العلمنة في السياقات العربية الإسلامية

من الطرح الإيديولوجي إلى الطرح الإبستيمولوجي

مقدمة:

إذا كانت العلمانية في المجتمعات الغربية جاءت كنتيجة لإرادة تحرير الدولة من سلطة رجال الدين، وتوصلت إليها المجتمعات الغربية بعد تاريخ طويل من الصراعات والثورات والتغيرات التي مست نظم الحكم ومؤسسات الدولة وتشريعاتها، فإن العلمانية في السياقات الإسلامية لا تزال مطلبا لدى بعض المفكرين الذين يعتقدون أنها تعبر في العمق عن إرادة تحرير الدين من هيمنة الدولة من جهة، واستغلال الدين لإضفاء الشرعية على ممارساتها الدنيوية من خلال “فتاوى البلاط” التي تتلون بألوان السياسات المتغيرة، لنلاحظ، مثلا، كيف تغيرت فتاوى بعض الفقهاء مؤخرا بتغير التوجهات السياسية لملوك بلدانهم (حق المرأة في الانتخاب، قيادة المرأة للسيارة، حكم الموسيقى والغناء..الخ)، وتحريره أيضا من قبضة الجماعات المتطرفة ذات العقلية الدغمائية من جهة ثانية، والتي فرضت بتشددها وأفقها المحدود صورة سيئة عن الدين السمح الموجه لهداية البشر لا اضطهادهم أو قتلهم، وتحقيق هذا المطلب سيساعد كثيرا على استعادة نقاء الدين وانفتاحه على ممكنات كثيرة بعيدا عن مختلف أشكال الاستغلال الفئوية التي تعرض لها عبر تاريخنا، والعودة بالتجربة الدينية إلى نقائها وقابليتها للتنوع، تعني فتح المجال أمام المؤمنين ليعيشوا تجربة الإيمان العميق، الإيمان بالله دون وسائط ودون نفاق أو خوف أو استغلال، وبالتالي إرساء إمكانيات كبيرة للتعايش الآمن رغم الاختلافات التي يمكن أن توجد في طرق تدينهم، بسبب المساحة الكبيرة التي ستمنح حينئذ للتأويل وتحيين المعاني المكتنزة في النص الديني حتى تنسجم مع معطيات الراهن وتجيب عن أسئلته، ومن ثم إثبات صلاحيته وملاءمته لكل زمان ومكان.

من جهة أخرى فإن تحقق العلمنة بصورة واسعة في المجتمعات الإسلامية سينعكس بصورة إيجابية على مختلف الأصعدة، ذلك أنها تتقاطع في مفهومها مع العقلانية ومع الحرية ومع الأنسنة ومختلف قيم الحداثة والتقدم، وخاصة مع الديمقراطية وكل هذه القيم هي مطالب ملحة للإنسان العربي المسلم في الراهن، كما أنها لا تتعارض مع الإيمان أو الاعتقاد الديني، فهو مسألة خاصة بالدرجة الأولى، وحرية المعتقد تندرج ضمن الحقوق الأساسية للإنسان.

يمكن تلمس أولى الدعوات إلى العلمانية في مجتمعاتنا لدى الطهطاوي في القرن التاسع عشر، الذي انبهر أثناء وجوده في فرنسا بقدرة الدولة على تحقيق العدل والرخاء للمواطنين، وهكذا فقد “وجد السعادة خارج حدود الإسلام، لقد وجدها متحققة، في الواقع، خارج حدود كل الأديان”[1]، ثم اتضحت هذه الدعوة بشكل أكثر جلاء مع بدايات القرن العشرين لدى الكثير من المفكرين العرب خصوصا التيار المادي التطوري، واستفادت كثيرا من صدور كتاب علي عبد الرازق “الإسلام وأصول الحكم”، وكتابات طه حسين، قاسم أمين، لطفي السيد، العقاد، هيكل، سلامة موسى، اسماعيل مظهر وغالي شكري وغيرهم، واستمرت هذه الدعوات بعد استقلال الدول العربية مع الكثير من أصحاب المشاريع الفكرية “التنويرية” كمشروع ناصيف نصار أو العروي أو محمد أركون وغيرهم.

وبالرغم من مرور أزيد من قرنين على بدايات الدعوة للعلمانية إلا أن هذا المفهوم لا يزال “سيئ السمعة” لدى الجماهير ولدى فئة كبيرة من النخب المثقفة، فهو مفهوم تحيط به دلالات “خطيرة” في تصور هؤلاء على غرار: مفاهيم كالإلحاد، معاداة الدين، الدهرية، الدنيوية، نكران الغيبيات..الخ.

