نظرية الطاعة في الخطاب الإسلامي

التأسيس النصي والفعل التاريخي

تكوين

مقدمة

تُختصر العلاقة بين السلطة والمجتمع في الخطاب الإسلامي وفق ما يُمكن تسميته بنظرية الطاعة وهي حاكم يطيع الله، ورعية تطيع الحاكم، وإن بدا لي هذا التصور محض نظرية إلا أنه عند منظري الدولة الإسلامية “الخلافة” من الثوابت الدينية الأصيلة، وأصبح هو التصور الشائع لطبيعة العلاقة المتبادلة بين السلطة والمجتمع في الثقافة الإسلامية.

وهذا سيقودنا للسؤال كيف نشأ هذا التصوّر الفكري؟ وهل تأسس على وحي مقدس قطعي الدلالة أم اجتهاد بشري في فهم أدلة شرعية ذات دلالات احتمالية؟ من الذي ثبّت المعنى الله أم منظرو الدولة الإسلامية؟ وهل جذور التجربة التاريخية لنظرية الطاعة تؤيد استمرار هذا التصور أم تدعونا إلى إعادة النظر فيه؟

وإذا كنا أمام دلالة تُعطى للحكام سلطات شرعية، فهم الذين يُشرعون وينفذون، والأمة تبعا لهم، وبين دلالات أخرى تُمكِّن الناس من استرداد إرادتهم، فيختارون من بينهم من ينوب عنهم؛ ليكوّنوا منهم سلطة الإلزام والتوجيه الاجتماعي، فأي الدلالات أولى بالاختيار من تمنح الحاكم سلطة دينية أم التي تسترد منه تلك السلطة الدينية!! هل الأولى أن ننحاز إلى دولة مركزها الحاكم بصورتها التاريخية القديمة، أم إلى دولة مركزها المجتمع بصورتها المعاصرة الحديثة!!

البحث محاولة لممارسة القراءة التحليلية النقدية البعيدة عن الدوغمائية أو التبريرية أو الانتقائية المستعلية السائدة في الخطاب الإسلامي، فأخطر ما وقع فيه الخطاب الإسلامي المعاصر تثبيت المعنى عند فهم بعينه، وترويجه كأنه المعنى الوحيد المطابق لمراد الله، مما أعطى للمنتج البشري سلطة الإلهي، وعليه تأسست العلاقة بين السلطة والمجتمع في الثقافة الإسلامية المعاصرة.

 (١)

النظرية

تنظم علاقة المجتمعات بالسلطة الحاكمة في الدولة الإسلامية ما يُمكن تسميته بنظرية الطاعة، وإن بدا لي هذا التصور محض نظرية إلا أنه عند منظري استعادة دولة الخلافة الإسلامية من الثوابت الدينية الأصيلة، ويُمكن إجمالها في أن طاعة الحاكم من طاعة الله في كل مباح ليس بمعصية، فالحاكم يطيع الله، والرعية تطيع الحاكم، ولا تعصيه ما دام لم يأمرها بمعصية، فالأمور –وفق هذه النظرية- بين دائرتين مباح جائز وحرام معصية، فما كان في معصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وما كان غير ذلك من مباح فجعلوا الاختيار للإمام، والرعية ملزمة باتباع اختياراته، فليس لها مخالفة الحاكم في اختياره لأنه ليس حراما شرعًا، فركز أصحاب هذا التصور على طاعة واجبة على المحكوم تجاه الحاكم وطاعة واجبة على الحاكم تجاه الله، ولم يتطرق إلى إيجاب المحكومين طاعة على الحاكم؛ لأن تصّورهم أنه لا طاعة إلا بأمر إلهي والآية أمرت الرعيّة بطاعة الراعي ولم تأمره بطاعتهم، فلا إمكانية لإلزام الشعب للسلطة التي ينفرد بها الحاكم بأمر في دائرة المباحات وفق هذه النظرية، فليس هناك كلام عن اختيارات للأمة أو الشعب في مباح، فالاختيار محصور في دائرة الحاكم وهيئته الاستشارية من المجتهدين، فالقائم على أمر المسلمين سواء سُمِّي خليفة أو إماما أو رئيس دولة له حقّ التشريع بوصفه مجتهدا يكشف مراد الله في وحيه إلى الناس، وله سلطة تنفيذ تلك الأحكام التي ينتهي إليها اجتهاده، ولا يُلزم الإمام (الحاكم) باجتهاد ممن اختارهم أهل لمشورته لأنه يتساوى معهم في كونه مجتهدا، وإذا كان غير مجتهد فله أن يختار من آراء المجتهدين من أهل مشورته، فالشورى كاشفة غير ملزمة له.

والأمة تصدر في دولة الخلافة الإسلامية عن رؤية الحاكم (الخليفة) الذي يقوم -وفق طرح منظري الدولة الإسلامية- بدور المجتهد والحارس والمطبِّق لأحكام الإسلام، والحامي لحاكمية الله، فكيف لمن له هذه المهام أن يتحوّل إلى مأمور يُطيع العامة، لذا لم يتطرق أصحاب هذا التصوّر إلى إمكانية أن يُطيع الحاكم المحكومين، أو التفكير في آليات تمثيل مجتمعي كما في الممارسة المعاصرة، فطبيعة دور الحاكم كراعي أن يختار فهو المتبوع، وطبيعة دور الأمة (الشعب) كرعية أن تسمع وتُطيع فهم تابعون لاختيارات الحاكم .

ومن المؤسف أن منظري الدولة الإسلامية عبر قرون لم يطوّروا نظريتهم؛ فظلت علاقة السلطة بالمجتمع في ثقافتنا الإسلامية محصورة في هذه الطَّرح، وتجمدت العقلية المنتجة للخطاب الإسلامي عند هذه الصورة، لا يختلف في ذلك الخطاب الرسمي المعاصر عن غيره، ففي الفتوى الصادرة عن دار الإفتاء المصرية ردا على سؤال ما حكم طاعة الحكام؟ جاء الجواب: “من حكم دولة من هذه الدول المعاصرة فإن له حكم الإمارة، فيجب على الناس أن يطيعوه، ما لم يأمرهم بمعصية.”() [1]فلم تحمل علاقة السلطة ممثلة في الحاكم بالمجتمع أي قدر ولو ضئيل من التفصيل أو التطوير، ولم يختلف فهم دار الإفتاء في القرن الحادي والعشرين عن فهم فقيه مثل ابن حزم في القرن العاشر الميلادي في قوله: “إن الإمام (الخليفة) تجب طاعته ما قادنا بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.”()[2]

(٢)

التأسيس النصي للنظرية

بداية جاءت مادة “أمر” في معاجم اللغة بمعنى طلب الفعل، وأمر الله ما وعد به، ويأتى الأمر بمعنى الحادثة.()[3] واستعمل القرآن الكريم كلمة الأمر قرابة مائتين وثمان وأربعين مرة لم تتجاوز الدلالة اللغوية الشائعة.()[4] غير أنها لما أضيفت كلمة “أولو” إليها في موضعي سورة النساء حدث خلاف حول هؤلاء -المأمور بطاعتهم- الذين أطلق عليهم القرآن اسم أولي الأمر، ورغم أن أقوال المفسرين تعددت، حتى ذكر بعضهم خمس أوجه محتملة في معناها، وستشير الدراسة إلى ثلاثة عشر دلالة قد يحتمله لفظ أولى الأمر في الآيات إلا أن هناك معنى تراثي اشتهر بين تلك المعاني وهو ما جاء في تفسير ابن كثير من أن أولى الأمر هم الحكام والفقهاء مستندا في تفسيره إلى المرويات الحديثية في باب الإمارة.

