّلام محمَّد هارون، القاهرة: مكتبة الخانجي 1998).

([12]) خالد بن صفون بن عبد الله بن الأهتم التميمي المنقريّ(تـ: 133هـ/ 750م)، أبو معمر شبيب بن شيبة بن عبد الله بن الأهتم التميمي المنقري(تـ: 170هـ/ 786م).

([13]) الجاحظ، البيان والتبين 1 ص 47.

([14]) ابن الأثير، أبو الحسن عزّ الدِّين(تـ: 630هـ) أسد الغابة في معرفة الصَّحابة 1 ص 472(بيروت: دار الفكر 1989). وردت في مكان آخر الحارث بن قيس الفزاري، وكان رجلاً أعمى (انظر: البيهقي، إبراهيم(تـ نحو 320هـ)، المحاسن والمساوئ، ص 599 بيروت: دار صادر 1970).

([15]) انظر: شميل، شبلي، فلسفة النشوء والارتقاء، ص 1(القاهرة، مطبعة المقتطف 1910).

([16]) شمس الدّين، محمد رضا، حديث الجامعة النّجفية تاريخ وتحليل، ص 73(النّجف: المطبعة العلمية 1953).

([17]) الدِّين والإسلام أو الدَّعوة الإسلامية(صيدا: مطبعة العِرفان 1330هـ).

([18]) نقد فلسفة داورن (بغداد: مطبعة الولاية العامرة 1331).

([19]) الرِّحلة المدرسية والمدرسة السَّيارة(النَّجف الأشرف: المطبعة الحيدريَّة 1347هـ).

[20]– شميل، فلسفة النُّشوء والارتقاء، الغلاف الخارجي الأول.

[21]– المصدر نفسه.

[22]– المصدر نفسه.

([23]) مِن أمثلة ذلك (عن السُّنة): البغداديّ، عبد القاهر بن طاهر(تـ: 429هـ)، الفرقُ بين الفرقِ وبيان الفِرقة النَّاجية منهم، ص 299 وما بعدها(بيروت: دار الجيل ودار الآفاق الجديدة 1987). (عن الشّيعة): الكُلينيّ، محمّد بن يعقوب(تـ: 329هـ)، الفروع مِن الكافي 8 ص 224(بيروت: دار التَّعارف 1401هـ). (عن المعتزلة): ابن المرتضى، أحمد بن يحيى(تـ: 840هـ)، المُنية والأمل في شرح المِلل والنَّحل، ص 128(تحقيق: محمَّد جواد مشكور، بيروت: دار النَّدى 1990).

([24]) كنا أتينا بالتفصيل على قضية الردة، والقتل لا وجود له في القرآن كعقوبة إلا القصاص، ومع ذلك فيه اعفاء ومراضاة(العقاب والغلو في الفقه والتراث الإسلامي، مركز المسبار للدراسات والبحوث، دبي: 2018 وطبعة 2024).

([25]) البغداديّ، هبة الله بن سلامة(تـ: 410)، النّاسخ والمنسوخ، ص 128(تحقيق: موسى بناي العليليّ، بيروت: الدَّار العربيَّة للموسوعات 1989).

([26]) ابن عساكر، عليّ بن أحمد(تـ: 571هـ)، تبيين كذب المفتريّ فيما نُسبَ إلى الإمام أبي الحسن الأشعريّ، ص  29(دمشق:  مطبعة التَّوفيق 1347هـ).

([27]) السُّبكي، تاج الدّين عبد الوهاب(تـ: 771هـ)، الطبقات الشّافعيّة الكبرى 3 ص 351(محمود محمد الطناحي وعبد الفتاح محمد الحلو، هجر للطباعة والنَّشر 1413هـ).

([28]) مثل: ابن قُدامة، موفق الدّين عبد الله بن أحمد(تـ: 620هـ)، تحريم النَّظر في كتب الكلام(تحقيق: عبد الرَّحمن بن محمَّد دمشقيَّة 1990).

([29]) ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرَّحمن(تـ: 597هـ)، المنتظم في تاريخ الملوك والأُمم 16 ص 143(تحقيق: محمّد ومصطفى عبد القادر عطا، بيروت: دار الكتب العلميَّة 1992).

([30]) الغبان، محمد جواد(تـ: 2012)، المعارك الأدبيّة حول تحرير المرأة في الشّعر العراقيّ المعاصر، ص 47 (بغداد: وزارة الثقافة- دائرة الشُّون الثَّقافيَّة العامة 2006).

([31]) المصدر نفسه، ص 49.

([32]) المصدر نفسه، ص 53.

([33]) جامع البيان عن تأويل آي القرآن 5 ص 713تفسير سورة آل عمران، الآية 118(تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التُّركيّ، القاهرة: هجر للطباعة والنّشر والإعلان 2001).

([34]) مجلة الأحكام الشَّرعيَّة العثمانيَّة، كراتشي: كارخانة، ص 28.

([35]) المصدر نفسه، 27.

([36]) شميل، شبلي(تّ: 1917)، فلسفة النّشوء والارتقاء، ص أ ديباجة مقدمة الطبعة الأولى(القاهرة: مطبعة المقتطف 1910).

([37]) المصدر نفسه، ص 1 ديباجة الطّبعة الثَّانيّة.

([38]) مجلة الأمان، العدد 69، وقد ردّ عليه في أكثر مِن مقال نشرت في المجلة المذكور: الأعداد: 65- 66- 67. وظلت المواجهة معه مستمرة، فضمن بسطامي محمد سعيد خير كتابه “مفهوم تجديد الدّين” فصلاً تحت عنوان “سقطة كتاب أين الخطأ”، ص 169(جدة: مركز التّأصيل للدراسات والبحوث 2012).

([39]) العلايليّ، الشّيخ عبد الله(تـ: 1996)، المعجم موسوعة لغويَّة علميَّة فنيَّة 1 ص 3 (بيروت: دار المعجم العربيّ 1954).

([40]) محاضرة لبنان ونظرية المحيط، نشرة النّدوة اللبنانيَّة، العدد 9 السنة 1950، ص 126- 127.

([41]) ابن عبد البرِّ، يوسف بن عبد الله(ت 463هـ)، مختصر جامع بيان العِلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله، ص 205(اختصره: أحمد بن عمر المحمصاني، تحقيق: حسن مروة ومحمود الأرناؤوط، بيروت: الخير 1992).

 

    اقرأ ايضا

    المزيد من المقالات

    مقالك الخاص

    شــارك وأثــر فـي النقــاش

    شــارك رأيــك الخــاص فـي المقــالات وأضــف قيمــة للنقــاش، حيــث يمكنــك المشاركــة والتفاعــل مــع المــواد المطروحـــة وتبـــادل وجهـــات النظـــر مــع الآخريــن.

    error Please select a file first cancel
    description |
    delete
    Asset 1

    error Please select a file first cancel
    description |
    delete