قد يكون الأمر راجع إلى مختلف دلالات العلمانية غير المتفق عليها، كما قد يكون راجعا لكون المصطلح غربي النشأة، والغرب هو مستعمرنا في الأمس القريب وكل ما يأتي عن طريقه يكون محل شك وحذر وازدراء، كما أن هذه “السمعة السيئة” قد ترجع إلى دعاة العلمانية في الفكر العربي الإسلامي، فكثير منهم ينظر للعلمانية كبديل عن الدين، أو على الأقل كمنافس له، وهذا التصور فيه استفزاز كبير للجماهير المؤمنة التي لا يمكنها أن ترضى باستبعاد الدين من الحياة الاجتماعية، والتي لا تميز-في كثير من الأحيان- بين الدعوة لعلمانية الدولة وأطروحات بعض العلمانيين الحماسية المتطرفة المعادية للدين، نفس الإشكالية طرحت حتى في الفكر الغربي، إذ أنه وبعد أزيد من مئة عام من تقنين التوجه العلماني، وصلت الحالة في بعض الدول إلى تهميش الدين وازدراء المتدينين، مما جعل بعض الدوائر السياسية والاجتماعية في هذه الدول تعمل على بحث سبل إعادة الاعتبار للتجربة الدينية التي همشها “التطرف العلماني” بالنظر لأهمية البعد الديني في حياة الأفراد، وتبعات تهميشه أو التضييق عليه.

أولى الإشكاليات التي يطرحها مصطلح العلمانية هي إشكالية المفهوم، فبالرغم من تعدد الدعوات للعلمانية إلا أنه من الصعب الوصول إلى تعريف جامع مانع يحدد المراد بهذا المصطلح، بداية من مشكلة اشتقاقها اللغوي؛ هل هو من “العلم” أو من “العالم”؟ وهي المشكلة التي ناقشها فؤاد زكريا في كتابه “العرب في ساعة الاختيار”[2]، كما ناقشها محمد أركون في إحدى حواراته الإعلامية وصرح بأن “كلمة العلمانية في السياق العربي خالية من المعنى” بالنظر لكون العلمانية في أوروبا هي وليدة تاريخ طويل -كما أشرنا سالفا- وصراعات وتضحيات وتغييرات جذرية مست مؤسسات وتشريعات، وهي وليدة المفهوم الحديث للدولة، وكل هذه التحولات لم تعرفها الساحة العربية الإسلامية بعد، فالعلمانية في السياق العربي هي مفهوم بلا تاريخ، ومن ثم فهو مفهوم هش أو لم تتكون دلالته بعد، ثم تأتي إشكالية مدلول العلمانية: هل يقتصر على مجرد الفصل بين الدين والسياسة أو الدولة؟ مع أن هذا الفصل موجود فعليا في التاريخ الإسلامي منذ الدولة الأموية إلى يومنا هذا، إلا أنه مسكوت عنه في الغالب أو يتم البحث له عن تبريرات معينة حتى ينسجم مع الرؤية التي ترفض التوجه العلماني، وصولا لإشكالية التنظير لها وبحث سبل تجسيدها في أرض الواقع وإقناع الجماهير بمزاياها.

يبدو أن تعدد الرؤى والمفاهيم المتعلقة بالعلمانية لدى المنظرين لها يفرض  علينا -كمقاربة أولية- مناقشة المفهوم ضمن المدونة الخاصة بكل مفكر حتى نتجنب سوء الفهم والمقارنات غير المبررة. وهو ما سنحاول القيام به من خلال مناقشة مفهوم العلمانية ضمن مدونة أحد المفكرين الذين نظروا لهذه القضية-الإشكالية بصورة صريحة وواضحة، ألا وهو المفكر الجزائري محمد أركون، فقد اتسم طرحه بالتميز والاختلاف الكبير مع مختلف الطروحات الأخرى، بإجماع الكثير من الدارسين، فكيف ينظر أركون للعلمنة في السياقات الإسلامية؟ وفيما يتجلى الاختلاف الذي تميز به طرحه لهذه القضية؟

أولا: في مبررات العلمنة:

يعتقد أركون أن تغيير الوضع القائم في المجتمعات الإسلامية، وخلق الأطر الملائمة لذلك يمر عبر الفحص الدقيق لجملة من المواضيع المندرج أغلبها ضمن اللامفكر فيه في هذا المجال، ويحدد أهم هذه المواضيع في؛ وظائف الدين في المجتمع، الدولة أو النظام السياسي، تنظيم السلطات، تنظيم المجتمع المدني، الحريات الفردية، وخصوصا الحرية الدينية (أو حرية المعتقد الديني) ثم مسألة العلمنة.[3]  تفكير هذه المواضيع وغيرها ينبغي أن يتم بالتوازي مع إحداث القطيعة مع الخطاب التبجيلي للذات، والاستعاضة عنه يخاطب جاد ومسؤول، يتحمل مخاطر المعرفة العلمية ومطالب الحداثة، فقد باتت القيم الحداثية كالتسامح والحرية والمساواة مطالب ملحة، وبمثابة محك فاصل بين المجتمعات التقليدية والمجتمعات الحديثة، ولم يعد يكفي السعي إلى التوفيق بين بعض القيم الحداثية وبعض القيم التراثية، مثلما لم يعد ممكنا الاستمرار في ذلك الخط الفكري الذي يدعو ويعمل على أسلمة القيم الحداثية من دون وعي حقيقي بالبون الشاسع الذي يفصل على سبيل المثال بين الشورى الإسلامية والديمقراطية كما تبلورت في الفكر الغربي.