فاستمد الحكام والفقهاء سلطةً ونفوذًا شرعيًا في الخطاب الإسلامي من المدلول الثقافي المتداول لـ”أولى الأمر “بأنهم الحكَّام، وأن “الذين يستنبطونه منهم” هم الفقهاء المجتهدون بمعنى خاص أو رجال الدين بمعنى عام، فتجب طاعتهم شرعًا بمقتضى التكليف الإلهي ما دامت ليست في معصية لله، وتكون مخالفتهم حرام شرعا، بموجب الأمر الإلهي في آيتي سورة النساء، “يأيها الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا”، “وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وإلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ” (سورة النساء، الاية٨٣،٥٩)

وهذا يُوهم بأن أولى الأمر في الآية تدل على الحكام والفقهاء دلالة قطعية حتى ينبني عليها حكم الوجوب الشرعي للطاعة لهم، وأننا متى فقدناهم فإنه من الواجب البحث عنهم وإعادة دولتهم، لكن واقع كتب التفسير التراثية تقول بأن الآيتين يحتملان أكثر من عشرة دلالات مختلفة، وساعد على هذا التزييف للوعي الجمعي وإيهام الوجوب السلطة السياسية السنية في صراعها التاريخي مع دولة الشيعة، والجماعات الدينية المعاصرة في تأصيل سعيها لاستعادة دولة الخلافة الإسلامية. فيقول أحد أعلام الفقه المعاصر ومنظري أكبر الجماعات بأن سعيهم “لم يكن هذا ابتكارا من الحركة الاسلامية ومؤسسيها ودعاتها بل هو ما تنطق به نصوص الإسلام القاطعة ووقائع تاريخية ثابتة وطبيعة دعوته الشاملة. أما نصوص الإسلام فحسبنا منها آياتي سورة النساء.”()[5]  وكأنه قصد -بوعي أو من غير وعي- إلى لَيّ أعناق الآيتين وجعْلِهما نصوص الإسلام القاطعة الدلالة؛ ليثبت بهما حكما شرعيا هو وجوب إقامة الدولة الإسلامية  كأصل إسلامي أمر به الوحي، فهو يُؤصل بالآيات لفكرة استقرت في عقله مسبقا، ثم ذهب للقرآن يبحث عن الدليل ليُشرّع لسعي جماعته في استعادة الأصل الغائب “ دولة الخلافة الإسلامية”.

وقد ساعد على انتشار هذا الرأي اختيار السلطة السياسية قديما له لاسيما في فترات الصراع السني الشيعي، فالخليفة السني وحوله الفقهاء يبحثون عن سند ديني يمنح اختيارات الخليفة دينية وشرعية لا تقل في قوتها عن خصومه من أئمة الشيعة الذين ينازعونه السلطان مستندين إلى دلالة نصية دينية في الفكر الشيعي تستوجب طاعة الأئمة واتباع أوامرهم.

وكما كان الواقع دافعًا لاختيار قول ابن كثير وإهمال غيره كأنه الفهم التراثي الوحيد للآيتين، كان الواقع كذلك دافعا لرفض قول ابن كثير، فأنكر الرازي في تفسيره كون الآية إشارة إلى الولاة والسلاطين وجماعة من علماء الدين، مناقشا أوجه الضعف في استدلال ابن كثير؛ ومنها أن الأمر بطاعة أولى الأمر واجب في الآية، وهذا الوجوب يقتضي العصمة من الخطأ؛ فالله لا يأمر بطاعة في خطأ، والعصمة من الخطأ –في نظره- ثابتة للأمة مجتمعة على رأي وليست لبعضها لاسيما الحكام الذين قد يأمرون بالخطأ قصدا إليه كما يقول: “طاعة الأمراء والسلاطين فغير واجبة قطعا، بل الأكثر أنها تكون محرمة؛ لأنهم لا يأمرون إلا بالظلم.”()[6] وقد استند الرازي في إنكاره الشديد أن يكون أولو الأمر هم الحكام والفقهاء إلى ما أسفر عنه التوظيف السياسي لهذا الفهم من واقع متردي في عصره؛ لذا جعل أولي الأمر متمثلا في إجماع الأمة، وأكمل النيسابوري فجعل أهل الحل والعقد ممثلي هذا الإجماع. بما يدل على أن الواقع التاريخي الذي يعيشه المفسّر يؤثر في فهمه للآيات.

وإذا سلمنا بصحة أحاديث الإمارة ()[7] الدالة على وجوب طاعة الأمير التي استند إليها ابن كثير في تفسيره لأولى الأمر بالحكام والفقهاء فإنه يمكننا توجيه تلك المرويات بإحدى طريقتين: الأولى تقييد دلالة الإمارة في الأحاديث بالقيادة العسكرية في ميادين الحروب، ويؤكد هذا المعنى قول ابن خلدون: “منذ عهد الخلفاء كانوا يسمون قواد البعوث باسم “الأمير”، وهو فعيل من الإمارة.. وكان الصحابة أيضاً يدعون سعد بن أبي وقاص “أمير المؤمنين” لإمارته على جيش القادسية.”()[8] فهي دعوة للالتفاف حول القيادة العسكرية وتجنب التفرّق والانقسام.

وإذا اتبعنا منهج ابن كثير نفسه في التفسير بالرواية، فسنجد روايات سبب النزول تخصص معنى أولى الأمر بالقادة العسكريين (أمراء السرايا) في ميادين المعارك كما أشارت روايتا سبب النزول من أن خلافا وقع بين أمير سرية وأحد الجند؛ لأن الأمير أمره أن يُلقى بنفسه في النار، والرواية الثانية أن الآية نزلت في خلاف بين عمار وخالد –رضي الله عنهما- ورغم أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ أمان عمار إلا أنه نهاه أن يخالف أميره مرة ثانية إشارة إلى خالد، وأنهما بعد أن تسابا اعتذر خالد لعمار نزولا على أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكانت الآية حثّا على وجوب الطاعة في ميادين المعارك في غير معصية.