وقد أثبتت التجارب التاريخية فشل أغلب الإصلاحيات “الفوقية” التي طبقت في العديد من الدول العربية والإسلامية كمصر وتركيا وتونس، لأن زعماء هذه الدول أرادوا تحديث الدولة والمجتمع انطلاقا من السياسة، ولم يصلوا في النهاية إلى هدفهم، فقد اصطدموا منذ البداية مع الدين وأهله. وهو ما يؤكد أن إشكالية العلاقة بين الدين والسياسة التي تشكل أولوية الأولويات في كل مسعى لتحديث المجتمعات الإسلامية يجب أن يتم طرحها بعيدا عن الأهداف الجدالية والمماحكات الهادفة إلى السلطة والسيطرة، بمعنى أنه ينبغي طرح المشكلة في المكان المناسب،” أي ضمن الصراع الاجتماعي السياسي الناشب في كل المجتمعات الإسلامية بين “المحافظين” و”التقدميين”، والهوة الكبيرة بين الجناح الناهض الذي يقبل كل الإصلاحات الجذرية، وجناح آخر يقف في وجه كل تغيير ويرفضه محتجا بأسباب موصفة بأنها دينية، هكذا نجد أنفسنا في مواجهة إشكالية عامة لا يمكن للإسلام بعد اليوم أن يتجاهلها أو يخفيها إذا ما أراد أن يستمر في الوجود في مجتمعات دخلت مرحلة التحديث والتغيير”.[4]

أولى أركون أهمية كبيرة لإشكالية العلاقة بين الدين والسياسة في المجتمعات الإسلامية من خلال الدراسات العديدة التي كرسها للموضوع لاسيما الدراستين اللتين تناول فيهما موضوع العلمنة في المجتمعات الإسلامية وهما على التوالي: الإسلام والعلمنة*، العلمنة والدين،**وفيهما يشرح بالتفصيل موقفه من هذه الإشكالية، ودعوته الصريحة إلى ضرورة تبني العلمنة في السياق الإسلامي، وهي الدعوة التي أثارت العديد من المواقف المتضاربة تجاهه، حيث اعتبرها البعض تصب في الرؤية اللادينية،[5] في حين رأى فيها البعض إضافة جديدة وتعريفا جديدا للعلمانية.[6]

ثانيا: في مفهوم العلمنة:

تشكل الدراستين السابقتين (الإسلام والعلمنة/ العلمنة والدين) نموذجا تطبيقيا للشق النظري في مشروع أركون، نجد فيهما تحليلا دقيقا لموضوع العلمنة في المجال الإسلامي من مختلف الجوانب اللغوية، الاجتماعية، التاريخية، الأنثربولوجية والسياسية وصولا إلى المستوى الفلسفي، أين يبلور مفهوما للعلمنة مقترنا بإبستمولوجيا جديدة، حيث صدر دراسته الثانية (العلمنة والدين) بعنوان: نحو إبستمولوجية أخرى (أي نحو نظرية أخرى للمعرفة)، وافتتح دراسته الأولى (الإسلام والعلمنة) بعبارة: إحدى مشاكل الإسلاميات التطبيقية، مشيرا إلى أن موضوع “الإسلام والعلمنة يندرج ضمن إطار بحث واسع متعدد الجوانب كنا قد سميناه بالإسلاميات التطبيقية، وهو موضوع ذو أهمية قصوى، وتلك الأهمية ليست علمية أو نظرية فحسب، وإنما هي حياتية ومعاشية، فالعلمنة تبقى حاضرة وملحة فيما يخص العالم العربي الإسلامي بشكل عام، وذلك من أجل تشكيل الدولة بالمعنى الحديث لكلمة لدولة”[7]. ولكنها تبقى غير منظر لها، فالإسلام عبر تاريخه لم يعرف تفكيرا فلسفيا فيما يتعلق بمسألة العلمنة.

يبدأ أركون تحليله لمسألة العلمنة بالتمييز بين مصطلحي: العلمنة (La Laïcité) والعلمانية (Le Laïcisme)، ويشرح لنا أهمية هذا التمييز قائلا: “من وجهة نظر لغوية فإن اللاحقة “ité” تدل على كل ما له خاصية الحقيقة الجوهرية(المادية) في حين اللاحقة”isme “تسجننا لا محالة في نظام مبني من قبل العقل”[8]، لذلك فهو يتبنى مصطلح “العلمنة”، ويرفض مصطلح “العلمانية”، الذي يرى أنه أصبح يدل على توجه نضالي (Laïcisme militant)، وعلى معاداة للدين، ومن ثم فالعلمانية أضحت تشتغل بنفس طريقة اشتغال الفكر الديني، وكأنها “دين جديد ضد الأديان التقليدية”، يقول في هذا السياق: “إن تصوري للعلمانية يبلغ حد الحذر من “العلمانيات” ذات الآفاق الدينية (..)لا، بل نبذها، وأنا أبذل جهدي منذ سنوات، انطلاقا من مثال الإسلام الذي كثيرا ما ذم وأسيئ  فهمه وتأويله، أن أشق الطريق لفكر قائم على الدراسة المقارنة لتجاوز جميع منظومات إنتاج المعنى الديني والعلماني التي تحاول أن ترفع المحلي والتاريخي والتجربة الخاصة، إلى الشامل والمتعالي والمقدس، الذي لا رجعة عنه، ويستتبع ذلك مسافة نقدية واحدة إزاء جميع “القيم” الموروثة في جميع تقاليد الفكر بما فيه عقل الأنوار، والتجربة العلمانية التي انحرفت نحو اللادينية المناضلة”[9]. هذا النص يوحي بوجود إدارة التجاوز التي تميز الخطاب الأركوني في جل المواضيع التي يتعرض لها بالدراسة، فهو يريد تجاوز كلا الموقفين المتعارضين بشأن العلمنة، وهما:

1- الموقف الذي يدافع عن إسلام مقاوم للعلمنة، وفقا لمقولة “الإسلام دين ودنيا ودولة”.