الطريقة الثانية أن نُبقي على المفهوم العام للإمارة في المرويات دون تقييده بالناحية العسكرية، فالإمارة هي السلطة الحاكمة الآمرة غير أن صورتها اختلفت بين القديم والحديث، فإن كان الأمير شخص أو أسرة تمثلت فيها السلطة الحاكمة قديما، فإن نظم السلطة المعاصرة والقانون العام بما له من سيادة هو المراد بالإمارة في عصرنا، وليس الحاكم فتغيّرت دلالة الأمير حديثا تبعا لتغاير الواقع الاجتماعي والتاريخي، فالسلطة هيئات مستقلة منفصلة والأمير هو القانون الذى تواضع الناس على الخضوع له سواء أكان مصدره إلهي قطعي الثبوت والدلالة، أو مصدره وضعي بشري فيما لا نص قطعي الدلالة قطعي الثبوت فيه من نصوص الوحي الإلهي. ويمكننا أن نفهم هذا الأمر النبوي في سياقه الاجتماعي حينها، إذ يحاول أن يرسّخ في حياة العرب لفكرة القيادة العامة وسلطة تتجاوز القيادة القبلية إلى كِيان أكبر يتشكّل، وقبول إمارة غير المنسَّب في العرب ولو كان عبدا حبشيا.

 واستبعد محمد عبده تفسير أولى الأمر بالحكام والفقهاء مع إقراره بشهرته، بقوله: “من المشهور أن للمفسرين في أولي الأمر قولين: أحدهما أنهم الأمراء الحاكمون، وثانيهما: أنهم العلماء، ومن الناس من يعبر بكلمة “الفقهاء” ومن المعلوم أنه لم يكن مع النبي -صلى الله عليه وسلم- أمراء حاكمون ولا صنف يسمى الفقهاء، وإنما المراد بـ أولي الأمر الذين ترد إليهم مسائل الأمن والخوف وما في معناها من الأمور العامة: أهل الرأي والمكانة في الأمة وهم العلماء بمصالحها وطرق حفظها والمقبولة آراؤهم عند عامتها.”()[9] وقيد الأستاذ محمد عبده طاعتهم بعدم مخالفتها للمتواتر قطعي الدلالة من الوحي، وأن يكون تشريعهم بلا إكراه لهم ومحض اختيار منهم، وأن يكون عملها في دائرة المصالح العامة وليس الأمور التعبدية والعقائدية التي يُؤخذ فيها بالوحي فقط.()[10]

فتأويل أولي الأمر بالحكام والفقهاء يتنافى مع واقع المسلمين وقت نزول الآية، فالآية خطاب للمسلمين أن يردوا مسائل الأمن والخوف إلى النبي عليه السلام وأولى الأمر، ولا يخفى أن أولى الأمر هؤلاء كانوا من الذين يعاصرون النبي –صلى الله عليه وسلم- ولم يكن إلى جانب النبي عليه السلام من أولى الأمر هؤلاء ملك أو سلطان أو والٍ من الولاة، أو علماء دين، لقد كانوا جميعا ممن نعرف أسمائهم وأخبارهم من صحابة رسول الله، لكن كانوا من ذوي الخبرة والتجربة، والمكانة ما يُؤهلهم في النيابة عن قبائلهم، وأن يكونوا محل ثقتهم؛ فلا صحة لما ذهب إليه علماء الأصول من أنهم المجتهدين المستنبطين للأحكام الشرعية، لأن الآية تتحدث عن الذي يُصلح الأمة وقت الحرب، وهو موقف يحتاج إلى الرأي الذي يختلف باختلاف الزمان والمكان، ولا يكفي فيه معرفة أصول الفقه وفروعه، ولا الاجتهاد بالمعنى الذي يقوله علماء الأصول.() [11]

كما أن اختيار رجال الدين فهْم ابن كثير، وإهمال ما عداه من الآراء وجعله المعنى الشائع في ثقافتنا ساهم بقصد أو من غير قصد في تعزيز السلطة الاستبدادية قديما وحديثا، فطاعة أولى الأمر من الملوك والسلاطين، وعلماء الدين بوصفهم القادرين على استنباط الأحكام واجب شرعي على الشعوب، ويأثم مخالفوهم، فرضخت عامة الناس لقرارات وقوانين الملوك والسلاطين التي أحكمت قبضتهم على السلطة، فكان هذا التأويل -كما يقول الأستاذ محمد عبده- مما “يتزلف به المتزلفون إليهم (السلاطين) حتى إنهم كانوا يتلون هذه الآية على مسامع السلطان عبد الحميد في كل صلاة جمعة.”()[12]

وهذا ما يجعل المعنى الأقرب لأولي الأمر قول الرازي أنهم أهل الحل والعقد الذين طلب القرآن الكريم أن يُشاورهم الرسول في الأمر، أو هم أهل العقل والرأي كما قال ابن كيسان، أو هم أهل الاختصاص في كل علم وأهل الخبرة في كل مهنة فلهم من الفكر والنظر والتجربة ما يدعونا للاستماع لهم، والأخذ بأقوالهم.

فأسس الخطاب القرآني أولا لسلطة الوحي الإلهي على حياة البشر بقوله تعالى: “وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول” ثم انتقل الخطاب لتأسيس سلطة ثانية وهي سلطة الاستنباط العلمي الذى أداته العقل، وليس ميدانه النصوص بمعنى الآيات المقروءة فحسب بل النصوص المنظورة المتأملة في الكون المعتمدة على التجريب العلمي في مختلف مناحي الحياة، فالخطاب القرآني يطرح معالجة لحالتي الأمن والخوف في المجتمع المسلم، وأن المجتمع أمام إجراءين الأول إذاعة أمر الأمن والخوف، والثاني: رده إلى الرسول وإلى أولى الأمر أي أهل الاختصاص كل في ميدانه، ثم يرجح القرآن الاختيار الثاني بالعلة، وهي أنهم القادرون دون غيرهم على إيجاد حلول بما يمتلك بعضهم من قدرة على الاستنباط()[13] أي عمق التفكير وطول النظر في الأمور.

فزعم منظري الدولة الإسلامية المتأخرين بأن دلالة أولى الأمر على الحكام ثابتة بنص قطعي الثبوت قطعي الدلالة ()[14] كلام غير دقيق ويجافي الصواب، ويكون التأسيس لسلطة شرعية للحكام والفقهاء في الأمور الاختيارية وزعم أنهم ينوبون عن الناس في الاختيار بمقتضى الأمر الإلهي غير صحيح، بدليل ثلاثة عشر وجه دلالي لكلمة أولى الأمر نجملها في التالي:

أولا: أولو الأمر هم الأمراء، هذا ما نقله ابن جرير ()[15] في جملة ما نقل من آراء، ورجّحه على غيره. وكذا نقله ابن كثير ()[16] دون ترجيح له، ونسبه البغوي()[17] إلى أبى هريرة وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- واختاره أبو السعود مشترطا فيهم العدالة.()[18]

ثانيا: أولو الأمر هم أهل العلم والفقه أي النظر الشرعي دون غيرهم، وبه قال مجاهد وعطاء والحسن البصري وأبو العالية والضحاك، واختار هذا الرأي الصنعاني في تفسيره ()[19]، ونسبه البغوي() [20]إلى ابن عباس وجابر -رضي الله عنهما- ودليله قوله تعالى: “لعلمه الذين يستنبطونه منهم”، وهذا ما اختاره الشوكاني()[21]، ونقله ابن جرير دون ترجيح له،()[22] وكذلك نقله أبو السعود.()[23]

ثالثا: أولو الأمر هم الأمراء وأهل العلم الشرعي معا، وهذا ما اختاره ابن كثير.()[24]

رابعًا: أولو الأمر هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة، وهو ما نقله القرطبي()[25] حكاية عن مجاهد.