2- الموقف الذي يدافع عن علمانية تقصي البعد الديني، أو تعادي الدين.

بالنسبة للموقف الأول: يرى أركون أن الإسلام بحد ذاته ليس مغلقا في وجه العلمنة “فقد وجدت سابقا في المجتمعات الدعوة إسلامية تجارب معمقة يمكن لنا أن نصفها بالعلمانية، لكن هذه التجارب لم تصل إلى درجة الوعي الواضح بذاتها، ولم تلق في أي يوم من الأيام لها تنظيرا”[10]، ومن خلال القيام بتحليل سوسيولوجي تاريخي للأحداث التي تلت وفاة النبي(ص) وصولا إلى حكم معاوية بن أبي سفيان(ت681م)، يذهب أركون إلى أن كل هذه الأحداث الأساسية ليست إلا عملا واقعيا لا علاقة له بأي شرعية دينية غير شرعية القوة.[11] وفي سياق نفس الفكرة، وردا على السؤال: هل يمكن لدولة عصرية اعتماد الإسلام كنظام حكم؟ أجاب أركون بكل صراحة ووضوح قائلا: “أرفض هذه الصيغة، فالإسلام ليس بنظام حكم، لا تاريخيا ولا عقائديا، في العصر الأموي كان للإسلام الفضل الأكبر في بناء دولة لم تكن بالإسلامية، حتى الخلاقة العباسية كانت أقرب إلى الحكم الملكي منها للإسلامي، فتجربة الدولة الإسلامية، انحصرت بنظام المدينة أيام النبي”. [12]

نفس الموقف الذي نجده لدى المفكر التونسي عبد المجيد الشرفي الذي يعتبر أن الإسلام كسائر الأديان الأخرى، من حيث خضوع الرسالة التي انبنى عليها لمقتضيات التنظيم والمأسسة بما يتضمنه ذلك من خصوصيات يمليها الواقع بكل مميزاته وتشعباته وتناقضاته، وقد قام هذا الباحث-هو الآخر- بتحليل سوسيو-تاريخي للظروف التي تمت فيها نشأة الخلافة الإسلامية بعد وفاة النبي (ص) وتوصل إلى أن اختيار أبو بكر الصديق(ت634م) خليفة لرسول الله لم يتم انطلاقا من اعتبارات دينية، فهذه الأخيرة “إما كانت غائبة تماما أو ثانوية جدا، فلم تظهر أفضلية سابقته في الإسلام وإمامة الصلاة في مرض الرسول إلا لاحقا لغاية تبريرية(..) فقد كان اختيار الشخص المدعو إلى قيادة الجماعة شأنا دنيويا بحتا، كان ضرورة حيوية استلزمها شغور السلطة التي كان يشغلها النبي من دون منازع، وكان مجرد تطبيق لناموس اجتماعي كوني هو حاجة المجموعة البشرية- قل عدد أفرادها أكثر-إلى من يحكمها ويتولى أمر تمثيلها”[13].

وسواء تعلق الأمر بموقف أركون أو موقف الشرفي، فإنه لابد في نظرهما من التمييز بين القرآن أو الظاهرة القرآنية من جهة، والظاهرة الإسلامية من جهة ثانية، فهذه الأخيرة هي إسقاط تاريخي ملموس للظاهرة القرآنية، لأنه ومع “مرور الزمن وتحت ضغط الحاجات التاريخية ومختلف التيارات الفكرية شوهت القوى السياسية والأيديولوجية معنى ومضمون الحدث القرآني وبدلته[14].” فقد اغتصبت الظاهرة الإسلامية معنى الظاهرة القرآنية ومضمونها بنشر اعتباطي أو أيديولوجي للمحايث بدلا من المفارق (..) وللشريعة بدلا من الفكر وللنظام المغلق بدلا من الرسالة المفتوحة، وهذا ما حصل بداية مع تفوق الإسلام الرسمي مع معاوية”.[15]

إن هذا التمييز بين الظاهرة القرآنية والظاهرة الإسلامية، يسمح بالحديث عن تاريخية الظاهرة الإسلامية، ومن ثم خضوعها لمقتضيات الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، وقابليتها للتغير والتبدل المفروضين من قبل الواقع المعيش، لذلك يركز أركون في حديثة عن الظاهرة الإسلامية على كونها مرتبطة باللغة العربية ونشأت ضمن تجربة سياسية واقتصادية وأخلاقية خاصة بالمجتمع العربي في القرن السابع.[16]

ويفسر ما يمكن ملاحظته من عدم التمايز الواضح بين المجالين الديني والسياسي في التاريخ الإسلامي بأن ذلك يرجع إلى سببين، أولهما: كون تاريخ الخلافة مندرج زمنيا في مناخ عقلي قروسطي، وضمن هذا المناخ “لم تكن الأطر الزمانية المكانية للتصور والفهم والإدراك بقادرة على التمييز بين “الروحي” و”الزمني”، بل إن هذا التمييز لم يتحقق كليا في يوم من الأيام، وإن تداخلهما لا يزال مستمرا حتى في بلد ذي تراث علماني عريق كفرنسا”[17].