خامسًا: أولو الأمر هم أبو بكر وعمر خاصة، مما نقله القرطبي()[26] حكاية عن عكرمة.

سادسًا: أولو الأمر الأئمة المعصومون، نقله الرازي عمّن وصفهم بالرافضة.()[27]

سابعًا: أولو الأمر هم أمراء السرايا، فهي وصف خاص بالقيادة العسكرية في إحدى الأقوال التى نقلها الشوكاني()[28] وكما نفهم من روايتي سبب النزول التي أوردها ابن جرير وابن كثير في تفسيريهما.()[29]

ثامنًا: أولو الأمر هم علماء الشريعة في كل بلد على حده، ويشترط أن يُجمعوا على رأي واحد في المسألة؛ ليكون لهم صفة الوجوب الشرعي، ويشترط فيهم الإقامة الكاملة بين أهل البلد حتى يدخلوا ضمن أولى الأمر فيها، وفي ذلك يقول ابن حزم: “فمن هاجر إلينا من سائر البلاد فنحن أحق به، وهو منا بحكم جميع أولى الأمر منا، الذين إجماعهم فرض اتباعه، وخلافه محرّم اقترافه، ومن هاجر منَّا إلى غيرنا؛ فلا حظَّ لنا فيه، والمكان الذي اختاره أسعد به.”()[30]

تاسعًا: أولو الأمر هم أهل العقل والرأي نقله الشوكاني في تفسيره، ونسبه إلى ابن كيسان.()[31]

عاشرًا: أولو الأمر هم أهل الإجماع، وهذا اختيار الرازى بعد مناقشته لما وصله من آراء حصرها في أربعة أقوال.()[32] ولا يقصد به الدلالة الاصطلاحية في أصول الفقه، بل تتسع لتشمل عموم الأمة.

الحادي عشر: أولو الأمر هم أهل الحل والعقد، كما أشار صاحب تفسير المنار تعليقا على كلام الأستاذ محمد عبده بأن تفسيره أولى الأمر بأهل الحل والعقد سبق إليه الرازي بعبارة غير حاسمة، والنيسابوري بعبارة حاسمة، وكما قال الأستاذ رشيد رضا كان الإمام يظن أن هذا الرأي لم يُسبق إليه حتى وجده عند النيسابوري نقلا عن الرازي.() [33]

الثاني عشر: أولو الأمر هم أهل الثقة والنبوغ من مختلف النخب الاجتماعية والمهنية، فلم يكتف الشيخ محمد عبده بجعل دلالة أولى الأمر في أهل الحل والعقد، بل فصلها بقوله: “إن أولى الأمر في زماننا هذا هم: كبار العلماء ورؤساء الجند والقضاة، وكبار الزرّاع والتجار، وأصحاب المصالح العامة، ومديرو الجمعيات والشركات، وزعماء الأحزاب، والنابغون من الكُتُّاب والأطباء والمحامين والمهندسين… أولئك الذين تثق بهم الأمة، وترجع إليهم في مشكلاتها حيث يكونون… وأهل كل بلد يعرفون من يوثق به عندهم ويحترم رأيه فيهم، ويسهل على رئيس الحكومة في كل بلد أن يعرفهم، وأن يجمعهم للشورى.”()[34]

الثالث عشر: أولو الأمر هم فئتان من المجتمع: فئة تأتي بالانتخاب؛ لتمثّل الناس، وتنقل آرائهم في إصلاح المشكلات وإزالة العقبات التي تعوق انطلاقهم في الحياة في ميادين الإنتاج والعمل. وفئة ثانية مارست المسائل الفنية والمهنية عمليا، واكتسبت خبرة يقوم بانتخابها ليس عامة الناس بل المؤسسات المهنية والفنية كممثلين لها يناقشون ما تعرضه الفئة الأولى، وما ينتهي إليه الفئتان تكون قرارات واجبة بوصفهم أولي الأمر.()[35]

بالتأمل في تلك الأقوال نلاحظ أن مناهج المفسرين اختلفت في الاختيار، فمنهم من اكتفى بذكر أقوال سابقيه ومعاصريه، ثم اختار دون أن يذكر علة لاختياره كابن جرير والشوكاني، ومنهم من استند إلى المرويات كابن كثير، ومنهم من ناقش معتمدا على البرهان العقلي مثل الرازي والنيسابوري.

وأن اختلاف تأويلات المفسرين، وتعدد أقوالهم حول دلالة “أولو الأمر” إقرار بمشروعية الاختلاف في التأويل، ومشروعية الاختيار من تلك الدلالات المتعددة التي تحتملها اللغة، فإذا كنا أمام دلالة تُعطى للحكام سلطة شرعية واسعة، فهم الذين يُشرعون وينفذون، والأمة تبعا لهم، وبين دلالات أخرى تُمكِّن الناس من استرداد إرادتهم، فيختارون من بينهم من ينوب عنهم؛ ليكوّنوا سلطة الإلزام والتوجيه للمجتمع، فأي الدلالات أولى بالاختيار من تمنح الحاكم سلطة دينية أم التي تسترد منه تلك السلطة الدينية!! هل الأولى أن ننحاز إلى دولة مركزها الحاكم بصورتها التاريخية القديمة، أم إلى دولة مركزها المجتمع بصورتها المعاصرة الحديثة!!

(٣)

التأسيس التاريخي لعلاقة السلطة بالمجتمع

وإذا انتقلنا إلى فعل الصحابة –رضوان الله عليهم- واجتهادهم في تنظيم العلاقة السياسية بين الحاكم والمحكومين فسنجدهم ربطوا طاعة الرعية وجوبا وتعطيلا بطاعة الحاكم لله، فمن الأقوال المؤسسة لتلك العلاقة مقولة أبي بكر رضي الله عنه “أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم” فهذه العبارة ألهمت المسلمين بطبيعة العلاقة بين الخليفة الراعي (السلطة) بالأمة الرعية(المجتمع) ففي ضوء مقولة أبي بكر رضي الله عنه تشكّلت نظرية الطاعة بوصفها تصوُّرا دينيًّا مُقدَّسًا لا يجوز الخروج عن إطاره التحديدي، أو التفكير في تطويره.

وقد نجحت تلك النظرية في مجتمع المسلمين الأوائل، فعامة الرعية في عهد أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- التزمت الطاعة للخليفة الذي التزم الطاعة لله، وما زامنهم من حروب كانت من منطلق آخر،  وإن استقامت نظرية الطاعة في تنظيم العلاقة في عهد أبي بكر وعمر وعثمان في أول عهده رضي الله عنهم؛ لأن الحاكم لم يتسلط ولم يحتجب ولم يستعلِ، ولم يضعف أمام الولاة فتكون لهم سطوة، لذا لم تشهد تلك الفترة جدلا حول طاعة الخليفة لله، وما يتبعها من طاعة الرعية له، إلا أنها شهدت على صعيد آخر معارك ضارية في ثلاث جبهات ضد جماعة من مسلمي البادية امتنعوا عن الزكاة إنكارا لفرضيتها، فجيّش أبو بكر –رضي الله عنه- لحربهم، وتزامن ذلك مع حربه للمرتدين من قبائل ربيعة الذين بدأوا مبكرا بإهدار دماء المسلمين بقتلهم حامل رسالة النبي –صلى الله عليه وسلم- التي جاءت ردا على رسالة مسيلمة للنبي –صلى الله عليه وسلم- بأن الله أشركه معه في النبوة وأن الأرض بينهم نصفين، والجبهة الثالثة استكمال ما بدأه الرسول –صلى الله عليه وسلم- من تسيير جيوش لفتحِ الطرق المغلقة أمام رسله وإزالة سطوة السلطة المانعة للناس من الاختيار، فكانت مؤتة وتبوك ثم بعث أسامة في عهد أبي بكر وتوالت الحروب ضد ممالك العرب المناذرة والغساسنة حلفاء إمبراطوريتي الفرس والروم ثم الدخول في حروب مباشرة مع تلك الإمبراطوريات، واستمرت الحروب في تلك الجبهة في عهد عمر وعثمان رضي الله عنهما.

وفي أواخر عهد عثمان -رضي الله عنه- بدأ الاختلاف حول تطبيق نظرية الطاعة، فمع طول فترة حكم عثمان رضي الله عنه، وتقدم سنه، وتزايد نفوذ عصبته من بني أمية، ومع اتساع نطاق الحكم من كونه دولة المدينة مثل حكومات “أثينا” و “إسبرطة” و “روما” إلى دولة ممتدة تشمل مدنا وبوادي، ومن مجتمع عربي إلى مجتمع متعدد الأعراق والأصول ظهرت حركات معارضة تنطلق من نظرية الطاعة، فأسقطت تلك الحركات المعارضة حق الطاعة الواجب لبعض الولاة لأنهم ارتكبوا معصية تخرجهم عن طاعة الله، ثم اتسعت الدائرة لتشمل الخليفة نفسه.

وبدأ الاضطراب في “الكوفة”، وقام فريق من أهلها ينادي بضرورة عزل الوالي “الوليد بن عقبة” الأموي، أخو عثمان لأمه، وذلك لأسباب: من بينها اتهامهم له بأنه كان يسمر مع “أبي زبيد الطائي” الشاعر النصراني الشاب، ويعاقر معه الخمر! وشهد عليه بعضهم، فأمر عثمان –رضي الله عنه- بحدّه (أي توقيع عقوبة شرب الخمر عليه) رغم أن القرائن كانت تشير لبراءته، قائلاً: “نقيم الحد ويذهب شاهد الزور للنار!”؛ ثم أجاب القوم إلى ما طلبوا بعزله عن الولاية، فكانت فكرتهم إذن أن الحاكم إذا ارتكب كبيرة ينبغي عزله، وإجابة “عثمان” لمطلبهم تدل على أنه موافق على هذه الفكرة، وتوالت الثورات على الولاة فقامت ثورة على الوالي الذي خلفه، وهو “سعيد بن العاص”؛ لأنهم لم يوافقوا على سياسته، وطالبوا بعزله أيضاً، ولما توجه إلى المدينة منعوه من دخول الكوفة عند عودته إليها، فولى عليهم “عثمان” أبا موسى الأشعري رضي الله عنهما، وكان أهل “البصرة” –أيضا- قد ثاروا على “أبي موسى الأشعري” نفسه، فعزله عثمان، وولى بدلاً منه: “عبدالله بن عامر”، وجاءت وفود من مصر أيضاً تطالب بعزل واليها “عبدالله بن سعد بن أبي السرح”.

فكانت النظرية الشائعة إذن التي يقررها هؤلاء أن والي الإقليم -وهو نائب الخليفة- يجب عزله إذا لم يرض المحكومون منه فعلا يدخل في باب المعصية، وكان الاختلاف حول طبيعة المعصية الموجبة للعزل. ثم تطورت الفكرة حتى شملت مركز “الخليفة” نفسه؛ فانتهت إلى الثورة ضد عثمان -رضي الله عنه- ومطالبتهم بأن يخلع نفسه؛ لأنه –من منظورهم- آثر قرابته بالأموال والأعمال، ولم يعزل من سبق ووعد بعزلهم من الولاة، وفي ذلك من المعصية ما يستوجب الخروج عن طاعته؛ لأنه لم يطع الله فيهم.

وهذا ما يُعقِّب عليه الدكتور ضياء الريس بقوله: “ولو فعل لتغير بلا شك مجرى التاريخ، ولكنه قال لهم: “لا أنزع قميصاً كسانيه الله تعالى! “فكأنه كان يرى أن الخليفة ما دامت تمت بيعته، فكأنه قد اكتسب حقاً مقدساً، أو لعله كان يرى أن هؤلاء -وهم أقلية- ليس لهم الحق في مطالبته بخلع نفسه، من أمر أجمع عليه المسلمون من قبل.”()[36] وأشبه بمقولة الريس ما روي عن الحسن البصري من قوله: “أفسد أمر هذه الأمة اثنان: عمرو بن العاص يوم أشار على معاوية برفع المصاحف، والمغيرة بن شعبة حين أشار على معاوية بالبيعة ليزيد. ولولا ذلك لكانت شورى إلى يوم القيامة.” ومثله قول بعض باحثي المذهب الشيعي لولا حادثة موقعة الجمل لتغيَّر مسار التاريخ.()[37]