إذن، فالسبب الأول راجع إلى تعقد العلاقة بين السياسي والديني في حد ذاتها، وصعوبة الفصل النهائي بينهما، أما السبب الثاني فيتمثل في استغلال الأنظمة السياسية للدين من أجل إضفاء المشروعية على مختلف ممارساتها، فقد “كانت السلطة السياسية تطلب دائما من الفعالية التنظيرية للفقهاء التيولوجيين تبريرا لوجودها(..)حتى في الوقت الذي تستخدم فيه السلطة السياسية القوة من أجل أن تفرض نفسها، فإنها كانت تستمر في اللجوء إلى الإقناع النظري العقائدي، وذلك بإثارتها لمسألة “حقوق الله” ومسألة المصلحة العليا والمصلحة العامة للدولة”[18].

ثالثا: في تجسيد العلمنة:

مرجع أركون الأساسي في التحليل السابق لمفهوم العلمنة هو أعمال الأنثربولوجي الفرنسي “جورج بالانديه” الذي أجرى العديد من الدراسات الميدانية في إفريقيا السوداء (رواندا، زامبيا، نيجيريا) وتوصل من خلالها إلى نتيجة مهمة مفادها أن المقدس هو أحد الأبعاد التي يتم توظيفها في الحقل السياسي، فالدين يمكن أن يستعمل من قبل السلطة -بمختلف الصور المباشرة وغير المباشرة –كأداة فعالة تؤسس عليها مشروعية وجودها وتضمن لها البقاء،” والسلطة السياسية تتحكم بصورة كلية في المقدس وتستعمله لمصالحها في كل الظروف”[19]، هذا ما يظهر من خلال الاحتفالات الدينية السياسية التي يتم فيها تحيين الأساطير وإحيائها من أجل تكريس النظام القائم وتبريره بإظهاره وكأنه مؤسس على الحق.

نفس الفكرة يتبناها أركون مؤكدا أن” عالم الأنثربولوجيا الفرنسي “جورج بالانديه” كان قد بين أنه لا توجد سلطة سياسية في أي مجتمع بشري كان من دون إخراج مسرحي يؤبد نوعا من الاحتفالات والتقاليد ذات النمط الديني(..) فالسلطة السياسية بحاجة دوما إلى ذروة السيادة العليا والمشروعية، مهما كان محيطها دينيا أو علمانيا”[20]. ليصل إلى نتيجة مهمة وهي استحالة الفصل الجذري بين العامل الديني بالمعنى الواسع للكلمة (أي ذروة السيادة العليا) وبين العامل السياسي (أي ذروة السلطة السياسية)، هذه النتيجة تعد بمثابة رد على الموقف الثاني الذي يريد أركون تجاوزه، وهو المدافع عن العلمانية النقية المحضة التي تستبعد الدين، لأن هذا الموقف يعبر عن رؤية متطرفة غير متسقة مع معطيات الواقع والتاريخ، فالدين معطى من المعطيات الضرورية في التجربة الإنسانية، وهو موجود في كل المجتمعات، كما أنه بإمكان الدين أن يكون شريكا قادرا على المساهمة الفعلية في النقاشات العامة، لاسيما فيما يخص الجوانب الأخلاقية، لذلك ينبغي مقاربة الظاهرة الدينية بعيدا عن العقلانية الضيقة، ومحاولة تفسيرها بنمط آخر من أنماط المعقولية، مثلما وضح ذلك الأنثربولوجي الفرنسي “روجيه باستيد” في الفصل الذي عنونه بـ: عقلنة اللامعقول(La Rationalité de l’irrationnel) ضمن كتابه “الأنثروبولوجيا التطبيقية” أين يرى أن الأنثروبولوجيا تستبدل المفهوم الواحد للعقل بالمفهوم التعددي و”إذا كانت الأنثروبولوجيا الكلاسيكية تعتبر العوائق وأشكال المقاومة التي تبديها المجتمعات تجاه التغيير بمثابة لامعقول، فإن الأنثروبولوجيا التطبيقية تعتبرها إجابات تجاه فرضيات أولئك الذين يحاولون إحداث التغيير في المجتمع”[21]، ويضيف باستيد قائلا:” إننا نلح على تعدد أنماط الاستدلال(..) وقد أعلنا أننا لن نبتر العقل باهتمامنا فقط بما يحقق الغنى العملي”[22]، فالمقاربة الأنثروبولوجية تنظر إلى التجربة الإنسانية مستحضرة كل أبعادها دون بتر أو إقصاء، وهي المقاربة التي يدعو أركون لتبنيها ويحاول تطبيقها من خلال التجربة الإسلامية، وفق موقف يتقارب كثيرا من موقف باستيد السابق، حيث يرى أن ثقافة العلمنة لا تعني الإعراض عن الأديان أو رفض العقائد الدينية كما يظن الكثيرون، على العكس، الموقف العلماني مبني على احترام جميع الذاكرات الجامعية مع عقائدها الدينية.