وأرى أنه لو تنازل عثمان –رضي الله عنه- ما تغير وجه التاريخ كما قال الريس؛ لأنه كان سيحدث لمن يخلفه مثل ما حدث مع الولاة حين نزل عثمان –رضي الله عنه- على رأي أهل الأمصار فعزلهم، وخير دليل ما حدث مع علي رضي الله عنه، فلو سلّمنا بأن عثمان تنازل اختيارا كما قال الريس وانتقلت الخلافة لعلي لما تغيّر الموقف كثيرا؛ لأن بني أمية لما تكن لتقبل بترك ولايتهم في بلاد الشام، وأن يتراجع نفوذهم بعد أن استطال، ولو لم يكن عمرو بن العاص ومعاوية –رضي الله عنهما موجودين بشخصهما لوجد غيرهما؛ فلم يكن من اليسير محاصرة عصبية قبلية تستعيد سلطانها في الحياة العامة رافعة قميص عثمان، مطالبة بثأره، ولا باستطاعة أحد أن يمنع اندفاعا فكريا نحو القرآن يريد أن يصوغ منه مفاهيمه حول طبيعة الذنب الذي يجعل الوالي أو الخليفة غير طائع لله، مما يُشرع الخروج عن طاعته، فتفاوت المسلمين في طرق فهم وتحديد كثير من المفاهيم الدينية مثل المعصية (الكبيرة) والكفر والإيمان وغيرها مما كان سببا لانقسام ما زال باقيا وأثار أسئلة كانت ميدانا لعدد من العلوم الشرعية على مدار قرون تالية..

فإن كانت الخوارج صاحبة فكرة تكفير الحاكم بالذنب فإن الخروج عن طاعة الحاكم لكونه عاصٍ خارج عن طاعة الله أسبق في الظهور، إذ وُجدت في أواخر عهد عثمان واستمرت في عهد علي رضي الله عنهما، فالشام كاملة وأجزاء من الأمصار رأوا عليّا عاصيًا لا تصح له بيعة، ولا تجب له طاعة بعدم القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه، وكذلك كان موقف عدد من كبار الصحابة من أمثال طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام ممن بايعوا عليا ثم خلعوا البيعة لموقفه من قتلة عثمان رضي الله عنه، ولا أتحدث عن قتالهم لعلي، وقتل جيش علي لهم في موقعة الجمل فالخطاب الإسلامي السني أراح واستراح حين اكتفى من بين روايات التاريخ عند ابن كثير والطبري وغيرهم برواية أن طرفا ثالثا هو من أضرم القتال الذي انتهى بمقتل صحابة كبار من أمثال: طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام –رضي الله عنهما- وأن يسأل رجل من معسكر علي بن أبي طالب بأن السيدة عائشة رضي الله عنها سبْيٌ؟ فيرد علي -رضي الله عنه- أيسبي الرجل أمّه؟!! لكن إن سلمنا بأن القتال كان وقيعة من طرف ثالث، فسيظل السؤال عن سبب خروج صحابة بمكانة الزبير وطلحة وعائشة رضي الله عنهم يناصرهم عدد من الصحابة وبني أمية إلى موقعة الجمل مطروحا؟ وكان خيارهم واضح وهو إنفاذ عاجل للقصاص من قتلة عثمان، ومواجهة من يمنع ذلك ولو كان علي وجيشه بما فيه من صحابة، وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يرى في أمر القصاص رأيا آخر فجعله آجلا غير عاجل، فموقعة الجمل وما أعقبها بدأت من خصومة اجتهادية حول توقيت وطريقة القصاص لعثمان -رضي الله عنه- وفق رواية السنة.

فالإشكالية ليست في الحادثة وما أعقبها بل في الأفكار التي استقرت في نفوس أصحابها على أنها الاجتهاد الصائب، فكانت المحرك الأول للسيوف، فتأخير القصاص سبب لعدم الطاعة للخليفة الرابع من منظور معارضيه، ورأي الخليفة في التأخير -من منظوره هو وأنصاره- واجب على الرعية الالتزام به بما فيهم المعارضين وإلا فهم خارجون عن طاعته يجب محاربتهم، وهذا سيقود لسؤال عن حكم أموال المعارضين، وكيف تُباح الدماء ولا تستباح الأموال ليتجدد انقسام جديد.

إن تعقّد الواقع الذي يتشكل كان أكبر من أن تختصر مشاكله في كلمة مؤامرة، مؤامرة يهودية تحمل وزرها عبد الله بن سبأ فجعلنا منه كبش فداء لكل الفتن والآراء التي لم ترض عنها الأمة، وتحوّلت تلك الشخصية الثانوية إلى شخصية محورية صنعت تاريخ المسلمين، وأصبحت كلمة مؤامرة التفسير العلمي لإخفاقات المسلمين، تلك الحالة التي يعيشه الخطاب الإسلامي في كل عصر فيبحث من خلال فكرة المؤامرة عن فاعل خارج معسكر الإسلامين ليتحمل وزر الإخفاق والفشل؛ وليريح عقله من قراءة نقدية لواقعه أو ماضيه.

متجاهلة الطبيعة البشرية في انفعالاتها وغضبها في مجتمع العصبية العربية حاضرة فيه، وعقل أعجمي -دخل الإسلام مع حركة الفتوحات- ما زال في طور صياغة تصوراته عن الإسلام وكتابه العربي بوصلة الحياة السياسية والثقافية متأثرا بموروثه الثقافي، فبين المثاليات والواقع والحلم والممكن أخذت تتنامى أفكارهم؛ ليكونوا الأكثر تأثيرا في جميع المدارس التى ستتكون شيعة وقراء (السنة) وأهل التوحيد والعدل (المعتزلة)، أضف لذلك تجربة العرب في طورها الأول لإدارة دولة مترامية.

إن محاولات المسلمين الأوائل تنظيم العلاقة بين السلطة والمجتمع وفق نظرية الطاعة أدت إلى انقسامات وصراعات لسنا في حاجة إلى الخوض في تفاصيلها التاريخية، غاية ما ينبغي التركيز عليه أنها رؤية واجتهاد غير أن العقل المسلم ما زال يدور حولها كأنها مُسلّمة دينية للعلاقة بين الحاكم والمحكومين، فما جاء من آيات قرآنية ومرويات حديثية في هذا الموضوع ذات دلالة احتمالية بما يعطى للعقل مساحة لبناء تصوراته حول تلك العلاقة دون أن تكون لها صفة الإلزام.

فمحاولة إخضاع الدولة بما انتهت إليه من مفاهيم ونظم إلى نتاج القدامى ظلم وتخبط، كما أن محاولة محاكمة القدامى أنهم في نتاجهم قاصرين عما وصلت إليه الدولة الحديثة في نظمها ظلم وتخبط، ويظل اجتهاد المسلمين القديم في علاقة السلطة متمثلة بالحاكم نتاج ما توفر من تجربة قصيرة، ومعرفة إنسانية كانت في أطوار النمو الأولى في زمانهم، ويستفيد المسلمون المعاصرون من إصابات وأخطاء تلك التجربة، ومن مسار تاريخي إنساني عام لا يتوقف عن التطور؛ ليبني من لحظته الحاضرة تصوراته لعلاقة السلطة بالمجتمع، مستفيدا من تجارب التمدن والتحضر المعاصرة  القائمة على تنامي الشعور بالانتماء للوطن فالدولة المعاصرة قائمة على نظام قاعدته المجموعة الاجتماعية وليس قاعدته المجموعة الدينية وتكوين فضاء معرفي نابع من التفكير العلمي في علاقة الإنسان بالكون، فكما نظمت التصورات الدينية علاقة الإنسان بالله، فإن التفكير العلمي هو المسئول عن تكوين علاقة الإنسان بمحيطه الكوني وفق مبدأ ديني عام هو الإصلاح وعدم الإفساد، وضرورة استرداد الإنسان المصَادَر إرادته؛ ليكون فاعلا في بناء دولته.

أهم المصادر والمراجع

  • أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، المشهور بتفسير الطبري، دار الفكر، بيروت، ١٤٠٥هـ.

– أبو السعود محمد بن محمد العمادي إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم، المشهور بتفسير أبي السعود، ط دار إحياء التراث العربي، بيروت.

  • أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، تحقيق عبد الرزاق المهدي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
  • أبو زيد عبدالرحمن بن محمد (ابن خلدون) المقدمة، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثانية، 1408ه-1988م.
  • أبو محمد على بن أحمد الأندلسي (ابن حزم)، رسائل ابن حزم الندلسي، تحقيق: إحسان عباس، ط. دار الثقافة، بيروت، (1997-1417هـ).

– أبو محمد على بن أحمد الأندلسي (ابن حزم)، الفصل في الملل والأهواء والنحل، مكتبة السلام العالمية نسخة مصورة من طبعة الخانجي (محمد على صبيح)، ١٣٤٨هـ.

  • الحسين بن مسعود الفراء البغوي، تفسير البغوي تحقيق خالد عبد الرحمن العك، دار المعرفة، بيروت.
  • عبد الرزاق بن همام الصنعاني، تفسير القرآن الكريم، تحقيق د. مصطفى مسلم محمد، مكتبة الرشد، الرياض 1410 الطبعة الأولى.
  • فخر الدين الرازي، التفسير الكبير، دار الكتب العلمية، 1425هـ -2004م.

– محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، جامع الأحكام للقرطبي، دار الفكر، بيروت.

– محمد أحمد خلف الله (دكتور)، مفاهيم قرآنية، العدد 64 عالم المعرفة الكويت، يوليو 1984م.

  • محمد أحمد خلف الله (دكتور)، القرآن والدولة، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة.
  • محمد جواد مغنية (دكتور)، فضائل الإمام علي، مكتبة الحياة، بيروت، الطبعة الأولى، 1962م.
  • محمد رشيد رضا، تفسير المنار، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة.
  • محمد ضياء الدين الريس (دكتور)، النظريات السياسية الإسلامية، مكتبة دار التراث، الطبعة السابعة، ١٩٧٩م.
  • محمد بن علي بن محمد الشوكاني، فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، دار الفكر، بيروت.
  • محمد بن مكرم بن منظور، لسان العرب، دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي، تفسير القرآن العظيم دار الفكر، بيروت،

– يوسف القرضاوي (دكتور)، من فقه الدولة في الإسلام، دار الشروق، القاهرة.

([1]) سجلات دار الإفتاء المصرية تاريخ الإجابة: ٢٠١١/٥/١٨م.

([2]) ابن حزم الظاهري، الفصل في الملل والأهواء والنحل، ص١١٢. مكتبة السلام العالمية نسخة مصورة من طبعة الخانجي (محمد على صبيح)، ١٣٤٨هـ.

([3]) “أمره يأمره أمرا وإمارا فأتمر أي قبل أمره، والأمر نقيض النهي، وقوله عز وجل: “وأمرنا لنسلم لرب العالمين”، العرب تقول: أمرتك أن تفعل ولتفعل وبأن تفعل. وقوله عز وجل: “أتى أمر الله فلا تستعجلوه”، قال الزجاج: أمر الله ما وعدهم به من المجازاة على كفرهم من أصناف العذاب، والدليل على ذلك قوله تعالى: “حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور “أي جاء ما وعدناهم به” وكذلك قوله تعالى: “أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا” وذلك أنهم استعجلوا العذاب، واستبطئوا أمر الساعة، فأعلم الله أن ذلك في قربه بمنزلة ما قد أتى: كما قال عز وجل: “اقتربت الساعة وانشق القمر” وكما قال تعالى: “وما أمر الساعة إلا كلمح البصر” وأمرته بكذا أمرا، والجمع الأوامر. ومنها اشتقت كلمة أمير؛ لأنه من يُصدر الأوامر، فالأمير: ذو الأمر. والأمير: الآمر، والأمر: الحادثة.. وفي التنزيل العزيز: “ألا إلى الله تصير الأمور.”  (ابن منظور، لسان العرب ج٤، ص٢٩. لسان العرب، دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى.)

([4]) تدور دلالتها حول معاني كلمة أمر اللغوية من طلب الفعل مثل قوله تعالى: “قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين”، وتأتى مضافة إلى لفظ الجلالة الله للدلالة على ما وعد به عز وجلّ مثل قوله تعالى: “حتى جاء الحق وظهر أمر الله” وتأتى بمعنى حادثة وشأن، مثل قوله تعالى: “قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل”.

([5]) د. يوسف القرضاوي، من فقه الدولة في الإسلام، ص15.

(20) التفسير الكبير، ج2، ص117.

([7]) تفسير ابن كثير. ج1. ص519:517، ومنها: أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة.” (أخرجه أبو داود في سننه:2626) وعن عبد الله بن عمر قال السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة” (أخرجه البخاري: 2955، ومسلم: 1839،  عن أنس –رضي الله عنه- أن رسول الله قال “اسمعوا وأطيعوا وإنْ أمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة” (رواه البخاري 693 )، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال “أوصاني خليلي أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا حبشيا مجدوع الأطراف” (رواه مسلم 1837) وعن أم الحصين أنها سمعت رسول الله يخطب في حجة الوداع يقول ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله اسمعوا له وأطيعوا” (رواه مسلم 1838 وفي لفظ له عبدا حبشيا مجدوعا) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه ليس يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية أخرجاه البخاري 7053، ومسلم 1749 وعن ابن عمر أنه سمع رسول الله  يقول من خلع يدا من طاعة لقى الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية رواه مسلم 1851، وروى مسلم أيضا 1844 عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة والناس مجتمعون عليه فأتيتهم فجلست إليه، فقال كنا مع رسول الله في سفر فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه ومنا من ينتضل ومنا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول الله الصلاة جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله، فقال إنه ساعة ثم قال أطعه في طاعة الله وأعصه في معصية الله والأحاديث في هذا كثيرة.”

([8]) أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، المقدمة، الفصل الثاني والثلاثون، ص 189، ط دار الفكر، بيروت، الطبعة الثانية، ١٤٠٨هـ- ١٩٨٨م.