بعد نقد كلا الموقفين المتعارضين حول مسألة الإسلام/الدين، والعلمانية يرى أركون أنه لابد من زحزحة الإشكالية وتناولها من منطلق معرفي بعيد عن كل الآراء والمواقف ذات الطابع الأيديولوجي، وهذا من خلال القيام بتحليل تاريخي-أنثروبولوجي-سيكولوجي، ويبدأ مقاربته هذه بمحاولة تجذير العلمنة أو الموقف العلماني في التاريخ البعيد، حيث يتساءل: ماذا نعرف عن تكوين الموقف العلماني؟ يجيب بأن الموقف العلماني يرجع إلى الفلسفة اليونانية الكلاسيكية، وهو موقف معرفي، فلسفي، مبني على الوظيفة الأساسية التي يقوم بها العقل البشري وهي وظيفة التساؤل ووضع الإشكاليات حول جميع مستويات الحياة البشرية، سياسية، دينية، أدبية، اقتصادية، نفسانية ليستدل استدلالا عقلانيا مبنيا على المناهج العلمية.

ثم ينتقل إلى مستوى آخر من التحليل، وهو تحليل يجمع فيه بين الأنثروبولوجيا والسيكولوجيا حيث يرى أن الإنسان-أي إنسان- له حاجات ودوافع تتجه في اتجاهين: توجد أولا مرتبة الرغبة (L’Instance du désir) مع كل القوى الملحقة بها، وثانيا إلحاح الفهم والتعقل (L’Exigence de l’intelligibilité) “لكن، حدث تاريخيا أن إلحاح الفهم هذا تعرض للمقاومة وحرف عن دربه الصحيح(..) لقد حدثت عمليات تحريف في الماضي، تحريف وتزوير له، إلى حد أن الإنسان اضطر للنضال والكفاح من أجل اكتساب حقه العميق في المعرفة والفهم، ضمن الخط النضالي من أجل الفهم والتعقل يندرج تاريخ العلمنة بالضبط”[23]، بهذا المعنى فالعلمنة لا يمكن أن تكون غائبة عن التجربة التاريخية لأي جماعة بشرية حتى ولو تجلت أحيانا في صور ضعيفة وغير مؤكدة، “فالعلمنة هي موقف للروح وهي تناضل من أجل امتلاك الحقيقة أو التواصل إلى الحقيقة”[24]، هذا النص يوضح ويؤكد تميز موقف أركون وتصوره للعلمنة عن غيره من المواقف الأخرى، من حيث كون تصوره يقوم زحزحة مفهوم العلمنة من المستوى السياسي الضيق، إلى المستوى المعرف الواسع الشامل لمختلف جوانب الحياة الاجتماعية، حتى أنه يضع لها تعريفا مطابقا تماما للتعريف الكلاسيكي للفلسفة يقول فيه أن “العلمنة هي بحث عن الحقيقة وسعى لتوصيلها إلى الآخر دون أن نشرط حريته أو نقيدها”[25]، فتكون العلمنة التي يريد أركون نشرها عبارة عن موقف فكري قائم على فسح المجال أمام الإنسان  للتساؤل والبحث عن المعرفة وعن المعنى وعن الحقيقة، وقائم في الوقت ذاته على الإيمان بالحرية وإمكانية الاختلاف والنقد والشك حول مختلف أبعاد الوجود دون قيد أو شرط، وبهذا المعنى تكون العلمنة عملا لا ينتهي، وموقفا لا ينغلق ولا يكتمل، مثلما هي الحداثة عند هابرماس مشروعا لا يكتمل، فالعلمنة لدى أركون أيضا عبارة عن هدف يتجدد باستمرار ويتطلب انفتاحا مستمرا.

وإذا عدنا إلى الراهن العربي الإسلامي وما يسوده من أنظمة سياسية تعاني أزمة سيادة وأزمة مشروعية، نتيجة الأساليب المتبعة في اقتناص السلطة وممارستها، والتي لا تحترم فيها القواعد المفصلة في المؤلفات الكلاسيكية والمتعلقة “بالحكومة الشرعية “ولا الأساليب الدستورية الديمقراطية الحديثة (الغربية) التي  تخضع للسيادة الشعبية، إضافة إلى الخلط المتزايد بين السياسية والدين، ضمن هذه المعطيات يعتقد أركون أن الحل الأمثل لإعادة فتح أبواب العلمنة في المجتمعات الإسلامية، يقتضي إعادة الصلة مع الحقيقة التاريخية للفكر الإسلامي في القرون الأربعة الأولى، أين اتسعت المعارف والعلوم والمشاكل التي طرحت للنقاش أيما اتساع، ففي ذلك الوقت كان المثقفون (الأدباء: التوحيدي، الجاحظ، السجستاني..الخ) يمارسون المعرفة النقدية بكل طيبة خاطر دون أن يحسوا بالحرج بسبب العقائد الدينية أو يخشوا من النتائج والانعكاسات الإيديولوجية لاجتهاداتهم.