([9]) تفسير المنار ج4 ص167.

([10]) ينظر: السابق، ج4، 168.

([11]) ينظر: د. محمد خلف الله، مفاهيم قرآنية، ص٧٨،٧٧، العدد ٦٤ عالم المعرفة الكويت، يوليو ١٩٨٤م. وكتابه: القرآن والدولة، ص٧٥:٦٩.

([12]) السابق، ج5، 149.

([13]) مادة الاستنباط أصلها استخراج الماء من البئر، انتقلت من الحسي إلى المعنوي.

([14]) من فقه الدولة في الإسلام، ص15.

([15]) أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، المشهور بتفسير الطبري،  ج٥، ص١٥٠:١٤٧دار الفكر، بيروت، ١٤٠٥هـ.

([16]) أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير، تفسير القرآن العظيم المشهور بتفسير ابن كثير. ج١، ص٥١٩:٥١٧، دار الفكر، بيروت، ١٤٠١هـ.

([17]) تفسير البغوي تحقيق خالد عبدالرحمن العك.ج١، ص٤٤٤، دار المعرفة، بيروت.

([18]) أبو السعود محمد بن محمد العمادي إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم، المشهور بتفسير أبي السعود، ج٢، ص١٩٣، ط دار إحياء التراث العربي، بيروت، قال: “هم أمراء الحق وولاة العدل كالخلفاء الراشدين ومن يقتدى بهم من المهتدين وأما أمراء الجور فبمعزل من استحقاق العطف على الله تعالى والرسول في وجوب الطاعة لهم”

([19]) عبد الرزاق بن همام الصنعاني. تفسير القرآن الكريم، تحقيق د. مصطفى مسلم محمد ج1 ص166. ط مكتبة الرشد. الرياض 1410 الطبعة الأولى.

([20]) تفسير البغوي تحقيق خالد عبدالرحمن العك. ج1 ص444.

([21]) محمد بن علي بن محمد الشوكاني. فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير. ج1 ص481. دار الفكر. بيروت

([22]) تفسير ابن جرير الطبري. ج5. ص150:147.

([23]) إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم. ج2 ص193.

([24]) تفسير ابن كثير. ج1.ص519:517.

([25]) محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، جامع الأحكام الشهير بتفسير القرطبي، ج٥، ص٢٥٩، دار الفكر، بيروت.

([26]) السابق ج5 ص259.

([27]) فخر الدين الرازي، التفسير الكبير، ج2، ص117.

([28]) فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير. ج1 ص481.

([29]) الرواية الأولى التي نقلها ابن كثير عن كثير من المحدثين: وهي أن رسول الله بعث سرية واستعمل عليهم رجلا من الأنصار فلما خرجوا وجد عليهم في شيء، فقال لهم أليس قد أمركم رسول الله أن تطيعوني قالوا بلى قال فاجمعوا لي حطبا ثم دعا بنار فأضرمها فيه ثم قال عزمت عليكم لتدخلنها قال فقال لهم شاب منهم إنما فررتم إلى رسول الله من النار فلا تعجلوا حتى تلقوا رسول الله فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوها قال فرجعوا إلى رسول الله فأخبروه فقال لهم لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا إنما الطاعة في المعروف”

الرواية الثانية في سبب نزول الآية أن رسول الله -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- بعث سرية عليها خالد بن الوليد وفيها عمار بن ياسر فساروا قبل القوم الذين يريدون فلما بلغوا قريبا منهم عرسوا وأتاهم ذو العيينتين فأخبرهم فأصبحوا وقد هربوا غير رجل أمر أهله فجمعوا متاعهم ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل حتى أتى عسكر خالد فسأل عن عمار بن ياسر فأتاه فقال يا أبا اليقظان إني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وإن قومي لما سمعوا بكم هربوا وإني بقيت فهل إسلامي نافعي غدا وإلا هربت قال عمار بل هو ينفعك فأقم فأقام فلما أصبحوا أغار خالد فلم يجد أحدا غير الرجل فأخذه وأخذ ماله فبلغ عمارا الخبر فأتى خالدا فقال خل عن الرجل فإنه قد أسلم وإنه في أمان مني فقال خالد وفيم أنت تجير فاستبا وارتفعا إلى النبي فأجاز أمان عمار ونهاه أن يجير الثانية على أمير فاستبا عند رسول الله  فقال خالد أتترك هذا العبد الأجدع يسبني فقال رسول الله  يا خالد لا تسب عمارا فإنه من سب عمارا يسبه الله ومن يبغض عمارا يبغضه الله ومن يلعن عمارا لعنه الله فغضب عمار فقام فتبعه خالد فأخذ بثوبه فاعتذر إليه فرضى عنه فأنزل الله عز وجل قوله ” وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم” (ينظر: تفسير ابن جرير الطبري. ج5. ص150:147، وتفسير ابن كثير. ج1. ص519:517)

([30]) أبو محمد على بن أحمد بن حزم، رسائل ابن حزم الأندلسي، تحقيق: إحسان عباس، ج1، ص5، ط. دار الثقافة، بيروت، (1997-1417هـ).

([31]) فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية، ج1،ص309.

([32]) التفسير الكبير، ج2، ص117.

([33]) محمد رشيد رضا، تفسير المنار، ج٥، ص١٤٩.

([34]) تفسير المنار ج5 ص152.

([35]) ينظر: د. محمد أحمد خلف الله، القرآن والدولة، ص٧٤،٧٣، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة.

([36]) د. محمد ضياء الدين الريس، النظريات السياسية الإسلامية، ص٥٤،٥٣.

([37]) “لولا حرب الجمل لما كانتِ حرب صفّين والنهروان، ولا مذبحة كربلاء، ووقعة الحرّة، ولا رُميت الكعبة المكرَّمة بالمنجنيق أكثر من مرَّة، ولا كانت الحرب بين الزبيريّين والأُمويّين، ولا بين الأُمويّين والعباسيّين، ولما افترق المسلمون إلى سُنَّة وشيعة، ولما وجد بينهم جواسيس وعملاء يعملون على التفريق والشتات، ولما صارت الخلافة الإسلامية ملكاً يتوارثها الصبيان، ويتلاعب بها الخدم والنسوان.” محمد جواد مغنية، فضائل الإمام علي، ص139،138، مكتبة الحياة، بيروت، الطبعة الأولى، 1962م.

    اقرأ ايضا

    المزيد من المقالات

    مقالك الخاص

    شــارك وأثــر فـي النقــاش

    شــارك رأيــك الخــاص فـي المقــالات وأضــف قيمــة للنقــاش، حيــث يمكنــك المشاركــة والتفاعــل مــع المــواد المطروحـــة وتبـــادل وجهـــات النظـــر مــع الآخريــن.

    error Please select a file first cancel
    description |
    delete
    Asset 1

    error Please select a file first cancel
    description |
    delete