خاتمة:

تأسيسا على ما سبق يمكننا التأكيد مرة أخرى أن موضوع العلمنة في السياقات العربية الإسلامية يبقى أحد الموضوعات الجديرة بالمناقشة بالنظر لأهمية هذه الدراسات إذا ما تمت بصورة علمية هادئة وشاركت فيها مختلف الأطراف دون إقصاء، في توضيح الصورة التي يمكن أن تسير بها المجتمعات العربية الإسلامية نحو التعايش الآمن والتقدم والحداثة، والخروج من دائرة الصراعات الطائفية العنيفة الموجودة الآن في بعض الدول، كما أنه يسمح لنا بتحرير الدين من الاستغلال الذي يتعرض له من قبل النخب الحاكمة لتمرير توجهاتها السياسية الفئوية الخاصة.

إن مناقشة قضية العلمانية تفرض عينا إعادة قراءة تاريخنا قراءة موضوعية بعيدا عن القراءة الرسمية المتداولة –التمجيدية في الغالب-ومن ثم إمكانية تطوير فكرنا السياسي خاصة بما يسمح بترقية النظام الديمقراطي ودولة القانون التي يسودها العدل والمساواة، والتي يمكن فيها للفرد أن يمارس حريته الفكرية والعقائدية ومواطنته الحقيقية دون تحفظ أو خوف.

حاول أركون مناقشة موضوع العلمانية أو العلاقات بين السياسي والديني في المجتمعات الإسلامية، وهو موضوع جد معقد بالنظر إلى التاريخ الطويل وغير المعروف جيدا من الأحداث التي تعاقبت على المنطقة وزادت في تعقيد الموضوع، واللافت في موقف أركون من العلمنة هو سعيه لتجاوز كل المواقف التسطيحية والحدية والمتطرفة من الموضوع والتي يمكن وصفها بالإيديولوجيا الحماسية، وفي المقابل اقترح تصورا جديدا للعلمنة ببعد معرفي يجعلها تقترب في مفهومها ومضمونها كثيرا من مفاهيم: الحرية، الأنسنة وكذا مفهوم الحداثة المنفتحة على مختلف الأبعاد الوجودية للإنسان، وهذا ما يحتاجه الإنسان العربي بصورة ملحة، وقد أثبتت العلمنة على المستويين النظري والعملي في كل أماكن تطبيقاتها الناجحة، أنها تعطي الأولوية للعقل في تنظيم شؤون الدنيا والدولة، وعلى المستوى السياسي تكفل الحرية وتصون مختلف الحقوق للجميع إلى حد كبير، أما على مستوى المقدس فإنها تضمن الحياد الكامل، واحترام كل الأديان، بالرغم من بعض التجاوزات التي تحدث في بعض المناطق بسبب توجهات سياسية عنصرية، ولكنها تظل محدودة إذا ما قورنت بما هو إيجابي في التجربة العلمانية.

كما يجب التأكيد على ضرورة إبعاد مفهوم العلمنة على كثير من المفاهيم التي تلصق به وهو بريء منها، لاسيما مفهوم الإلحاد، ذلك أن الإلحاد كما يقول أحد الباحثين “يتعارض وطبيعة علمانية الدولة وشروط قيامها على الفصل بينها وبين الدين، ولا يعني هذا الفصل معاداة الدين ومحاربته، بل ينبغي قيام كل منهما في آن، حيث يختص الدين بالشؤون الروحية وتختص الدولة بالشؤون الزمنية”[26]، وكما أن الدولة الدينية ليست علمانية لأنها تفتقد لشروط العقلانية والمساواة والحياد، فالدولة المعادية للدين لا يمكنها أيضا لا يمكنها أن تكون علمانية لأنها تفتقد لشرط الحرية في المعتقد، وهو شرط رئيس لقيام الدولة العلمانية، ومع ذلك، يبقى موضوع العلمنة في السياقات العربية الإسلامية موضوعا مطروحا للنقاش والدراسة واقتراح الحلول التي تراعي خصوصية هذه المجتمعات، حتى يمكن تحقيقها في أرض الواقع، ذلك لأن مثل هذه القضايا المعقدة لا يمكن حلها بين عشية وضحاها، ولا بمجرد تقديم أطروحات نظرية، إنما يتطلب الأمر توفر إرادات جادة على كل المستويات، وعمل تشاركي مستمر.

قائمة المراجع:

  • محمد أركون: الفكر الإسلامي نقد واجتهاد، ت: هاشم صالح( الجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب، ط1، 1991).
  • محمد أركون: تاريخية الفكر العربي الإسلامي، ت: هاشم صالح( بيروت: مركز الإنماء القومي، ط1، 1986).
  • محمد أركون: الإسلام، التاريخية والتقدم، ت: هاشم صالح( مجلة مواقف، العدد 4. بيروت1981).
  • محمد أركون: العلمنة والدين، ت: هاشم صالح( بيروت: دار الساقي، ط1، 1996).
  • عبد المجيد الشرفي: الإسلام بين الرسالة والتاريخ( بيروت: دار الطليعة، ط1، 2000).
  • عبد الرزاق قسوم: مدارس وتيارات الفكر العربي المعاصر (الرياض: دار عالم الكتب، ط1، 1997).
  • شاكر النابلسي: ثورة التراث ( بيروت: العصر الحديث للنشر والتوزيع، ط1، 1991).
  • محمد بوبكري: تأملات في الإسلام السياسي: الإسلام والعلمانية(الرباط: منشورات فكر، ط1، 2007).
  • لوك باربولسكو- فيليب كاردينان: رأيهم في الإسلام، حوار مع أربعة وعشرين أديبا عربيا، ت: ابن منصور العبد الله (بيروت: دار الساقي، ط2، 1990).
  • رون هاليبر: العقل الاستطلاعي أمام تراث عصر الأنوار في الغرب، ت: جمال شحيد( سوريا: دار الأهالي، ط1، 2005).
  • أحمد ماضي: نماذج من العلمانية في الفكر العربي الحديث والمعاصر(عمان: دار الشروق، ط1،2005).

-George Balandier: Anthropologie politique, Paris: Quadrige-PUF, 2005.

-Roger Bastide : Anthropologie appliqué, Paris: Stock,1998.

– Fouad ZAKARIYA : Les arabes à l’heure du choix, tr : Richard Jacquemont, Alger : Bouchene,1991.

-Mohammed Arkoun : Essais sur la pensée islamique, Paris : Maisonneuve et larose,1977.

 

 

 

 

 أحمد ماضي: نماذج من العلمانية في الفكر العربي الحديث والمعاصر(عمان: دار الشروق، ط 1،2005) ص08.[1]

[2] Fouad ZAKARIYA : Les arabes à l’heure du choix, tr : Richard Jacquemont, Alger :Ed : Bouchene,1991.

[3] محمد أركون: الفكر الإسلامي نقد واجتهاد، ت: هاشم صالح(الجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب، ط1، 1993)، ص 18.

 [4] محمد أركون: تاريخية الفكر العربي الإسلامي، ت: هاشم صالح( بيروت: مركز الإنماء القومي، ط1، 1986)ص 279.

* المصدر نفسه، الفصل السابع.

** محمد أركون: العلمنة والدين، ت: هاشم صالح(بيروت: دار الساقي، ط1، 1996).

[5] عبد الرزاق قسوم: مدارس وتيارات الفكر العربي المعاصر (الرياض: دار عالم الكتب، ط1، 1997)، ص 180.

[6] شاكر النابلسي: ثورة التراث ( بيروت: العصر الحديث للنشر والتوزيع، ط1، 1991)، ص 315.

[7] محمد أركون: تاريخية الفكر العربي الإسلامي، مصدر سابق، ص 275- 276.

[8] محمد أركون: الإسلام، التاريخية والتقدم، (مجلة مواقف، العدد 40، بيروت: 1981) ص 12.

 رون هاليبر: العقل الإسلامي أمام تراث عصر الأنوار في الغرب، ت: جمال شحيد(دمشق: دار الأهالي، ط1،2001)، ص ص17-18.[9]

[10] محمد أركون: تاريخية الفكر العربي الإسلامي، مصدر سابق، ص 280.

[11] المصدر نفسه، ص 283.

[12]  لوك باربولسكو- فيليب كاردينان: رأيهم في الإسلام، حوار مع أربعة وعشرين أديبا عربيا، ت: ابن منصور العبد الله (بيروت: دار الساقي، ط2، 1990)، ص 151.

[13]عبد المجيد الشرفي: الإسلام بين الرسالة والتاريخ(بيروت: دار الطليعة، ط1،2000) ص 104.

[14]  رون هالبير: مرجع سابق ،ص193.

[15] Mohammed Arkoun : Essais sur la pensée islamique, Paris : Maisonneuve et larose ,1977, pp :311-312.

[16] Ibid, P 311.

 محمد أركون: تاريخية الفكر العربي الإسلامي، مصدر سابق، ص 285. [17]

 المصدر نفسه، ص 176.[18]

[19] George Balandier :  Anthropologie politique, Paris: quadrige –puf,5ed:2004, p:141.

 محمد أركون: العلمنة والدين، مصدر سابق، ص 64.[20]

[21] Roger Bastide : Anthropologie  appliqué , Paris: Ed: Stock,1998, p:231.

[22]  Ibid. P :230.

 محمد أركون: تاريخية الفكر العربي الإسلامي، مصدر سابق، ص ص 292- 293[23]

 محمد أركون: العلمنة والدين، مصدر سابق، ص 10 [24]

 المصدر نفسه، ص 11 [25]

 محمد بوبكري: تأملات في الإسلام السياسي: الإسلام والعلمانية(الرباط: منشورات فكر، ط1، 2007) ص 213.[26]

    اقرأ ايضا

    المزيد من المقالات

    مقالك الخاص

    شــارك وأثــر فـي النقــاش

    شــارك رأيــك الخــاص فـي المقــالات وأضــف قيمــة للنقــاش، حيــث يمكنــك المشاركــة والتفاعــل مــع المــواد المطروحـــة وتبـــادل وجهـــات النظـــر مــع الآخريــن.

    error Please select a file first cancel
    description |
    delete
    Asset 1

    error Please select a file first cancel
    description |
    delete